ظلال وقطاف ..

[راحيل الأيسر]

الرجاء المحموم يصيبنا بهذيان هالك
وقد يوشم الروح بندوب الخيبة ..


ما كل دلو تلقى في غياهب الجب تعود ملأى ..
ماكل شمس تنحني أشعتها ، لتحيطك دفئا ..
ما كل حقل صالح لغرس زنابق الأمل ..

أفكل السماوات تعيرك من زرقتها بسمة ، لتلصقها في ثغر أيامك كي تبدو ضحوكا حتى من دونهم ؟

حين كبر جنين الحنين داخل الحرف ..
أقنعته قبل أن يلد ذاك المنتظر ..
أن حزنا في القلب خير من ألف أمنية كذوب على الشجرة ..

[راحيل الأيسر]

وكأننا في رحابها نتفيأ ظلال دوح الرضا ..
وكأننا حين نعانقها ، نلتصق بأستار السماء ، وتستمع همسنا الملائكة ، أوليست هي الجنة ؟
فجر هي بل صبح مسفر في عينيها تنتهي رحلة الشجن ، يلملم الحزن بقاياه ويغادر خجلا عند شروقها ..
عندما نفتقدنا في عثرات الحياة ، في طيات حضنها نجدنا ..
عندما تشتتنا الدروب ، وتبعثرنا الليالي الحالكات ، نراها تلتقطنا لتمسد بنأماتها روحنا ، وتربت على الشغاف المتشظي فترئب صدعه..

يا صوتا ينساب إلى مسامعنا كزقزقة طير .
يا همسة تتردد بعذوبة جريان نهر ..

من يعيد ترتيبي ويتهيأ لالتقاط بعثرتي غيرك أماااه .

[راحيل الأيسر]

وردا على أخي الحمداني في نصه ( عيدك اليوم وقد دعتك السماء ) قلت :

كم يجب علينا أن نلحم في أحرفنا لنرتقي في وصف ذات بهذا السمو البشري

للحنين رائحة ..
والذكرى خلود ..
ضعضعتنا أيام اقترفتنا فيها ملوحة الدمع ، حتى أورثتنا ضلوعا مفككة ، حاول الحرف أن يلحمها بالوفاء
يطعمها شوقا ، حتى لا تستكين للعدم ..

غيمة جواد تلك التي تكون على ظهرها أمك
تمطر على الفراغ ، تثمر الجدب ..

عندما تعتنق أبصارنا النظرات الأولى لوجهها مذهبا ، فنحن في زمن ليست فيه أمنا ، مصابون بالعمى الاختياري ..
نطبق جفن الذاكرة على بريق وجهها ونمضي ..
نصطلي بجذوة منها فيغمر الدفء ساحاتنا ..

يا غيمة الذكرى التي تأتينا بها ، سلام عليك تماهيت مع عطائها .
كأن الكون يعود معك إلى بدئه ، وكأن الحياة في زهو اكتمالها ..

[راحيل الأيسر]

هل لي أن أعود لتكويني الأولي .( حمأ مسنونا ) ثم أعزل طيني عن الماء .

وأستحيل قطرة طاعنة في النقاء ، أختبيء داخل غيمة معلقة في صدر السماء .
أو ندى مبتل بطهارة أنفاس الفجر .
أو شيئا كروح متدثرة باليقين ؛ تسمو عاليا بعيدا عن ردهات الدنيا وترهات البشر..
تهدم بالإنابة أسوار الخطيئة لتحظى بالرحيق المختوم ختامه مسك .

هل لي ؟
ربما ..
ربما ..
والرب كريم .

[راحيل الأيسر]

استرسالا مع نص الزميلة / هناء يربك ( جنائز الانتظار ) قلت :


لم أرتدك لأعاود خلعك ..
لكني اقترفت على نفسي حنينا باهظا استنفد كل رصيد الوجد ..
واستهلك النبض حد النضوب ..
عند ضمور الروح ، ألقمت اسمك جوفي ؛ تقيأني ظلي ..
تدحرجت قهقهة ؛ تلمزني على أعقاب دفئك الماكر .. ملحدة بكل مزقة من دثارك الخَلِق..

- زمّلني برهة ، وترملتُ دهرا ..

[راحيل الأيسر]

أمارس نوعا من فوضى بأبجدية شائكة..
دمعتان ونصف قمر هو ما يحتاجه طافح بالأسى ما زال بينه وبين ذاته صلة من نوع ما ..
بينما الجسد المفتت ، فقد ثقل ( الذاكرة ، الهوية ..)
وذاك القرص المدمج الذي يسمى بسيرة الوعي الوجودي ..

مضحك أن تحشو وعيك الحاد بفيض ترهات لا معنى لها ؛ تلهيك عن الاستماع لصوت تمزقك ..

تتماهى مع كل ما لا ثقل له ( غبار ، هواء ، خواء ) وكل ما فيه معنى التلاشي والعدم ..

وكأني أتبخر على مرأى من ذاتي .
هأنا اقتربت من الفراغ بكامل فقري ، بلا ثقل ، بلا ذاكرة ..

منذ جرح أو يزيد وجسدي يخبرني أنه متعب حد الإعياء ويشتهي الارتماء في مهاد الأرض ، أطالعه بسخرية ، لطالما سخرت منه هذا المسكين !
اختنق بالكثير ، وظللت أرمقه بسخرية ..
احتملني كثيرا ..
اليوم فقد قدرته على العتاب ، وفقدت بدوري قدرتي على ازدراء تأتأة لغته حين كان ينفلت وخز الدمع في حنجرته قبل تدفق الكلام .. !

[راحيل الأيسر]

كتبت ردا على أحد النصوص ..



قد تكونين قاب قوسين أو أدنى من عبور ذاكرتك المثقلة حدود النسيان ..
لذت كفراشة تعلقت بالنار حتى احترقت ..
التجاهل طفل ظل يلهو في مروج الماضي يشاكس عطر الغابرين ؛ حتى امتطاه التعب ، وسيجت الغفوة محجريه ..
انكفأ على صمته، تكمم بظلال السكون .. وغط في سبات اللاذاكرة ..

فلنذره في غفوته حتى لا يكون حرضا *..
لا تلوحي له بأطيافهم كي لا ينتفض عشب التنبه مرتجفا ..
فقد خاب من هش بنار الشوق ذئاب العطش !


في المدى الشاسع - والوقت راكع يتوسل - بين ربيعنا والشتاء ، نثرنا بذور الحياة نُعلِّمُ بها الطريق لأوبة إلى خضرة إذا ما أحاطنا الصقيع من كل جانب .. طوينا الرحلة وغراب البَيْن يلتقط ما نثرنا ، فلا جيوب الوقت اكتنزت ، ولا الدرب محتفظا معالم الأوبة ..

حين يبعثر النسيان خصالا من ظلمته ، يطمس بها صفحة من أمس ، لا تسلطي عليها عيون الذاكرة ؛ تتربصها ..

ذاك المبهم الرازح تحت السواد قد يكون موجعا ، ثمة ظل جريح يهمهم ألما ، فزعا ، لا تخدشي سكونه .. !

فلنعلن على الألم النسيان ..

---------------------------------
* حرضا : مشرفا على الهلاك ..

[راحيل الأيسر]

وكتبت ردا على نص ( وداعا يا أبتاه ) للفاضلة / منجية مرابط ..

ذهول كلحظة الحشر ..
ثم نطفو على سطح الفقد جسما لا ثقل له ..
حين ينغرس نصل الغياب في خاصرة أيامنا ، لا ينقشع عنها كفن الوحشة ..
نظل نقطب جرحا لن يتخثر ..
نتكوم عند باب الفقد ، نتضور حنينا ..وملء الحواس نحيب يعصف بتلال القلب ..
تنكفيء الروح ، تجثو على ركبيتها خائرة وإن وقف الجسد الصلب -مكابرة -
تشعر ببعضك منطرحا ، ملتصقا بذل الانكسار مسكينا ذا متربة ..

للفرح ذبذبات ، لكن الحزن صعقات كما أن الخوف رجفة ..
الفقد ارتعاش والوحشة نحيب الروح ..
واجتماعهم في صعيد اللحظة نكبة تستهلك تفاصيلنا ، ملامحنا ، تجزئنا ثم تهرقنا دمعا سخينا حارقا ..نتهدل من حبل الفجيعة ..
تتهرس الروح ، تنسحق .. لا تعود ثمة طاقة لها في تحمل جمر الغد .. فنتكور داخل أضلع الأمس نخلق من أطيافهم فرحا حتى لا نوصم بعقوق الأمل ..

[راحيل الأيسر]

كتبت ردا على نص ( أحن إليك ) للأستاذ الفاضل / محمد صوانة

هو أنت وهو طيفه الذي لازلت تقيم داخل أسواره ..
وطن : سماؤه الرحمة تزيح ضجيجا ترسب في قاع الروح ..

أولئك الراحلون
مذ ضمخوهم بطيب الكافور وتسلمتهم منا يد الغياب
بيضا كهيئة الملائكة..
ورائحتهم عالقة في طيات أيامنا ، نعطر بها حاضرنا ..
هبوب ضوعهم من ثنايا الحنين فرح مباغت يشبه المطر ..
يغسل القلب
يندلق الفجر -من خلالهم- بهيا في عتمة الروح ..يسَّاقط من سنا طيفهم خضل من نور يضفي على ثغر أمسياتنا حكايات تعتقت بدموعنا ..
حين تسربلوا النور ومضوا ..
تشبثنا بعرى دروبهم ..
خبأنا هناك الحلم والأمنيات والحكايات..
نعم هناك في ضفة تضمخت بتراب أقدامهم ..
في زمن اكتحل ببهائهم ودفئهم..

[راحيل الأيسر]

ردا على نص ( يتكيء على نبض الطفولة قلب عجوز ) للفاضلة / لين ..


كفجرنا الآبق في صحاري الوقت الجديب
كتلك الأوهام ننسجها حيلة نزخرف بها الزمن الكئيب ..
لا بأس علَّنا ترتق في الروح بها صدعا ..
علَّنا نجتاز كربا ..
أحيانا نستعير من هدوء أمسنا وجها تبدى من ثنايا الوقت ؛ يستريح على كتفه يومنا المثقل بالشجن ..
يحدث هذا إن كنا
أسدلنا على نوافذ الماضي ستائر الحنين
فالحنين شفاف .. الداكن هو النسيان ، بل هو أعمى ،
لا يطعم فم طائر الذكرى الفاغر بأي فتات .. داكن ، شحيح ..

الوهم كالنعاس يتنقل بخفة أفعى وله سم خادر .. نستسلم له ثم وحين يصفعنا الصحو نجد ما حولنا غارقا في ملكوت موحش .وملح أسئلة تلتمع بها عيون الخيبة ..

[راحيل الأيسر]

انعتاق

في الروح ، ترنيمة تشبه إيقاع المطر ..
، أسراب تصيخ لهدأة الغسق الشفيف ..

مابين ألوان الشفق وأنفاس الفجر أجفان آيلة للنعاس ..
دهليز حلم تزدحم فيه الوجوه في مرايا مشفرة ..
هذا الخفق المذبذب أيقظ وجهي باكرا قبل اكتمال ملامحه ..
شرشني ، فتسربت في كيان الضوء مدادا..

للغة ظلال..
ومالظل إلا نميمة الضوء ..

فيا أيها الخريف الموغل في لهيب دمي
لا تنفني إلى سماء الوجع ..
مازال في الغريزة فورة ..
لو تخلى حنيني الضرير عن عكاز النداء ..
ونذرت شراييني نفسها للمطر ..
قد يحبل الغيم العقيم ..
ويرفرف مع الفجر طير قلبي مغازلا نمش صحو جميل..

[راحيل الأيسر]

رتم





المعجونون بالأرق .
خفيف مكتلهم من قطوف دأب النهار ..
لهم في محراب الليل
خشوع محض
يزاوجون فيه اشتعالاتهم بالخيال .
فتتناسل لهم عوالم ، تغلق دائرة التهويمة حولها ..
يتذبذب هنالك الوعي على هسهسة الحلم
يعزفون على وتر نازكي ، أو خليلي
يترنمون ب( وتد ، سبب
رمل ، خبب..
..
وتد .. سبب
رمل .. خبب )
أو يمرقون من تلك المذاهب ناثرين ..
حتى يتلصص من بين سجوف الغسق
النور ، طفل الصباح .
يطلقه حرا ما أن يفتح الأفق له بابه ..
يشاغب ثغر الورد
ويفرك جفن الحياة ..
مزغزغا يمر من بين أوراق الشجر



يمحو كائنات الليل والأرق ..!