الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-05-2007, 08:48 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ياسين الزكري
أقلامي
 
إحصائية العضو







ياسين الزكري غير متصل


افتراضي قراءة نقدية

گلمات = قصائد ..
تهويمة أولى في سماء الإبداع الصريمي

ذات حوار قديم أداره الاستاذ عبد الاله القدسي مع الكبير أدباً ومعرفة عبد الله البردوني في عدد قديم من مجلة الكلمة طرح القدسي سؤالاً في العمق وأجاب البردوني بطريقة مدهشة ، كان السؤال يبحث عن تعريف للفن، وهو ما نفتقده كثيراً حتى اللحظة، وكانت الاجابة :
الفن ما حرك في النفس فنيتها ... هذا يعني أن الفنية في كل الناس لكن الأهم كيف ومتى يمكنهم الشعور بذلك ربما..
وإذا كان الفنان هو من يمتلك القدرة لتفعيل هذه الفنية ، أفترض وعلى أساس من ذلك أن النقد يفترض به الاتجاه كذلك الى تقييم هذه المقدرة لدى الفنان من خلال العمل الابداعي المنقود..
فحين يهدف الفن الى التأثير علينا تقييم مدى تحقق هذا التأثير
الفن ماحرك في النفس فنيتها ، كلام قليل، ودلالة ليس من اليسير تحقيقها وهي معادلة ربما تقدم والى حد كبير رؤية جديدة أو مؤشراً لقياس مسألة عالية الحساسية في اتجاه التفوق الابداعي ،إذ قد تكون مبدعاً ولك رصيد إبداعي مشهود لكن السؤال الى أي مدى أمكنك تحريك فنية الآخر!
يهدف الفن إذاً الى إحداث التأثير لدى الآخر وحتى يتجه العمل الفني نحو تحقيق ذلك فإن أمامه الكثير من التحدي..
والحديث عن شاعر قامة،أديب باتساع الأدب أفقاً ، والمراس المستمر خبرة بقامة سلطان الصر يمي الشاعر الإنسان، هو بالضبط حديث عن واحد من أبطال هذا الاقتحام الأسطوري لذاتنا الفنية بشفاف جميل وكلمة سلسة..حديث عن واحد من العمالقة الندرة ،أولئك الذين وجدوا ليصنعوا أدباً وثقافة .
ولأني لا أميل الى حديث لا تدلله الوقائع فإني أضع أمام السامع والقارئ الأعزاء ومن خلال هذه السطورالتي تستمد شرعية استحقاقها لا من ندية ولا من مجايلة، لكن من زمن رضع فيه الكاتب وجيله أغاني الصريمي قيماً،انتماء وشجون حلم أقدم هنا: نكهة يسيرة من كثير متين
وهو قليل أركز أكثره حول قصيدة واحدة (ورود خَضَبَان) أو بالأصح بعض منها معززاً بشذرات من قصائد أخرى .. كإشارات عابرة على محاور لمّا تتم قراءتها حتى اليوم رغم ما تفتحه من آفاق أدبية ،فنية وابداعية بامتداد الأفق جمالاً ،روعة ومعرفة.
للوردة في الأعمال الإبداعية والشعر تحديداً مساحة الحوار الأوسع ..للوردة صفات لا حصر لها تسقطها انفعالات الشعراء تباعاً .. الورد جميل، جميل الورد... وغير ذلك فماذا عن ورود الصريمي ياترى..
في قصيدته (ورود خضبان)يقدم لنا الشاعر ملامح مشهد من هذا النوع وغير دهشة صادمة، في هذه القصيدة كحاله في كثير غيرها يقدم الشاعر تحدياً أكيداً عنوانه قصيدة في كلمة.. يقول الشاعر..
ياخضبان وردك
جماله..
وأقف هنا لأتساءل حول أجمل وصف يمكن قوله هنا، هل سيقول مثلاً أنه جميل.. لافت..حبيب..مدهش..حزين أو..أو...
لنعد للبيت الآن..
ياخضبان وردك
جماله ثاني
تتساءل .. جميل ..لا لا أكثر من ذلك.. منعش..حبيب..مدهش.. لا أكثر بكثير .
بهذه المفردة العادية جداً أمكن للشاعر أن يصنع دلالة جديدة بل لغة أخرى .. هي قصيدة لكن ليست في بيت ،ليست في جملة شعرية ،بل في كلمة.. للوردة إذاًجمال آخر ،ولمَّا يكتشفه بعد أحد، لكن أحداً ما يتحسَّر كثيراً على حال الوردة، تلك الباذلة كل جمال ،وهي تمنح كثير صفات لكنها غير مشبعة ،ذلك هو الشاعر الصريمي.. انسان الشفافية اللافتة التي هي ديدن الرؤية الشعرية لديه كما نجدها في كثير من أعماله، ما يعني أننا لسنا هنا في صدد الحديث عن مجرد صدفة، بل على ضفة نهر،الكثير من ذلك وهنا التحدي المعجزة مانجده غير مرة في القصيدة ذاتها..
كقول الشاعر ..
جزع محنَّى لابس المخيَّر
مكحَّل العينين هَلي مٌشقَّر
لنتأمل الآن في( لابس المخيَّر) ،أيٌ وصف جمالي يمكن إيراده هنا بدلاً عن كلمة (المخيَّر) ليعطي هذا المد الدلالي ،ربما كانت كلمة واحدة فقط يمكنها فعل ذلك ،هي بالتأكيد كلمة(المخير أيضاً) فأي وصف يمكن به وصف ما يفوق الوصف غير ما يحيط إجمالا بكل جوانب الوصف!
في القصيدة أيضاً ..
مليح حالي قامته ٌتجنِّن
ونظرته بين الضلوع تحجن
شوقي يغني له وهو يلحن
فتن فؤادي بالهوى محيِّن
في الذاكرة وصف القوام بالغصن ..الصفصاف والكثيرمما شابه، لكن وصف : (قامته تجنِّن) هنا تجاوز وعي الحدود وإمكانية المعتاد والمتوقع .. هذا هو الاقتحام الذي أتحدث عنه هنا..
مليح .. حالي .. قامته تجنن.. الملاحة هنا (من مليح) صفة تنصرف للجمال في المرأة والمليحة عالية الجمال أي (حلى) بالصنعائية،لكن المعروف أن هناك امرأة جميلة لكنها مع ذلك قد لا تملك صفة الجاذبية أو ما يوصف بـ (الأنوثة) وحين يردف الشاعر كلمة (حالي) بالدلالة التعزية(من تعز المحافظة) ،أي بمعنى عالية الجاذبية بخلاف استخدامها الصنعائي بمعنى (حلو) والمستخدمة غالباً لتوصيف السلعة كالملابس مثلاً ، لكن هل ذلك كل شيئ مع التنويه الى ندرة اجتماع الصفتين في ذات المرأة الواحدة..نجد الشاعر يعاجلنا بالقول .. قامته تجنن.. تجنن هذه اللفظة المتداولة لدى الانسان العادي كالقول للطفل .. هذي البدلة تجنن عليك، أو امرأة لأخرى .. الفستان يجنن عليك.. يكشف الشاعر أن هذه اللفظة التلقائية هي الأبلغ والأجمل والأكثر تأثيراً في الآخر ذلك ببساطة لأننا لانجد في مشهد كهذا لفظة تمنح الصورة جمالاً خرافياً بهذا القدر إذ أن جميع التعبيرات الأخرى عاقلة الدلالة بشكل ماو بالتالي غير صادمة ولذلك فهي أقل إمكانية في صناعة الدهشة..
في المقطع أيضاً دهشة بقدر ما يدهشك ألاَّتجد في كلمة دهشة مايفي بالغرض الذي تريد .. تلك هي شجون ما تنثر عبارة (فتن فؤادي بالهوى محيِّن) ومحين كلمة متداولة لدى العامة بمعنى (بدري) أو مبكر، لكن أين مصدر الدهشة..! لنتساءل معاً إذاً: هل أن الفاتنة كانت في سن مبكرة وتملك كل هذا الجمال وهذا المستوى من الجاذبية اللافتين.. أم كان المفتون هو المبكر في الانصراف للحظة العاشقة تحت تأثير ذلك الجمال الفاتن ، ثمة توازن لافت ينصف كلا الطرفين بذات القدر ترى هل لعبت قضية المساواة المسيطرة على فكر الشاعر دورها على اللحظة الشاعرة.. مجرد سؤال بريء..
السؤال الآن: من هو خضبان هذا البطل الملحمي العظيم!، ولا أقول ما هو بعد أن منحه الشاعر هذا القدر الجليل من الحيوية والحياة..
وللتوضيح فإن خضبان هو: (نبع ماء) يقع في منطقة تتبع مديرية الشمايتين - 70كم جنوب غرب مدينة تعز ولأن مصادر المياه كانت - وللحقيقة ولاتزال- شحيحة في قرى هذه المديرية تعمد الفتيات والنساء في موسم الأمطار الى الاستفادة من مناطق تجمع المياه بفعل الأمطار والسيول، لكن ميزة خضبان أنه يظل نبعاً جارياً فترة في الشتاء، محققاً بذلك استمرارية نسبية في خضرة محيطه وتنوع أعشابه المزهرة الى جانب متوردات الخدود بفعل أشعة الشمس ومجهود نقل الماء من النبع الى المنازل ،ولو أن أحد تذوق عذوبة ماء هذا النبع أوتساءل لمَ يزدد الزحام حول هذا النبع مقارنة بغيره في المحيط لعرف كم أن الشاعر أنصفه بقوله (وطعم ريقك يسلب ..) ولأنه ليس مطلوباً السفر لأجل ذلك منح الشاعر النهر دلالة أجمل وأشمل بقوله..
(وطعم ريقك يسلب الغواني ..) كما نجد في المقطع..
ياخضبان وردك
جماله ثاني
وطعم ريقك
يسلب الغواني
وفي عيونك
ترقص الأماني
كذلك فإن إكساب ماء هذا النبع صفة الريق تتناسب حتى خارج الاستخدام الجمالي مع شحة المياه المتسربة من عيون هذا النبع ،هو نبع صغير لكن الصريمي حوله أسطورة ،وهو أسطورة حقاً كونه يتواجد في بلاد الجفاف وفي موسم توقف الأمطار تحديداً مقدماً أجل خدمة ألا وهي شربة الماء أفلا يستحق هذا النبع أن يخلَّد وهو يقدم ما عجزت عن تقديمه حكومات ودول.. ؟ولأنه يستحق ،ولأنه من يسلب ليس فقط قلوب أو أنظار الغواني ،بل الغواني أنفسهن بكل جزئيات: القلب والهوى والنظر والروح..وو...لأنه كل هذا الخير يجعله الشاعر وسيطاً بين حبيبين..
ياخضبان قلٌّه
دلا بقلبي
بداخله فلي
وزهر حبي
وعطر أيامي
وحرق غلبي
شرجم بنفسي البحر
لوغدربي
انظر جمالية اللحظة في ( ياخضبان قله) ثم في ثنائية (وعطر أيامي ،وحرق غلبي) ترى هل يغرينا الصريمي هنا أن نحرق بغلائب الحب قلوبنا كي نستنكه بخور احتراقات قلب محب وإلا ما الذي يوده من خلال تقديم عطر الأيام على حٌرق الغٌلب وأكرر الغلب وليس القهر ..هو قهر بل وفوق القهر لكن الشاعر يسميه غلباً لأنه من حبيب والسر هنا كما أرى أو أقارب أن الغلب يشبَع أو يشفَى بخلاف القهر،وكثيراً مانسمع (أشبعت غلبي ) وهي عبارة تنصرف دلالتها الى: تمكنت من قول عتابي للحبيب.. أو عاتبت خلي فاشتفيت.. ذلك هو ثأر المحب .. العتاب، ولذلك جاء تعبير (شرجم بنفسي البحر) للفت انتباه الحبيب ومن ثم تهيئة جو للعتاب..
والبحر هنا ليس هوالبحر، فنحن نتحدث عن منطقة صخرية عاطشة وليس سهلاً ساحلياً،كما أن البحر البعيد لا تجدي فيه (الهنجمة) نفعاً فهو مكان لن يرى فيه الحبيب حبيبه يلقي بنفسه فيه عتاباً وعقاباً ،فهل تناقض الشاعرهنا، بالتأكيد حاشاه، فالبحر هنا هو(هيجة) أومنحدر صخري حاد الانحداريقع مباشرة جوار النبع المعني و يدعى(هيجة البحر)،كونها تقع وجهة بحر عدن..
في السياق ذاته ، ومن خلال قصائد أخرى للشاعر كما في قصيدة (أذكرك) على سبيل المثال نجد..
أذكرك والسحائب
يغمزين للشعير
والبلابل تغني
لحن ماطر غزير
والقليب ياحبيبي
من فرحنا شطير
انظر الى الجملة الشعرية الأخيرة وفيهاكذلك، والكلمة الأخيرة تحديداً في (من فرحنا شطير)..
وهنا أود ذكر ملاحظة أحسبها ضرورية لفهم الصورة فيما يخص (أذكرك والسحائب يغمزين للشعير) ..عادة يزرع الشعير وما يوصف كذلك بـ( الحيق) أوعلف المواشي في الفترة بين نهاية موسم سابق ومطلع موسم قادم أي الفترة من تشرين الثاني (نوفمبر) وحتى شباط (فبراير) والحديث حول( ماطر غزير) يعني أن الشعير في مرحلة إزهاره وقرب حصاده مع بداية الموسم الزراعي الجديد وهو ما يوحي ربما وبشكل ما بزمن كتابة القصيدة أو زمن قصتها.
لقد دخل الشعراء العرب نفسيات الخيل والأسد وغيره كما نجد في قول عنترة عن خيله (الأدهم)
فاز
ورَّ من وقع القنا بلبانه
وشكى اليَّ بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لوعلم الكلام مكلمي
أو قول بشر لليث الصريع ..
فلا تحزن فقد لاقيت حراً
يحاذر أن يعاب فمتَّ حرَّا
ودخل الصريمي حتى تمام الشفاف .. نفسية الوردة .. نفسية النبع، إن جاز لي استخدام كلمة (نفسية) بتعبير مجازي هنا رغم ثبات امتلاك النبات خاصة الانفعال وإشارات الإحساس أو الحسي تألماً وفرحاً..
في الغنائيتين الرائعتين أعلاه مالم أتمكن أو أسطِع بحكم العجالة وضيق المساحة الزمنية المحددة بلوغه يمكن التوصل اليه من خلال سماعه بصوت الكبير جداً حساً ،شجناً وانفعالاً غنائيا الفنان عبد الباسط عبسي الذي كون والشاعر الصريمي مايمكن وصفه بـ(ثنائي الأرض - الحب- الانسان)..

شذرات من سماء الصريمي

التوقع/التنبؤ
أتحدث هنا عن خاصة التوقع أو الرؤى المستقبلية للشاعر الصريمي من خلال قصائده الشعرية ،وتحت وطأة رقيب الوقت أيضاً أورد في هذا الجانب مقطعاً من قصيدة (أمي والطاعون) والتي مطلعها:
جمعة ورى جمعة وعيد ورى عيد
ياقريتي كم أكره المواعيد
يقول الشاعر في قصيدته التي تعود الى مطلع السبعينات كما أتوقع..
ياقريتي عاد الكثير باكر
وعاد من خلف الجبال مناكر
تبكي الجلوس وتفجع المسافر
وتذبح الأشجان والحناجر
وهنا أطلب من السامع والقارئ فقط أن يتذكر كل منهم حال الفترة منذ السبعينيات وحتى الوحدة من حيث حرية التعبير بل ونظرة من حولك الى ما له علاقة بقصة حب هنا أو هناك ولا أضيف..
الوطن لدى ثنائي الصر يمي عبد الباسط
لن أتحدث هنا عن تفاصيل رحلة الثنائي فمالا أحيط به أكثر مما أعلمه..أورد فقط مشهداً عاشه الفنان عبد الباسط عبسي ذات حوار اعلامي حين سؤل لماذا لاتؤدي الاغنية الوطنية، رد العبسي أتقصد بالأغنية الوطنية أغنية (المارش).
ببساطة لا تحتاج التدليل أجدني أستطيع القول أن الوطن (أرضاً،أفقاً،وتاريخاً) هو محور ما التقى عليه الشاعر الصر يمي والفنان عبد الباسط عبسي،تماماً كما ظل الانسان ولا يزال محور كل هذا العمل المشترك بين طرفي هذا الثنائي الجميل و من خلال انعكاس جملة التداعيات والانفعالات على الانسان اليمني خاصة وإنسانية الانسان عامة..
فكم تغنيا بالارض وغنيا لها وغنياها..
فالأرض في جفافها مهانة الانسان..
مغنية غني وشلي بالدان
ما تنفع الطاعة ولا التمسكان
وسلمي على نقم وشمسان
سلام دامي من بتول مهتان
ولا تعليق أبلغ مما توصله الأبيات بسلاسة متناهية الى أفياء الروح وزوايا الذاكرة،حين نتذكر أن نقم وشمسان ضمن المنطلقات الأساس للثورة اليمنية( سبتمر-أكتوبر).
الأرض في إحيائها عزة الانسان
نجد كذلك في أغنية( باكر ذري) والتي تقدم سيمفونية بمشاهد عديدة بينها فرح البتول والذارية ،نشوة الانسان،جمال الأرض، و سوء تقدير الضريبة من موظف الواجبات الذي يسعى دوماً لإفساد فرحة الحصاد داعياً- الشاعر- الجميع إلى المحبة، إلى التغني، إلى الفرح ذلك الشيء النادر ندرة البطن الشابعة في بلاد..(واق الواق).. ولشيوع هذا التداخل العجيب بين الفرح والحزن، الأمل والألم هنا ،ابتكر الشاعر شارة عجيبة وعالية الدقة في التوصيف والإيحاء.. تلك الشارة هي (الكاذي) فقبوة الكاذي(زهرته) زينة للعروس والعريس ،أما عطر الكاذي فهو ما يرش على جثمان التعيسة والتعيس..
إشعال الانفعال والانفعال المضاد في ذات اللحظة
وهي ميزة قلما يتقنها فنان رغم أن للفن كما سبقت الإشارة غاية تحريك فنية الآخر أو المتلقي كما جرت العادة في الوصف.. وللصريمي ملكة ماهرة في استدعاء وإشعال انفعالاتنا المتعددة بل وحتى المتناقضة في آن معاً أو بدقة أكثر في تناوب لحظي يقطع فيها الأول في الخفوت ذات المسافة التي يقطعها التالي في الظهور..
من ذلك ما نجد على سبيل المثال لا الحصر في قوله في قصيدة أمي والطاعون..
ياقريتي
صيحي بصوت عالي
قيمي الرقود
بالسفل والعوالي
وخبريهم موجرى بحالي
ثوري هلك
وضيعوا نبالي
وأمي تموت دلا ..دلا..قبالي
ثنائية المرأة /الأرض أو الحبيبة/ الوطن
أن تقرأ للصر يمي بيتاً عن الحبيبة يعني أن تجد للأرض /الوطن/اليمن حضوراً موازياً..
حتى حين يتحدث عن علاقة ما يربط المرأة بالوردة فإن هاجس عشق الأرض لايغيب..
ففي قصيدة (عروق الورد) مثلاً نجد..
عروق الورد مستني رعودك
حنينك يامسقي الزرع بيدك
غصون البان تتمنى خدودك
برودك من حمى الدنيا برودك
ثمة وطن كبير لايفارق الصر يمي حتى وهو ينظر إلى مليحة تسقي الشٌّقر(نبات عطري يوضع على الهامة بين ثنايا العمامة لدى الرجل أو المقرمة - غطاء رأس المرأة - للتزين) في حوية صغيرة (حديقة مصغرة)بجوار البيت وهو أمر شائع في الأرياف .. لاعناء في أن تجد نفسك تقرأ السماء في علاقتها بالأرض أو المرأة في علاقتها بالوردة والمشاقر..
تجد أيضاً..
حنين القلب ياسلمى تغنيه العيون
بصوت البن والكاذي وهزات الشجون
وكم قلبك رقص داخل عيونك
وخالط طول رقصتهن حنينك
وإذا كانت كلمات مثل (سلمى، البن) تمثل إشارة صريحة إلى الأرض / اليمن التي تمثل خلفية الصورة، فإن المشهد الأمامي يمنحنا مفتاح السر في قراءة المشهد داخل قلب امرأة...مرة أخرى لا انفصام..
نعلم الآن متانة ارتباط الحبيبة بالأرض في شعر الصريمي، وهو ديدن مغناه وقصائده الأخرى، لكن ثمة سؤال شجون عن الحب في شاعرية الصريمي .. كيف يحتفي به ..
للحب عمري فرش
قطيفة من شِبَّته
وفي طريقه نفش
زهور من سهمته
ياالله .. الشبَّة (الشباب) عمر العنفوان، العطاء سجادة يفرشها الصريمي لا بل أعز ما عنده عمره ليجلس عليها الحب الذي فرش لأجله الطريق زهوراً من نصيبه في جمال الورد (سٌهمته).
عندما طلبت زبيدة بنت النعمان من عروة بن حزام في الحكاية المأثورة الزواج بها بدلاً عن عفراء التي جاء يطلب من زبيدة التعاون في سبيل تمكينه من جلب مهر لها،أجاب عروة ،لكن عفراء تنتظر..وحين سألت : أهي أجمل مني..أجاب : قدتكونين أجمل ،قدتكونين أجمل الجميلات لكن عينيّ لاتريان أجمل من حبيبتي..
للحبيب لدى الحبيب قدسية خاصة .. درس يقدمه لنا الصريمي ايضاً لكن بأكثر من حلَّة فمحبوبة الشاعر لايمكن البحث عنها في أي مكان بل إن لها بيئة خاصة وعنوان خاص أيضاً..
ففي قصيدة (دورت لك)..
دورت لك
بين ابتسامات العيون
داخل قلوب الزهر
في جوف الصباح
وفي قصيدة أخرى..
خلف صحوي الماطر
أو صفاء الأنهار
دوروا لي خلي
....
أخيراً..
هذا هو الصر يمي الشاعر ،الإنسان، العاشق الحبيبة بخلفية الأرض، الأرض بخلفية الحبيبة،وأحد أبرز أعمدة شعراء ما أصفه بـ: الأغنية القضية..القضية /الوطن..
غنى للأرض، للتراب ،للخير ،للأمل ، للحب ،للإنسان ، للمرأة ، للآتي .. هو هذا الرائي مسافات الزمن الآتي، شجون الحلم، آيات الانتماء التي دفع ثمنها الكثير من العمر،الحلم ، الأمل آلاماً شتى وسجوناً.






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة نقدية في ديوان" باب الفتوح" للشاعر أحمد العمراوي الجزء2، بقلم : ثريا حمدون ثريا حمدون منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 8 09-12-2006 08:29 PM
قراءة نقدية في نص ،،، بانتظار الصياد ،،، للأديبة نبال شمس ،، بقلم ،، عبدالرحيم الحمص عبدالرحيم الحمصي منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 1 04-11-2006 11:33 AM
اشارات لابد منها في التشكيل العربي السعودي ؟؟وقلمي الناقد التشكيلي ؟ عبود سلمان منتدى الفنون والتصميم والتصوير الفوتوجرافي 2 27-10-2006 12:52 AM
قراءة نقدية في نص مستكة وحبهان وقليل من المر ....لسمير الفيل وفاء الحمري منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 1 11-01-2006 08:55 PM
قراءة نقدية في ديوان" باب الفتوح" للشاعر أحمد العمراوي (تتمة) بقلم :ثريا حمدون ثريا حمدون منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 0 27-11-2005 10:02 PM

الساعة الآن 11:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط