الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-07-2018, 07:04 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مصطفى تواز البرزيني
أقلامي
 
إحصائية العضو







مصطفى تواز البرزيني غير متصل


Article تفاحة الشعر 1

تفاحة الشعر 1:

كيف فات الأصمعي وهو من هو في رواية الشعر وتمحيصه أن يتساءل عن تلك العلاقة بين الشعر والقرآن، الحق أن الأصمعي لم يفته ذلك وما كان له أن يفوته ذلك لكنه مارس التخفي(التخفي الذي هو سمة الشعر الأزلية) واختار أن يغيب تلك الحقيقة أو يسترها بستر الممارسة النقدية.
لقد تحدث الأصمعي عن تلك العلاقة الخطيرة واختار لها وهو الناقد الفطن عبارة تظل من حينها نظرية في الشعر؛ كان يعرف أنها محض تأجيل لكنه تأجيل كفاه على الأقل مؤنة صدام فكري عنيف.
لقد اختار الأصمعي إذا أن يتخفى خلف عبارته الشهيرة المروية عنه بروايتين متضاربتين في بعض الجزئيات غير أنهما تتفقان في العموم، أما الأولى فرواية ابن قتيبة في الشعر والشعراء"قال الأصمعي الشعر نكد بابه الشر، فإذا دخل في الخير ضعف، هذا حسان (بن ثابت) فحل من فحول الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعرُه، وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر، فقطع متنه في الإسلام لحال النبي"[1]
أما الرواية الثانية فللمرزباني في الموشح وهي "حدثني عبد الله بن يحيى العسكري، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الصمد، قال: حدثنا الكراني، قال: حدثنا العباس بن ميمون طابع، قال: حدثنا الأصمعي، قال: طريق الشعر إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان علا في الجاهلية والإسلام، فلما دخل شعره في باب الخير -من مراثي النبي وحمزة وجعفر رضوان الله عليهما وغيرهم- لان شعره، وطريق الشعر هو طريق شعر الفحول، مثل امرئ القيس وزهير والنابغة، من صفات الديار والرحل، والهجاء والمديح، والتشبيب بالنساء، وصفة الحمر والخيل والحروب، والافتخار، فإذا أدخلته في باب الخير لان"[2]
تبرز الروايتان المعيار الشعري الذي اتخذه الأصمعي للشاعرية، إنه معيار الفحولة التي ليست في النصين السابقين سوى التصاق الشاعر بالدنيوية، ولا شك أن هذا المعيار كما في النصين السابقين يتعلق أولا بالموضوع المطروق ثم قدرة الشاعر على التعبير وتفرده ثانيا، فقد جعل الأصمعي الفحولة وصف الأطلال والديار والهجاء والمديح والغزل والفخر ووصف الخيل وغيرها من معابر الشعر التي تعطي فرصة لزهو الذات أو ألمها، إن الفحولة (وهي صفة منتقلة عن الفحل من الإبل المعروف بالقوة والسرعة والنضج) ترتبط بالشر في العبارة الأولى أو توافقها(إذا سلمنا بصحة الرواية الأولى التي تبدو غير دقيقة أو ضعيفة السند لدى بعض النقاد)[3] وتقابلهما صفة اللين والضعف التي توافقها صفة الخير، إذا الشاعر الفحل يطرق باب الشر والشاعر اللين يطرق باب الخير، إن هذه المقابلة لا يمكن تجنبها لأن عبارة الأصمعي الأولى تتيحها بل تقولها صراحة، لكن لنلتمس في ما قيل عن ضعف الرواية أو عدم دقتها عذرا لنتجنب ذلك الصدام وتلك المقابلة الفاضحة...لكن الرواية الثانية مع دقتها واتصال سندها تقول الأمر عينه وتحيل القارئ إلى المقابلة ذاتها، فطريق الخير يضعف الشعر ويجعله لينا وليس أخيَرُ من ذكر الرسول ورثاء أهل بيته وصحابته، وهو ما وسم شعر حسان بالضعف في الإسلام بعد ما كان فحلا في الجاهلية، جاهلية الشعر التي تتأسس وفق نماذج دنيوية لا تتعدى أن تكون شرا بمعيار الإسلام غزلا وهجاء وافتخارا...وإنما فات بعض شعراء الجاهلية أن لا يكون فحولا لضعفهم في طرق أبواب الشر وتأخر مواهبهم فيها.
نحن أمام تقابلات تكشف عنهما الروايتان : الفحولة/ اللين، الشر/ الخير ، الجاهلية/ الإسلام ، ولا نجد إلا أن نقرأها: فحولة شر جاهلية/ لين خير إسلام
الشاعر اللين عكس الفحل قد يملك المفاتيح (الأسلوب اللغة الشعرية الموهبة) لكنه يفتح بها أبوابا رئيسية، إنه يفتح أبوابا لممرات لا تقود إلى صحن القصر(الشعر الحق).
كنا قد نحل الإشكال لو أن صفة اللين ظلت ملتبسة داخل نص الأصمعي فنأولها بالرقة مثلا أو بسلاسة العبارة وصفائها، لكن تمثيل الأصمعي بشعر حسان وربط اللين/الضعف في شعره بمرحلته الإسلامية وتحديدا برثائه الرسول وحمزة وجعفر، تنكشف إذا صفة اللين على أنها ما يرتبط بالجانب الديني وتحديدا" طلب الثواب الأخروي أو ما يتصل اتصالا وثيقا بالناحية الدينية"[4]
هل تخلت الفحولة عن حسان أم تخلى عنها؟ يبدو السؤال بسيطا أو مزهوا بلعبة رد الصدر على العجز، لكنه السؤال الذي لم يطرح، وتجاوزه النقدة ومريدو الشعر في مرحلة حرجة ليتساءلوا عن أسباب ضعف الشعر في عصر صدر الإسلام، معللين ذلك بإعجاز القرآن تارة؛ وأخرى بمسألة الكذب، وأخرى بانشغال المسلمين بالنبوة والفتح وغيرها من التعليلات التي قد تكون صائبة حين تتماشى مع الخط الذي رسمه النقاد ورواة الشعر للمسألة.


العلاقة العميقة بين الشعر والقرآن هي علاقة إلغاء، لم يصرح بها الأصمعي لكنه كان يعيها جيدا، أليس هو نفسه الذي كان لا ينشد أو يفسر شعرا ذكرت فيه الأنواء، ولا ينشد شعرا فيه هجاء، ولا يفسر من الشعر ما وافق تفسيره تفسير القرآن؟[5]، هل هو الصراع بين الأصمعي الورع وبين الأصمعي اللغوي الناقد؟ ومهما يكن فإنه (أي الأصمعي) قد ترك فتحة كبيرة وتساؤلا خطيرا للنقاد والشعراء والقراء حول العلاقة بين الشعر والقيم الأخلاقية.
كيف ألغى القرآن الشعر؟
معلوم أن القرآن من حيث هو معجزة فقد نزل ليلغي القرآن ليس بلاغيا ولغويا وفكريا فقط بل وظيفيا أيضا، ألغى القرآن أن تكون للشعر تلك المهابة ما لم يقترن بشر الأصمعي، يجب أن يظل الشعر تحت جناح القرآن ملتحفا بالخير والهدى (شعر الإسلاميين مثلا) ومقابل ذلك يتخلى عن هواجس الجمال والفحولة ويقبل بمعايير جديدة تحدد وظيفته خادمة لوظيفة القرآن والرسالة لا تتعداها(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وأي شعر خارج هذه المكارم؛ يعارضها أو يهددها فهو تعد وظلم.
إن تخلي الشعر عن هواجس الشاعرية والفحولة والتحرر مقابل دور جديد لا يعارض الرسالة يشبه إلى حد ما ضرورة تخلي المشركين عن عاداتهم وموروثاتهم العقدية مقابل دور عقدي وفكري سام، إذا يصح أن نطلق مجازا وثنية الشعر على فكرة التمسك بالفحولة وحرية القول وعدم التنازل عنها مقابل خيرية الشعر ولينه. هنا بالتحديد نستطيع أن نفهم رمي المشركين الرسول بالشاعر والقرآن بالشعر، وندرك إلحاح القرآن وحرصه على دحض وتفنيد هذا الزعم والافتراء، فالرسول ليس شاعرا ولا ينبغي له أن يكون كذلك.
ألغى القرآن الفحولة عندما حرم لذائذ ومباهج كانت مفاتيح للفحولة عند الأصمعي، فها هو الأعشى أبو بصير فحل الجاهلية قولا وفعلا يدنو من مكة بنية الإسلام فيعترضه أبو سفيان ويحاول تشتيت عزمه بذكر ما يحرم الإسلام من مباهج الفحولة، فلا يخور عزم الشاعر الذي كاد يشتري الخير بالفحولة إلا بعد أن سمع بتحريم الخمر، وهنا خار عزمه وأفل راجعا راضيا من الغنيمة بالإياب.
إن الذين يزعمون أن الشعر العربي عاد في عصر بني أمية لقوته بفعل الاستقرار وتمكن دولة الإسلام، يغفلون جانبا مهما، يتمثل في كون الاستقرار نفسه ولد صراعا سياسيا وأعاد للواجهة قيمة جاهلية هي التي أرجعت للشعر شره أو فحولته أو جاهليته، وأعني اشتعال الحمية والعصبية القبلية التي حاربها الإسلام، فاشتعلت جذوة شعر الفخر والهجاء وشبت نار النقائض.
تنتصر فحولة الشعر كلما تمكنت من الإفلات أو انسلت من حقيقة جعلتها الممارسة النقدية والإبداعية مغيبة إنها حقيقة إلغاء القرآن لفحولة الشعر..
سيطول الحديث لو أننا تتبعنا المواقف والأقوال في القضية، أو أننا محصنا بعض المبالغات في توجيه النقاد والباحثين لتفسير آية الشعراء، لأن المقام مقام طرح إشكال قد يجد في أقلام البعض صدى .
ولو صح تعلق الشعر العربي بالشياطين والأودية والهواتف فإن ذلك سيقدم تفسيرا لضعف الإلهام وانكماشه في حيز الخير، ربما ذلك ما جعل الفرزدق يهجو إبليسا في آخر حياته، هل يكون الفرزدق قد أدرك تلك الحقيقة الخطيرة. وهل كان على الأصمعي أن يخفي سؤال: هل تخلى حسان عن الفحولة أم تخلت عنه؟


[1]ابن قتيبة، الشعر والشعراء، 1/307

[2]المرزباني، الموشح، ص79

[3]بحجة انقطاع سند الرواية، هناك من عدها ترجمة متأخرة لقول الأصمعي(إحسان عباس، تاريخ النقد الأدبي عند العرب، ص 39)

[4]إحسان عباس، تاريخ النقد الأدبي عند العرب، ص 39

[5]المبرد، الكامل،3/63






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط