الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-07-2023, 05:45 PM   رقم المشاركة : 193
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

المدخـــل






الأمثال في القرآن الكريم:

وقد نستوحي من خلال هذا التساؤل: (مَاذَآ أَرَادَ اللّه بِهَـذَا مَثَلاً) أنهم يريدون التهرب من الحقائق الصارخة التي يجسّـدها المثل، لا سيما في النيل من معتقداتهم وتضليلاتهم وكفرهم ونفاقهم، فيواجهونه مواجهة عدم الفهم إمعاناً في الهروب من تحدّيات الحقّ ـ الذي تمثّله الرسـالة ـ للباطل المتمثّل في خطواتهم الكافرة والضالة، تماماً كما نشاهده في بعض الجماعات الكافرة التي تثير الضباب أمام الحقائق الدامغة بطرح الأسـئلة التي تجعل القضية تتحرّك في أجواء بعيدة عن الحوار الجديّ العميق.
لكنَّ اللّه - سبحانه وتعالى - يواجه هذا التساؤل بالجواب الحاسـم، فيوحي ـ من خلال الآية ـ بأنَّ دور المثل هو إقامة الحجّة للحقّ على النّاس، باعتباره أسـلوباً حياً من أسـاليب الاحتجاج للفكرة، فأمَّا المؤمنون فيتقبلونها بوعي لأنهم ينفذون إلى أعماقها، فتنفتح لهم منها آفاق المعرفة والإيمان، فيهتدون بها. أمّا الكافرون الذين لم تنفتح قلوبهم للحقّ، ولم يعيشوا مسؤولية الكلمة في حياتهم، فلا يحاولون أن يتفهموا وجه الحقّ في ذلك؛ بل يعملون على التهرب من مواجهة المسؤولية بإثارة الاعتراضات والتساؤلات التي لا يريدون بها إلاَّ المشاغبة والتشكيك بعيداً عن أية رغبة في المعرفة، أو نزوع إلى الإيمان، فيثيرون القضية في سـؤال يوحي للآخرين بأنهم لم يفهموا ماذا أراد اللّه بهذا المثل.
ولعل الوجه في نسبة الضلال والهدى إلى المثل الذي ضربه اللّه للنّاس، وأراد أن يضل به الكثير ويهدي به الكثير، على حسب مضمون الآية، هو أنَّ وجود الحجّة يحدّد للنّاس الموقف الذي يقفونه من قضايا الكفر والإيمان والهدى والضلال، فيهتدي به من ينسجم معه، ويضلّ به من يبتعد عنه (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ). ولعله لو لم يطلق اللّه - سبحانه - هذا المثل الذي يوحي بالمعاني التي يريد للإنسان أن يفهمها ويؤمن بها، لما انطلق الضالّ نحو الضلال بإرادته، ولما تحرّك المهتدي نحو الهدى باختياره. وفي ضوء ذلك، فإنَّ علاقة اللّه بالضلالة والهدى، لا تعطل الإرادة الإنسانية في الاختيار المسؤول.







التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 17-07-2023, 05:05 PM   رقم المشاركة : 194
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

المدخـــل






صفات الفاسقين:

(الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّه مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّه بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)

أراد اللّه ـ من خلال الآية ـ أن يجسد لنا بعض ملامح الفاسقين ليعرف النّاس منطلقات الفسـق التي تهدّم الركائز الأسـاسية التي يسـتند إليها كيان المجتمع، وأبرز هذه الركائز أمور ثلاثة:
1) الوفاء بالعهود والمواثيق: إنَّ ذلك هو الذي يؤكّد الثقة بين أفراد المجتمع ويحفظ لهم تماسكهم الاجتماعي. وعهد اللّه هو الأساس لكلّ هذه العهود، لأنها، في طبيعتها، منطلقة من إيحاءاته، وفي قيمتها، منفتحة على الالتزام به. ولذلك، فإنَّ نقض أيّ عهد يريد اللّه للنّاس أن يفوا به هو نقض لعهد اللّه، وذلك في الالتزامات الشرعية التي ألزم اللّه بها عباده في نطاق العلاقات الإنسانية، من خلال ما فرضه من الحقوق المتبادلة بينهم، أو في الالتزامات الذاتية التي يلتزمها النّاس على أنفسهم في معاملاتهم ومواثيقهم، في قضاياهم العامة والخاصة، لأنَّ اللّه أراد لهم الوفاء بالعقود، فلا بُدَّ للنّاس من أن يقفوا عندها في كلّ خصوصياتها والتزاماتها. إنَّ اللّه أراد للإنسان أن يحرّك وجوده في علاقاته به وبالناس وبالحياة من حوله، من خلال الالتزام الوجودي الذي ينطق في كلّ حركته وحيويته بالعبودية للّه، إذ ركّب فيه العناصر التي تحمل وحدانيته وتشهد بربوبيته، وهذا هو الميثاق الوجودي الذي قال عنه في سورة الأعراف: (وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ 172). ومن خلال الالتزامات التفصيلية في مسؤوليات الإنسان مع النّاس، ومع الحياة العامة والخاصة، التي تنطلق طاقاته لتمثّل الالتزام الواقعي بانفتاحه على الآخرين، وعلى مفردات الواقع التي هي بحاجة إليه، وهذا ما يعني بالدرجة الأولى إعطاء العهد من نفسه على أن يكون الإنسان المسؤول عن كلّ شيء يتكامل معه أو يحتاج إليه. هناك عهد بين اللّه وبين عباده بأن يوحّدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يطيعوه ولا يعصوه، وأن يستقيموا على خطّه وشريعته التي تمثّل الاستقامة على خطّ توحيده، ليرعاهم ويرزقهم ويرحمهم ويمنحهم ثوابه وجنته، وهذا ما نتمثّله في قوله تعالى: (وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡ‍ُٔولٗا 15) الأحزاب، وفي قوله: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّه وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ) الرعد 20، وقوله: (وَبِعَهْدِ اللّه أَوْفُواْ) الأنعام 152، فدعا إلى الوفاء بعهده في شـمولية الالتزام بخطّ العبودية المنطلق مع التوحيد في كلّ خطوات الإنسان وتطلّعاته في الحياة. إنَّ اللّه يريد جعل حركة الإنسان في الحياة، حركةَ التزام بينه وبين خالقه، وبينه وبين النّاس، وبينه وبين الحياة، ليتحرّك الإنسان من موقع الإحساس بالمسؤولية المنفتحة على كلّ خير، ليجد أمامه عهداً من اللّه بأن يتعهده بكلّ رحمته ولطفه ورعايته في الدنيا والآخرة، مما يجعل لديه الطمأنينة الروحية والسكينة، ويبتعد عن الشعور بالسلبية، فهو ملتزم بأن يقدّم طاقاته كلّها للنّاس وللحياة، وأن يخضعها لإرادة اللّه - تعالى - الذي سـخّر عالم الشهادة له، وعاهده بأن يحقّق له ما يشاء في خطّ الحكمة، والرعاية الربوبية، في الدنيا والآخرة.
2) المحافظة على الروابط الروحية والاجتماعية: هذه الروابط تقوي بنيان المجتمع وتجعله وحدة متماسكة تحقق المرتجى من هذا المجتمع الذي من أهم وظائفه أن يربط أعضاءه بالله، كما يربط بعضهم ببعض ليكونوا أشبه بلبنات يشد بعضها بعضاً. إنَّ خسارة الإنسان للهدف من وجوده تبعده عن المسؤولية الكبرى في تفجير طاقاته الإنسانية في سبيل حاجات الحياة والإنسان الآخر، بينما يفترض به أن يعيش التكامل في وجوده مع نظام الوجود في الناس والكائنات والآفاق. هذا هو الذي يوحي به الإيمان باللّه الذي يشعر معه الإنسان بأنَّ طاقته ليست حالة ذاتية له، بل هي أمانة اللّه عنده، فلا بُدَّ له من أن يحرّكها في الاتجاه الذي يجعل من حركتها في الوجود صلاةً روحية وجوديةً ترتفع به إلى المستوى الأعلى في درجات القرب من اللّه والسموّ في مدارج الكمال، وهذا ما يخسره الإنسان في خطّ الكفر الذي يحوله إلى إنسان غير مسؤول في وجوده إلاَّ من خلال حاجاته الذاتية التي يختنق فيها في دائرته الضيقة.

3) الإصلاح: إنَّ النزعة الإصلاحية التي تعمل على إصلاح ما فسـد من حياة النّاس، ومحاربة تجدّد الفساد وانطلاقه في المجتمع، سـواء في ذلك فساد العقيدة أو فساد السـلوك والوجدان، هي سـرّ الإيمان في حياة المؤمنين. وعندما ينطلقون في حياتهم لتقوية هذه الركائز؛ يحفظون عهد اللّه في كلّ التزاماتهم ومواثيقهم في العقيدة والحياة، ويصلون ما أمر اللّه به أن يوصل في علاقة الإيمان والقرابة والجوار وغيرها، ويصلحون ما فسـد في الأرض، ويقفون ضدّ المفسدين، وبذلك يتحوّل الإيمان والفسـق إلى عنصرين فاعلين في بناء المجتمع أو تهديمه بدلاً من أن يكونا عنصرين ذاتيين يحكمان النوازع الفردية للإنسان.

إنَّ (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّه مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ) يخسرون أنفسهم لأن الهدف من وجودهم على الأرض هو تحمل مسئولية الخلافة. ومسئولية الخلافة هي التي تكفل نمو الحياة وتطورها لمصلحة الجنس البشري كله. وإذا فهم الإنسان هذه الحقيقة الوجودية، وانفتح على ما أوحى به الله - تعالى - لرسله، سار على طريق مستقيم، والتزم في كل أقواله وأفعاله ومواقفه الصلاح والإصلاح في كل جوانب الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. حينئذ لا يبقى ظلم ولا عدوان، ويتحقق الأمن الفردي والاجتماعي، ويتجنب المجتمع كل عوامل التمزيق والهدم، ولصار وقتها ذلك المجتمع عرضة لجائزة الله على الأرض: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) الأعراف 96.






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:25 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط