الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-2009, 02:12 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د.عبد الرحيم الهبيل
أقلامي
 
إحصائية العضو







د.عبد الرحيم الهبيل غير متصل


Ss7001 الجزء الأخير من تجليات الجمال في التشبيه

التناسق الدلالي والتلاحم:
وحياة التشبيه وجماله وبخاصة التمثيلي التركيبي منه لا تتأتى إلا من جودة الصياغة اللغوية؛ بحسن ترتيب اللفظ أو معناه، وتناسقه الدلالي، ففيهما تبرز صنعة الفنان وحذقه وعبقريته، ولقد قرر ليبنتز أن المعرفة العقلية المتميزة معرفة فنية إلى حد ما، وأن التصورات المركبة أكثر شاعرية من الأفكار البسيطة([i])، والتشبيه التمثيلي في حاجة إلى الجملة والجمل لأنه عقلي محض، ووجه الشبه فيه منتزع من مجموع تلك الجمل، مما يحتم أن يكون الكلام متلاحماً كأنه جملة واحدة([ii])، ففي قوله تعالى "إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما بأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تعن بالأمس"([iii]) يقول عبد القاهر الجرجاني "كثرت الجمل فيه، حتى إنك ترى في هذه الآية عشر جمل إذا فصّلت. وهي وإن كان قد دخل بعضها في بعض حتى كأنها جملة واحدة، فإن ذلك لا يمنع من أن تكون صور الجمل معنا حاصلة تشير إليها واحدة واحدة. ثم إن الشبه منتزع من مجموعها، من غير أن يمكن فصل بعضها عن بعض وإفراد شطر من شطر، حتى إنك لو حذفت منها جملة واحدة من أيّ موضوع كان، أخلّ ذلك بالمغزى من التشبيه"([iv])، لتعلق التشبيهات ببعضها وتداخلها على نحو متناسق مركب غير بسيط، فمما يميز التشبيه التمثيلي المركب تلاحمه بتداخل المعاني فيه، حتى يغدو التشبيه في صفاته مختلف عما انتزع منه، كما أنه يتميز بعدم قبوله فض التركيب اللغوي الخاص به، أو تحديد جزئياته، ففيه لا يصلح أن يكون أحد طرفيه مستقلاً عن الآخر، وعليه فإن التغيير في صياغته يفقده جمالياته، ففي قول ابن المعتز:

غدا والصبحُ تحت الليل بادٍ كطرف أشهب ملقى الجلال

جاءت كلمة الجلال في مقابلة الليل ظاهرياً، ولكن إذا قلت كأن الليل جلال وسكت لم يكن شيئاً، فالجمع في التشبيه المركب لا يمكن تفريقه لتلاحمه، كما انك تجد أن أحد المشبهين في الغالب قد ذكر متصلاً بالآخر، ولم يعطف عليه، وإن جاءت الواو كانت واو حال([v])، كما في قول القاضي التنوخي:-
كأنما المرّيخ والمشترى
.

قدّامه، في شامخ الرفعةْ
.
منصرف بالليل عن دعوة
.


قد أسرجت قُدَّامه شمعةْ
.

فالواو في قوله والمشتري "حالية، فهي كالصفة في كونها تابعة"([vi])، ولو أنك قلت "كأن المريخ منصرف بالليل عن دعوة، وتركت حديث المشتري والشمعة، كان خلفاً من القول، وذاك أن التشبيه لم يكن للمريخ من حيث هو نفسه، ولكن من حيث الحالة الحاصلة له من كون المشتري أمامه. وإن كنت تقول: والمشتري شمعة، على التشبيه العامي الساذج في قولهم: (كأن النجوم مصابيح وشموع)، فإنه لم يضع التشبيه على هذا، وإنما قصد إلى الهيئة التي يكتسبها المريخ من كون المشتري أمامه"([vii]).
وقد يستوي التشبيه في طرفيه إذا فض تركيبه إلا أن الحال ستكون مغايرة عما كان عليها التشبيه قبل فضه فإذا قلت في قول طالب الرّقى:

وكأن أجرام النجوم لوامعاً دررٌ نثرن فوق بساط أزرق

(كأن النجوم دررٌ، وكأن السماء بساط أزرق) فإنه سيكون مستساغاً، ولكن مقدار الإحسان في قول الشاعر قد ذهب لإزالة الجمع والتركيب، وليس من فقدان الوزن الشعري إذ المقصود أن يريك الشاعر هيئة تملأ النواظر عجباً من ائتلاف النجوم المتلألئة لا المتفرقة في أديم السماء وهي تزهو بزرقتها الصافية([viii]).
وهكذا، فإن البلاغة في أوج ازدهارها تعود مرة أخرى إلى فكرة التلاحم التي طرحها الجاحظ في مرحلة التأسيس، مما يؤكد بأن البلاغة كانت دوماّ تعيش مرحلتين متتاليتين، الأولى تبدو تأسيسية إجمالية. والأخرى تفسيرية تفصيلية.
وبعد، فيمكن أن نخلص من كل ما تقدم إلى:
- أن التشبيه كان صورة صادقة لمسيرة الذوق العربي، ولتطور الفكر الجمالي عند العرب، فبعدما كانت الصورة البلاغية في الأغلب الأعم حسية، أصبحت الصورة لدى عبد القاهر "إعادة إنتاج عقلية، ذكرى، لتجربة عاطفية أو إدراكية غابرة، ليست بالضرورة بصرية"([ix])، حتى كأن الإمام الجرجاني قد اتفق مع ريتشاردز حينما ذهب إلى أن النقاد قد علقوا كثيراً "من الأهمية على الصفات الحسية للصور، لأن ما يعطي الصورة فاعليتها، ليس حيويتها كصورة بقدر ميزتها كحادثة ذهنية ترتبط نوعياً بالإحساس"([x]) لكن ذلك لم يمنعه من تفصيل جماليات المحسوس، ولكن وفق العمليات العقلية الأساسية للفن، الإدراك والتخيّل، لأن حقيقة أمر الشعر إنما هو التخيّل والمحاكاة ولذلك ذهب هربرت ريد Read إلى أن الحساسية الجمالية لا تختلف كثيراً عن الإدراك نفسه([xi]) وإلى أن هناك مطابقة "بين علم الجمال وبين عمليتي الإدراك والتخيل"([xii])، كما أن الإمام الجرجاني أثبت في تناوله لكثير من التشبيهات الحسية التي طرقها البلاغيون من قبله أن "اللغة البدائية هي التي إذا حاول الكلام فيها أن يكون فكرياً أو(عقلانياً) اضطر أن يكون أيضاً صورياً أو محسوساً"([xiii])، وأن معنى العمل هو معنى أولئك الذين يتلقونه، فالمعنى يتغير بتغير شروط التلقي التاريخية والاجتماعية أي أن معنى العمل يتكون في التاريخ نفسه([xiv])، وأن البنية ليست أمراً موجوداً في صميم الأشياء ولكنها مبدأ عقلي يفسر النظام والعلاقات، وبهذا فقد بين الإمام الجرجاني أن أحد المعاني للجمال أنه إدراك فردي عقلي متميز لما هو قائم في الأشياء والنفس والحياة واللغة.
- أن جماليات التشبيه، صنفان، جمال ظاهري حسي قريب، وجمال باطني فكري بعيد، وأن الجماليات الباطنة غالباً ما تكون فنوناً بلاغية مدمجة في قلب التشبيه، ولذلك لا تبين إلا بالتأمل وحسن التذوق.
- أن الجمال يتغير وفق تغير السياق ومقتضياته؛ فهو لا يثبت على حال لأنه حر يقوم على التضاد تارة، وتارة أخرى يتشكل بالمشابهة أو بالنظائر.
- أن التشبيه عبر بجلاء عن فكرة الثنائية أو التغاير أو التمايز، وسبل الجمع بين المؤتلف والمختلف، فكان مثالاً صادقاً لآلية النظم بشكل عام، وللصورة البديعية بشكل خاص.
- أن تطور الوعي الجمالي عند العرب تم بالانتقال من الجزء إلى الكل، ومن الحس إلى العقل؛ فقد اعتنى العربي منذ البداية باللفظة ومميزاتها السمعية، ثم انتقل إلى التراكيب وقيمها الصوتية ثم المعنوية العقلية؛ فأبرز قيمة مواضع الألفاظ، وكيفية النسق البنائي لها، وكثف الإضاءة على التناسق الدلالي للتراكيب، دون أن تختلف جماليات اللفظة عن محاسن التراكيب في جميع المراحل التطورية للذوق، لأن المحاسن كانت تعتمد على جذور ثابتة تتشابك من حولها أغصان متجانسة فيما بينها، متشابكة مع أصولها.
- أن الذوق العام والمتطلبات اللغوية المعجمية، قد غلب على الممارسات الجمالية في مراحلها الأولى نتيجة لغلبة الطابع الحسي على التصور الجمالي عند المبدعين والبلاغيين، أما الذوق الخاص والمتطلبات الجمالية فقد غلبت على الممارسات الجمالية في مراحل الازدهار، نتيجة لغلبة الطابع العقلي التأملي على التصور الجمالي عند الشعراء المحدثين العباسيين وبعض البلاغيين في القرنين الخامس والسادس الهجريين وبخاصة الإمام عبد القاهر الجرجاني والشيخ الزمخشري، لكن ذلك لم يكن مسوغاً للتفريط بالجانب الحاسي الذي تطرق إليه الأوائل؛ لقيمة الجانب الإيقاعي في إشاعة جماليات الصورة وحسنها، ولذلك كان البلاغيون "يبدأون دائماً من منطقة الجمال الشكلي أو الظاهري، أو الجمال الحر الذي يمتع دون مفهوم ودون غاية"([xv]).
- أن العرب اشترطوا في المشبه به أن يكون أكبر وأضخم لتحقيق الغاية من التشبيه، وهي فيض الطرف الثاني على الطرف الأول فيجليه ويكشف عن المعنى المراد.
- ولم يقبل البلاغيون استبدال مواقع الطرفين (التشبيه المقلوب أو المعكوس) إلا بعد انتشار التشبيه وذيوعه، لأن انتشار التشبيه وذيوعه أي بعد تعادل الطرفين في القيمة والتأثير، ومن ثمَّ لم يستحسنوا تغيير مواقع الطرفين لإحداث الجدّة والغرابة المرجوة من كل تشبيه أو تصوير.
- وقف بعض البلاغيين موقفاً سلبياً من التشبيه المعكوس لأسباب فنية من أهمها؛ المحافظة على جمالية التطور والترقي.
- أن مفهوم الجمال عند البلاغيين لم يكن في بداية الأمر موضوعياً يعتمد على النسيج اللغوي، لأنه اعتمد في مراحله الأولى على الانفعال والذاكرة، والتسليم بذوق الآخرين.
- يرتبط تذوق الفنون والوعي بجمالياتها ارتباطاً وثيقاً بالوعي الثقافي والاجتماعي، ولهذا يمكن القول بأن "القوانين التاريخية لتطور الفن تعمل وفق القوانين التاريخية لتطور المجتمع"([xvi]).
وهكذا فإن تقسيم جماليات البلاغة إلى قسمين؛ جمالية الألفة والإيقاع، وجمالية التأمل والغرابة، كان تقسيماً تغليبياً، إذ إن الأوائل أشاروا في أكثر من موضع إلى الجانب العقلي والتأمل وبخاصة في سياق إضاءة الإيجاز والغموض وتعددية الدلالة.

([i]) مراد وهبه، قصة علم الجمال 29، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، الطبعة الأولى 1996م.

([ii]) انظر: أسرار البلاغة 108، 109، 144، ودلائل الإعجاز: 93، 95-96.

([iii]) يونس: 24.

([iv]) أسرار البلاغة 109.

([v]) المصدر نفسه 193، 196، 198.

([vi]) المصدر نفسه 198.

([vii]) أسرار البلاغة 196-197.

([viii]) انظر: المصدر نفسه 193.

([ix]) اوستن وارين ورينيه ويليك، نظرية الأدب 240، ترجمة محيي الدين صبحي، مراجعة د. حسام الخطيب، المجلس الأعلى لرعاية الفنون، دمشق، 1972م.

([x]) نظرية الأدب 241. وانظر: ريتشاردز مبادئ النقد الأدبي 177، ترجمة مصطفى بدوي ولويس عوض، وزارة الثقافة والإرشاد، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة، 1961م.

([xi]) انظر: هربرت ريد، التربية عن طريق الفن 18 19، ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد، مراجعة مصطفى طه حبيب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى 1996م.

([xii]) المرجع نفسه 19.

([xiii]) جون كرورانسنوم، الشعر كلغة بدائية 89، ضمن كتاب الأديب وصناعته، ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية 1983م.

([xiv]) انظر: النقد الأدبي في القرن العشرين 149.

([xv]) انظر: الأسس الجمالية في النقد العربي 170.

([xvi]) مقدمة في نظرية الأدب 90.






 
رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009, 11:08 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
د.مصطفى عطية جمعة
أقلامي
 
إحصائية العضو







د.مصطفى عطية جمعة غير متصل


افتراضي رد: الجزء الأخير من تجليات الجمال في التشبيه

أخي الحبيب / د. عبد الرحيم
سلام الله عليك
وكل عام وأنت بخير
بحثك جميل ، معمق ، يوضح كيف أنك مهموم بالبعد التراثي في البلاغة العربية ، والتشبيه من أركانه ، وقد جاءت هذه الحلقة لتكون ختام هذا البحث الجميل . أدعوك - أخي الحبيب - لمزيد من التناول الجديد للبلاغة العربية القديمة من خلال طروحات علم الأسلوب الحديث ، وكيف طرح الكثير من الآراء في التماسك النصي ، وفي التميزات الأسلوبية ، وفي هذا الصدد يأتي كتاب د. صلاح فضل ( علم الأسلوب ) ، وأبحاث د. سعد مصلوح ، وكتاب جون كوين " بناء لغة الشعر " ترجمة د. أحمد درويش .
وقد أنجزت في رسالتي للماجستير وهي بعنوان " خصائص الأسلوب في صحيح البخاري " رؤية مضافة عن ذلك
أكرر شكري وتقديري إليك







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط