|
|
|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 25 | |||
|
![]() ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨﴾ ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ﴾: الواو لِعطف طائفة من الجمل على طائفة أخرى هي الواردة في الآيتين السابقتين. و ﴿مِنَ﴾: للتبعيض. واللام في ﴿ٱلنَّاسِ﴾ للعهد أو الجنس. إن كانت للجنس مثل: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ﴾ الأحزاب 23، فهي على المطلق. وإن كانت للعهد فقد عني بها قوم أو مجموعة أفراد بأعيانهم كقوله: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾ التوبة 61، أي أن يكون المعنيون بالناس: الكفار والمنافقين جميعاً. أما ما جمع الفئتين في جنس واحد، فهو اتحادهما في الكفر، وزاد عليهم المنافقون الخديعة والاستهزاء. و ﴿مِنَ ٱلنَّاسِ﴾: خبر مقدم، و ﴿مَن يَقُولُ﴾ مبتدأ مؤخر. و ﴿ٱلنَّاسِ﴾: اسم جمع لا واحد له من لَفْظِهَ، ويرادفه: أَنَاسِيّ، جمع إنسان أو إنسي، وهو حقيقة في الآدميين، ويطلق على الجِنّ مجازاً. ما قيل في اشتقاق لفظ ﴿ٱلنَّاسِ﴾: اختلف النحويون في اشتقاقه، فقيل: - أن أصله همزة ونون وسين، والأصل: أناس اشتقاقاً من الأُنس،لأنه أنس بحواء. أو لاستئناسه بمثله، كما يقول الشاعر: وَمَا سُمِّيَ الإِنْسَانُ إِلاَّ لأُنْسِهِ ..... وَلاَ القَلْبُ إِلاَّ أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ وَكُلُّ أُنَاسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ..... وَنَحْنُ خَلَعْنَا قَيْدَهُ فَهُوَ سَارِبُ - أنه من نون وواو وسين (نوس) فقلبت الواو ألفاً لتحركها، وانفتاح ما قبلها، والنَّوسُ: الحركة. - أنه من نون وسين وياء (نسي) ثم قلبت الياء إلى موضع السين، فصار: نيس، ثم قلبت الياء ألفاً لما تقدم في (نوس) وسموا بذلك لنسيانهم؛ ومنه الإنسان لنسيانه؛ قال أبو الفتح البستي: فَإِنْ نَسِيتَ عُهُوداً مِنْكَ سَالِفةً ..... فَاغْفِرْ فَأَوَّلُ نَاسٍ أَوَّلُ النَّاسِ لا تَنْسَيَنْ تِلْكَ الْعُهُودَ فَإِنَّمَا ..... سُمِّيتَ إِنْسَاناً لأنَّكَ نَاسِي تعدد معاني لفظة ﴿ٱلنَّاسِ﴾ في القرآن الكريم: جاءت لفظة الناس في القرآن الكريم لتدل على طوائف مختلفة من البشر، منها: - كل البشر: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ آل عمران 9. - كل البشر ما عدا المسلمين: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ المائدة 82. - البشر ما عدا اليهود: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ آل عمران 112. - بنو إسرائيل: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ النمل 16. - أهل مصر الجزيرة: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ يوسف 49. - الملأ المجموع يوم الزينة: ﴿قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ الأعراف 116. - كل البشر بعد نزول القرآن: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ الإسراء 89. - المشركون: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يونس 104 . - المنافقون: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ﴾ الحج 11. - المناطق المحيطة بمكة: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ العنكبوت 67. - ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ أي جماعة من عبد قيس، ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ آل عمران 173، وقيل: المقصودون هم طائفة من المشركين فيهم أبو سفيان. - الصحابة: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ﴾ الأحزاب 63. - الحجيج: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ﴾ التوبة 3. - جماعة من البشر: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾ القصص 23. ﴿مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾: و ﴿مَن﴾: موصولة، وشرطية، واستفهامية، ونكرة موصوفة. ولا تقع على آحاد ما لا يعقل مطلقاً. وأكثر لسان العرب أنها لا تكون نكرة موصوفة إلا في موضع يختص بالنكرة، كقول سُوَيْدِ بْنِ أبِي كاهِلٍ: رَبِّ مَن أنْضَجْتَ غَيْظًا صَدْرَهُ ..... لَوْ تَمَنّى لِيَ مَوْتًا لَمْ يُطَعْ فَكَفى بِنا فَضْلًا عَلى مَن غَيْرَنا ..... حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ إيّانا وفي هذه الآية: لفظ: ﴿يَقُولُ﴾ للواحد، و﴿ءَامَنَّا﴾: للجمع، لذايُرجع للجمع. والقول هو اللفظ الموضوعُ لمعنى، ويطلق على اللَّفْظِ الدَّال على النسبة الإسنادية، وعلى الكلام النَّفساني أيضاً، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ﴾ المجادلة 8. وتراكيبه كلها تدل على الخفّة والسرعة. و ﴿ءَامَنَّا﴾: فعل وفاعل، و ﴿بِٱللَّهِ﴾ متعلّق به. وكررت الباء في قوله: ﴿بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ للمعنى المتقدّم في: ﴿وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ﴾ البقرة 7. و ﴿ٱلۡأٓخِرِ﴾: صفة لـ "اليوم" وهذا مقابل الأوّل، ويجوز أن يُرَاد به الوقت الَّذي لا حَدّ له، وهو الأبد القائم الذي لا انقطاع له، والمراد به: يوم القيامة. واليوم الآخر هو اليوم الذي يبتدئ بالبعث ولا ينقطع أبداً، وقد يراد منه اليوم الذي يبتدئ بالبعث وينتهي باستقرار أهل الجنة في الجنة . وأهل النار في النار . واليومَ عند العرب إنما سُمي يومًا بليلته التي قبله، فإذا لم يتقدم النهارَ ليلٌ لم يسمَّ يومًا. فيوم القيامة يوم لا ليلَ بعده، سوى الليلة التي قامت في صبيحتها القيامة، فذلك اليوم هو آخر الأيام. ولذلك سمّاه الله جل ثناؤه "اليوم الآخر" ونعتَه بالعَقِيم. ووصفه بأنه يوم عَقيم، لأنه لا ليل بعده. لفظة ﴿مِنَ﴾ صالحة للإفراد والتثنية والجمع: قد وردت بالمفرد على مُرَاعاة اللَّفظ، كما وردت بعد مُرَاعاة المعنى في قول الشَّاعر: لَسْتُ مِمَّنْ يَكُعُّ أَوْ يَسْتَكِينُو ..... نَ إِذَاَ كَافَحَتْهُ خَيْلُ الأَعَادِي وكذا قال تعالى: ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ﴾ الطلاق 11، إلى أن قال: ﴿خَالِدين﴾، فراعى المعنى، ثم قال: ﴿فَقَدْ أَحْسَنَ الله له رِزْقاً﴾، فراعى اللفظ بعد مُرَاعاة المعنى. وهذا الحمل جاز فيها من جميع أحوالها، أعني من كونها موصولة وشرطية، واستفهامية. كما جاءت في مواضع أخرى بالواحد كقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ الأنعام 25، والجمع كقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ يونس 42، والسبب فيه أنه موحّد اللفظ مجموع المعنى. توارد مجيء قوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن﴾ في التنزيل: قوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن﴾ كأنه قال: من الناس ناس يقولون كذا، مثل ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا﴾ الأحزاب 23. وجاءت هذه الصيغة مشاكلة لـ: - ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ البقرة 204، قيلت في المنافقين. - و ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا﴾ البقرة 165، وهم المشركون. - و ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ﴾ البقرة 207، وهي في مدح صنف مخصوص من المؤمنين. وهو وإن لم يعلن عن المقصود بـ: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ﴾ في الآية لكنه صرح بذكر بعضهم في: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ ﴾ التوبة 101. ما الإيمان؟: اختلف في ماهيـة الإيمان ما هو؟ واختصرت الآراء في خمسة أقوال: 1) التصديق، لا مسمى له غيرُ ذلك وهو مسماه في العربية، فينبغي ألا ينقل من معناه لأن الأصل عدم النقل إلا أنه أطلق على تصديق خاص بأشياء بيّنها الدين. وأما النطق والأعمال فهي من الإسـلام لا من مفهوم الإيمان لأن الإسلام الاستسلام والانقياد بالجسـد دون القلب. ودليل التفرقة بين الإسـلام والإيمان قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ الحجرات 14. ومنها حديث جبريل المشهور، وأورد أصحاب هذا الرأي، وهم جمهور العلماء أدلة أخرى كثيرة. 2) الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان بالشهادتين للإقرار بذلك الاعتقاد، وبذلك يدخل الإنسان في أهل القبلة. واحتج أصحاب هذا الرأي بقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 35فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ 36﴾ الذاريات، وحديث وفد عبد القيس يثبت أن الإيمان يشمل العمل*. * عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: قَدِم وفْدُ عبدِ القَيسِ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: "مرحبًا بالوفدِ، ليسَ بالخزَايا ولا النَّادِمينَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ بينَنا وبينَكَ المشرِكينَ، وإنَّا لا نَصلُ إليكَ إلَّا في أشهرِ الحرمِ، فحدِّثنا بأمرٍ إن عمِلنا بِهِ دخلنا الجنَّةَ، ونَدعو بِهِ مَن وراءَنا، قالَ: آمرُكُم بثلاثٍ، وأنهاكُم عن أربعٍ، آمرُكُم: بالإيمانِ باللَّهِ، وَهَل تَدرونَ ما الإيمانُ باللَّهِ؟، قالوا: اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: شَهادةُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وأن تُعطوا منَ المغانِمِ الخُمُسَ، أنهاكُم عَن أربعٍ: عمَّا يُنبَذُ في الدُّبَّاءِ، والنَّقيرِ، والحنتَمِ، والمزفَّتِ" رواه الشيخان: البخاري (523)، ومسلم (17) باختلاف يسير، والنسائي (5692) واللفظ له. ورد هذا الرأي بالقول بأن هذه أخبار آحاد قد يستدل بها لمجرد التقريب، على أن معظمها لا يدل على إطلاق الإيمان على حالة ليس معها حالة إسلام. 3) الإيمان اعتقاد وقول وعمل، وهو قول جمهور السلف من الصحابة والتابعين، ذلك أنهم لكمال حالهم ومجيئهم في فاتحة انبثاق أنوار الدين لم يكونوا يفرضون في الإيمان أحوالاً تقصر في الامتثال، وتمسك به من أخذوا بظاهر ألفاظ الأحاديث، وبذلك أثبتوا الزيادة والنقص في الإيمان بزيادة الأعمال ونقصها، لقوله تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ الفتح 4، وفي الحديث: "الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ شُعْبَةً"*، أي إن للإيمان درجات. وعلى ذلك حمل قوله صلى الله عليه وسلم:"لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ"**، أي ليس متصفاً حينئذٍ بكمال الإيمان، أو أن إيمانه غائب وقت ارتكابه للكبيرة. * من رواية أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ). صحيح مسلم (35). ** الراوي: عبد الله بن عباس، صحيح البخاري (6782). 4) الإيمان اعتقاد ونطق وعمل، فإذا اختل أحدها بطل الإيمان، وهو قول الخوارج والمعتزلة، على تفصيلات كثيرة من الحكم بالكفر أو العصيان، وهي مبسوطة في كتب العقيدة. 5) الإيمان هو الإقرار باللسان إذا لم يخالف الاعتقادُ القولَ فلا يشترط في مسمى الإيمان شيء من المعرفة والتصديق، فأما إذا كان يعتقد خلاف مقاله بطل إيمانه، وهذا يرجع إلى الاعتداد بإيمان من نطق بالشهادتين وإن لم يَشغل عقله باعتقاد مدلولهما بل يكتفَى منه بأنه لا يضمر خلاف مدلولهما. أما من يضمر خلاف ما نطق به من الشهادتين، فهو خالد في النار يوم القيامة. والذي نطمئن إليه أن: - الإيمان والإسلام يأتيان أولاً، ثم تليهما الأعمال، ويتضح هذا من توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن، إذ أمره بدعوتهـم إلى الشـهادتين أولاً، فإن اطاعوا طالبهم بالأعمـال على مراحل*. فلولا أن للإيمان والإسلام الحظ الأول، لما قدمهما، ولولا أن الأعمال لا دخل لها في مسـمى الإسلام، لما فرق بينهما. * عن عبد الله بن عباس قال: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: "إنَّكَ سَتَأْتي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فَإِيَّاكَ وكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ". أخرجه الشيخان: البخاري (1496) واللفظ له، ومسلم (19). - استحقاق الثواب والعقاب للمسلم ينبني على مستويين: 1) قبول الإيمان القلبي، الذي هو أساس الدين، 2) ثم يكون التفاضل بين الناس في الثواب على مدى اجتهادهم في الطاعات، وكذلك التمايز في العقاب على قدر التفريط في الطاعات أو الولوغ في المعاصي، فكلما زاد سـوء العمل زادت العقوبة. هي إذاً عملية تفاعلية بين القلب والجوارح، بين الروح والجسد. وهنا يفهم زيادة الإيمان ونقصانه، وهو أمر يعود بكليته إلى الله، فهو المطلع على ظواهر الناس وبواطنهم، وهو وحده الذي يعلم السر وأخفى. لِمّ خصوا إيمانهم ﴿بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ فقط؟: - اكتفوا بذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، ليوحوا أنهم حازوا الإيمان من جانبيه: فالإيمان بالله هو أصل الاعتقاد، والإيمان بالله يستتبعه الإيمان برسوله، والإيمان باليوم الآخر هو الباعث على سائر الأعمال. - ويحتمل أنهم اكتفوا بالتصريح بالإيمان بالله واليوم الآخر استثقالاً منهم للاعتراف اللفظي بالإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرادوا الإيهام بجملة الإيمان مع بقائهم على الشرك. |
|||
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
|
|