|
|
|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
![]() |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 61 | |||
|
![]() (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١) حول مضمون الآية: وقد تقدَّم تحقيق معنى العبادة ومعنى الربّ في قراءتنا لسورة الفاتحة. وبدء الدعوة بالأمر بعبادة الله تعالى وحده: هو سنّة جميع المرسلين قال تعالى: (وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ ) النحل 36، وقال حكاية عن نوح وهود وصالح وشعيب في الأعراف وهود والمؤمنون: (يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ) وذلك أنّ جميع تلك الأمم كانت تؤمن بأنّ الله هو خالق الخلق، لكنهم كانوا يتوجهون بالدعاء لغيره، والاستغاثة بهم، ويتقربون إليهم بالنذور وذبح القرابين أو الطواف والتمسّح بهم، ظناً منهم أنهم يضرون وينفعون، أو أنهم شركاء لله، يدبرون عنه الكون، ويسيرون حيوات الناس. ولمّا كان المخاطبون بالدعوة هنا أوّلاً وبالذات في ضمن الدعوة العامّة، وهم اليهود والعرب في المدينة وما حولها يؤمنون بربّ العالمين ووحدانيّته ويعبدون غيره، إمّا بدعائه مع الله أو من دون الله، وإمّا بجعله شـارعاً يتبعونه فيما يصدره من أحكام التعبّد أو الحرام والحلال، احتج على دعوتهم إلى عبادة الله - تعالى - بالتعبير بلفظ "ربّ" مضافاً إليهم فقال: (ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ)، ليُخرج من الصورة كل الأرباب الأخرى التي يعبدها المشركون، ظلماً وعدواً، فكيف يُتوجه إليها بالعبادة، وهي مخلوقة، ومقهورة لرب واحد أحد؟! وإنه سبحانه أمر بعبادته، والأمر بعبادته موقوف على معرفة وجوده، ولما لم يكن العلم بوجوده ضرورياً بل استدلالياً لا جرم أورد ما يدل على وجوده. والطريق إلى إثباته - سبحانه وتعالى - بعدة طرق: 1) دليل الحدوث: يعد دليل الحدوث من أشهر الأدلة العقلية التي استخدمها علماء الكلام، وهو يقوم على فكرة أن الكون حادث؛ أي مخلوق؛ أي: وُجد بعد أن كان عدماً، لذا لا بدّ له من مُحْدِث؛ أي خالق. ومن الآيات القرآنية الدالة عليه قوله تعالى: (أَوَ لَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡٔٗا 67) مريم، وقوله: (أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ 35 أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ 36 أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۜيۡطِرُونَ 37) الطور. ولإثبات أن الكون مخلوق قالوا: إن الكون يتكون من أجسام وصفات لهذه الأجسام، والأجسام تسمى جواهر، والصفات تسمى أعراض. إن الصفات أو الأعراض متغيرة غير ثابتة، وهناك من يُظهرها ثم يُخفيها، وهذه دلالة على أن هناك من يُنظّم أمرها وهو خالقها. إن الأجسام لا يمكن أبداً أن تنفصل عن الصفات، فلن تجد صفة تسير لوحدها من دون جسم تلتصق به، فإذا كان الجسم يلتصق بالصفات المخلوقة، فهذا يعني أن الجسم أيضاً مخلوق مثلها لأنه يتغير بتغير صفاته. النتيجة إذاً أن الكون بأجسامه (الجواهر) وصفاته (الأعراض) مخلوق (حادث)، وكل مخلوق لا بد له من خالق أو (محدث) وهو الله سبحانه وتعالى. ولعلَّ هذا الدليل هو نفسه الذي ورد في الأثر المشهور عندما سُئِلَ أعرابيٌّ: لِمَ أنت مؤمن بالله؟ فقال: إنَّ البَعرة تدلّ على البعير، وإنَّ الأثر يدلّ على المَسير. وبالقياس المنطقي المسمى بقياس الأعلى، أو الأولى، يقصد الأعرابي أنه إذا كان مجرَّد رَوَث البهائم يدلُّنِي على أنَّها قد مرَّتْ، ومجرَّد الآثار على الأرض تدلُّ على أنَّ قافلة كانت هُنا؛ فلا بُدَّ لهذا الكون الهائل أنْ يدلَّ على وجود خالق بالأَوْلَى، أيْ بالتصوُّر الأَوْلَى. ويُشبه هذا الدليل دليل يُسمَّى "برهان الحدوث"، إذ إذا اعتبرنا أنَّ الكون حادث - أيْ ليس قديمًا - فلا بُدَّ له من مُحدِث. ولعلَّ سؤالًا يُراوِد العقل الآن: إذا كُنَّا نقول إنَّ "لكُلّ حدَثٍ مُحدِث"، و "لكُلّ وجود مُوجِد"؛ فمَن أوجد الله؟! ومَن خلقه؟! وهذا السؤال - بالقطع - يُفسِد نفسَه بمُجرَّد قراءته: مَن خلق الله؟ لا إجابة عنه لسببين: الأول هو أنَّ الله ليس مخلوقًا أصلًا لنبحث له عن خالق، بل هو خالق كلّ شيء؛ فهو ليس موجودًا كبقيَّة الموجودات لنبحث له عن مُوجِد. والثاني: إذا ذهبنا مع القول بأن له خالقاً، فأين هو؟ أليس هو الأحق بالعبادة؟، أما إذا بحثنا عن خالق للخالق، فسنصل في النهاية إلى موجد أول، خالق لم يُخلق. وهذا الدليل يسمى: امتناع التسلسل في الفاعلين. ومما يوضح فساد مبدأ التسلسل في الفاعلين أننا لو افترضنا أن مجرماً حكم عليه بالقتل، فقال المناط به تنفيذ الحكم: لا يمكن أن أضرب عنقه حتى يأمرني من هو أعلى مني رتبة، وقال من هو أعلى منه مثل قوله، وهكذا في سلسلة لا تنتهي إلى قائد لا ينتظر الأمر ممن هو أعلى منه فإنه لا يمكن أن ينفذ الحكم في ذلك المجرم. أما إذا وجدنا المجرم مشنوقاً، علمنا - بالضرورة - أن السلسة منتهية إلى صاحب القرار. فالسؤال - إذاً - فاسد أصلاً وفرعًا. 2) دليل الإتقان: وهو دليل من قوله تعالى: (أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ 20 فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ 21 إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ 22 فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ 23) المرسلات، ويسـمى بدليل الإتقان أو دليل الإحكام، ويعني هذا الدليل أن الانضباط والالتزام والدقة التي في الكون وفي المخلوقات يستحيل أن تكون من دون مدبّر أو خالق. فالكون تم ضبطه بشكل كبير ليصبح مناسباً لنا، ولو كان على هيئة أخرى لما كان صالحاً للحياة. ومظاهر هذا الإتقان تجدها في الإنسان والحيوان وفي الغذاء، وتجدهُ في الأرض، فهي معدةٌ بإتقان بما يناسب معيشة الإنسان عليها، وفيما سخر للإنسان من حيوان ونبات، قال رجل سئل عن دليل معرفة الله: عرفته بنحلة بأحد طرفيها تعسل، والآخر تلسع والعسل مقلوب اللسع. وإتقان الكون إذا لاحظنا نظام الغلاف الجوي والأجرام السماوية، فيه دليل أكيد على وجود خالق قد أوجده بهذا التناسب والانسجام ما بين الإنسان والكون وما بين عناصر الكون فيما بينها. إن هذا الدليل يعتمد على ملاحظة: (صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ) النمل 88، لأنه من أوضح الأدلة على وجود الله وأيسرها فهماً؛ فدليل النظام يقوم على أساس مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وملاحظة الانسجام والتناسب القائم بين مخلوقاته، والاهتداء إلى وجود الله - تعالى - عن طريق مشاهدة هذا النظام الدقيق البديع السائد في الكون . هذا الكون الذي أمامنا ونشاهده على هذا النظام البديع الذي لا يمكن أن يضطرب أو يتصادم، بل هو في غاية ما يكون من النظام: (لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ 40)، فهل يعقل أن هذا الكون العظيم بهذا النظام البديع يكون خالقًا لنفسه؟. وهناك عشرات الآيات القرآنية التي تهدي إلى وجود الله بدليل النظام، منها تلك الآية الكريمة المشتملة على ست آيات كونية كل آية برهان ساطع ودليل قاطع على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته، وهي كلها موجبة لعبادته وحده دون من سواه: (إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِي تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنكُلِّ دَآبَّةٖ وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَيۡنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ 164) البقرة. 3) الدليل الفطري: يقصد بالدليل الفطري أن كل إنسان يولد على صفة يلزم منها إقراره بأن له خالقاً مدبراً، فهي صفة مغروزة في الإنسان منذ ولادته، ويمكن الاستدلال عليها من قوله تعالى: (وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ 172) الأعراف، وقوله: (فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ 30) الروم، أي: إن الإنسان بأصل خلقته ومقتضى جبلّته يتضرع إلى من يخلّصه منها ويخرجه عن علائقها وحبائلها، وما ذاك إلا شهادة الفطرة بالافتقار إلى الصانع المدبر؛ فالإنسان في الشدائد يتوجه إلى القوة الغيبية التي أوجدته، فيتقرب إليها لتخرجه من الضيق إلى الفرج. إن فطرة الإنسان تدله على وجود قوة غيبية، أوصلته فطرته للتعرف عليها واللجوء إليها باعتبارها خالقة للإنسان والكون. 4) الدليل الأخلاقي: يعد الدليل الأخلاقي من الأدلة الحديثة على وجود الله تعالى، ويعني أن وجود الأخلاق فينا أثر من كمال الله تعالى الذي صاغ قلب الإنسان صياغة أخلاقية، مثل حبنا للخير وبغضنا للكذب. واختيار الإنسان للأخلاق الفاضلة لا يمكن إلا أن يكون بسبب القوة الغيبية التي أوجدته. وقد ذكر القرآن الكريم هذا الدليل بقوله تعالى: (ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ) الأعراف 157، فتشير الآية إلى أنّ صدق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من الأخلاقيات التي جاء بها، والتي لا تكون إلا من الله ذي الكمال المطلق. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 62 | |||
|
![]() (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١) حول مضمون الآية: 5) الأدلة العلمية الحديثة: هي كثيرة، ومنها: أ) الأصل الواحد للكون: دلَّت الاكتشافات العلميَّة الحديثة على أن السَّماوات والأرض كانتا قطعةً واحدةً، ثمَّ حدث بعد ذلك انفصالٌ بينهما، فانفصلت السَّماء عن الأرض، فأصبح كلُّ كوكبٍ منهما على حدى، وهذا ما ذكره القرآن الكريم بقوله: (أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ) الأنبياء 30. ب) نبات مختلف بماء واحد: قال تعالى: (وَفِي ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ) الرعد 4، والآية تتحدَّث عن قطعٍ من الأرض متجاورة، تنبت فيها النباتات نفسها، وتسقى من الماء نفسه، لكن لأن التربة تختلف في نوعها؛ فمنها الرملية والطينية وغير ذلك، ولأنَّ العناصر العضوية التي تغذّي هذا النَّبات تتكون من مواد معدنيَّة، أو عضويَّة، أو بكتيريَّة مختلفة، يختلف الطَّعم، رغم أنَّه ينبت في قطعٍ متجاورةٍ، ويسقى من ماءٍ واحدٍ. ج) اختلاف الصخور وألوانها: قال الله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ 27) فاطر، ومعنى غرابيب: شديد السّواد، ومعنى جُدَد: أي الطرق، جمع جُدّة؛ وهي الطريق. والآية الكريمة تشير إلى أن الماء يتدخل في تلوين الجبال، حتى تجد الأبيض والأسود والأحمر، وهذا الذي ذكره القرآن الكريم قد أثبته العلم، وتفسير ذلك؛ أنَّ الجبال تتلوَّن بما تحويه من المعادن، وينتج هذا اللّون نتيجة تفاعل عدَّة عواملٍ منها الأكسدة، وهي تنتج عن طريق الماء. د) دوران الأرض: قال الله تعالى: (خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ يُكَوِّرُ ٱلَّيۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّيۡلِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمًّىۗ أَلَا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّٰرُ 5) الزمر، وقالوا: إن في هذه الآية إشارةٌ إلى أنَّ الأرض كرويَّة، في حين أنَّ النَّاس توارثوا لسنواتٍ طويلةٍ بأن الأرض مسطحةٌ. وساد هذا الاعتقاد طويلاً. والتَّكوير الذي ذكرته الآية وصف به اللّيل، ولكن هذا يتضمَّن القول بكروية الأرض، وهذا التكوير يتضمَّن أنَّ الَّليل والنَّهار عندما يتكوران يتبادلان المكان، وهذا التبادل فيه إشارة ضمنيَّةٌ على الدَّوران. هـ) تعاقب الليل والنهار: قال الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ 190) آل عمران، تتوافق الآية الكريمة مع الحقائق العلميَّة التي تقول بأنَّ الَّليل والنَّهار يتعاقبان، ويختلف طول كلُّ واحدٍ منهما على مدار السَّنة، بحيث يزيد طول الَّليل على النَّهار تارةً، وتارةً أخرى يزيد طول النَّهار عليه. ومرجع هذا الاختلاف إلى دوران الأرض حول الشَّمس، وحول محورها المائل بمقدار 23.5 درجة، نتيجة ذلك يختلف تعامد الشَّمس على الأرض، ممَّا يسبِّب اختلاف طول اللّيل أو طول النَّهار في السَّنة. خلق الإنسان بأحسن تقويم: لقد خلق الله -تعالى- الكون ليكون مسخّراً للإنسان، وهو واضح تماماً، فقد خلق الله الكون متلائماً مع طبيعة خلق الإنسان، حتى الكواكب الضخمة في السماء، قال الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ 33) إبراهيم. و) مراحل تطور الجنين: قال تعالى: (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ 12 ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ 13 ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ 14) المؤمنون، وتبيِّن الآية الكريمة مراحل خلق الجنين وتطوّره في رحم الأمِّ؛ وهي النُّطفة، ثمَّ العَلَقَة، ثمَّ المضغة، ثمَّ العظام، ثمَّ بعد ذلك نفخ الروح، وقد أثبتت الصور الفوتوغرافية للجنين هذا التَّطور مرحلةً بعد مرحلة كما ذكرها القرآن الكريم. ز) النطفة والوراثة: قال تعالى: (أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى 36 أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ 37 ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ 38 فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ 39) القيامة، فيبيِّن الله - تعالى - في هذه الآية الكريمة كيفيَّة خلق الجنين، وأنَّ أصله من مَنِيّ الرَّجل، ثمَّ يمرّ بمرحلة العلقة، وهي أشبه بالدم المتعلق بجدار الرحم، ثمَّ بعد ذلك بيّن أنَّه يبدأ بالتَّمايز بين الذكورة والأنوثة، وقرَّر أنَّ الذُّكورة والأنوثة مرجعها إلى المَنِيّ الذي نزل من الرَّجل، وأنَّ مَنِيّ الرَّجل هو المسؤول عن جنس الجنين، وأن الشِّيفرة الوراثيَّة، وهي التي تحمل صفات الجنين، عائدةٌ إلى ذلك المَنِيّ. وإذا تقرر في أذهاننا إبداع الله - تعالى - في خلقنا، فما الفائدة في قوله: (وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ)؟ إن الجواب من وجهين: الأول: أن من قبلهم كالأصول لهم، وخلق الأصول يجري مجرى الإنعام على الفروع فكأنه - تعالى - يذكرهم بعظيم إنعامه عليهم، كأنه - تعالى - يقول: لا تظن أني إنما أنعمت عليك حين وجدت، بل كنت منعماً عليك قبل أن وجدت بعصور ممتدة بسبب أني كنت خالقاً لأصولك وآبائك. والثاني: إن علمهم بأن الله - تعالى - خلقهم كعلمهم بأنه - تعالى - خلق من قبلهم لأن طريقة العلم بذلك واحدة. وإذا كان ذلك كذلك، فمن الجهل والظلم أن يعتقد الخلف بألوهية السلف، وهم جميعاً من خلقة واحدة، وأصل واحد. إنّ هذا الربّ العظيم (ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ) قد ربّاكم كما ربّى سلفكم، ووهبكم من الهدايات مثلما وهبهم، فمَنْ شكر منهم ومنكم زاده نعماً، ومْنْ كفر بهذه النعم جعلها عليه نقماً؛ ليكون عبرةً ومثلاً للآخرين، وذلك من رحمته بالعالمين. وقد أقسم تعالى على ذلك في كتابه المجيد، فوعد وأوعد وقال: (وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ 7) إبراهيم، هكذا أمر الله تعالى عباده أجمعين، بأن يعبدوه وحده مخلصين له الدين. وأرشدهم بإعلامه إيّاهم أنّه ساوى بينهم وبين مَنْ قبلهم في المواهب الخلقيّة، إلى الاستقلال بالعمل، وقدّر نعمته عليهم قدرها؛ ليعلموا أنّ كلّ النعم التي تكتسب بالشكر - وهي ما عدا النبوّة - مقدورة لهم؛ كما كانت مقدورة لمن قبلهم، وأنّهم إذا زادوا على سلفهم شكراً يزادون نعماً. وما الشكر إلاّ استعمال المواهب والنعم فيما وهبت لأجله؛ فالذين يتّخذون وسطاء بينهم وبين الله تعالى لأجل التقريب إليه زُلفى، بغير ما شرّعه لهم من الدين وما جاء به الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وهم الوسائل في الهداية والإرشاد، أو لأجل الشفاعة لهم عنده لينالوا جزاء ما شرّعه من الدين، من غير طريق العمل به واتّباع المرسلين: قد احتقروا نعم الله تعالى ولم يهتدوا بهذه الآية؛ لأنّهم قد جعلوا لله أنداداً يبغون أن ينالوا بأشخاصهم ما حكم الله بأن يطلبه الناس بإيمانهم وأعمالهم، فجعلوا هؤلاء الأنداد شركاء لله يغنونهم عن شريعته، شعروا بذلك أم لم يشعروا. وكذلك الذين يقولون: إنّنا لا نقدر على فهم الدين بأنفسنا من الكتاب؛ لأنّ عقولنا وأفهامنا ضعيفة، وإنّما علينا أن نأخذ بقول مَنْ قبلنا من آبائنا؛ لأنّ عقولهم كانت أقوى، وكانوا على فهم الدين أقدر، أولئك كافرون بنعمة العقل، وغير مهتدين بهذه الآية الناطقة بالمساواة في المواهب وسعة الرحمة والفضل. يقول تعالى لجميع عباده: أعبدوني ملاحظين معنى الربوبيّة والمساواة في المواهب الخلقيّة، التي تؤهّلكم للسعادة الحقيقيّة (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فإنّ العبادة على هذا الوجه هي التي تعدّكم للتقوى، ويرجى بها بلوغ غاية الكمال القصوى. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 63 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا): يتعين أن هذا القول صفة ثانية لـ (رَبَّكُمُ) لأن مساقها مساق قوله: (ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ) 21، والمقصود الإيماء إلى سبب آخر لاستحقاقه العبادة وإفراده بها، فإنه لما أوجب عبادته أنه خالق الناس كلهم، أتبع ذلك بصفة أخرى تقتضي عبادتهم إياه وحده، وهي نعمه المستمرة عليهم مع ما فيها من دلائل عظيم قدرته، فإنه مكن لهم سبل العيش، وأولها المكان الصالح للاستقرار عليه بدون لغوب فجعله كالفراش لهم. و (ٱلَّذِي) في قوله: (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) فيها أقوال أظهرُها أنه نعتٌ لـ (رَبَّكُمُ). ومما قيل في: (ٱلَّذِي) أنه كلمة موضوعة للإشارة إلى مفرد عند محاولة تعريفه بقضية معلومة، أي: هو مستعمل لوصف المعارف بالجمل، وإذا ثبت هذا فقوله: (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ) يقتضي أنهم كانوا عالمين بوجود شيء جعل الأرض فراشاً والسماء بناءً، وذلك تحقيق قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ) لقمان 25، الزمر 38. و (جَعَلَ) نختار فيها أن تكون بمعنى صَيَّر فتتعدَّى لمفعولين: (ٱلۡأَرۡضَ) و (فِرَٰشٗا). و (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا) نظيره قوله: (أَمَّن جَعَلَ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا) النمل61، وقوله: (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا) طه53. (ٱلۡأَرۡضَ): هي الجرم الذي عليه الناس، وهي اسم جنس مؤنث، وَالْجَمْعُ: آرَاضٌ وَأُرُوضٌ وَأَرَضُونَ، وَكُلُّ مَا سَفَلَ فَهُوَ أَرْضٌ. ومن معانيها: - التُرْبة، طبقة التراب السطحيَّة التي تتناولها آلات الحراثة، - وما استقرّت عليه القدم، مقابل السماء. والأرض في علم الفلك: أحد كواكب المجموعة الشّمسيَّة، وترتيبه الثّالث قُربًا من الشَّمس. وهي الكوكب الذي نسكنه، والقمر تابعه. أما مدار الأرض، فهو الفلك الذي تدور فيه الأرض حول الشَّمس. وأما ما اصطلح على أنه "علوم الأرض"، فهي علوم تبحث في طبقات الأَرْض وتكوينها وتطوُّرها وثرواتها. (فِرَٰشٗا): الفراش: مَا يُفْرَشُ أَيْ يُبْسَطُ عَلَى الْأَرْضِ. وَقوله: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" أَيْ: لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ. وَافْتَرَشَ ذِرَاعَيْهِ إذا ألقاهما على الأرض. وَالْفَرْشُ فِي قَوْله تَعَالَى: (حَمُولَةً وَفَرْشًا) الأنعام 142، ما يفرش للذبح، أي: يُلْقَى من صغار الإبل والبقر والغنم، ويستوي فيه الواحد والجمع. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 64 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) ما هي أغراض ذكر الأرض في القرآن؟: وردت كلمة الأرض في القرآن حوالي أربعمائة مرة، يذكر فيها المولى - جل وعلا - أنه هو المالك للأرض، القادر عليها، العليم بكل ما فيها؛ فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن الأرض خلقت بالحق، وأن الأرض بديعة وفى خلقها آيات للعقلاء يتدبرون فيها، وأنه - سبحانه وتعالى - قد سخرها للناس، وأمرهم بالمحافظة على صلاحها وعدم إفسادها، وأنه استخلفهم فيها، وأنه جعلها مستقرًا ومتاعًا إلى حين، وأرادها مسرحًا للنشاط البشرى، يضربون فيها وفيها يعيشون ويموتون ويبعثون، وأن عليهم السير فيها طلبًا للمعاش، وفيها هديت أمم، وضلت أمم . وقد ذكرت في التنزيل العزيز لأغراض، منها: 1) خَلْقُ الأرض: هي مخلوقة مفطورة: (وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ) العنكبوت61. 2) الأرض ملك لله: (قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 84 سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ) المؤمنون 85، ويقول: (وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ) النحل52. 3) قدرة الله على الأرض: - هو المالك: (وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ 17) المائدة، - وهو الملك: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا 64 رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا) مريم65، - وهو العليم القدير: (قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ 29) آل عمران. 4) تشخيص الأرض: - (إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا) الأحزاب72. - (تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ) الإسراء44. - (فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ) الدخان 29. 5) أصل خلقة الإنسان من الأرض: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ) هود61. 6) صفات الأرض ووظائفها: - الأرض فراش ومهد وقرار: (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا) طه53. - هي مُسخَّرة للناس: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ) الحج65. - هي مستقر ومتاع إلى حين: (وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ 36) البقرة. - شكلها: (وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَيۡفَ سُطِحَتۡ 20) الغاشية. - طحوها: (وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا 6) الشمس. - دحوها: (وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ 30) النازعات. - مدها: (وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا) الحجر 19. - جعل الأرض وعاءً: (أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا 25) المرسلات. (كفاتاً): وعاءً، ومعنى الكفت: الضم والجمع، يقال: كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه. والمعنى: تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم). - شقها: (ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقّٗا 26) عبس. - صدعها: (وَٱلۡأَرۡضِ ذَاتِ ٱلصَّدۡعِ 12) الطارق. - حفظ توازنها بالجبال: (وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ) النحل15. - هي مسكن للماء: (وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ) المؤمنون 18. - إنقاص أطرافها: (أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ) الرعد 41. - تنوع تربة الأرض: (وَفِي ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ) الرعد 4. 7) أحوال الأرض: - زينتها: (إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا) الكهف 7. - إحياؤها بعد موات: (وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ) النحل 65، (وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰٓۚ) فصلت39. - تحركها بعد همود: (وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ هَامِدَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۢ بَهِيجٖ 5) الحج. 8) مخلوقات الله على الأرض: (وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ) الأنعام 38. 9) أراضٍ مخصوصة: ذكرت الأرض المقدسة في: (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) المائدة 21، كما ذكرت الأرض المباركة في: (وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةٗ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦٓ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۚ) الأنبياء81. 10) الرزق من الأرض: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ) فاطر3، (وَمَا ذَرَأَ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥٓۚ) النحل 13. 11) سلوك البشر على الأرض: - الإنسان خليفة في الأرض: (وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ) البقرة 30، - خلائف الأرض: (أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ) النمل62، - خلائف في الأرض: (هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ) فاطر39. - النشاط البشرى في الأرض: (فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ) الرعد17، (أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَمۡ أَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٖ كَرِيمٍ 7) الشعراء. - الهجرة في الأرض: (وَمَن يُهَاجِرۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ) النساء 100، (لِلۡفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحۡصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ ضَرۡبٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ) البقرة 273. - التيه في الأرض: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيۡهِمۡۛ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗۛ يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ) المائدة 26، - التكبر في الأرض: (سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ) الأعراف 146، - الخلود إلى الأرض: (وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ) الأعراف176. - فتنة الأرض: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ 73) الأنفال، - سلوك المؤمنين في الأرض: (وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا 63) الفرقان، (تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ) القصص83. - سلوك الكفار في الأرض: (وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ) الإسراء 76، (فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا 103) الإسراء. - النهى عن الفساد في الأرض: (وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ) البقرة205. 12) خسف الأرض في الدنيا: (أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّئَِّاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ) النحل 45، (فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ) القصص81، (فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ) العنكبوت 40. 13) أمثال ضربت في الحياة في الأرض: (إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَعَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ) يونس 24، (وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا 45) الكهف. وضـرب للتواضـع: (وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا 37) الإسراء. 14) الأرض وقت أحوال الساعة: - (يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ) الأعراف 187، - (يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُۖ) إبراهيم48، - (وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ) الكهف 47، - (وَيَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۚ) النمل87، - (كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا 21) الفجر، - (يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلۡجِبَالُ كَثِيبٗا مَّهِيلًا 14) المزمل، - (إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا 1 وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا 2) الزلزلة. 15) الأرض في الآخرة: - (وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ 105) الأنبياء، - (وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ 74) الزمر. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 65 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) ما هي شروط جعل الأرض فراشاً أو مهداً؟: هي أربع: 1) كونها ساكنة؛ فإنها لو كانت متحركة لم يمكن الانتفاع بها لما تقرر في المعقولات. 2) ألا تكون في غاية الصَّلابة كالحجر؛ فإن النّوم عليه والمشي مما يؤلم البدن، وأيضاً لو كانت الأرض من الذَّهب مثلاً لتعذّرت الزراعة ولتعذّر حفرها، وتركيبها لما يراد. وألاَّ تكون في غاية اللين كالماء الذي تغوص فيه الرِّجْل. 3) ألاّ تكون في غاية اللّطافة والشفافية؛ فإن الشفّاف لا يستقر النور عليه، وما كان كذلك فإنه لا يتسخن بالشمس فكان يبرد جدًّا، فجعل كيفية لونه أخضر ليستقر النور عليه، فيتسخن فيصلح أن يكون فراشاً للحيوانات. 4) أن تكون بارزةً من الماء؛ لأن طبع الأرض أن يكون غائصاً في الماء فكان يجب أن تكون البحار محيطةً بالأرض، ولو كانت كذلك لما كانت فراشاً لنا، فقلب الله طبيعة الأرض وأخرج بعض أجزائها من المياه كالجزيرة البارزة حتى صلحت لأن تكون فراشاً لنا. ومن الناس من زعم أن الشرط في كون الأرض فراشاً ألا تكون كرة واستدل بهذه الآية، لكن هذا بعيد؛ لأن الكرة إذا عظمت جدًّا كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاسـتقرار عليه، والذي يؤيده كون الجبال أوتاداً للأرض ويمكن الاسـتقرار عليها، فها هنا أولى. ومثله في البعد قول القدامى القائلين بشرط آخر، هو: "أن تكون الأرض ساكنة؛ إذ لو كانت متحركة لما ثبت عليها شيء". وهذا الزعم تجاوزه الزمن. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 66 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) في سائر منافع الأرض وصفاتها: 1) الأشياء المتولّدة فيها من المعادن، والنبات، والحيوان، والآثار العلوية والسّفلية، ولا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى. 2) اختلاف بقاع الأرض، فمنها أرض رخوة، وصلبة، ورملة، وسبخة، وحرّة، قال تعالى: (وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ) الرعد 4، وقال تعالى: (وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ) الأعراف 58. 3) اختلاف طعمها وروائحها. 4) اختلاف ألوانها فأحمر، وأبيض، وأسود، ورمادي، وأغبر، قال تعالى: (وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ 27) فاطر. 5) انصداعها بالنبات، قال تعالى: (وَٱلۡأَرۡضِ ذَاتِ ٱلصَّدۡعِ 12) الطارق. 6) كونها خازنةً للماء المنزل، قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ) المؤمنون 18. 7) العيون والأنهار العظام، قال تعالى:. (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَـٰراً) الرعد 3. 8) ما فيها من المَفَاوِزِ والفَلَواتِ، قال تعالى: (وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) ق 7. 9) أن لها طبع الكرم؛ لأنك تدفع إليها حبّة وهي تردها عليك سبعمائة، قال تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ) البقرة 261. 10) حياتها بعد موتها، قال تعالى: (وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا) يس 33. 11) ما فيها من الدَّواب المختلفة الألوان والصّور والخلق، قال تعالى: (وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ) البقرة 164. 12) ما فيها من النبات المختلف ألوانه، وأنواعه، ومنافعه، قال تعالى: (وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۢ بَهِيجٖ 7) ق؛ فاختلاف ألوانها دلالة، واختلاف طعومها دلالة، واختلاف روائحها دلالة، فمنها قوت البشر، ومنها قوت البهائم، كما قال: (كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَـٰمَكُمْ) طه 54. أما مطعوم البشر، فمنها الطعام، ومنها الأدام، ومنها الفاكهة، ومنها الدواء، على أنواعها المختلفة حلاوة وحموضة. قال تعالى: (وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ 10) فصلت. وأيضاً فمنها كسوة البشر، لأن الكسوة إما نباتية، وهي القطن والكتان، وإما حيوانية وهي الشعر والصوف والحرير والجلود، وهي من الحيوانات التي بثها الله تعالى في الأرض، فالمطعوم من الأرض، والملبوس من الأرض. ثم قال: (وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 8) النحل، وفيه إشارة إلى منافع كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى. ثم إنه سبحانه وتعالى جعل الأرض ساترة لقبائحك بعد مماتك، فقال: (أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا 25 أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا 26) المرسلات، وقال: (مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ 55) طه. ثم إنه سبحانه وتعالى جمع هذه المنافع العظيمة للسماء والأرض فقال: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ) الجاثية 13. 13) ما فيها من الأحجار المختلفة، ففي صغارها ما يصلح للزينة فتجعل فصوصها للخواتم وفي كبارها ما يتخذ للأبنية، فانظر إلى الحجر الذي تستخرج النار منه مع كثرته، وانظر إلى الياقوت الأحمر مع عزته. ثم انظر إلى كثرة النفع بذلك الحقير، وقلة النفع بهذا الشريف. 14) ما أودع الله تعالى فيها من المعادن الشريفة، كالذهب والفضة، ثم تأمل فإن البشر استخرجوا الحرف الدقيقة والصنائع الجليلة واستخرجوا السمكة من قعر البحر، واستنزلوا الطير من أوج الهواء ثم عجزوا عن إيجاد الذهب والفضة، والسبب فيه أنه لا فائدة في وجودهما إلا الثمينة، وهذه الفائدة لا تحصل إلا عند العزة فالقادر على إيجادهما يبطل هذه الحكمة، فلذلك ضرب الله دونهما باباً مسدوداً، إظهاراً لهذه الحكمة وإبقاء لهذه النعمة، ولذلك فإن ما لا مضرة على الخلق فيه مكنهم منه فصاروا متمكنين من اتخاذ الشبه من النحاس، والزجاج من الرمل، وإذا تأمل العاقل في هذه اللطائف والعجائب اضطر في افتقار هذه التدابير إلى صانع حكيم مقتدر عليم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً. 15) كثرة ما يوجد على الجبال والأراضي من الأشجار التي تصلح للبناء والعمران والأثاث وصنع الورق، وكان منذ القدم هو المنتج الأساس المستعمل في الإيقاد وبناء السفن والمركبات وأدوات الحرف. وقد نبه الله تعالى على دلائل الأرض ومنافعها بألفاظ لا يبلغها البلغاء ويعجز عنها الفصحاء فقال: (وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ) الرعد 3. وأما الأنهار فمنها العظيمة كالنيل، والمسيسبي، ومنها الصغار، وهي كثيرة وكلها تحمل مياهاً عذبة للسقي والزراعة وسائر الفوائد. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 67 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) (وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ): عطف على: (ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا). (وَٱلسَّمَآءَ): مصـدرسـما، ومنها: السـمو، وهو اسـم يدل على الارتفـاع والعُلـو، حقيقـة ومجازاً. ومعنى "السـماء" اسـتناداً إلى ما قاله علماء اللغة: الشـيء الذي يرتفع عاليـاً، لذلك فإنَّ كل ما يعلونا: سماء. وإنّ السماء قد تكون مادية كما في: (وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ) النحل 65، أو معنوية كما في: (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ) البقرة 144. والبِنَاءُ مصدرُ بَنَى يَبْنِي، بَنَى الشَّيْءَ: أَقَامَ جِدَارَه، وابْتَنَى داراً وبَنَى بمعنى والبنيان: الحائط، والبَيِنَّةُ (على فعيلة): الكعبة، يقال: "لا ورب هذه البينة ما كان كذا وكذا". ويستعمل في المجاز ببناء الرجال، واجتمعا في قوله: يَبْنِي الرِّجالَ، وغيرُه يَبْني القُرَى ..... شَتّانَ بَيْنَ قُرًى وبَيْن رِجال - بَنَى على زَوْجَتِه، أي: دَخَلَ بها. والأصل فيه أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها فقيل لكل داخل بأهله بانٍ. - بَنَى الطَّعَامُ جسمَه: سَمَّنَه وعظّمه. - بَنَى على كَلَامِه: احْتَذَاه واعْتَمَد عليه. - بَنَى الكَلِمَةَ: أَلزَمَ آخِرَها حالةً وَاحِدَة، وهذا هو بناء النحو، فالكلام: معرب ومبني. مدلولات السماء في القرآن: أهمّ معاني السماء في آي القرآن: 1) السّماء بمعنى البناء: قال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا) الأنبياء 32، وقال: (أَفَلَمۡ يَنظُرُوٓاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا وَزَيَّنَّٰهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٖ 6) ق، وقال: (ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا 27) النازعات، وقال: (وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ رُفِعَتۡ 18) الغاشية، وقال: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) الحج65، وقال: (وَبَنَيۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعٗا شِدَادٗا 12) النبأ. وتأتي السّماءُ بمعنى البناء في جميع الآيات التي تتحدّث عن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ؛ فالمراد منها هو السموات السّبع والأرضين السّبع. وكذلك آيات انشقاقها وتشققها وانفطارها، ونحو هذه المعاني في أحداث الآخرة. 2) السّماء بمعنى السماء الدنيا: يقول سبحانه: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) فصلت 12، ويقول: (إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ 6) الصافات، ويقول: (تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا 61) الفرقان، وهي القريبة من الأرض، بأفلاكها من مجرات وسدم. 3) السّماء بمعنى السماوات العلى: يقول سبحانه: (تَنزِيلٗا مِّمَّنۡ خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلۡعُلَى 4) طه. 4) السّماء بمعنى السحاب: قال تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) البقرة19، أي: كمطر من السّحاب، وقال: (وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ) البقرة22، وقال: (وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً) الأنعام99، وقال: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً) الأنفال 11. 5) السّماء بمعنى الغيث: يقول جل وعلا: (وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا) الأنعام 6، ويقول: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا) هود 52. 6) السّـماء بمعنى مصدر الرّزق من المطر: يقول تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) يونس 31، أي: بالمطـر ينـزل من السّــحاب، ويقول: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّيُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) النمل 64، أي بما ينزل من مطر السّماء. ويقول: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ رِزْقًا) غافر13، والرزق من السماء هو المطر من السحاب. 7) السماء بمعنى مصدر العقاب: يقول تعالى: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنْ السَّمَاءِ) الشعراء 187، ويقول: (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا) الإسراء 92، ويقول: (فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا 40) الكهف. 8) السّماء بمعنى سقف البيت: يقول جل وعلا: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَقۡطَعۡ فَلۡيَنظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهُۥ مَا يَغِيظُ 15) الحج. 9) السّماء بمعنى ارتقاء الجبل أو السفر في الفضاء: يقول سبحانه: (فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ) الأنعام125. 10) السّماء بمعنى مطلق العلوّ: قال تعالى: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ) الحج 31، وقال: (أَلَمْ تَر كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) إبراهيم 24. 11) أبواب السماء: قوله تعالى: (فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ 11) القمر، يشير إلى شدة هطول المطر، وهذا مركب تمثيلي لهيئة اندفاق الأمطار من الجو بهيئة خروج الجماعات من أبواب الدار. والمنهمر المنصب، أي المصبوب يقال عمرَ الماء إذا صبه، أي نازل بقوة. وأما قوله: (وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ 14) الحجر، والكلامُ الجامعُ لإبطال معاذيرهم أنهم لو فتح الله باباً من السماء حين سألوا آيةً على صدق الرسول، أي بطلب من الرسول فاتصلوا بعالم القدس والنفوس الملكية ورأوا ذلك رأي العين لاعتذروا بأنها تخيّلات وأنهم سُحِروا فرأوا ما ليس بشيء شيئاً. وقوله: (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ 40) الأعراف، وهذه كلمة جامعة لمعنى الحرمان من الخيرات الإلهيّة المحضة، وهو بيان لحال خذلانهم في الدّنيا الحائل بينهم وبين وسائل دخول الجنّة؛فأبوابُ السّماء أسبابُ أمور عظيمة أطلق عليها اسم الأبواب لتقريب حقائقها إلى الأذهان، فمنها قبول الأعمال، ومسالكُ وصول الأمور الخيّريّة الصّادرة من أهل الأرض، وطرق قبولها، وهو تمثيل لأسباب التّزكية. وقوله: (وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ أَبۡوَٰبٗا 19) النبأ، وفتح السماء انشقاقها بنزول الملائكة من بعض السماوات التي هي مقرّهم نزولاً يحضرون به لتنفيذ أمر الجزاء كما قال تعالى: (وَيَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلۡغَمَٰمِ وَنُزِّلَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ تَنزِيلًا 25 ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا 26) الفرقان. 12) السّماء بمعنى العلو المعنوي: يقول سبحانه وتعالى: (ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ 16 أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ 17) الملك، ويقول عن الملائكة: (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ 50) النحل، والسماء في آيتي الملك وأمثالها ، والعلو في آية النحل هو كله علو معنوي؛ فالله - سبحانه وتعالى - واجب الوجود في كل مكان، لا يحده زمان ولا حيز، وما الكلام عن ذكر السماء في حق الله إلا معنى مجازي يفيد ما يليق بالله من العلو والسمو. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 68 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) وصف السماء في الحضارات القديمة: كان الإنسان القديم يجهل كنه تلك النقاط اللامعة التي كان يراها تضيء السَّماء. ولم يُتوصل لحقيقتها إلا منذ قرنين من الزمان، وما زال العلماء يبحثون فيها، ليعلنوا كل فترة عن مكتشف جديد في قبة السماء الدنيا. ولم يكن من الغريب أن تنسج الأساطير حول تلك الأجرام التي تبزغ في الليل، وهذين الجرمين - الشمس والقمر - اللذين يتناوبان مؤانسة البشر في اليوم والليلة. وقد نجح علماء الفلك في دراساتهم للفضاء وأجرامه في رسم خريطة ثابتة تُقسّم كل النجوم التي نراها في صفحة السماء إلى مجموعات، لكلّ منها اسم وشكل خاص بها. لكن هذا لم يكن ممكناً أن يحدث قبل العصر الحديث، بل كل حضارة من حضارات الإنسان القديمة كانت ترى السماء بطريقةٍ مختلفة خاصّة بها، وكانت تنسجُ حولها قصصًا وحكايات مختلفة تماما عن غيرها من الحضارات. على أن الصورة الحالية للسماء مبنية - في معظمها - على معتقدات الإغريق التي وثَّقها بطليموس في كتاب للخرائط النجميَّة، أورد فيه ثمانية وأربعين مجموعة نجمية، هي ما يقرب من نصف عدد المجموعات النجمية الحديثة، ولا مجال للمقارنة بين العدد الضخم للسدم والمجرات والنجوم والكواكب ضمن المجموعات الثمانية والثمانين التي اكتشفت حتى اليوم بما عرفه علم الفلك القديم. وليس من المبالغة القول بأن عدد النجوم في الكون يزيد عن عدد حبات الرمل في كلّ شواطئ العالم مجتمعة. هذا عن عدد النجوم، فما بالك بعدد الكواكب، وكل نجم - كما نعرف - يدور في فلكه عدد من الكواكب، وأكثر الكواكب يتبع كلاً منها قمر أو أكثر. ومن المعتقد أن كل حضارة من الحضارات القديمة كانت تتخيل أجرام السماء بصورة خاصة بها، فتربطها بصورة شخص أو كائن خيالي وفق معتقداتها. وقد رأوا في مجموعات متقاربة من النجوم هيئة العقرب، أو السرطان، أو الدب الأكبر، أو الأصغر، أو الثريا، أو غيرها من الأشكال. وقد وصلت إلينا هذه المسميات لأن علماء الفلك، عندما أرادوا أن يضعوا خريطة يتفقونَ فيها على هيئة السماء في بداية القرن العشرين، قرّروا أن يعتمدوا في تحديد مواقعها وأشكالها على الأساطير التي تناقلها قدماء الإغريق. وهي كانت تمثل مزيجاً من أساطير وقصص نسجتها حضارات قديمة كثيرة، حيث أن كل الشعوب التي عاشت في منطقة الشرق الأدنى وحوض البحر المتوسّط، مثل اليونانيين وسكان وادي النيل وبلاد ما بين النهرين، كانوا يتبادلون حكاياتهم وتصوّراتهم عن السماء ويقتبسونها من بعضهم بعضاً، مما يجعلها متشابهة بدرجة كبيرة. والدبان: الأكبر والأصغر - على سبيل المثال، متقاربان، ومتشابهان في الشكل، مختلفان في الحجم، والدب الأصغر، ينتهي ذيله بنجم مشهور معروف بـ "نجم الشمال"، يهتدي به الناس ليلاً منذ آلاف السنين. وهذان الدبان تستند تسميتهما إلى أسطورة إغريقية حول غيرة هيرا على زيوس من الحورية كاليستو مما سبب تحولها دب كبير، ثم رحمة بابنها آركاس حول إلى دب صغير. وعلى عكس الدبين، رأوا مجموعتي الجبَّار والعقرب متباعدتين، فجعلهما الإغريق عدوين، فإنّ موقع المجموعتين على جهتين متعاكستين تماماً من القبة السماوية، ولذلك فلا يمكن ظهورهما كلتاهما في السماء في الوقت نفسه، فما أن تظهر إحداهما في الأفق حتى تغربَ الأخرى، وهكذا يستمرّان في عدائهما الأبديّ لبعضهما. والجبَّار هو أورايون ابن بوسايدون ويوريل، وكان يصحب كلبيه أحدهما هو الشعرى اليمانية، ألمع نجوم السماء كلها. وقد أُخِذَ الجبار بجمال سبع شقيقات يتيمات هن "الثريا" فأخذَ بملاحقتهنّ في أنحاء الغابة، ولما كاد يدنو منهن حولهن زيوس - رحمة بهن - إلى سرب من الحمام، تمكنّ من الهروب من الجبّار والطيران إلى السماء ليصبحن نجوماً. ويأتي هذا التخيل من حقيقة أن مجموعة الجبار تشرق وتغرب في السماء كلّ يوم بعد نجوم الثريا، وبالتالي فهو يبدو وكأنه في مطاردة دائمة معهن.إن من الصعب حصر الأساطير التي وردت في سائر الحضارات حول السماء وأجرامها؛ فلكل أمة مخيالها، حسب ثقافتها وتراثها الحضاري. ويرتبط بالقصص حول الأجرام السماوية، مفاهيم مختلفة حول بدء الخلق، وهو مبحث منفصل له مكانه ووقته. على أن أقرب الأجرام السماوية مشاهدة، وهما الشمس والقمر، كانت لهما مكانة خاصة في عبادة الوثنين، أما الشمس، فكانت الجُرم السماوي الذى يضيء العالم، ويمنحه الخير والسكينة، حتى أصبح عدم سطوعه فال شؤم، وكانت في أكثر حضارات العالم القديم، الإله المقدس، الذى تقرب إليه الجميع، وحاول نيل بركته، وشيدت له المعابد، وقدمت له القرابين. قد تألهت الشمس عند السومريين التدمريين والبابليين والكنعانيين وأهل وادي النيل والصينيين وغيرهم. أما عند مشركي العرب، فجاء في الأسطورة العربية القديمة أن "شمس" تزوجت من الإله "قمر"، وأنجبا الزهرة (عشتار)، فتكونت العائلة الثالوثية السماوية، وعبدها العرب لقرون مديدة، وكانوا يقدمون لها الذبائح والقربين لاستمالتها واسترضائها، لكونها تدبر الكون، وتسير حياة البشر. وقد نبأنا القرآن الكريم عن طرف من هذه العبادة على لسان الهدهد يخبر عن ملكة سبأ: (وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ) النمل 24. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 69 | |||||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) الإعجاز في وصف السماء بالبناء: إن كلمة "فضاء (Space)" تدل على الفراغ، وهذا هو المصطلح المتوارث عن السماء، حتى في علم الفلك الحديث؛ فهم يسمون علم البحث في أجرام السماء بعلم الفضاء، ومن يرتادون أجواء السماء في صواريخ أو مكاكيك يطلقون عليهم: رواد الفضاء. ولما اكتشفوا أن ما يسمونه بالكون بناء محكم لا فراغ فيه أطلقوا عليه مصطلح "بناء" بدلاً من "فضاء". وليس من العجيب أن نجد هذا المصطلح معروضاً في كتاب الله الحكيم بمنتهى الوضوح والدقة والبيان. إن علماء الفلك يتكلمون اليوم عما يسمى بالنسيج الكوني (Cosmic web)، وهو محكم ومترابط، فالمجرات وتجمعاتها تشكل لبنات هذا البناء، لتبني ما يسمونه بهندسة بناء الكون (universe building engineering)، وبدأوا يطلقون مصطلحات جديدة مثل: الجسور الكونية، والجدران الكونية، وأن هناك مادة غير مرئية تسمى بالمادة المظلمة (Dark matter) تملاً الملكوت وتسيطر على توزع المجرات فيه، وتشكل جسوراً تربط هذه المجرات بعضها ببعض. وما كانت هذه النهضة العلمية الحديثة فيما يسمى بالعلوم الكونية لتحدث لولا اختراع التلسكوبات العملاقة، التي استخدمت فيها أجهزة الحواسب فائقة القدرة الـ (Super computer)، ليدخل في الألفية الثالثة عصر جديد يرسم فيه مخطط ثلاثي الأبعاد للكون. لكن لابد من الإشارة إلى أن الكون المعني هنا - إذا استرشدنا بآيات التنزيل العزيز - هو محيط السـماء الدنيا فحسـب. ونحن لا نعلم شـيئاً عما وراء ذلك المنظـور أي شيء، وكل ما يقال حول بدء الحياة، أو نشأة الكون هو نظريات وضعها علماء الفيزياء الكونية لا ترقى إلى أن تكون حقائق. وإن ما نشط فيه العلماء باستخدام التلسكوبات الحديثة هو أن استخدموا وسائل التحليل الطيفي لضوء المجرات البعيدة، ليصلوا إلى نتيجة ملموسة - ولا نقول يقينية - لصورة السماء الدنيا، فوصلوا إلى أن كل شيء في هذا الكون يمثل بناءً محكماً. ولا تكاد تخلو مقالة أو بحث من استخدام مصطلح "بنية الكون (Structure of Universe)"، مما يدل على اتفاق العلماء على حقيقة البناء للكون، لتوافق السرد القرآني في أكثر من آية، منها: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء) غافر 64. وفي أحد الأبحاث التي أطلقها المرصد الأوروبي الجنوبي يصرح مجموعة من العلماء بأنهم يفضلون استخدام تعبير "لبنات بناء من المجرات" بدلاً من "مجرات"، ويؤكدون أن الكون مزيَّن بهذه الأبنية تماماً كخرزات مصفوفة بخيط في عقد، مما يتوافق واستخدام القرآن الكريم لتعبير الزينة في قوله: (أَفَلَمۡ يَنظُرُوٓاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا وَزَيَّنَّٰهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٖ 6) ق، والفروج في العربية هي الشقوق. وصار العلماء على ضوء الاكتشافات الحديثة يؤكدون حقيقة البناء الكوني، والنسيج الكوني، ويقررون أن المجرات تتشكل فيه على طول الخيوط للمادة العادية والمادة المظلمة مثل اللآلئ على العقد. وقد لاحظ العلماء حديثاً جداً أن المجرات متموضعة عبر المادة المظلمة التي لا ترى ولكنها مادة قوية وشديدة وتتحكم بتوزع المجرات في الكون، أي أن المادة المظلمة غير المرئية تتحكم بما هو مرئي في الكون. وتمكنوا - أخيراً في عام 2007 م - من تصوير حلقة من المادة المظلمة، وقالوا: "إن هذه الحلقة من المادة المظلمة هي حلقة ضخمة جداً يبلغ طولها أو قطرها مليوني ونصف المليون من السنوات الضوئية". وإذا كان الضوء يقطع ثلاثمائة ألف كيلومتراً في الثانية الواحدة، فلنا أن نتخيل مساحة هذه الحلقة الصغيرة من المادة المظلمة التي كشفها العلماء حديثاً وصوّروها بأجهزتهم، وما هو حجم الكون المرئي؟!. ويقول العلماء: إن معظم مادة الكون هي المادة المظلمة، وتشكل المادة المظلمة مع الطاقة المظلمة حدود 96% أو أكثر بقليل، بينما المادة العادية التي نعرفها، مثل: المجرات بالكواكب، والنجوم والأقمار، والمذنبات، والدخان والغبار الكونيان، كلها لا تشكل إلا أقل من 4 % ومعظمها لا يرى لأنها أجرام بعيدة خافتة لا تكاد تُرى. ويقولون إن كل ما نراه من الكون هو أقل من 1 % منه. وهنا تتجلى أمامنا حقيقة علمية جديـدة، هي أن ما يسمونه بالكون، ونحن نعرفه بالتعبير القرآني: الملكوت، عبارة عن بناء محكم، وأن الله - تبارك وتعالى - قد أحكم بناء هذا الملكوت ووزع المادة فيه بنظام دقيق جداً. والشيء الآخر أنهم وجدوا طرقاً في هذه السماء، فقد وجدوا أن المادة المظلمة تنتشر على شكل طرق، أي أنها ليست مادة مسمطة أو كتلة واحدة، بل هي محبوكة على شكل طرق، أو على شكل نسيج، وهذا يرجعنا إلى قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) الذاريات 7، وهي الطرائقُ نحو: طرائق الرَّمْل والماءِ إذا صَفَقَتْه الريحُ، وحُبُك الشَّعْر: آثارُ تَثَنِّيه وتَكَسُّرِه. قال زهير: مُكَلَلٌ بأصولِ النجم تَنْسُجُه ..... ريحُ حَريقٍ لضاحي مائِه حُبُكُ ومن الناس من يظن أن طبقات الغلاف الجوي هي السماوات السبع، وهذا فهم قاصر نقضته الاكتشافات الفلكية المتتابعة منذ عقود، وأخرها في هذا الصدد ما يؤكد أن أبعد مجرة مكتشفة تبعد عنا أكثر من عشرين مليون سنة ضوئية، وهي - بلا شك - ضمن حدود السماء الدنيا، لقوله عز من قائل: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) فصلت 12. ولا نمل من التأكيد على أن كل الأبحاث والدراسات العلمية الموثقة لا تتعدى حدود السماء الدنيا، بينما الافتراضات والنظريات في الفيزياء الكونية حول نشوء الكون لا تتعدى كونها تكهنات لا ترقى للحقائق العلمية.
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 70 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) هل هو كون أم ملكوت؟: لابد من تصحيح المصطلحات، ويجب أن يكون مرجعنا فيها هو كتاب الله؛ فالله - سبحانه - خالق كل شيء، هو الأعلم بخلقه. وهو - جل وعلا - لم يذكر في كتابه المحكم، ولو لمرة واحدة: الكون. لفظة "ملكوت" هي صيغة مبالغة من المِلك - بكسر الميم - فإن مادة فعلوت وردت بقلة في اللغة العربية، من ذلك قولهم: رَهبوت ورحَموت. ومن أقوالهم الشبيهة بالأمثال «رَهبوت خير من رحموت» أي لأن يرهبَك الناسُ خير من أن يرحموك، أي لأن تكونَ عزيزاً يُخشى بأسُك خيرٌ من أن تكون هيّناً يَرقّ لك الناس. وزاد أهل الكتاب على العربية اشتقاقات أخرى، فقالوا في المجال الذي يتصدره الكاهن: كهنوت، ويستعملونه واشتقوا من الإله: لاهوت، ومن الناس: ناسوت، وأضافوهما لطبيعة المسيح. وإن لفظة "الملكوت" وردت في أربع آيات: 1) (أَوَلَم يَنظُروا في مَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ) الأعراف 185. 2) (وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَّماواتِ وَالأَرضِ) الأنعام 75. 3) (قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ) المؤمنون 88، 4) (فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 83) يس. وقد اختلف علماء اللسان العربي وفق الاستعمال القرآني، إلى ثلاث: 1) العز والسلطان، لما نقل عن الرسول ﷺ أنه بدأ دعاءً له بقوله: "سُبحانَ ذي الجبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ"*، وفي حديث آخر: "اللَّهُ أَكبرُ ذا الجبروتِ والملَكوتِ والْكبرياءِ والعظمةِ"**. وقال صاحب اللسان: مُلك الله وملكوته: سلطانه وعظمته. وقال صاحب القاموس المحيط : الملكوت: العز والسلطان. * قُمتُ معَ رسولِ اللَّهِ ﷺ ليلةً، فقامَ فقرأَ سورةَ البقرةِ، لا يمرُّ بآيةِ رحمةٍ إلَّا وقفَ فَسألَ، ولا يمرُّ بآيةِ عَذابٍ إلَّا وقَفَ فتعوَّذَ، قالَ: ثمَّ رَكَعَ بقَدرِ قيامِهِ، يقولُ في رُكوعِهِ: "سُبحانَ ذي الجبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ"، ثمَّ سجدَ بقدرِ قيامِهِ ، ثمَّ قالَ في سُجودِهِ مثلَ ذلِكَ، ثمَّ قامَ فقرأَ بآلِ عمرانَ، ثمَّ قرأَ سورةً سورةً. الراوي :عوف بن مالك الأشجعي. صحيح أبي داود (873). ** أنَّهُ صلَّى معَ رسولِ اللَّه ﷺ ذاتَ ليلةٍ فسمعَهُ حينَ كبَّرَ قالَ: "اللَّهُ أَكبرُ ذا الجبروتِ والملَكوتِ والْكبرياءِ والعظمةِ وَكانَ يقولُ في رُكوعِهِ سبحانَ ربِّيَ العظيمِ وإذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ قالَ لربِّيَ الحمدُ لربِّيَ الحمدُ وفي سجودِهِ سبحانَ ربِّيَ الأعلى وبينَ السَّجدتينِ ربِّ اغفر لي ربِّ اغفر لي وَكانَ قيامُهُ ورُكوعُهُ وإذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ وسجودُهُ وما بينَ السَّجدتينِ قريبًا منَ السَّواءِ". الراوي :حذيفة بن اليمان. صحيح النسائي (1049). 2) عالم الغيب المُختصُ بالأرواح، والعجائب، والنُّفوس، لقوله تعالى: (أَوَلَم يَنظُروا في مَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ وَأَن عَسى أَن يَكونَ قَدِ اقتَرَبَ أَجَلُهُم فَبِأَيِّ حَديثٍ بَعدَهُ يُؤمِنونَ) الأعراف 185. وقيل: إن قوله تعالى: (وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَّماواتِ وَالأَرضِ) الأنعام 75: قد رفعهُ الله - تعالى - وأراه ملكوت السماوات، ونظر إلى أهل الأرض، ورأى المعاصي والفُجور فيهم. وذهب بعض أهل التفسير؛ أنّ الله - تعالى - أراه ضلال أبيه وقومه، لقوله - تعالى - قبل أن يذكر أنّه أراه ملكوت السماوات والأرض: (وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصنامًا آلِهَةً إِنّي أَراكَ وَقَومَكَ في ضَلالٍ مُبينٍ) الأنعام 75. فيكون الملكوت هو العالم غير المرئي، المحتوي على العديد من الكائنات والأماكن الميتافيزيقية المذكورة في العقيدة الإسلامية كالملائكة والشياطين والجن والجنة والجحيم. وهو يستخدم كمرادف لعالم المثل في الثقافة اليونانية، لكنه - من نواح أخرى - يبقى مختلفاً عنه، لكونه عالماً أعلى منه منزلة. ويبقى عالماً متفرعاً عن عالم الجبروت، وهو عالم المقربين من الملائكة، وتحته عالم الأجساد وهو عالم المُلك، الذي فيه الاختيار، فإذا دخل الإنسـان عالم الملكوت صـار مجبوراً، ولم يعد له خيار إلا اختيار الله له. 3) مُلكُ الله خاصة، لقوله تعالى: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) يس 83، أي: فتنزه الله تعالى وتقدس عن العجز والشرك، فهو المالك لكل شيء، المتصرف في شـؤون خلقه بلا منازع أو ممانع، وقد ظهرت دلائل قدرته، وتمام نعمته. وورد أن ملكوته المقصود به مُلكه - تعالى - وهو خلقه للسماوات والأرض. وقيل: هو الآيات التي في السماوات والأرض. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 71 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) هل هو كون أم ملكوت؟: ونحن نذهب مع المعنى الأخير؛ إذ نزه الله سبحانه من بيده الملك - وهو يعني ذاته العلية - عن كل نقص؛ ليعلم خلقه أن هذا الخالق المقتدر والذي بيده ملكوت كل شيء هو منزه عن كل نقص .فقد يكون المالك المقتدر ظالمًا غشومًا، وقد تكون فيه صفات نقص، فنزه الله نفسه عن كل ذلك بقوله: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ). وإذا كان لفظ الملكوت يعني المبالغة في الملك، فكأنه قال: فسبحان الذي بيده مالكية الأشياء كلها، وكأن ملكية أي شيء لغيره هي مجاز أو افتراض، إذا قورنت بملكية الله الحقيقية. وقد جاءت الفاء في: (فَسُبْحَانَ) للدلالة على السبب، فإنه بعدما ذكر آيات خلق السماوات والأرض والكائنات وقدرته على إحيائها ونشرها بعد الموت، استدعى ذلك تنزيه الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء، ولئلا يظن ظان أنه خلق الخلق وتركه دون تقدير وتصرف. وفي تقديمه للخبر: (بِيَدِهِ) على المبتدأ: (مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) إفادة للقصر؛ لأن ملكوت كل شيء بيده هو حصرًا، وليس لغيره فيه نصيب. ثم ذكر: (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ليدل على أن ما ذكره من التصرف في الملكوت ليس مقصورًا في الدنيا، وإنما بيده الملكوت في الآخرة كما في الدنيا، وأنه إليه المرجع والمصير. وكرر قاعدة القصر هنا أيضاً، فقدم الجار والمجرور على جملة الفعل لحصر الرجوع إليه. ولم يحصر الرجوع فيمن ضرب له مثلاً ونسي خلقه، ولو كان فعل لقال: "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ"، وإنما جعل الرجوع عاماً للمخاطبين مؤمنين ومشركين، فصار قوله هذا وعداً للمقرين ووعيداً للمنكرين. إن الله - تعالى - قرر في هذه الآية: توحيد الخالق والمدبر، وأثبت البعث على مثال الخلق، والحشر للحساب، وكل ذلك لأنه (بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ). وكذلك في الآية من سورة "المؤمنون": (قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 88) يذكر سياق الآيات المشركين من عند: (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ 74) حتى: (مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۢ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ 91 عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ 92). والآيات تستعرض خسران الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإنكارهم للبعث والحشر، وإعراضهم رغم ابتلائهم بالعذاب، وعرض آيات الخلق والتدبير عليهم، ورغم إقرارهم بملكية الله للأرض ومن فيها، وتدبيره لأمر السماوات السبع والعرش، وتصريف ملكوت كل شيء. وإذا أتينا إلى آية الأعراف: (أَوَلَم يَنظُروا في مَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ) الأعراف 185، لوجدنا القرآن يعطف الخلق: (وَما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ) على الملكوت، وهو من عطف الخاص على العام؛ إذ أن الخلق كله داخل في الملكوت. ولا شك أن المُلك والملكوت كله لله - سبحانه وتعالى - فهو مالكه المتصرف فيه. والفرق الواضح بين المُلك والملكوت، أن لله أن يعطي غيره بعض ملكه، وهي عطية لملك مؤقت ومحدود، لأنه لا يدوم للمالك، لأنه يحوزه حيازة إعارة مسترجعة وقت أن يريد الله، كما أن المالك لا يستطيع التصرف فيما يملك إلا بما شاء الله، يقول جل شأنه: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) آل عمران 26. أما الملكوت فله - سبحانه - وحده. وقوله تعالى: وقوله تعالى: (أَوَلَم يَنظُروا في مَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ) دعوة إلى النظر في ملكوت الله بالصر والبصيرة. وإذا قلنا: إن الملكوت هو ملك الله لعالمي الغيب والشهادة، علمنا أن الدعوة للتبصر بالمتابعة النظرية في عالم الشهادة، والاستنباط العقلي لمكونات عالم الغيب، وهو ما نرى بعض ملامحه في كتاب الله حين يتحدث عن عناصر الغيب من ملائكة وجن، وموت وبعث، وحشر وحساب، وجنة ونار. وقد أرى المولى - جلت قدرته - خليله إبراهيم - عليه السلام - بعض مظاهر الغيب مشاهدة عينية، وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: (وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَّماواتِ وَالأَرضِ) الأنعام 75. ولا يلزم لذلك أن يرفعه إلى السماء، ليريه بعض آياته الكبرى، فالصعود إلى السماء ليس من طبيعة البشر، وقد رد الله على هذا الوهم في سورة الإسراء، حين نقل مقولة الكفار ورد رسوله عليها: (أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا 93). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 72 | |||
|
![]() (ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22) (وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ): هذا امتنان بما يلحق الإيجاد من ضرورات البقاء والإعاشة، بما ينزل من السحاب، وما يخرج من التراب. و (وَأَنزَلَ): عطفٌ على (جَعَلَ)، و (مِنَ ٱلسَّمَآءِ) متعلِّقٌ به، وهي لابتداءِ الغاية. ويجوز أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أن يكونَ حالاً مِنْ "ما" لأنَّ صفة النكرة إذا قُدِّمَتْ عليها نُصِبَتْ حالاً، وحينئذٍ معناها التبعيضُ، وثَمَّ مضافٌ محذوفٌ، أي: من مِياه السماءِ ماءً. وأصل ماء: مَوَه، بدليل قولهم: "ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمُوه" وفي جَمْعه: مياه وأَمْواه، وفي تصغيرِه: مُوَيْه. وقوله: (فَأَخۡرَجَ): عطفٌ على "أَنْزَلَ" مُرَتَّبٌ عليه، و (بِهِۦ) متعلِّقٌ بِه، والباءُ فيه للسببية. و (مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ) متعلقٌ به أيضاً، و (مِنَ) هنا للتبعيضِ. و (ٱلثَّمَرَٰتِ) جمع سلامة، بينما جمع الكثرة هو: الثمر والثمار، غير أن جَمْعَ السلامةِ المحلَّى بأَلْ التي للعمومِ يقعُ للكثرةِ، فلا فرقَ - إذاً - بين الثمراتِ والثمار، ولذلكَ ردَّ المحققونَ قولَ مَنْ ردَّ على حسان بن ثابت رضي الله عنه: لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ في الضُّحى ..... وأسيافُنا يَقْطُرْنَ من نَجْدةٍ دَما و (رِزۡقٗا) ظاهرُه أنه مفعولٌ به، فاعله: "أَخْرَجَ"، و (لَّكُمۡ) متعلق بـ "أَخْرَجَ". وإنما نَكَّر (مَآءٗ) و (رِزۡقٗا) ليفيدَ التبعيضَ، لأنَّ المعنى: وأنزل من السماءِ بعض ماءٍ، فَاَخْرَجَ به بعضَ الثمراتِ بعضَ رزقٍ لكم، إذ ليس جميعُ رزقِهم هو بعضَ الثمراتِ، إنَّما ذلك بعضُ رزقِهم. خصائص الماء: 1) الماء أساس الحياة: يقول - تعالى - في محكم التنزيل: (وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ 30) الأنبياء، إن أدق تعريف للماء أنه سائل الحياة؛ فقد خلق ليؤدي دوره في الحياة وَفْق سنن تُسيِّره فيما قُدِّر له، ومنه خلق الله كل شيء، فسنن تجعله سُحبًا سابحة في السماء الدنيا، وسنن تجعله قطرات متساقطة، وسنن تحوله أنهارًا جارية وعيونًا متفجرة، وسنن تدفعه في أغصان الشجر وأوراقه، وسنن تجعل الماء وسطًا كيماويًّا صالحاً لأداء وظائف حيوية هامة، وسنن تحول الماء إلى دم يجري في العروق. والإنسان من ضمن ما خلقه الله من ماء، يقول تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا 54) الفرقان، ويقول: (فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ 5 خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ 6) الطارق، إذ أنه بعد ثلاثة أيام من تخليق النطفة يحوي الجنين 97 %من وزنه ماء، وعندما يصبح عمره ثلاثة أشهر تقل نسبة الماء في جسده إلى 91 %من وزنه، وتصل نسبة الماء في الوليد إلى 80 %من وزنه، وعندما يبلغ عامه الأول تكون نسبة الماء في جسمه 66 %كما في البالغين، وتختلف نسبة الماء في كل عضو بحسب وظيفته، فخلايا الدماغ تتكون من 70 %من الماء، وتبلغ هذه النسبة 82 %في الدم، بينما تصل إلى 90 %في الرئتين. 2) سلوك كثافة الماء: للماء في كثافته سِرُّ فريد، فهو ينكمش بالبرودة كسائر السوائل الأخرى، وإذا كانت السوائل تزداد كثافتها كلما زادت برودتها، إلا أن الماء يسلك سلوكًا فريدًا عند درجة 4 مئوية؛ حيث يبدأ في التمدد ولا ينكمش كسائر السوائل، وحينما يتجمد عند درجة الصفر المئوي، تكون كثافته قد انخفضت بمقدار 10 % عن كثافته عند درجة 4 مئوية، وحينما تقل كثافته يزداد حجمه، ولو لم تكن للماء تلك الخاصية الفريدة، لهبط الثلج الموجود في البحار المتجمدة إلى القاع، وتراكم حتى السطح، وحينئذ يصبح البحر قطعة واحدة من الثلج، فتتجمد كل الكائنات البحرية، لكن الماء بتقدير من خالقه بتجمد عند السطح، ويظل الماء تحته سائلاً رحمة بكائنات تعيش في الماء. ويلعب سلوك الماء ذاك دورًا في تكسير الصخور في المناطق الجليدية، فحينما يتجمد الماء في الشقوق، يزداد حجمه ويولد ضغطًا على الصخر، فيكسره، فينتج من فتات الصخر تربة تزرع، بل إن تجمد الماء وَفْق تلك الظاهرة يمثل إحدى علامات تركها الله في الأرض؛ ليقدر بها العلماء درجات الحرارة في أزمنة ماضية، عن طريق قياس نسبة نظيري عنصر الأكسجين في بقايا القواقع والأصداف الموجودة كأحافير في الصخور القديمة؛ حيث تحتوي تلك الأحافير على قدر أعلى من نظير الأكسجين الأخف، بينما تحتوي جزيئات الماء المتجمد على نسبة أكبر من نظير الأكسجين الأثقل*. * للأكسجين ثلاثة نظائر مستقرة و14 نظيراً مشعّاً. والنظائر المستقرة هي: أكسجين-16، وهو أكثرها وفرة في الطبيعة، ونسبة وفرته 99.762% ، وهو أقلها كتلةً، وأكسجين-17، ونسبة وفرته 0.037%، وأكسجين-18، ونسبة وفرته 0.20%. 3) التوتر السـطحي للماء: تشد جزيئات الماء بعضها بعضًا بقوة تسمى قوة المط أو التوتر السطحي (Surface Tension)، تجعل قطرات الماء تتكور عندما تسكب على السطوح، ويترتب على هذا ارتفاع الماء في الأنابيب الضيقة، وَفْق ما يعرف بالخاصية الشعرية التي تلعب دورًا هامًّا في صعود العصارات في النباتات، وحركة الماء في تربة الأرض. ولكل سائل شدة توتر سطحي تميزه وتختلف عن السوائل الأخرى، فللماء العذب شد يختلف عن شد الماء المالح، ولعل هذا الأمر هو الذي يفسر قوله تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞ وَجَعَلَ بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٗا وَحِجۡرٗا مَّحۡجُورٗا 53) الفرقان. والماء يتكون من جزيئات، وكل جزيء يتكون من ذرة أيدروجين وذرتين من الأكسجين (H2O)، تساهمان في تكوين رابطة قوية، وجزيء الماء قطبي على شكل يشبه قضيب المغناطيس، ويدور حول نفسه بسرعة كبيرة، وفي كوب الماء الواحد عدد من الأقطاب يفوق عدد سكان العالم اليوم. وتعكس قطبية الماء سر قوة تلاصقه، وهذه الخاصية تكسب الماء مقاومة للدخول إلى الخلايا والانسياب مع الجِبلَّة (السيتوبلازم). ويثبت العلم الحديث أن الماء إذا ما عُولج بالطاقة بطريقة مخصوصة تنتظم جزيئاته وترتب أقطابه، ويكتسب مزايا ذات فائدة في علاج الأمراض. وتشير الدراسات إلى أن تأثير الماء المُعالج بالطاقة في زيادة نمو الدجاج، وإنتاج البيض ومعدل نمو النبات. 4) الأرض مصدر الماء: يقرر القرآن أن ماء الأرض خرج من الأرض بقدرة الله، يقول تعالى: (وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ 30 أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا 31) النازعات، والعلم الحديث يثبت ذلك، فحينما بدأت الأرض في التكون، كانت سـاخنة بسـبب الحرارة الناتجة من تصـادم مكوناتهـا، وبسبب قوة ثقلها (جاذبيتها) ونشاطها الإشعاعي، استمرت حرارتها في الازدياد لدرجة صهرت الحديد الذي غاص في باطن الأرض مكونَّا لُبَّ الأرض. وسادت ثورة البراكين، فأخرجت الأرض كميات هائلة من بخار الماء، وغازات أخرى غطت الأرض فيما يشبه بغلالة أرجوانية أحاطت بما يشبه بحراً من الحمم الحمراء الساخنة، وبعد ذلك أخذت الأرض تبرد رويدًا رويدًا، ثم تصلبت ونشأت الجبال على سطحها، وحينئذ سُمح للسحب وبخار الماء بالتكثف وسقطت الأمطار، ونشأت المحيطات، ثم أصبحت مياهها مالحة نتيجة اتحاد الكلورين الموجود في الغازات البركانية بالصوديوم الناتج من التجوية الكيميائية لمكونات قشرة الأرض؛ أي إن مصدر الماء على الأرض أتى من باطنها، وحينما خـرج لأول مرة صاعـدًا في السـماء من المنبعثات البركانية، اسـترجعته الأرض أمطـارًا بعد أن برد ســطحها، وتكوَّنت جبالها، فأحدثت تـوزعاً في الضغط أسَهم في إنزال المطر. 5) إسكان الماء في الأرض: يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) المؤمنون 18، وتشير الآية إلى دورة الماء في الطبيعة؛ وتعبير (فَأَسْكَنَّاهُ) يعني المكوث لفترة طويلة، وهو ما نراه في المياه الجوفية ومياه الآبار التي تبقى فترة طويلة ساكنة في الأرض دون أن تفسد أو تذهب. إن المطر حين يسقط على الأرض، يتحرك جزء غير قليل منه لأسفل؛ ليسكن تحت الثرى، فيمر بحزام التربة، فيتشرب بالماء، ثم يتركه مخترقًا نطاقًا، تكثر به الشقوق والمسام، يسمى نطاق التهوية أو النطاق غير المتشبع بالماء، ثم يتحرك الماء إلى أسفل؛ ليسكن نطاق التشبع، وهو الذي يكون خزان الماء الجوفي. ويحفر الإنسان الآبار في الصحراء القاحلة ذات الأمطار النادرة جدًّا، فيخرج المـاء، ويسـقي الأنعام، وتُروى الزروع. وقوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَلَكَهُۥ يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ) الزمر 21، يظهر أن الماء يسلك طرقاً معقدة في الأرض، ويبقى ساكناً فيها حتى يخرج قدر منه عند حفر الآبار وخروج الينابيع. 6) دورة الماء: بَيَّنَ قوله تعالى: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ) الزخرف 11، أن الماء نزل من السماء بقدر، وأنه مُصرَّف بين الناس بتقدير العزيز العليم. ولفظة: (بِقَدَرٍ) عبَّرت بوضوح عن دورة الماء في الطبيعة. وقد أصبح من المؤكد أن الماء يدور بانتظام بين البحر والبر والغلاف الجوي. وما يحدث هو أن الماء الزائد على اليابسة يصب في البحار؛ حتى تنتظم الدورة المائية. واتفق العلماء على أن مقدار ما يسقط على الأرض من الأمطار كل عام مقدار ثابت، وقوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ) الفرقان 50، يشير إلى اختلاف النِّسَب باختلاف الأماكن، مع ثبات كمية الماء المصرف. 7) غور الماء: للماء في البحار مستوى يسمى مستوى سطح البحار. ومستوى سطح البحر هو الصفر نتخذه مرجعًا لقياس الارتفاع فوقه أو الانخفاض تحته، والماء الذي يجري في الأنهار والبحيرات له مستوى يختلف من مكان إلى مكان، والماء المخزن في باطن الأرض له أيضًا مستوى مرجعي يسمى مستوى الماء الجوفي، ويختلف ذلك المستوى أيضًا من مكان إلى مكان آخر. وينعم الإنسان باستخدام الماء العذب، طالما أنه يحصل عليه بيُسر وسهولة، فإذا ما غار الماء في طبقات الأرض، استحال على الإنسان الحصول عليه. يقول تعالى: (أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا 41) الكهف. وغور الماء ظاهرة معروفة ومسجلة عبر الزمن، سواء في البحار، أو الأنهار، أو المياه الجوفية. وقد تكرَّر ارتفاع وانخفاض مستوى البحر عبر تاريخ كوكب الأرض، وتوالى طغيان البحر وانحساره عن اليابسة خلال العصور الجيولوجية المختلفة؛ فعلى سبيل المثال، انخفض سطح البحر خلال الأربعين ألف سنة الماضية، حتى نزل مستواه 140مترًا عن مستواه الحالي. وانخفاض مستوى سطح البحر يغور معه مستوى سطح الماء في الأنهار التي تصب في البحار، ويغور معه أيضًا مستوى الماء الجوفي نتيجة تسرُّب الماء الجوفي إلى الأنهار التي غار ماؤها، وهي سلسلة مترابطة من المستويات المتعلقة بعضها ببعض. ومن رحمة الله بخلقه أنه يخزن المياه في جوف الأرض بكمية تبلغ أكثر من ثلاثين ضعف مياه أنهار وبحيرات العالم مجتمعة، وتعكس نسب توزيع الماء في الأرض حكمة إلهية بالغة. ومن بديع صنع الله أن مستوى المياه الجوفية يتبع تضاريس سطح الأرض، يعلو مع المرتفعات وينخفض مع المناطق المنخفضة، فيستفيد منه ساكنو الجبال كما يستفيد منه ساكنو السهول والصحاري. |
|||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
|
|