سلافة

[ملك فايز عفونة]

يقول لها وعلى كفه علقت تربة من هواء الجليل /
اغسلي يا سلافة ماء المساء وصبيه بين يديك برفقٍ /
دعيني أرى وردة يتلعثم فيها الندى /
كفافاً ليوم العناء الطويل / متعب يا سلافة آتيك /
لا رحمة في الجبال ولا ماء في الشمس/
أنت الغيوم التي وعدتني بها ربة الصبرِ /
حين نظرت حزيناً فلاحت لي الشمس ملء الكرومِ /
البعيدة عنكِ / لا ظلّ أتبعه بعد ظلك ِ / يسرقني الحقل منك نهاراً /
ويلسعني الفأس حين أخطّ به وجه أمي الهزيل/
وتطلب مني المزيد المزيد /
أمنا _ أرضنا _ يا سلافة عطشى/
جلبنا لها الماء من غيمة تحرس البحر ... لم ترتوِ /
إنها تطلب الماء من عرق المتعبين /
ومن تعب الذاهبين إليها مع الشمسِ /
في جوعهم ما يقود خطاهم /
أنا جائع يا سلافة مثلكِ / أحمل جوعين : جوعي وجوعكِ /
ماضٍ أنا بهما يا سلافة نحو الجبال/
ينهكني في غيابك وقع الفؤوس الثقيل /
ويسعدني أن أغني سلافة / تلوحين بين الظهيرة والشمس /
واحة شوق /
فأبدأ باسمك شق الترابْ لا تظني ذراعيّ وحدهما قادرين على حمل تلك المعاولِ /
لكنه وجهك يتراءى /
فأقلب هذا التراب بعنف كأني أقبّلك يا سلافة /
وحين يصير المساء قريباً / أفرّ إليك كما جئت منك / يطاردني الدرب ُ /
خلفي الجبال وأنت أمامي /
تشدين خطوي كما تضحكين /
فأتعب حيناً وأركض حين /
وتهتز حولي دموع المساء /
فلا تتركيني غريباً على هذه الطرقات البعيدةِ /
لا تتركيني سلافة مصيدة للحنين /
افتحي بابكِ واضحكي للسماء /
: أنا رجل في الجبال وطفل ٌ /
إذا ما رأيتك في مطلع المشهد القروي تلوحين كالوشم فوق الجبين/
أتدرين ...أنت انعكاس لتلك الكروم ِ /
وترتبطين بخيط خفي مع العنب المتوهج ظهراً كحلم صغيرٍ بدا في العيون /
فلا تحرميني منالموت شنقاً بحبل جديلتك المستمرة نحو النهاية/
أنت انسجام يديك مع الباب والدرجات الثلاث الصغيراتِ/
والحائط الرثّ والعشبِ ينمو سعيداً عليه /
فلا تتركي للعناصر أن تتبعثر دون وجودك فيها /
سألتك بالله بالدرجات الصغيرات لا تتركيها /
فهل تفعلين؟ /
صبرت كثيراً /
وقد وعدتني بك الأرض تنتظرين مبللة /
بمياه الغسيل وبالأقحوان على آخر الدرب عند وصولي /
فهل ستفين كما وعدتني بك الأرض ؟هل تعدين؟ /
سلافة أيتها المستحيلة ... يكتمل الظل فيك سريعاً /
ويدخلك المسك من جهتين فتبتسمين /
أعدي يديك لأخلع وطء الجبال الثقيل / جلبت لك غيمة فاحلبيها /
ليذهب عني الغبار سدى /
كأنك بحرٌ /
كأني أزف إليك المدى /
أريدك مبتلة يا سلافة /
ولو بالهواء ولو بالطحين /
خذيني إليك غريقاٍ ولو كنت لا تبحرين /
كرهت الجفاف الذي كان صبحي وصار مسائي /
فلا تخذلي شوق عيني للماء بين شفاهك /
خلف يديك وقبل حلول المروج عليكِ /
أريد قطيعاً من الكلمات المبللة الوقع تقفز بين أصابع كفي /
فأخضرّ قبل اشتعال الربيع /
وأمطر بعد احتراق السحاب /
سلافة ، هذا جبينك والواقع الرخو والجبل الرحبُ/
هذي يديك وتلك الكروم /
ودونك حقواك لوزٌ وتين /
أطلّي عليّ وأنت الورود التي كبلتني /
أطلّي كما يفعل الياسمين /
ألا يستحق المتيم بالشوق والتربة الجبلية والمسلك الصعب /
أن تبسمي بالشفاه الطرية/
فوق الغبار الذي يستويني /
دعيني أواري جراحي بحنّائك وخذيني /
إليك صغيراً يلوثه الوحلُ متسخاً بالحنين وبالطين /
والصخرة اليابسة /
واغسليني، سلافة بالماء والأعين الناعسة /
واغرقي بدموعك لو شئت / إني أريدك مبتلة تقطرين /
فلا تكسريني مرايا ولا تعبريني طريقاً قديماً ولا /
تنثريني على باب بيتي شظايا /
ولا تجعليني أغادر تلك الجبال مشوقاً، فألقاك والشوق لا زال شوقاً /
أريدك مبتلة كالأغاني /
فإن جئت مشتعلاً أطفئيني / وإن رحت سنبلة فازرعيني /
ولا توصدي باب عينيك دوني /
فهذي العيون حصاري وإن لم تشائي البكاء /
وتلك العصافير بين ذراعيك داري وإن قاتلتها السماء /
فكيف أصير وحيداً ولا زال جرحي لديك /
وكيف أغادر نحو الجبال ولا زلت أمشي مساء إليكِ /
ويجفلني في عيونك وخزٌ ويحرقني فوق صدرك أرزٌ /
وأنت البلاد على هيئة الأقحوان المرتب فوق الصخور /
وأنت طريق طويلٌ إلى السوسن المتموج بين يديك /
ولا شيء يشبهك غير صورتك المستعدة في صفحة الماء /
للاحتفال بعينك فيها /
فلا تتركيها ، سألتك بالسوسن المتموج لا تتركيها /
لقد طالت الدربُ /
هل يا سلافة ألقاك عند المساء على مدخل البيت /
تبتسمين وتنسجمين وتنسين ما قلت عنك لهذا الطريق الطويل/
ونبدأ من أول السطر
أنت تمدين شعرك نحوي فيشتد خطوي
ويبتل هذا الهواء العليل
(هواء الجليل)

[عبد السلام الكردي]

إن نصوصاً تحترم عقل القارىء الجاد والمتمرس..وتحترم ذائقته..وتدع له المجال مفتوحاً للتحيليل والتفكير في كل صورة وتعبير غير مستهلكين جديدين بما تعني الكلمة..كهذا النص تماماً..لا يسعنا إلا أن نقوله لكاتبه..اسعدتنا بما قدمت وإن لمولودك هنا..صدر البيت والمكان المرموق فيه..إلى التثبيت في الخواطر والنثر ..تحياتي وفائق احترامي وتقديري.

[عبير هاشم]

غاليتي ملك
أقمت طويلاً هنا على شرفات حرفك
امتعني جداً ما قرأت جميلة البوح انتِ
لي عودة لهذه الغيمة الكريمة.

[ملك فايز عفونة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام الكردي

إن نصوصاً تحترم عقل القارىء الجاد والمتمرس..وتحترم ذائقته..وتدع له المجال مفتوحاً للتحيليل والتفكير في كل صورة وتعبير غير مستهلكين جديدين بما تعني الكلمة..كهذا النص تماماً..لا يسعنا إلا أن نقوله لكاتبه..اسعدتنا بما قدمت وإن لمولودك هنا..صدر البيت والمكان المرموق فيه..إلى التثبيت في الخواطر والنثر ..تحياتي وفائق احترامي وتقديري.

سعدت بردك
بيد أنني استغرب نقله إلى الخواطر والنثر
فهو _على ما أعتقد _ قصيدة وموزونة !

[عبد السلام الكردي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك فايز عفونة

سعدت بردك
بيد أنني استغرب نقله إلى الخواطر والنثر
فهو _على ما أعتقد _ قصيدة وموزونة !

شكراً لك أختي الكريمة..يما أنه قصيدة موزونة...فهذا يتطلب نقله إلى قسم الشعر الفصيح والموزون..وهناك سيتلقى الاهتمام الأكبر من ذوي الخبرة ..تحياتي وفائق احترامي وتقديري.

[إبراهيم العبّادي]

قصيدة رائعة ..
ولا أذكر أني قرأت مما يبدعه هذا القلم إلا رائعا ..
تحياتي كلها .

[ناهل شاكر]

الاخت الكريمة ملك

كل عام وانت بخير

اهلا بك في الموزون

انت تملكين القدرة على نظم الشعر

دعيني هنا لا اجاملك فانت شاعرة

قصيدتك امتازت بالنثرية لم اشعر بها بالموسيقى

كانت سردا اكثر من الشعر

ارجو ان تتقبلي رايي المتواضع ولك الخيار في ذلك

فنحن هنا لستفيد من بعضنا

انت شاعرة وهذه ليست مجاملة

اراك هنا دائما

[كفا الخضر]

سلافة ، هذا جبينك والواقع الرخو والجبل الرحبُ/
هذي يديك وتلك الكروم /
ودونك حقواك لوزٌ وتين /
أطلّي عليّ وأنت الورود التي كبلتني /
أطلّي كما يفعل الياسمين /

رائعة بحق يا ملك
اهلا بك تعودين هنا بهذه الجميلة
نص مفعم بالشاعرية وهدوء وزنه زاده جمالا
تحياتي
النص للتثبيت

[صبري العيسائي]

أختي ملك ..
كان الشعر هنا حاضرًا بقوة ..
جمالٌ وبهاء .. عذوبةٌ ونقاء ..
أسلوبٌ رقيق .. ومفرداتٌ معبرة
لن أدخل في تفاصيل النص ..لأن كل كلمة تحتاج لوقفة ..
سلمت يا نبع الإبداع
تحياتي
قلم الرصاص !!

[ملك فايز عفونة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهل شاكر

الاخت الكريمة ملك

كل عام وانت بخير

اهلا بك في الموزون

انت تملكين القدرة على نظم الشعر

دعيني هنا لا اجاملك فانت شاعرة

قصيدتك امتازت بالنثرية لم اشعر بها بالموسيقى

كانت سردا اكثر من الشعر

ارجو ان تتقبلي رايي المتواضع ولك الخيار في ذلك

فنحن هنا لستفيد من بعضنا

انت شاعرة وهذه ليست مجاملة

اراك هنا دائما

أفهم هذا جيدا
فالموسيقى هي ما يخرج من الروح
كان هذا من النصوص التي تعرقت وأنا أكتبها