|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
13-03-2021, 02:30 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
وما يعلم تأويله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم وصلاة وسلاماً دائمين على خاتم أنبيائه ورسله، ونشهد أنه أدى الرسالة على خير وجه، ونسأل الله أن يهدينا إلى هديه ويبلغنا رضوانه. أما بعد، فإن أشرف العلوم علم الكتاب، كتاب الله الحكيم. وقد تصدر لدرسه كثير من العلماء والدارسين، فأخرجوا منه الدروس والعبر، وأسسوا عليه ما أسموه بعلوم القرآن. ورغم الاعتناء بدرسه وفهمه بقيت صفحته مفتوحة لمزيد من البحث والتأمل لأن معينه لا ينضب. ولعل من الملاحظات التي تدعو للتفكر أن في كتاب الله سر الصنعة التي أودعها فيه الخالق سبحانه وتعالى، فجعل تفسيره قابل للتجدد جيلاً بعد جيل، ولا يصدق من زعم أنه وصل لمغزى الله من هذه الآية أو تلك. ولابد أن نفرق بين مصطلحي التأويل، والتفسير. أما التأويل فهو حجر على المولى جل وعلا: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ آل عمران 7، وأما التفسير فهو ما يكتبه شارحوا الكتاب وفقاً لفهمهم للآيات والسور. هذا الفهم يأتي انعكاس لأصلين: - ثقافة الكاتب وعلمه، فإن كان لسانياً انصب تفسيره في الأكثر على الفروق في اللسان العربي والبلاغة، وإن كان فقيهاً عني بآيات الأحكام أكثر من غيرها، وإن كان مؤرخاً صب جل اهتمامه على بث القصص من كتب التاريخ ومروياتها من الآثار والأخبار، ومن هذا الباب تدخل المذهبية مثل الاعتزال والتشيع والتصوف، وهكذا ... - علوم العصر وهي التي تنطبع على فكر المفسر، ثم تنعكس على كتاباته. ولنمثل بآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ الأنعام 125. وقد كتبت في تفسير البعوضة فما فوقها صفحات وصفحات، واعتبر المفسرون قديماً أن البعوضة هي أصغر مخلوق، وما فوقها أي ما هو أكبر منها، وقال آخرون بل هي وإن كانت أصغر خلق الله إلا أنه سبحانه قادر على أن يخلق ما هو اصغر منها. واللسانيون منهم اختلفوا في "فما فوقها" هل هو ما فوقها في الصغر أم في الكبر. ويجيء العلم الحديث برؤية مغايرة لهذا كله، فيكتشف أن فوق البعوضة حشرة تلازمها هي أصغر منها. ثم إنه لا البعوضة ولا الحشرة التي فوقها هي أصغر المخلوقات، فحسبنا أن نعلم أن فيروس كرونا (كوفيد 19) لو جمع من كل انحاء الأرض ووضع في وعاء واحد لما شغل أكثر من سنتيمتر مكعب واحد. والعلم الحديث لا يقتصر على العلوم الطبيعية أو التجريبية، بل إن العلوم النظرية شهدت تقدماً ملحوظاً في عصرنا، فصار لدينا مكتشفات الحفريات والآثار وعلوم الإنسان، وغيرها من علوم أثرت الفكر البشري، ولونت عقل المسلم بمعارف جديدة لابد لها ان تؤثر على فهمه لكتاب الله. والسؤال الهام هنا هو: هل وصلنا لفهم حقيقي لآيات القرآن الكريم؟ والجواب المنطقي هو بالنفي، فالحياة مستمرة في التطور والتقدم، وما نفهمه اليوم في تفسير آية قد ينقضه بعد أعوام جيل آخر تضاف إلى معارفه علوم وأفكار لا نعلم عنها شيئاً، فيرى الآية من منظور آخر. ﴿هو كتاب لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ فصلت 42. آخر تعديل راحيل الأيسر يوم 03-12-2021 في 04:01 PM.
|
|||
14-03-2021, 10:59 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
كانت نظرة القدماء لتفسير القرآن منذ البداية فيها شيء من التشدد، حتى أن منهم من حرم التفسير بالرأي حتى ولو جاء برأي له وجاهته. لذلك التزموا في البداية بمنهج التفسير المأثور. ثم مع الوقت أخذ التفسير بالرأي مكانه بين كتب المفسرين، وتوسعت الدائرة حتى تعددت المناهج التفسيرية لتشمل: - تفسير القرآن بالقرآن، ومن علمائه المبرزين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1905-1974م) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. - تفسير القرآن بالمأثور، ، وتفسير محمد بن جرير الطبري (839-923م) من أوائل نماذجه. - التفسير اللساني والبلاغي، وهو من أهم المناهج لأنه يعنى باللفظة القرآنية وعلاقتها بالسياق وبغيرها من المتشابهات، كما يتضمن استشهادات من اللسان العربي شعراً ونثراً مما يساعد على فهم مدلول الآية. ولابد من الإشارة هنا للعالم الجليل عبد القاهر الجرجاني (1009-1078م) وكتابيه: "دلائل الإعجاز" و "أسرار البلاغة"، ويبرز من المحدثين العلامة الدكتور فاضل السامرائي (ولد في عام 1933م). - التفسير الإشاري، وهو منهج انفرد به الصوفية، وإن لك يجد قبولاً من كثير من الهيئات العلمية. - التفسير العقلي أو الاجتهادي، وقد كتب فيه أصحاب المناهج العقلية كالمعتزلة، أو المذهبية كالإمامية. - التفسير بالرأي، وقد اختُلِف حوله بين الرفض والجواز. - التفسير العلمي المستفيد من العلوم الطبيعية والتجريبية في فهم المراد من آيات القرآن الكريم، وقد تأخر ظهور هذا المنهج، ومن رواده الشيخ طنطاوي الجوهري (1870-1940م) وجهده مشكور، وإن تجاوز العصر كثيراً من اجتهاداته. وقد انبرى للبحث في هذا المنهج المبشر كثيرون من المتخصصين في شتى العلوم حتى أقيمت للإعجاز العلمي مجامع تقدم فيها الدراسات حول الكتاب والسنة. على ان الموقف من كل منهج من مناهج التفسير ووجه بالرفض أو التحريم، مثلما قوبل بالقبول والإشادة حسب المتلقي وثقافته وميوله الفكرية او العقدية. أما المنهج الأمثل - وفق ما نرى- هو ما يمكن تسميته بـ "المنهج الشامل" وهو المستفيد من كل هذه المناهج، بحيث نخرج بتفسير متكامل يغطي كل جوانب المعنى للآية محل التفسير. وهو منهج لا يمكن أن يتصدى له باحث واحد، بل يحتاج لجملة من المتخصصين، كل في مجاله: الفقيه والأصولي والبلاغي والأنثروبولوجي والطبيب والمؤرخ والجيولوجي والباحث في الإعجاز الرقمي أو العددي، وهكذا ... أما عن الأدوات التي يحتاج إليها المفسر، فمنها: - أولها وأهمها: علم اللسان العربي، وما يلحقه من نحو وصرف. - ثانيها: علوم البلاغة من معاني وبيان وبديع. - ثالثها: علوم القرآن، مثل: ظروف نزول الآيات، أو ما يسمى بأسباب النزول. - رابعها: أصول الفقه. - خامسها: التاريخ. - سادسها الإلمام بكليات علوم العصر. - سابعاً: القراءة الموسعة لكتب التفسير المنوعة. وهذه الأدوات تساعد على تكوين فكر يتعامل مع الآيات بوعي وإدراك، غير أن ما يفضلها هو "الموهبة" يهبها الله لمن يتقيه سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ البقرة 282. |
|||
20-03-2021, 03:06 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
إن علم التفسير هو اِشرف العلوم. وهو أهم العلوم الشرعية التي لا غنى للمسلم عنها. وقد أوجب الله تبارك وتعالى على المسلم أن يتدبر كتابه: :﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ص 29، ووصم من لا يسعى لفهم معانيه ومعرفة مضمونه بانغلاق القلب: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ محمد24. وفي الأثر الذي رواه عثمان بن عفان (رض) عن الرسول صلى الله عليه وسلم بيان الخيرية للمتصدر بتعليم القرآن: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"1. وتعلم القرآن يشمل: - أولاً: تعلم قراءته على إحدى القراءات المتواترة، والتجويد جزء من القراءة الصحيحة. - وثانياً: معرفة معاني ألفاظه وتراكيبه بشكل يضمن حسن الفهم الإجمالي للنص القرآني. - وثالثاً: تدبره، ولا يحسن التدبر إلا بالتفسير. ولا شك أن من أولويات التدبر معرفة ما في الآية من تقديم وتأخير أو إيجاز أو إطناب أو تشبيه أو مجاز أو غيرها مما تذخر به علوم البلاغة. ثم لا ينبغي أن يغفل أمر آيات الأحكام وآيات التفكر في خلق الله في الآفاق وفي النفوس. وليس مطلوباً من كل مسلم أن يتقن تفسير القرآن، بل يكفي أن يرجع لمن لديه أدوات المفسر والقدرة على التواصل مع الناس لنقل هذا العلم لهم إما بالخطابة، أو الإلقاء، أو الكتابة. من هنا جاءت أهمية التدارس، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"2. على أن كتاب الله مفتوح متاح لكل إنسان أن يقرأه ويدرسه، لكن من يتصدر لتفسيره عليه أن يكون معداً للقيام بهذه المهمة العسيرة. وأول ما يجب عليه تجنبه هو الوقوع في مثل هذه الأخطاء: 1) إتباع الهوى: هو خطأ جسيم، وقد يقع فيه من لا يستطيع فهم لفظة أو آية فيرجح معنى من رأسه استسهالاً أو كسلاً عن استشارة أهل العلم، وهم كثر. والمفترض أن يرجع المفسر لكتب التفسير، وهي بالمئات، منها الميسر المختصر، والمفصل، ومنها ما هو معني بالنحو أو الصرف أو البلاغة أو الفقه أو غيرها من فروع العلم. 2) تمرير الانتماء الفكري أو المذهبي: ولا شك أن من مثالب الأمة جعل التعصب المقيت للفكرة أو الفئة أو الجماعة موجهاً لسلوك التابع وكتاباته، ومن مفسري المتصوفة، على سبيل المثال، من يحيل الآيات لمعاني إشارية تبعد عن المدلولات المباشرة لها. 3) الأخذ بالإسرائيليات، وهذه آفة مني بها المسلمون منذ البداية، لكن الله عصم خير القرون منها بوجود سيد الخلق بينهم، وحتى بعد رحيله صلى الله عليه وسلم بقيت كلماته وتعاليمه حية طازجة لعدة عقود قبل أن تغزو الإسلام غارة الإسرائيليين التي ما زالت تعصف بالمسلمين وتشوه لهم دينهم. وكتب التفسير - نقولها والقلب ينزف دماً - ملأى بطعونهم وخبثهم، خاصة في القصص القرآني. 4) الاعتماد على نصوص نبوية ضعيفة أو موضوعة، ولم يسلم من الاستشهاد بمثل هذه محدثون كبار كابن كثير. وأن تستبعد نصاً تعلم بضعفه أفضل من إيراده، خاصة والتراث غني بمختلف الآراء، وعصرنا فيه من الدراسات المنهجية ما يلبي حاجتك. 5) الاعتماد على مرويات غير ثابتة عن السلف الصالح. ولو رجعنا لكتب التفسير لوجدنا الغث والسمين، لذلك يصير من الضروري الحذر من هذه المرويات، والتـأكد من مصداقيتها قبل استخدامها. 6) إدعاء الإجماع على تفسير آية، وهذا يكاد يكون مستحيلاً لطبيعة النص القرآني الصالح لكل زمان ومكان، ولاختلاف العقول والأفهام. إن أولى أولويات التفسير هو النقل الصحيح، لتجنب الخطأ الذي سينجم عنه بالتالي فهم خطأ للنص القرآني، مثلما ينجم الخطأ عن التفسير بالرأي المبني على الهوى، وكلاهما يفسد لا يصلح، ويهدم ولا يبني، ولا ينبغي أن يغفل المفسر لحظة أنه يتعامل مع كلام الله، فإذا نقل للمتلقي معنى مبنياً على اتباع هوى أو تقصير، وضع في ميزانه حتى يلقى الله. -------------------- 1 رواه البخاري كتاب فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه (6/ 192) (5027). 2 رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (4/ 2074) (2699). |
|||
01-04-2021, 01:21 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
1) اختلف العلماء في وجه نصب: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ﴾، فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان أنه غلط من الكتاب ينبغي أن يكتب "والمقيمون الصلاة". وقال عثمان بن عفان إن في المصحف لحناً ستقيمه العرب بألسنتهم فقيل له أفلا تغيره؟ فقال دعوه فإنه لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً.1 2) وروي أن هشام بن عروة روى عن أبيه أنه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة﴾ و ﴿إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ فقالت : يا ابن أختي! هذا عمل الكُتَّاب، أخطأوا في الكِتاب. 3) روى جماعة من الرواة عن عكرمة مولى ابن عباس قال: "لما كتبت المصاحف عُرضت على عثمان، فوجد فيها حروفاً من اللحن، فقال: لا تغيروها؛ فإن العرب ستغيرها - أو قال ستعربها بألسنتها - لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف". وكيف يظن بالصحابة أولا أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن وهم الفصحاء اللد! ثم كيف يظن بهم ثانياً في القرآن الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل، وحفظوه ، وضبطوه ، وأتقنوه! ثم كيف يظن بهم ثالثاً اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته! ثم كيف يظن بهم رابعاً عدم تنبههم ورجوعهم عنه! ثم كيف يظن بعثمان أنه ينهى عن تغييره! ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضي ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفاً عن سلف!! هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة .2 وقد كثر الغث في التاريخ والسير، وانعكس أثره على التفسير حتى كثر الشك حول القرآن الذي حفظه الله تعالى وصانه عن أن يغير فيه حرف واحد، أو أن يزاد فيه أو ينقص منه. ولا شك أن حفظه قد تم بثلاث وسائل ناجعة: 1) أولاها هي الحفظ في الصدور، والتواتر رجلاً عن رجل، وجيلاً بعد جيل. 2) والثانية هي التدوين على صحف منذ نزول أول آية حتى ختم بآخر آية، وبعدة نسخ عند الكتبة، قبل أن تجمع في المصحف الإمام. 3) والثالثة هي نهي الرسول صلى الله عليه وسلم - في عدد من الآثار المروية عنه - ألا يُكتب عنه إلا القرآن، خوفاً من الاختلاط. هذا الجهد الجهيد قد يسر الله تبارك وتعالى له من قاموا به على شكل لم ير التاريخ له مثيلاً، فتحقق بفضل الله حفظ كتابه من السهو والخطأ، والعبث والهوى. -------------------- 1 لباب التأويل في معاني التنزيل: الخازن، ج1، سورة النساء، ص 448. 2 من "الإتقان في علوم القرآن" (ص 1241-1247). |
|||
12-04-2021, 04:02 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
|
|||
20-04-2021, 03:35 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
|
|||
10-10-2022, 09:25 AM | رقم المشاركة : 7 | ||||||
|
رد: وما يعلم تأويله إلا الله
|
||||||
|
|