السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى:"لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً", فعطف المقيمين الصلاة على المؤمنون رغم أن المؤمنون مرفوعة والمؤتون الزكاة وجاءت بعدها مرفوعة فكيف التوجيه؟
يمكن أن توجه على وجهين:
1.على اعتبار أنها مجرورة بحذف الخافض وهو الباء كقولنا" وبالمقيمين الصلاة" وعندها يكون معنى المقيمين الصلاة هم الأنبياء.
2.نصبها على التخصيص بالمدح وهذا أسلوب من أساليب العرب في المدح في الصفات المحامد فيخرجون المعطوف من أعرابه الظاهر كي يشدوا انتباه السامع أو القارئ لأهمية الممدوح.
وقوة الوجه الأول يمكن رؤيته من خلال سياق الآية ,فالآية ذكرت غير العلماء المؤمنين ,ومن هم المؤمنون؟ الذين يؤمنون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر,فقوله سبحانه وتعالى :"ْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلكِ",أي يؤمنون بكتابك وكتب من قبلك,فعطف "المؤمنون" على "الراسخون" للثناء عليهم لأنهم أمنوا رغم عدم رسوخهم في العلم _كما أمن اليهودي الذي كان يخدم الرسول_,والمؤمن أيضًا يؤمن بالرسل ولهذا جيئ بـ"المقيمين الصلاة" بعد الكتب لبيان الإيمان بأصحاب الكتب وهم الأنبياء,لأن إقامة الصلاة دلالة على الإمامة والرسل أحق بالإمامة فجاءت من باب الكناية على الرسالة,فكأن الآية تقول :والمؤمنون الذي يؤمنون بكتابك وبكتب الذين من قبلك وبالرسل .