الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-11-2018, 09:38 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فوزي الديماسي
أقلامي
 
إحصائية العضو







فوزي الديماسي غير متصل


افتراضي شعرية الوجع وأنين الحقائب في رواية " ذاكرة الحقائب " لرشيدة الأنصاري الزاكي



شعرية الوجع وأنين الحقائب في رواية " ذاكرة الحقائب " لرشيدة الأنصاري الزاكي
بقلم : فوزي الديماسي / تونس
بين الطائرة والحافلة ، وحديث الظلمة ، وتنفّس الفجر ... و بين التّحليق والأبوّة الواهمة ، وفقدان العذرية والذاكرة ، يعيش النصّ لحظات جلد ذاتي ، يكشف فيها آلام حقائبه اللاّئذة بالذاكرة حقيبة ، حقيبة ، ويكشف عن وجوه الخيبات المتعدّدة في مسيرة إنسان كتب عليه الشقاء مذ أطلق صيحته الأولى في هذا الوجود المحكوم بالصباحات الموبوءة .
ينطلق النص بفضاء مفتوح ، وجناحين من أمل محلّقة نحو الضفّة الأخرى ، فيوهمك المتن للوهلة الأولى بدخول العالم من باب الصّباح ، وسرعان ما يتلبّس النصّ بالمناطق المظلمة ، ونتوءات الذاكرة الجريحة ، فيرتدّ الحكي صدى لأوجاع قابعة في قيعان الحقائب / حقائب الذات المكلومة ، ويقطع السرد مع حديث الطائرة ، والطيران ، والحلم المرفرف في سماء الأمنيات ، والتّحليق ، ليتقهقر نحو مساحات مشحونة بالعبرات ، والعذابات ، وينحدر إلى أسفل دركات الوجع ، والخسران المبين ، وتغلق خقيبة فجرية الخطوات لتحتلّ مكانها حقائب أخرى مشحونة بالأشجان مختلفة ألوانها ، وأحجام آلامها .
وبين حقائب السفر، وسفر الحقائب تنطلق رحلة الآهات المكبوتة ، وصرخة عليلة تمخر عباب بحر الأحزان والنصّ في الآن نفسه ...وبين الزمنين : الذاتي والمرجع ( النصّي ) ، والمكانين : الفيزيائيّ و الذاتيّ ، يراوح الراوي مكانه ومواطن تدخّله ، وينوّع من زوايا رؤيته ، لنرى به ، ومعه الوجع واضح الهزائم لا غبار عليه ، وليرحل بنا في الآن نفسه في مناكب الغربة ، والشقاء ، والكلمات ، أفلسيت الحقائب صنو الرحلة والرحيل ورديفها لنقف بعد ذلك على لحظات سردية تكشف قبح الحياة ، وحياة القبح بكلّ ما تحمله الكلمات من أشجان ، وبشاعة ، ومعاناة ... إنّها حياة مشوّهة الملامح ، ورحيل في بحور الأوحاع ، أوجاع التراث المنهوك حدّ الةخز ، تراث ترسمه ريشة طفلة / ضحيّة بشعريّة عالية في مواطن نصيّة عديدة ، وتلعب زاويا النظر للراوي على خشبة الحياة التخييلية دورا رئيسا في النّفخ في تفجّع النصّ وأنينه السرديّ المفضوح ، إذ من خلال ثقبين ( زاويتين ) يترصد الرواي صاحبته في النصّ على امتداد الرحلة على بساط رؤية مصاحبة ، وأخرى من خلف ، أمّا صورة الراوي العليم ، والناظر لعوالمه الحبريّة من فوق ، فلا وجود له في ثنايا الكتاب إلاّ في مناسبتين ، وكأنّه يؤكّك من خلال غياب زاوية رؤيته من فوق مدى تلبّس النصّ زمنيّا بالماضي ، والآن وهنا فقط ، من خلال صوت الحكي ، أمّا المستقبل كزمن يتحرّك في مسرح الأحداث ، ففي حكم الغيب .
والنصّ في الرواية متلبّس بشعرية شفيفة ، تنقل بكثيف الكلمات أحيانا ، وبدقيق الوصف أحيانا أخرى قتامة المشهد ، وبؤس الوجود ، كذاك المشهد الذي وقفت فيه براءة الطفولة في مهبّ ريح الذئبويّة ، وتحوّلت الفتاة في بيت الراحة في محطّة الحافلات من أرض الأسئلة النقيّة ، إلى عالم مسكون بالخوف ، والعواء ، والأسئلة القاحلة في أرض أبوّة مسّها سمّ الغياب ، لتترك وراء ظهرها بنتا على رصيف الذكريات الشريدة تعانق الفقد وذهاب ريح الهوية في زمن احترف فيه مجتمع منبتّ حيوانية الطرح في دوائر مغلقة متعفّنة ، يأكل فيها الأخ لحم أخيه حيّا ، ومّيّتا .
وتتعدّد الصور في هذا الباب ، وتتنوّع ، وتمتدّ الأوجاع في المتن ، وتنقل بلغة شوكيّة الخطوات مشاهد من حياة تعدّدت مصادرها وأسماء ساكنيها ( مصطفى المزابي ، التهامي ، مّي فاطنة ، سعدية ، سعيدة ، زينب ، أحمد ) ، والهمّ واحد ...
مجتمع من رحم التعفّن والعفونة بعث جلّه ، يعيش في هيستيريا بحث محموم عن منابته وأصوله التي يطلبها ولا يدركها ... مجتمع ، أو بعضه بلا ملامح ، بلا منابع ، يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق / أسواق النخاسة ، بلا بوصلة ، بلا وجه يتحدّث به وعنه ، ويفضّله على بقيّة الخلق تفضيلا ، كسعيدة ، ولا صلة لها بالسعد والسعادة ، وزينب الطفلة الضحيّة في مهبّ صروف الدهر وشقوته ، تدور حياتهم دورانا لا ثمار تتبعه كما النصّ دائري الهوى ، تتعدّد الدوائر فيه ، وعلى سطحه ، وعلى اختلاف أحجامها تتنافر ، تتقاطع ، تتواشج ، تتواءم ، وحقائب تنسل من أخرى لتبني عالما من السرد ينهل من حقائب الذكريات ما يحثّ به الأحداث للسير نحو كهوف الروّح ... وتتشابك الحقائب وأسرارها ، ويفتح بعضها على بعضها ، لتقيم من بعد ذلك في أرض غريبة الملامح والمناخ كغربة شفيف الكلم المنثور في دنيا القصّ ، وتبقى حمّالة الحقائب بلا اسم ، ولا رسم ، ووجها كسائر الوجوه المتعبة في الضباب ، بلا هوّية ، إذ كلّ الشخوص تحمل في دنيا النصّ أسماء وملامح تدلّ عليها ، إلاّ هي ، لا اسم يؤدّي إليها ، وكأنّها في العالمين رمز الشقاء ، تتحدّث عن الإنسان وبه في كلّ أصقاع الخذلان ، بعيدا عن لغة الحدود وجوازات السفر ، وتحمل بين أحشائها صيحته وصداها حيثما كان ... لعبة الوجه والقفا لعبة الحقائب / الوجوه في النصّ ، وفي مساحات الإنسان / الوجع ... وجه يتحرّك في الآفاق دون تنصيص ، أو تسييج ، أو تحديد ، أو تخصيص ، فربّما هي " سعيدة " النصّ ، أو" زينب " الحكاية ، أو كلاهما معا ، وربّما هي أنت وأنا في منعطف من منعطفات محنتنا الذاتية والموضوعيّة . هي قلق المتن في دنيا الرواية ، تقتفي آثار الضّباب على درب غير قاصد ، ولكن يكفيها ، أو هكذا أرادت أن تعرف " بسي الحسين / الأب " وبأحمد / الحبيب ، وبين الحسن والحمد ( الطفولة / النضج ) تتقلّب قاحلة الملامح على سرير الحيرة في عالم يراوح فيه مكانه بين بطركية محبّبة ، وذكورية قذرة ، كما دميتها ، عاشت بعض زمنها ، قلبها مع أبيها المتدثّر بالموت ، ودميتها في رفوف حبيبها الحاضر الغائب . وتتواتر الفصول منفصلة ، متّصلة ترسم بحرف قدّ من عالم الأحزان ، وبشعريّة عالية آلام الخلق بريشة حبريّة صقيلة البوح والنجوى في آن ، غير معنية بخطيّة الزمن السرديّ ، فزمنها مسكون بالفجيعة ، على مذهب الفنون التشكيلية ودينها ، ترسم على امتداد فضائها السرديّ " بورتريهات / حقائب " للخلق المتحرّك في عوالمها الجوانيّة والبرّانيّة ، والنصّ على لسان راويه ، نصّ عنيد طويل ، كما لياليه الشقيّّة / الشبقيّة في دنيا الخلق ، أطرافه في عوالم الأشجان ممتدّة ، عصيّ ، بهيّ ، مغناج ، شبقيّ ، يبعث في النفس شهوة الجسد وملاعبته ، ويسمعك في منعطفات الحكي أنيه ، وأنّاته ، فتتمزّق المشاعر بين الدعة ، والنصب ، والقرف..
نصّ حقائبه شتّى ، ووجعه واحد ، كوجع سعيدة التي مشت في رحلة المتاعب سنوات من الدموع ، والحيرة ، والسقوط ، والحلم المثقوب ، أو كوجع زينب التي يتربّص بها الزمن ومحنه الدوائر ، فتكون دمية أخرى تقذفها أمواج القدر المتلاطة على شطآن جليدية العواطف في محطّة حافلات ، أو في دار محنة وابتلاء ، فيكون مصيرها مصيرسعيدة / ظلّها ( بنت سي الحسين / حبيبة أحمد الحاضر بالغياب ) تلك الشخصية المندثرة الملامح كأطلال ذهبت ريحها ، وغادرتها نار القرى وأهازيج أيامها ... لقد فقدت أملها ولم تدركه ، فهاهي تبعث من رماد أملها في أمل غيرها ( الطفلة زينب ) لتعيد رحلة السرد كما تشتهي ريح سفنها المتعبة






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط