الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-09-2014, 05:37 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حمد النيل عثمان
أقلامي
 
إحصائية العضو







حمد النيل عثمان غير متصل


افتراضي جماليات النَّص القرآني (3)

من جماليات التعبير القرآني في سورة الكهف (2)
وفي السورة ذاتها يأتي التعبير القرآني ليفرِّق بين الفعلين " تَسْطِعْ " و " تَسْتَطِعْ "، والفعلين: " اسطاعوا " و " استطاعوا" ، فقد ذكر الله تعالى في قصة سيدنا موسى مع الخضر (عليهما السلام) في سورة الكهف ثلاثة أحداث أثارت اعتراض سيدنا موسى وهي خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار بدون أجر. وقبل أنْ يفارق الخضر سيدنا موسى ذكر له الحكمة من الثلاثة أفعال. ولكنَّه قبل أنْ يؤوِّل سببها قال له: { قال هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي ، وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } (الكهف: 78). قال القرطبيُّ: " فراق بيني وبينك يا موسى بحكم ما شرطت على نفسك، وتكريره {بَيْنِي وَبَيْنِكَ} وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد.. وقال ابن عباس : وكان قول موسى في السفينة والغلام لله، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيافكان سبب الفراق"[1] ، وبعدما أوَّلَ الخضر عليه السلام لسيدنا موسى الأحداث قال له: { ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}، فجاء التعبير القرآني في الآية الأولى : (تستطع) وفي الثانية (تسطع) ، اختلف المفسرون واللغويون في ذلك على أقوال؛ منها ما قاله الفخر الرازي : " فحذف التاء للخفة لأن التاء قريبة المخرج من الطاء {فَمَا اسْطَـاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} أن يعلوه أي ما قدروا على الصعود عليه لأجل ارتفاعه وملاسته ولا على نقبه لأجل صلابته وثخانته"[2] ومن حكمة ذلك أنَّ السياق القرآني قد راعى الحالة النفسية لسيدنا موسى عليه السلام قبل أنْ يعرف تأويل سبب تلك الأفعال التي أنكرها فناسَب إظهار التاء في "تستطع" لبيان ثقل هذا الأمر عليه بسبب الهم والفكر الحائر. فصار بناء الفعل ثقيلاً (خمسة أحرف) فناسب ثقل الهم ثقل بناء الفعل. وحذف التاء من كلمة " تسطع " مما جعل بناء الفعل مخففاً (أربعة أحرف) وهذا التخفيف مناسب للتخفيف في مشاعر سيدنا موسى بعد أنْ علم الحكمة من أفعال الخضر فارتاحت نفسه وزال ثقلها. ومثل ذلك في نفس السورة الكريمة عند الحديث عن سد ذي القرنين الذي بناه ليمنع خروج يأجوج ومأجوج قال تعالى: { فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوه. وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} (الكهف: 97)، والضمير في (اسطاعوا) (واستطاعوا) عائد لـيأجوج ومأجوج، ومعنى يظهروه: يتسلقوه ؛ إذ إنَّ الظهور العلو، أما النَّقب فهو كسر الردم ، أي يخرقوه، ويرى ابن عاشور أنَّفي الجمع بين (اسطاعوا) و(استطاعوا) تفنن في فَصَاحَةِ الْكَلَامِ كَرَاهِيَةَ إِعَادَةِ الْكَلِمَةِ. وَابْتُدِئَ بِالْأَخَفِّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ وَلِيَهُ الْهَمْزُ وَهُوَ حَرْفٌ ثَقِيلٌ لِكَوْنِهِ مِنَ الْحَلْقِ، بِخِلَافِ الثَّانِي إِذْ وَلِيَهُ اللَّامُ وَهُوَ خَفِيفٌ. وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُبْتَدَأَ بِفِعْلِ اسْتَطاعُوا وَيُثَنَّى بِفِعْلِ اسْطاعُوا لِأَنَّهُ يَثْقُلُ بِالتَّكْرِيرِ"[3] ، ويرى السامرائي أنَّ حذف التاء في {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} ؛ " لأنَّ المعنى هو عدم استطاعتهم تسلق السد لكونه أملساً وخالياً من أيِّ نتوء يمكن الإمساك به. وبما أنَّ التسلُّق يحتاج خفة ورشاقة ومهارة فكلَّما كان الشخص أخفَّ كان تسلقه أسهل"[4].. تقول العرب : (الزيادة في المبنى زيادة في المعنى في غالب الأحيان) فما بناه ذو القرنين من جدار حديديٍّ مذاب أملس عالٍ ، يصعب على المتسلِّق وعلى من يريد أن يثقبه ، فجاء تخفيف بناء الفعل كأنَّه يشارك المتسلق في تحمَّل بعض أحماله. أمَّا " مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا " فقد أثبت التاء لأنَّ ثقب الجدار يحتاج معدات ثقيلة فكلَّما كانت المعدات أثقل كان النقب في السد أيسر.. وكذلك لأنَّ النقب يحتاج إلى جهد عضلي أكبر. ولعلَّ هذا يشير إلى إعجاز القرآن في ألفاظه ومعانيه التي تأتي متَّسقةً مع متساندة في الوفاء بالمقصود ، وهذا قمَّة الإعجاز .


[1] الجامع لأحكام القرآن ، ج 1 ص 33 .

[2] تفسير الفخر الرازي ج 21ص 500.

[3] ابن عاشور (محمد الطاهر بن محمد ): تفسير التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» ، الدار التونسية للنشر – تونس ، 1984م ، ج 16 ص 38ـ

[4] لمسات بيانية في نصوص التنزيل ، ص 293.






التوقيع

اللهم صلِّ على سيدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط