الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

 

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-04-2022, 01:01 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ

أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣






حول مضمون الآية:

إن أول كلام المنافقين هو: ﴿ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ فلِمَ يقال لهم ﴿ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ﴾؟.
إن قولهم الأول، جاءه الرد الفوري: ﴿وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨﴾، فنفى عنهم جنس الإيمان، سواء بما حددوه، أو بغيره من عناصر الغيب. ثمّ إن الآيات صوّرت ذلك الجهل في جوهر ادعائهم الإيمان، فقيل لهم: ﴿ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ﴾. ولفظة "الناس" قد تسـتعمل اسـتعمالاً عرفياً للدلالة على جموع البشـر، وقد يكون اسـتعمالاً سلبياً، ومنه البيت المشهور لدريد بن الصمة:
وَمَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ .....غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
ونحو المثل الشعبي: "حط راسك بين هالرؤوس وقول يا قطاع الرؤوس"، أو المثل الآخر مع اختلاف ألفاظه من بيئة لأخرى، وإن اتحد المدلول: "الموت مع الناس نعاس" أو وسط الجماعة عرس، أو مع الجماعة رحمة. وقد يكون إيجابياً، نحو المثل الآخر: "الناس بالناس، والكل بالله" الذي يجسده البيت المشهور:
النـاسُ للناسِ مـادام الوفــاءُ بهــم ..... والعسرُ واليسرُ أوقاتٌ وساعاتُ
وبيت أبي العتاهية:
خُـــذِ النَّاسَ أوْ دعْ إنَّمَا النَّاسُ بالنَّاسِ ..... وَلا بُـدّ في الدّنيـــا من النّـاسِ للنّـاسِ
ومدلول "الناس" يختلف حسب السياق، ولعل قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا﴾ قصد فيه جموع القوم على اختلاف مشاربهم، بينما المقصود بالناس في: ﴿كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ﴾ الصفوة المؤمنة، وهي التي نعتها المنافقون بَعْدُ بالسفهاء، لاعتقادهم أنهم هم العقلاء الثابتين على معتقدهم. ووصف الذين آمنوا بالسفهاء، هو سفه، فالسفيه ضعيف العقل، متحجر الفكر، لا يزن الأمور بميزانها، ولا يحسن التدبير. والمنافقون بصنفيهم جاوزوا الكفار بضحالة الفكر ورعونة التصرف، وكانوا متأرجحين بين أهل الحق، وأهل الباطل، يجاهرون بادعاء الإيمان هنا، ويهمسون لأهلهم من الكفار والمشركين من العرب واليهود بالولاء. إن رمي المؤمنين بالسفاهة بهتان، وهو منهج كل المتكبرين والمتجبرين وديدنهم في كل زمان ومكان. إذا أرادوا فض جمع الصالحين وإبعاد العامة عنهم، وهذا فرعون يزين لقومه الضلال، ويظهر لهم حرصه على مصالحهم، فيقول عن نبي الله موسى: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ غافر 26، ويضع نفسه مثالاً للهداية والصلاح، فيقول: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ غافر 29. ومثل المنافقين في وصفهم المؤمنين بالسفاهة، كمثل الأغنياء المغترين بغناهم، إذا أمروا بترك الدنيا والالتفات إلى الآخرة وصفوا أهل الرشد بالكسل والعجز، ويقولون إن الفقراء ليسوا على شيء، لأنهم لا مال لهم ولا رغد عيش ولا جاه، وفي الحقيقة هم الفقراء، شيدوا القصور وسكنوا في القبور، زينوا المهد وأدرجوا اللحد، غفلوا حتى قبروا فنالوا الذل يوم لا ينفع مال ولا بنون بدل العز الذي اغتروا به في الحياة الدنيا:
سَوفَ تَرَى إِذَا انْجَلَى الْغُبَارُ ..... أَفَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارُ

إن المولى جل جلاله لما نهى المنافقين في الآية الأولى عن الفساد في الأرض، ثم أمرهم في هذه الآية بالإيمان دلّ على أن كمال الإنسان لا يحصل إلا بمجموع الأمرين، وهو تركه ما لا يَنْبَغِي، وفعل ما ينبغي. وترك ما لا ينبغي هو بالتالي التزام بما ينبغي، وأوله الإخلاص في الإيمان، فالإيمان لا قيمة له إذا لم يجاوز الحناجر، وهو فعل المنافقين. قالوا: آمنا بأفواههم، ولم تؤمن قلوبهم. والعمل الصالح في العبادات والمعاملات هو ما يقتضيه الإيمان. والإسلام دعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو شكل من أشكال إصلاح المجتمع، بالحث على فعل الخيرات، وتجنب المنكرات. فإذا اكتمل هذا عند أفراد المجتمع الإسلامي، نعم الناس بالطمأنينة، ورفلوا بسعادة الدنيا، ورضى الله ووعده.

وإن الثابت عليهم بالكلية حتى الآن ثلاثة أشياء:
1) الكفر، لأن في قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨﴾ نفي الإيمان جملة وتفصيلاً،
2) والفساد في قوله: ﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ﴾،
3) والسفه في قوله: ﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ﴾.
وهذه ثابتة عليهم باللفظ والمعنى. أما قوله تعالى: ﴿وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ١٢﴾ هناك، و ﴿وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣﴾، فهو نفي جزئي للشعور والعلم، لذلك جاء بالاستدراك، لا بالحصر أو القصر. ولا يصحّ نفي الشعور عنهم، ولا العلم. إن سفههم دفعهم إلى تغطية مسالك العلم لديهم بالهوى والصالح الدنية، فيتمحلون الأعذار السخيفة، والعلل الضعيفة ليبرروا ضلالهم، بدلاً من فتح عقولهم لاستقبال الحق، أو للاعتراف بالإسلام ورسوله. هم إن كانوا من العرب لديهم أصوات مثل: ورقة بن نوفل وسويد بن صامت الأوسي وسويد بن عامر المصطلقي وأبي قيس صرمة بن أبي أنيس من بني النجار أهل يثرب وزيد بن عمرو بن نفيل الذي نقل عنه قوله قبل الإسلام:
أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ ..... أَدِينُ إذَا تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ
وقوله:
لَبَّيْـــكَ حَقًّـــاً حَقًّـــا تَـعَـبُّـــــــدًا وَرِقًّــــــــا
الْبِرُّ أَبْغِي لَا الْخَــالُ ..... وَهَلْ مُهَجِّـرٌ كَمَنْ قَــالَ
آمَنْـــــتُ بِمَـــــــا آمَـــــنَ بِـــــهِ إِبْرَاهِيــــــــمُ
هذه الأصوات وغيرها، رفضت الأصنام، وتمردت على عبادة قومها. ولا شك أنها حركت المياه الراكدة في المجتمع، وأثارت الأسئلة، فلما جاء وحي السماء بالإجابات لكل ما غمض في عقول العقلاء، كان حرياً بذوي الفطرة الصافية أن يستجيبوا لداعي السماء. وواقع يثرب لم يكن مختلفاً عن واقع مكة، وإن تميز اليثربيون عن المكيين قبل الإسلام، بوجود أهل الكتاب بين ظهرانيهم، ليكونوا مرجعاً دينياً لهم وقت الحاجة. وبنو إسرائيل في يثرب لم يكنوا يهتمون بالتبشير لدينهم، نعم، ولكنهم كانوا يختلطون بمشركي يثرب، ولابد أن يكون لهم تأثير ما عليهم. والثابت أن الداعي الأول لرفض أهل مكة للإسلام كان اقتصادياً لأنهم كانوا يرتزقون من الحجيج. ثم يأتي العامل الثاني، وهو الحرص على الرياسات، وهو نفسه كان محفز منافقي المدينة من العرب على الرفض القلبي للإسلام. العرب إذاً لم تنقصهم المعرفة الدينية، وبينهم يهود ونصارى وحنفاء.

وأما الصنف الآخر من المنافقين، فهو من أهل الكتاب، وهم الذين كانوا يشعلون نيران الحقد على المؤمنين، وهم لم يكن ينقصهم العلم، وقد بُشّر برسول الإسلام في كتبهم، وكانوا يصرحون بالبشارة في مجالسهم مع الأوس والخزرج، لكنهم ينتظرون نبياً منهم، فلما جاء من أبناء عمومتهم، قلبوا له ظهر المجن، وأظهروا العداوة، وجعل أحبارهم يشاركون رؤوس النفاق في المدينة وكبار كفار قريش خطط محاربة الإسلام ورسوله. ولعل من خططهم بث بعض عيونهم بين المسلمين، فاضطروا لادعاء الإسلام حتى يتصيدوا أخبار المسلمين، ويلتمسوا نقاط الضعف في المجتمع الإسلامي ليضربوه ضربة تنهي أمره. وإن دور المنافقين اليهود ـ فيما نرى ـ كان الدور القيادي للنفاق، حتى وإن اشتهرت صدارة أمثال ابن سلول لشرذمة النفاق. هو كان القائد الصوري لنشاط تحركه العقلية اليهودية الممعنة في حبك المؤامرات.

وإن نفي العلم ينبّه الأذهان، إلى دقّة التعبير في القرآن، وهو أنّ أمر الإيمان لا يتحقّق إلاّ بالعلم اليقينيّ. فهم كما أسلفنا لم ينقصهم العلم، لكن الأهواء أفسدت علمهم وطغت عليه. وإن المولى جل وعلا لم ينف عنهم العلم بالكلية، بل نفى عنهم كمـال العلـم بالاسـتدراك: ﴿وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣﴾، لأن علمهـم ناقص. هم ينقصهم العلم بكنه الإيمان وعاقبته. لا يعلمون ما الإيمان، وما ينتظر المؤمن من خيري الدنيا والآخرة. لم يفهموا أن يهجر المسلم المكي الثري أهله وماله ليلحق بنبي يعاديه قومه ويضيقون عليه ويؤذونه، أو أن يستقبل الأنصاري المهاجر ويقاسمه بيته وماله، أو أن يترك اليهودي دينه المستقر وقومه ليتبع رسولاً ليس من نسل إسرائيل. إن علمهم منحصر في المنفعة الحاضرة من متع زائلة ومكاسب عاجلة، وإن لم يصحبها سلام داخلي، أو طمأنينة نفسية وعقلية. أخطأوا في إدراك مصلحتهم ومصلحة قومهم وأمتهم في اتّباع النبيّ صلى الله عليه وسلم. لذلك كانوا سفهاء غاوين، وإن كانوا عقلاء راشدين. وسفههم في أنهم يجهلون كل هذا، ويجهلون أنّهم جاهلون.






 
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:47 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط