الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول

منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول هنا نتحاور في مجالات الأدب ونستضيف مقالاتكم الأدبية، كما نعاود معكم غرس أزاهير الأدباء على اختلاف نتاجهم و عصورهم و أعراقهم .

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 18-03-2007, 05:27 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد سامي خاطر
أقلامي
 
الصورة الرمزية أحمد سامي خاطر
 

 

 
إحصائية العضو







أحمد سامي خاطر غير متصل


افتراضي صلاح عبد الصبور .. وتأملات في رجل حزين

رؤية حول نص ( الخروج )

بقلم : أحمد سامي خاطر


" الفنانون والفئران هم أكثر الكائنات استشعاراً للخطر ولكن الفئران حين تستشعر الخطر تعدو لتلقي بنفسها في البحر هرباً من السفينة الغارقة ، أما الفنانون فإنهم يظلون يقرعون الأجراس ويصرخون بملء الفم حتى ينقذوا السفينة أو يغرقوا معها "
هكذا عبَّر الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور عن فلسفة المأزق منتحياً بعداً إنسانياً بالغ الدقة والتعقيد .. حين عالج العالم بالحزن ، وطهره بالموت عوضاً عن زيف المشاعر الإنسانية ، وبهرجة الخديعة .. فحزن ببساطة ، ومات بعمق ، ودون أن يكلف أحداً مراسم إسدال الستار من تصفيق حادٍ لختام المشهد البهيج ؛ غير عابئ بإدانة النقد له بذلك الحزن ، ومحاولته إقصائه عن مدينة الشعراء ذات الطابع المشرق والمستقبل السعيد ؛ بدعوى إفساد أحلامهم وأمانيهم المزهرة 0، وربما هذا هو ما فجَّر السخرية في بعض تشكيلاته اليائسة كقوله مثلاً في استهلال قصيدته (أغنية الليل) [[ الليل سُكرنا وكأسنا / ، ألفاظنا التي تدار فيه نُقلُنا وبقلنا / ، الله لا يحرمني الليل ولا مرارته ]]

ولقد امتدح عبد الصبور حزنه بالألم مردداً " لست شاعراً حزيناً ولكني شاعر متألم ، وذلك لأن الكون لا يعجبني ، ولأني أحمل بين جوانحي شهوة لإصلاح العالم ..
وكأن ذلك مدعاة لأن يفخر بهذا الحزن الذي يرى فيه تقديساً لصدق الذات مع نفسها في حضرة سيل من المشاهد المهدمة ، والانحطاط الأخلاقي ، والتعسف الرأسمالي والاشتراكي ، وقضايا حقوق الإنسان ، وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية 0
تلك هي المقولة التي اعتنقها الشاعر صلاح عبد الصبور ، بل وتغني بها عن (شيللي) وعن أحد الفلاسفة الاسكتلنديين ، ولعلها إشارة واضحة عما أراد عبد الصبور أن يؤكده في أن للشاعر مرتبة النبي الذي يمتلك قدرة الحدث فيما يدركه من نقائص العالم وهو ما يدفعه علي أن لا يخدع نفسه أولاً ، ولا يخدع الآخرين فيما بعد ، فيضحك ويبتسم أمام كل ما يبدو حياله متصدعاً ومنهاراً .. وهو في تلك اللحظة صادقاً .. أعني رائع الموت برَّاق البكاء .. نبياً يجتهد أن يري لهذا العالم المهزوز ثباتاً واستقراراً .. تلك هي البغية والإيثار ،

فالحالة البشرية كما وصفها (مونتيني) بسرده للفيلسوفين [ديموقريطس] و [وهرقليطس] " أنها مضحكة وباطلة عند الأول فما ظهر بين الناس إلا والضحك والسخرية ملء فمه ، أما الآخر فقد أشفق على الحالة البشرية وعطف عليها ؛ فما انقشع الأسي عن وجهه يوماً وما خلت عيناه من الدموع "
إن أشعر قصائد عبد الصبور وأجلها تأثيراً في النفس وعمقاً وفلسفةً وصدقاً لهي القصائد الممسوسة بهذا الطابع من الحزن النبيل الذي تسيطر عليه فلسفة الفنان وعلاقته بالعالم مصوراً ومجسداً للأبعاد الإنسانية فائقة التجاوز لكل ما هو وضعي أو محتوم 0
ولقد تخيرتُ قصيدة ذات محاور عديدة ومستويات مناظرة لإبراز حالة الانتقال من حال إلي حال .. من واقع مرير إلي واقع مرجو فيه الدعة والصفاء والبهجة ، تلك هي قصيدة (الخروج) في ديوان {أحلام الفارس الأخير} .. فهذه القصيدة تحمل مشعل البحث عن قدرة الإنسان في أن يري النور في حلكة الليل .. بعد أن يخرج من شرنقة الروع والهزيمة في مدينته القاسية إلي توقه في أن يتحرر من قيودها بوطأة أرض أخري هي أطيب وأحني على ذلك الفقير اليتيم الخارج بحثاً عن حرية .. عن مستقر ..
أخرج من مدينتي ، من موطني القديم
مطرَّحاً أثقال عيشي الأليم
فيها ، وتحت الثوب قد حملت سرِّى
دفنته ببابها ، ثم اشتملتُ بالسماء والنجوم
أنسلُّ تحت بابها بليلْ
لا آمن الدليل ، حتي لو تشابهت علىَّ طلعة الصحراء
وظهرها الكتوم
أخرجُ كاليتيم

لقد عالج عبد الصبور في هذه القصيدة مستويين متكافئين في توظيفهما ، أما المستوي الأول فهو الاستقرائي لرغبة الإنسان في التخلص من قيوده المتمثلة في عالمه القديم ، وتوقه إلي التحرر من خلال خيط درامي برَّاق ، والمستوي الثاني ، وهو المناظر للاستدلال الرمزي أو استدعاء رموز التراث الديني الإسلامي ومحاولة اقتفاء حركة هجرة الرسول (ص) من مكة (القاسية) إلي المدينة (المرجوة) وتواشج المستويان تواشجاً بين الدقة تارة والاضطراب تارة أخرى ، وكأن عبد الصبور لا يريد مطلقاً أن يقارب بين تجربته وبين الموروث الذي يبدو أنه قد ركب النص فلم يستطع الشاعر سوي الانسجام والتجاوب معه ، وما دلت عنه الإشارات الضوئية الصارخة من تطابق المستويين ؛ بحيث يبدو للقارئ النافذ استقطاب رؤية النص الخاصة من خلال لفظة (اليتيم) ، وهي مفردة دالة بذاتها إلي أحد أهم خصائص الترميز داخل العمل ..
إن الخروج يبدو حتمياً من هذه المدينة ، فلم يكن الخارج منسلخاً من أحزانه وآلامه في ذلك الموطئ القديم ، بل حمل زاداً من الألم .. أزعم أنه التبعة في البحث عن فردوس يجد فيه ضالته المفقودة ويستشعر من خلاله دفء الأمومة الغائبة .. بيد أن علاقته لم تنته بعد بتلك المدينة التي خرج منها متوجهاً إلي رجاء جديد ..
لم أتخير واحداً من الصحاب
لكي يفديني بنفسه ، فكل ما أريدُ قتل نفسي الثقيلة
ولم أغادر في الفراش صاحبي يضلل الطلاب
فليس من يطلبني سوي " أنا " القديم
حجارة أكون لو نظرت للوراء
حجارة أصبح أو رجوم
سوخي إذن في الرمل سيقان الندم

ويبدو أن عبد الصبور لم يستطع الإفلات من أثر الموروث الإسلامي القديم ؛ فأوغل في فكرة المتوازيات الدالة على الأفعال الحركية داخل النص ، حيث نجده في [ لم أتخير واحداً من الصحاب ] ----- يحاول الإشارة إلي (الصديق أبو بكر) ، ونجده في [ ولم أغادر في الفراش صاحبي ] ----- يحاول الإشارة إلي (على بن أبي طالب) ، ، ونجده في [ حجارة أكون لو نظرت للوراء ] ----- يحاول الإشارة إلي المعتقد الديني الأثير في قصة ((أورفيوس)) وفي قصة ((لوط)) في التحول إلي حجر إذا نظر الإنسان للماضي ، ونجده في [سوخي إذن في الرمل سيقان الندم ] ----- يحاول كذلك الإشارة إلي (سراقة بن مالك ) الذي ساخت قوادم فرسه في الرمل وهو يتتبع الرسول (ص) وصاحبه ،
بيد أن الشاعر يتدارك ذلك الإسراف فيرتد بخرجه إلي داخل الذات في رحلة الخلاص والتطهر من عذابات المدينة المؤلمة إلي استشراف أحلامه في المدينة الحالمة ، بيد أنه لم ينسي في نفسه ما أثقله به موطئه القديم من عنت وبلوى فيحاكي الصحراء ..
تحجري كقلبك الخبئ يا صحراء
ولتنسني آلام رحلتك
تذكار ما أطرحت من آلام
حتي يشفِ جسمي السقيم
إن عذاب رحلتي طهارتي
والموت في الصحراء بعثي المقيم
لو مت عشت ما أشاء في المدينة المنيرة
تلك المدينة التي تتلامح في عين الشاعر كأنها مدينة الخلود .. فتتباعد أحياناً وتتقارب أحياناً أخري .. إن الشاعر لم يقنع بمجرد رؤية هذه المدينة /الحلم ، أو الخلاص .. ولم يقنع بما شع منها من رؤى ، وشمس ، وصحو ، وضوءاً مع دنوه منها واقترابه فيجتزئ أحاسيسه بين الوهم والحقيقة .. كمن لا يتصور أن يزق طعم الراحة بعد عناء سفر طويل ، فتسيطر عليه أحزانه من جديد بعد أن يتخيل للحظة أن ما أصابه في رحلة البحث عن الخلاص والتحرر من القيود والآلام كان مجرد وهم ، فتتقطع به السبل ، وتتمزق أحلامه على مشارف تلك المدينة /السراب 0 وهذا ليس جنوح انهزامي أو نظرة سلبية أو دعوة للتشاؤم واليأس بقدر ما هو ترويض النفس القادرة على استشعار الواقع لتلقي صدماته المتواترة والمتلاحقة باستمرار .. فصلاح عبد الصبور يتخذ من هذا الحزن العظيم قاعدة لانطلاقه نحو العالم مبدياً فلسفته في احتواء هزائمه قبل انتصاراته 0


$ $ $






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مساحة لـ صلاح عبد الصبور د.رشا محمد منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 8 16-03-2008 04:07 AM
سلاح حزب الله ما بين مطرقة الخارج وسنديان الداخل زياد اللهاليه منتدى نصرة فلسطين والقدس وقضايا أمتنا العربية 3 03-09-2006 05:52 AM
بعد الانتصار هل سينزع سلاح حزب الله ؟ زياد اللهاليه منتدى نصرة فلسطين والقدس وقضايا أمتنا العربية 0 26-08-2006 03:24 AM
المجموعة الممنوعة لمحمد صلاح الدين أحمد شبلول منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 2 10-08-2006 01:26 AM
بشراك صلاح الدين خضر أبو إسماعيل منتدى الأقلام الأدبية الواعدة 1 20-07-2006 10:25 PM

الساعة الآن 04:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط