"...هو هنا، بشحمه ولحمه وعباءته البنيّة وعمامته السوداء. ساد الصمت في القاعة الضخمة، والسّيد يمشي بين مرافقيه. جُنت الجموع. لم تعدْ تجدُ قدماً على الأرض، الرجال والنساء فوق الكراسي، والأطفال على أكتاف آبائهم، القبضات إلى الأعلى، الجفون تغرق بالدمع والحناجر تصدح «لبيك يا نصر الله».
مغامر حدّ الجنون.
ألم ينعته «حكّام النفط» بـ«المغامر» بعد خطف الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز 2006؟ رجل تطارده أجهزة أمن إسرائيل ومن لفّ لفيفها ليل نهار، يخرج على الملأ في حمأة التهديد الأمني الحقيقي للضاحية الجنوبية. كيف سيخاف هؤلاء؟ كيف يمكن لمريدي نصر الله أن يحسبوا حساباً لعبوة ناسفة تسفك دمهم أو لصاروخ يحيل بيوتهم ركاماً، وقائدهم يخرج في مناسبة علنية على الشاشات مباشرةً غير آبه بأعدائه المتربصين؟ وما أكثرهم.
ألهب السيد الحاضرين لـ 35 دقيقة من دون توقّف. حارت العيون. بين الشاشة الكبيرة فوق، ونصر الله الحقيقي تحتها. في الشاشة، يوجّه السيد كلامه للجميع. أما كلام نصر الله الحقيقي، فيظنّ كلّ واحد من الحاضرين أنه هو، المستمع الوحيد. كلّ كلمة تردد صداها في المساحة. وبين هتاف وآخر، كان نصر الله يأخذ قسطاً من الراحة، يعيد ترتيب الكُمّ الأيمن في عباءته، حتى يلوّح براحة، ويهدّد براحة، ويَعِد براحة، ولم يجفّف عرقه مرّة واحدة.
المصدر : وكالة أوقات الشام الإعلامية نصرلله..