من خيرة النّاس إلى أعرّهم
**********************
الزّواج قبل أن يكون عملية لها علاقة بالتناسل والتّكاثر ومساهمة في بناء الأسر والعوائل،هو ثقافة و التزام وواجب اجتماعي وأخلاقي . وقد أعطاه الشّارع بعدًا روحيّا وفي الآية ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) . ورغّب فيه رسولنا الكريم – عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم – ففي حديث ابن مسعود في الصحيحين قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) والبَاءَةَ هنا قد تعني ربما القدرة على الجِماع كما ورد في بعض التفاسير .كما أعترف الاسلام بقوامة الرّجل على المرأة وفي الآية ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) ، وبتعدّد الزّوجات (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) . لكن تتبنّى العلمانية المعاصرة ، أنواع الفواحش و الزّنا في ثقافتهم الرّسميّة ، وترخّص بها ، وتمنع في المقابل تعدّد الزّوجات. وبذلك يكون العلمانيون قد أسهموا في نشر العديد من الأمراض ، النّفسية الاجتماعية والأخلاقية وحتى العضوية ، التي مصدرها علاقات غير شرعيّة.ومثله عند الشّيعة الذين يقرّون بزواج المتعة .
والزّواج ، أساسه التّعارف ، وغايته وغرضه التّقارب ، وادماج الفرد في الحياة الاجتماعية ليصبح " من جملة النّاس " كما يقول المثل . ومسئولية قانوية وأخلاقية ، يتعدّى مفهوم الإنجاب إلى الذُّرّيَّة الصّالحة ، التي إذا نجحنا في تربيتها ، أعددنا جيلاً طيّب الأعراق . لكن الأمر لا يبدو كذلك من وجهة نظر بعض الأفراد ، وفي المجتمعات التي تهتمّ " بغشاء البكارة " أكثر من اهتمامها بتربية النشء وتحسينه خلقيا وفكريّا ؛الزّواج بالنسبة لبعض " الأمّيّين " الجهلة ، تعبير عن القدرة الجنسيّة لا أقل ولا أكثر. والأمّيُّ هنا ليس بالضّرورة من لا يعرف القراءة ولا الكتابة .بعد مضيّ العمر ، يلتفت بعض الأزواج الفاشلين وراءهم ، ليدركوا معنى العبث والأضرار الجسيمة التي تسبّبوا فيها ، والعزوبة خير من الزّواج الفاشل في معظم الأحيان. ولو كان بيدي لوضعت شروطًا كبيرة ؛ ( نفسيّة ، وأخلاقية ، وحتّى جسديّة )تفاديًا لما قد ينجم من مشاكل يدفع ثمنها الأطفال الأبرياء في أغلب الأوقات . وخير النّاس الأعزب ‘ وإذا تزوّج صار من جملتهم ، فإذا ما طلّق زوجته ، نظر إليه المجتمع نظرة ازدراء ، ويتهكّم – بعض الجزائريين طبعًا - على حاله :
" كان من خيرة النّاس ، وأصبح من جملتهم ، حتّى صار أعرّهم بعد كل ذلك "