الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول

منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول هنا نتحاور في مجالات الأدب ونستضيف مقالاتكم الأدبية، كما نعاود معكم غرس أزاهير الأدباء على اختلاف نتاجهم و عصورهم و أعراقهم .

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-2007, 07:18 AM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(7) الضمير

بقلم: صطفى لطفي المنفلوطي
.....................................

أتدري ما هو الخلق عندي؟
هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن يفعل.
لذلك لا أُسمِّي الكريم كريماً حتى تستوي عنده صدقة السر وصدقة العلانية، ولا العفيف عفيفا عندي حتى يعف في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف، ولا الصادق صادقاً حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله، ولا الرحيم رحيماً حتى يبكي قلبُه قبلَ أن تبكيَ عيناه، ولا المتواضع متواضعاً حتى يكون رأيه في نفسه أقل من رأي الناس فيه.
التخلق غير الخلق، وأكثر الذين نسمِّيهم فاضلين متخلقين بخلق غير الفضيلة، لا فاضلون لأنمهم يلبسون هذا الثوب مصانعةً للناس، أو خوفاً منهم، أو طمعاً فيهم، فإن ارتقوا عن ذلك قليلاً لبسوه طمعاً في الجنة التي أعدّها الله للمحسنين، أو خوفاً من النار التي أعدّها الله للمسيئين.
أما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة، أو يتقي السيئة لأنها سيئة فذلك منْ لا نعرف له وجوداً، أو لا نعرف له مكاناً.
لا ينفع المرءَ أن يكون زاجره عن الشر خوفُه من عذاب النار، لأنه لا يعدم أن يجد بين الزعماء الدينيين من يلبس الشر لباس الخير فيمشي في طريق الرذيلة وهو يحسب أنه يمشي في طريق الفضيلة، أو خوفه من القانون، لأن القوانين شرائع سياسية وُضعت لحماية الحكومات لا لحماية الآداب، أو خوفه من الناس، لأن الناس لا ينفرون من الرذائل بل ينفرون مما يضرُّ بهم، رذائل كانت أم فضائل، وإنما ينفعه أن يكون ضميره هو قائده الذي يهتدي به، ومناره الذي يستنير بنوره في طريق حياته.
ومازالت الأخلاق بخير حتى خذلها الضمير وتخلّى عنها، وتولّت قيادتها العادات والمصطلحات، والقواعد والأنظمة، ففسد أمرها واضطرب حبلها، واستحالت إلى صور ورسوم وأكاذيب وألاعيب؛ فرأينا الحاكم الذي يقف بين يدي الله ليؤدِّي صلاتَه وأسواط جلاّديه تمزِّق على مرأى منه ومسمع جسم رجل مسكين لا ذنب له عنده إلا أن يملك صبابة من المال يُريد أن يسلبه إياها، والأمير الذي يتقرَّب إلى الله ببناء مسجد قد هدم في سبيله ألف بيت من بيوت المسلمين، والفقيه الذي يتورّع من تدخين غليونه في مجلس القرآن، ولا يتورَّع عن مخالفة القرآن نفسه من فاتحته إلى خاتمته، والغني الذي يسمع أنين جاره في جوف الليل من الجوع فلا يرق له ولا يحفل به، فإذا أصبح الصباح ذهب إلى ضريح من أضرحة الأولياء، ووضع في صندوق النذور بدرة من الذهب قد ينتفع بها من لا حاجة به إليها، والمومس التي تتصدّق بنفسها ليلة في كل عام على روح بعض الأولياء، وعندها أنها قد كفَّرت بذلك عن سيئاتها طول العام!
إلى كثير من هذه النقائص التي يزعم أصحابها ويزعم لهم كثير من الناس أنهم من ذوي الأخلاق الفاضلة والسيرة المستقيمة.
الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
هو القلق الذي يُساور قلب الكريم ويحول بين جفنيه والاغتماض كلما ذكر أنه ردَّ سائلاً محتاجاً، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
هو الحمرة التي تلبس وجه الحي خجلا من الطارق المنتاب الذي لا يستطيع رده، ولا يستطيع مدّ المعونة إليه.
هو اللجاجة التي تعتري لسان الشريف حينما تحدثه نفسه بأكذوبة ربما دفعته إليها ضرورة من ضرورات الحياة.
هو الشرر الذي ينبعث من عيني الغيور حينما تمتد يد من الأيدي إلى العبث بعرضه أو بكرامته.
هو الصرخة التي يصرخها الأبي في وجه من يحاول مساومته على خيانة وطنه، أو ممالأة عدوِّه.
الخلق هو أداء الواجب لذاته، بقطع النظر عما يترتّب عليه من النتائج، فمن أراد أن يُعلِّم الناس مكارم الأخلاق فليُحي ضمائرَهم، وليبثَّ في نفوسهم الشعور بحب الفضيلة، والنفور من الرذيلة بأية وسيلة شاء، ومن أي طريق أراد، فليست الفضيلة طائفة من المحفوظات تُحشى بها الأذهان، بل ملكات تصدر عنها آثارُها صدور الشعاع عن الكوكب، والأريج عن الزهر.
.............................
*مصطفى لطفي المنفلوطي: النظرات (ج3)، دار الجيل، بيروت، 1984م، ص ص159-162.







 
رد مع اقتباس
قديم 26-12-2007, 07:20 AM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

( 8 ) السنهوري والدين والدولة

بقلم: د. محمد عمارة
............................

كل الناس يعرفون عن الدكتور عبد الرازق السنهوري باشا (1313-1391 هـ 1895-1971م) أنه الذي تفرد ـ عالميا ـ بوضع القانون المدني وشرحه ..وأنه واضع الأسس القانونية والدستورية الحديثة للعديد من الدول العربية ـ مصر ـ العراق ـ سوريا ـ الكويت ـ الإمارات ـ ليبيا ـ السوادن ..إلخ ..إلخ ..

لكن القليلين هم الذين يعرفون الوجه الإسلامي للسنهوري ..ذلك الوجه الذي جعل أساتذته الفرنسيين بباريس في عشرينيات القرن العشرين ـ إبان دراسته للدكتوراه ـ يطلقون عليه لقب "الإمام الخامس" لمكانته في الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية ونظم الحكم الإسلامية !..
ولأن السنهوري قد عاصر إسقاط أتاتورك (1881-1938م) للخلافة الإسلامية سنة 1924م وشهد الاستقطاب الحاد بين المتغربين أعداء الخلافة وبين التقليدين المتعلقين "بشكل" الخلافة ـ فلقد قدم ـ لبعث الخلافة وإحيائها تصورا دستوريا يراعي المستجدات الوطنية والقومية في الواقع الإسلامي، ويحافظ على مقاصد الخلافة، كنظام سياسي متميز عن نظم الحكم الأخرى .. وفي هذا المقام كتب السنهوري فقال:
"إن حكومة الخلافة ـ السلطة التنفيذية في الإسلام ـ هي حكومة خاصة، تمتاز عن سائر الحكومات بالمزايا الآتية :
أولا: أن الخليفة ليس حاكما مدنيا فحسب، هو أيضا الرئيس الديني للمسلمين..ولا يتوهم أن الخليفة سلطة روحية شبيهة بما ينسبه النصارى للبابا في روما، فالخليفة لا يملك شيئا من دون الله ، ولا يحرم من الجنة ، وليس له شفاعة ، يستغفر بها للمذنبين ، وهو عبد من عباد الله لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، ولي أمور المسلمين في حدود معينة .

ويعني أنه الرئيس الديني للمسلمين، هو أن هناك مشاعر عامة يقوم بها المسلمون جماعة ـ كصلاة الجماعة، والحج ـ وهذه لا تتم إلا بإمام، هو الخليفة، لذلك نطلق كلمة الإمام خاصة على الخليفة إذا ولي اختصاصاته الدينية ، ونطلق عليه لقب أمير المؤمنين إذا ولى اختصاصاته المدنية .

ثانيا: أن الخليفة في استعمال سلطته التنفيذية يجب عليه أن يطبق أحكام الشريعة الغراء وليس معنى هذا أنه ملزم بالسير على مذهب خاص من المذاهب المعروفة، فله ـ بل عليه ـ وهو مجتهد، أن يراعي ظروف الزمان والمكان ، وأن يطلب من المجتهدين أن تجتمع كلمتهم عل ما فيه المصلحة لهذه الأئمة ، ولو خالف ذلك كل المذاهب المدونة في الكتب ومعلوم أن إجماع المجتهدين مصدر من مصادر التشريع .

ثالثا: أن سلطات الخليفة يجب أن تنبسط على جميع العالم الإسلامي، فوحدة الإسلام حجر أساسي في الدولة الإسلامية ، ووحدة الإسلام تستتبع وحدة الخليفة و يجب أن يكون على رأس الإسلام خليفة واحد ، وهذه هي الخلافة الكاملة. ولكن الظروف قد تلجئ المسلمين ـ وقد تمزقت وحدتهم ـ أن ينقسموا أمما ، لكل أمة حكومتها ، فيجوز تعدد الخليقة للضرورة لكن الخلافة هنا تكون خلافة غير كاملة .

على أن الخلافة الكاملة يمكن تحقيقها إذا اجتمعت كلمة المسلمين، لا على أن تكون لهم حكومة مركزية واحدة، فذلك قد يصبح مستحيلا، بل يكفي على ما أرى أن تتقارب حكومات الإسلام المختلفة وأن تتفاهم، بحيث تتكون متها هيئة واحدة شبيهة "بعصبة أمم إسلامية" تكون على رأس الحكومات، وتكون هي هيئة الخلافة، ولا سيما إذا ألحق بهذه الهيئة مجلس مستقل منها ، يكون قاصرا على النظر في الشئون الدينية للمسلمين "
نعم..لقد كتب السنهوري باشا اجتهاده هذا سنة 1929 في دراسته عن (الدين والدولة في الإسلام)..أي قبل أربعين عاما من قيام "منظمة المؤتمر الإسلامي..التي إذا طورت وبعثت فيها الروح يمكن أن تكون الصورة العصرية لعصبة الأمم الإسلامية، التي دعا إليها السنهوري..والتي تمثل "النظام السياسي الجديد " المحقق لمقاصد الخلافة الإسلامية: وحدة الأمة..وتكامل دار الإسلام..وسيادة الشريعة الإسلامية في عالم الإسلام.
.................................................. ...
*المصريون ـ في ٣ ديسمبر ٢٠٠٧م.







 
رد مع اقتباس
قديم 29-05-2008, 02:37 AM   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أحمد السلاموني
أقلامي
 
الصورة الرمزية أحمد السلاموني
 

 

 
إحصائية العضو







أحمد السلاموني غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

الشاعر الرهيف والناقد الحصيف الأخ العزيز : الأستاذ الدكتور حسين ، لقد ذكرتنى باللقاءات والأمسيات الجميلة التى كنا نستمتع فيها بآرائك وإبداعاتك الجميلة فى اتحاد الكتاب ، وأحييك على أمرين : الأمر الأول على انتقاء موضوعاتك التى تحتوى على قيمة فنية عظيمة تفيد المبدع والناقد والقارئ ، والأمر الثانى لأنها تتضمن نصائح للمبدع لتهذيب للتسامى بنفسه وشخصيته فى سماء الإبداع ، وقبول النقد ، وأن يتخذه وسائل تعضيد لشخصيته المبدعة ، وليس النقد بمعول هدم ، إلا لو كدر نفس الناقد سخيمة أو موجدة ، وإذا كانت شخصية المبدع ضعيفة لا يتمكن من أدواته . وتقبل موفور مودتى وتقديرى ، دمت مبدعا جميلا وغواصا فى بحور الشعر وقيعان الأدب والمعرفة ، لتأتى إلينا بدررك الغالية . وإلى لقاء قريب.
أحمد السلامونى







 
رد مع اقتباس
قديم 31-05-2008, 01:28 AM   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

شُكراً للأديب الصديق الأستاذ أحمد السلاموني،
مع تحياتي وموداتي،
ودمت واسلم لأخيك:
حسين علي محمد







 
رد مع اقتباس
قديم 31-05-2008, 01:31 AM   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

( 9 )الرومانسية

بقلــــم: د. شلتاغ عبود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي وليدة الثورة على القيم الكلاسيكية في أوربا في مجالات السياسة والاجتماع والفكر، وذلك في الربع الأخير من القرن الثامن عشر. وهي مدينة إلى أفكار (جان جاك روسو) في فرنسا التي مهدت للثورة الفرنسية عام 1789، وجسدت القيم الليبرالية أو النزعة التحررية في مجالات الحياة كافة.
فلقد سيطرت الملكية والأقطاع والكنيسة على أوروبا لفترة طويلة، وأخضعت الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية إلى قيود وضوابط كان الإنسان ينوء بحملها، ولكنه لم يعد قادراً على تحملها في القرن الثامن عشر بما عج فيه من أفكار واكتشافات وتوجيهات وطنية وقومية.
ولقد كان للتوجيهات الفلسفية الجديدة في هذا القرن أثر في الابتعاد عن الكلاسيكية وسماتها. فإذا كانت فلسفة (ديكارت) العقلية وراء ترسيخ الضوابط الكلاسيكية، فإن لفلسفة (كانت 1724 ـ 1800) أثرها في توجيه الفكر الأدبي والنقدي نحو التعبيرية، فقد كان ((يرى بأن طريق المعرفة الحقيقية هو الشعر))، وجاء بعده هيكل (1770 ـ 1813) الذي عمق من التأكيد على الذات الإنسانية واعتبر الإيمان بالعالم الخارجي متوقفاً على هذه الذات. وما دامت الذوات تتغير، فإن كلا منها يخلق العالم على صورة خاصة. وهذا يعني أن الذاتي يخلق الموضوعي، وأن العالم الداخلي للذات العارفة هو أساس صورة العالم الخارجي لديهما. وما دام الأمر كذلك، فلابد أن يقوم الشعور والوجدان والعاطفة على العقل والخبرة والتجربة.
ومن أسباب ظهور الرومانسية اكتشاف شكبير وتأثير أدبه الذي لم يتقيد بالوحدات الثلاث (وحدة الزمان والمكان والحدث) ولم يلتزم بمبدأ الفصل بين الأنواع التي كان اليونانيون والكلاسيكيون الجدد يتقيدون بها، بالإضافة إلى ما في أبده من قدرة على التحليل ووصف العواطف الإنسانية والأخلاق البشرية.
وبما أن المتطلعين إلى التجديد كانوا يضيقون بالقواعد الكلاسيكية فإنهم أعجبوا بمسرحيات شكبير وفضلوها على المسرحيات الكلاسيكية المتأثرة بالمسرحيات اليونانية ومن أولئك فيكتور هوجو أحد رواد الرومانسية الفرنسية الذي قام بترجمة مسرحيات شكبير إلى الفرنسية ودراستها دراسة متمعنة، مستنبطاً ما فيها من خصائص، ومتخذاً منها سلاحاً ضد الكلاسيكية وقواعدها.
وعلى الرغم من أن الفرنسيين كانوا السباقين لاكتشاف شكبير فإن الألمان كانوا أشد إعجاباً به واستفادة من آرائه.
ومما كان له أثر، كذلك، في التوجيه الرومانسي الأوربي تلك الرحلات والأسفار إلى عالم الشرق الساحر حيث أطلق خيال الأوربيين في الحلم بحياة خير من حياتهم المادية. فلقد كتب الرحالة عن حكمة المصريين ووصفوا سحر بغداد، كما جسدته حكايات ألف ليلة وليلة، ووصفوا الهند، بما فيها من عادات وتقاليد غربية.
ولقد كان لفشل نابليون وهزيمته في معركة (واترلو) عام 1815 أثراً بارزاً في تأجيج الروح الرومانسية، وطبعها بطابع الحزن واليأس والتشاؤم، وذلك لأن الفرنسيين الذين حسبوا أنهم أصبحوا حملة لراية الحرية، وصاروا يحلمون بأنهم سيقودون العالم، ويملكون فجاج الأرض، انتهوا إلى هزيمة منكرة، ووقعوا في قبضة أعدائهم.
ونستطيع أن نتعرف على ملامح هذا المذهب من خلال موقف شعرائهم من هذه القضايا الموضوعية:
1 ـ الدين: يلاحظ القارئ لأشعار الرومانسيين أنهم أكثر ميلاً إلى الدين من المذهب الكلاسيكي السابق، وهذا ما ينسجم وطابع التوجه العاطفي لديهم، فقد شدهم عالم الروح وغموضهِ وأسرارهِ. وربما يكون هذا الميل نتيجة لطغيان التوجه المادي في الحياة الأوربية. ولكن هذا لا يعني أنهم جعلوا من نتاجاتهم محتوى للأفكار الدينية، أو دعوا إلى هذه الأفكار بطريقة وعظية، بل إن شعرهم يعبر عن حاجة الإنسان إلى العقيدة الروحية (ولكنها عقيدة حرة منبعها القلب، ولا تلتزم حرفياً اتباع دين من الأديان السماوية) وربما وجدت لدى بعضهم شطحات صوفية غريبة، وربما صاحب أشعارهم كثير من الشك والقلق وعدم الاطمئنان.
2 ـ الطبيعة: مثل الميل إلى الطبيعة لدى الرومانسيين مرحلة حضارية جسدتها فكرة الثورة على القيود والتقاليد والظلم، وذلك منذ أن دعا جان جاك روسو إلى أن يتعلم الإنسان من الطبيعة مباشرة، وليس مما اعتاده الناس من مواصفات. ومنذ ذلك الحين صار التوجه إلى الطبيعة يمثل ميلاً إلى الفطرة والنقاء والحرية. وقد عرف عن الرومانتيكيين حبهم للوحدة، ورغبتهم في ترك المدن والفرار إلى الطبيعة بما فيها من حقول وبحار وجبال، بعيداً عن مشكلات المجتمع وهمومه وحروبه.
وفي الغالب فإنهم يتناولون من الطبيعة مناظرها الكئيبة التي تتلاءم مع أحاسيسهم ومع حالاتهم كالعواصف والقمر الشاحب والليالي المظلمة، والأمواج الهائجة، ويصفون سقوط أوراق الأشجار، وتلبد السماء بالغيوم والضباب، وتساقط الثلوج، ويتحدثون عن الذبول والفناء من خلال مشاهد الخريف خاصة.
والرومانسيون لا يحبون الطبيعة فحسب، بل يعدونها صديقة لهم تشاركهم مشاركة روحية وقلبية، وربما ارتفع هذا الحب إلى درجة التقديس، وربما صار مجلى لعظمة الله الذي أبدعها.
3 ـ الحب والمرأة: تختلف نظرة الرومانسيين للحب والمرأة عن سابقيهم الكلاسيكيين الذين كانوا يصدرون عن طابع العقل، فينظرون إلى الحب على أنه نوع من الهوى، فكانوا قليلاً ما يتحدثون عن ذواتهم وتجاربهم الخاصة.
أما الرومانسيون فقد قادهم التوجه العاطفي إلى النظرة إلى الحب على أنه عاطفة ملهمة وفضيلة كبرى. وقد ارتفعوا بالحب إلى درجة التقديس والعبادة وارتفعوا به عن النزوات والدوافع الحسية.
ونتيجة لهذا ارتفعت مكانة المرأة لديهم فصارت ملاكاً نزل من السماء لينقي النفوس ويطهرها، ويقربها إلى الله، ولكن هذا كان يقترن في بعض الأحيان بالنظر إليها إلى أنها شيطان غاو وكائن خائن، خاصة لدى الشعراء الذين فشلوا في حبهم أو هجرتهم نساؤهم، أو خانتهم حبيباتهم.
وإذا ما أضفنا إلى هذه المواقف خصائصهم الفنية التي اقتربت اللغة فيها إلى لغة الحياة اليومية، وابتعدت عن اللغة التي تستوحي عالمها من الأدب القديم ومفرداته. ولا عجب فاشتقاق الرومانسية جاء من كلمة (Romnius) التي أطلقت على اللغات واللهجات الشعبية التي تفرعت من اللغة اللاتينية. ثم هي تستقي مفرداتها من عوالم الطبيعة والروح والموسيقى والحب، وهي عوالم تجنح باللغة إلى الرقة والهمس بعيداً عن الجهرية والخطابة القديمة.
أما صورهم فهي صور الخيال الجامع، والعالم المجهول، والعلاقات الشفيفة بين الأشياء وسيطرة العاطفة على هذا الخيال، وقيادتها له. وربما صاحب هذا ميل إلى الرموز والأساطير، وهذا الميل سيفضي إلى مذهبية واضحة المعالم كما سنشهد لدى المدرسة الرمزية.
وخلاصة الأمر في سمات الرومانسية أنها تعبير عن ذات الأديب ونوازعه، وليس محاكاة لعالم المثل، أو عالم الطبيعة، كما هو الحال في نظرية المحاكاة اليونانية، بل هي ليست تعبيراً عن المجتمع وقوانينه، كما هو الحال في نظرية الانعكاس في المذهب الواقعي .. ولهذا سمي المذهب الرومانسي بالمذهب التعبيري. ويراد به التعبير عن عواطف الأديب وعوالمه الذاتية.
وقد أشرنا إلى أن التعبير عن الذات لدى الرومانسيين كثيراً ما كانت ترافقه الشكوى والإحساس بالألم والتبرم من الحياة وقوانين المجتمع وظلمه، ولذلك جاءت نتاجاتهم طافحة بالأحزان متلفعة بالتشاؤم لائذة بالهروب أما إلى الطبيعة أو إلى عوالم الروح أو إلى الماضي بذكرياته المرة والحلوة أحياناً.
وهذه المعالم الرومانسية الأوربية نجد لها بعض الملامح في شعرنا العربي القديم، ولكنها لم تتخذ طابعاً مذهبياً تتجسد فيه النسب الفنية الرومانسية بدرجة عالية إلا في العصر الحديث، وفي الرابع الأول من القرن العشرين خاصة. وذلك للاتصال المباشر بين حياتنا الثقافية والثقافة الأوربية عن طريق الصحافة والكتاب والسفر بل والمناهج المدرسية الحديثة في الأقطار العربية.
ولا أخطئ إذا قلت إن (هازلت) هو إمام هذه المدرسة كلها في النقد، لأنه هو الذي هداها إلى معاني الشعر والفنون وأغراض الكتابة.
كان المؤثر الخارجي الأوروبي من أبرز المؤثرات في نشأة الرومانسية في الأدب العربي الحديث. ويقول الأستاذ عباس محمود العقاد، وهو من أبرز أعمدة هذا الاتجاه: ((فالجيل الناشئ بعد شوقي وليد مدرسة لا شبه بينها وبين مَن سبقها من تاريخ الأدب العربي. فهي مدرسة أوغلت في القراءة، ولم تقتصر قراءتها على أطراف الأدب الفرنسي، كما كان يغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر ... ولعلها استفادت من النقد الانجليزي فوق فائدتها من الشعر وفنون الكتابة الأخرى مدرسة الرومانسية الآخرين مثل المازني وعبدالرحمن شكري. أما شعراء المهجر الشمالي والجنوبي فواضح أثر الشعر الأمريكي والانجليزي في آثارهم. وامتد هذا التأثير الثقافي في الجيل التالي لهم من الشباب من جماعة أبولو مثل إبراهيم ناجي وعلي محمود طه والمهندس وأبي القاسم الشابي وغيرهم.
ولكن هذا التأثير الخارجي لم يكن ليجد طريقه سهلاً في النفوس لولا الظروف المحلية التي كانت مهيأة في البيئة العربية آنذاك لاستقبال هذا النوع من الأدب والكتابة على هداه. ولعل من أبرز هذه الظروف ذلك الحزن الذي تولد نتيجة للإحباط بعد فشل الثورات التي قاومت الاحتلال في مشرق العالم العربي ومغربه، بالإضافة إلى الظلم والقهر الذي مارسته السلطات الوطنية التي ورثت الحكم من الاحتلال الأجنبي، بطريقة يعرفها رجال السياسة ولعبة الحكم. ولهذا نمت نبتة الحزن والتشاؤم واليأس في البيئة العربية، وتغذت حين وجدت ما يشبهها في الآداب الأوروبية في بدايات القرن العشرين عندنا أن يقلدوا المذاهب الأدبية الأخرى التي كانت سائدة في القرن العشرين، ولكنها لم تكن تتسق وهواهم ومواجدهم الحزينة.
ومع هذا التأثير الواضح الذي لا يمكن انكاره بحال، فإن الرومانسية في الأدب العربي الحديث لها طابعها وسماتها المتصلة بواقعنا السياسي والحضاري. يقول الدكتور حلمي علي مرزوق: ((حتى أولئك الذين سلكوا مسلك الرومانتيكيين من شعرائنا المحدثين، وبرزوا برؤيتهم الجديدة بروزاً غير منكور، تحس ي شعرهم شيئاً كاللاشعور من معاناة الكبح أو الحذر الخفي أن يشتط بهم الخيال. وهذا الشابي ثار بنفسه وثار بالحياة الاجتماعية، كما ثار بالأرض والسماء، إلا أنه يعود آخر الأمر فيفزع إلى الله بالتوبة والاستغفار. ولعل في ذلك كله تفسيراً لما آل إليه أمر الرومانتيكية في مصر وعامة العالم العربي، لأنها لم تنجح قط في فلسفتها بقدر ما نجحت في تلخيص الأدب العربي الحديث في آفاق الشكل والقوالب الشعرية التي مات فيها الإحساس، كما صرفته عن الغلو في التجديد .. )).
وبسبب من هذا تجد الدكتور عبدالقادر القط يسمي هذا الاتجاه في أدبنا بـ (الاتجاه الوجداني) تميزاً له عن خصوصيات الرومانسية الغربية وارتباطها بالتيارات الفكرية والفلسفية. ولعل من آيات الملامح الخاصة بأدبنا ذلك التيار من التفاؤل والثورة والتمرد الذي انتهى إلى الواقعية والارتباط بظروفنا الاجتماعية والسياسية، كما سنلاحظ.
ومن الجدير بالذكر أن شعراء الاتجاه الوجداني لدينا ليسوا كلهم سواء في درجة تأثيرهم بالرومانسية الغربية، أو تمثلهم لخصائصها. فمن المعروف أن هذا الاتجاه مثلته ثلاث مدارس هي مدرسة الديوان ومدرسة المهجر ومدرسة أبولو التي مثلت قمة ما وصل إليه هذا الاتجاه في أدبنا.
وبما أن صدر هذه الصفحات لا يتسع لذكر قصائد كاملة، فإننا سوف نكتفي بالتمثيل لبعض النصوص الدالة على خصائص هذا الاتجاه.
يقول أبوالقاسم الشابي:
ها أنا ذاهب إلى الغاب يا شعبي
لأقضي الحياة وحدي بيأسي
ها أنا ذاهب إلى الغاب على
في صميم الغابات أدفن بؤسي
ثم أنساك ما استطعت فما أنت
بأهل لخمرتي ولكأسي
سوف أتلو على الطيور أناشيدي
وأفضي لها بأحزان نفسي
فهي تدري معنى الحياة وتدري
إن مجد النفوس يقظة حسي
ثم تحت الصنوبر الناضر الحلو
تحط السيول حفرة رمسي
وتظل الطيور تغلو على قبري
ويشدو النسيم فوقي بهمس
وتظل الفصول تمشي حوالي
كما كن في غضارة أمسي
فهو يهرب من الواقع الذي لا ينسجم ومثله وطموحاته، ويثور على المجتمع، ولكنها ثورة سلبية، ولهذا تراه يرتاح إلى العيش في الغاب بعيداً عن الظلم الاجتماعي. تطلعاً إلى الحرية والبراءة، وبحثاً عن القيم المفقودة في المجتمع. بل تشنيعاً بالبشر الذين لا يقدرون قيمة الشاعر ذي القلب النبوي، والروح العبقري.
إنه ارتياح إلى الطبيعة في هذه الحياة، وما بعدها، حيث تظل رموز هذه الطبيعة من الصنوبر والسيول والطيور والنسيم، بل الفصول كلها تغني لهذا الزائر الذي أحبها وأفنى حياته فيها.
ومن شعر الطبيعة إلى الحب والمرأة التي صارت لدى الرومانسيين مثالاً يطمح كل شاعر أن يحظى بعناقه في عالم الواقع، ولكنه يعز ويصبح بعيد المنال، فيزدادون تشوفاً إليه وتحرقاً، وينظرون إليه نظرة تقديس وتهيب وجلالة، حتى لتراهم يتحدثون عن المحبوب وكأنهم في محاريب عبادة وتبتل. ولهذا شاع في قاموسهم الشعري هذا السيل من الألفاظ الدينية ذات الدلالات الموحية، مثل: الصلاة، والوحي، والمحراب، والكعبة، والهدى, والنور ... تلاحظ هذا بشكل خاص في شعر إبراهيم ناجي، فهو يتطهر بالحب ويسمو به حتى يصبح روحاً شفافة لا تنتمي إلى عالم المادة والطين، يتجاوز خطايا الناس ويغفر لهم زلاتهم معه، لأنه تجاوز عالمهم الحسي المحدود إلى عوالم أوسع وأرحب بفضل هذا الحب الكبير:
سنانك صلاة أحلامي
وهذا الركن محرابي
به ألقيت آلامي
وفيه طرحت أوصابي
هوى كالسحر صيرني
أرى بقريحة الشحب
وطهرني وبصرني
ومزق مغلق الحجب
سموت كأنما أمضي
إلى رب يناديني
فلا قلبي من الأرض
ولا جسدي من الطين
سموت ودق إحساسي
وجزت عوالم البشر
نسيت صغائر الناس
غفرت إساءة القدر
بهذه اللغة الشفيفة، وهذه الصورة الموحية المكثفة المرتبطة بالنفس، وهذه الموسيقى المتلونة الهامسة. ولا أظن إننا بهذا النص أو بغيره نستطيع أن نرصد الخصائص المعنوية والفنية لهذه المدرسة، فالعودة تكون، إذاً، لدواوين الشعراء أنفسهم، وللدراسات التي كتب عنهم.







 
رد مع اقتباس
قديم 31-05-2008, 01:34 AM   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

( 10) رؤى آخـر الزمــان فـي إســرائيل

بقلم‏:‏ فهمـي هـويـــدي
...........................

(1)‏
من مفارقات الأقدار وسخرياتها أنه في حين عبر الرئيس بوش عن انبهاره بإسرائيل ومستقبلها‏'‏ الزاهر‏',‏ فإن عددا غير قليل من المثقفين الإسرائيليين خالفوه في الرأي‏,‏ معتبرين أنهم يعيشون في بلد لا مستقبل له‏.‏
لا تزال أصداء الصدمة تتردد في العالم العربي منذ ألقي الرئيس بوش خطابه أمام الكنيست في مناسبة احتفال إسرائيل بالذكري الستين لتأسيسها‏,‏ لأنه أفرط في التعبير عن انبهاره وتعلقه بنموذج الدولة في إسرائيل‏.‏ و هو ما لم يتوقعه الذين راهنوا علي الرجل وإدارته‏,‏ وأحسنوا الظن بهما‏.‏ ذلك أن الرئيس بوش لم يستطع أن يخفي مشاعره حين وقف أمام الكنيست‏,‏ ففتح قلبه وصارح الجميع بالحقيقة التي التبس أمرها علي كثيرين من العرب والفلسطينيين‏.‏ فلم يتحدث فقط كواحد من غلاة الإنجيليين الذي يعتبرون أن إقامة إسرائيل جاءت تحقيقا للوعد الذي منح لشعب الله المختار‏,‏ ولكنه استخدم أيضا لغة عتاة الصهاينة الذين يعتبرون الحاصل في فلسطين صراعا بين الخير والشر‏ (الذي يمثله العرب أجمعين بطبيعة الحال‏),‏ ثم مضي يكيل المديح لنموذج الدولة الإسرائيلية التي قال أنها حاربت بشراسة من أجل العدالة والكرامة الإنسانية والحرية‏,‏ حتى أصبحت بعد ستة عقود ‏'نوراً للأمم‏',‏ وحين تحتفل بذكري تأسيسها المائة والعشرين‏ (بعد ستين عاما أخرى‏)‏ ستكون واحدة من أعظم الديمقراطيات كأرض آمنة ومزدهرة للشعب اليهودي‏..‏الخ‏.‏
‏(2)‏
الفرقعة التي أحدثها خطاب الرئيس بوش تمت وسط أجواء من الجدل المتسم بالتشاؤم بين المثقفين الإسرائيليين الذين أدركوا أن بلدهم بوضعها الراهن الذي بهر الرئيس الأمريكي ليست مرشحة للاستمرار‏.‏ فابراهام بورج رئيس البرلمان الأسبق الذي اعتزل الحياة السياسية في عام ‏2004م‏ وصف إسرائيل بأنها ‏'دولة فاشية واستعمارية تقودها زمرة لا أخلاقية من الفاسدين الخارجين علي القانون‏'.‏ وقال كلامه هذا في حوار أجرته معه صحيفة «يديعوت أحرنوت‏»,‏ عقب إصدار كتابه «الانتصار علي هتلر»,‏ الذي ذهب فيه إلي أن إسرائيل تسير علي خطي هتلر‏,‏ وأنها تنتظر المصير ذاته‏,‏ طالما ظلت متمسكة بالصهيونية ومعتمدة علي السيف والعنف في إخضاع الفلسطينيين وسحقهم‏.‏
كتاب بورج ليس وحيدا في بابه‏,‏ ولكن عددا آخر من الباحثين الإسرائيليين‏,‏ من سلالة حركة المؤرخين الجدد‏,‏ وجدوا أن مناسبة الذكري الستين تهيئ ظرفا مواتيا لفتح الملفات والحديث بصراحة عن‏ «اختراع‏» الشعب اليهودي من قلب الخرافات والأساطير التي حفلت بها التوراة‏.‏ وهو ما خلص إليه شلومو ساند الأستاذ بجامعة تل أبيب في كتابه‏ «كيف تم اختراع الشعب اليهودي‏:‏ من التوراة إلي الصهيونية»,‏ وما أيده كتاب‏ «كشف الغطاء عن التوراة‏»,‏ لمؤلفيه الأثريين إسرائيل فينكلشتاين وأشر وسيلبرمان‏.‏ في ذات الوقت كشف باحثون آخرون عن حقيقة الجرائم البشعة التي ارتكبتها الجماعات الصهيونية المسلحة للاستيلاء علي أراضي الفلسطينيين وطردهم‏,‏ خصوصا المذابح التي أدت إلي التطهير العرقي‏,‏ والتي تكذب الادعاءات التي روجتها الأبواق الإسرائيلية بأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم أو غادروا بلادهم باختيارهم‏.‏ وقد فضح هذه الجرائم إيلان بابي في كتابه‏ «التطهير العرقي لفلسطين‏»؛‏ الأمر الذي أحدث صدمة في المجتمع الإسرائيلي‏,‏ اضطرته للاستقالة من منصبه كأستاذ بجامعة حيفا‏,‏ والهرب إلي بريطانيا ليعمل في إحدى جامعاتها‏.
وجه إسرائيل القبيح وتاريخها الملطخ بالدم وبأشلاء الفلسطينيين الأبرياء‏,‏ الذي لم يره الرئيس بوش‏,‏ أبرزه أيضا آفي شلايم الأستاذ بمعهد سان أنطوني في أوكسفورد‏,‏ في كتابه‏ «الجدار الحديدي:‏ إسرائيل والعالم العربي»,‏ الذي هدم فيه أسطورة الدولة اليهودية التي تدعي أنها محبة للسلام‏,‏ ومحاطة بعالم عربي يريد القضاء عليها‏.‏
‏(3)‏
هذا الجدل احتل مكانة ملحوظة في الصحف العبرية‏,‏ فالبروفيسور امنون روبنشطاين الوزير الأسبق وأستاذ القانون بجامعة تل أبيب الذي تخصص في الكتابة عن مستقبل الدولة‏,‏ نشرت له هاآرتس حواراً في 14/‏4‏ الماضي‏,‏ قال فيه إن إسرائيل لا يمكنها البقاء بسبب نوعين من التهديد‏,‏ أحدهما خارجي يتمثل في فشلها في ردع العرب‏,‏ والثاني داخلي يمثله انتشار الفساد وتآكل ما يسميه «منظومة القيم الصهيونية‏» التي قامت عليها الدولة‏.‏ أضاف في هذا الصدد أنه علي الرغم من انتصارات إسرائيل في حروبها الكبيرة مع الدول العربية‏,‏ إلا أن هذه الانتصارات فشلت في اجتثاث الرغبة العربية في محاربة إسرائيل‏,‏ وفي رأيه أن ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا هو‏ «أسلمة‏» الصراع‏,‏ واتخاذه بعدا دينيا‏,‏ الأمر الذي لا يزيد فقط رقعة العداء لإسرائيل‏,‏ بل يجعله أكثر تصميما‏,‏ واعتبر روبنشطاين أن إسرائيل قد تستيقظ في يوم ما وقد أحيطت بأنظمة حكم ذات توجه إسلامي‏,‏ لا ترفض وجود إسرائيل فحسب‏,‏ بل تتجند من أجل إزالتها‏.‏
في نفس الوقت‏,‏ فإن روبنشطاين رصد مظاهر تحلل منظومة‏ «القيم الصهيونية‏»,‏ مثل ميل الشباب الإسرائيلي لعدم التضحية من أجل الدولة والذي يعكسه تراجع الحماس في صفوفهم للانخراط في سلك الجندية‏,‏ و هي نقطة أيده فيها أيرز ايشل مدير مدرسة‏ «إعداد القادة»‏ في تل أبيب‏,‏ الذي قال في مقال نشرته صحيفة‏ «يديعوت أحرنوت » (3/4)‏ أن أحد مصادر هدم منظومة القيم هذه تتمثل في حقيقة أن قادة الدولة لم يعودوا مثالا يحتذي به الشباب الإسرائيلي‏.‏ إذ في الوقتِ الذي يصرخ قادة الدولة مهددين بشن مزيد من الحروب‏,‏ فإنهم يستثنون أبناءهم من تحمل عبء هذه الحروب‏,‏ ودلل علي ذلك بان ابني رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت تهربا من الخدمة العسكرية بالسفر للخارج‏.‏
أيضا من رأي الجنرال شلومو جازيت الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية‏ «أمان‏» أن رفض إسرائيل التجاوب مع الرغبة العربية لحل الصراع يحمل في طياته دمار إسرائيل‏,‏ وشن جازيت في مقال نشرته «معاريف»‏ بتاريخ 9/‏4‏ انتقادا حادا علي المستشرق الأمريكي برنارد لويس الذي دعا إسرائيل لعدم التفاوض مع العرب‏,‏ معتبرا أن تخليد الوضع القائم هو الذي سيؤدي إلي تصفية إسرائيل‏,‏ ما لم توافق حتى علي هدنة طويلة المدى تتنازل مقابلها عن حدود العام ‏1967م.‏
ناحوم برنيع كبير المعلقين في صحيفة‏ «يديعوت أحرنوت‏»,‏ أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا‏,‏ الذي توقع فشل إسرائيل في حرب لبنان الثانية من أول يوم فيها‏,‏ قال أنه علي رغم أن إسرائيل اليوم قوية من ناحية عسكرية وذات منعة اقتصادية‏,‏ إلا أن الناس فيها يفقدون الثقة بمستقبلها وبقدرتها علي البقاء‏,‏ وروي في مقال نشره بتاريخ 19/4‏ حادثة طريفة وقعت مع الكاتب اليهودي الأمريكي جوردس فقال إنه ذهب إلي طبيب للحصول علي وصفة دواء طلب أخذها قبل السفر بالجو‏,‏ فسأله الطبيب‏: «بماذا تعمل؟‏».‏ فرد جوردس‏:‏ أنا كاتب‏.‏ عندئذ سأله‏:‏ ماذا تكتب؟‏.‏ قال‏:‏ حول مستقبل إسرائيل‏.‏ فضحك الطبيب‏,‏ وقال‏:‏ آه أفهم الآن‏,‏ أنت تكتب قصصا قصيرة‏!.‏ وعلق برنيع علي تلك الإجابة قائلا إنها تعكس المزاج العام في إسرائيل‏,‏ وهو مزاج الشعور بنهاية الزمان‏,‏ مع أنه لا يتحدث عنه أحد لكن الجميع يشعرون به‏,‏ إنه نوع من اليأس لا ينبع من الحرب التي كانت أو من الحرب التي قد تأتي‏,‏ بل من مصادر أعمق‏,‏ علي حد تعبيره‏.‏ وذكر إن مظاهر المنعة العسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها إسرائيل مضللة‏.‏ مشيرا إلي أنه على الرغم من أن إسرائيل ذات اقتصاد مستقر‏,‏ وأسعار العقارات فيها تبلغ عنان السماء‏,‏ وجيشها قوي‏,‏ وجامعاتها ذات نوعية عالية‏,‏ ومع ذلك فهي تعجز عن توفير الأمن لليهود الذين يعيشون فيها‏,‏ وهي لا تعطيهم الحياة الطبيعية‏.‏ وذكر برنيع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي مجرد وجودها لا يزال مثيرا للجدل‏,‏ في حين لا يشك أحد في العالم في حق الفلسطينيين في دولة‏.‏
‏(4)‏
لا يكتفي المفكرون والكتاب الصهاينة بالحديث عن تنبؤاتهم بالمستقبل المظلم لإسرائيل‏,‏ بل يعددون المظاهر التي تدعم هذه التنبؤات‏.‏ إفراهام تيروش سكرتير ثاني حكومة شكلها مناحيم بيجن يري في مقال نشرته «معاريف» بتاريخ 28‏/2 أن أوضح مظهر من مظاهر انهيار الفكرة الصهيونية هو قرار الوكالة اليهودية بالتوقف عن محاولة إقناع اليهود في أرجاء العالم بالهجرة إلي إسرائيل‏,‏ معتبرا أن هذا يدلل علي فشل الحركة الصهيونية في المحافظة علي قوة الدفع الخاصة بأفكارها‏.‏ ويؤكد أنه بالنسبة لليهود في أرجاء العالم‏,‏ فإنهم باتوا يرون أن مخاطر العيش في إسرائيل أكبر من مخاطر العناصر اللاسامية في الشتات‏.‏ ويشير تيروش إلى مظاهر انفضاض اليهود عن إسرائيل‏,‏ مستندا إلي نتائج دراسة أجريت في أوساط اليهود الأمريكيين دللت علي أن‏70%‏ منهم لم يزوروا إسرائيل ولا يعتزمون زيارتها‏;‏ و‏50%‏ من يهود الولايات المتحدة متزوجون زواجا مختلطا‏;‏ و‏50%‏ من الشباب اليهود هناك لا يهمهم إذا اختفت إسرائيل من الوجود‏.‏
رئيس الكنيست السابق روفي ريفلين‏,‏ القيادي البارز في حزب الليكود قدم مثالا آخر علي تغلغل اليأس في نفوس الإسرائيليين من مستقبل كيانهم‏,‏ والذي يعبر عنه سعي أعداد متزايدة من الإسرائيليين للحصول علي جوازات سفر أوروبية لاستخدامها في الفرار من الدولة عند الحاجة‏,‏ فيذكر في مقال نشرته صحيفة هآرتس‏ (14/4)‏ أن هذا السلوك لم يكن ليصدر عن هؤلاء الإسرائيليين لولا الشعور المتأصل في نفوسهم بأن الدولة في طريقها للتفكك والزوال‏,‏ ويجزم بأن ذلك سيؤدي إلي ظهور تباينات فكرية واجتماعية وسياسية بين الإسرائيليين الذين لا يمكنهم الحصول علي جوازات سفر أجنبية ولا يعرفون أن لهم ملاذا آخر‏,‏ وبين أولئك الذين يعتقدون أن لديهم خيارات أخرى‏.‏ مؤكدا أن هذه الظاهرة ستكون القوة التي ستنتج مظهرا آخر من مظاهر الانقسام في المجتمع‏.‏
وهناك من يرى أن عزوف اليهود عن الهجرة لإسرائيل يرجع لكفرهم بالأساطير التي تأسست عليها إسرائيل‏,‏ وفي مقال نشرته صحيفة‏ «هآرتس»‏ بتاريخ 22/3‏ قال يولي جولدشتاين من قادة الجالية اليهودية في كندا أن‏'‏ الأساطير‏'‏ التي كانت إسرائيل تحاول إقناع يهود العالم بها لم تعد تنطلي علي أحد سيما تصوير إسرائيل وكأنها‏'‏ الحصن الأخير في مواجهة الذين يكنون العداء لليهود‏'.‏ وأشار إلي حقيقة كون‏85%‏ من اليهود في مدينة ‏'مونتريال‏'‏ التي تضم أكبر تجمع يهودي في كندا قد هاجروا أصلا من إسرائيل التي بذلت جهدا كبيرا لإخراجهم من‏ 'الاتحاد السوفيتي‏',‏ لكنهم بعد أن عاشوا فيها قرروا تركها والتوجه لكندا‏,‏ ثم تساءل‏: 'هل هناك ثمة سبب للاعتقاد بأنهم سيفكرون الآن بالعودة إليها‏؟'.‏
أيا كانت الشواهد الدالة علي ما ينتظر إسرائيل في المستقبل‏,‏ فإننا لا ينبغي أن نراهن علي ذلك‏,‏ فنبقي علي أوضاعنا كما هي انتظارا لما تأتي به الأيام‏,‏ لأن تجميد الأوضاع العربية علي ضعفها هو الذي قد يطيل من عمر إسرائيل‏,‏ في حين أن الأخذ بأسباب القوة والمنعة وحده الذي يفقد إسرائيل أملها في بسط هيمنتها علي العالم العربي‏,‏ ومن ثم يعجل بهزيمتها سواء عاشت أو بادت‏.‏
....................................
*الأهرام ـ في 28/5/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 31-05-2008, 01:36 AM   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

( 11) الجماعية في الأداء

بقلم : محمد جبريل
......................

الجماعية فى الأداء شرط مهم لتحقيق النجاح فى أى عمل ينسب إلى الجماعة . بديهية يتناساها البعض لمجرد أن يكون هو وحده فى الصورة ، لمجرد أن يصبح نجماً ، يتحول زملاؤه من حوله إلى كومبارس أو ظلال .
يتسلم لاعب الهجوم فى فريق كرة القدم كرته من لاعب خط الظهر ، أو من لاعب خط الوسط . هو ـ كما ترى ـ لم يلتقطها من السماء ، أو أنه وجدها ملقاة فى جانب الملعب .
يتقدم اللاعب بالكرة فى اتجاه المرمى ، يلاحقه من فريقه لاعبان أو ثلاثة .
حسب قواعد لعبة البلياردو ، فإن على اللاعب أن يمرر الكرة من موضعه فى الجانب إلى زميل يواجه المرمى الذى قد يكون خالياً ، لكنه يفضل ـ فى أنانية عقيمة ـ أن يشوط الكرة فى الدفاع المتكتل ناحيته ، أو فى حارس المرمى ، أو يشوطها خارج الملعب . ويواجه اللاعب نظرات زملائه المؤنبة باعتذار لا معنى له ، فقد ضيع على فريقه هدفاً ، ربما كفل له الفوز !
فى اجتماعات هيئة ثقافية مسئولة ، طرح زميل اقتراحاً ، وافق عليه الأعضاء ، وقرروا تبنيه . لكن الزميل ما لبث أن سحب اقتراحه .
سألته بينى وبينه : لماذا ؟.
قال فى بساطة مذهلة : أخشى ألا ينسب الاقتراح لى !
ظل الاقتراح مشروعاً مؤجلاً ، مع أنه ـ فيما أذكر ـ كان يمثل إضافة إلى حياتنا الثقافية ، لا لسبب إلا لأن مقدم الاقتراح رفض الجماعية ، وخشى أن يدخل معه فى الخط آخرون يشاركونه النجومية !. وللأسف فقد نسى الأعضاء اقتراح الزميل ـ أو تناسوه ـ فلم ير النور !
العمل الجماعى يعنى أنه من صنع الجماعة ، هى التى تدرس وتخطط وتنفذ وتجنى الثمار ، أو تهب الثمار للمجتمع كله . إذا تصرف كل فرد فى حدود إحساسه بالفردية ، فإنه يمتنع عن وضع طوبة فى البناء الذى يسكنه الجميع ، أو يصنع ثقباً فى السفينة التى تقل الجميع !
عشنا أمثلة رائعة ونبيلة فى المعنى الذى يضحى ليس بالفردية فحسب ، وإنما بالحياة من أجل أن تنتصر الجماعة ، أن ينتصر الوطن : الجندى الذى وضع جسده على الأسلاك الشائكة ، ليعبر زملاؤه من فوق جسده إلى معسكر العدو . لم يتوقع إشادة من أى نوع ، ولا على أى مستوى . كل ما شغله أن يجعل من جسده معبراً لزملائه نحو النصر .
إذا تدخلت الفردية فى العمل الجماعى ، فإنها تسىء إلى الفرد ، وإلى الجماعة فى الوقت نفسه .
وحتى أكون محدداً ، فإن الظاهرة السلبية موجودة فى معظم ـ إن لم يكن كل ـ هيئاتنا الثقافية ، سواء كانت أهلية النشاط ، أم تابعة للدولة . واٍسألوا لجان المجلس الأعلى للثقافة وأقسام الجامعات واتحاد الكتاب ونادى القصة ورابطة الأدب الحديث التى يذكرنى سكرتيرها العام صديقنا الشاعر محمد على عبد العال بإمام اليمن الأسبق عندما كان يحتفظ بمفاتيح مؤسسات اليمن السعيد فى جيبه ، والقائمة طويلة !







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:37 AM   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(12) حجازي والقصيدة الخرساء

بقلم : فاروق شوشة
............................

أخيرا أطلق الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي قنبلته الأدبية المدوية لهذا الموسم‏,‏ المتمثلة في كتابه الجديد قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء الصادر ضمن مطبوعات مجلة دبي الثقافية عدد نوفمبر‏2008,‏ والشاعر الكبير يهدي كتابه إلي شعراء الأجيال القادمة علي اختلاف اجتهاداتهم ومراميهم‏,‏ بادئا بإعلان موقفه الواضح في أنه لا يعترض علي ما يكتب تحت هذا الاسم قصيدة النثر‏,‏ فالكتابة حق مكفول للجميع‏,‏ ولمن شاء أن يجرب ما شاء من صورها‏,‏ وأن يبحث عن الشعر في أي شكل‏,‏ وأن يخلط الشعر بالنثر والنثر بالشعر إذا أراد‏,‏ شريطة أن يتحلي بشيء من التواضع وسعة الصدر‏,‏ فيسلم بأن لنا حقا كحقه في أن نقرأ ما كتب‏,‏ وأن نناقشه فيه فنقبل منه ما نقبل ونرفض مانرفض‏.‏
الكتاب يضم عددا من المقالات والدراسات والمداخلات نشرها شاعرنا الكبير من قبل‏,‏ وعندما جمعها بين دفتي أدي هذا إلي اكتمال الفكرة ووضوح الموقف‏,‏ وبيان التهافت لدي من حاولوا أن يصرفوه عن رأيه المتمثل جوهريا في أن القصيدة تفقد وجودها عندما تتخلي عن الوزن أو الموسيقي الشعرية‏,‏ وأن الذين يدعون أن قصيدة النثر تقوم علي إيقاع جديد يعجزون عن شرح هذا الايقاع أو توضيح ماذا يقصد به‏,‏ الأمر الذي أدي إلي أن يكون أحد عناوين الكتاب‏:‏ قد أفسد القول وهي عبارة تكملتها‏:‏ حتي أحمد الصمم‏,‏ ثم يقول ان قصيدة النثر لم تستطع بعد مرور أكثر من قرن علي ظهورها أن تقنعنا بأنها قصيدة‏,‏ أو بأنها شعر بالمعني الاصطلاحي للكلام‏,‏ أو بأنها شعر آخر يكافئ الشعر كما نعرفه أو يساويه‏.‏
ومن أخطر ما يراه البعض أن الوزن في الشعر حلية أو قيمة شكلية تضاف إلي الكلام فتزيده جمالا في نظر بعضهم‏,‏ أو تقيده وتضغط عليه وتكبح جماحه‏,‏ وتنال من حريته وقدرته علي التعبير في نظر بعضهم الآخر‏,‏ وهي نظرة قاصرة بعيدة كل البعد عن الصواب‏,‏ فالشعر ليس مجرد معني يمكن ان يستقل بنفسه‏,‏ والمعني في الشعر لا يتحقق بدلالة الألفاظ وحدها‏,‏ بل يتحقق بدلالات الألفاظ وأصواتها في وقت واحد‏,‏ وشاعرنا الكبير يؤسفه أن يجد نفسه مضطرا إلي الدفاع عن البديهيات ومنها حاجة الشعر إلي الوزن‏,‏ في لغتنا وفي كل اللغات‏,‏ فالوظيفة الحيوية التي يؤديها الوزن في الشعر ليست في حاجة إلي بيان أو توضيح‏,‏ قصيدة النثر إذن ثمرة من ثمار الصمت الذي أصبنا به‏,‏ فنحن خرس لا نقول ولا ننشد‏,‏ ثم هو يؤكد في موضع آخر من كتابه‏:‏ الموسيقي في الشعر شرط من شروطه‏,‏ كما أن السرد في القصة شرط من شروطها‏,‏ فلا قصة بلا حكاية ولا شعر بلا موسيقي‏.‏
ولأن القضايا الأدبية ـ في رأي حجازي ـ لا تسقط بالتقادم‏,‏ فلابد من طرحها مرة بعد مرة‏,‏ وجلاء وجه الحقيقة في خضم حياة أدبية وثقافية غائمة غاصة بالأكاذيب تصعر خدها للناس وتستعلي علي الحقائق الخرساء‏,‏ بعد افتقاد هذه الحياة ـ في كثير من الحالات ـ إلي نقد جاد نزيه مسئول‏,‏ ينتشل النقد من غموضه ولا مبالاته وفوضاه‏,‏ وأنا أزيد علي هذه الصفات‏:‏ الغرضية النفعية‏,‏ والوصولية‏,‏ وادعاء الأستذة الجوفاء‏.‏
وفي صفحات من البحث العميقق‏,‏ يتصدي حجازي لتوضيح من أين جاءت فكرة الثابت والمتحول‏,‏ التي أطلقها أدونيس وتابعه فيها من تابعه‏,‏ ليثبت أن مطلقها الحقيقي هو المستعرب الفرنسي الراحل جاك بيرك عندما ميز بين البنية الثابتة والظواهر المتغيرة‏,‏ مشيرا إلي السؤال الذي طالما طرحه علي الثقافة العربية‏:‏ الأصالة والمعاصرة‏,‏ الارتباط بالينابيع الأولي دون توقف يؤدي إلي الركود‏,‏ والتدفق دون انقطاع عن هذه الينابيع يؤدي إلي الجفاف والضياع‏,‏ وهكذا أخذ بيرك يتحدث عن الثابتوالمتحول بهذا المعني‏,‏ فالثابت عنده هو القانون العام أو هو النظام الذي يقوم به البناء‏,‏ أما المتحول فهو الناتج المتحقق المرتبط بالوقت والظرف‏,‏ المعرض بالتالي للتحول والتغير‏.‏
ولعل من أطرف ما يتضمنه هذا الكتاب القنبلة تسجيله للحوار الذي دار بين الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي والناقد المفكر الكبير محمود أمين العالم حول المقصود بالإيقاع في قصيدة النثر‏,‏ حجازي يري أنها خالية من الايقاع‏,‏ ويستطيع أن يثبت ذلك باختبار مقاطعها الصوتية فلا يجد فيها تكرارا ولا انتظاما‏,‏ والعالم يقول إن فيها إيقاعا‏,‏ لكنه لا يستطيع أن يبرهن علي مايقول‏,‏ وهو موقف يشاركه فيه النقاد الذين يتحمسون لقصيدة النثر باعتبارها مستقبل الشعر العربي‏.‏
هذا الكتاب من شأنه أن يبدد الضباب ويوقظ الوعي ويدفع الآخرين الي قول الحق دون مراوغة أو التباس‏,‏ وياعزيزي حجازي ان افضل دفاع تقوم به عن الشعر الحقيقي هو صدور مجموعتك الشعرية الجديدة طلل الوقت التي طال انتظارها‏,‏ ليعرف الناس الفرق الهائل بين الشعر واللاشعر‏,‏ بين القصيدة الناطقة والقصيدة الخرساء‏.
..............................................
*الأهرام ـ في 7/12/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:38 AM   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(13) محمد جبريل.. وقضية الانتماء

بقلم: مؤمن الهبّاء
.................

إذا قصدت متعة السرد الروائي الفني فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت حبكة الإبداع القصصي وإبهاره فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت المتابعة النقدية النافذة فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت الدراسة البحثية الجادة فعليك - أيضا - بمحمد جبريل.
إنه عالم متكامل. ومؤسسة شاملة. متعددة النوافذ. من أي زاوية نظرت حصلت علي مبتغاك.. متعة وثقافة وعلم.. ومن دواعي فخرنا. نحن أسرة المساء. أن هذا الفنان المبدع خرج من بيننا. وينتمي إلي قبيلتنا.
رأيته أول مرة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي. كان عائدا لتوه من رحلة عمل طويلة في عمان.. تناقشنا كثيرا. وتشاكسنا. اختلفنا واتفقنا. وحين أراد أن يحسم الجدل أهداني روايته الثانية. المبهرة. "إمام آخر الزمان". فالتهمتها في يوم. أو بعض يوم. ومن يومها لم أفقد أبدا إيماني بموهبته. واحترامي لقلمه ودأبه وجديته.
وكلما أوغل في الكتابة وأوغلت في قراءته زاد إيماني به واحترامي له.
ولا أستطيع أن أنكر انحيازي لأدب محمد جبريل. خاصة ما يتعلق منه بتوظيف التراث مثل "إمام آخر الزمان" و"من أوراق أبي الطيب المتنبي" و"قلعة الجبل" و"رباعية بحري" و"ما ذكر من أخبار عن الحاكم بأمر الله". فهذه الأعمال تجد في نفسي هوى. ربما لأنها توقظ الماضي. وتبعث فيه الروح. فيتحول بروح الفنان إلي مستقبل. وفي ذلك وصل لحلقات أدبنا وحياتنا. ولقاء بين الأصالة والمعاصرة. وهذا - في زعمي - هو الطريق الصحيح لتطوير أدبنا. بل لتطوير حياتنا كلها.
التطوير لن يأتي من الخارج .. ولن يهبط علينا من السماء وإنما هو عملية مستمرة. متواصلة أطرافها. يرتبط فيها الماضي بالحاضر والمستقبل. ونحن نعيشها ونتفاعل فيها.
ودراسات محمد جبريل لا تنفصل عن إبداعه.. هي في الحقيقة إبداع آخر. بطعم آخر. تدهشك فيها قدرته الهائلة علي الصبر. ودقته في التحري والاستيفاء. ناهيك عن سعة الاطلاع. والاستنتاج المنطقي. تلحظ ذلك في سفره الرائع "مصر في قصص كتابها المعاصرين" و"مصر المكان" و"قراءة في شخصيات مصرية" و"مصر من يريدها بسوء".
لعلك لاحظت - مثلي - أن مصر تتردد كثيرا في كتابات جبريل. مثلما تتردد في رواياته. من خلال الإسكندرية مسقط رأسه وعشقه الدائم. وأيضا من خلال الموروث الشعبي الذي يتناثر كحبات اللؤلؤ في 18 رواية و90 قصة قصيرة قدمها للمكتبة العربية حتي الآن.
إنه متيم بهذا الوطن. مسكون ببحره ونيله وطينه. بأحيائه الشعبية وحاراته وأزقته. بجوامعه وأضرحته وموالد الأولياء والكنائس والزوايا. وليالي رمضان والتواشيح والأعياد والأسواق. بعبق البخور والمجاذيب والدجالين والشحاذين.. هو يكتب عن ذلك كله ليكشف لنا عن حقيقتنا. عن مواطن الضعف ومواطن القوة في شخصيتنا. التي عاش عمره مهموما بها.
وكم كان رائعا أن تتذكر الهيئة العامة للكتاب بإشراف د. ناصر الأنصاري كتاب "مصر في قصص كتابها المعاصرين" لمحمد جبريل لتعيد إصدار الجزء الأول منه هذا العام في سلسلة "مكتبة الأسرة" التي تحظي برعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك. فتتيحه بسعر ميسر للقاعدة العريضة من القراء الذين يتابعون هذه السلسلة. ويعتبرونها نافذتهم علي الثقافة الحقيقية والجادة.
والكتاب عبارة عن دراسة ضخمة. لكنها ممتعة. وقد نشرت لأول مرة في أواخر السبعينيات من القرن الماضي. ونال عنها محمد جبريل جائزة الدولة التشجيعية في النقد. وفيها يتناول العديد من الأعمال القصصية والروائية لرواد السرد العربي أمثال طه حسين والعقاد ويحيي حقي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف الشاروني. بالإضافة إلي رفاق دربه من كتاب الستينيات. فيرصد تناولهم للمجتمع المصري بكافة تقلباته عبر تاريخه الحديث من زاوية إبداعية بحتة. تدعمها رؤية اجتماعية وسياسية مدققة.
يقع الكتاب في مجلدين. ومجموع صفحاته 1370 صفحة. وهو بذلك ينتمي إلي الأعمال الموسوعية الخالدة. ممتدة المفعول. فقد حاول جبريل أن يقدم لنا تاريخ مصر من خلال مضامين الروايات والقصص. باعتبار أن الأدباء هم ضمير أمتهم. ونبض حركتها التاريخية في مواجهة الأحداث.
بقيت همسة للمثقف الواعي د. ناصر الأنصاري أناشده فيها بسرعة إصدار الجزء الثاني من هذه الدراسة القيمة. التي أظنها أول محاولة في تاريخنا لتأصيل علم الاجتماع الأدبي. وأول تجربة جادة لتعميق الانتماء لدي الأجيال المثقفة بالعلم والأدب. وليس بالأغاني السطحية والهتافات الزاعقة.
..............................
*المساء ـ في 15/12/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:40 AM   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(14) الغاضبون على «بوش»

بقلم: رجاء النقاش
...................

عندما يخرج الرئيس بوش من البيت الأبيض بعد سنتين من الآن فإنه لن يسمع كلمة جميلة تقال في وداعه، ولن يجد من يذكر أيامه على أنها كانت أياما طيبة، فسمعة الرئيس بوش في العالم كله أصبحت سمعة سيئة إلى أبعد حد، وهو لا يستطيع أن يزور أي بلد دون أن يكون في حماية آلاف من قوات الأمن، تحيط به وتمنع الغاضبين عليه من الوصول إليه، وهذه الحالة من الغضب على الرئيس بوش ليست محدودة بالبلدان التي تعرضت للأذى الشديد بسبب سياساته المندفعة والمتهورة مثل أفغانستان وفلسطين والعراق ولبنان والصومال، بل ان الغضب على الرئيس بوش شامل لكل العالم العربي والعالم الإسلامي، ولا أظن أن هناك عربيا واحدا أو مسلما واحدا ينظر إلى الرئيس بوش نظرة تقدير وامتنان
فمنذ أن جاء هذا الرئيس إلى البيت الأبيض في يناير سنة 2001 وأحوال العرب والمسلمين تتدهور يوما بعد يوم، وما من قضية تهم العرب والمسلمين إلا وازدادت أوضاعها سوءا بفضل تدخلات الرئيس بوش، فالفلسطينيون يعيشون أسوأ أيامهم في عهد بوش، لأن بوش تحالف تحالفا نهائيا مع شارون وخلفاء شارون، ووقف حاميا ومساندا لهؤلاء الزعماء الإسرائيليين الذين لا يؤمنون بالسلام ولا يريدونه، كما أنهم يواصلون العمل كل يوم على قتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وزرع بذور الفتنة والصراع بين فصائلهم المختلفة، والمطلوب هو القضاء على من بقي من شعب فلسطين في الضفة وغزة لكي تخلو فلسطين كلها للمتشددين الإسرائيليين، ولكي تقوم إسرائيل الكبرى التي هم بها يحلمون، وعندما جاء الرئيس بوش إلى السلطة قال انه يؤيد قيام دولة فلسطينية قابلة للاستقرار والاستمرار، وانه يرى أن هذه الدولة يمكن أن تولد سنة 2005، ونحن الآن في سنة 2007 ولا أثر للدولة الفلسطينية الموعودة، وقد قامت إسرائيل بجرائم بشعة ضد الفلسطينيين من بينها قتل زعمائهم وفي مقدمتهم ياسر عرفات وأحمد ياسين والرنتيسي وأبو علي مصطفى وغيرهم، ومن لم يتعرض للقتل منهم فهو في السجن، ثم أخذت اسرائيل تردد الأكذوبة التي تقول انه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض معه، وأميركا بقيادة بوش لا تنطق إلا بما تقول به إسرائيل، ثم يقف الرئيس بوش سدا منيعا عند معاقبة اسرائيل ولو معنويا على جرائمها في حق شعب فلسطين، ولذلك فلا يوجد فلسطيني واحد يتعاطف مع بوش أو ينتظر على يديه أي خير، باستثناء نفر قليل ممن لهم مصلحة في التحالف مع الرئيس بوش وإظهار الطاعة التامة له
هذا الغضب على بوش يمتد إلى مناطق كثيرة أخرى في العالم العربي والإسلامي من السودان إلى أفغانستان إلى العراق إلى الصومال إلى لبنان، والكل يلعن الأيام التي جعلت من الرئيس بوش صاحب الكلمة العليا في أكبر وأغنى وأقوى دولة في العالم، لأن هذا الرئيس قد نشر الفوضى والدمار في كثير من بلدان العالم، ولأنه جريء في الباطل وهو مندفع ومتهور ومحب للحرب وإسالة الدماء
علما بأن الغاضبين على بوش ليسوا من العرب والمسلمين فقط، بل ان الرأي العام الأوروبي في معظمه ثائر عليه ورافض لسياساته، وقد امتد هذا الغضب إلى أميركا نفسها، فالاعتراض على بوش أصبح مادة يومية في الصحافة وأجهزة الإعلام الأميركية، وفي آخر استطلاع للرأي أعلن 61% من الأميركيين رفضهم لسياسة بوش، فأي رئيس هذا الذي يكرهه أهله ويكرهه العالم كله؟!
.................................................
الوطن القطرية 15 / 1 / 2007م.



هامش:
...........
هذا ما كان الكاتب الكبير رجاء النقاش قد كتبه عن الرئيس الأمريكي الذي تنتهي صلاحيته يوم 20 يناير 2009.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:41 AM   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(15) أقباط ضد الأقباط

بقلم: رجاء النقاش
...................

هناك دخان كثيف ينبئ، بل ينذر بأن فتنة طائفية ثالثة يمكن أن تشتعل في مصر هذه الأيام، وعندما نسمع كلمة «الفتنة الطائفية» فإن ذلك يعني كما يعرف الجميع خلافا حادا عنيفا بين الأقباط والمسلمين، ولا شك أن مثل هذا الخلاف يمس أمن مصر داخليا وخارجيا بصورة قوية، كما أن هذا الخلاف يهز الاستقرار الذي يحتاج إليه أي بلد لإدارة أموره ومواجهة مشاكله التي تتراكم فوق بعضها البعض يوما بعد يوم، ومن الطبيعي أن يسعى الذين لا يريدون استقرارا لأي بلد عربي في الوقت الحاضر وهم كثيرون وعندهم القدرة على تنفيذ ما لديهم من خطط شريرة، هؤلاء جميعا يسعون إلى استغلال كل الفرص المتاحة لتمزيق البلدان العربية من الداخل، والفتنة الطائفية في مصر من بين هذه الفرص.
والآن هناك فرصة لإشعال نيران هذه الفتنة الخطيرة، والتي أسميها بالفتنة الثالثة، بعد الفتنة التي حدثت سنة 1910، والفتنة الثانية التي حدثت في السبعينيات أيام السادات، وهي الفتنة التي أسميها باسم «الفتنة الساداتية»، لأن السادات كان السبب في اشتعالها، أما الفتنة الثالثة فهي فتنة «أقباط المهجر» الذين يتجمعون في الولايات المتحدة، فما هي قصة هذه الفتنة الجديدة؟ كيف نشأت ولماذا تتحرك الآن؟
في السبعينيات من القرن الماضي، وبعد حرب أكتوبر 1973، بدأت الأزمات الاقتصادية الحادة تلاحق الناس في مصر، كما أن الفتنة الطائفية بين الأقباط والمسلمين بدأت تظهر بصورة عنيفة جدا في شتى أنحاء مصر من أسوان إلى الإسكندرية، وسقط في هذه الفتنة قتلى كما تم إحراق عدد من المساجد والكنائس، وأوشكت حرب أهلية كبيرة أن تشتعل في مصر وأن تحرق كل شيء أمامها، وفي هذا المناخ المسموم من الضائقة الاقتصادية والفتنة الطائفية بدأ كثيرون من أقباط مصر يفكرون في الهجرة من مصر، وتم بالفعل هجرة عدد كبير منهم إلى كندا وأميركا، ولم يخرج الأقباط من بلادهم راضين، بل خرجوا وهم يشعرون أن حقوقهم كانت ضائعة في مصر التي يعيشون فيها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، ولذلك كانت هذه الهجرة القبطية فيها مرارة، وبقيت هذه المرارة في نفوس الذين أصبحوا يحملون اسم «أقباط المهجر» إلى اليوم، أي بعد أكثر من ثلاثين سنة من الهجرة الكبرى للأقباط في عهد السادات وفي سبعينيات القرن الماضي، ودراسة هذه المرارة ومدى ما فيها من صواب أو خطأ ليست موضوع حديثنا، ولكن الموضوع هو ما يقوم به أقباط المهجر من تحريض ضد مصر، ودعوة غير مقبولة من المخلصين الوطنيين أقباطا ومسلمين إلى مقاطعة مصر اقتصاديا والتضييق عليها بأكثر مما هي فيه من ضيق شديد، كل هذا في الوقت الذي تقوم فيه الأقليات المتجمعة في أميركا مثل الأقلية اليهودية بالدفاع عن مصالحها، وتكوين أدوات ضغط قوية لتوجيه السياسة الأميركية توجيها يتناسب مع أهداف هذه الأقليات، مما يخدم البلدان الأصلية لها، في هذا الوقت نجد أقباط المهجر يعملون ضد بلادهم ويحرضون على إلحاق الأذى بها.
على أن أقباط المهجر هؤلاء وهم يستعدون لتنظيم مؤتمرهم السنوي في «شيكاغو» قبل نهاية هذا العام قد وجدوا من يتصدى لهم بشجاعة، ويقف في وجههم بقوة ومنطق وطني أصيل، وذلك حينما غضب عدد من الأقباط المصريين الذين يعيشون ويشاركون في الحياة العامة ويعرفون بوضوح خطورة السموم التي يطلقها مؤتمر أقباط المهجر في مؤتمراتهم السنوية، هؤلاء الأقباط الوطنيون من أهل مصر والذين لم يهاجروا بل أقاموا فوق أرض وطنهم ثابتين، دعوا إلى مظاهرة سلمية كبرى ضد مؤتمر أقباط المهجر، وقال المتحدث باسم هذه المظاهرة جمال أسعد، وهو من المفكرين الأقباط المعروفين «إن إقباط مصر مختلفون مع أقباط المهجر، وهؤلاء الأقباط المهاجرون لا تعنيهم مشاكل الأقباط الحقيقية في مصر، وإنما هم يقومون بالترويج للسياسة الأميركية التي تسعى إلى إعادة تخطيط المنطقة عن طريق إثارة الفتن والتوسع الكبير في استخدام الورقة الطائفية، ولذلك فإننا نحن الأقباط المصريين نسعى من وراء هذه المظاهرة التي سوف نقوم بها إلى أن نلفت نظر العالم كله إلى أننا نستطيع أن نعبر عن مشاكلنا كلها في داخل بلادنا دون أن يمنعنا أحد من ذلك».
وهكذا فإن أقباط مصر الوطنيين يقفون لأقباط المهجر ويصنعون بذلك سدا منيعا ضد فتنة طائفية جديدة في مصر.
.......................................
عن صحيفة الوطن القطرية ـ في 25/10/2007م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:42 AM   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة

(16) سعد الدين وهبة صاحب سكة السلامة

بقلم: علي محمد الغريب
......................

مؤلف مسرحي متميز وسيناريست قدم للمسرح والسينما عشرات النصوص.
من مواليد 4/2/1925 في قرية دميرة مركز طلخا محافظة الدقهلية وتخرج في كلية الشرطة عام 1949 ، وعمل ضابطاً بالشرطة، ثم تخرج في كلية الآداب قسم فلسفة عام 1956 من جامعة الإسكندرية.
الوظائف والمناصب التي تقلدها:
عمل بالصحافة من عام 1954 حتى عام 1964، وشغل منصب مدير تحرير جريدة الجمهورية من عام 1958 وحتى عام 1964، وعمل كاتباً غير متفرغ بالأهرام منذ عام 1992.
عمل في وزارة الثقافة من عام 1964 وحتى عام 1980، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي، ورئيس مجلس إدارة دار الكتب العربي للطباعة والنشر، ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون، ووكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية، ووكيل أول وزارة الثقافة الجماهيرية، وسكرتير المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ووكيل أول وزارة الثقافة، ونائبا للوزير من عام 1975 وحتى عام 1980، ورئيس مجلس إدارة صندوق رعاية الأدباء والفنانين.
اُنتخب نقيباً للسينمائيين عام 1979، ثم رئيساً لاتحاد النقابات الفنية، ثم اُنتخب رئيساً لاتحاد كتاب مصر عام 1997، كما اُنتخب عضواً لمجلس الشعب.
اُختير رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1985، ورئيساً لمهرجان القاهرة لسينما الأطفال 1990، ورئيساً للاتحاد العام للفنانين العرب.
قام بكتابة السيناريو والحوار والتأليف لعدد من الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية منها:
زقاق المدق ـ أدهم الشرقاوي ـ الحرام ـ مراتي مدير عام ـ الزوجة رقم 13 ـ أرض النفاق ـ أبي فوق الشجرة ـ أريد حلاً ـ آه يا بلد.
كما قدم للمسرح عدة مسرحيات من أهمها:
المحروسة ـ السبنسة ـ كوبري الناموس ـ سكة السلامة ـ يا سلام سلم وغيرها
الأوسمة التي حصل عليها:
حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة عام 1965، و وسام الشرف الفرنسي من درجة ضابط عام 1976، و وسام سيمون بوليفار من حكومة فنزويلا عام 1979، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1985، وجائزة الدولة التقديرية عام 1987، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1988، ووسام الفنون والآداب بدرجة قائد من الحكومة الفرنسية، ووسام الاستحقاق من تونس عام 1991.
توفي في الحادي عشر من نوفمبر 1997.
....................
*عن موقع: مسرح أون لاين ـ 27/01/2008م.







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غيمة خضراء @ الزهراء عبد ربه محمد اسليم منتـدى الشعـر المنثور 0 29-09-2007 06:48 PM
أوراق مبعثرة..... ريمه الخاني منتدى القصة القصيرة 3 10-05-2007 03:42 PM
الجزء الثاني / ورقات على هامش مؤلف" أوراق " عبدالله العروي محمد المهدي السقال منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 0 21-04-2007 12:54 AM
ورقات على هامش مؤلف" أوراق " عبدالله العروي محمد المهدي السقال منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 0 18-04-2007 04:27 PM
أوراق تشكيلية وحكايتي مع اللوحة ؟؟ ومحمد بدر حمدان ؟؟واللوحة القصيدة ؟ عبود سلمان منتدى الفنون والتصميم والتصوير الفوتوجرافي 1 30-09-2006 05:47 AM

الساعة الآن 07:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط