|
|
شرفة الروائع نصوص خالدة ، خطتها أقلام عربية ، فاستحقت أن تخلد في هذه الشرفة . |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
14-04-2015, 03:30 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الاحلال والتماثل للأديب القاص أستاذ / ربيع عبد الرحمن عقب الباب .
على رقعة فسيحة كان يتحرك ينتفض كخلايا تتمزق ، وتخاصم بعضها . يتوهج كعاشق يتأتئ كأن حبات الرمل تحولت إلي كلمات و الكلمات إلي حبات وهج ، و شفاه غليظة أو رقيقة ، تبعثر قبلاتها كزخات مطر من حريق . بدا كمجنون الغريب أنه كان يمرر شفتيه على الرمل ، فلا يعلق بهما ، بل تزدادا أحوارا و ترطيبا . وتسمع أنفاسا لا يمكن أن تكون له وحده ، بل لمدينة آهلة . ربما لو وضعت نفسك في نفس المكان العلوي الذي سبق هذا ، تمكنت من سبر غوره ، ووقفت على ما أشجاه ، وطيّر اتئاده ، و سحبه هكذا على وجهه ، و ربما لن ترى ما رأى . لن تخسر شيئا على كل حال ، إذا ما أقدمت على تنفيذ ما ارتأيت .. هاهي التبة التي كان يعتليها ، تأكد أن الزاوية نفسها كانت لك ، و اتجاه البوصلة لم يتغير . يلزمك أن تعد نفسك لحالة التوحد ذاتها ، حين لا تجد الرمل كما رآه ، بل شيئا ما كان يلون عينيه ، و يغور في خلاياه . الفراغ في داخلك لا يشاركه إلا التساؤل ، و اقتفاء اللحظة ، و التقيد بعيدا عن أحكام الذات المفردة ، يرحل بك في الرمل ، و علامات التعجب المدرجة هنا وهناك ، تتعقب ما خلفت الزواحف و الريح ، و بعض الأعشاب الجافة أو المخضلة ، أو هشاشة الرمل و صفائه ، مع الأفق المنحدر في البعيد ، مع دوران الشمس ، و ذبولها عند حافته . المحاولة غير مجدية ، و أنت تتلهف الفتك بسره ، و رؤيته على وجه النصوع .. أمامك دون القدرة على مواجهته أو معايشته اللحظة أينما تكون ، ليس سوى مطاردة حالة شبقية ، أو عشقية عسيرة الفهم ، و الترويض أيضا . لا بد من وجود مسافة بين السطح و التبة ، بين العلة في قاعك و تجلي الرؤية في انعطافات هواجس الرمل في عينيك ، لتكون في نفس خط الطول و خط الرسم الواصل بينك و بين تهادي جسده و روحه في فلك الرمل ، أو الفلك الغامض عليك ! الشجرة لا تسأل عن وجودها ، و لا الرمل يئن في استجابات الطحالب ، و لا اعتكاف الزواحف و القوارض في أفخاخها و جحورها ، و ربما الريح عن تعثرها في نقيع التهالك ، و استدارة زوابعها في نقطة محمومة ، قد تثير الريبة ، أو تفض شقاوة الاحتمال في ذات ما ، يهلكها التفاوض مع العبث الأزلي ، في صحراء تتيه في إعجاز صمتها عن ما تخزن من أسرار و نوايا باطنة ، قد لا تكون سوى ذرائع ، أو محض كوابيس ! عد لمنطَقَة البداية ، حيث حطت به الأسباب ، إلي الأسباب نفسها ، و علة الوصول ، ليكون كجعران مفخخ بالحنين و الأشواق إلي ما كان و ما هو كائن ، و ما يكون ، أهو السعي في البرية بغير هدى ، أم هو السأم و البحث عن جدوى في شساعة الرمل ، أم اليأس و الرحيل في العدم ؟ انتبه إلي ما تبرعم ، و ما آل إليه ، حيث فاض و علت صرخة ، ظلت تطارد الصمت حتى أسقطته صريعا ، بينما استفاق الرمل في أميرة تنامت على جسده ، تتكور بطنها ، وتتفجر ينابيع ، و رأسها تأكل الطير منه ، تثقب أرضا لتخرج ما تخبئ تحت قشرتها ، فتكون سدرة و مدنا و قرى . ثم ترحل به إلي سيرتها الأولى ، فتنال منها الريح ، و ينال منه النكوص و الخذلان ؛ ليعود إلي ذات التبة ، عله يرى السطور الأولى جيدا ، ليكتشف سر ما اجترأت عيناه على النفاذ في أقطاره ! |
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|