الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-2022, 01:44 PM   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ
وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ 203)









(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ):

معطوف على: (فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ) البقرة 200، وما بينهما اعتراض.
(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ): إعادة فعل "ٱذۡكُرُواْ" ليُبنى عليه تعليق المجرور أي قوله: (فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ) لبعد متعلقه وهو: (فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ)، لأنه أريد تقييد الذكر بصفته، ثم تقييدُه بزمانه ومكانه.
قوله تعالى: (مَّعۡدُودَٰتٖۚ): صفة لأيام، وقد تقدَّم أن صفةَ ما لا يعقل يَطَّرِد جَمْعُها بالألفِ والتاءِ. وقد فصلنا الكلام عن الفرق بين: معدودة ومعدودات في: (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ) البقرة 80، فليرجع إليها هناك.
وقيل في المراد بقوله: (فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ):هن أيام التشريق، يذكر فيهنّ بتسبيح، وتهليل، وتكبير، وتحميد، أو هن أربعة أيام يوم النحر، والثلاثة أيام بعده. وقيل: المراد بالذِكْر: التكبيرُ عند الرمي، وذبحِ القَرَابين، وخَلْفَ الصلواتِ الخمس، وغير ذلك.

لِمَ لَمْ يُذْكَرْ الرمي؟:

لمّا ذكر المشعر الحرام، لم يذكر الرَّمي لوجهين:
- أنّ ذلك كان أمراً مشهوراً عندهم، وكانوا منكرين لذلك إلاّ أنّه - تعالى - ذكر ما فيه من ذكر الله - تعالى - لأنهم كانوا لا يفعلونه.
- لعلَّه إنما لم يذكر الرَّمي؛ لأن في الأمر بذكر الله في هذه الأيَّام دليلاً عليه؛ إذ كان من سنَّته التكبير على كلِّ حصاةٍ.

ما هي الأيام المعدودات، وهل هي نفسها الأيام المعلومات في سورة الحج؟:

- قال جمهور الفقهاء: الأيام المعدودات أيام منى وهي بعد اليوم العاشر. أي: هي أيَّام التَّشريق؛ وهي أيَّام منى، ورمي الجمار، وسمِّيت معدودات لقلَّتهن. وأجمعت الأمَّة على أنّ هذا الحكم إنّما يثبت في أيَّام منى؛ وهي أيَّام التَّشريق:
أولها: يوم النَّفر؛ وهو الحادي عشر من ذي الحجَّة، يستقرُّ النَّاس فيه بمنًى،
والثاني: يوم النَّفر الأول؛ لأن بعض النَّاس ينفرون في هذا اليوم من منًى.
والثَّالث:يوم النَّفر الثَّاني: وهذه الأيّام الثّلاثة مع يوم النَّحر كلُّها أيَّام النَّحر، وعند أحمد: عند آخر وقت النَّحر إلى يومين من أيَّام التَّشريق، وأيّام التَّشريق مع يوم النَّحر أيام رمي الجمار؛ وأيّام التكبير أدبار الصَّلوات.
وهي غير المراد من الأيام المعلومات التي في قوله تعالى: (وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ) الحج 28، فالأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة، وهي اليوم العاشر ويومان بعده، والمعدودات أيام منى بعد يوم النحر، فاليوم العاشر من المعلومات لا من المعدودات، واليومان بعده من المعلومات والمعدودات، واليوم الرابع من المعدودات فقط. واحتجوا على ذلك بقوله تعالى:(لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ) الحج 28، لأن اليوم الرابع لا نحر فيه ولا ذَبح إجماعاً.
- وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: لا فرق بين الأيام المعلومات والأيام المعدودات وهي يوم النحر ويومان بعده فليس اليوم الرابع عندهما معلوماً ولا معدوداً.
- وعن الشافعي: الأيام المعلومات من أول ذي الحجة حتى يوم النحر وما بعد ذلك معدودات، وهو رواية عن أبي حنيفة.

ودلت الآية على طلب ذكر الله تعالى في أيام رمي الجمار وهو الذكر عند الرمي وعند نحر الهدايا. وإنما أمروا بالذكر في هذه الأيام، لأن أهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر ومغازلة النساء، قال العرجي:
ما نَلتقِي إلاّ ثلاثَ مِنًى ..... حَتَّى يُفَرِّقَ بينَنا النَّفْر
وقال عمر بن أبي ربيعة:
بَدَا لِيَ منها معصم حينَ جَمَّرَتْ ..... وكَـفٌّ خَضيبٌ زُيَّنَتْ بِبَنَــان
فوالله ما أَدري وإِنْ كُنْتُ دَاريـاً ..... بسَبْعٍ رَمَيْتُ الجَمْرَ أمْ بِثَمَان
لأنهم كانوا يرون أن الحج قد انتهى بانتهاء العاشر، بعد أن أمسكوا عن ملاذهم مدة طويلة فكانوا يعودون إليها، فأمرهم الله تعالى بذكر الله فيها، وذكرُ الله فيها هو ذكره عند رمي الجمار. والأيام المعدودات الثلاثة ترمى الجمار الثلاثة في كل يوم منها بعد الزوال يبتدأ بالجمرة التي تلي مسجد منى بسبع حصيات، ثم ترمى الجمرتان الأخريان كل جمرة بمثل ذلك ويكبر مع كل حصاة، وآخرها جمرة العقبة، وفي أحكام الرمي ووقته وعكس الابتداء فيه بجمرة مسجد منى والمبيت بغير منى خلافات بين الفقهاء.

ما نوع الذكر المأمور به هنا؟:

المراد بالذكر في هذه الأيَّام:
- التكبير عند رمي الجمرات، وأدبار الصلوات. ونقل أنهم كانوا يكبرون بمنًى خلف الصَّلوات، وفي المجلس، وعلى الفراش والفسطاط، وفي الطَّريق.
- وذهب الجمهور إلى أنّ التكبير عقيب الصَّلوات مختصٌّ بعيد الأضحى، في حق الحاجِّ وغيره.
- وذهب أحمد إلى أنّه يستحبُّ التكبير ليلة العيدين.
واختلفوا في ابتدائه وانتهائه:
- فقال مالك الشَّافعي: يكبِّر المحرم وغيره عقيب الصَّلوات، من صلاة الظُّهر من يوم النَّحر، إلى بعد صلاة الصُّبح من آخر أيَّام التَّشريق؛ لأن التكبير إنَّما ورد في حقِّ الحاجِّ والنَّاس تبعٌ لهم، وذكر الحاجِّ قبل هذا الوقت هو التَّلبية، وهي تنقطع مع ابتداء الرَّمي.
- وقال أحمد: يكبّر المحرم من صلاة الظُّهر يوم النَّحر إلى آخر أيَّام التَّشريق، روي ذلك عن علي وبه قال مكحول وأبو يوسف، وروي هذا القول عن بعضهم في حقّ المحرم أيضاً.
- وقال أبو حنيفة: يكبر المحرم وغيره من صلاة الصُّبح يوم عرفة، إلى بعد العصر يوم النَّحر.
- وللشافعي قول آخر: أنّه يبتدئ من صلاة المغرب ليلة النَّحر، إلى صلاة الصُّبح من آخر أيام التَّشريق، وله قول ثالث: أنّه يبتدئ من صلاة الصُّبح يوم عرفة إلى العصر من يوم النَّحر؛ وهو كقول أبي حنيفة.

هل يوم النحر داخل في التكبير؟:

إن كان التكبير مضافاً إلى الأيَّام المعدودات وهي أيّام التَّشريق، إلا أنه مشروع يوم النَّحر بالاتفاق.

صفة التكبير:

- عند أهل العراق شفعاً: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وهو قول أحمد.
- وقال أهل المدينة: صفة التكبير: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثاً نسقاً، وبه قال مالك والشَّافعي وأبو حنيفة، ويقول بعده: لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.






 
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2022, 01:54 PM   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ
وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ 203)









(فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ):

"مَنْ" على الأغلب: شرطيةً، و (تَعَجَّلَ) في محلِّ جزمٍ، والفاءُ في قولِه: (فَلَآ) جوابُ الشرط في محلِّ جزمٍ.
والعَجَلُ والعَجَلة: السرْعة خلاف البُطْء. ورجُلٌ عَجِلٌ وعَجُل وعَجْلانُ وعاجِلٌ وعَجِيلٌ من قوم عَجالى وعُجالى وعِجالٍ، وهذا كلُّ جمع: عَجْلان.
والاسْتِعْجال والإِعْجال والتَّعَجُّل واحد: بمعنى الحث وطَلَبِ العَجَلة، وأَعْجَلْته: اسْتَحْثَثْته. والعُجَالةُ: ما تعَجَّلْته من شيء.
وقوله تعالى: (وَمَآ أَعۡجَلَكَ عَن قَوۡمِكَ يَٰمُوسَىٰ 83) طه؛ أي: كيف سَبَقْتَهم؟.
والعاجِلُ والعاجِلةُ نقيض الآجل والآجلة عامٌّ في كل شيء، وقوله عز وجلَّ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) الإسراء 18، العاجِلةُ: الدنيا، والآجلة: الآخرة. وفي التنزيل العزيز: (أَعَجِلْتُم أَمْرَ رَبِّكم) الأعراف 150، أَي: أَسْبَقْتُم.
و (تَعَجَّلَ) في الآية هنا يجوزُ أن يكونَ بمعنى استعجَلَ، كتكبَّر واستكبر، أو مطاوعاً لعجَّل نحو كَسَّرْتُه فَتَكَسَّر، أو بمعنى المجرد، وهو عَجِل. وقيل: المطاوعة أوفق، لقوله: (وَمَن تَأَخَّرَ) ، كما هي كذلك في قوله:
قَدْ يُدْرِكُ الْمَتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ ..... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ
لأجلِ قولِه "المتأني".
وتعجَّل واستعجل يكونان لازمين ومتعديين، ومتعلَّقُ التعجيلِ محذوفٌ، فيجوزُ أن تقدِّرَه مفعولاً صريحاً أي: من تعجَّل النَّفْر، وأن تقدِّرَه مجروراً أي: بالنفر، حَسَبَ استعمالِه لازماً ومتعدياً.
(فِي يَوۡمَيۡنِ): متعلِّق بـ(تَعَجَّلَ)،ولا بدَّ من ارتكاب مجازٍ؛ لأن الفعل الواقع في الظرف المعدود يستلزم أن يكون واقعاً في كلٍّ من معدوداته، تقول: "سِرْتُ يَوْمَيْنِ "لا بد وأن يكون السير وقع في الأول والثاني أو بعض الثاني، وهنا لا يقع التعجيل في اليوم الأول من هذين اليومين بوجهٍ، ووجه المجاز: إمَّا من حيث إنَّه نسب الواقع في أحدهما واقعاً فيها؛ كقوله: (نَسِيَا حُوتَهُمَا) الكهف 61، والنَّاسي أحدهما، وإمَّا من حيث حذف مضاف، أي: في تمام يومين أو كمالهما.


(وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ):

الجارُّ في قوله: (لِمَنِ ٱتَّقَىٰ):خبر مبتدأ محذوفٍ، وهو - على ما نرى - الذى ذكر من التخيير، ونفى الاثم عن المتعجل والمتأخر لمن اتقى، أي: مختص بمن اتقى المناهي لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به. واتقى: هنا حاصلة لِـ "مَنْ"، وهي بلفظ الماضي، فقيل: هو ماضي المعنى أيضاً، أي: المغفرة لا تحصل إلا لمن كان متقياً منيباً قبل حجه، نحو: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ 27) المائدة. وحقيقته أن المصرّ على الذنب لا ينفعه حجه وإن كان قد أدّى الفرض في الظاهر. كما تشمل التقوى جميع المحرمات كالصيد في الإحرام، والمحظورات، ومنها اجتناب الرفث والفسوق والجدال، والظاهر تعلقه بالآخر وهو انتفاء الإثم لقربه منه، ولصحة المعنى أيضاً، إذ من لم يكن متقياً لم يرتفع الإثم عنه.
ويجوز أن يكون (لِمَنِ ٱتَّقَىٰ): في محلِّ نصب على أن اللام لام التعليل، ويتعلَّق بقوله (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) أي: انتفى الإثم؛ لأجل المتَّقي،
ومفعول: (اتَّقى)محذوف، أي: اتَّقى الله.

لِمَ قال فيمن تأخر: (فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ)؟:

قوله: (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) فيه إشكالٌ؛ لأنه إذا كان قد استوفى كلَّ ما يلزمه في تمام الحجِّ، فما معنى قوله: (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) فهذا اللَّفظ إنما يقال في حقِّ المقصِّر؟
وللإجابة وجوه:
1) إنما قال: (وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) لتكون اللفظة الأولى موافقة للثانية، كقوله:(وَجَزَاءَ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا) الشورى 40، وقوله: (فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ) البقرة 194.ونحن نعلم أن جزاء السيئة والعدوان ليس بسيئة ولا بعدوان، فإذا حمل على موافقة اللفظ ما لا يصح في المعنى، فلأن يحمل على موافقة اللفظ ما يصح في المعنى أولى، لأن المبرور المأجور يصح في المعنى نفي الإثم عنه.

2) أنّه - تعالى - لما أذن في التَّعجيل على سبيل الرُّخصة، احتمل أن يخطر بالبال أنَّ من لم يترخَّص فإنه يأثم. كما قال أبو حنيفة: القصر عزيمة والإتمام غير واجب، ومذهب أحمد: القصر والفطر في السَّفر أفضل، فأزال الله - تعالى - هذه الشُّبهة، وبيَّن أنه لا إثم عليه في الأمرين، فإن شاء تعجَّل وإن شاء تأخَّر.

3) قال بعض المفسِّرين: إن منهم من كان يتعجَّل، ومنهم من كان يتأخَّر، وكل واحد من الفريقين يعيب على الآخر فعله، ويقول: هو مخالفٌ لسنَّة الحجِّ، وقيل: كان أهل الجاهلية فريقين: منهم من يؤثم المتعجل، ومنهم من يؤثم المتأخر، فجاء القرآن برفع الإثم عنهما، فبيَّن الله - تعالى - أنّه لا عيب على كلِّ واحد من الفريقين.

4) أنّ المعنى في إزالة الإثم عند المتأخِّر؛ إنما هو لمن زاد على مقام الثَّلاث؛ فكأنّه قيل: أيَّام منى التي ينبغي المقام فيها هي ثلاث، فمن نقَّص منها وتعجَّل في يومين، فلا إثم عليه، ومن زاد عليها فتأخَّر عن الثَّالث إلى الرَّابع؛ فلم ينفر مع النَّاس، فلا شيء عليه.

5) أن كثيراً من العلماء قالوا: الجوار مكروه، لأنه إذا جاور الحرم والبيت، سقط وقعه عن عينه، وإذا كان غائباً، ازداد شوقه إليه، وإذا كان كذلك احتمل أن يخطر ببال أحدنا على هذا المعنى أن من تعجل في يومين فحاله أفضل ممن لم يتعجل، وأيضاً من تعجل في يومين فقد انصرف إلى مكة لطواف الزيارة وترك المقام بمنى، ومن لم يتعجل فقد اختار المقام بمنى وترك الاستعجال في الطواف، فلهذا السبب يبقى في الخاطر تردد في أن المتعجل أفضل أم المتأخر، فبين الله - تعالى - أنه لا إثم ولا حرج في واحد منهما.

6) أنّه ذكر هذا الكلام؛ مبالغة في أن الحجَّ يكفِّر الذُّنوب والآثام؛ كما إذا تناول الإنسان التّرياق فيقول له الطَّبيب: إن تناولت السُّـمَّ فلا ضرر، وإن لم تتناوله فلا ضرر، ومقصوده بيان أن التّريـاق دواء كامل في دفع المضارِّ، لا بيان أن تناول السُّـمِّ وعـدم تناوله يجريان مجرًى واحداً؛ فكذا ههنا المقصود من هذا الكلام بيان المبالغة
في كون الحجِّ مكفِّراً لكلِّ الذُّنوب؛ لأن التَّعجيل وتركه سيَّان.

هل في الآية دلالة على وجوب الإقامة بمنى بعد الإفاضة من المزدلفة؟:

الجواب: نعم، كما كان في قوله: (فَإِذَا أَفَضْتُم مّنْ عَرَفَـٰتٍ) البقرة 198، دليل على وقوفهم بها. وقالوا في المبيت بمنى ليالي منى:

- هو واجبٌ؛ لرمي الجمار في كلِّ يوم بعد الزَّوال إحدى وعشرين حصاةً، عند كل جمرة سبع حصيات، ويرخَّص في ترك المبيت لرعاء الإبل وأهل سقاية الحاجِّ، ثم من رمى اليوم الثاني من أيام التَّشريق، وأراد أن ينفر ويدع المبيت في اللَّيلة الثَّانية، ورمى يومها، فله ذلك؛ بشرط أن ينفر قبل غروب الشمس، فإن غربت الشمس وهو بمنى، لزمه المبيت بها والرَّمي من غد، هذا مذهب الشَّافعي وأحمد، وهو قول أكثر التَّابعين.
وقال أبو حنيفة: يجوز أن ينفر ما لم يطلع النحر؛ لأن وقت الرَّمي لم يدخل.
- إذا ترك الرَّمي، فذكره بعدما صدر وهو بمكَّة، بعدما خرج منها، فعليه الهدي، وسواء ترك الجمار كلَّها، أو جمرة منها، أو حصاةً من جمرة، حتى خرجت أيَّام منى فعليه دمٌ، وإن ترك جمرة واحدة، كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاعٍ، إلى أن يبلغ دماً، إلاَّ جمرة العقبة فعليه دمٌ.
ونقل القرطبي بيان الخلاف، بقول الأوزاعي: يتصدّق إن ترك حصاةً،
وقول الثَّوري: يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث، فإن ترك أربعاً فعليه دمٌ،
وقول اللَّيث: في الحصاة الواحدة دم.
- من بقي في يده حصاة لا يدري من أيِّ الجمار هي، جعلها في الأولى ورمى بعدها الوسطى والآخرة، فإن طال، استأنف جميعاً.

المقابلة اللفظية في الآية:

- في هذه الآية من علمِ البديعِ: الطباقُ، وهو ذكرُ الشيء وضدِّه في "تعجَّل" و "تأخر" فهو كقوله: (وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ 43وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡيَا 44) النجم. لكن الطباق هنا غريب؛ إذ جَعَل ضدَّ تَعَجَّل: تأخَّر، وإنما ضدُّ تعجَّل: تأنَّى، وضدُّ تأخَّر: تقدَّم، ولكنه في "تعجَّل" عَبَّر بالملزوم عن اللازم، وفي "تأخَّر" باللازم عن الملزومِ.
- وفيها من علم البيان:المقابلةُ اللفظية، وذلك أن المتأخِّرَ بالنَّفْر آتٍ بزيادةٍ في العبادة فله زيادةٌ في الأجر على المتعجِّل، فقال في حقه أيضاً: (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) ليقابلَ قولَه أولاً: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ)، فهو كقولِهِ: (وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) الشورى 40، و (فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ) البقرة 194.






 
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2022, 01:59 PM   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ
وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ 203)









(وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ):

قد تقدم أن التَّقوى عبارة عن فعل الواجبات وترك المحظورات.
وقوله: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ): أي: حال الاشتغال بأعمال الحج وبعده ليعتد بأعمالكم فإن المعاصي تأكل الحسنات عند الموازنة. وأمر بالتقوى؛ لأنهم كانوا إذا رجعوا من حجهم يجترئون عليه - تعالى - بالمعاصي، فشدد فى تحذيرهم.
وقوله: (وَٱعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ): الأمـر في: (وَٱعْلَمُوآ) للتذكيـر، لأن ذلك معلوم عندهم، وقد تقدم آنفاً عند قوله: (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ 196) البقرة.
وهذا توكيد للأمر بالتَّقوى؛ لأن مَنْ تصور الحشـر والمحاسـبة والمسـاءلة، وأنّ بعد الموت لا دار إلاّ الجنَّة أو النَّار، صـار ذلك من أقوى الدَّواعي إلى التَّقوى.
وأمَّا الحشر: فهو ضم المفترق وسوقه، فيجمع القوم من كل ناحية، وهو اسمٌ يقع على ابتداء أوَّل خروجهم من الأجْداث، يوم لا مالك سواه ولا ملجأ إلاّ إيَّاه.
والمحشر مجتمعهم، يقال منه: حشر يحشر، وحشرات الأرض: دوابها الصغار.
وقال: (إِلَيْهِ) للدلالة على السوق إلى أمره يوم يكون هو وحده الملك مالك الملك.

ما قيل في بيان التقوى هنا:

في هذه التَّقوى وجوه:
1) "اتَّقى" فيما بقي من عمره، ولا يتَّكل على ما سلف من أعمال الحجِّ.
2) أنّ هذه المغفرة لا تحصل إلاّ لمن كان متَّقياً قبل حجِّه؛ كقوله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ 27) المائدة، لأن المصرَّ على الذَّنب لا ينفعه حجُّه، وإن كان قد أدَّى الفرض في الظَّاهر.
3) أنّه المتَّقي عن جميع المحظورات حال اشتغاله بالحجِّ.
4) لِمَن اتَّقَى الصَّيْد وما يلزَمُهُ اجتِنَابُه من محْظُورَاتِ الإِحْرَامِ.
ورد هذا القول الأخير بوجهين:
أحدهما: أنَّه تقييد للَّفظ المطلق بغير دليل.
والثاني:أنّ هذا لا يصحُّ إلاّ إذا حمل على ما قبل هذه الأيَّام؛ لأنه في يوم النَّحر إذا رمى وطاف وحلق، فقد تحلَّل قبل رمي الجمار، فلا يلزمه اتِّقاء الصَّيد في هذه الأيَّام.

لِمَ كرر التقوى، فقال: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) بعد قوله: (لِمَنِ ٱتَّقَىٰ)؟:

(وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) أمر في المستقبل، وهو مخالف لقوله: "لِمَنِ اتَّقَى" الذي أريد به الماضي، فلا يكون تكراراً.






 
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2022, 02:08 PM   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ
وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ 203)










حول مضمون الآية:

بعد أن أمر بذكره عند المشعر الحرام قال تعالى: (وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ) وكانوا لا يذكرونه هناك، وبذكره عند تمام قضاء المناسك بعد أيام منى حيث كانوا يذكرون مفاخر آبائهم. والأيام المعدودات هي أيام منى، وهي أيام التشريق، وأن أيام منى ثلاثة وهي التي يرمون فيها الجمار وينحرون فيها هديهم وضحاياهم، فمن فعل ذلك في اليومين الأولين منها جاز له، ومن تأخر إلى الثالث جاز له، بل هو الأفضل؛ لأنه الأصل، وفيه زيادة في العبادة. وإنما أمر - سبحانه - بالذكر في هذه الأيام ولم يأمر برمي الجمار؛ لأنه من الأعمال التي كانوا يعرفونها ويعملون بها، وقد أقرهم عليها، وذكر المهم الذي هو روح الدين وهو ذكر الله تعالى عند كل عمل من تلك الأعمال، وتلك سنة القرآن يذكر إقامة الصلاة والخشوع فيها، وذكر الله - تعالى - ودعاءه، وتأثير ذلك في إصلاح النفوس، ولا يذكر صفة القيام والركوع والسجود، وكون الركوع يفعل مرة في كل ركعة، والسجود يفعل مرتين، وإنما يترك ذلك لبيان النبي ﷺ له بالعمل. وذكر الله - تعالى - في هذه الأيام هو التكبير أدبار الصلوات وعند ذبح القرابين وعند رمي الجمار وغير ذلك من الأعمال، فقد رُوي عن الفضل بن العباس وأسامة بن زيد أنهما قالا: "لَمْ يَزَلِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ"*.
* روى عبد الله بن عباس: أنَّ أُسَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عنْه - كانَ رِدْفَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عَرَفَةَ إلى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ - رَضِيَ اللَّهُ عنْه - مِنَ المزْدَلِفَةِ إلى مِنًى، قالَ: فَكِلَاهُما قالَ: (الحديث).
صحيح البخاري (1544)، وصحيح مسلم (1280، 1281) باختلاف يسير.
ورُويَ أحمد والبخاري عن ابن عمر "أنه ﷺ كَانَ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ"*.
* عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهمَا: أنَّه كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حتَّى يُسْهِلَ، فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، ويَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ، ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، ويَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ويقومُ طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فيَقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُهُ.
صحيح البخاري (1751).
وورد في التكبير في أيام التشريق أحاديث كثيرة. وأما الذكر في عرفات ويوم النحر، فهو التكبير لغير الحاج وهو أعم. وقد قالوا: إن التلبية أفضل الذكر للحاج ويليها التكبير في عرفات والأضحى وأيام التشريق، ولفظ التلبية المأثور لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لك، لا شريك لك. هذا هو المرفوع، وله أن يزيد من الذكر والثناء والدعاء ما شاء، والتكبير المرفوع صحيحا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً، ويزيدون.

والمَبِيتُ الذي يسقُطُ به الواجبُ هو المبيتُ ليلًا، فلا يصدُقُ على البقاءِ نهارًا: مَبيتٌ، لا في لغةِ العربِ، ولا في اصطلاحِ الشرعِ، وأكثرُ الليلِ أو شَطْرُهُ يتحقَّقُ به المبيتُ، ولا يَلْزَمُ من المبيتِ النومُ ولا الاضطجاعُ.
ولا يلزَمُ المَبِيتُ مَن لا يَجِدُ إلا سَكَنًا غاليًا، أو لا سَكَنَ له إلا الطُّرُقاتُ، فليستْ موضعًا يجوزُ البقاءُ فيه، لِكَراهةِ ذلك، فالجلوسِ في الطُّرُقاتِ منهي عنه إلاَّ مِن بُدٍّ، فلا يُتعبَّدُ للهِ بذلك.
ولا يقيَّدُ وجوبُ المَبِيتِ بأنْ يصلُحَ المكانُ لمِثْلِهِ، وهذا شرطٌ لا وجهَ له، فإنّ مِنًى منذُ تاريخِ الإسلامِ، وهي مُناخُ مَن سبَقَ إليها بسَهْلِها وجَبَلِها، وليس مِثْلُها مَبِيتًا لأحدٍ عادةً، وكان الأمراءُ والعلماءُ والوُجَهاءُ والأغنياءُ يَبِيتُونَ في موضعٍ واحدٍ مع المأمورينَ والجُهّالِ والضعفاءِ والفقراءِ، ومَن وجَدَ مكانًا يَبِيتُ فيه غيرَ الطريقِ وما فيه مصالحُ الناسِ مِن الميادينِ العامَّةِ، وجَبَ عليه ولو كان وزيرًا أو أميرًا أو مَلِكًا. وقد أسست في منى بعض المساكن، وخيام كثيرة، تستوعب أكثر الحجيج، وضعت غالبيتها تحت إدارة المطوفين، الذين نرجو أن يراقبوا الله في تسعير رسوم الطوافة مراعاةً لقدرات الناس.
وقد جعل الله تعالى التخيير في التعجيل والتأخير مشروطاً بالتقوى فقال: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ) أي: من استعجل في تأدية الذكر عند هذه الأعمال التعبدية المعلومة، وهي رمي الجمرات في يومين من تلك الأيام المعدودات فلا حرج عليه، ومن أتمها كذلك، إذا اتقى كل منهما الله - تعالى - ووقف عند حدوده، فإن تحصيل ملكة التقوى هي الغرض من الحج ومن كل عبادة.
والجمار ثلاث، وهي كالجمرات جمع جمرة، ومعناها هنا مجتمع الحصى، من جمره بمعنى جمعه، ورميها من ذكريات النسك المأثورة عن سيدنا إبراهيم ﷺ كذبح القرابين هنالك، وعامة أعمال الحج ذكريات لنشأة الإسلام الأولى في عهد الخليل ﷺ وكل جمرة ترمى بسبع حصيات صغيرة كل يوم من الأيام الثلاثة أو الاثنين، وتمتاز جمرة العقبة منها بأنها ترمى قبل ذلك يوم النحر أيضاً.

ثم أمر بالتقوى بعد الإعلام بمكانتها فقال: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) أي: اتقوه في حال أداء المناسك وفي جميع أحوالكم. وقوله: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) وصاية بالتقوى وقعت في آخر بيان مهامّ أحكام الحج، وقد استُحضر حال المخاطبين بأحكام الحج في حال حجهم لأن فاتحة هذه الآيات كانت بقوله: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ) البقرة 197، ولما ختمت بقوله: (وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ) وهي آخر أيام الحج، وأشير في ذلك إلى التفرق والرجوع إلى الأوطان بقوله: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ)، عُقب ذلك بقوله تعالى: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) وصية جامعة للراجعين من الحج أن يراقبوا تقوى الله في سائر أحوالهم وأماكنهم ولا يجعلوا تقواه خاصة بمدة الحج كما كانت تفعله الجاهلية فإذا انقضى الحج رجعوا يتقاتلون ويغيرون ويفسدون، وكما يفعله كثير من عصاة المسلمين عند انقضاء رمضان.

ثم عطف على: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) قوله: (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ) أي: كونوا على علم يقين بأنكم تجمعون وتساقون إليه في يوم القيامة فيريكم جزاء أعمالكم والعاقبة للمتقين: (تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّٗا 63) مريم، وذكر الأمر بالعلم: (وَٱعۡلَمُوٓاْ) دليل على أنه لا يكفي في اعتقاد الحشر إلاَّ الجزم الذي لا يجامعه شيء من الظن، وقدم (إِلَيۡهِ) للاعتناء بمن يكون الحشر إليه، والمعنى: إلى جزائه؛ فإن العلم بذلك هو الذي يؤثر في النفس فيبعثها على العمل، وأما من كان على ظن أو شك فإنه يعمل تارة ويترك أخرى لتنازع الشكوك قلبه. ومن فوائد هذا الأسلوب أن تكرار الأمر بالذكر وبيان مكانة التقوى، ثم الأمر بها تصريحاً في هذه الآيات التي فيها من الإيجاز ما هو في أعلى درجات الإعجاز، حتى سكت عن بعض المناسك الواجبة للعلم بها - كل ذلك يدلنا على أن المهم في العبادة ذكر الله تعالى الذي يصلح النفوس وينير الأرواح، حتى تتوجه إلى الخير وتتقي الشرور والمعاصي، فيكون صاحبها من المتقين، ثم يرتقي في فوائد الذكر وثمراته فيكون من الربانيين.

والحشر: الجمع بعد التفرق فلذلك ناسب قوله: (تُحۡشَرُونَ) حالتي تفرق الحجيج بعد انقضاء الحج واجتماع أفراد كل فريق منهم إلى بلده بعد ذلك.واختير لفظ تحشرون هنا دون تصيرون أو ترجعون، لأن تحشرون أجمع لأنه يدل على المصير وعلى الرجوع مع الدلالة على أنهم يصيرون مجتمعين كلهم كما كانوا مجتمعين حين استحضار حالهم في هذا الخطاب وهو اجتماع الحج، ولأن الناس بعد الحج يحشرون إلى مواطنهم فذكرهم بالحشر العظيم، فلفظ تحشرون أنسب بالمقام من وجوه كثيرة، والعرب كانوا يتفرقون رابع أيام منى فيرجعون إلى مكة لزيارة البيت لطواف الوداع ثم ينصرفون فيرجع كل فريق إلى موطنه، قال امرؤ القيس يذكر التفرق يوم رابع النحر وهو يوم المحصب في منى:
فَلِلَّهِ عَيْنـــا مَن رَأى مِن تَفَـرُّقٍ ..... شَتَّ وأنْأى مِن فِراقِ المُحَصَّبِ
غَداةَ غَدَوْا فَسالِكٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ ..... وآخَــــرُ مِنهـــم جـازِعٌ نَجْـدَ كَبْكَبِ
وقال كُثير:
ولَمّـا قَضَيْنـا مِن مِنًى كُـلَّ حاجَـةٍ ..... ومَسَّـحَ بِالأرْكانِ مَن هو ماسِـحُ
وشُدَّتْ عَلى دَهَمِ المَهارى رِحالُنا ..... ولَمْ يَنْظُرِ الغادِي الَّذِي هو رائِحُ
أخَذْنـا بِأطْـرافِ الأحـادِيثِ بَيْنَنــا ..... وســالَتْ بِأعْنـاقِ المَطِيِّ الأباطِحُ
والمعنى من أبيات كُثير أنهم رجعوا لسالف عهدهم قبل الحج، وعاد كل منهم لعاداته. والآية تدعو الحاج لأن يواصل تقوى الله، ويكون الحج بداية لرباط مع الله لا ينقطع، حتى يثمر الحج ثمراته في النفس والقلب، لا أن يكون الحج مجرد رحلة يقوم بها كثيرون ابتغاء الحصول على لقب: حاج، دون أن تنعكس التقوى على أخلاقه ومعاملاته. وقد تكملت أحكام الحج المذكورة في هذه السورة من ذكر: وقت الحج إلى آخر فعل، وهو: النفر، وبدئت أولاً بالأمر بالتقوى، وختمت به، وتخلل الأمر بها في غضون الآية، وذلك ما يدل على تأكيد مطلوبيتها، ولِمَ لا تكون كذلك وهي اجتناب مناهي الله وإمساك مأموراته، وهذا غاية الطاعة لله تعالى، وبها يتميز الطائع من العاصي؟. ولذلك كانت خاتمة آيات الحج بذكر وعد الآخرة التي فيها يحاسب الناس على أعمالهم.






 
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2022, 02:18 PM   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

من وحي آيات الحج





قد تضمنت هذه الآيات الشريفة: أن الحج له أشهر معلومات، وجمعها على أشهر لقلتها، على ما يقتضيه ظاهر الجمع، ووصفها: بمعلومات، لعلمهم بها. وأخبر تعالى أن من ألزم نفسه الحج فيها فلا يرفث ولا يفسق ولا يجادل، فنهاه عن مفسـد الحج مما كان جائزاً قبله، وما كان غير جائز مطلقاً ليسوي بين التحريمين، وإن كان أحدهما مؤقتاً، والآخر ليس بمؤقت. ثم لما نهى عن هذه المفسدات، أخبر تعالى أن ما يفعله الإنسان من الخير الذي فرض الحج منه يعلمه الله، فهو تعالى يثيب عليه. ثم أمر تعالى بالتزوّد للدّار الآخرة بأعمال الطاعات، ودخل فيها ما هم ملتبسون به من الحج، وأخبر أن خير الزاد هو ما كان وقاية بينك وبين النار، ثم نادى ذوي العقول الراجحة، الذين هم أهل الخطاب، وأمرهم باتقاء عقابه، لأنه قد تقدّم ذكر المناهي، فناسب أن ينتهوا على اتقاء عذاب الله بالمخالفة فيما نهى عنه، ثم أنه لما كان الحاج مشغولاً بهذه العبادة الشاقة، ملتبسـاً بأقوالها وأفعالها، كان مما يتوهم أنها لا يمزج وقتها بشيء غير أفعالها، فبين - تعالى - أنه لا حرج على من ابتغى فيها فضلاً بتجارة، أو إجارة، أو غير ذلك من الأعمال المعينة على كلف الدنيا، ثم أمرهم - تعالى - بذكره عند المشعر الحرام إذا أفاضوا من عرفات، ليرجعهم بذكره إلى الاشـتغال بأفعال الحج، لئلا يستغرقهم التعلق بالتجارات والمكاسب، ثم أمرهم بالذكر على هدايته التي منحها إياهم، وقد كانوا قبل في ضلال، فاصطفاهم للهداية، ثم أمرهم بأن يفيضوا من حيث أفاض الناس، وهي التي جرت عادة الناس بأن يفيضوا منها، وذلك المكان هو عرفات، والمعنى أنهم أمروا أن يكونوا تلك الإِفاضة السابقة من عرفات لا من غيرها. وأتى بـ (ثُمَّ) للترتيب في الزمان، وفي الذكر معاً، على غير ما قال كثير من المفسرين.
ثم أمر بالاستغفار، والاستغفارُ في هذا الوقتِ أفضلُ الأذكارِ، فإنّه يُستحَبُّ إظهارُ الافتقارِ بالاستغفارِ عندَ تمامِ الأعمالِ، حتى لا يُورِثَ تمامُ الأعمالِ في النفوسِ تواكُلًا، فيَقَعَ الإنسانُ في الأمنِ والاتكالِ على عملِه، فيَنقطِعَ ويُسرِفَ على نَفْسِه.
ثم أمر بعد أداء المناسك بذكر الله تعالى. ولما كان الإِنسان كثيراً ما يذكر أباه ويثني عليه بما أسلفه من كريم المآثر، وكان ذلك عندهم الغاية في الذكر، مثل ذكر الله بذلك الذكر، ثم أكد مطلوبية المبالغة في الذكر بقوله: أو أشدّ، ليفهم أن ما مثل به أولاً ليس إلاّ على طريق ضرب المثل لهم؛ والمقصود أن لا يغفلوا عن ذكر الله - تعالى - طرفة عين.
ثم قسم مقصد الحاج إلى دنيويّ صرف، وإلى دنيويّ وأخروي، وبيّن ذلك في سؤاله، إياه وذكر أن من اقتصر على دنياه فإنه لا حظ له في الآخرة، ثم أشار إلى مجموع الصنفين بأن كلا منهما له مما كسب من أعمال حظ، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وأنه - تعالى - حسابه سريع، فيجازي العبد بما كسب.

ومن الملامح المستفادة من الآيات:

كانتِ العربُ شديدةَ المُفاخَرةِ بأنسابِها وأحسابِها، وصنائعِ آبائِها وأجدادِها، واتَّخَذَتْ مِن مَجامِعِها في الحجِّ في الجاهليَّةِ مواضعَ لذلك تذكُرُ آباءَها وتفاخِرُ بهم. وكان أهلُ الجاهليَّةِ يَقِفُونَ في المَوْسِمِ، فيقولُ الرجلُ منهم: كان أبي يُطْعِمُ ويَحْمِلُ الحَمالاتِ، ويَحْمِلُ الدِّياتِ، ليس لهم ذِكْرٌ غيرُ فِعالِ آبائِهم، فأنزَلَ اللَّهُ: (فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أوْ أشَدَّ ذِكْرًا).

وذَكَّرَ اللهُ عِبادَهُ بأمرِ الآخِرَةِ، لا كما يفعلُهُ العربُ في الجاهليَّةِ مِن استغلالِ المناسِكِ للدعاءِ بالرخاءِ في الدُّنْيا والسَّعَةِ فيها، ورُويَ أنه كان قومٌ مِنَ الأعرابِ يَجِيئُونَ إلى المَوْقِفِ، فيقولونَ: اللهمَّ، اجْعَلْهُ عامَ غَيْثٍ، وعامَ خِصْبٍ، وعامَ وِلادٍ حَسَنٍ، لا يَذْكُرونَ مِن أمرِ الآخِرةِ شيئًا، فأنزَلَ اللَّهُ فيهم: (فَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ).

ذَكَرَ اللهُ الحالَ الصالحةَ، فمدَحَها في قولِه: (ومِنهُمْ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ النّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسابِ)،
وهي حالُ قومٍ مِن الحاجِّ سَأَلُوا اللهَ دُنْيا وآخِرةً، فجعَلَ اللهُ لهم نصيبًا ممّا سَأَلُوا، ولم يَلُمْهُمْ على سؤالِ الدُّنيا مع الآخِرةِ، ولا في تقديمِ الدُّنيا في الدعاءِ على الآخِرةِ، رحمةً منه وسَعَةً على عِبادِه.


في آيةِ الدعاء: استحبابُ الإجمالِ في الدعاءِ، وسؤالِ اللهِ مِن عمومِ فَضْلِه، فإنّ سؤالَ اللهِ حَسَنةَ الدُّنْيا: كافٍ في قضاءِ اللهِ لمطلوبِ العَبْدِ، لأنّ اللهَ أعلَمُ بما يُصلِحُهُ وما ينفَعُهُ، ومِثلُهُ سؤالُ اللهِ حَسَنةَ الآخِرةِ، فيه تسليمُ أمرِ العبدِ للهِ، وإيكالُ ذلك إلى كَرَمِ اللهِ وفَضْلِهِ وإحسانِه.

في هذه الآياتِ: سَعَةٌ على الأُمَّةِ في العملِ للدُّنْيا في الحجِّ بما لا يفوِّتُ مَناسِكَهُ، ويَقْدَحُ في نِيَّتِه، مِنَ التجارةِ والإجارةِ والصناعةِ وغيرِ ذلك من كلِّ انتفاعٍ دنيويٍّ يحتاجُ إليه العبدُ في مَناسِكِهِ.

تركز الآيات في عدة مواضع على أهمية التقوى؛ لأنها:
- وصية الله لخلقه أجمعين من الأولين والآخرين من عباده قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ) النساء 131،
- أساس الإيمان، وخلاصة العبادة،
- بها ينجو الإنسان من الشدائد، وتزول بها الشبهات، ويجعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وييسر له الرزق من حيث لا يحتسب،
- كما أنها البوابة إلى رضى الله ونعيمه في الآخرة.






 
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2022, 04:24 AM   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
هادي علي مدخلي
أقلامي
 
إحصائية العضو







هادي علي مدخلي غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

بارك الله فيك
ورفع الله قدرك
تقبل الله من الجميع







 
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2022, 01:32 PM   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

اقتباس:
بارك الله فيك
ورفع الله قدرك
تقبل الله من الجميع
وبارك فيك، وأكرمك بفضله.
كل عام وأنتم بخير.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 12-07-2022, 04:35 PM   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة




إن الفضاء الإلكتروني مليء بترهات حول الحج، فمن قائل أن المقصود بالحج ليس الشعائر، فهي لا أصل لها، وإنما هو مجتمع للأمم المتحدة، يدرس الناس فيه أحوال الأمم، وقائل إن البيت الحرام والمشاعر إنما هي في الشام، والرسول - صلى الله عليه وسلم - خرج من اللاذقية، ورحلة هجرته كانت للبتراء، وقائل ثالث زعم أن البيت الحرام والمسجد الحرام هما إسمان للكتاب!، ورابع، وخامس ...
ولعل مرجع بعض هؤلاء هو أبحاث الاستشراق التي لا تخفى بواعثها على كل ذي عقل.

إن الشبكة العنكبوتية أفرزت كمية ضخمة من الأفكار، وأظهرت أناساً، فيهم المخلص، وفيهم المشبوه أو المأجور. ونحن ما زلنا نرى أن هذه الشبكة الإلكترونية فيها الغث والسمين، وعلى كل واعٍ أن ينقي ما يصل إليه، لينتقي ما فيه فائدة، ويجنب ما يتضح له زيفه.






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:08 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط