عبد الجبار العشّ ، وثقافة النباح ، وضياع " ولد الحرام " في زحمة الأسئلة ، و" الحرقة " ، والشروع في القتل ، وحديث الزنزانة الموغل في الرمزية ، عوالم تشدّك إلى جذع النصّ ، والنص على رمزيّته يراوح مكانه بين عالم الرواية والسيرة الذاتية ، أو هكذا تحدّثت الحاشية / خارج النصّ ' الكاتب مع صديقه المحامي' . عمل محكوم بالفضاءات المغلقة ' المحكمة ، الزنزانة ، الحانة ، المنزل ..' ، ومشحون بالنباح ، نباح كما البكاء , أو هو نباح من فصيلة السخرية السوداء ، نباح يتأرجح بين الخيالي والمرجعي داخل حلقة محكمة الغلق ' المحكمة / الزنزانة ' ، إنّها سيرة البحث عن الوجه الأفضل في عصر دمّره ” بوكرعين ” / الإنسان ، ولعلّ الوجه المتلبّس بالوحدة / الغربة يقف على بياضه في عالم الكلاب ذات نباح وظيفيّ... نص دائري ، متقوقع على عالمه المتجذّر في الوحدة ، والسكونية ، والانهيار ، يقوم على أدوات السرد بالأقوال في أكثر منعطفاته ، قد يوحي بالحركة في ظاهره ، وفي باطنه ولا حركة تلوح في الفضاء ، إنّه الوهم ، والسراب ، ولا شيء ينبئ بالحركة غير اضطراب الأوجاع في مرجل الحكي ، ورغم محاولة السارد الانفتاح على الآخر، كشخوص المحكمة ، والحوارات المبثوثة هنا وهناك على امتداد الرواية والتي توهم المتقبّل بصخب الحياة داخل الفضاءات السردية يعدّ النص صيحة وجع مسحوقة الملامح داخل كهف السكونية المؤلمة المتألمة . تنقسم الرواية إلى أقسام ثلاثة يحرّكها صوت الراوي المتأرجح يسن زاويتين من الرؤية ' رؤية مصاحبة ، وأخرى من فوق ' ، وقد غاب صوت الراوي العليم المدرك للأزمنة الثلاثة الفيزيائية ولذاك الزمن النفسي الجاثم وراء لحظات انفجار الألم بين أحضان الذكريات ، وهذا دليل على أنّ النصّ من فئة نصوص السيرة الذاتية المحكومة بذاكرة معلومة محدّدة بعيدا عن تهويمات التخييل الصرف ، وقد كشفت الحاشية 'وقد جاءت نصّا من خارج النصّ ' سلامة هذا القول وهي التي هتكت بصدق أسرار النصّ المتلبّس بالرمز ' الكلب' ، في زمن احترف فيه " بوكرعين " / الإنسان شتى أنواع الغدر ، والظلم ، والقهر، والذئبوية ، كما لعب الحوارفي النصّ الدور الرئيس في الإحالة لحقيقة ما تخفي وراءها الكلمات من علامات السقوط في عالم البشر ، ومعاناة فئة مهمّشة من المجتمع المجبول ' أو هكذا يتوهّم ' على قيم الخير والجمال والإنسان ، والبناء ، ولكن جاء النصّ " محاكمة كلب " منتصرا للكلب ، وكاشفا في الآن نفسه لحمق بني البشر، وغدرهم ، وغربتهم في عالم القيم ، فكانت الرواية صيحة في وجه عهر الحياة ، وتقلّبها على سرير الأنانية ، ونافذة مفتوحة على جراحات المحكوم عليهم بقانون " بوكرعين " العيش في الهامش المهمّش ، كما كانت هيئة المحكمة على نفس درب " بوكرعين " ، وحكمت على الكلب الجريح المهمّش بالحياة مدى الحياة في مزرعة الذئاب / " بوكرعين "