كان سعيد مغرماً بالتجارب الغريبة والمبتكرة. اشترى ساعة عكسية، ساعة تدور عقاربها بالعكس. وضعها في معصمه ونظر إليها مستغرباً وتساءل في قرارة نفسه: -ماذا لو صار الإنسان يعيش في عالم حيث يمشي به الزمن إلى الخلف؟
لم يكتفِ سعيد بذلك. أراد أن يرى العالم من منظور مختلف تماماً. استشار طبيب عيون أجرى له عملية دقيقة حولت عينيه إلى قفاه.
خرج سعيد يمشي في الأسواق. رأى كل شيء مختلف. في البداية، شعر بالارتباك، لكنه سرعان ما تعود على ذلك. صار الناس ينظرون إليه باستغراب، لكنه كان يستمتع بتجربته الفريدة. كانت هذه التجربة تعطيه شعوراً بالحرية والغموض.
مع مرور الوقت، بدأ سعيد يلاحظ تفاصيل صغيرة لم يكن يلتفت إليها من قبل، مثل ابتسامات الأطفال العابرة، وتفاصيل المحلات القديمة التي لم يكن يراها في السابق. أدرك أن الحياة مليئة باللحظات الجميلة التي يمكن أن تفوتنا إذا لم ننظر لها من زوايا مختلفة.
في نهاية اليوم، عاد سعيد إلى منزله، ونزع الساعة العكسية، وأغلق عينيه. استلقى على سريره وفكر في التجربة. أدرك أن الزمن والعينين ليسا إلا أدوات، وأن الحياة تستحق أن تُعاش من زوايا مختلفة ليكتشف الإنسان جمالها الخفي.
مبروك السالمي