السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلم أخي الكريم أن القرآن كان بلا تشكيل عند نزوله لماذا؟
إن الله أعلم بعباده من أنفسهم فكان يعلم أن فطاحل اللغة العربية لا حاجة لهم بالتشكيل فهم أهل اللغة وأدواتها من بيان ونحو وصرف وما غاب عنهم عن هذه الأدوات يُردّ الى العقل السليم ليتمحصوا كلمات الكتاب المنزل إليهم ويعلموا ما به ويتدبروا معانيه وأحكامه
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلو عليهم ويطبقه أمامهم لكي لا يختلفوا في تفسير بعض أحكامه كما حدث بعد الخلفاء الراشدين
فقد ثبت عن النبي ï·؛ ما يدل على أنه كان في أول الوضوء يغسل كفيه ثلاثا مع نية الوضوء، ويسمي فيشرع للمتوضئ أن يسمي الله في أول الوضوء، ثم يتمضمض ويستنشق (لأن الفم والأنف ضمن الوجه) ثلاث مرات، ويغسل وجهه ثلاثا، ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاثا، يبدأ باليمنى ثم اليسرى، ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث مرات، يبدأ باليمين
ووردت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على غسل القدمين مثل حديث تخلل الماء خلال الأصابع فكيف يتخلل الماء إذا لا يغسل القدمين!
كذلك حديث (ويل للأعقاب من النار) وكلنا يعلم أن كثيرا من واجبات الصلاة لم ترد في القرآن ؛بل اتبعنا فيها السنة النبوية الشريفة مثل عدد الركعات في الصلاة وأوقات الصلاة الدقيقة وغيرها
أما الذي يكتفي بمسح القدم أكيد أنه لا يعترف بالأحاديث والسنة النبوية ويضربها عرض الحائط لأنه لُقن على ذلك
هذا من ناحية السنة النبوية أما آية الوضوء فهي صريحة لا تحتاج الى جدال أو نقاش –كيف؟
لغة العرب مميزة بالبلاغة والبيان كما نعلم فهناك أقوال فيها العجب من زاوية النحو مثل (جحرُ ضبٍّ خربٍ) فكلمة خرِب وصف للجحر والصفة تتبع الموصوف إعرابا فحقها الرفع لكن جاءت مجرورة أي تبعت (ضبٍّ) لمجاورتها !أي تسهيل نطقها على المتكلم حيث الكلمة السابقة لها كي لا يتلكأ المتكلم عند تباين الأصوات الخارجة من الحنجرة اذا قال(جحرُ ضبٍ خربُ)
و الآية الكريمة (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ)
قرأ الجماعة عاليهم بالنصب . وقال الفراء : هو كقولك فوقهم ، والعرب تقول : قومك داخل الدار فينصبون داخل على الظرف ، لأنه محل . وأنكر الزجاج هذا وقال : هو مما لا نعرفه في الظروف ، ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء . ولكنه بالنصب على الحال من شيئين : أحدهما الهاء والميم في قوله : يطوف عليهم أي على الأبرار ولدان عاليا الأبرار ثياب سندس ; أي يطوف عليهم في هذه الحال ، والثاني : أن يكون حالا من الولدان ; أي إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا في حال علو الثياب أبدانهم . وقال أبو علي : العامل في الحال إما لقاهم نضرة وسرورا وإما جزاهم بما صبروا قال : ويجوز أن يكون ظرفا فصرف .
المهدوي : ويجوز أن يكون اسم فاعل ظرفا ; كقولك هو ناحية من الدار ، وعلى أن عاليا لما كان بمعنى فوق أجري مجراه فجعل ظرفا . وقرأ ابن محيصن وابن كثير وأبو بكر عن عاصم ( خضر ) بالجر على نعت السندس ( وإستبرق ) بالرفع نسقا على الثياب ، ومعناه عاليهم [ ثياب ] سندس وإستبرق . وقرأ ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب خضر رفعا نعتا للثياب ( وإستبرق ) بالخفض نعتا للسندس ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لجودة معناه ; لأن الخضر أحسن ما كانت نعتا للثياب فهي مرفوعة ، وأحسن ما عطف الإستبرق على السندس عطف جنس على جنس ، والمعنى : عاليهم ثياب خضر من سندس وإستبرق ، أي من هذين النوعين .
وقرأ نافع وحفص كلاهما بالرفع ويكون خضر نعتا للثياب ; لأنهما جميعا بلفظ الجمع ( وإستبرق ) عطفا على الثياب . وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي كلاهما بالخفض ويكون قوله : ( خضر ) نعتا للسندس ، والسندس اسم جنس ، وأجاز الأخفش وصف اسم الجنس بالجمع على استقباح له ; وتقول : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ; ولكنه مستبعد في الكلام . والمعنى على هذه القراءة : عاليهم ثياب سندس خضر وثياب إستبرق . وكلهم صرف الإستبرق ، إلا ابن محيصن ، فإنه فتحه ولم يصرفه فقرأ ( وإستبرق ) نصبا في موضع الجر ، على منع الصرف ، لأنه أعجمي ، وهو غلط ; لأنه نكرة يدخله حرف التعريف ; تقول الإستبرق إلا أن يزعم [ ابن محيصن ] أنه قد يجعل علما لهذا الضرب من الثياب . وقرئ ( واستبرق ) بوصل الهمزة والفتح على أنه سمي باستفعل من البريق ، وليس بصحيح أيضا ، لأنه معرب مشهور تعريبه ، وأن أصله استبرك والسندس : ما رق من الديباج . والإستبرق : ما غلظ منه .
من هذه الآية نعلم أن النحويين غير متفقين على إعراب كثير من الآيات وكثير من الشعر ما قبل الإسلام—
وآية الوضوء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
إذا :ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بقوله فاغسلوا، وجملة قمتم في محل جر بالإضافة، والى الصلاة متعلقان بقمتم، والفاء رابطة، وجملة اغسلوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، ووجوهكم مفعول به (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) وأيديكم عطف على وجوهكم، والى حرف جر يدل على معنى الغاية والانتهاء مطلقا،
«إلى المرافق» و «إلى الكعبين» فأخذ العلماء بالأحوط، فحكموا بدخولها في الغسل. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) عطف على ما تقدم.
وقد كثر الاختلاف حول هذه الباء، فقال بعضهم هي زائدة، وقال بعضهم: هي للتبعيض
واختار ابن هشام والزمخشري أن تكون الباء للإلصاق، وما مسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح برأسه. وقد أخذ مالك وأحمد بالاحتياط فأوجبا الاستيعاب، وأخذ الشافعي باليقين فأوجب أقل ما يقع عليه اسم المسح، وأخذ أبو حنيفة ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما روي أنه مسح على ناصيته، وقدّر الناصية بربع الرأس. وإنما أطلنا في هذا البحث لطرافته، ورياضته للذهن. والجار والمجرور متعلقان بامسحوا.
(وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قرأ نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب:
وأرجلكم، بالفتح، أي: واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق من الجانبين. وقرأها الباقون: ابن كثير وحمزة وأبو عمرو بالجر، والظاهر أنه عطف على الرأس، أي:
وامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين. ومن هنا اختلف المسلمون في غسل الرجلين ومسحهما، فجماهير أهل السنة على أن الواجب هو الغسل وحده، والشيعة والإمامية أنه المسح. وقال داود بن علي والناصر للحق من الزيدية: يجب الجمع بينهما. وقد رأى ابن جرير الجمع بين القولين للاحتياط. وقد عللوا تأخيره في قراءة النصب بأن صب الماء مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه، فعطفت على الثالث المسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها. وقد أطالوا في التخريج والتأويل إطالة لا يتسع لها صدر هذا المقال
ولقد جاء في حديث عثمان وعلي وابن عباس ومعاوية وعبد الله بن زيد بن عاصم والمقداد بن معد يكرب ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل الرجلين في وضوئه ، إما مرة ، وإما مرتين ، أو ثلاثا ، على اختلاف رواياتهم
.
أما لو رجعنا الى العقل –كما فعل أسلافنا في صدر الإسلام دون وجود التشكيل -كان الأمر سهلا جدا كيف؟
1- فالله عز شأنه بدأ بالوجه قبل اليد في الغسل لماذا؟
الوجه في الترتيب يأتي قبل اليد
ثم بدأ بمسح الرأس قبل الرجل لماذا ؟
الرأس في الترتيب قبل الرجل مثل اليمين قبل اليسار
إذن كان تأخير الرجل لهذا السبب دون إشكال لغوي لوجود حرف العطف (الواو)
فعطف الرجل على الوجه مثل الأيدي والتأخير كان للسبب أعلاه
2-إن أهم وأعم نقطة في هذا الموضوع هو استخدام الوضع الصحيح للمسلم المتوضئ فلا يصح أن يدخل الصلاة وقدماه ملوثتان بالبراز وآثاره حيث الإنسان كان يتغوط في الخلاء أي على الأرض مباشرة بلا حمام أو حوض سيراميك كما نحن الآن فكانت قدماه قريبتين جدا من محل نزول البراز وبخاصة أعقاب قدميه وكلنا قد مر بهذا الموقف يوما ما فتلوثت قدماه أو حتى لباسه
فاستعمال العقل في مجال كهذا مطلوب ويجب علينا ألا نمضي في غينا كما كان المعادون للدين الحنيف
والجانب الآخر هو الأخذ بالعمل الكلي دون الجزء تجنبا للشك ؛مثلا اذا توضأت وغسلت قدمك اليمين ولبست الجورب وانشغلت عن الوضوء بشيء ثم عاودت غسل اليسرى فتبقى في شك عن الموالاة ( وهي ألا يجف الأول قبل الشروع في الثاني) فهنا الأحوط إعادة الوضوء ككل او اذا نسيت ركعة هل أقمتها أم لا فإزالة الشك تكون بإعادة الركعة المنسية من جديد
إذن كل هذه المسائل توجب غسل القدمين دون المسح