الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-10-2021, 12:36 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


Ss70014 قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

بين يدي السورة



فضل سورة البقرة:
- هي "مدنية" وهي أول سورة تأتي في ترتيب المصحف الشريف بعد سورة الفاتحة:
- وهي سورة سماها خالد بن معدان فسطاط القرآن لعظمها ولما جمع فيها من الأحكام.
- وسميت سنام القرآن، وسنام كل شيء أعلاه.
- وهي أولى الزهراوين.
- وهي حافظة وواقية من الشياطين، فهي تطرد الشياطين من البيت الذي تُقرأ فيه:
"اقرؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي شافعًا لأصحابه، اقرؤوا الزَّهراوَين: البقرةَ وآل عِمرانَ، فإنهما يأتيان يومَ القيامة كأنَّهما غمامتانِ أو غيايتانِ أو فِرقانِ مِن طيرٍ صَوافَّ تُحاجَّانِ صاحِبَهما، اقرؤوا البقرةَ؛ فإنَّ أخذَها برَكة وتَركَها حَسْرة، ولا تستطيعُها البَطَلة"*.
* الراوي: أبو أمامة الباهلي
أخرجه مسلم (804)، وأحمد (22267)، والطبراني (8/138) (7542)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1193) واللفظ له.

- فيها أعظم آية في القرآن الكريم، آية الكرسي.
- وفيها آخر آية نزلت من السماء: ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ﴾٢٨١ نزلت في حجة الوداع يوم النحر، وكان يوم جمعة، فكان عيدين.
- هي أول الطوال، بل هي أطول سور القرآن الكريم.
- جمعت الأركان الخمسة للإسلام:
1) ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١
2) ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨
3) ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خُلَّةٞ وَلَا شَفَٰعَةٞۗ وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٢٥٤
4) ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣
5) ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ١٩٦

الوصل المعنوي بينها وبين فاتحة الكتاب:

- افتتحت السورة بقوله: ﴿الٓمٓ ١ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ وهذه إشارة إلى ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾. والكتاب هو السبيل للصراط المستقيم،
- حين طلب الحامدون الهدى في الفاتحة، قال: هذا الكتاب هدى لكم فاتبعوه،
- جاء في أوائل البقرة بالطوائف الثلاثة الذين ذكرهم في الفاتحة: المنعم عليهم، والمغضوب عليهم، والضالون،
- القاعدة التي استقر بها القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له، وإطناب لإيجازه:
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ﴾ تفصيله ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ﴾ ١٨٦، و ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ﴾ ٢٨٦، وبالشكر في: ﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ﴾ ١٥٢.
وقوله: ﴿رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ تفصيله في الآيات: ٢١ و٢٢ و٢٩.
وقوله: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ أومأ إليه في الآيات ٥٤ و ١٦٣ وآية الدين.
وقوله: ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾ تفصيله في مثل: ﴿وَإِن تُبۡدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُ﴾ 284.
وقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ يفصل في البقرة بآيات العبادات المتعددة في الشطر الثاني من السورة.
وقوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ شامل لعلم الأخلاق المنتشر في السورة من التوبة والصبر والشكر والرضى والتفويض والذكر والمراقبة والخوف وإلانة القول.
وقوله: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ تفصيله ما وقع في السورة من ذكر طريق الأنبياء، ومن حاد عنهم من اليهود والنصارى. لذلك عقب بقوله: ﴿يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ ١٤٢.
كذلك جاء قوله: ﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا﴾ ١٣٦تفصيل للذين أنعمت عليهم، لذلك عقبها بقوله: ﴿فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْ﴾ ١٣٧،
- لما ذكر اليهود والنصارى ضمنا في ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ﴾ توسع ذكر اليهود في البقرة، والنصارى في آل عمران،
- ختمت الفاتحة بالدعاء للمؤمنين بألا يسلك بهم طريق المغضوب عليهم ولا الضالين، ختمت البقرة بألا يسلك بهم طريقهم في المؤاخذة بالخطأ، والنسيان، وحمل الإصر، وما لا طاقة لهم به. كما وضعت السورة فرقا آخر بين المؤمنين واليهود والنصارى، وهو ألا نفرق بين أنبياء الله ورسله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ﴾ ١٣٦.

محور السورة:

- تدور السورة حول محورين: الأول: موقف بني إسرائيل من المسلمين، ويتمثل في سلوك يهود المدينة تجاه جماعة المسلمين الناشئة أمام أعينهم. والثاني: إعداد الجماعة المسلمة لتسلم الخلافة في الأرض بعد تنكب بني إسرائيل وتخلفهم عن حملها، ونقضهم لعهد الله.
- تبدأ السورة بذكر النماذج الثلاث: المتقين، والكفار، والمنافقين. ثم تثني بعهد الاستخلاف في الأرض. ثم تسترسل في القوم الذين أخلفوا الله عهد الله على الرغم من إمهاله لهم. وتذكرهم بأفاعيلهم المنكرة التي قابلوا بها نبينهم، ثم مكائدهم للمسلمين، مما يخرجهم من وراثة إبراهيم، وانتقال شرف اتباعه لجماعة المسلمين: ﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ﴾ ١٢٨.
- هنا يتحول سياق السورة لمحمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه لوضع أسس البناء للكيان الجديد الذي قدر له أن يتولى قيادة البشرية. والبداية تكون بالقبلة: ﴿قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ﴾ ١٤٤. ثم يكون تفصيل المنهج الرباني الذي ارتضاه الله بعباده المؤمنين من الولاية لله، ونبذ الطاغوت، وتحري الحلال من الحرام في المأكل والمشرب، وحقيقة البر، وأحكام القصاص في القتلى، وأحكام الوصية، وأحكام الجهاد، وأحكام الحج، وأحكام الأسرة من زواج وطلاق وخلع وولادة ورضاع، وأحكام الصدقة، وأحكام الربا، والدًين، والتجارة.
- ويأتي ختام السورة ليتسق مع بدئها، فيبين طبيعة التصور الإيماني.






 
رد مع اقتباس
قديم 05-11-2021, 11:34 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ


﴿الٓمٓ ١ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٥ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ٦ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٧ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ١٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١١ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ١٢ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ ١٤ ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ ١٦ مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ ١٧ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ ١٨ أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ يَجۡعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِيطُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩ يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٠ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢ وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٣ فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ٢٤ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ٢٥ ۞ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ ٢٦ ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٢٧ كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٢٨ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ٢٩




وضعنا الآيات قبل التفسير لتكون فرصة لمن يريد استظهار القرآن، ويرغب في البدء من أول المصحف أن يبدأ بهذه الآيات من السورة، ثم سيتلوها تفسيرها تباعاً، وبعد انتهائه نعرض آيات الموجة الثانية، فالثالثة، وهكذا ...
نسأل الله التوفيق والسداد لنا ولكم.






 
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2021, 11:37 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

موقع هذه الآيات من سياق السورة:

هذه السورة مدنية، وهي من أوائل السور نزولاً بعد الهجرة. وهي أطول سور القرآن، وليس من المصادفة وقوعها في صدر الكتاب، بعد الفاتحة. وهي لم تنزل دفعة واحدة، بل تواترت نزولاً حسب ظروف المجتمع الناشيء. وهذا شأن آخر من شؤون الإعجاز، إذ ليس بمقدور غير الله أن ينشيء كتاباً منظماً نظماً دقيقاً لا يداخله خطأ أو تناقض، رغم إنزال مواده متوزعة متفرقة على ثلاثة وعشرين عاماً. ثم إن الأمين يُعَلّمُ نبي الله بوضع هذه الآية في تلك السورة بين آية كذا وآية كذا، ثم ينزل بعد ساعات أو يوم أو أكثر، بآية أخرى، ليضعها في سورة كذا، بين آيتين يحددهما له، وهكذا حتى يكتمل نظم الكتاب، دون أن يُنْقِصَ حرفاً أو يزيد. والذي ندين به أن كتاب الله أُنْزِلَ على رسولنا صلى الله عليه وسلم توقيفياً، بلفظه ورسمه. هذا السبك والنظم لسـور القرآن، بترتيب آياتها، وتنسـيق حروفها، ثم ترتيب السـور من الفاتحة حتى الناس، ما كان له أن يكون هكذا إلا بالتوجيه الإلهي، دون أن يُهْمَلَ فيها حرف، أو يُوْضَعَ في غير موضعه.

هذه السورة ارتكزت على عدة موضوعات لتخدم وظيفة محددة، هي بناء المجتمع الإسلامي، مُهّدَ له بتزكية المسلم وترقية إيمانه، ثم عرض أمر الخلافة في الأرض، ثم تقديم سـيرة الأمة التي انتقل منها عهد الإيمان للرسالة الخاتمة، مع تفصيل ما جرى لهم ومنهم، لتبصير الجماعة المسلمة وتحذيرها من العثرات التي تسببت في تجريدهم من شرف حمل الخلافة في الأرض، ثم ينتقل المشهد إلى تأسيس المجتمع الإسلامي عقدياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً. وكانت إرادة الله بالهجرة لأن يقام مجتمع جديد، يبدأ نموه على صفحة بيضاء، وأرضية بكر، دون صراعات بين إيمان وكفر، أو تعديات على رسول الإسلام وآله بالحصار والتضييق، أو عداءات تنال الضعفاء والمقهورين من العبيد الذين كانوا يعانوا الأمرين من تسلط سادتهم. وقامت الدولة الناشئة منذ اليوم الأول على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين، لا فرق بين سيد وعبد، أو غني وفقير، لتبنى المدينة النموذجية، التي يحكمها كتاب الله، فَتُحِلُ ما يُحله، وتُحَرّم ما يُحَرّمه.

وبعد أن كان التنزيل الحكيم في المرحلة المكية ينظم العلاقة بين المسـلمين والمشـركين، أوجدت نقلة المدينة صنفاً جديداً لا عهد لهم به، هو فئة المنافقين، فكان لابد أن يراعي القرآن وصف هذه الفئة، التي احتل ذكرها ثلاثة عشر آية، بينما ذكر الكفار قبلهم في آيتين اثنتين. وكان كشف هذه الفئة الماكرة لتتضح لأعين المؤمنين صفاتهم وألاعيبهم وليتجنبوا الوقوع في براثن شـياطينهم. وسـيتبين لنا من الآيات أن هؤلاء الشـياطين لم يكونوا غير يهود يثرب، الذين كانوا يؤججون النار بين المسـلمين والكفار، ويحالفون منافقي المدينة للقضاء على دين الله. هذا التصادم بين فئات ثلاثة أوجب أن يبسط القرآن صفات كل فئة ليتبين للناس الحق من الباطل، وليستطيع المسـلمون تطهير مجتمعهم من مكائد خصومهم الظاهرين والمُقَنَعين. ثم إن السـورة تفرد لبني إسـرائيل مساحة من الآيات قدمت سـيرتهم منذ أرسـل إليهم موسى (ع)، وجاءهم بآيات الله، وبمننه العديدة، التي قابلوها بالجحود والإعراض تارة، وبالكفر والشـرك تارة أخرى، ولم يدركوا قيمة إمهال الله لهم، وتجاوزه عن كثير من أخطائهم وعيوبهم، حتى امتلأت صفحتهم بالسـواد، فكان حكم الله تبارك وتعالى باسـتبدال أمة آخر الزمان بهم. ورغم ذلك أبقى الباب مفتوحاً لهم ليتوبوا، ومن يلحق منهم بركب الدعوة الأخيرة ينجو، ولم يسلم منهم إلا قليل.






 
رد مع اقتباس
قديم 21-11-2021, 11:42 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

﴿الٓمٓ ١﴾




﴿الۤمۤ﴾:

في إعراب: ﴿الۤمۤ﴾ ونحوها سـتةَ أوجه:
1) أنها لا محلَّ لها من الإِعراب،
2) أو لها محلٌّ، وهو الرفعُ بالابتداء،
3) أو الرفعُ على أنها خبر،
4) أو النصبُ بإضمارِ فعلٍ،
5) أو النصبُ بحَذْفِ حرف القسم،
6) أو الجرٌّ بإضمارِ حرفِ القسم.
وهي تُقرأ: ألف لام ميم، وهي من الحروف المسماة: الحروف المقطعة، أو المقطعات، أو الحروف النورانية. وهي خاصة بالقرآن الكريم وحده، ولم يعرف هذا الأسلوب في الاسـتهلال قبله.
والأحرف المقطعة تجيء في مطالع تسع وعشرين سـورة قرآنية. والأحرف هي:
- ثمانية وسبعون حرفاً، تختصر في أربعة عشر حرفاً غير مكرر،
- وكلها تُعد آيات مفردة إلا:
...1 ﴿الۤمۤر﴾ الرعد،
...2 ﴿الۤرۤ﴾ يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر،
...3 بينما ﴿حمٓ 1 عٓسٓقٓ 2﴾ الشورى تعد آيتين.

الإحصاء العددي للحروف المقطعة في السور:

1) ثلاث سور بدأت بحرف واحد: ﴿ص﴾ ﴿ق﴾ ﴿ن﴾ ، ولم يستقل الحرف هنا بالآية،
2) تسع سور بدأت بحرفين:
- ﴿طه ١﴾،
- ﴿طسٓۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابٖ مُّبِينٍ ١النمل، وردت كجزء من الآية،
- ﴿يسٓ ١﴾،
- ﴿حم ١﴾ غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف،
3) ثلاث عشرة سورة بدأت بثلاثة حروف:
- ﴿الۤمۤ﴾ البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة،
- ﴿الۤرۤ﴾ يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، وقد وردت فيها كلها كأجزاء من آية،
- ﴿طسم﴾ الشعراء، القصص، وقد وردت في آيات مستقلة ،
4) سورتان بدأتا بأربعة حروف:
- ﴿الۤمۤر﴾ الرعد، وهي جزء من آية،
- ﴿الۤمۤص ١﴾ الأعراف،
5) سورتان بدأتا بخمسة حروف:
- ﴿كهيعص ١﴾ مريم،
- ﴿حم ١ عسق ٢﴾ الشورى آيتان.
هي أربع عشرة حرفاً، وهي لغوياً أسـماء لدلالة كل منها على نفسه دلالة مستقلة. وقد استعمل فيها الحرف بمعنى الكلمة، على عكس المعنى الاصطلاحي للحرف؛ إذ الحروف في اللسان العربي تدل على معانٍ في غيرها. وقالوا إن الحروف المقطعة هي مفاتيح للسـور التي وردت فيها، وقيل فيها أقوال كثيرة عبر العصور.

وأشهر الأقوال فيها:

1) هي سـر من أسـرار الله اختص بها نفسه، فلا تسـأل عنها،
والرد على هذا القول يسير؛ إذ لا يجوز أن يكون في كتاب الله ما لا يكون مفهوماً للخلق،
2) كل حرف فيها مفتاح اسم من أسماءه،
3) هي أبعاض أسـماء الله تعالى، فحروف: "الر. حم. ن" تجميع لاسـم الرحمن، والباقي لم يعرف تركيبه،
4) هي أسماء الله مقطعة، مخفي فيها اسـم الله الأعظم،
5) هي صفات أفعال الله،
6) بعضها يدل على اسـم الله وبعضها يدل على غيره، مثل: الألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد،
7) كل واحد من الحروف يدل على فعل من الأفعال،فالمعنى في:﴿الۤمۤ﴾: فِي مَعْنَى "أَلِفٍ": أَلِفَ اللَّهُ مُحَمَّدًا فَبَعَثَهُ نَبِيًّا، وَمَعْنَى "لَامٍ": لَامَهُ الْجَاحِدُونَ وَأَنْكَرُوهُ، وَمَعْنَى "مِيمٍ": مِيمُ الْجَاحِدُونَ الْمُنْكِرُونَ مِنَ الْمُومِ وَهُوَ الْبِرْسَامُ.
8) هي أسماء القرآن،
9) هي أسماء سور القرآن،
10) ذكرت احتجاجا على الكفار لعجزهم عن معارضة القرآن بمثله، أو بعشـر سور أو بسـورة،
11) جاءت مقطعة كتدريج للبشـر، من حروف لجمل ذات معان معجزة، مثل تعليم الصبيان بحروف ثم المركبات من الحروف، ثم يعلمونهم القرآن آيات وسوراً،
12) وسيلة للفت الانتباه، وجمع الاهتمام وجذب القلوب. أو هي إيقاظ للمشركين كقرع العصا لمن تحدى بالقرآن،
13) كل حرف منها مدة لأقوام بحسب حساب الجمل،
14) جاءت تنبيهاً للمخاطبين على قطع كلام واستئناف كلام جديد،
15) هي ثناء أثنى الله به على نفسه،
16) هي حروف لا يعلمها إلا العالمون، فلما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم على أميته دل هذا على أنه ينقل عن الغيب،
17) النطق بأسـماء الحروف اقتصر على المتعلم، فلما جاء به الرسـول الأمي دل على أنه أوحي به إليه،
18) الألف من أقصى الحلق، وهو أول مخارج الحروف، واللام من طرف اللسان، وهو وسط المخارج، والميم من الشفة، وهو آخر المخارج، فهذه إشارة إلى أنه لابد أن يكون أول كلام العبد ووسطه وآخره ذكرا لله تعالى، على ما قال: ﴿فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۖ﴾ الذاريات 50،
19) تأويلات صوفية، مثل: الألف للشـريعة، واللام للطريقة، والميم للحقيقة، أو: الألف إشارة إلى وحدانية الذات، واللام إلى أزلية الصفات، والميم إلى ملكه في إظهار الآيات، أو: الألف للقيام، واللام للركوع، والميم للسجود. أو تأويل صاحب الفتوحات بأنها أسماء للملائكة، وأنها إذا تليت كانت كالنداء لملائكتها فتصغي أصحاب تلك الأسماء إلى ما يقوله التالي بعد النطق بها،
20) تأويلات مذهبية شـيعية تشير لخلافة علي كرم الله وجهه، ومنها قولهم في:﴿حمٓ 1 عٓسٓقٓ 2﴾: إِنَّ الْحَاءَ حَرْبُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَالْمِيمَ وِلَايَةُ الْمَرْوَانِيَّةِ وَالْعَيْنَ وِلَايَةُ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَالسِّينَ وِلَايَةُ السُّفْيَانِيَّةِ، وَالْقَافَ قُدْوَةُ مَهْدِيٍّ
21) هي من الرمز الذي تستعمله العرب، مثل:
قُلْتُ لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَافْ
أراد قالت: أقف،
22) هي كلمات سـريانية، لكل منها معنى مستقل مرتبط بالنص القرآني الذي وقع في استهلاله،
23) في هذه الحروف رموز وحقائق دينية وتاريخية ستظهرها الأيام،
24) هي رموز لأسماء النبي وصفاته، جاءت على هيئة نداء بحرف نداء مقدر، بدليل ظهور ذلك الحرف في ﴿يس﴾ بمعنى يا سيد،
25) هي علامة لأهل الكتاب من أنبيائهم أن القرآن يفتتح بحروف مقطعة،
26) هي دلالة لمن قالوا بقدم القرآن على حدوثه، بدليل أنه مؤلف من حروف كحروف الكلام التي تتكلمون بها،
27) هذا القرآن هو مثال على الفرق بين صنع الله وصنع غيره من خلقه،
28) في فهم حديث قيل: كلها حروف مقطعة ما عدا: ﴿طه﴾: وتعني يا أيها الرجل بالحبشية، و﴿يس﴾ وتعني: عبد الله (من: إلياسين، وإل تعني الله)، و ﴿ن) ويقصد بها حوت يونس.
29) الإشـارة إلى إعجاز القرآن: إن هذا الكتاب مؤلف من جنس تلك الحروف التي تصيغون منها كلامكم، ومنه ما تتباهون به من شعر ونثر، فإنا نتحداهم بكتاب معجز، أن تأتوا بمثله، أو بعشـر سور منه، أو بسـورة واحدة تباريه،
30) من الإعجاز الرقمي الدال على تناسـق القرآن الكريم،وتناسـب آياته وكلماته وحروفه بالعدد والمعنى.

ولعل التفسير الأنسب لعصرنا هو أنها كلها دليل إعجاز، يتحدى به المولى جل وعلا الإنس والجن. فالحروف -على ما نرى- مفاتيح للسـور الواردة فيه، لها بها علاقات معنوية وعددية، لمن يسـبر غورها، ويسـتخرج من كنوزها. وأزعم أن بمقدور المتخصصين في الإعجاز العددي للقرآن الكريم الغوص فيها لوضع خرائط عددية تبين:
1) علاقة كل حرف منها بغيره من الحروف الواردة معه، مثل علاقة الألف باللام والميم،
2) وعلاقتها كلها بحروف وكلمات السورة الواردة فيها،
3) وبمجمل القرآن الكريم،
4) وعلاقة كل حرف نوراني بسائر الحروف الأربعة عشر،
5) وخصوصية السور التي وردت فيها الحروف نفسها،
6) وعلاقاتها فيما بينها، مثل الحواميم، أو الطواسيم.
7) وغير ذلك كثير.
إن إفتراضات البحث في هذا الحقل كثيرة لا تكاد تحصى، وحري بمن يملك القدرة على الخوض فيها أن يخرج لنا من الكنوز ما لم يخطر على بال، ليزداد فهمنا لكتاب الله، ولنرى بعض الأسرار التي لا يحيط بها إلا العليم الخبير.
ماذا كان موقف غير المسلمين منها؟:

إذا استقصينا ـ بداية ـ زمن نزول الآيات التي وردت فيها الحروف، لا نجد نصاً يطعن فيها، أو يطعن في القرآن بسببها. إن المشركين كانوا يتعطشون لهدم هذا الدين في مهده، ويبذلون الغالي والرخيص لإبعاد الناس عنه. رأيناهم يحاجون الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨يس فلماذا إذن لم يراجعـوه في هذه الحـروف؟ لعل الجواب هو انهم اســتوعبوها وفهمـوا المغـزى
منها، وأمامنا نموذجان واضحان على تقديرهم للنص القرآني مشتملاً على هذه الحروف:
1) في خبر عتبة بن ربيعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ما يزيد الأمر وضوحاً. إن الرجل إغراء الرسول صلى الله عليه وسلم بشؤون من الدنيا تثنيه عن دعوته، فكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم منه بعد أن استمع إليه، أن يطلب منه سماعه، وما رد صلى الله عليه وسلم بأكثر من تلاوة آيات من أوائل ﴿حم﴾ فصلت*، فقال لقومه: والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة.
* عن جابر بن عبد الله، قال: أَرْسَلَتْ قريشٌ ، عُتْبَةَ بنَ ربيعةَ - وهو رجلٌ رَزِينٌ هادىءٌ - فذهب إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: يا ابنَ أَخِي، إنك منا حيثُ قد علمتَ من المكانِ في النسبِ، وقد أَتَيْتَ قومَك بأمرٍ عظيمٍ فَرَّقْتَ به جماعتَهم، فاسمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عليك أمورًا لعلك تقبلُ بعضَها. إن كنتَ إنما تريدُ بهذا الأمرِ مالًا جَمَعْنا لك من أموالِنا حتى تكونَ أكثرَنا مالًا. وإن كنتَ تريدُ شَرَفًا سَوَّدْناكَ علينا فلا نَقْطَعُ أمرًا دونَك. وإن كنتَ تريدُ مُلْكًا مَلَّكْناكَ علينا. وإن كان هذا الذي يأتِيكَ رِئْيًا تَرَاه لا تستطيعُ رَدَّه عن نفسِك، طَلَبْنا لك الطِّبَّ، وبَذَلْنا فيه أموالَنا حتى تَبْرَأَ. فلما فرَغَ قولُه تلا رسولُ اللهِ عليه الصلاةُ والسلامُ صَدْرَ سُورَةِ فُصِّلَتْ: ﴿حمٓ ١ تَنزِيلٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٢ كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ٣ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ٤ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ ٥ قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ ٦ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ٧﴾. إسناده حسن. أخرجه البيهقي في دلائل النبوة، وابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث محمد بن كعب القرظي، وأورده الألباني في "فقه السيرة" ص 107.

2) وفي شهادة الوليد بن المغيرة للقرآن الكريم بعد سماعه لآيات تستفتح بشيء من الحروف المقطعة ما يدلل على تقدير العرب لهذا النص المعجز الذي لا يقدر على الإتيان بمثله بشر: والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً؛ ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن؛ والله إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعلاه لَمُثمِر، وإنَّ أسفَلهُ لَمُغدِق، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه*.
* قال البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير- أو عكرمة عن ابن عباس -أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قول بعضكم بعضا. فقيل: يا أبا عبد شمس، فقل، وأقم لنا رأيا نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا وأنا أسمع. فقالوا نقول كاهن؟ فقال ما هو بكاهن رأيت الكهان. فما هو بزمزمة الكهان. فقالوا نقول مجنون؟ فقال ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بحنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. فقالوا: نقول شاعر؟ فقال ما هو بشاعر قد عرفنا الشعر: برجزه وهزجه، وقريضه ومقبوضه، ومبسوطه فما هو بالشعر. قالوا فنقول هو ساحر؟ قال ما هو بساحر قد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا بعقده. قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لمغدق، وإن فرعه لجني فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل، وان أقرب القول لان تقولوا هذا ساحر، فتقولوا هو ساحر يفرق بين المرء ودينه، وبين المرء وأبيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم أمره. البداية والنهاية لابن كثير، ج3، ص79.

أما يهود يثرب الذين لديهم ثقافة مختلفة عن تراث عرب الجزيرة اللغوي والأدبي، فقد رأوا أن يترجموا الحروف لحساب الجمل فضاعوا وضلوا: "لأنه ذكر أن جماعة من اليهود منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب، وشعبة بن عمرو، ومالك بن الصيف دخلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: بلغنا أنك قرأت: ﴿الۤمۤ ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ﴾ فإن كنت صادقا، فيكون بقاء أمتك إحدى وسبعين سنة، لأن ثم الألف: واحد، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا له: وهل غير هذا؟ قال: نعم ﴿الۤمۤصۤ﴾. فقالوا: هذا أكثر، لأن ﴿ص﴾ تسعون. فقالوا: هل غير هذا؟ قال: نعم ﴿ الۤر﴾. فقالوا: هذا أكثر، لأن (الراء) مائتان. ثم ذكر ﴿الۤمۤر﴾ فقالوا: خلطت علينا يا محمد لا ندري أبالقليل نأخذ أم بالكثير؟"*. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرحهم بجدال أو نقض أو تفسـير، وتركهم في تخبطهم.
* بحر العلوم للسمرقندي، ج1، ص 21.

وأما الادعاء بأن الراهب بحيرى وضع الحروف في القرآن الكريم كرموز تدل على المسيح، فكلام ساذج بأدلـة واهيـة مزورة لا يقبلهـا عقل واع، ولا تسـتحق الوقوف عندهـا. وقد ثبت في الســنة أن بحيـرى قابل الرسول صلى الله عليه وسلم في الشام وهو طفل في صحبة عمه أبي طالب، ولم يرو أنه صادفه بعدُ*. ومن بين الكذب ما بثه المسـتشـرقون وأشـياعهم من نصارى العرب أن الإسـلام صنعة ورقة بن نوفـل، الذي سـلم الراية بعده لبحيرى الذي أكمل تأليف القرآن حتى مات في العام الثاني من الهجرة. وقد فند القرآن الكريم فرية تعليم البشر للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ﴾ النحل 103.
* ورد خبر اللقاء في حديث من رواية أبي موسى الأشعري حسنه الترمذي وإسناده جيد وقد صححه الحاكم والجزري وقواه العسقلاني والسيوطي، وصححه الألباني. وحديث إسناده مرسل صحيح لأبي مجلز أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/20.

حول مضمون الآية:

تسع وعشرون سورة من سور القرآن الكريم تفتتح بحروفٍ مفردةٍ أو مركبةٍ من حروف الهجاء. وهي لا تعطينا ـ على قدر معارفنا ـ معنىً محدداً، أو دلالة نفهم منها مضمونها. وقد سموها بالمقطعات، أو فواتح السور، أو الحروف النورانية، أو ـ وهو الأكثر شيوعاً ـ الحروف المُقَطّعَة. ومنها ما أتي حرفاً مفرداً، مثل "ق" أو حرفين، مثل: "طه"، أو ثلاثة، مثل "طسم" أو أربعة، مثل: "المص"، أو خمسة موصولة، هي:
"كهيعص"، أو مقسومة، هي: "حم عسق". وسميت مقطعة لتقطيعها عند القراءة، فهي تقرأ حرفاً حرفاً حتى لو كانت موصولة. وسر الاستفاضة في بحثها، لغياب الاتفاق على معانيها، ولاتخاذها مركباً لطعن القرآن وإثارة الشك فيه. وقد بلغ الاهتمام بها حد تأليف الكتب حولها، ليزيد عدد الأقوال في معانيها على ثلاثين وجهاً. ومما زاد الأمر إلغازاً أنه لم يرد لنا أن أحداً من العرب الأوائل استنكر تلاوتها، أو استغرب وجودها في القرآن، أو صرح بإبهام فهمه لها. ولم يأتنا أن عربياً من عصر النبوة أعاب على النبي صلى الله عليه وسلم تلاوتها، أو استغرب سماعها، ولم يتخذ المشركون منها وسيلة للطعن والاستهزاء، مع ما كان منهم من حرص على نقض الإسلام ودك قواعده، وهذا يشير إلى أنّهم لم يكونوا يجهلون أسـرار وجودها في النص القرآني. وعلى الجانب الآخر، تفنن العلماء في تركيب عبارات من تجميع الحروف من غير تكرير، قالوا:
- "صراط علي حق نمسكه"
- " وصح طريقك مع السنة"
- " نصٌ حكيمٌ قطعاً له سر"
- "نص حكيم له سر قاطع"
في محاولات منهم لإيجاد مدلول للحروف، بعقد علاقة فيما بينها.

والقرآن الكريم في مجمله كتاب معجز تحدى به الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله ﴿وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهيرًا﴾ الإسراء 88. ومما لا شـك فيه أن هذه الحروف داخلة في التحدي، فالعرب وإن جاءوا في أشـعارهم باختصار للكلام يحوي طرفـاً يشـبه الحروف المقطعـة، وقد مثلنـا لها في اســتعراضنا لأقـوال الناس حول
معاني الحروف المقطعة. وهم وإن قالوا: قاف بقصد قول: وقفت، أو نحوها من اختصارات، مثل:
نادَوْهُمُ أنْ ألْجِمُوا ألاتا ..... قالُوا جَمِيعًا كُلُّهم ألا فا
يريد: ألا تركبون، قالوا بلى فاركبوا، ومثل:
بِالخَيْرِ خَيْراتٍ وإنْ شَرًّا فَآ ..... ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلّا أنْ تَآ
معناه: وإن شـراً فشـر، ولا أريد الشـر إلا أن تشـاء.إلا أنهـا لم تزد عن شـذرات جاءت كملح ونوادر. أمـا القرآن الكريم، فأوردها في نظام وسبك معجز، حير الناس إلى اليوم. ومع منطقية القول بأن الله أراد باختيار حروف بعينها هي نصف حروف الأبجدية، ليدلل على أن هذه الحروف متداولة بينكم، وميسرة لكل منكم، قد نسجنا منها كتاباً معجزاً، فانظموا منها كتاباً يقابل هذا التحدي ويجاريه، إلا أن قيمة الحروف المقطعة أعلى من ذلك، وسرها أعمق من التحدي اللغوي أو البلاغي. ولا يخفى على أحد الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم، إذ هو من أهم أركان الإعجاز القرآني، وفيه معين لا ينضب، وكنوز يغترف منها كل جيل، لكن سر الحروف يشمل الفصاحة وزيادة.

ورغم وجاهة القول القائل بأن معظم الحروف المقطعة تلاها ذكر الكتاب على نحو من الأنحاء، إلا أن "ألم" العنكبوت والروم لم يأت في مطلعيهما ذكر الكتاب، و "كهيعص" مريم كذلك، و "ن" ذكر فيها القلم وما يسطرون. والذي نراه مستحقاً للبحث والدراسة هو منهج الإعجاز العددي، وقد تيسر لعصرنا علم لم يتيسر للأجيال السابقة، وصار بالإمكان الاستفادة من الحاسبات الإلكترونية في الوصول لحسابات رقمية دقيقة، تكاد تخلو من الخطأ. ولمعرفة سر الحروف المقطعة ينبغي بحث العلاقة بين:
- كل حرف والسورة التي جاء فيها،
- كل تركيب (مثل: حم) ونص القرآن،
- السور التي اختلف فيها حرف واحد، كالعلاقة بين سـور "ألم" و "المر" و "المص"، أو "طس" و "طسم"،
- "حم عسق" وسائر الحواميم،
- الحروف الأربعة عشر وباقي حروف الأبجدية في النص القرآني، من حيث التواتر والقيم العددية،
- الحروف مجمعة وإجمالي النص القرآني،
- الحروف غير المكررة وإجمالي النص القرآني،
- لفظ "الكتاب" أو "القرآن" والحروف النورانية علاقة عددية.
هذا جانب من المواد التي تستحق البحث، لعلنا نخرج بعدها بتفسير حديث لقيمة هذه الأحرف النورانية، وهو مجال قد تصنف فيه دراسات ودراسات.







 
رد مع اقتباس
قديم 29-11-2021, 12:52 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢




﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾:

"هذا" للقريب، و"ذلك"للبعيد، و "ذا" لما بينهما.
﴿ٱلۡكِتَٰبُ﴾: مصدر كالصيام والقيام وقيل فعال بمعنى مفعول أي مكتوب. وأصل هذه المادةِ: الدلالةُ على الجمع. يقال للجند: كتيبة لاجتماعها، وسمي الكتاب كتاباً لأنه جمع حرف إلى حرف، أو لأنه اجتمع فيه جميع العلوم، وكَتَبْتُ القِرْبَةَ: خَرَزْتُها، والكُتْبَةُ - بضم الكاف - الخُرْزَةُ، والجمع كُتَبٌ، قال ذو الرمة:
وَفْراءَ غَرْفيَّةٍ أَثْأى خوارِزُها ..... مُشَلْشِلٌ ضَيَّعَتْهُ بينها الكُتَبُ
ومن معاني الكتاب: المكتوب، أنشد الفراء:
بَشَرْتُ عيالي إذ رأيتُ صحيفةً ..... أَتَتْكَ من الحَجَّاج يُتْلى كتابُها
ومثله:
تُؤَمِّلُ رَجْعَةً مني وفيها ..... كتابٌ مثلَ ما لَصِق الغِراءُ

لِمَ قال: ﴿ذَٰلِكَ بينما الكتاب حاضر؟:

- إنه إشارة للكتاب الموعود به الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًاالمزمل
5،
- إنه يشير إلى ما نزل من الكتاب قبل هذه الآية، وهو كل ما تنزل قبل الهجرة، وقبل هذه الآيات من سورة البقرة.
- إنه يعيد الأذهان إلى إخبار الله لموسى وعيسى عن الرسالة الخاتمة وكتابها ونبيها. أي إنه ذلك الكتاب الذي أُخبر الأنبياء السابقون بأن الله سينزله على النبي المبعوث من ولد إسماعيل.
- إنه لما أخبر الله أن القرآن في اللوح المحفوظ ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَاالزخرف 4، قال: ليعلم أن هذا المنزل هو ذلك الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ.
- إن الإشارة تكون للصراط المستقيم في الفاتحة كأنهم لما سألوا الهداية للصراط المستقيم قيل لهم إنه هو الكتاب. وإذا صح هذا الاحتمال يتبين به وجه ارتباط سورة البقرة بسورة الحمد على أتم وجه،
- إن "هذا" و "ذلك" قد استعملا بمعنى القرب والبعد بالتناوب. يقول تعالى:
* ﴿ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ آل عمران 58،
ثم قال ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ آل عمران
62،
* ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ
البقرة 252، وآل عمران 108، والجاثية 6،
* ﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُالسجدة
6،
* ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ 52 هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ 53ص،
وقال: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ق 19،

* ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ 25 إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ 26النازعات،
* ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰالبقرة 73، أي هكذا.
* ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰطه 17، أي ما هذه التي بيمينك.

ومثل هذا التناوب يكثر في القرآن الكريم. ومن شواهده الشعرية:
أَقولُ لَهُ وَالرُمحُ يَأَطِرُ مَتنَهُ .....تَأَمَّلَ خُفافاً أَنَّني أَنا ذَلِكا
أي أنا هذا. وكقول قيس بن الخطيم:
مَتى يَأْتِ هَذا المَوْتُ لا يُلْفِ حاجَةً ..... لِنَفْسِي إلّا قَدْ قَضَيْتُ قَضاءَها
فوضع الإشارة للقريب لعدم اكتراثه بالموت. من هنا كان استعمال اسم الإشارة للبعيد في ﴿ذَٰلِكَ الْكِتَابُ﴾ لإظهار رفعة شأن هذا القرآن لجعله بعيد المنزلة. ولا يرد على هذا قوله ﴿وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ الأنعام 92، 155 لأن مناط الإشارة هنا إلى كتاب بين يدي أهله لترغيبهم في العكوف عليه والاتعاظ بأوامره ونواهيه.

ما جاء في القرآن من مدلولات الكتاب:

1) أولها: بمعنى الفرض، مثل قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
البقرة 183 و ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًاالنساء 103.
2) وثانيها: بمعنى الحجة والبرهان، مثل قوله تعالى ﴿فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
الصافات 157، أي برهانكم.
3) وثالثها: بمعنى الأجل، مثل ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ الحجر
4.
4) ورابعها: بمعنى المكاتبة، في ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ النور 33.

ومن وجوه إعراب: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾:

- يحتمل أن تكون جملة مستقلة من مبتدأ وخبر،
- أو أن يكون الكتاب خبر لمحذوف والتقدير: هو الكتاب، أي الكامل في الكتب، كأن ما عداه من الكتب في مقابلته ناقص، وأنه هو الذي يستأهل أن يسمى كتاباً، مثل بيت الأشهب بن رميلة:
وإنّ الذي حانتْ بِفَلْجٍ دماؤهم ..... هم القوم كلُّ القوم يا أُمَّ خالدِ
- وأن يكون الكتاب صفة، ومعناه: هو ذلك الكتاب الموعود. كما يمكن أن يكون اسم الإشارة مبتدأ و﴿لَا رَيۡبَۛ﴾ خبره.

والاختلاف في الإعراب لا شك يختلف معه المعنى. ونحن لسنا مع من يجعلون ﴿الٓمٓ مبتدأ، و ﴿ٱلۡكِتَٰبُ﴾ خبرها. ولكننا مع من يرون أن ﴿الٓمٓ﴾ جملة برأسها وأن ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾ مبتدأ، و ﴿لَا رَيۡبَۛ﴾ خبرها. ويكون الإعراب: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾: اسم الإشارة مبتدأ، و ﴿ٱلۡكِتَٰبُ﴾ صفته أو بدل عنه، والخبر ﴿لَا رَيۡبَۛ﴾ أو: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾.

من أسماء القرآن:

و ﴿ٱلۡكِتَٰبُ﴾: هو اسم من أسماء القرآن. وتسمية القرآن كتاباً إشارة إلى وجوب كتابته لحفظه، كما أن تسميته بالقرآن إشارة إلى أنه يُقرأ. فكأن الله يريد بالتسميتين أن يحفظ القرآن في الصدور والسطور ليبقى محفوظاً حتى يرث الله الأرض وما عليها.

ومن أسـمائه كذلك: الفرقان والتذكرة والذكرى والذكر والتنزيل والحديث والموعظة والحكم والشـفاء والهدى والحبل والروح والصراط المستقيم والرحمة والقصص والبيان والتبيان والمبين والبصائر والفصل والمثاني والبرهان والنور والحق والعزيز والكريم والعظيم.

ما مدلول تعريف القرآن بقوله: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾؟:

1) تأكيد على أنه هو وحده المستحق لمهمة الهداية منذ أنزل، وحتى قيام الساعة، فهو يشمل تعاليم السماء منذ أرسل الله الرسل حتى حمل رسولنا (ص) مهمة هداية الناس إلى الله، فهو الكتاب الكامل الذي لا غنى عنه وهو يغني عن غيره: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ 1 قَيِّمًاالكهف 2، وقوله تعالى: ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِير هود 1،
2) تمييز له على ما نزل قبله من الكتب السماوية التي انحصرت على أمة بعينها لزمان مخصوص،
3) في مضمون معنى: هو الكتاب تحدٍ للإنس والجن ليعارضوه، ولو بسورة واحدة: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ يونس 38، أو حتى ليحرفوه: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ الكهف 27.
4) هو الكتاب لأنه تفرد بأن عُصم من التحريف والتبديل حين وعد الله بحفظه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَالحجر 9، فكأن مسئولية صيانته وحفظه لم توكل للبشر، بل تولاها الله.
5) نسخ التعاليم السماوية بآيات القرآن دليل على وحدانية الخالق، ومن هنا كان الإيمان بالأنبياء والرسل جميعاً شرطاً من شروط الإسلام، وكان العهد على سائر الأنبياء: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ آل عمران 81. وكانت البشارة بنبي آخر الزمان: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِالأعراف 157 لختم النبوات به.

﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾:

الرَّيْبُ: الشكُّ مع تهمة، قال:
ليس في الحقِ يا أُمَيمةُ رَيْبٌ .....إنما الريبُ ما يقول الكَذوبُ
الريب مصدر، رابني الشيء يريبني، وهو قلق النفس واضطرابها.
والوقف على: ﴿فِيهِۛ﴾ هو المشهور، والشاهد أول السجدة: ﴿الم 1 تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 2، و ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ يونس
38، و ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ الكهف 27.

ما هو الريب؟:

1) أشد الشك، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا الحجرات 15، وكقول عبد الله بن الزعبري:
لَيْسَ في الحَقِّ يا أميمة رَيْبٌ ..... إِنما الرَّيْبُ ما يقولُ الجهولُ
2) أو هو التهمة، لقول جميل:
بثينة ُ قالتْ: يَا جَميلُ أرَبْتَني ..... فقلتُ: كِلانَا، يا بُثينَ، مُريبُ
3) أو هو الحاجة، ومنه قول الشاعر:
قَضَيْنا مِن تِهامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ..... وخَيْبَرَ ثُمَّ أجْمَعْنا السُّيُوفا
4) وقد يستعمل بمعنى حوادث الدهر، كما في قوله تعالى: ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِالطور 30.

ما معنى ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ في هذه الآية؟:

على ثلاثة أقوال:
1) أن ظاهرها النفي بمعنى النهي، ومنه: ﴿مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍالحجر
9، أي ما ينبغي لنا، ومثله: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَالبقرة197، أي: لا ترفثوا ولا تفسقوا.
وتقديرها: لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه لإتقانه وإحكامه، أو ليس فيه ما يوجب ارتياباً في صحته أي ليس فيه اضطراب ولا اختلاف: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًاالأعراف
157.
2) أن معناها: لا ريب فيه أنه هدى للمتقين.
3) أن معناها: لا ريب فيه أنه من عند الله.

إن ذلك الكتاب مبـرأ من وصمـات العيب، فلا شـك فيه، ولا ريبة تعتريه، لا من جهة كونه من الله، ولا في كونه هادياً ومرشداً، وإنه في قوة آياته ونصوع بيناته بحيث لا يرتاب عاقل منصف، غير متعنت ولا متعسف، في كونه هداية من الله للخلق، على لسان أمي لا قبل له بأن يأتي به من عنده، بل إن هذا الكتاب المعجز يتحدى الإنس والجن بأن يأتوا بسورة من مثله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ الصافات 47. وارتياب المرتابين فيه لا يكون
إلا لسبب من اثنين: إما عن جهل به، وإما عن تعنت وعناد واستكبار واتباع للهوى أو تقليد للغواة.

كيف يقول تعالى: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ وقد ارتاب فيه بعض الناس؟:

- ليس المعنى هنا أنه لا أحد يرتاب في الكتاب، فقد قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا البقرة 23، بل المعنى أنَّ المنفيَّ كونُه متعلقاً للريبِ، بمعنى أنَّ معه من الأدلَّة ما إنْ تأمَّله المنصِفُ المُحِقُّ لم يَرْتَبْ فيه، ولا اعتبارَ بريبٍ مَنْ وُجِدَ منه الريبُ، لأنه لم ينظرْ حقَّ النظرِ، فَرَيْبُه غَيرُ مُعْتَدٍّ به. وقد نفى سبحانه الريب فيه مع كثرة المرتابين على معنى أنه في علو الشأن وسطوع البرهان بحيث لا يرتاب العاقل بعد النظر في كونه وحياً من الله.
- ويحتمل أن يكون المعنى: لا ريب فيه للمتقين.

لِمَ أخر الجار والمجرور في قوله: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾؟:

قد أخر الجار والمجرور لنفي الريب على الإطلاق، خلاف قوله تعالى: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ الصافات
47، إذ فيه تفضيل خمر الجنة على خمر الدنيا، كأنه قيل: ليس فيها ما في غيرها من هذا العيب والنقيصة، بينما في تأخير ﴿فِيهِۛ﴾ نفي الريب فيه على الإطلاق. وإذا كان المعنى مكتملاً، وهدى للمتقين استئناف يكون قد نفى الريب عن القرآن، ولم ينفه عن الكتب السماوية الأخرى وقد دخلها التحريف بالتبديل والحذف والإضافة،
وكأن المعنى شمل أيضاً التعريض بالكتب التي نالها الريب.







 
رد مع اقتباس
قديم 05-12-2021, 02:22 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢



﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾:


أما في مسألة التعانق الوارد في القراءة هنا، فنقول:

1) إذا كان الوقف بعد ﴿لَا رَيۡبَۛ﴾، فيكون المعنى أن الكتاب فيه هدى. ويكون نصباً على الحال أي تقديره: لا ريب في هدايته للمتقين.
2) أما في حالة الوقف بعد ﴿فِيهِۛ﴾ فيكون الكتاب نفسه هدى. ويكون إعراب ﴿هُدٗى﴾. بالرفع مبتدأ، أو خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هو هدى.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022, 11:51 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أحلام المصري
أقلامي
 
إحصائية العضو







أحلام المصري غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

السلام عليكم ورحمة الله
لا أرغب في المقاطعة،
ولكنه مرور للتحية والاستزادة من فيض هذا العلم

بوركت أخي الكريم
وجعله الله في ميزان حسناتك

احترامي







التوقيع

أنا الأحلام
 
رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022, 01:07 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

اقتباس:
السلام عليكم ورحمة الله
لا أرغب في المقاطعة،
ولكنه مرور للتحية والاستزادة من فيض هذا العلم
بوركت أخي الكريم
وجعله الله في ميزان حسناتك
احترامي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أسـعدني مروركِ، حياكِ الله.
التعليق في منشوراتي لا أراه مقاطعة، بل يشعرني أني "مقروء".
نسأل الله التثبيت والتوفيق.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022, 01:30 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أحلام المصري
أقلامي
 
إحصائية العضو







أحلام المصري غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوني القرمة مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أسـعدني مروركِ، حياكِ الله.
التعليق في منشوراتي لا أراه مقاطعة، بل يشعرني أني "مقروء".
نسأل الله التثبيت والتوفيق.


بوركت أخي الكريم
في ردك كرم العلماء
وعدت لأقول لك:
هذا العلم الذي تقدمونه مقروء وبكثرة
فالناس عامة يبحثون عن المعرفة
فطوبى لمن منح العلم والمعرفة للناس

تقديري وامتناني






التوقيع

أنا الأحلام
 
رد مع اقتباس
قديم 09-10-2022, 01:38 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

اقتباس:
بوركت أخي الكريم
في ردك كرم العلماء
وعدت لأقول لك:
هذا العلم الذي تقدمونه مقروء وبكثرة
فالناس عامة يبحثون عن المعرفة
فطوبى لمن منح العلم والمعرفة للناس
تقديري وامتناني
أخجلني ردكِ، وكادت عيناي تغرورقان بالدمع.
أرجو - فيما أقدمه - وجه الله، ويسعدني - دائماً - تقبل المتابعة، وأرحب بالنقد خاصة وفي بعض ما أكتبه مخالف لما تعارف عليه الناس.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2022, 01:46 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

(إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ 26)










(يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ):

جملتان مستأنفتان جاريتان مجرى البيان والتفسير للجملتين السابقتين المصدرتين بـ "إما"، ووصف - تعالى - العالمين بأنه الحق، والسائلين عنه سؤال استهزاء بالكثرة.
و"الباء" في الجملتين للسببيةِ.
وهاتان الجملتان لا محلَّ لهما لأنهما كالبيانِ للجملتينِ المُصَدَّرَتَيْنِ بـ "أمَّا"، وهما من كلام الله تعالى.
والضميرُ في (بِهِ)ۦ عائدٌ على "ضَرْب" المضاف تقديراً إلى المثل، أي: بِضَرْب المَثَل، وقيل: الضمير الأول للتكذيبِ، والثاني للتصديق، ودلَّ على ذلك قُوَّةُ الكلام.
فإن قيل: كيف وَصَف المهتدين هنا بالكثرةِ وهم قليلون، لقوله تعالى: (وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ) ص 24، (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ) سبأ 13؟ فالجوابُ أنهم وإن كانوا قليلين في الصورة فهم كثيرون في الحقيقةِ كقولِهِ:
إِنَّ الكِرَامَ كَثِيرٌ فِي الْبِلاَدِ وَإِنْ ..... قَلُّوا كَمَا غَيْرُهُمْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرُوا
فصار ذلك باعتبارَيْن. ولا تنافي بينهما لأن الكثرة والقلة أمران نسبيان، فالمهتدون في أنفسهم كثير، وإذا وصفوا بالقلة فبالنسبة إلى أهل الضلال، أو تكون الكثرة بالنسبة إلى الحقيقة، والقلة بالنسبة إلى الأشخاص، فسموا (كَثِيرٗا) ذهاباً إلى الحقيقة.
وقوله: (يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا) كونه إخباراً من الله تعالى هو الظاهر، وإسناد الضلال إلى الله - تعالى - إسناد حقيقي كما أن إسناد الهداية كذلك، فهو خالق الضلال والهداية، وقد تؤول هنا الإضلال بالإضلال عن طريق الجنة، والإضلال عن الدين في العربية هو الدعاء إلى تقبيح الدين وتركه، وهو الإضلال المضاف إلى الشيطان، والإضلال بهذا المعنى منتف عن الله بالاتفاق.
(وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ): معاني الهدى متعددة، منها الدلالة والبيان، ومنها الدعوة، ومنها التوفيق من الله بالألطاف المشروطة بالإيمان يؤتيها المؤمنين جزاء على إيمانهم ومعونة عليه وعلى الازدياد من طاعته، ومنها الهدى إلى طريق الجنة، ومنها الهدى بمعنى التقديم يقال هدى فلان فلاناً أي قدمه أمامه، وأصل هدى من هداية الطريق لأن الدليل يتقدم المدلول، وتقول العرب أقبلت هوادي الخيل. وقد عرضنا وجوه اهدى في:
- (ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ 6) الفاتحة،
- (هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ 2) البقرة،
- (أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ) البقرة 5،
- (وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ 5) البقرة،
- (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ) البقرة 16.
وفي الآية لفّ ونشر غير مرتّب*: (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ) فإنّ الضلال ذكر أوّلاً (يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا) وهو للفريق الثاني (وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ)، والهدى ذكر آخراً، وهو للفريق الأوّل (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ).


----------------------
*من سحر البيان: اللف والنشر







 
رد مع اقتباس
قديم 24-06-2023, 04:48 AM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
عبدالستارالنعيمي
طاقم الإشراف
 
الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالستارالنعيمي غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

الأستاذ عوني القرمة
جزاك الله تعالى خيرا لما أنفقت من جهد جهيد في سبيل بيان كلام الله وأقوال العرب المأثورة
ثم إنك لا زلت منعما بكل خير ومسرة وتقبل أزكى تحاياي







التوقيع


الحب نفحةُ جنَّةٍ في أرضنا
كُن أنت مَن يحتاجهُ، يحميهِ

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط