|
|
|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 29 | |||
|
![]() ﴿أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ يَجۡعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِيطُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩ يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ ﴿أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ﴾: معطوفٌ على ﴿كَمَثَلِ﴾ 17، فهو في محلِّ رفع. ﴿أَوۡ كَصَيِّبٖ﴾: الكاف للتشبيه، ولا بُدَّ من الإضمار ليصِحَّ المعنى، والتقدير: أو كمثل ذَوي صَيِّب، أو: كأهل الصيب، كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ يوسف 82، أي أهل القرية، ولذلك رَجَعَ عليه ضميرُ الجمع في قوله: ﴿يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم﴾ لأنَّ المعنى على تشبيهِهم بأصحاب الصيِّب لا بالصيِّب نفسِه. والصيِّبُ: ولا تقال إلا للمطر الجَوَاد، سُمِّي بذلك لنزولِهِ، يقال: صابَ يصُوبُ إذا نَزَلَ، وهي من الصوب، وهو النزول، وكل ما نزل من أعلى إلى أسفل فهو صيّب، من قولهم صاب يصوب، قال: فلسْتُ لإِنسِيٍّ ولكن لِمَلأَكٍ ..... تَنَزَّلَ من جوِّ السماءِ يَصُوبُ فلا تَعْدِلي بيني وبينَ مُغَمَّرٍ ..... سَقَتْكِ رَوايا المُزْنِ حيثُ تَصُوبُ وَأَسْحَمَ دَانٍ صَادِقِ الرَّعْدِ صَيِّبِ ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾: ﴿مِنَ﴾ لابتداء الغاية، و﴿السَّمَاءِ﴾: كلُّ ما عَلاَك من سقف ـ ومنه سقف البيت ـ سماء وهي مشتقةٌ من السُّمُوِّ، وهو الارتفاعُ. ويصح دخول تاءُ التأنيث عليها نحو: سَماوة، قال الشاعر: طيَّ الليالي زُلَفاً فَزُلَفَا ..... سَماوَةَ الهلالِ حتى احْقَوْقَفَا فلو رَفَعَ السماءُ إليه قوماً ..... لَحِقْنَا بالسماءِ مَعَ السحابِ لَهُ مَا رأَتْ عَيْنُ البَصِير، وفَوْقَه ..... سَماءُ الإِلَهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمائِيا ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ﴾: أي معه، مثل: ﴿ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ﴾ الأعراف 38. و ﴿وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ﴾ معطوفانِ على ظُلُماتٌ. وهما في الأصل مصدران، تقول: رَعَدت السماء تَرْعُدُ رَعْداً وَبَرَقَتْ بَرْقاً، والظاهرُ من سياق الآية أنه لا يراد بهما المصدرَ، بل جُعِلاَ اسماً للهزِّ واللمعَانِ، وهو مقصودٌ الآيةِ. والرعـد سـمي رعداً لأن يرعد سـامعه، ومنه رعدت الفرائص أي: حركت وهزت كما تهزه الرعدة، وقيل أرعد إذا هدد وأوعد. والبرق هو النور الوامض المصاحب للرعد. ولا تفوت الحصيف ملاحظة تنكير الثلاثة، وجمع الظلمات، وإفراد الرعد والبرق. ما المراد من هذا التشبيه؟: هو من قبيل عطف تشبيه على تشبيه بتمثيل آخر وبمراعاة أوصاف أخرى، وقد جاء على طريقة بلغاء العرب في التفنن في التشبيه وهم يتنافسون فيه لا سيما التمثيلي منه، ليدللوا على تمكنهم من التوصيف والتوسع فيه. والصيب مستعار للقرآن والهدي والعلم الذي جاء به محمد ، لأن بالعلم والهدى حياة الأرواح كما أن بالمطر حياة الأجسام، وأشار إلى وجه ضرب هذا المثل بقوله تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ﴾ الأعراف 58، ويوضحه الحديث المتفق عليه: "إنَّ مثَلَ ما بعَثَني الله به عزَّ وجلَّ من الهُدى والعِلمِ، كمَثَلِ غيثٍ أصاب أرضًا، فكانت منها طائفةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَت الماءَ، فأنبَتَت الكَلأَ والعُشبَ الكثيرَ، وكان منها أجادِبُ أمسَكَت الماءَ، فنفعَ اللهُ بها النَّاسَ، فشَرِبوا منها وسَقَوا ورَعَوا، وأصاب طائفةً منها أخرى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ كَلأً؛ فذلك مثَلُ مَن فَقُهَ في دينِ اللهِ، ونفَعَه بما بعَثَني اللهُ به، فعَلِم وعلَّم، ومثَلُ مَن لم يرفَعْ بذلك رأسًا، ولم يقبَلْ هُدى اللهِ الذي أُرسِلتُ به"*. * عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (الحديث). رواه الشيخان: البخاري (79)، ومسلم (2282)، واللفظ له. لِمَ عطف أحد المثلين على الآخر بحرف ﴿أَو﴾؟: في ﴿أَوْ﴾ في قولُه تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ﴾ سبعة أقوال: 1) الأول: أنها للتفصيلِ بمعنى أنَّ الناظرينَ في حالِ هؤلاء منهم مَنْ يُشَبِّهُهُمْ بحال المستوقدِ الذي هذه صفتُهُ، ومنهم مَنْ يُشَبِّهُهُمْ بأصحاب صَيِّبٍ هذه صفتُه. 2) الثاني: أنها للإِبهام، أي: إن الله أَبْهَم على عباده تشبيهَهم بهؤلاء أو بهؤلاء. 3) الثالث: أنها للشَّكِّ، بمعنى أن الناظر يَشُكُّ في تشبيههم. 4) الرابع: أنها للإِباحة. 5) الخامس: أنها للتخيير، أي: أُبيح للناس أن يشبِّهوهم بكذا أو بكذا، وخُيِّروا في ذلك. 6) السادس: أنها بمعنى الواو، وأنشدوا: جاء الخلافةَ أو كانَتْ له قَدَراً ..... كما أتى ربَّه موسى على قَدَرِ بَدَتْ مثلَ قَرْن الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى ..... وصورتِها أَوْ أَنْتَ في العينِ أَمْلَحُ ﴿أَو﴾ في الأصل للتساوي في الشك، ثم اتسع فيها، فأطلقت على التساوي من غير شك في عدة معان: الإبهام والتخيير والإباحة والتفصيل. وقالوا: هي هنا للتفصيل والإسهاب بحال المنافق، فكان التمثيلان من التمثيلات المركبة: فكان المثل الأول وصفاً لتخبطهم وخيبة أملهم، والثاني لدهشتهم وحيرتهم، وكان وقع الأخير اشد وأعمق، لذلك أُخر. غير أننا نرى أن كل تشبيه منهما وضع لأحد صنفي المنافقين: الكتابيين، ثم مشركي العرب على تفصيل سنأتي به في موضعه إن شاء الله. ما سبب إضافة السماء للصيب؟: معنى الصيب ـ كماتقـدم ـ يتضمـن النـزول من عـلٍ، والمطـر والســحاب من معانيـه. أما لمـاذا أضيف: ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ فللتهويل، وفي ذلك إشارة إلى أن: - ما يؤذيهم جاء من فوق رؤوسهم وذلك أبلغ في الإيذاء، كقوله تعالى: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ الحج 19. - قد جاءهم ما لا يملكون دفعه بسبب مجيئه من السماء. ما قيل في وجوه إعراب: ﴿فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ﴾؟: احْتملت أربعةَ أوجه: 1) أَنْ تكونَ صفةً لـ "صَيِّب". 2) أن تكونَ حالاً منه. 3) أن تكونَ حالاً من الضميرِ المستكنِّ في: ﴿مِّنَ ٱلسَّمَآءِ﴾ وتتعلَّقُ في التقادير الثلاثة بمحذوفٍ. 4) أن تكونَ خبراً مقدَّماً و ﴿ظُلُمَٰتٞ﴾ مبتدأ. ما هي الظلمات التي في الصيب؟: ضرب الله تعالى مثلاً لما يعتري الكفار والمنافقين من الشبه والشكوك في القرآن بظلمات المطر. ومن أمثلة شكوكهم: - عند تحويل القبلة قال تعالى فيهم: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ ﴾ البقرة 142، وزعموا أن الرسول غير متيقن من أمره، فمرة يعين هذه القبلة ومرة يعين أخرى. - لما قرأ عن الشجرة الملعونة في القرآن: ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ الصافات 64، قالوا: ظهر كذبه، لأن الشجر لا ينبت في الأرض اليابسة، فكيف ينبت في أصل النار؟. - حين قرأ: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ المدثر 30، قال بعض رجال قريش: هذا عدد قليل ونحن قادرون على قتلهم، واحتلال الجنة بالقوة، لقلة القائمين على النار التي يزعم محمد أننا سندخلها. ما هو الرعد في المثل؟: ضرب الله بالرعد مثلاً لما في القرآن من الزواجر والنواهي التي تقرع الآذان وتزعج القلوب. والزواجر كثيرة في القرآن الكريم وهي من القوة بحيث تخوف من له قلب. وعن جبير بن مطعم: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِه الآيَةَ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِن غيرِ شيءٍ أمْ هُمُ الخَالِقُونَ 35 أمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ والأرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ 36 أمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ 37﴾ قالَ: كَادَ قَلْبِي أنْ يَطِيرَ*. * صحيح البخاري (4854). |
|||
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
|
|