الوباء داخل البيوت...

[زياد هواش]

الوباء داخل البيوت...

الإنسانية تنتقل من "الفوضى" الى "العشوائية" والوباء يعيد رسم مشهدية قرن من الاستبداد العالمي الأولغارشي المتوحش الذي أصرّ ولا يزال على أن الانسان فوق هذه الأرض وتحتها على عدة أنواع وأن أحد هذه الأنواع فقط يجب ان يبقى !

لن ينجو أحد من هذه الأنواع لا العرق الأبيض المتقدم ولا العرق الأصفر المتهم ولا العرق الأسود المتأخر...
ولن ينجو أحد من هذه الاديان السماوية لا المسلمين ولا اليهود ولا النصارى...
ولن ينجو أحد من تلك الأديان الوثنية ولا من تلك الفلسفات العنصرية او الثقافات العرقية البغيضة

الله واحد وهذه الأرض واحدة وهذا الانسان المُكرم بنعمتين: نعمة "الحياة" فوق الأرض ونعمة "العقل" الناظر بعينه الى خالقه واحد ولذلك النجاة من هذا الوباء الظاهر ومن بقية الأوبئة ما ظهر منها وما بطن هي نجاة واحدة...
هذا الفيروس الوبائي يدخل كل الأجساد ويقتل الضعيف منها !

وبقية الفيروسات وبقية الأوبئة تدخل كل العقول وتحول الضعيف منها الى قتلة او ربما يجب ان نقول الى فيروسات !
هناك انسان واحد فوق ارض واحدة خلقه الله الواحد الأحد وكرّمه وأكرمه ودنا منه ووهبه ما وهبه والهمه ما الهمه وعلّمه وعلم ما سوف يكسب وما سوف يكتسب وحاججه بعقله وغلبه

لله الأسماء الحُسنى ولله الصفات الحُسنى وإذا كانت كلّ الأسماء تقود اليه وحده فكل الصفات تختص به وحده مجتمعة لا يمكن فصلها عن بعضها الا لمشتبه اعتد بنفسه وارتبك بعقله وشارك بالصفات من لا شريك له...
الخير كله من الله والشر كله من الانسان

هذا الوباء وكل وباء وهذا الفيروس وكل فيروس يستبيح كل الأجساد وتمنعه عنها وتقاومه وتغلبه العقول الصافية وتستقبله ويقتلها العقول التي بها بإرادة أصحابها شبهة وزغل...
على هذه الأرض انسان واحد وجسد واحد وقلب واحد وأنواع لا نهاية لها من العقول !

الوباء هو الذي يتغير عبر التاريخ والانسان هو الثابت ومن يراهن على عالم أفضل إنسانيا واخلاقيا واقتصاديا بعد انحسار الوباء هو كمن يراهن على أن الفيروس الوبائي هو الذي سيقوم بتدمير نفسه بنفسه في يوم ما !

لا يوجد لتاريخه علاج ولا لقاح...
لا تزال الوقاية الفردية والجماعية هي اللقاح وهي العلاج...
أهم اعراض الإصابة بالوباء وأكثرها وضوحا للإنسان المصاب (فقدان حاسة الشم).

يقول العلماء أن الفيروس ليس كائنا حيّا بل مجردة "جديلة وراثية" مغلفة ببروتين ولا يستطيع التكاثر الا في الخلايا الحيّة !
هذا التعريف ينطبق على الحياة كلها وعلى قمة الهرم "الجنس/النوع البشري" الذي يمثل فيه أحد الشريكين الفيروس والثاني الخلية الحاضنة ليستطيعا معا التكاثر...

للفيروس مسار وحيد هو التكاثر وللتكاثر مسار وحيد هو الانتشار او بالتعبير الإنساني الوباء...
في الطبيعة الفيروس لا يدرك انه في مساره الطبيعي للحياة ينتشر في الانسان ويعيش على حساب موته بل يموت معه أو يموتان معا !

هذا الفيروس لا يدرك ان لا معنى لحياته او موته وهذا الانسان لا يريد ان يدرك أن لحياته وموته كلّ المعنى !
ان الفردية الطبيعية للإنسان العاقل تقوده الى التشابه الإنساني التام والنهائي وتقوده الى ان يتقدم على بقية الناس بالعقل فهو إذا متقدم بالعقل بين متساوين

اختلاف العقول غِنى واختلاف الأجساد جمال واختلاف العيون سحر واختلاف الأصوات إيقاع ولكن الانسان واحد والامل واحد والحب واحد والتلاقي حتمي والتشاركية ايمان والرأفة شريعة والرحمة عبادة والتراجع للآخرين تقدم عليهم وتبدأ كل الفرائض بالبسملة أي الابتسامة

تتجاوز البشرية اليوم حقيقة الوباء وحتمية انتشاره عبر العالم وقسوة المساواة التي يجتاح بها المجتمعات ويدمرها...
ولكننا لن نتجاوز ثقافة الأنواع البشرية وابجدية العنصرية ولغة التعالي !
بالرغم من هول الوباء الا أن الله يتلطف بنا ونستحق ما هو أعظم واشد

اعود الى ما يقارب الستين عاما الى الوراء خمسون عاما منها ينمو فيها الوعي وكأنني الى اليوم لم أنسى شيئا ولم أتعلم شيئا !
حروب كبيرة وحروب صغيرة وقمع دائم واستبداد متعاظم وأخيرا وباء !
قُتل الانسان ما أكفره
23/3/2020

زياد هواش/صافيتا

..

[راحيل الأيسر]

مقال فلسفي جدير بالتأمل ..

فكر وقلم يستحقان التقدير ..


أشكرك أخي الأستاذ الموقر / زياد هواش

مع كل الاحترام ..

[زياد هواش]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راحيل الأيسر

مقال فلسفي جدير بالتأمل ..

فكر وقلم يستحقان التقدير ..


أشكرك أخي الأستاذ الموقر / زياد هواش

مع كل الاحترام ..

الأخت الكريمة الفاضلة...

شكرا على اناقة الكلمات والحضور.

..

[يافا احمد]

هي حروب كنا نحن ضحاياها ،
شكرا استاذ زياد على الموضوع القيم .