قبل الذهاب للعرس تخانقت أم صابر مع زوجها أبو زكريا، اختلاف الأسماء بسبب أن أبا زكريا كان متزوجا قبل أم صابر بأم زكريا، التي طلقها لأنها كانت تحب أمها أكثر منه، سبب الخلاف بينهما- أم صابر وأبو زكريا- أن الزوجة لم تجد فستانا لائقا لتذهب به إلى عرس عزمي ابن جارتهم أم نضال، قال لها أبو زكريا: البسي الفستان الزهري و إذا لم يعجبك .. الفستان الأزرق، فقالت له:نعم؟..اسم الله عليك، هذا الزهري لبسته يوم عرس بنت خالتك صفية منذ شهرين. قال: طيب، الفستان الأسود المذهب الذي أحضرته لك أختي وهيبة من السعودية.
قالت: (أى..حلو بس هذا لبسته مرتين) ، مرة في عرس لينا بنت وهيبة ومرة ثانية في خطبة الأقرع هذا.. شو أسمه؟ أجابها بهدوء: عبد المحتسب، كان عرسا رائعا، أتذكرين؟ قالت بتأفف: ماشي الحال.. هم أغنياء بس شايفين حالهم كتير، وبعدين عبد المحتسب مش بس أقرع ، كمان دمه ثقيل.
قال لها: أنا عارف لماذا تكرهينه .. لأنه لم يتزوج من ابنتك نوال ، أضعتي الفرصة عليها لكثرة مطالبك.
قالت:( فشر.. فشرت !) أنت وهو.. ظفر نوال أحسن من راسه الأقرع.
أبو زكريا المعروف عنه هدوءه الشديد وأدبه الجم بدأ صبره ينفذ، ولكنه مهما استبد به الغيظ لا يتفوه بأية كلمة نابية ،بعكس أم صابر التي يحوي قاموسها اللغوي من مفردات الهجاء والشتائم مما لا يمكن نشره في هذا المقام، وثمة سبب آخر لتذمر أم صابر من فساتينها، إنها تسمن بسرعة هائلة، بحيث أن الفستان الذي أُهدي إليها أو اشترته قبل شهرين، سيتفتق إذا حاولت ارتداءه الآن، كانت تقلب خزانتها بعصبية، وتلقي بالملابس على السرير، بينما ابنتيها نوال وصابرين والصغير صابر يدخلون الغرفة ويخرجون، وهم يحثونها على الإسراع (يا ماما، يلا بسرعة) تأخرنا على العرس.
أبو زكريا يجلس على طرف السرير، ويدخن بضجر، وكلما رفعت أمامه فستانا، يقول لها: نعم هذا مليح. فتلقيه بوجهه مستنكرة: هذا مليح؟ لأ..مش مليح! ، ألقت بوجهه كل الفساتين الموجود في خزانة الملابس، وظل فيها فستان أبيض أنيق، تناولته بحنان ورفعته أمام عينيه ، كان فستان زفافها، فستان يليق بامرأة بمثل نصف حجمها الآن، التقت عيونهما بنظرة ذات معنى، نظرة أصابتهما معاً برعشة افتقداها منذ زمن، فاحتضنت الفستان وأجهشت بالبكاء.