الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام > منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين

منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين كل شهر نحاور قلما مبدعا بيننا شاعرا أوكاتبا أوفنانا أومفكرا، ونسبر أغوار شخصيته الخلاقة..في لقاء يتسم بالحميمية والجدية..

موضوع مغلق

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-2007, 09:13 PM   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق


مع إشراقة العام الميلاديّ الجديد يطيبُ لي أن أغتنم مناسبة هذا اللقاء الكريم لأتقدم إلى جميع الزملاء والزميلات الذين شرفت بلقائهم في هذا المنتدى وإلى جميع الكتاب والشعراء وحملة الأقلام وصناع الكلمة الطيبة والحرف الجميل بواحة الأقلام الفيحاء بخالص التهاني وأطيب الأمنيات بعامٍ جديد مليء بالبهجة والسعادة والسلام والطمأنينة.

كما أودّ التعبير عن عميق اعتذاري لتأخري في الردّ على مداخلات الإخوة والأخوات الكرام بسبب عطل فني بشبكة النّت طال لبضعة أيام.

مع فائق الودّ والإعزاز والتقدير.

إبراهيم سعد الدين






 
قديم 31-12-2007, 09:20 PM   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

عودة إلى لقائنا بالأخ الكريم عيسى عدوي لنستكمل حديثنا عن البلاد التي قُدِّرَ لي زيارتها وكان لها أثرٌ عميق في كتاباتي. وحديثنا الآن عن بلدان جنوب شرقيّ آسيا التي كنتُ أجهل الكثير عنها قبل أن أراها رأي العَيْن والفكر والوجدان. سأكتفي ـ هنا ـ بالحديث عن ثلاثةٍ من هذه البلدان التي تعدّدت زياراتي لها وطالت إقامتي في بعضها لشهور بينما اقتصرت زيارتي لبعضها الآخر على ساعات معدودة: تايلاند وماليزيا وسنغافورة. وقد كتبت عن هذه الرحلات في سلسلةٍ من الكتابات تجمع بين فَنّ القصّ وأدب الرحلات نُشِرتْ تحت عنوان (ذاكرة المُدن) وهذا العنوان مأخوذٌ أصلاً من عملٍ روائي للروائي الكبير الراحل عبد الرحمن منيف. لم تكن زيارتي لهذه البلاد سياحةً في ربوعها فقط أو تعَرُّفاً على معالمها الجماليّة والحضاريّة فحسْب، وإنما ـ إلى جانب هذا كلّه ـ كانت كشْفاً للجوهر الإنسانيّ الكامن خلف هذه القشرة البَرَّاقة، واكتشافاً للذَّاتِ في ضوء هذه الحقائق والكشوف الجديدة. في تايلاند أقمت لبعض الوقت وتجوَّلْتُ في مدنها الكبرى وريفها من بانكوك العاصمة إلى باتايا السّاحلية إلى شنغماي في أقصى الجنوب. في بانكوك يتجاور الفقر المُذِلُّ إلى حَدّ التسَوّل والسرقة وبيع الجَسد، والغنى الفاحش حدَّ التُّخْمة، ومع ذلك هناك قسماتٌ مُشتركة بين الناس جميعاً، فهم مُهَذَّبون في تعاملهم مع الغير، كُرماء في حفاوتهم بالغريب، قلوبهم مفتوحةٌ على مصراعيْها ووجوههم مُعبّرةٌ بانفعالاتهم دون مواربة. يُحِبُّون بصِدقٍ وعُمقٍ وتلقائيةٍ وبساطة ويُفارقون بلُطفٍ وكياسة. الأصل الريفيّ للمجتمع التايلندي ما يزالُ حَيَّاً نابضاً في أعماقهم رغم كُلّ التَّشوّهات التي أحدثها النَّمط الانفتاحي السَّفيه على الغَرْب في نفوسهم. في بانكوك يتجلّى كذبُ وزيف النموذج الرأسمالي في التنمية، نعمْ.. هناك ازدهارٌ مدنيٌّ وصناعيّ وتجارة رائجةٌ وشوارع تموجُ بالحركة والنشاط ليْلَ نهار، لكن كل هذا يحدثُ على حساب البُعد الإنساني والاجتماعي للتنمية، فهو غائبٌ تماماً أو شبه غائب، فإلى جوار البنايات العملاقة والأبراج الشاهقة والقصور المنيفة الباذخة في معمارها وزخارفها هناك أكواخ الصَّفيح والغرف المكتظة بعشرات الأجساد والخالية تماماً من أي فرشٍ أو أثاث. وإلى جانب الفنادق السياحية الفَخمة والمُجمَّعات التجاريّة المتعددة الطوابق والأسواق المكتظة بكل أنواع السِّلع والمطاعم الفاخرة هناك الفقراء فقراً مُدْقعاً والمُعوزون والمُتسَوِّلون والقَوَّادون وعلب الليل التي تعرض بضاعتها من أجسادِ النِّسوة في استدرارٍ رخيص لغرائز الناس، ومعظم فتيات الليل هناك من طالبات المدارس والجامعات وكثير منهنَّ قاصراتٌ وصغيرات السِّنّ اللاتي لم يَبْرَحْنَ بََعْدُ عتبات الطفولة.

الأغلبية السَّاحقة في تايلاند تدينُ بالدّيانة البوذيَّة وما لا يتجاوز نسبة الخمسة بالمائة يتوزعون بين الإسلام والمسيحية والهندوسية وبقية المذاهب والديانات. ويشكّلُ الصينيون نسبةً لا بأس بها من حجم العمل في التجارة بالبلاد، وهي ظاهرة لا تقتصر على تايلاند وحدها بل تتكررُ ـ بنسبٍ متفاوتة ـ في كل بلدان جنوب شرقي آسيا بحكم التجاور الجغرافي. والحيّ الصِّيني معْلَمٌ أساسي من معالم كل عواصم هذه البلدان وهي أحياءٌ تكادُ تكونُ قطعاً مُقتَطعة من الصِّين، فكل ما فيها صينيٌّ بدءاً من الطعام والشراب والملابس والسلع وانتهاءً بالسينما والموسيقى والأغاني وشرائط الكاسيتْ.
أدعوكَ الآن وأدعو جميع الزملاء والزميلات لقراءة حلقةٍ من حلقات (ذاكرة المدن) بعنوان: صديقتي الحقيقية.. كَاتْشِيا..!! وكذلك قصة (مَطَرٌ صَيْفيّ). وكلتاهما نَبْتَتَان استوائيتان خَالِصَتَانْ. وهما منشورتان بمنتديات الأقلام على الرابطين التاليَيْن:

http://aklaam.net/forum/showthread.php?p=128154#post128154

http://aklaam.net/forum/showthread.php?p=128411#post128411

حوارنا ممتدٌّ وموصول مع الأخ الكريم عيسى عدوي بإذن الله.







 
قديم 01-01-2008, 11:57 PM   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

في خاتمة حوارنا مع أديبنا الراقي عيسى عدوي نصطحبه في رحلةٍ إلى بلديْن من أجمل البلدان في جنوب شرقيّ آسيا بل في العالم أجمع، هما: ماليزيا وسنغافورة. خياري المفضل والأثير دائماً في هذه الرحلة هو القطار لأنه مُتْعةٌ خالصة. تستغرقُ الرّحلة من بانكوك إلى كوالالامبور ما يقربُ من اليوم ونصف اليوم ومع ذلك لا يتسرّبُ إلى نفسكَ قطرةٌ من مللٍ أو تعبٍ أو إرهاق، لا لأنّك ستخلدُ للنومِ والراحة في مقصورتك بل العكس من ذلك تماماً، لأنّك ستظلُّ طيلة الوقتِ يقظاً مشدودَ البصَرِ والحواسِّ إلى مشاهد الطبيعة السَّاحرة ليلاً ونهاراً والقطار يشُقُّ بك الطريقَ عبرَ غاباتٍ استوائية دائمة الخضرة رائعة الجَمَالِ بأشجارها ونخيلها ومائها وكائناتها الحيّة من بشرٍ وطيور وحيواناتٍ بَرِّيّة.
أوَّلُ ما يَسْتًحوذُ على انتباهكَ في كوالالامبور هو محطة القطار التي هي آية من آيات الجمال بطرازها المعماريّ الفريد وتناسق بناياتها وتناغم ألوانها. وهذه سمةٌ مُميِّزة لهذه المدينة الجميلة بأكملها، التي يتآلفُ في معمارها ونسق العُمران فيها ثلاثة طُرُزٍ تتمازجُ مع بعضها البعض في اتساقٍ وتجانسٍ وحميميةٍ لا نبوَّ فيها ولا تنافر: الطراز الإسلامي والطراز الآسيوي وفَنّ العمارة الحديث. لا تشغلُ البنايات في كوالالامبور أكثر من نصف مساحة المدينة بينما النصف الآخر موزّعٌ بين الشوارع النظيفة الواسعة والمتنزهات العامة وأشجار الزينة والميادين الفسيحة والملاعب الرياضية والمسابح والأسواق التجاريّة والمكتبات.

في ماليزيا تتعايشُ أيضاً كل الأعراقٍ والدّياناتِ في سلامٍ اجتماعيٍّ مُبْهرٍ وخلاّق، فأكثرُ من نصفِ السكان هم الملايو أو أهل البلاد الأصليون والديانة الإسلامية هي السّائدة، بينما يُمثّلُ الهنود والصِّينيون ما يقربُ من أربعين بالمائة من عدد السكان. وهكذا تتجاور المساجدُ ودور العبادة الإسلامية مع المعابد الهندوسية والبوذيّة وجميعها تُحَفٌ معماريّة وأثريّة ومزاراتٌ روحيّةٌ فريدة.

غير أنّ جمال ماليزيا لا ينحصرُ في عاصمتها بل يتوزعُ في أقاليمها ومدنها الكبرى وجزرها السّاحرة التي ربما كان أكثرها فتنةً وسحراً جزيرتا صَباح وسارافاك المجاورتان لسلطنة بروناي.

حُسْنُ الخُلُقِ ودماثة الطَّبع تكادُ تكون سمةً غالبةً على أهل البلاد فإذا ما خرجت إلى الأقاليم والجزر البعيدة عن العاصمة وجدتَ أُناساً على بساطتهم وفطرتهم التي خلقهم الله عليها، لمْ يمْسَسْهم تشَوَّه الازدحام وصخب وضجيج المدن الكبرى ونشاز إيقاع الحياة فيها.

الرحلة بالقطار إلى سنغافورة لا تستغرقُ أكثر من ثمانِ ساعات. فإذا ما بلغْتها وجدتها تكاد تكون أكثرَ بلدان جنوب شرقيّ آسيا أناقةً ونظافةً واعتناءً بمظهرها، فهي بهيّة السَّمت حقاً وبرّاقة في ملبسها وحُليّها وملامحها المُميزة، فإذا ما تطرَّقتَ إلى الجوهر ضاقت بك الحياة فيها، إلاّ إذا كنتَ تاجراً أو رجلَ أعمال. هي مدينة طاردةٌ حقّاً. لأنّ عصبَ حياتها قائمٌ على المالِ والتجارة التي طبعت أخلاق الناس وسلوكيّاتهم بطابعها. فإذا جلستَ بمقهى أو مطعمٍ وتناولت شرابكَ أو طعامك وجبَ عليك أن تأمرَ بشراب أو طعامٍ غيره أو الانصراف على الفور لكي تُفسحَ مكانكَ لوافدٍ جديد، وإلاَّ تحلَّقتكَ عيون النُّدَّلِ وحاصَرَتْكَ من كُلِّ جانب حتى تستفِزَّكَ من مكانك. في طريقي بالقطار من بانكوك إلى كوالالامبور أوّلَ مرَّة التقيتُ كاتباً بريطانيّاً اسمه توماس هيلاري تصادف وجوده بنفس المقصورة وتعارفنا ورحنا نتبادل الحديث طوال الطريق وحين أبديت له رغبتي بزيارة سنغافورة قابل حماسي بفتور لم أدرك سِرَّه، حتى تطرَّق حديثنا إلى معالمها ومزاراتها. قلت له: سمعت أنها من أنظف بلدان العالم.
فأجابني باقتضاب: نعم.. هي نظيفةٌ ومُرَتَّبة.. لكنها كالمستشفى لا تطيقُ البقاء فيه.
وكان ـ بحَقّ ـ بليغاً في تصويره لهذه المدينة التي لم أطقْ البقاء فيها أكثر من ساعاتٍ معدوداتْ.







 
قديم 03-01-2008, 02:51 AM   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

لقاؤنا يتجَدَّد مع شاعرتنا الكبيرة ومضيفتنا الكريمة إباء إسماعيل التي تفضلت بطرحِ قضيةً لعلّها هي الأهَمّ في عالم الفكر والثقافة اليوم؛ هي قضية الإبداع والحُرِّيَّة وإشكالية العلاقة المُضطَّربة والمُلتَبسة بينهما. تقول في مداخلتها القَيِّمة:

إذاكان الإبداع والحرية ينصهران ليشكلا أفقاً حضارياً متجدِّداً في ثقافات العالم، لماذا تُصادَر الحريات والكثير من الأعمال الإبداعية في مجتمعاتنا الشرقية تحت عناوين مختلفة. هل تعتقد بأن لها مبرراتها؟ وإن كان على المبدع العربي خطوط حمراء لربَّما تخفى عليه، فهل عليه أن لا يتجاوزها كي لا يقع في مَطبَّات تُهَدِّدُ وجوده الإبداعي وكيف يمكنه ذلك برأيك؟ كمبدعٍ هل لديك رؤيا ما لتجاوز هذه المحنة لدى الكثير من المبدعين العرب الذين قد تصل درجة معاقبتهم إلى دخول السجون ومصادرة أعمالهم الإبداعية وعدم نشرها في الكثير من الدول؟!

ـ الحُرِّيَّة شَرْطٌ ملازمٌ لوجودِ الإنسان ذاته، ومناخٌ لازمٌ للإبداعِ في شتَّى مناحي الحياة.. فما بالكِ بالأدب والفَنّ وهما نتاجُ المُخَيِّلة الإنسانيّة وصَدى حوار الإنسان مع ذاته وعصارةُ تجاربه وخلاصة تاريخه وترجمةُ أحاسيسه وخلجاته وتجسيدُ رؤاه وأحلامه ونوازعه..؟!

ليسَ هناك ما يُبَرِّرُ مُصادرةَ الحرية أيّاً كانت الأسبابُ والذرائع، وليس هناك ما يُسَوّغُ حجبَ أيِّ عملٍ أدبيٍّ أو فَنِّي عن الناس، فالمُتخصصون بالنقد الأدبي والفَنّي هم ـ أوَّلاً وأخيراً ـ المَرْجِعُ والحَكَمُ العَدْلُ الذي يحقُّ له ـ بفَهْمٍ وحُسْنِ إدراكٍ وموضوعيةٍ وأمانة ـ تقرير مصير أيّ إبداع وليسَ السُّلطة الحاكمة أو الأجهزة البيروقراطية المتحكمة في مؤسساتنا الثقافية. وجمهور القرَّاء المُثقف والمُستنير هو ـ بطبيعته ـ مُتذَوِّقٌ للأدب الجيّد والفَنِّ الراقي وقادرٌ على التَّمييزِ بين الطَّيِّبِ والخبيث، وفَرْزِ الحقيقيّ من الزَّائف.
لقد دأبت السلطات ـ الثقافية أو الدّينيَّة أو الأمنية ـ في عالمنا العربيّ على مصادرة الكثير من الإصدارات الأدبية أو الأعمال الفنية بحجَّةٍ أو بأخرى، وهو موقفٌ يدلُّ على تراجعٍ مُخيف في حُريّة الفِكرِ والإبداع، وتَخَلُّفٍ في النظرة إلى طبيعة العمل الأدبي والفنّي. وأسبابُ ذلك معروفة، فمجتمعاتنا العربية تشهدُ ـ منذُ ما يقربُ من ثلاثة أو أربعة عقود ـ رِدَّةً سياسية واجتماعيةً واقتصاديّة، ونكوصاً ـ بدرجةٍ متفاوتةٍ بين قُطرٍ وآخر ـ عن ثقافة التقدمِ والاستنارة والخلْقِ والإبداعْ، يقابله رواجٌ غريب للخرافةِ والتواكلِ والقَدَريّة والمتاجرة بالدّين، وتفشّي مظاهر التعصُّبِ والانغلاق والتطرف الفِكريّ والطّائفيّ. في ظِلّ هذا المُناخ أحكمت القوى الطُّفيليّة قبضتها على مُجتمعاتنا وبَسَطَتْ سُلطتها وفَرَضتْ ذوقها المُتدَنّي على مراكز الإنتاج الثقافي فظهرت أشكالٌ من الأدب الزائف والفَنّ الهابط الذي يُفسدُ الذوقَ ويؤذي المشاعر ويسَطّحُ الفكر ويُخرّبُ الوجدانْ.

لا وجودَ للإنسان في غيابِ الحُرِّيّة أو الانتقاص منها. ولا إبداعَ في الأدب والفَنِّ في ظِلّ مناخٍ تُخَيّمُ عليه غيوم الرقابة والمُصادرة وتغيبُ عنه شمسُ الحُرِّيَّة. وكلّ الإجراءات الاستثنائية في مراقبة الفكر وفرض الوصاية على المُبدعين هي مظهر من مظاهر إفلاس هذه السلطات وقصور نظرها وضيق أفقها وعجزها عن إدارة حوار حضاريّ بنّاء مع قادة الرأي وحملة الأقلام وصُنّاع الكَلمة في ظلّ أجواء تتسم بالانفتاح العقلي ورحابة الصَّدر والاستنارة. لكنْ لي ملاحظةٌ أو تَحفَّظٌ في هذا السِّياقْ: أنَّ الأدبَ الذي أتحدَّثُ عنه وأرى تحصينه من عدوان الرقابة والمُصادرة هو الأدب الحقيقيّ الذي ينتمي إلى الإبداع ويخضعُ لضمير الكاتب ويحمل مضموناً ورؤىً ورسالةً وليسَ تلك الأشكال الشَّائهة والزائفة من الكتابات الرَّخيصةِ المُبْتَذَلة التي تنسبُ نفسها للأدب زوراً وبُهْتاناً وهي خارجةٌ عن الذَّوقِ والأخلاقِ والقِيَمِ والأعرافِ، جارِحَةٌ للمشاعرِ والأحاسيسْ. بعض هذه الكتابات تتخذُ من الجنسِ والعُرْيِ تجارةً رائجة لمغازلة غرائز الناسِ واسْتِدْرَارِ أموالهم، والبعض الآخر يجمحُ في تطاوله على القيمَ الروحيّة والدّينية واستفزازه لمشاعر الناس ومعتقداتهم. ومع ذلك فأنا أرى أنَّ المرجعية الوحيدة في الحُكم على أيّ نتاجٍ فكريّ أو أدبيّ أو فَنِّيّ ينبغي أن تكون للمتخصصين بالنقد الأدبي والفني أنفسهم ولا يُترك تقرير مصير أيِّ عملٍ من هذه الأعمال لأية سلطةٍ من سلطاتِ الرقابة أو المصادرة.
حوارنا مُمتَدٌّ وحديثنا موصولٌ ـ بإذن الله ـ مع شاعرتنا المرموقة إباء إسماعيلْ.







 
قديم 05-01-2008, 10:25 AM   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

عودةٌ إلى حوارنا مع الأخت الكريمة والشاعرة القديرة إباء إسماعيل حيث نصلُ ما انقطع من حديثنا حول إشكالية الحُرِّيَّة والإبداعْ.

إذا كانت الحُرِّيَّةُ شَرْطاً جوهريّاً للإبداعِ فإنها أيضاً مسؤوليّةٌ والتزامْ. أقول قولي هذا تعليقاً على ما نسمعه من ضجيج البعض وصخبهم حول حُرّيّة الكاتب، وهي مقولة حَقٍّ يُرادُ بها باطلٌ ـ أحياناً ـ من أدعياء الأدب الذين لا يَرَون في الحُرِّيَّة سوى ما يروّجون له من كتاباتٍ لا صلةَ لها بالأدب من قريب أو بعيد بل هي كتاباتٌ مُبتذَلةٌ خادشةٌ للحياءِ وجارحةٌ للمشاعر ومؤذيةٌ للحِسِّ والوجدان. والغريب حقّاً أن الحُرِّيّة عند هؤلاء لها مفهوم ضيّقٌ ومحدودٌ ومُضَلّل فهم لا يطالبون بحريّة الفكرِ والرأي والتعبير عن هموم الواقع وقضاياه، وإنما ينحصر صراخهم وتشنجاتهم في الترويج للجنس المكشوف أو التطاول على معتقدات الناس ومشاعرهم الدينية وكلاهما لا يصنعُ أدباً ولا يندرجُ تحت إبداعْ.

ننتقلُ الآن إلى النقطة الثانية في مداخلتكِ القيِّمة:
إن كان على المبدع العربي خطوط حمراءلربَّما تخفى عليه، فهل عليه أن لا يتجاوزها كي لا يقع في مَطبَّاتٍ تُهَدِّدُ وجوده الإبداعيوكيف يمكنه ذلك برأيك؟ كمبدعٍ هل لديك رؤيا ما لتجاوز هذه المحنة لدى الكثير منالمبدعين العرب الذين قد تصل درجة معاقبتهم إلى دخول السجون ومصادرة أعمالهمالإبداعية وعدم نشرها في الكثير من الدول؟!
ـ الخطوط الحمراء التي توضع أمام حُرِّيَّة الكلمة كانت موجودة منذ فَجر التاريخ وستظلُّ موجودة إلى ما شاء اللّه، لكنها تتفاوتُ كَمّاً وكَيْفاً باختلاف طبيعة السلطة السِّياسية والثقافيّة المُهَيْمنة على مقادير الأمور في بلادنا. فكُلَّما ضاقَ أفق هذه السُّلطة وتناقضت مصالحها مع مصالح السّواد الأعظم من الناس اشتَدَّت قبضتها على منافذِ الإبداع، وتعدّدت أشكال الحظرِ والتجريم والمصادرة لحُرّيَّة الرأي والتعبيرْ، وزادَتْ هجماتها على المُبدعين وحملة الأقلام شراسَةً وعُنفاً. غير أنه مع ثورة الاتصالات والسَّماوات المفتوحة التي قاربت بين كل المجتمعاتِ وجعلت ممارسات الأنظمة الحاكمة مكشوفةً للعيان، ومع عُلوِّ صوت المطالبين بالديمقراطية وحُرِّيّة التعبير في مختلف بلدان العالم سواءٌ من قبل المفكرين والمثقفين أو من قبل المنظمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان ـ في ظِلّ هذا المناخ تضطرُّ السلطات الحاكمة إلى تجميل وجهها وتزيين واجهاتها بقليلٍ من الانفتاح والسّماح بأشكالٍ مُختلفة من حُرّيّة التعبير التي تمتصُّ غضبَ الناس ولا تُهَدّدُ مصالحَ النظام القائم. وهذا أسهمَ في اختلاط الأمور وإحداث بلبلةٍ شديدة في أذهانِ الكتاب والمُبدعين حول ما هو مسموح به وما هو محظور، وبين ما هو خطُّ أخضر وما هو خَطٌّ أحمر. والأسوأ من ذلك هو أنه مع هذه البلبلة ومع توالي الصدمات تربّى داخل بعضنا رقيبٌ يقوم مقامَ السلطةِ الحاكمة ويبتدعُ هو خطوطه الحمراء ومَحظوراته ومُحَرّماته. هذا أخطرُ ما يمكن أن يحدث للمُبدعْ، لأنّه سيكفُّ ـ عندئذٍ ـ عن الحُلم وإذا فَرَّطَ في حُلمه نضبََ معينُ إبداعه. الأديب أو الفنان مُتَمَرِّدٌ دوماً على الواقع، وهو ينقلبُ حَتَّى على ما يُبَشِّرُ به، لأن المسافة بعيدة والبَوْن شاسعٌ بين الحُلمُ جنينياً في المُخيّلة المُبدعة وبين صورته في الواقع. لذا ستظلُّ إشكالية الحُرِّيَّة والإبداع قائمةً إلى أبد الآبدين. وهي إشكاليّةٌ تخفُّ حِدَّتها في الأعمال الإبداعية عنها في النقد. لأنّ عالم الأدب والفَنّ يتعاملُ مع المُجاز من خلال الخيالِ والرمز والإيحاء والدلالة والمَعْنى المُضْمَرْ، أمَّا النقد فيعتمدُ أسلوب التنظير والتقرير والمباشرة. العمل الأدبيّ يُمكن أن يتوارى خلف الرَّمز ويتقَنَّع بالأقنعة ويعتمدُ الإيماء والتلميح لتجنّب الوقوع في محظورات السُّلطة لكن النقد لا مناص له من التصريحْ. ماذا نفعل إذَن..؟! أعتقد أنها إشكالية ينبغي على المُبدع نفسه مُعالجتها بوَحيٍ من ضميره وحِسِّه الإنساني، بأن يظلّ قابضاً على جَمرِ كلماته دون مُهادنةٍ ولكن بوَعْيٍ وذكاءٍ ومهارة، وأن يكون مُستعدّاً دوماً لدفع ثمن مواقفه ومبادئه، فكُلُّ طريقٍ بثَمَن. هذا ما أؤمنُ به وألتزم في كُلّ ما أكتب. فإذا أحسست بالخوف أو التّهيب مما أكتبه أتوقف على الفور عن الكتابة، مُسْتهدياً بالقول الشعبيّ المأثور: إن قُلتَ لا تَخَفْ وإنْ خُفتَ لا تَقُلْ. أشْرَفُ للكاتب أن ينصرف عن الكتابة ويلزمَ الصَّمت من أن يقولَ غير ما يُضمر، ويُبدي خلافَ ما يُبْطِن أو يُعلنَ ما يتناقضُ مع أفكاره ومعتقداته. فالكلمة شَرَفٌ وأمانة والتزامٌ ومسؤولية.
يبقى أن أختم حديثي ـ في هذه النقطة ـ بنادرةٍ طريفة تُضحكُ وتُبكي في آنٍ واحد وتجعلنا نأسف ونتأسى على ما آلت إليه الأوضاع في عالمنا العربيّ الرّافل في سعادته. أرسل إليّ أحد الأصدقاء وهو أستاذ جامعيّ يعمل بإحدى بلدان الخليج العربي برسالةٍ ينبئني فيها بأنه وقعَ عليَّ الاختيار لنشر إحدى أعمالي القصصية بكتابٍ يضمُّ عدداً من القصص المُختارة لكتابٍ عرب. وطلب مني أن أبعث إليه بعدد من القصص القصيرة ليختار من بينها. فأرسلت له قصة "خُبز مُنتصف العمر" التي تدور أحداثها كلها في حانة يجلس فيها بطل القصة وحيداً مليئاً بإحساس الوحشة والاغتراب فيسرفُ في الشراب ويتهيّأ له وجود صديقٍ يشرعُ في البوح له وسَردِ وقائع تاريخه وأحداث نصف عمره الأول وأحاسيسه ومشاعره. فأرسلَ لي صديقي الأكاديمي رسالة يبلغني فيها أن اللجنة المشكلة لاختيار الأعمال القصصية قد وافقت على نشر القصة بعد استئذاني بتغيير كلمة واحدة هي "كأس" واستبدالها بكلمة "كوب شاي" حتى لا يظَنَّنَّ أحدٌ من القُرّاء أن القصة تَحُضُّ على شُرب الخَمر..!!

أترك لمخيلتكم الخصبة تصوّر ما كان عليه رَدُّ فعلي، ضحكتُ كثيراً وأرسلتُ لصديقي شاكراً له اهتمامه ومعتذراً عن نشر هذه القصة أو أية قصة أخرى لي من خلال هذه اللجنة.







 
قديم 06-01-2008, 02:34 AM   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

لقاؤنا الآن ـ وأعتذرُ لأنه تأخَّر كثيراً ـ مع الكاتبة والروائية المبدعة عائشة بنور أو عائشة بنت المعمورة التي سعدتُ كثيراً بمداخلتها لأنها تحمل نكهةً خاصَّة وتتطرَّقُ إلى تفاصيل دقيقة وملاحظاتٍ نافذة على بعض النصوص الأدبيّة التي تفضّلت بالاطّلاع عليها وهذا موجبٌ لتقديم الشكر لشخصها الكريم مرة أخرى. تقول في مداخلتها:

من هي المرأة التي بحثت عنها في قصيدة "امرأةمن زمن الحلم" ولم تجدها..؟! لماذا اعتمدت في هذه القصيدة على تصويرك للمرأة علىأنها:
"تقيمين في خيمة بالعراءِ..
فتطعم من لحمك المستباح طيور المنافي"..؟!
· ألهذه الدرجة يمكن أن تصبح المرأة جسداً لكل الطيور ؟
· رؤيتك كشاعر للمرأةفيه نوع من الحزن عليها ؟ لماذا ؟
· علاقة الشاعر الداخلي في نفسك بالمرأة علاقةمؤلمة في كتاباتك ؟ ما السِّرّ وراء ذلك..؟!


رغم أنَّ الكاتب ـ حسب اعتقادي ـ لا يكون في أفضل أحواله حين يتحدث عن تفاصيل عملٍ من أعماله، لأنه يبدو أشبه ما يكون بمن يحكي لك نُكتةً ثمَّ يشرعُ في شَرْحها فيفقدك حرارة النكتة ومغزاها ودلالاتها المُضمرة التي لا تكون النكتة مُضحكةً إلاَّ بإضمارها ـ إلاّ أنني أشعرُ بامتنانٍ خاصّ لهذا السؤال لأسبابٍ سوف تأتي في سياقِ إجابتي التي أتمنى أن تكون شافية. لأنَّني آخر من يصلحُ للحديث ـ خارج سياق الكتابة النقدية ـ عن عملٍ أدبيٍّ بذاته، ناهيك عن أن يكون حديثه عن نَصٍّ من نصوصه الأدبية.
قصيدة "امرأة من زمن الحُلم" ـ وأنا هنا أتكلّمُ بلسانِ قارئٍ في المقام الأوّل لأنَّه من المُتعَذِّر على الكاتب أن يتقصَّى جذور ومنابع ومُحَفّزات كتاباته ـ لا أعتقد أنَّني كتبتها بمعناها الحَرفي قاصداً امرأةً بذاتها، لكنَّها ـ على الأرجح ـ تجسيدٌ لحالةٍ من الإحساسِ بالانجذاب والتواصل مع كيانٍ مُسْتَلبٍ ومُغْتَصَبٍ ومُهدَر الإنسانيّة ومع هذا يمنحُ الدِّفء والقوتَ والمُتعَة الحِسِّيَّةَ والروحيّة للآخرين. لذا فهو يتجسَّدُ في صور شَتَّى مع تنامي القصيدة: فهي ـ تارةً ـ لحْمٌ مُسْتباحٌ للطيور، وتارةً مُلْهمةٌ للشعراء والمادحين، وحيناً بطلةٌ لأسطورةٍ من أساطير الوجدان الشعبي فيها يكمن سِرُّ الخصبِ في سنواتِ الرَّخاء، وحيناً آخر أرملة تُجَسِّدُ انكساره وحداده الدائم وحُزنه المقيم، وهي تتجسّدُ في مُخَيِّلة الشاعر ـ في أوَّلِ اللَّيل ـ بائعةً للهوى تقتاتُ بثديَيْها في الطرقات الفقيرة، وتتبدّى للشاعرِ ـ آخرَ الّليْل ـ باقةَ وَرْدٍ تلمّ زهرة قلبه النثيرة. وهكذا تتشكّلُ بطلتنا حاملةً في ثناياها الرَّمز والدلالة. فقد تكون نموذجاً إنسانيّاً يتكرَّرُ في كُلّ مكان، وقد تكون مَدينةً مُستباحةً وقد تكون بلداً مُغتصباً أو عالَماً بأكمله مسكوناً بالفقرِ والعوز والرثاثة.. وقد تكون هذا كُلّه، فالشعر يتعاملُ مع الرَّمزِ والمُجاز لا مع التقرير والمباشرة.
بطلتنا ـ إذن ـ ليست امرأةً أو رمزاً للمرأةِ بل هي تجسيدٌ لحالةٍ بذاتها، لكن الحقيقة التي أطمئنُّ إلى ذِكرها في هذا السّياق هي أنّ أجواء بانكوك وشخصية "كاتْشيا" التي تكرَّرتْ في كثير من الكتابات: منها ذاكرة المدن وقصة (مطر صيفي) هي رافدٌ مُهِمّ من روافد هذه القصيدة. وهذا يجيب على الجزء الأوّل من سؤالكِ الكريم.

لقاؤنا متجَدّدٌ وحوارنا موصول ـ بإذن الله ـ مع الأخت الكريمة عائشة بنّور.







 
آخر تعديل إبراهيم سعد الدين يوم 06-01-2008 في 03:10 PM.
قديم 06-01-2008, 04:16 PM   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق



مَرَّةً أخرى يتجَدَّدُ لقاؤنا مع الأديبة الروائية عائشة بنّور لنستكمل ما انقطع من الحديث حول ما رصدتْه بعيْنها النّاقدة وحسِّها المُرْهَف وبصيرتها المُستنيرة ـ من خلال قراءتها لبعض ما نُشر لي من كتابات ـ من علاماتٍ استفهام تستحق التوقف عندها. تقول في مداخلتها القَيِّمة:

• رؤيتك كشاعر للمرأة فيه نوع من الحزن عليها ؟ لماذا ؟

نعم.. قد يكون هذا صحيحاً في بعض القصائد وإنْ كنتُ غيرَ واعٍ به فيما أكتب من شِعرْ. أمّا لماذا هذه الرؤية فأنا لا أجدُ تفسيراً قاطعاً موثوقاً به لتحليل أو تفسير هذه الرؤية وإن كان يُمكنُ التكهّن ببعض مُبَرِّراتها من خلال النشأة الريفية التي رسَّخت صورة المرأة في أذهاننا كمخلوقٍ هَشٍّ يحتاج الحنوّ والتَّرَفٌّقََ به، وقد يكون للمدرسة الرومانسية في الشِّعر التي تربّى عليها جيلنا منذ نعومة أظفاره تأثيرها الطّاغي على هذه النظرة فقد كانت أشعار إبراهيم ناجي وعلي محمود طه وغيرهم من روّاد جماعة "أبوللّو" الشعرية زادنا اليوميّ الذي طبعنا بطابعه. وقد يكون لانتقالي إلى المدينة في مطلع الصِّبا والجُرح العميق الذي خلّفه هذا التَّحَوّل من المجتمع الريفيّ البسيط ـ بما فيه من انطلاقٍ وعفويّة وفطرةٍ اجتماعيةٍ لا نشازَ فيها ـ إلى المجتمع الحضري بكل تعقيداته وكوابحه ومُحظوراته وتناقضاته العميقة، وقد تكون قيم الطبقة المتوسطة أو بالأحرى البورجوازية الصغيرة التي نشأتُ في كنفها تأثيرها السّائد على صورة المرأة في بعض القصائد. لكن ليس كل ما كتبته من شعر أو نثْر يعكس هذه الصورة عن المرأة. لأن كُلّ قصيدة تجربة مُستقلّة بذاتها ـ وإن كانت تصبُّ في مجرى نهر التجربة العامّة ـ وصورة المرأة تتشكّلُ وتتباين من قصيدة لأخرى ومن حالةٍ لحالةٍ أو من تجربة لتجربة. سياق القصيدة هو الذي يُحَدّدُ ويُجَسّمُ ملامح هذه الصورة. فقصيدة "لا تَعتذري" أو قصيدة "لأنّكِ حبّة القلب" وقصائد أخرى كثيرة مثلها تحتفي بالمرأة احتفاءً وترفعها إلى مرتبةٍ عالية تُغتفرُ معها كل الأخطاء وتُمحى الهفواتْ. ربما لا تكون صورة المرأة مُكتملة في مجموعة القصائد التي نُشرتْ بمنتديات الأقلام كمختارات من ديوان "أوّل الغيث" لذا أدعوكِ وأدعو الزملاء والزميلات إلى الاطّلاع على النسخة الإلكترونية من الديوان على الرَّابط التالي:

http://www.abyat.com/poet.php?id=951

وأسعدُ وأشرفُ دوماً بكل ملاحظاتكم النقدية على القصائد المنشورة بالديوان.
حوارنا مع الأخت الكريمة والروائية المبدعة عائشة بنّور ممتَدٌّ وموصولٌ بإذن اللّه.







 
قديم 06-01-2008, 06:02 PM   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

نستأنف حوارنا الآن مع الروائية المبدعة عائشة بنُّور في الجزء الثالث والأخير من مداخلتها القَيّمة التي تقول فيها:


· علاقة الشاعر الداخلي في نفسك بالمرأة علاقةمؤلمة في كتاباتك ؟ ما السِّرّ وراء ذلك..؟!


ديوان أوّل الغيث ـ جنباً إلى جنب مع قصائد أخرى ـ يتناول تجربة حبّ مُكتملة تبدأ بشرارة الحُبّ الأولى وتنتهي بفراق مروراً بتحوّلات العشق وأحواله وتقلباته. فيه ومضة الحُبّ الأولى وإشراقة شمسه وتفتّح براعمه الأولى وفيه أيضاً انطفاء الوهج وخبوّ الجذوة ووحشة البُعد وألم الفراقْ. والعلاقة مع المرأة تتغيّرُ وتتبدَّلُ باختلاف الحالاتِ والسياقاتِ الشِّعرية في نطاق هذه التجربة. لكن هناك مجموعة من القصائد تُجَسِّدُ بالفعل خوفاً مُسْتَسِرّاً من الفقدِ وألماً دفيناً وحُزناً موغلاً في الروح ـ وهذا ملمحٌ لم أنتبه إليه من قبل ـ ربّما يكون مرجعه إلى تجربة "الفَقْد" ورحيل الأحبّة التي عشتها طفلاً فصِبيّاً وما أزالُ أعيشها مع غيابِ كلّ عزيزْ. وربَما يكون مبعثه أيضاً الإحساس الدّائم لدى الشاعر بعدم الرّضا عن الواقع المُعاش والعجز عن تغييره فتتمزقُ الروح بين الحُلمِ والحقيقة وبين المثال والواقع وبين المُمكن والمُحالْ. وهذه قَسَمةٌ مُشتركة بين مُعظم الشعراء والكتاب.
لكن هناك الكثير من الكتابات النثريّة تختلفُ فيها هذه العلاقة كثيراً سواء فيما نشرته من القصص القصيرة في مجموعة (فَحل التوت) ومجموعة (مطر صيفي ) أو رواية (ماء الحياة) ـ وهي تحت الطبع الآن ـ وبطلة هذه الرواية بالذات "فردوس" هي تجسيد للوجدان الشعبي بكل ما فيه من تماسكٍ وقوة وعشق للحياة وإصرار على العيش بكرامة وكبرياء رغم كل خشونة الواقع وجفائه وأحداثه وتقلباته.


ملاحظاتكِِ هذه جعلتني أنعمَ النظر في الكثير مما كتبته ـ بعين القارئ هذه المرة ـ وأتأمّله عن قُرب، وهو ما لمْ يتهيّأ لي من قبل. لذا فأنا مَدينٌ لكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ بالشكر لقراءتك المستنيرة وملاحظاتك النقدية القَيِّمة.







 
قديم 07-01-2008, 05:52 PM   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

لقاؤنا يتجَدَّدُ الآن وحتى نهاية الحوار مع مُضيفتنا الكريمة وشاعرتنا المبدعة حقّاً وصِدقاً إباء إسماعيل التي تفضلتْ بملاحظةٍ نافذة لامسَتْ جوهرَ الأشياء في قولها:



"قَلْبُ المَدينة"

كأنَّ نبضَ الإنسان المتشرد يصرخ هنا.. في قلب المدينة.
أيُّ ابن مدينة هذا..؟ !! يُخَالُ إليَّ أن أحداث القصة جرت في إحدى عواصم العالم كنيويورك مثلاً.. هل القاهرة أو بغداد تشبه نيويورك في تناقضاتها؟ أم أنه الحسِّ العالمي الإنساني للأدب وقد تجلى في المآسي من الجوع والفقر والحرمان والتشرُّد؟ !!
فَيْضُ هذه القصة التي تشكل واحدة من مفاتيح إبداعك القصصي تدفعنا للتساؤل : ما هي أسرار صنعتك الأدبية وتجلياتها بقدرتها الوصول إلى عمق ابن الشارع وتقمص انكساراته ونزيفه المؤلم؟ !


ـ قصة "قََلْب المََدينة" كُتِبَتْ في بغداد واكتملتْ بالقاهرة. وهي قصّةٌ لها قصّةٌ طريفة تَسْتَحِقُّ أن تُروى. فواقعة السَّمكة التي قفزت من حوضها في حانوت بيع السّمك واقعةٌ حقيقية حدثت لي في عام 1987. تصادفَ أن كُنتُ في هذه الليلة ـ وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بساعتين على أقلِّ تقدير ـ عائداً من زيارة صديق يُقيمُ بفندقٍ بشارع أبي نوّاس على شاطئ دجلة ويبعدُ عن مسكني الذي يقعُ بنفس الشارع مسافةَ ميلٍ أو أكثر قليلاً. وقد ذهبت لتوديعه لأنه كان يزمع مغادرة العراق بصفة نهائية في غضون يومين. ودعوته لتناول الغذاء معي في اليوم التالي. وحين خرجت من الفندق اكتشفت أنّ ما معي من نقود لا يتجاوز بضعة دنانير لا تكفي لأيّ وجبة غذاء. واليوم التالي يوم جمعة وهو عطلة أسبوعية لجميع البنوك. أدركت حجم الورطة التي أوقعت نفسي فيها دون وعي. وكنت قد عاهدت نفسي ألاّ أستدين من أحدٍ أبداً. ماذا أفعل..؟! آثرت العودة مشياً على الأقدام لتوفير أجرة التاكسي ولأتيح لنفسي فسحة من صفاء الذِّهن تعينني على التفكير في مخرجٍ من هذه الورطة. كنت أسير بمحاذاة حوانيت الأسماك المُغلقة والمُصطفّة على الشاطئ حين انتبهت على صوت ارتطام شيء بالأرض على مقربة مني ورذاذ ماءٍ متناثر على وجهي، ووسط دهشتي وجدت سمكة بطول قصبة الذراع تنتفض على قدمٍ منّي. أمسكت بها وحاولتُ إعادتها إلى حوضها لكنّ جهودي ذهبت سُدى، كان الحوض بعيداً وسياجٌ من الحديد المشبوك يحول بيني وبينه. أدركت ـ حينئذٍ ـ أن السمكة هي مخرجي من هذا المأزق. وبالفعل كانت طعاماً شهيّاً لي ولصاحبي، أما بقية الدنانير التي كانت معي فقد كانت كافيةً ـ بالكاد ـ لشراء الخبز والزيت والسلطات والمقبلات.

حاولتُ ـ عبثاً ـ أن أصوغ هذه الواقعة قصةً حتى كانت مأساة حرب الكويت وسنوات الحصار غير الإنساني التي قضت على الأخضر واليابس في العراق. كان للحصار آثاره العميقة على المجتمع العراقي فتعطلت الأعمال وتفشَّت البطالة وانتشرت الجريمة وانهارَت قيمة العملة المحلية فارتفعت الأسعار ارتفاعاً فاحشاً اضطُرَّ معه السواد الأعظم من الناس إلى بيع ممتلكاتهم وأثاث بيوتهم من أجل لقمة العيش. في ظلّ هذه الأجواء اختمرتْ فكرة هذه القصة ـ قلب المدينة ـ ونضجت، لكن الوقت لم يُسعفني لأفرغ من كتابتها بالعراق فأكملتُ كتابتها بالقاهرة.

عَودةٌ إلى تساؤلاتك:
أيُّ ابنمدينة هذا..؟!! يُخَالُ إليَّ أن أحداث القصة جرت في إحدى عواصم العالم كنيويورك مثلاً..هل القاهرة أو بغداد تشبه نيويورك في تناقضاتها؟أم أنه الحسِّ العالميالإنساني للأدب وقد تجلى في المآسي من الجوع والفقر والحرمانوالتشرُّد؟!!

ـ أعتقد أنّ لكُلّ مجتمعٍ ـ وربما لكل مدينة ـ نمطه الخاص من الفقر والجوع والعوز والحرمان والتَّشَرُّد، لكنّ النموذج الإنسانيّ واحدٌ في جميع الأحوالْ. فقد التقيت بأمريكا ـ وفي ولاية كاليفورنيا المشهورة بثرائها ووفرة خيراتها وارتفاع مستوى المعيشة فيها ـ وفي مدينة سان خوزيه وضاحية كوبرتينو المعروفة بأنها ضاحية الأثرياء ورجال الأعمال ـ بمُتشَرِّدين Homeless لا بيوت تُؤويهم فيتخذون من الأرصفة والحدائق والمتنزهات العامة مقاماً ويحترفون التَّسَوُّل ويقتاتون على نفايات المتاجر الكبرى. وقد تحادثت مع بعضهم وجوهرهم الإنساني لا يختلف كثيراً عن أيِّ شحاذٍ في مدننا العربية أو الإفريقية أو الآسيوية.

حوارنا مُمتَدٌّ وحديثنا موصول مع شاعرتنا الكبيرة إباء إسماعيل بإذن الله.






 
قديم 08-01-2008, 02:06 AM   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

عَودةٌ إلى حوارنا مع أديبتنا وشاعرتنا المرموقة إباء إسماعيل حيث نواصل حديثنا حول قراءتها المبدعة الخَلاّقة لقصة (قَلب المدينة). تقول في الجزء الثاني من مداخلتها القَيِّمة:

فَيْضُ هذه القصة التي تشكل واحدة من مفاتيح إبداعك القصصي تدفعنا للتساؤل: ما هي أسرار صنعتك الأدبية وتجلياتها بقدرتها على الوصول إلى عمق ابن الشارع وتقمص انكساراته ونزيفه المؤلم؟!

ـ حين طابَ لي أن أحكي ـ بتفصيلٍ دقيق ـ حكاية هذه القصة أو البذرة الأولى التي نَبَتَتْ منها، فقد كنتُ أضعُ نِصْبَ عيني وجه المقارنة بين الواقعة الحقيقية ـ وهي المادة الخام التي تشكلت منها الأحداث وتفرعت الوقائع وتخلَّقتْ الشخصيات ـ وبين القصة في صيغتها النهائية شكلاً ومضموناً وبِنْيَةً ولُغةً وطريقةَ قَصٍّ وتقنيَّةَ سَرْدٍ وحوارٍ ومعنىً ودلالة. بالتأكيد لحساسية الفنّان أو القاصّ تحديداً في التقاط الحدث واستخلاص دلالته كما للصًّنعة الأدبية دورهما في تشكيل مادَّة الفَنِّ وبَثِّ روح الحياة ودَفقها وحرارتها في واقعةٍ بسيطة قد تَمرُّ مرور الكِرام على عامَّة الناس فإذا بها تتشكّلُ وتتخلّقُ وتستوي بين يديْه عملاً فَنِّيَّاً مُكتَمِلَ الخلقِ والتكوين نابضاً بالحياة. لكنني لا أظنُّ الموهبة وحدها أو الثقافةَ أو مهارةَ الفَنّانِ كافيةً لخلقِ فَنٍّ أو أدبٍ عميق الأثرِ في نفوسِ الناس. ربما تتضافرُ هذه العناصر والمقَوّمات لتنتج لنا أدباً أو فَنّاً جميلاً. لكنَّ الجمال وحده لا يكفي لخلود الإبداع. أعتقد أن الخلفية الاجتماعية والموقف الفكري والتجربة الحياتية تُكمل صورة الفَنّ أو الأدب الجميل ليكون إبداعاً إنسانيّاً عميقَ الأثَرِ مديدَ العُمر.

عودةٌ إلى سؤالكِ الكريم لأقول إنَّ تجلّيات الصَّنعةَ الأدبيّة لم تكن وحدها هي العنصر الفاعل في خلق هذا النموذج الإنساني في قصة (قَلْب المدينة) بل الانتماء الفكري والاجتماعي والنشأة الأولى التي شكََّلت العقل والمشاعرَ والوجدان وحسمت انحيازي بشكلٍ قاطع إلى هؤلاء البسطاء والفقراءْ. فأنا ما أزال القِطَّ البَرِّي الذي يستعصي على الترويضِ والتدجين، وما يزالُ موقعي الحقيقيّ الذي أشعرُ فيه بوجودي وأنتمي إليه حِسّاً ووجداناً هو الشارعُ والحيُّ الشَّعبيُّ والمقهى البسيط والقرية التي ولدتُ ورُبيت فيها، والناسُ الذين يناضلون من أجل كسرة خُبزٍ تُقيمُ أوَدهم وقطعة قماشٍ تسترهم. هؤلاء هم قومي الذين نشأت بينهم وسبرتُ غورهم وتقاسمتُ معهم الخُبزَ والمِلحَ والوجَعَ والحُلم. فكيف لا أكتبُ عن هؤلاء..؟!
حتى المُدن التي زرتها في أسفاري خارج الوطن، والبلاد التي أقمتُ فيها لوقتٍ طالَ أم قصُرْ ـ لم أعْبُرْ بها عبورَ سَائحٍ غريبٍ يرى الأشياءَ بعَيْنِ عابِرِ سبيل، بل كنتُ دائماً أمتزجُ بناسها وأتغلغلُ في أعماقها وقيعان المُدن فيها، وأدخلُ في نسيجها الإنساني والاجتماعي لأرى الجوهر الكامن خلف مظهرها الخادع والبَرَّاق أحياناً.

هذا الاندماج الحميم بالحياة هو ـ في اعتقادي ـ الذي يرفدُ ويُغني الموهبة ـ لدى أيّ كاتبٍ أو قاصٍّ أو شاعرٍ أو فَنّان ـ ويزيدها وهجاً ويجدّدُ دمها كلما نضبَ معين الإبداعْ.







 
آخر تعديل إبراهيم سعد الدين يوم 08-01-2008 في 06:21 PM.
قديم 08-01-2008, 06:36 PM   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق


مثلما كانت استهلاليّة هذا الحوار بقلم مُضيفتنا الكريمة وشاعرتنا المبدعة إباء إسماعيل، فإن قلمها الوضَّاء يضع آخر اللمسات على هذا الحوار ليكون مِسْك الختام.

• حُلمٌ لم يَتَحَقَّقْ بعد
ليتكِ سألتني عن حُلمٍ تَحقَّقَ بَعْد..!! ألا تعلمين أنَّ أحلامنا المؤجَّلةَ إلى أجلٍ غيرِ مُسَمَّى.. أكثرُ من أن تُعَدَّ وتُحْصى..؟!

• لَحْظة جنونٍ لم تَنْدَمْ عليها

كأنّما العقلُ هو القاعدة ولحظاتُ الجنون هي استثناءْ..!!
كُلُّ قصيدةٍ أنشَدتها وكُلّ قصَّةٍ شرعتُ في كتابتها كان انبثاقها من رَحِمِ الغَيْبِ لحظة جنونٍ لم أندمْ عليها.
وعلى المستوى الشَّخصيّ كان زواجي لحظة جنونٍ أعادَتني إلى عالمِ الأحياء بعد طولِ مواتْ.

• أهمّ شخصيّةٍ عَرفتها

عالمنا الجليل وأديبنا الكبير الرَّاحل د. أحمد مُسْتَجير
كانَ علَماً بازغاً من أعلامِ هذه الأمّة فِكْراً ووطنيّةً ونبوغاً وعطاءً وإبداعاً..
وكانَ رحيله استشهاداً لضميرٍ حَيٍّ وقلبٍ خفّاقٍ بهمومِ وطنه وأمَّته..
رَحِمه اللّه وطَيَّبَ ثراهْ.

• ذِكرى موجعة

كثيرةٌ هي ذكرياتنا الموجعة.. فرحيل الأب والأمّ والأخ والأحباب كلها جراحٌ حَيّة في القلب.. لكن أكثرها نبضاً بالوجعِ الآن هو أحْدثها عَهْداً.. أعتقد أنه مشهد الدَّبّابات الأمريكية وهي تتجَوّلُ على الجِسْرِ الجُمهوري ليلةَ سقوطِ بغدادْ..

• أفق وَطنِ تبحثُ عنه

أبْحَثُ عن أرْضٍ تمْنَحُني وطناً لا سِجْنا
أبْحَثُ عن وطنِ يمنَحُني نَوْطَ شَجاعَة
لا مَوْتاً بالمَجَّانْ.
(من قصيدة: صَحْراءِ الدَّهشة)

• لَحْظة خَوْفٍ.. من أين تأتي..؟!

من هاجسِ الرَّحيلْ.. رَحيل الأحِبَّة

• دَمعةٌ لا تُقاوَمْ

دموعي قريبةٌ دوماً.. ولا أخجلُ منها.. لكنَّ أقربها وأكثرها استعصاءً على المقاومة هي دمعةٌ تَفِرُّ من العيْن قَسْراً عند فراقِ عَزيزٍ أو ذكرى فراقه..

• أهَمّ كتابٍ قرأته

* قراءات عام 2006 يتصَدّرها كتاب (سِجْن العَقْل)
تأليف: ستيفن جونسون
ترجمة: د.أحمد مُستجيرْ
وهو آخر كتابٍ أهداني إياه عالمنا الرّاحل د.أحمد مُستجير

* قراءات عام 2007 تتصدَّرها رواية: THE Da Vinci Code للروائي: Dan Brown
وكتاب (الشِّعْر والنّاقد) للدكتور وَهْب روميّة

• السَّــلامْ

لا سَلامَ بين ذِئْبٍ وحَمَلْ
قيلَ للحَمَل يَوْماً: لماذا لا تعيشُ في سَلامْ..؟!
قالْ: يا لَيْتَ أنَّ الذِّئبَ يُقنِعُه الكَلامْ..!!

• لَحْظة سَعَادةٍ لا تُنْسَى

لحظة العناق مع أرضِ الوطنْ.. بعد طولِ اغترابْ

• قصيدة أو مقطع شِعري هو من أجمل ما كتَبْت

أجملُ قصيدة لَمْ تُكتب بعْد
وأجملُ مَقْطَعٍ لم يُولَدْ بَعْد
ولا أظُنُّ أنه سَيُقَدَّرُ لهما الوجودْ
فالشِّعر نهرٌ مُتَدَفّقٌ دوماً ومُتَجَدِّدٌ أبداً

لكنني أهديكم هذا المقطع الأثير من قصيدة (نجمة في النهار) للشاعر العراقي الكبير حسَب الشِّيخ جعفر وقد كتبها احتفاءً بانبثاق المقاومة الفلسطينية:

زيدي دَلالاً واقْتُليني
إيّاكِ يَوْماً أن تَليني
لِيَكُنْ فُؤادُكِ صَخْرةً صَمَّاءَ ما سَمعَتْ أنيني
شَأن الجَميلةِ أن تزيدَ تَمَنُّعاً ونزيدَ حُبَّا
وتدِلُّ فالنَّسْمُ المُقَبِّلُ وَجْنَةً منها وخَدَّا
لَوْ مَرَّ يَوْماً لاسْتَبَدَّ بأمْرِنا هَجْراً وصَدَّا
زيدي دَلالاً واقتليني..
إيَّاكِ يَوْماً أن تَليني..
شَوْكُ الطَّريقِ إلى حِمَاكِ أرَقُّ من ريشِ النَّعَامْ
والمَوْتُ بين يَدَيْكِ أحْلى خَمْرَةً من كُلِّ جَامْ
رَشَفَ المُكَبَّلُ رَشْفَةً منها فطارَ على الغمَامْ

لهذه القصيدة ذكرى لا تُنسى، فقد نُشرتْ في مجلة "الآداب" البيروتية ولوَلَعي بها حفظتها عن ظَهرِ قَلْب، وفي أوَّلِ لقاءٍ لي بالشاعر حسب الشيخ جعفر بمقهى (المرايا) قام صديقنا الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر بمهمةِ التعارفِ بيننا فأنشدته هذه القصيدة من الذَّاكرة ورأيت مدى تأثره بوصولِ صَوته إلى قلوبنا وافتتاننا بشِعْره.







 
قديم 08-01-2008, 07:53 PM   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

في ختامِ هذا الحوار يطيبُ لي أن أتقدَّمَ بعميقِ الشكرِ والتقديرِ والامتنان للأخت الكريمة والشاعرة الكبيرة إباء إسماعيل التي هيّأت فرصة هذا اللقاء وأعَدَّتْ له إعداداً راقي المستوى وأدارته بوَعْيٍ وكفاءةٍ ومهارةٍ واقتدارْ، كما أتقدَّمُ لكلّ المُبدعين والمُبدعات الذين تفضلوا بالمشاركة في هذا الحوار بمداخلاتهم القَيِّمة وفِكْرهم النَّيِّرْ وثقافتهم الرفيعة المستوى فازدادَ الحوار بوجودهم ثراءً وغِنىً وإمتاعاً ومؤانسة، وازْدَدْتُ أنا عِلْماً ومَعْرِفَةً وسَعِدْتُ وشَرُفتُ بحضورهم الخَلاَّق.

وإلى المُلتقى دائماً على الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والإبداعِ الأصيلْ.

إبراهيم سعد الدين






 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اصوات من السماء ابراهيم خليل ابراهيم المنتدى الإسلامي 49 29-12-2007 04:00 PM
وقفات مع أسد الجبل أسد الدين شيركوه سيد يوسف المنتدى الإسلامي 0 22-08-2007 08:45 PM
القاص والروائي المصري سمير الفيل في حوار مفتوح مع الأقلاميين د.سامر سكيك منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين 51 05-07-2006 11:30 AM
الشاعر والقاص الفلسطيني خالد الجبور في حوار مفتوح مع الأقلاميين د.سامر سكيك منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين 54 14-06-2006 08:52 AM
الناقد والشاعر الفلسطيني د. فاروق مواسي في حوار مفتوح مع الأقلاميين د.سامر سكيك منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين 66 14-05-2006 08:42 AM

 

اشترك في مجموعة أقلام البريدية
البريد الإلكتروني:
الساعة الآن 05:29 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط