|
|
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-11-2014, 01:38 AM | رقم المشاركة : 25 | |||
|
رد: وَلي فيها ذِكريات،! || رواية
عَبد الكريم قاسم |
|||
21-12-2014, 03:31 PM | رقم المشاركة : 26 | |||
|
رد: وَلي فيها ذِكريات،! || رواية
(12) البُعد لا يُنسينا الراحل يا غالية، بل يَجعل منا ضُعفاء مُحتاجين لصدقةٍ معنوية فنَطرُق نافذة الذاكرة كُلَ حين لتُعيرنا بعضًا من عاداته لنرتديها، وكأن بتكرارِ أعماله نَوعٌ من خُبثِ العزاء. أعرفُ بأنكِ ستتنهدين الآن وتنعتينني بالضعيفة والحمقاء ايضًا، وأعرفُ بأنني أمتثل الان امام مشاعري مُتجردةً من كُل قوةٍ كتلك النساء التي اعتدتُ أن أذم مواقفهن امام الحُب... أعلمُ بأنك ستقولين بأنه علي أن أتخلص منه كي أسترد ذاتي، لكن سام يا غالية كالوشمِ العتيق مختوم على جدران قَلبي، لم أشعرُ الا بوخزةٍ صغيرة حين إرتسم وأخشى من المِ الخلاصِ منه وهو لم يأتني بالسبب. يقولُ بأن مُجاراتي أتعبته... انا اتعبته يا غالية.. ذلك الذي خطى الى حياتي واثقًا وبعثرَ في طريقه كل الأوراق التي كُنت قد حرصتُ على ابقائها تائهة في دهاليز اللاوعي في داخلي، وفتش بفضولٍ مُزعجٍ عن اسباب هروبي من بلدي الى احضانِ مدينةٍ كُلما كثُر سكانها عظمت وَحدتهم، ونبشَ كل جروحاتي بشرقيته الباذخة... يقولُ بأنني أتعبته. فَليكن! أتعبتُه في حضوره، وها هو يقتلني ببطء كل يومٍ في غيابه. اشعرُ به في كُلِ مكانٍ حولي يا غالية وكأن طيفه شبحٌ يتوجس لي عند أي تغيير. لم يَعد بإمكاني أن أقلب محطة التلفازِ عن النشرةِ الاخبارية خوفًا من أن يغيبَ عنه أي خَبرٍ عاجل من الوَطن. الوطنُ الذي كان حديثه ومأكله ومشربه، والذي يتوجه في اعلى درجاتِ الصبابةِ والحُبِ لديه. لا ادري يا غالية كيف اجتمعا اثنين مُشبعين بهذا الكم من التناقُضِ تحتَ ميثاقٍ واحد. أنا المُثقلة من بلادي وهو المغترب الذي لا يَنفكُ يتغنى بشامه وياسمينه ويحلمُ بالعودةِ الى ذاتِ الحي الذي لم يبق منه سوى الركام. في لقاءاتنا الاولى كان يسألني كثيرًا عن مسقط رأسي، وكنت أكتفي باجابة موجزة. كان يَظنُ في البداية أنني كبقية زملائنا في الفصل جئتُ لنيويورك بمنحةٍ تعليمية وفورَ انتهائي من اللقب سأعود ادراجي تاركة هذه البلاد الغريبة لأهلها. وحينَ أخبرته بأن تاريخَ صلاحيتي في هذا المكان بعيدُ الامدِ لم أفهم حقًا أأسعده ذلك ام احزنه. لكنه أرسلَ لي في تلك الليلة رسالة الكترونية تعبقُ ببلدي حد الاختناق... "أعيشُك في المَحلِ تينًا وزيتًا والبس عريك ثوبا معطر.. وابني خرائب عينيك بيتا.. واهواك حيا، واهواك ميتا وان جعت اقتات زعتر.. وأمسح وجهي بشعرك، الملتاع يحمر وجهي المغبر واولد في راحتيك جنينا وانمو، وانمو واكبر " - لماذا؟ - اليس هكذا الحُب في بلادك؟ - سامي، ارجوك. - لماذا تتهربين من الحديثِ عن بلدك؟ -انا؟! كيف ذلك؟ اسالني عن أي منطقةٍ ما في مانهاتن وسأسردُ لك حكايتها. - ها قد عُدنا للتهرب ثانية... - انا لم اتهرب! سألتني عن بلدي... تعريفُ البلدِ لدي هو المكان الذي يحتويك بكل ما فيك... الوطن يا سامي هو المكان الذي تتوقف فيه كل محاولاتك على التأقلم وليس مكان ولادتك.. - انتِ تُنكرين أصلك.. - هو من لفظني.. - لا خيرَ فيمن لا خيرَ يرجوه لبلده. -حسنًا، لا خير بي. اتركني وشأني اذًا... - انتِ لي في هذا البلد الموحش شام يا امل... هي حملت صباي وانتِ فيكِ سأكبر! - أتضعنني انا والشامِ في ذاتِ الدرجة؟ - لكي تثقي بي حين اقول لكِ بأنك لستِ كالاخريات - ليتَ لي يا سامي بقعةً أنتمي لها، وأشعرُ بالحنينِ بين فينة واخرى لليلة مسروقة في ازقتها. انا اغبطكَ كلما حدثتني عن سوريا وعن لوعتك لتمشط ارصفتها ليلًا ولتُمسكَ بيدي نعد انوار مدينتك من قاسيون... - انت تملكين ذلك! لكنك شطبتها من بنود هويتك... - لو لم افعل ذلك لبقيتُ مُرهقة ابدَ الدهر. أنا أنتمي للامكان... اينما تجدُ تُرابًا لا يتخاصم حوله أحد حتى تملأهُ الدماء ومكانًا خالٍ من علاماتِ الاستفهام التي تُحيط بك من كل جانب ذلك هو وطني. - ولمن تتركين القُدس يا امل؟ - لا طاقة لي على استيعاب تناقُضاتِ تلك المدينة أكثر، وعيناي لم تعد تستطيعُ تحمل منظر الوشاح الرمادي الذي يكتسي سماءها... - اتتخلين عنها بهذه السرعة؟ - المدينة التي تقبل كُل من اتاها مؤمنًا كان او كافرًا تخلت عني يا سامي... كبرياؤها العريق لم يتقبل تأشيرة دخولي الحزينة اليها... أجريمةٌ أنني لا اريدُ ان اكونَ جزءًا من صراعٍ لا ينتهي؟ - كلا... - انا لستُ خائنة يا سامي... كُل ما في الامرِ أني تعبتُ من اعطائي التبريرات لكُلِ ما اقوم به، وأن يُكون محتومٌ على ارائي مناصرة احدى الجهات حتى لو كانت صامتة! بلادي لفظتني من رحمِ الموتِ ذاك الى عاصمة الضجيج حيثُ أجني ما اصنع فقط ولا ادفعُ ثمن ملامحي اينما وجهتُ بصري... - "وحين اساق، وحيدا لاجلد بالذل اضرب بالسوط في كل مخفر احس بأنا حبيبان ماتا من الوجد سمرا واسمر تصيرينني واصيريك تينا شهيا ولوزا مقشر وحين يهشم رأسي الجنود واشرب برد السجون لانساك.. اهواك اكثر" - أتعدني بذلك؟ - بماذا؟ - بأنك كلما حاولت نسياني ستهواني اكثر... - اعدك. // لا زلتُ اتصفحُ الجرائد التي كُنت اتركها في اسفلِ الدُرجِ له، ونشرة الاخبار أصبحت فيروزيّ الصباحي وتهويدة ما قبل النوم. صفحاتي الاجتماعية تتقيأ المًا ودمعًا، لكنني لا زلتُ اتابعها بهوسِ مراهقة تُؤمن بوعدِ الوقوفِ على قاسيون ومبيتِ ليلةٍ في الجليل. احتاجُ لجرعة منه يا غالية، جرعة واحدة كفيلة لتُميته بداخلي او لتُحييني. |
|||
26-04-2015, 03:16 AM | رقم المشاركة : 27 | |||
|
رد: وَلي فيها ذِكريات،! || رواية
|
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|