الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول

منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول هنا نتحاور في مجالات الأدب ونستضيف مقالاتكم الأدبية، كما نعاود معكم غرس أزاهير الأدباء على اختلاف نتاجهم و عصورهم و أعراقهم .

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-12-2007, 05:38 PM   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(23) (القسم الثاني)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في السعودية
*سافرت في مستهل عام 1974م لزيارة والدي الذي كان يعمل أستاذاً بكلية الشريعة بالرياض في السعودية، ثم التحقت بالعمل مهندساً في شركة الكهربا، وقضيت هناك عشرة أعوام لم أغادر فيها السعودية إلا في أول زيارة لمصر بعد ثمانية أعوام كاملة حتمت استمرارها ظروف العمل بالتبادل مع ظروف جواز سفري المنتهي.
والتحقت أثناء وجودي هناك بكلية أصول الدين المنشأة حديثا، وتخرجت في الدفعة الأولى من أبنائها عام 1398هـ (1978م).
وقد كانت فترة السعودية مليئة بالانفعالات المتباينة، ولا يسعني في الحديث عنها إلا أن أحيلك إلى هذه المجموعة التي كتبت كل قصائدها فيها وفي مدينة الرياض على التحديد، وهي مجموعة "دمع في رمال".
*قرَّرت العودة إلى مصر، واستقال أبي من عمله بالسعودية وسبقني إلى مصر، ولكن سبقني إلى لقائه الموتُ، فتوفى ـ يرحمه الله ـ بمصر قبل عودتي إليها بأسبوعين، وتلقيت نبأ وفاته ـ مصادفةً ـ في زيارة لي إلى المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
*وعدتُ إلى مصر، واخترتُ الإقامة بمدينة المنصورة التي نشأت فيها، وتألَّفتُها، كما اخترتُ العمل الحر فراراً من كل قيود الوظائف.
تجربة عاثرة
*تزوّجت بطريقة مغرقة في التقليدية، وأنجبت ابنتي "مريم"، ولم نستطع ـ أنا وأمها ـ أن نًصبح كياناً واحداً، وانفصلنا، وكانت حضانة مريم بالطبع لأمها، وعادت معها إلى مصر.
*وتزوَّجتُ للمرة الثانية، وهذه زوجتي تُحتِّم عليَّ أن أذكر أنني سعيد بها ومعها، وقد أكون، ورزقني اللهُ منها محمداً وهو الآن في منتصف الحاديةَ عشرةَ من عمره، ويوسف وهو في التاسعة من عمره، أسأل الله أن يُبارك فيهما وفي أختهما مريم، وهي الآن طالبة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة.

هذه هي أهم العلامات التي قد تكون شكّلت عالم الغربة الذي أخرج قصائدي.
أشخاص في شعري
*أما الأشخاص الذين سألت عنهم والذين وردت أسماؤهم في المجموعة المذكورة فهم: أمي أطال الله عمرها، التي أهديت المجموعة إليها، وأبي أجزل الله له المثوبة، الذي قاسمني عنوان قصيدتي "غريبان"، ثم أربعة أسماء لأعلام آخرين:
*أما أبواي فعنهما ورثت الإحساس بالجمال، أمي بفطرتها تستقبل بتذوّق راق ملامح الجمال الظاهر فتطرب للحن العذب وتفرح للألوان المتناسقة، وتتأثر بسحر الطبيعة، وأبي ـ كان ـ بدراسته الدينية وتخصصه في تفسير القرآن الكريم يستغرق في الإحساس بالجمال غير الظاهر من المعنى الدقيق أو العميق والموسيقى الداخلية، والتأمل في جواهر الناس والأشياء والنظر في آيات الله، وبالمناسبة أذكر لك أنه كان حريصاً على تحفيظي كتاب الله تعالى، فلما لم أستجب له في طفولتي ألحَّ عليَّ في فترة صحبتي لـه بالسعودية أن أُداوم القراءة فيه إلى أن اعتدت ذلك وتعلقت به، وازدادت وجبتي اليومية منه حتى أوشكت أن تصل بي إلى درجة الحفظ الكامل، وقد لاحظت نتيجة لهذا التعلق ومدداُ من هذا الزاد تغيراً واضحاً وتقدما واسعاً في لغة قصائدي وعالم شعري ـ نفعنا الله ورفعنا بالقرآن العظيم.
*وأما الشاعر المُبدع الأستاذ الربيع الغزالي الذي أهديته قصيدتي "إلى صديقي الربيع بمصر"، فقد كان أقرب صديق إلى نفسي من مجموعة شعراء ينتسبون سنا إلى الجيل السابق لجيلي، تعرّفت بهم في الستينيات في منتديات القاهرة، منهم الأستاذ محمود جبر شاعر آل البيت، والأستاذ الشاعر قاسم مظهر، والأستاذ الشاعر عبد الله شمس الدين، والشاعر الساخر الأستاذ عبد السلام شهاب … وغيرهم، ومع أنني تعرّفت على شعراء أكثر شهرة من هؤلاء في هذه الفترة مثل الأستاذ الشاعر صالح جودت والأستاذ الشاعر محمود حسن إسماعيل إلا أنني أذكر هؤلاء لأن علاقتي بهم كانت متصلة وشبه دائمة في عديد من الندوات والمحافل، ويظن البعض أن هناك قرابة بين الأستاذ الربيع الغزالي وبيني، ولكنه محض تشابه أسماء لا تُنقص الإشارة إليه شيئا مما جمعنا من مودّة وصداقة.
ندوة الرفاعي بالرياض
*وأما الأديب السعودي الكبير الشيخ عبد العزيز الرفاعي فقد عرّفني به وقدّمني إلى ندوته الصديق الكريم القديم الدكتور النعمان القاضي، وكان أستاذاً للأدب بجامعة الرياض، واستمررت في حضور شبه دائم إلى ندوته العامرة التي كان يقيمها في داره مساء كل خميس، وكان مثالا للخلق الكريم والسماحة والحفاوة بالأدباء، وكانت ندوته هي روضتي الحقيقية في مدينة الرياض، وقد علمت أن الدكتور عائض الردّادي ـ مدير الإذاعة السعودية السابق ـ قد أصدر كتاباً عن هذه الندوة ورد ذكري في شيء منه، ولكني لم أحصل بعد على نسخة منه، وقد التقيت في هذه الندوة بعديد من كبار الأدباء والشعراء والمثقفين في العالم العربي والإسلامي الذين لا يمكنني حصر أسمائهم، ولي بكثير ممن صادفتهم وصادقتهم عن طريق هذه الندوة علاقات ود متصلة حتى اليوم، أبرزها وأقربها إلى قلبي صداقتي مع الدكتور الشاعر أحمد البراء، ابن الشاعر الكبير عمر بهاء الدين الأميري يرحمه الله.
يوسف السباعي
*وأما الأديب والروائي الكبير الأستاذ يوسف السباعي الذي أهديت روحه قصيدة "اغتيال عصفور" فقد كان ممن قرأت لهم كثيراً من أعمالهم، وكانت في غير قليل منها تتعرض لمسألة الموت، مثل "السقا مات" و"نائب عزرائيل" وغير ذلك، وأعجبت به، وحدث أن التقيت به بناءً على طلب كريم منه حينما سمع ببعض قصائدي في الجامعة، ووجدت منه من التواضع والكرم والألفة والتشجيع ما جعلني أُصدم للطريقة التي مات بها في حادثة الاغتيال الشهيرة، وقد أدهشني في حدث موته ما تذكرت أنني قرأته له في أحد كتبه حين تمنى أن يموت فجأة ـ رحمه الله ـ.
حاكم نادر كم أحببته
*أما الاسم الرابع الذي ورد في مجموعتي فهو اسم الملك الشهيد فيصل ـ يرحمه الله ـ وذلك في مرثية كتبتها له من مقاعد الجمهور إحساسا بفقد حاكم نادر كم أحببته!







 
رد مع اقتباس
قديم 31-08-2008, 11:16 PM   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(24) حوار صحيفة «المساء» مع د. حسين علي محمد
.................................................. ........

د.حسين علي محمد
*الأدب الإسلامي تعبير فني جميل.. يعاني عبث الأدعياء
*تتجدد متعتي عند قراءة "أيام" طه حسين
*الرواية- وليست القصة- هي الكتابة الحقيقية لنجيب محفوظ
*الأدباء الجدد تجاوزوا يوسف إدريس في القصة القصيرة.
*أبعدني عن عبد الصبور صياغته الباردة وتمسحه بالفلسفة

حاورته: د. زينب العسال
............................

حين عاد د. حسين علي محمد إلى القاهرة للاستقرار في مصر كان ينهي مرحلة طويلة من مشواره العلمي والإبداعي ويتطلع إلي تكملة المشوار بإسهامات جديدة يضيف بها إلي إسهاماته السابقة والتي بلغت أكثر من خمسين كتاباً ما بين الشعر والمسرحية الشعرية والمجموعة القصصية والدراسة الأدبية فضلاً عن إشرافه على عشرات الرسائل للماجستير والدكتوراه ومناقشته للكثير من الرسائل وتقديم المواهب الإبداعية الجديدة.
عن الأدب الإسلامي
* قلنا: كنت أحد المشرفين علي مجلة "الأدب الإسلامي".. هل تعتقد أن الأدب الإسلامي أثري الساحة الثقافية علي مستوي الرواية والشعر والقصة والمسرح خصوصاً أن خصومه يتهمونه بالافتقار إلي الإبداع الحقيقي؟
** قال: الأدب الإسلامي تعبير فني جميل ملتزم بفنية الفن الذي ينطلق من خلاله قصة أو رواية أو مسرحية أو قصيدة معبراً عن رؤية إسلامية للكون باعثاً للمتعة والمنفعة محفزاً للوجدان والفكر ويعني التعبير الفني الجميل استيفاء عناصر العمل الأدبي أيا كان هذا العمل والتقصير في استيفاء عناصر هذا العمل الأدبي يخرج العمل من باب جعله إسلامياً كان أو غير إسلامي لذا فإن أعمال الادعياء والدخلاء والمبتدئين لا تدخل دائرة الأدب وتظل بمنأي عنه حتي لو تدثرت بدثار الإسلام.. وهذه نقطة يجب التركيز عليها ويجب ان تكون واضحة ضد من يتصدون لمناقشة مصطلح الأدب الإسلامي وقد أثرت ابداعات الإسلاميين الساحة الأدبية وإذا أردت أن تبحث عن الشعر الإسلامي الحقيقي فستجد نماذج راقية لمحمد علي الرباوي ومحمد بنعمارة ومحمد التهامي ويس الفيل ومحمد سعد بيومي وعبدالله السيد شرف وصابر عبدالدايم وبدر بدير وأحمد فضل شبلول وأحمد محمود مبارك وفوزي خضر وغيرهم.. وفي المسرحية الإسلامية ستجد ابداعات علي أحمد باكثير، ونجيب الكيلاني وبعض مسرحيات عدنان مردم بك ومسرحية ليوسف القرضاوي ومسرحيات علي محمد الغريب ومحمد علي البدوي وفي الرواية والقصة القصيرة ستجد ابداعات علي أحمد باكثير ونجيب الكيلاني وحلمي القاعود وعماد الدين خليل وعبدالله العريني وغيرهم.
مستقبل العامية
* قلنا: بدأت شاعراً للعامية فما مكانة شعر العامية في حياتنا الثقافية وما مستقبله؟
** قال: ليست اللهجة العامية لهجة منحطة أو خشنة أو غليظة.. انها لهجة تعبير رائعة.
ولعلي أعتز شخصياً بأن أول ما صدر لي من دواوين اسمه "عشان مهر الصبية" وإذا كنت قد اتجهت بعد ذلك إلي قصيدة الفصحي فلا يعني هذا أني عاديت قصيدة العامية انها لون شعري جميل وقد احتل مكانة متفوقة بين شعرنا المعاصر وطالعنا من خلاله إبداعات مجموعة من الشعراء المتميزين من أمثال فؤاد حداد وصلاح جاهين وسيد حجاب، وزكي عمر، ومحمد النبوي سلامة، والسيد الجنيدي، وسمير الفيل، وفؤاد قاعود، وسمير عبدالباقي، وإبراهيم رضوان ... وعشرات غيرهم، وقبل ذلك ما غنته من الزجل أم كلثوم لبيرم التونسي، وأحمد رامي، وعبدالفتاح مصطفى، وحسين السيد، ومرسي جميل عزيز، وعبد الوهاب محمد، وما كتبه الأبنودي ومجدي نجيب من أغنيات رقيقة لعبد الحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد سمت بالذوق المصري ورقت بالعامية وأبعدتها عن أن تكون لهجة جافة أو غليظة والتراث المصري في المسرح والسينما تسعة أعشاره كتب بهذه اللهجة التي أصبحت مفهومة وراقية في الكتابة والتعبير الأدبي وهي بالتأكيد لن تلغي لغة الفصحى وتراثنا المدون بالفصحى.
الكتابة للأطفال
* قلنا: ماذا عن كتابتك للأطفال؟
** قال: أصدرت قصة شعرية للأطفال بعنوان "الأميرة والثعبان" عام 1977 وفي 1993 صدرت لي مجموعة من القصص الشعري للأطفال تضم ثماني قصائد قصصية للأطفال عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية بعنوان "مذكرات فيل مغرور" وقد طبعت ثلاث مرات وفي 2005 صدر لي كتاب في سلسلة "قطر الندي" بعنوان "يا ما كان" يضم قصيدتين قصصيتين فكان مجموع ما كتبته للأطفال إحدي عشرة قصيدة قصصية.
* قلنا: هل طغي الجانب الأكاديمي لديك علي الجانب الإبداعي؟
** قال: أكره الطغيان والطغاة ومن ثم فلم يطغ الجانب العلمي علي جانب الإبداع فقد صدر لي حتي الآن اثنتا عشرة مجموعة شعرية آخرها هذا العام وست مسرحيات شعرية وثلاث مجموعات قصصية وثلاث مجموعات قصصية شعرية للأطفال.
تجربة
تجربة «أصوات مُعاصرة» في النشر
* قلنا: أصدرت كتاباً فصلياً بعنوان "أصوات معاصرة" منذ عام 1980 فماذا تري في هذه التجربة؟ وهل أثرت حياتنا الأدبية؟
** قال: أصدرت العدد الأول من «أصوات معاصرة» في أبريل 1980م للشعر فصلية، وقد صدر العدد الأول في (500) نسخة، وبعض أعدادها ـ بعد ذلك ـ صدر في (500) نسخة، و (1000) نسخة، وعددان صدرا في 2000 نسخة.
بعد العدد الأول شاركني مسؤولية إصدارها الشاعران عبد الله السيد شرف ومحمد سعد بيومي، وبعد العدد الخامس اشترك معنا: د. صابر عبد الدايم (بعد أن عاد من بعثته التعليمية في ليبيا)، وبعد العدد العشرين اشتركت معنا: مديحة عامر.
لا أستطيع أن ألخص تجربة «أصوات معاصرة» في سطور، لكنني أقول إنها تجربة جادة في الأدب العربي الحديث، من ملامحها:
-نشرت الشعر الحر والخليلي.
-نشرت لشعراء من مصر وسورية والعراق والبحرين والمغرب.
-نشرت دواوين وقصائد لشعراء بارزين في الساحة الأدبية العربية ومنهم: محمد مهران السيد، أحمد سويلم، محمد يوسف، جميل محمود عبد الرحمن، بدر بدير.
-نشرت تراجم من الشعر العالمي، أبرزها ترجمة الدكتور سمير عبد الحميد لبعض قصائد محمد إقبال، كما ترجم الدكتور علي عبد الرؤوف البمبي بعض القصائد الأسبانية.
-نشرت الدواوين الأولى لشعراء أصبحوا معروفين، مثل عبد الله السيد شرف، ونبيه الصعيدي، ومحمد سليم الدسوقي، ونعمان الحلو.
-نشرت أعداداً خاصة بمثابة دراسات أدبية، عن: أحمد سويلم، ومحمد يوسف، وأحمد فضل شبلول، ومصطفى النجار، وحسني سيد لبيب ... وغيرهم.
-نشرت قصصاً وروايات لأكثر من عشرين قاصا وروائيا، منهم: حسني سيد لبيب، ومجدي جعفر، وأحمد محمد عبده، وأحمد زلط، ويس الفيل، ومحمد الحديدي ... وغيرهم.
-قدمت عدداً من الدراسات، مثل: «محمد جبريل وعالمه القصصي» و«قراءات في أدب محمد جبريل»، والكتابان لمجموعة مؤلفين، و«المنظور الحكائي في روايات محمد جبريل» للدكتور محمد زيدان، و«سعد حامد وعالمه القصصي» لإبراهيم سعفان، و«الرؤية الإبداعية في شعر عبد المنعم عواد يوسف» للدكتورين خليل أبو ذياب وحسين علي محمد.
-نشرت بعض الكتب الإبداعية والنقدية لمؤلفين سعوديين، منهم: د. محمد الربيع، ود. محمد بن سعد بن حسين، ومحمد المنصور الشقحاء، ومقعد السعدي، كما أصدرت عدداً خاصاً في طبعتين بعنوان «ملف الأدب السعودي».
وقد جعلنا لها موقعاً على الإنترنت.
وقد أصدرت حتى الآن (210) مائتين وعشرة أعداد، بمتوسط سبعة كتب في السنة، ونحن نُفكر في تطويرها، وأن تُصدر عشرة كتب في السنة. والله الموفق.
أسماء في حياتي
* قلنا: نسألك عن معاني هذه الأسماء في حياتك:
* طه حسين؟
** قال: قرأتُ كتاب «الأيام» وأنا في الثانية عشرة، ولا يمكن أن أصف الآن ما شعرت به من سعادة وقتذاك. قرأته بعد ذلك مرتين أو ثلاثا، فكانت متعتي تتجدد في كل قراءة. قرأتُ معظم ما كتب طه حسين فلم أشعر معه بما شعرت به في قراءة «الأيام». ربما أحببتُ «الوعد الحق» بعض الشيء!، وربما توقفتُ يسيراً أمام كتابيْه «الشيخان» و«حديث الأربعاء».
* قلنا: توفيق الحكيم؟
** قال: حينما قرأتُ «عصفور من الشرق» و«أهل الكهف» و«زهرة العمر» و«السلطان الحائر» ـ وأنا دون الثامنة عشرة في مرحلة الدراسة الثانوية ـ وقعتُ في هواه.
في مسرحه قوة وسلاسة وقدرة فذة علي إدارة الحوار لاتجدها عند غيره من كتاب المسرح العرب.
وقد كتبت دراسة مطولة عنه عن الحوار في مسرحية "السلطان الحائر" نشرتها في مجلة محكمة وأتمنى أن أكتب كتاباً عن "فنية الحوار في مسرح توفيق الحكيم".
* قلنا: نجيب محفوظ؟
** قال: قرأتُ كل ما كتب في الرواية والقصة القصيرة. لم تأسرني قصصه القصيرة كما أسرتني رواياته.
عدد من رواياته تشدني، وتجعلني أعيد قراءتها بين حين وآخر، ومنها «زقاق المدق» و«الثلاثية» و«اللص والكلاب» و«الحرافيش».
قرأت كل ما كتب في الرواية والقصة القصيرة لم تأسرني قصصه القصيرة كما أسرتني رواياته.
* قلنا: يوسف إدريس؟
** قال: كانت رواية «الحرام» فتنةً في القص، قرأتها في طبعة «روايات الهلال» 1965م وأنا في الصف الثالث الإعدادي، ومازالت مع مجموعتيه «لغة الآي آي» و«بيت من لحم» تحتل منزلة عالية في وجداني، وإن كانت لي عليها ـ موضوعيا ـ بعض المُلاحظات.
يوسف إدريس أنجز طفرة في القصة القصيرة مع مجايله يوسف الشاروني لكن القاصين الجدد تجاوزوه الآن.
* قلنا: صلاح عبدالصبور؟
** قال: لم أحب شعره يوماً. ظل في ذائقتي يمثل صياغة باردة تتمسح بالفلسفة. لكنني وقفت منبهراً أمام تجربته في المسرح الشعري التي تشتبك مع الواقع من خلال فنية عالية. وبخاصة مأساة الخلاج. وليلي والمجنون.
* قلنا: صلاح جاهين؟
** قال: قرأتُ له وأنا دون الثامنة عشرة مجموعاته من شعر العامية (وبخاصة «قصاقيص ورق» و«عن القمر والطين» ورباعياته)، فقلتُ: هذا هو الشعر الحقيقي!
ومازلتُ أقرأ رباعياته بين حين وآخر!
* قلنا: أحمد عبدالمعطي حجازي؟
** قال: إنجازه في فن المقالة يفوق إنجازه الشعري. ليس له إلا قصائد قليلة في ديوانه الأول. وما كتبه بعد ذلك يعتمد علي الإنجاز العقلي لا إنجاز المخليلة.
.............................................
*المساء ـ في 30/8/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 31-08-2008, 11:18 PM   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(25) القصة القصيرة جدا..لماذا؟

د.ماهر: العصر.. يتسم بسرعة الإيقاع
د.تليمة: التكنولوجيا ساعدت علي انتشارها
الشاروني: بعث جديد للقصة الحديثة
شوقي: تجربة.. يلتقي فيها الكاتب والقاريء
مصطفي نصر: أحب هذا اللون لكني لم أجربه
منير عتيبة: انتشار "الموبايل" وسيلة الرواج

حوار: د. زينب العسال
...........................

إذا كان محمود تيمور قد أطلق علي القصة القصيرة اسم "الأقصوصة" فإن كتاب القصة في كتاباتهم الأخيرة- ليس في مصر وحدها وإنما في العالم كله- تجاوزوا التسمية التي أطلقها تيمور إلي تسمية أخري هي القصة القصيرة جدا تتعدد مؤتمراتها وملتقياتها ونماذجها الفنية بحيث طرح السؤال نفسه: هذا الانتشار اللافت للقصة القصيرة جدا.. ما أسبابه؟
هذه القصة -في تقدير د.ماهر شفيق فريد- ابنة هذا العصر الذي يتسم بسرعة الإيقاع وثورة الاتصالات وتحول العالم إلي قرية كونية واحدة يحدث فيها الحدث في الصين فيتردد صداه -في لحظات- في أمريكا الجنوبية وهي أيضا نوع من التجديد الذي يحاول أن يرتاد افقا جديدا بعد أن تعود القراء علي الرواية الطويلة والقصة القصيرة والنوفيلا المتوسطة الطول ثم هي -ثالثا- سلعة سهلة التداول لأنها لا تستغرق حيزا مكانيا كبيرا. ومن ثم يسهل نشرها علي صفحات الكتب والمجلات وقد وصفها أحد النقاد بأنها قصة الومضة. أو اللمحة الخاطفة ورأيي الشخصي أنها مثل قصيدة النثر. قلما تنجح في بلوغ أعلي مستويات الفن أو الفكر فهي لا تحتاج إلي مهارة تذكر في البناء. وإقامة الروابط بين المكونات. وتفتقر إلي المعمار الفني الذي تتميز به الرواية -مثلا- وهي تغري بالعجلة واقتناص اللحظة السهلة القريبة قد يقول البعض إن بعض أعمال نجيب محفوظ العظيم مثل أحلام فترة النقاهة أو حكايات حارتنا إنما هي مجموعة من القصص القصيرة جدا لكن هذا الوصف لا يستقيم. فهي عند نجيب محفوظ جزء من لوحة فسيفسائية أكبر وهناك علاقات داخلية تربط بين هذه المقاطع المختلفة والواقع أنني -فيما أنظر إلي حقلنا الأدبي العربي- لا أكاد أجد عملا أدبيا واحدا له قيمة في هذا الشكل بالغ القصر رغم إقراري بأن هناك نماذج جيدة منه في الأدب الغربي مثل مجموعة "انفعالات" للفرنسية ناتالي ساروت.
أما د.عبدالمنعم تليمة فيري أن مصطلح القصة القصيرة جدا فرض نفسه فرضا فقد كان في البدء مولودا في قلب الصحافة ثم تطورت الأمور في تقنيات الطبع والنشر. ثم بظهور السينما والتليفزيون. وبتوالي التقنيات ازداد القصر إلحاحا إنه الشريحة الممكنة جدا من الزمن. واللقطة العاجلة جدا بالكاميرا. لقطة مستفيدة من كاميرا التصوير. أسماها يحيي حقي صورة ثم لوحة وسبقه عبدالعزيز البشري بكتاب هو "في المرآة". حيث وضع كل رجالات العصر في مرآة جاحظية. وثمة جبران الذي قدم لنا صورا قلمية باهرة جدا من حيث المجاز والخيال. وتقنيات التوصيل تعلو وتشحذ. فإلي جانب التغيرات التي حدثت في المشاعر الإنسانية. فقد ساعدت التكنولوجيا الرقمية علي انتشار الصورة. أو اللوحة أو الأقصوصة.
نوع من البعث
ويرجع يوسف الشاروني ما نطالعه من القصص القصيرة جدا إلي الأشكال الموجودة في قصص الأمثال وقصص البخلاء. بل إننا نستطيع أن نطلق علي النكتة قصة قصيرة فهي فن ليس جديدا إنها موجودة أيضا في الأدب الشفاهي حيث يسهل حفظها وإلقاؤها ولي شخصيا أكثر من قصة في هذا اللون ومنها قصة "أنا وابنتي" في مجموعة "الزحام" إن وجود هذا اللون الآن نوع من البعث بشكل جديد.
وفي تقدير الناقد شوقي بدر يوسف ان القصة القصيرة جدا ظهرت في السنوات الأخيرة كتجربة جديدة في الشأن السردي باعتبارها إحدي مراحل التجريب الأخيرة للقصة القصيرة. مستخدمة في ذلك التكثيف والفكر والاقتصاد في مفرادات الأقصوصة. ومحددة أقصي حالات التعبير في المضمون المراد التعبير عنه فنيا في هذا المجال وهي لا شك أحد توجهات الفن السردي الحديث باعتبار أن السرعة أصبحت سمة العصر وأن القصة القصيرة جدا تعكس روح العصر والإيجاز والتقطير في استخدام المفردات اللغوية في تشكيل فن قصصي يجد فيه المتلقي بغيته في سرعة ويسر هو الهاجس الذي وجد نفسه يطرح علي الساحة الأدبية كجنس أدبي جديد وجد فيه المتلقي والقاص وشائج محددة للالتقاء لذا نجد أن هذا الفن قد بدأ غزو الصحافة بل وفن القصة الأم ذاته..ويعبر الروائي مصطفي نصر عن سعادته بالسؤال فقد جاء في وقته -علي حد تعبيره- حيث يقرأ مجموعة من أشهر القصص القصيرة جدا. أرسلها له الأديب المغربي مصطفي لغتيري. منها قصة بعنوان "الحقيقة" للأرجنتيني ماركو دينيبي تقول: "قال الرجل الشريف: أعطوني أسرع حصان. لقد قلت الحقيقة للملك وقصة أخري أقل حجما بعنوان "الديناصور" للجواتيمالي أوجستو مونتيروسو تقول "حين استيقظ. وجد الديناصور ممددا إلي جانبه" قصص معبرة تصل إلي ما تريد بأقل عدد من الكلمات والحق أني أحب هذا النوع من القصص لكنني لم أجربه.. انغماسي في كتابه الرواية جعلني أهتم بالتفاصيل الكثيرة وجعل قصصي أطول.
وتذهب القاصة نجلاء علام إلي أن الإنسان لجأ إلي التكثيف حينما أصبحت قضاياه ومشكلاته اعقد من أن تسرد وتحلل وتشرح لقد كانت الرؤية كلية في أزمنة كثيرة مرت علي الإنسان ثم اتسعت الرؤية حتي لم تعد نفس واحدة علي إدراكها أو عين واحدة قادرة علي رؤية الصورة كاملة لمس الإنسان عندها وترا من آلة فخرجت قصة قصيرة جدا القصة القصيرة جدا لا تحصر الشخصية في إنسان معين أو زمن إنما هو إنسان ما في زمن ما وربما هو الإنسان عبر كل الأزمان.
دلالات
ويري القاص منير عتيبة أن القصة القصيرة جدا تحمل روح الرياضيات والشعر. فكل كلمة من كلماتها رمز إشاري له دلالاته المتعددة. كما أن تكثيفها الشديد هو تكثيف مجازي له ظلال وألوان طيفية لا نهائية ولا أظن أن الاتجاه إلي كتابتها من عدد كبير من الكتاب ومن أجيال مختلفة بسبب ضيق وقت الكاتب والقاريء فالوقت هنا مجرد عامل ثانوي لكني اعتقد أن هذا الاتجاه هو تعبير عن بعض السمات العميقة لما نسميه روح العصر وأهم هذه السمات الإيجاز والتكثيف الذي نلاحظه في كل شيء بداية من لغة الشارع حتي الخطابات السياسية. كما أن التراث الإبداعي يقف بشدة خلف القصة القصيرة جدا معضدا وجودها وأتنبأ أن يؤدي انتشار الموبايل إلي رواج أكثر للقصة القصيرة جدا حيث يمكن إرسالها إلي ملايين القراء في لحظة وبالتالي يكون لدينا شكل جديد للقصة القصيرة جدا هو قصة الموبايل نسبة إلي تكنولوجيا الاتصال المستخدمة كما حدث وانتجت لنا شبكة الانترنت الأدب الرقمي بأشكاله ومستوياته المتعددة.
والفكرة -في تقدير القاص وائل وجدي- هي العامل الأساسي في هذا الأمر فالفكرة ترتدي الشكل الذي يناسبها لا أفرض علي الإطلاق الشكل الذي ستصاغ به ولذلك فإن في أعمالي الإبداعية القصة القصيرة والأقصوصة.. الكتابة عندي مسئولية وحب لا اكتب تماشيا لموضة أو لمجاراة إيقاع العصر لا أعلم لماذا أحب كتابة القصة القصيرة جدا. وإن كنت أظن أنها متعلقة باللاشعور من ناحية أخري فإن الأقصوصة هي التطور الطبيعي للقصة وتعتمد علي قدرات خاصة في الكاتب واختياره للمفردة اللغوية التي تتواءم مع تشكيل اللقطة لكن البعض يتصور -للأسف- أن الأقصوصة هي الطرفة. فاعتمد علي المفارقة في نسيجها الفني!
أما القاصة منال السيد فتعلن أنها ليست ضد كتابة القصة القصيرة في المطلق ولا معها في المطلق تقول: أنا ضد الكتابة الرديئة في المطلق ومع الفن الجميل في المطلق كل قصة تحدد أدواتها وتحدد مساحتها ثمة قصة لا تحتمل أكثر من أربعة أو خمسة أسطر وقصة أخري تحتاج لأن يصف الفنان وينشيء عالما.. ما أملكه هو أن أحاسب الفنان عن عمله: هل هو جيد أم لا.. وعموما فإن القصة يجب أن تتسق مع العصر وهذا واضح في الأغنية التي أصبحت مدتها دقائق قليلة والأفلام أيضا لكنني أرفض الكاتب الذي يدعي التخصص في القصة القصيرة اعتبر هذا عدم نضج منها؟ صعب أن يحصر الفنان نفسه في هذا اللون.
...........................................
*المساء ـ في 7/6/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:24 AM   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(26) نجيب محفوظ..وظاهرة جيل بلا أساتذة

حوار: د. زينب العسال
............................

د. حسين علي محمد: عدم قراءته تحرم النفس من عوالم غنية
د. سعد أبوالرضا: هو أمة بمفرده في فن الرواية
عبدالوهاب الأسواني: أعذرهم لأنهم يضربون في الاتجاه الخاطيء

في ذكري عيد الميلاد السابع والتسعين لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ. تطالعنا ظاهرة في كتابات عدد من الأدباء الجدد. فبمجرد أن ينشر الأديب رواية أو مجموعة قصصية. ينسب موهبته إلي نفسه. بعيدا عن أي تأثيرات عربية. لتصوره أنه أقرب إلي الآداب الأجنبية. ويعبر عن اعتزازه بأستاذية كونديرا ويوسا وماركيث ويورخيس وغيرهم من الأدباء الأجانب. ويضيف اعتذاره بأنه لم يقرأ لعميد الرواية العربية. ولا أي من أدباء العربية.
الظاهرة موجودة. وتطالعنا في عشرات المقالات والحوارات التي تنشرها الصحف والدوريات.
في تقدير د. حسين علي محمد أنه لا يمكن تخطي قراءة نجيب محفوظ الكاتب المقتدر، الذي كتب الروايات العلامة في تاريخ الرواية العربية، الذ ي صور آلام الشعب وأتراحه في لغة فنية مُقتدرة، رأيناه من خلال بنائه السردي يعالج قضايا مصيرية في حياة أبطاله، فيها الكثير الكثير عن قضايا الوطن، وفيها الكثير من الهواجس الفلسفية وقضايا المصير ومنها: الموت، والحياة، والعدل، والحرية: جرية الوطن وحرية الإنسان.
إن قراءة نجيب محفوظ تظل مطلباً ضروريا لكل كاتب يتعلم منها، ليضيف أو يتجاوز (إذا كان ذا مقدرة فنية تؤهله لذلك). وقد كان العقاد يطلب ممّن يريد أن يكون كاتباً أن يتعلّم على قراءة أرباب صنعته، بمعنى أن من يُريد أن يكون ناثراً (كاتباً للرواية والقصة والمسرحية والمقالة) عليه بقراءة أرباب الصعة القدماء كابن المقفع والجاحظ وأبي حيان التوحيدي وغيرهم ومُعاصرينا من أمثال مصطفى صادق الرافعي وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويحيى حقي ويوسف الشاروني ... وغيرهم.ومن أراد أن يكون شاعراً فعليه قراءة النابغين في فن الشعر قديماً وحديثاً.
ولعل أي مصري كان مُعاصراً لنجيب محفوظ أو جاء بعده واشتغل بحرفة الأدب يعرف أنه أمام قامة شامخة، لن يُلغيها بتجاهله، بل هو الذي يحرم إبداعه من رافد أصيل يُثري تجربته في الرؤية والفن إذا قرأه بعناية واهتمام، لا بالدعوة إلى تجاهله. وإذا استطاع أن يتجاهله ـ ولن يستطيع ـ فهو الذي يحرم نفسه من قراءة عوالم غنية مُترعة بالفن والجمال.
قراءة الآخرين
ويري د.سعد أبوالرضا في ذلك الاتجاه عقوقا كبيرا لأكثر من سبب. فنجيب محفوظ أستاذنا فنا ولغة وفلسفة. وله فضل علي الرواية. وهو قد قدم الكثير من المريدين. والمطلوب في كل الأحوال أن نفيد منه. والحق أني لم أجد كاتبا روائيا عربيا يسري في كتاباته أسلوب القرآن الكريم في مفرداته مثل نجيب محفوظ. رغم أني أختلف معه في كيفية تناول القضايا الجنسية. إنه أمة لوحده. وأثق أن اتصال الجدد الرافضين بالحياة سيتأجل سنوات وسنوات. إن لم يتداركوا هذا الأمر. لأن من أراد أن يتعلم في الرواية فليقرأ نجيب محفوظ كيف يستطيع الجدد معالجة أمور الحياة إن لم يجدوا في طريقة نجيب محفوظ كيفية التكيف مع الحياة الحديثة؟ طه حسين مثلا أنكر البعض فضله وأثره علي اللغة والأدب والحياة. وبعد سنوات اعترفوا بفضله وأثره الذي لا ينكر أبدا هذا علي مستوي الكبار. وعلي مستوي الشباب. فثمة الشاعر الشهيد هاشم الرفاعي الذي أصبح يعتد بشعره وفنه. وديوانه في مكتبات الأدباء والشعراء والنقاد وهناك علي المستوي العالمي باختين بفضله الكبير علي بناء الرواية. لكن أحدا لم يهتم به إلا بعد أن بدأ النقاد يتحدثون عن التناص. واهتموا بأثر اللغة في الدراسات اللغوية. وكان باختين من السباقين في هذا المجال .
والملاحظ كما يقول عاطف الغمري أن هناك ظاهرة عامة بين العاملين في مجال الثقافة. وكذلك في مجال الصحافة. وبالطبع من يعملون في مجال الأدب. فهم جزء من هذه الظاهرة. وهي قلة الاقبال علي القراءة. والاحساس في الوقت نفسه بالتفرد. لأنهم لم يتعلموا من أحد. وكنا نسمع كثيرا تعبير نحن جيل بلا أساتذة. وهذا التعبير خلقه أصحابه لأنفسهم. لأنهم أحدثوا قطيعة بينهم وبين التراث الذي سبقهم لذلك فإن هذا الاتجاه يشغله عدم الاعتراف بقيمة نجيب محفوظ ومكانته. بأكثر من أن يكون تعبيرا عن تمتعهم بميزة تفوقه. إنهم يعبرون عن شيء يفتقدونه. والظاهرة الموجودة في العالم كله. أن الأديب الكبير دائما ما يتحدث عمن سبقوه. وكيف أنه تعلم منهم. وهي بداية صحيحة لتكوين أي مفكر أو أديب فلا توجد شجرة تنمو بغير بذرة وإلا كانت نبتا شيطانيا لم يحدث أن الأجيال السابقة رفضت الرواد الذين أقاموا أساسا . استمر من بعدهم. وربما كان هذا الرفض هو تعبير أيضا عن عدم تمتعهم بخاصية القراءة. لأن المنطق يقول إن من لا يقرأ لا يكتب.
ويبدو والكلام لعبدالعال الحمامصي أن هذه سمة لكل الأجيال. منذ هاجم جيل طه حسين المنفلوطي وشوقي. وفي الستينيات أطلقنا مقولة "نحن جيلنا بلا أساتذة" ثم اعترفنا بوجود أساتذة. الأمر نفسه بالنسبة لجيل طه حسين. فقد تراجع عندما أتي جيل آخر هذا الأمر وارد جدا. لأن كل جيل يرفض الجيل الذي قبله. والسؤال هو: كيف نعرف كتابة القصة والرواية إن لم نطلع علي من سبقونا. وقرأنا إبداعهم. وقد نتأثر بهم. وقد لا نتأثر. ما أرفضه هو أن يأخذ الرفض شكل التطاول وبالمناسبة. فإن فكرة الغرب موجودة في الغرب. قرأنا أن برنادرشو قال عن شكسبير إنه كاتب كلاسيكي. ولم يتطاول عليه. المألوف دائما أن كل موجة تنفي السابقة لها.
العنوان.. والمثل
ويقول الروائي عبدالوهاب الأسواني إن الكتاب يقرأ من عنوانه كما يقول المثل. وإلا كيف يستقيم الكلام مع التصريحات التي أدلي بها بعض شباب الروائيين بأنهم لا يعترفون بأستاذية نجيب محفوظ. وهم لم يقرأوه أصلاً.. المفروض أن يقولوا إنهم قرأوا له. ودرسوا أدبه جيداً. ثم رفضوا أستاذيته. أما أن يرفضوه دون قراءة أعماله فقولهم هنا يدعو إلي السخرية.
ويشدد الكاتب المسرحي يوسف شعبان علي أن نجيب محفوظ مرحلة مهمة. لابد أن نمر عليها كمبدعين. فهو من الأساسيات في التسعينيات قيل إنه كاتب كلاسيكي. ويمكن القول إن نجيب محفوظ له تجارب مهمة في أحلام فترة النقاهة وأصداء السيرة الذاتية التي قدمت تقنية متفوقة انطلق منها أدباء كثيرون. أما موضوع إنكار أبوة محفوظ فلعل مبعثه ظاهرة إسقاط الكتاب الكلاسيكيين في المسرح الأوروبي. وبخاصة شكسبير في تلك الفترة. طلع كتاب الحركة الدادية والسوريالية ورفضوا شكسبير لكن بذور السوريالية وجدت لها أصولاً عند يوربيدس وسوفوكليس وبالمنطق نفسه ظهرت الواقعية ويمكن القول باطمئنان إن كتابة "الواقعية القبيحة" لها جذور عند نجيب محفوظ. في عالم البغايا والفتوات. صحيح أن كتاب الجيل الحالي لم يكتبوا بطريقة نجيب محفوظ. لكن القالب الحالي أصله موجود من قبل. بل من قبل ما قدمه محفوظ. لذا فإني أري أن إنكار أبوة نجيب محفوظ منطق مغلوط جداً.
ويقول الناقد شوقي بدر يوسف: ترفض الأجيال الحالية لكتاب القصة والرواية وصاية نجيب محفوظ وأبوته لفن السرد المعاصر انطلاقاً من إيمانها بأن الجيل الذي كان ينتمي إليه نجيب محفوظ قد انتهي دوره وبالتالي فإن وصايته علي هذا الفن يجب هي الأخري أن تنتهي وأن الجيل الحالي الذي يمثل جيل التسعينيات والألفية الجديدة هو الممثل الحقيقي الآن لهذا الفن بمنظومته الحالية التي جاء بها من ناحية الشكل والمضمون والإشكاليات والقضايا التي يناقشها ويطرحها هذا الجيل في إبداعها ولا شك أن التأثيرات الفنية الحاصلة علي هذا الجيل والتي جاء معظمها في رأيي من أمريكا اللاتينية ودول العالم الثالث قد وجدت صدي لدي الساحة الأدبية أو هي في سبيلها إلي ذلك حيث ما قيل في زمن كتابة القصة والرواية عند جيل محفوظ غير ما يقال الآن وأن الشكل الفني للقصة والرواية قد بدأت تدخل عليه متغيرات حديثة طالت البناء واللغة والنسق والصيغة والشخصية وغير ذلك من تقنيات الفن الروائي والقصصي فقد بدأ فن السرد يسقط إبداعاته كلها علي الإنسان المعاصر الذات والآخر بمعاناته وممارساته وحياته الجديدة التي يحياها كذلك بكل قضاياه الجديدة الملحة والتي تأخذ موضوعاتها من الواقع المعيش وأعتقد أن هذا أيضاً ما كان يقوم به نجيب محفوظ وجيله ولكنه الآن مختلف تماماً عما كان في الماضي من جوانب كثيرة لذا نجد أن الواقعية القذرة بمعناها المجازي والواقعي قد بدأت تزحف بقوة علي واقع السرد العربي المعاصر وكانت إرهاصاتها الأولي قد بدأت مع المسكوت عنه في الإبداع السردي والذي بدأ تناميه في الآونة الأخيرة
....................................
*المساء ـ في 13/12/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:25 AM   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(27) أماكن روايات نجيب محفوظ.. مزارات سياحية

حوار: د. زينب العسال
............................

د. أحمد درويش: الدول المتقدمة تفعل نفس الشيء
د. حسين علي محمد: هل يعود زقاق المدق إلي صورته القديمة؟
د. أيمن فؤاد: القاهرة الفاطمية ذابت في أنشطة الحرفيين
شوقي بدر: البيوت والمقاهي تحتاج نظرة سريعة
مهدي بندق: لماذا أماكن محفوظ فقط؟!

بادرة حضارية مهمة أقدم عليها عبد العظيم وزير محافظ القاهرة بوضع الخطط التي تحيل الملامح التي صورها الأديب الكبير نجيب محفوظ في أعماله الإبداعية إلي مزارات سياحية وثقافية. تضاف إلي معالم التاريخ في القاهرة المعزية. والقيمة الأهم لهذه البادرة أنها تحاول وصل التاريخ بالواقع المعاش. الأصالة بالمعاصرة. إزميل الفنان القديم بقلم أعظم روائيي عصرنا.
يقول د.أحمد درويش إذا كنا نحاول جعل القاهرة المعزية مزارات سياحية. فإن أول ما ينبغي أن يتجه إليه اهتمامنا هو بعث دنيا نجيب محفوظ. وتخليصها من عشاق الدمامة.
ان النظرة السريعة لعناوين أعمال نجيب محفوظ تشي بالقاهرة التي أحبها. وأراد - من خلال شخصيات وأحداث - أن ينقل لنا هذا الحب: بين القصرين. قصر الشوق. السكرية. خان الخليلي. قشتمر. فتوة العطوف. زقاق المدق وغيرها. بالإضافة طبعا إلي الشوارع والحارات والأزقة التي تشكل معالم إبداع نجيب محفوظ في الحسين وبيت القاضي وقبو قرمز والدراسة وغيرها.
نحن نستطيع - علي سبيل المثال - أن نضع لافتة نحاسية علي باب مدرسة بين القصرين تشير إلي أن هذه المدرسة تناولها نجيب محفوظ في ثلاثيته الفريدة. الأمر نفسه في البيت الذي ولد فيه محفوظ أمام قسم شرطة الجمالية. وأيضا البيت رقم 10 شارع رضوان شكري بالعباسية الذي أمضي فيه الفنان جانبا كبيرا من حياته.
هذا هو التقليد الذي تحرص عليه دول العالم المتقدمة ولعلي اذكر باللوحة الملصقة علي واجهة البيت الذي كان يقيم فيه الشاعر السكندري اليوناني كفافيس بالاسكندرية. نحن نتميز عن كل دول العالم بأن لنا حضارتنا التي تمتد في عمق التاريخ ويجدر بنا أن نصل الحضارة الماضية بالحاضر. من خلال ابداعات الأدباء والفنانين وفي مقدمتهم - بالطبع - عبقري زماننا نجيب محفوظ.
أين ذهبوا؟
ويذهب د.حسين علي محمد إلي أن زقاق المدق هو أشد الأماكن التي تترك في زائريها حسرة حقيقية. أين ذهبت حميدة؟ وأين ذهب عباس الحلو والمعلم كامل وفرج القواد ورضوان الحسيني والدكتور بوشي والست سنية وجعدة الفران وزيطة صانع العاهات؟ أين ذهب كل هؤلاء وغيرهم؟
كنت أتردد علي الزقاق. أحاول مطابقة الأحداث والشخصيات التاريخية والمتخيلة علي واقع المكان. بيت أم حميدة والقهوة والفرن والحياة المنغلقة علي نفسها وان أطلت علي العالم من خلال جولات المعلم كرشة لاجتذاب الشبان إلي قهوته. ومن خلال حرص فرج القواد أن يضم حميدة إلي رقيقه الأبيض فضلا عن الانتخابات التي اقتحمت دنيا الزقاق بمرشحيها وناسها ومظاهراتها وشعاراتها الكاذبة. لاحظت - علي امتداد الأعوام - شحوب الصورة التي أحببناها. وأضفنا إليها من الخيال. وضعت علي الجدران كومات من البضاعة. وامتلأ الزقازق بصناديق وأجولة وأغلق المقهي أبوابه. وصار الفرن أثرا مندثراً. دانت الغلبة للتجار الصغار والكبار يحيلون الأثر الجميل الذي خلفته لنا رواية نجيب محفوظ إلي أطلال يبيعون فيها ويشترون. حتي لافتة الزقازق رفعت من موضعها. فصار من الصعب تمييزه بين معالم الصنادقية.
وأذكر أن صوتي علا بملاحظة عما آل إليه ذلك الملمح المهم من أعمال نجيب محفوظ. والتقط ملاحظتي أحد مستعمري الزقازق فوبخني بالقول: يعني محفوظ بتاعك أهم من لقمة عيشنا؟! وأصارحك أني آثرت السلامة وانصرفت.
يضيف د.حسين ان مساحات البيع والشراء متوافرة علي أي نحو. أما المساحات التي تحرك فيها أبطال نجيب محفوظ فهي محدودة ومحددة لذلك فإن أهم ما اتطلع إليه أن يعود زقاق المدق إلي صورته التي أجاد محفوظ تصويرها ثم أفلح التتار في تقويضها!
التاريخ والتطوير
ويشير د.أيمن فؤاد سيد إلي أن مشكلة القاهرة المعزية أنها تحتاج إلي عناية واهتمام كبير لأنها الآن مكتظة بالحركة وأنشطة الحرفيين. من الصعب - مثلا - أن ادخل زقاق المدق. حتي اللافتة رفعوها. علينا أن نعيد الطرح الذي طرحه وتخيله نجيب محفوظ. في صورة أقرب للتوصيف الذي قدمه الفنان. القاهرة الفاطمية دخلت عليها معالم حديثة. وهذا طبيعي. لكن من المهم أيضا أن يتم التطوير في إطار الشكل التاريخي.
ويري الناقد شوقي بدر يوسف أن المزارات التي كانت مجالا لأعمال إبداعية. ليست وحدها ما يجب العناية به. واستعراض دورها في حياة المبدع. وفي الفن الروائي بعامة. من هنا فإني اقترح أن نركز كذلك علي الأماكن التي أمضي فيها نجيب محفوظ أوقاتا من حياته. يقرأ ويتأمل ويجالس الأصدقاء ويكتب الملاحظات. قهوة ريش علي سبيل المثال. وقهوة فينكس. وقشتمر. وكازينو النهر. وأيضا قهوة بترو بالإسكندرية - وكم أحب مدينة الإسكندر - والتريانون وميدان سعد زغلول وشارع النبي دانيال وغيرها من الأماكن التي انعكست وجوداً حياً في روايات محفوظ السمان والخريف والطريق واللص والكلاب؟
ولعلي أضيف الأماكن التي تردد عليها مبدعون عظام من أجيال مختلفة. مثل قهوة شارع السد التي أبدع فيها العظيم بيرم التونسي أروع قصائده. ومن قراءاتي الحديثة كتابه ألفه عشرة من كبار الأدباء الألمان يتناول التراجم الشخصية لأدباء سبقوا في العمر والتجربة. ويشير إلي الأماكن التي تصلح مزارات سياحية لهم ولأعمالهم. حتي مقابرهم صارت جزءا من تلك المزارات. ليت هذه الفكرة الجميلة تكون هي البداية.
أما الشاعر المسرحي مهدي بندق فهو يطرح رأيا مخالفا. ثمة في الفلسفة - ونجيب محفوظ دارس للفلسفة - ما يسمي بالإيجاب. وتعبر عنه الفلسفة الوضعية خير تعبير. أما فلسفات النفي التي ترمي إلي تجاوز الواقع والمألوف والسائد. فتتطلع إلي التفكير بطريقة مختلفة.
وعن نفسي فأنا أود أن أجيب عن المسكوت عنه في السؤال وهو: لماذا لم يكتب نجيب محفوظ عن الصعيد. وعن المناطق التي تعج بالفقراء والمهمشين؟ ألا يدعونا هذا التساؤل إلي التفكير في نجيب محفوظ باعتباره كاتب البوراجوازية الصغيرة التي أغلقت الأبواب أمام تطور هذه الطبقات الفقيرة الكادحة. بل ومنعها من أن تري علي مسرح الأحداث؟
حقيقة يمكن لنا أن نتحدث عن يوسف ادريس - مثلاً - وعن محمد جبريل وخيري شلبي وبهاء طاهر وغيرهم من الأدباء الذين ولوا وجوههم شطر الأماكن التي لم يذهب إليها نجيب محفوظ ولو بفكره. وفي تقديري أن هذه المزارات تصلح أن تكون مزارات علي المستوي الإنساني بأكثر من أن تكون مجرد زيارات سياحية. ولا يقدح هذا - بالطبع - في قيمة الروائي الكبير نجيب محفوظ وإنما هو تساؤل في موضوعه من حيث ان الكمال ليس في مقدور البشر. وأن الرجل قدم ما لديه. وما كان له ولا في مقدوره أن يحجب غيره من الأدباء عن النظر إلي أماكن يعيش فيها معظم المصريين. ولعل الشاعر الراحل صلاح جاهين كان يقصد هذا المعني حينما كتب قصيدته "إلي سكان الصفيح"!
.................................................. ......
*المساء ـ في 12/5/2007م.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-12-2008, 01:26 AM   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(28) أعمالنا الأدبية ..هل هي مجرد "فضفضة"؟!

حوار: د. زينب العسال
.............................

موافي: قصص وقصائد متناثرة .. بلا رابط بينها
الخراط: صاحب الموهبة .. ينطلق من مشروع محدد
شوشة: مهمة الناقد اظهار فلسفة الأديب
د. وادي: الأديب .. مرآة المجتمع
د. بحيري: المبدع الحقيقي .. بصمة لا تتكرر

لعل أهم ما يسم إبداع الأدباء العالميين أنه يصدر عن رؤية شاملة. فلسفة حياة. تشمل كل جوانب الحياة الإنسانية بداية من صلة الإنسان بمجتمعه. وحتي تصوره لما بعد رحلة الحياة. مروراً بالمشكلات التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي عاشها بالمعرفة. أو يعيشها بالتجربة والخبرة.
البطل الإنساني في أعمال أرنست همنجواي - علي سبيل المثال - يسقط فيما يشبه الانتصار. والعبث هو محور أعمال ألبير كامي. والدين والعلم والعدالة الاجتماعية أبعاد ثلاثة تصدر عنها أعمال نجيب محفوظ.. والقائمة طويلة.
الاتهام الذي يواجهه أدباؤنا المحدثون أن أعمالهم أقرب إلي الفضفضة. أو الحكي. بلا خطة متكاملة. أو وجهة نظر شاملة يعبر عنها مجموع إنتاج المبدع.
الرأي - كما يقول الناقد عبدالعزيز موافي - صحيح في جزء كبير منه. فلو أننا نظرنا - علي سبيل المثال - إلي مجموعة قصصية أو ديوان شعري قد نجد أن كلا منهما يمثل عالما خاصا ومتكاملا. لكن المعني لا ينسحب علي مجموع إبداع الأديب أو الشاعر. إنها عبارة عن قصائد أو قصص متناثرة لا رابط بينها. إذا تحدثنا عن مجمل إنتاج المبدع بشكل عام. فسنجد ان الرؤية الكلية تغيب عن مجمل الأعمال. وإذا كان لدي بعض الأدباء رؤية كلية. فإنها تنتج ضمنياً نتيجة وحدة التجربة لا وحدة الرؤية. كما هو الحال في أعمال نجيب محفوظ عن الحارة الشعبية. أو إبراهيم أصلان عن منطقة إمبابة. وبالتالي فإن الرؤية الكلية التي يجب أن تسم أعمال المبدعين في حاجة إلي تنمية الحاسة النقدية لديهم. بحيث تغنيهم عن وحدة التجربة.
مشروع محدد
لكن الروائي إدوار الخراط يرفض ان ينطبق هذا الرأي علي كل الأدباء. فالأديب صاحب الموهبة الحقيقية ينطلق من مشروع محدد. حتي لو أفصح عن هذا المشروع بشكل غير سافر. فإنه قائم في مجمل أعماله. لا أتصور أن التعميم صحيح علي اطلاقه. لكنه قد ينطلق من مشروع متكامل يشمل ليس فقط أعماله الأدبية. بل يشمل حياته وسلوكه علي المستوي العام. وعلي المستوي الخاص. وأتصور أن الأديب الحق يصدر عن مجمل هذا المشروع المتسق المتكامل. وأن الأديب إذا لم ينطلق من مثل هذا المشروع فإنه قد يضل طريقه. ولا يبلغ رسالته.
ومع تأكيد الشاعر فاروق شوشة علي أن الإبداع لابد أن يصدر عن خطة وطريقة. ولابد للأديب ان يجاوز نفسه. ويخطط للقادم. في ضوء وعيه النقدي. فكل مبدع لديه وعيه النقدي الذي يسير علي هداه. ولابد بالتالي أن تكون هناك مشروعات وخطة. وإن كنت أري أن هذا السؤال لابد أن يوجه - في البداية - علي النقاد. ليعبروا بشكل جماعي. وفي ضوء معايير. وليس دفاعاً من قبل المبدعين. الناقد هو الذي سيحدد لنا هذه المشروعات. ويبرز ملامحها لدي كل مبدع.
أما الروائي مجيد طوبيا ففي تقديره أنه لا يوجد كاتب حقيقي إلا وله رؤية. والرؤية تشمل فلسفة حياة. وما يتمناه للوطن والمجتمع. نجيب محفوظ كانت له رؤية. وأيضا شكسبير ويوسف إدريس. كل من يمسك القلم له رؤية. إلا إذا كتب دراما تليفزيونية. الأديب الذي يخلو إبداعه من الرؤية هو مجرد "كتبجي". أي أديب حقيقي يضيع من وقته سنة كاملة في التخطيط والبحث عن رؤية. بينما كاتب الدراما يكتب عمله في شهر أو شهرين ليجني المليون بينما الكاتب - إن وجد من ينشر له - لا يأخذ إلا الملاليم. الكتابة الأدبية لا تأتي بدون محفز لا يقدر الأديب أن يقاومه. الأديب إذا لم يكتب فإنه سيموت!
رؤية خاصة
وفي المقابل. يذهب د. سعيد بحيري إلي أن الأدب لا يصدر عن مشروع. فالأديب يبدع أعمالا خلاقة تختلف باختلاف الأوقات والأحوال والتأثيرات الخارجية. ثمة عوامل كثيرة تؤثر في الأديب وإنتاجه الأدبي. وعلينا أن نعي أنه من الممكن أن يتوقف الأديب لسنوات. وقد يتتابع إنتاجه بعد ذلك في صور فنية. قد تكون متعددة. مثل كتابة الرواية أو القصيدة أو المسرحية. المسألة لا تعني ان الأديب لابد أن يكون ملتزما بجنس أدبي معين. فلا يمكن له أن يتحكم في الإبداع. لأن الإبداع غاية في الخصوصية. بحيث يصعب قولبته وحصره في شكل ما. وقد يتجاوز الأديب الزمن للخلف أو للأمام.. هذه الرؤية خاصة تميزه لأن الأديب بصمة لا يمكن ان يتكرر. فإذا تكرر فهو ليس بالأديب المتميز. لو حاولنا أن نعطي مثلا فسنجد أن النماذج التي يصعب قولبتها كثيرة. وإن كان من الممكن أن نجد سمات معينة لدي الأدباء. فهناك من يكتب عن بلد معين مثل الاسكندرية نجد محمد جبريل وإدوار الخراط وإبراهيم عبدالمجيد ومحمد الصاوي وسعيد بكر ومصطفي نصر وغيرهم. حيث تتداعي الذكريات. ويمثل اتساع الثقافة كمرجعية أساسية لهذه الكتابة. فجبريل يستحضر نصوصا من أعمال شعرية أو نثرية. يستدعيها ويحاول تضفيرها داخل أعماله السردية. وقد تتكرر التيمات الأساسية داخل الأعمال لتدل علي التزام الأديب.
وفي تقدير د. طه وادي أننا إذا تأملنا إنتاج كبار الأدباء. فلا يمكن أن نجد ما يسمي مشروعا. لأن الأديب مرآة عاكسة بصدق ما يدور في المجتمع. ومعرفة ما يمور به المجتمع ليس سهلا بالتالي. فمعظم الأدباء لا يتمسكون بهذا. لأن الأديب ليس مؤرخا. وليس ملزما أن يعني بأية قضية من الألف إلي الياء. فهو ليس مؤرخا. ولا يخضع للتغييرات المختلفة التي تحدث في المجتمع ويحاول ان يعكس صداها في نفسه. ومن ثم تكون هناك حرية في اختيار القضايا التي يعالجها. لكن قد يكون هناك التزام بإطار عام. مثل الذي يتخصص في كتابة الروائية التاريخية. أو الكتابة للأطفال. أو الكتابة عن فترة زمنية معينة من تاريخ الوطن.. لكن هذا الإطار الضيق لابد أن يفضي إلي مساحة منفتحة أمام الأديب. ويكون هو ايضا علي قدرمن التنوع. فمن المهم ان يصدر عن رؤية متكاملة للعالم. ووعي بمهام المرحلة التي يعنيها. والبشر الذين تحرك في إطارهم. فيوسف إدريس والشرقاوي تخصصا في الكتابة عن الريف. وهناك كتاب كبار يكتبون عن الإسكندرية وأحيائها مثل جبريل والخراط وعبدالمجيد. كما لم يخرج محفوظ عن إطار القاهرة القديمة أو الحديثة. المهم أن تبرز في الكتابة الأدبية رؤية متكاملة للعالم الذي يعيش فيه الأديب. والقضايا المحلية التي يعاصرها. لأن الأدب مثل التاريخ العام يرتبط بفترة محددة. ثمة كتاب روس اقتصروا علي الكتابة عن المرحلة القيصرية. وكتاب انجليز وفرنسيون تخصصوا في الكتابة عن الشرائح الفقيرة في المجتمع الفرنسي أو الانجليزي. وعلي هذا فالأديب ملتزم بأن يكون صادقاً في التعبير عن المشكلات والطبقات التي يعاصرها. وأن يعكس نبض العصر الذي يعيش فيه.
الحبل علي الغارب
ويؤكد الكاتب المسرحي فكري النقاش علي هذا المعني. لأن المجتمع كله - في رأيه - يفتقد الرؤية الواضحة. لذلك أفسح المجال للمشروع الخاص الفردي. واتسمت الأمور بالتباين فيما بينهم. وفي أعقاب ثورة 1919 كان هناك مشروع قومي يتمثل في الاستقلال والدستور. وواكبه تساؤل كبير هو: هل نحن عرب ومسلمون أم ننتمي إلي البحر المتوسط؟ وقد عبر المبدعون عن قناعاتهم. أما الآن فالأمور غير واضحة. والحبل علي الغارب. أصبح المشروع هو: ماذا تريد أن تفعل أنت في حياتك. بدلا من: ماذا نريد لهذا المجتمع؟ وهذا ما يبرز في الإبداعات النقدية التي وجدت في "عمارة يعقوبيان" أبرز عمل خلال السنوات الثلاثين الماضية. رغم أنها اعتمدت علي سلوكيات الأفراد دون أن تكون لها وجهة نظر شاملة تحيط بالمجتمع. وتقدم له رؤية جديدة. وكذلك الأدباء الذين انغمسوا في تيارات ما بعد الحداثة والتغريب وتخلوا عن تراثهم نتيجة الكم الهائل للمشروعات الشخصية الفردية. وبالتالي كان من الصعب وجود رؤية لمشكلات المجتمع من خلال هذا التعدد والتضارب.
...........................
*المساء ـ في 20/10/2007م.







 
رد مع اقتباس
قديم 13-03-2009, 12:23 PM   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(29) أدبنا العربي..جزر منفصلة

حوار: د. زينب العسال
...............................

د.حسين علي محمد : الثقافة الإلكترونية ألغت المسافات
شوقي حجاب: السياسة والنفط يؤثران علي الإبداع

قد يبدو العنوان مثيراً. لكنه ينطبق علي الدعوات التي ظهرت في العقود الأخيرة. خافتة الصوت في البداية. ثم علا الصوت بنبرة الاستعلاء التي يتحدث بها المثقفون في قطر ما من الوطن العربي عن كتاباتهم. مقابلاً لنبرة الاستخفاف التي يتحدثون بها عن كتابات الأقطار الأخري.
يشفق د.حسين علي محمد من هذه الظاهرة. ويري أن الثقافة العربية متواشجة من بدء التاريخ العربي. وازدادت الحميمية بالمطبعة والإذاعة والإنترنت. والكتاب الذي يظهر في القاهرة تجده في اليوم التالي في مسقط وتونس والرياض. والديوان أو الرواية الذي يظهر في بيروت تجده في اليوم التالي في أيدي مريديه في الوطن العربي من الماء إلي الماء. وقد قرّبت الثقافة الإلكترونية الحدود وألغت الحواجز والرقابة. فقد تمنع إحدي البلاد العربية قصيدة أو رواية أو كتاباً. لكنك في اليوم نفسه تستطيع قراءة هذه المادة. وقد حدث ذلك مع بعض المواد الأدبية.
أذكر علي سبيل المثال أن قصيدة نزار قباني "متي يعلنون وفاة العرب" حينما نشرت في جريدة "الحياة" صودرت الجريدة في ذلك اليوم. لكننا قرأنا القصيدة منشورة في اليوم نفسه. لقد عشت خارج مصر نحو عقدين من الزمان. وما وجدت صعوبة في الحصول علي كتاب ثقافي أريده. مهما يكن المكان الذي نشر هذا الكتاب. وهذا يدل علي التواصل الثقافي العربي الذي تثريه المطبعة والصحيفة والمهرجانات التي تقام كل يوم في عاصمة من عواصم الوطن العربي. فنحن أمة واحدة. ولساننا واحد. ولغتنا واحدة. وأدبنا واحد.
وحين كانت المواصلات صعبة والكلام للشاعر شوقي حجاب كان كل منا يبحث عن الآخر. فلما أصبحت الاتصالات والمواصلات أكثر يسراً تدخلت السياسة. وتدخل النفط. فأصبحنا بالفعل جزراً منعزلة سياسياً علي مستوي القيادات. وهو ما أثر علي الأدب. رغم أن الأدب دائماً علي يسار القيادات. لكنني أتذكر أننا كنا نبحث عن محمد ديب في الجزائر. ونزار قباني في سوريا. وفي الفن عن فيروز. الآن لا نبحث عن أحد. وقد أدي هذا إلي اتساع الهوة. لأن الأدب والفن هما السفراء. وأنا شخصياً أعي وقتاً لم تكن هناك حواجز بين الدول. وكان يأتي إلي بيتنا من ناس من المغرب. يستريح أياماً. ثم يستكمل رحلته إلي الحجاز. لم تكن هناك حواجز علي الإطلاق. هذا الكلام منذ 50 عاماً فقط. وكنت شاهداً عليه. ولعلنا نذكر المشاق التي خاضها سلامة حجازي ويوسف وهبي في تنقلهم بين ربوع الوطن العربي.
ويذهب د.حسين حمودة إلي أنه من المطلوب أن نفكر في البديهية القديمة التي تؤكد أن الأدب الحقيقي إنما ينتمي إلي الإنسانية كلها. إذا فكرنا علي هذا النحو فسنجد أنه من السهل تجاوز أية نزعة ضيقة تري أن أدب بلد ما أكثر أهمية من آداب البلدان الأخري ككل. الآداب في كل بلدان العالم تتكامل وتتفاعل معاً. فلماذا نضيق الحدود من حولنا؟ ويؤكد د.حمودة أن الأدب العربي ربما أكثر من أي شيء آخر يمثل جزءاً حقيقياً من الروابط التي تصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه. ربما كانت هناك صعوبات في إيصال بعض الكتب من هذا البلد العربي إلي ذاك البلد العربي. لكن المثقفين استطاعوا دائماً أن يذللوها. أو يتحايلوا عليها. وكان الكتاب بالتالي يصل دائماً إلي من يريد. وإن في وقت متأخر. ربما احتج بعض الأدباء أوبعض النقاد بأن أدب بلده لم يصل بالقدر الكافي إلي البلدان الأخري. لكنني أتصور أن هذا الاحتجاج أمر منسي تماماً. فمهما انتشر أي عمل أدبي داخل مساحة الوطن العربي. فلن يكون هذا الانتشار كافياً أبداً. ومن حق الأدباء والنقاد أن يطمحوا إلي مزيد من هذا الانتشار. أتصور أن بعض الأقطار العربية لها الحق في أن تؤكد علي تجربتها الأدبية والثقافية. وأن نبحث لهذه التجربة عما يميزها. لكني أتصور أيضا أن هذا يجب ألا يكون علي حساب التجارب الأدبية العربية الأخري. وربما كانت نزعة البعض لتأكيد هويته الإبداعية واضحة. وربما حادة. وهي نزعة من السهل تجاوزها.
ويعيد الناقد حسين عيد نشوء هذه الظاهرة إلي استقلال كل دولة في وطننا العربي في كيانها الخاص. ربما يسعي البعض إلي التحيز لأدب بلده الخاص. وإن كنا نلتمس للبعض العذر مع مسار النمو الذي تتخذه هذه الأقطار. ورغبة أدبائها وكتابها أن يكون لهم كيان خاص ومتميز. وسط وطن عربي مترامي الأطراف. لكن هذا التوجه مغلوط. لأننا في نهاية الأمر أبناء أمة واحدة. هي الأمة العربية. وكأديب مصري. فقد ولدت وسط وطن عربي. لأن وجود هذا الوطن العربي يسمح لي بهذا القدر من الانتشار المباشر بحكم اللغة العربية أساساً. أما إذا حولنا تضييق نطاق كل مجموعة من الكتاب وانغلاقها علي وطنها الخاص. فإن الخسارة هنا ستكون مزدوجة للوطن الخاص. والوطن العام في الوقت نفسه. والأصل أن نفيد من وجودنا ككتاب عرب وسط الوطن العربي. أما الانغلاق داخل حدود دولتي الصغيرة. فهو أمر مرفوض. وتشرذم خاطيء. لا يفيدنا كعرب.
وفي تقدير د.عبدالمجيد زراقط الأستاذ بالجامعة اللبنانية أن المشكلة ليست في الإبداع. وإنما في المبدعين. في بعض المبدعين علي وجه التحديد. إنهم يسيئون إلي قيمة إبداعنا العربي. وثقافتنا العربية بعامة. من خلال شبكاتهم التي تشمل أقطار الوطن العربي. إنهم قلة. لكنهم يحسنون التآمر والإفادة من وسائل النشر التي يشرفون عليها. وإخضاعها لصالح الشلة. بصرف النظر عن جودة الإبداع الذي يروجون له. أو فساده. إن التنبه لهذه الشبكة أهم من الدعاوي التي قد يفرضها التحمس لإبداع قطر عربي ما. أو ما يصدر عنه من أعمال نقدية ودراسات. فمهما علت تلك الأصوات المتحمسة. فإن إبداعاتها تظل منتسبة إلي الإبداع العربي جميعاً. الإحساس بالتفوق مطلوب. دون أن يماهيه إحساس بالدونية بالنسبة لإبداعات أخري هي جزء من الإبداع العربي. وتناولنا لها ينبغي أن ينطلق من هذه النظرة.
وجهة نظر أخري. يعبر عنها الشاعر أحمد فضل شبلول. فهو يري أن أدبنا العربي لم يصبح جزراً منعزلة. بل أصبح أكثر اقتراباً من بعضه البعض. فقد ظهرت أسماء أدبية في العالم العربي مهمة نتابعها ونقرأ لها ونفرح بها وبإبداعها. وتفوز هذه الأسماء بجوائز أدبية رفيعة المستوي. وتعقد دورات بأسمائها في مصر وخارجها. ولنأخذ مثالاً علي ذلك عبدالرحمن منيف. كما نأخذ أسماء مهمة خارج مصر حققت وجوداً كبيراً بإبداعها الذي نتواصل معه من أمثال إبراهيم الكوني في ليبيا. وواسيني الأعرج والطاهر وطار في الجزائر. ومحمد شكري ومحمد أنقار في المغرب. وصلاح الدين بوجاه في تونس وغيرهم الكثير والكثير. وكل هذا الإبداع يصب في مجري الأدب العربي المعاصر ليشكل نهراً متدفقاً علي الدوام. وقد أسهمت سلسلة "آفاق عربية" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة علي سبيل المثال في تقريب بعض الإبداعات العربية لدينا في مصر. ربما كانت هناك فترة من الفترات مرت علينا في مصر لم نكن نعرف فيها سوي صوت أدبائنا. وكان المبدعون العرب يعتبون علينا في ذلك. وأتذكر سؤالاً وجهه الكاتب التونسي رشيد الزوادي لكاتبنا الكبير توفيق الحكيم. عن رأيه في الأدب التونسي. فأجاب الحكيم بصراحته الجارحة أنه لم يعرف شيئاً عن هذا الأدب. علي الرغم من أن طه حسين كتب مقدمة رواية "السد" للكاتب التونسي محمود المسعدي. وأعتقد الآن أننا نعرف عن الأدب العربي خارج مصر الكثير مما كانت تعرفه الأجيال السابقة. وبالتالي لم يعد أدبنا العربي يعيش في جزر معزولة حتي لو نُسب كل أدب عربي لبلده. وهذا شيء طبيعي ولا غبار عليه. وقد لعبت المؤتمرات "وخاصة مؤتمرات المجلس الأعلي للثقافة في الرواية والشعر. ومؤتمرات اتحاد الكتاب في السنوات الأخيرة" والأسابيع الثقافية التي تعقد كل فترة وغيرها. دوراً مهماً في التقريب بين هذه الجزر المعزولة. أيضا تبادل الزيارات والسفر الذي أصبح أكثر يسرا من سنوات الستينيات والسبعينيات مثلاً. فضلاً عن أهم وسيلة موجودة الآن للتقريب بين المسافات بل إلغاء المسافات. وهي شبكة الإنترنت. وما تحققه من نسف لتلك الجزر وإلغائها في الواقع الافتراضي. لنعرف أكثر وأكثر عن أدبنا العربي في كل قطر عربي. وفي كل موجة من موجاته المتتالية.
................................................
*المساء ـ في 28/2/2008م.







 
رد مع اقتباس
قديم 13-03-2009, 12:25 PM   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(30) سمير عبدالباقي .. سبعون شمعة

حوار: د. زينب العسال
................................

كلمة سلام لصلاح جاهين .. بداية طريقي
كامل زهيري علمني معالجة أخطائي الفنية
الشعر ارتبط بحياتي ومواقفي السياسية
الشعراء الجدد لا يعرفون تراث شعبهم

قضايا أدبية .. شاركت أصدقاء وتلاميذ الشاعر الكبير سمير عبدالباقي حفل عيد ميلاده السبعين. في قاعة طه حسين بنقابة الصحفيين. قال سمير عبدالباقي في بداية حديثه انه لم يتعمد أن يكون شاعر فصحي أو عامية. أو يكتب لمسرح الصغار أو الكبار. وفي مجلات الأطفال.
أضاف: لقد جئت من قريتي ميت سلسيل سنة 1955 بعد أن بدأت ثورة يوليو في التحول إلي مشروع وطني ديمقراطي كبير. كانت نسبة المتعلمين في قريتنا مرتفعة جداً. وكان أهل القرية ما بين فقراء وأغنياء. وما يتولد عن ذلك من صراعات. كنت الولد الوحيد في مدرسة بنات. وأنا الآن أكتب عن هذه الفترة في تناولي سيرة حياتي. أتكلم عن أخوالي نجاري السواقي. وجدي لأمي الشيخ الأزهري. وكانت مكتبة جدي بالتحديد هي أول ما وعيت من خلاله علي معني القراءة. الدولاب الحافل بقصص الأنبياء. وألف ليلة وليلة. وكتب العقاد. وطه حسين. والمازني. وكانت أمي قد حصلت علي الشهادة الإلزامية. وكانت حافظة للأمثال الشعبية. وأزجال بيرم التونسي وأبوبثينة. وأذكر أن مدرس اللغة العربية أعارني كتاب أساطير الحب والجمال عند الإغريق. عالم يحكي عن آلهة الأرض والبحر والسموات الأسطورية. واصطدم هذا العالم الخيالي بعالم آخر مليء بالطين والبلهارسيا والفقر. كان لي أصدقاء. لكنهم لم يتعلموا. وكنت مغرماً بالتأكيد أمامهم أني أعرف أسماء البلدان والقري القريبة من قريتنا. ثم أهداني قريب لنا يعمل في مصلحة السكة الحديد كتاباً يشير إلي أسماء البلدان. فكنت أردد أمام أصدقائي -باعتزاز- أسماء تلك البلدان. كان والدي هو الابن الوحيد المتعلم. بين اخوة مزارعين. وأحب أبي أن نعيش عيشة مختلفة. فكنت الطفل الوحيد الذي يغسل وجهه بماء الحنفية.
ذكريات
ويستعيد سمير عبدالباقي أيام قدومه إلي القاهرة. بدأت بالتردد علي صباح الخير. ثم غرفة صغيرة كانت تضم صلاح جاهين وصلاح عبدالصبور وأحمد عباس صالح وكامل زهيري. وعلمني كامل زهيري كيف أهتم بشعري. ويظهر لي الأخطاء التي تجعل من قصيدتي مقالة سياسية. كنت قد كتبت بالفصحي عن الحب. متأثراً بالجرنوسي والجارم وعلي محمود طه. وصالح جودت. فلما وقع في يدي ديوان "كلمة سلام" لصلاح جاهين. قررت أن أمشي في هذه السكة. وكان لغلبة النبرة العالية في قصائدي آنذاك تأثيرها في تأخر تطوري الشعري. وفي تلك الفترة. اندمجت في الحياة السياسية. لكنني لم أنضم إلي أي تنظيم. لأن كل التنظيمات كانت تهاجم بعضها البعض. ثم اعتقلت -لأسباب سياسية- في الفترة من يناير إلي سبتمبر 1959. وتربيت في المعتقل تربية فريدة. قبل أن يتم ترحيلي إلي سجن القناطر. لأجد نفسي مع المسجونين في جرائم القتل والسرقة والمخدرات وغيرها.
تلك المرحلة عرفتني إلي نماذج منوعة من البشر. كما أفدت من مكتبة السجن في قراءة أعداد مجلة المقتطف والكاتب المصري والمسرحيات العالمية. وكتب سيد قطب وكتب التفسير. وهرب لي النزلاء كتاب صبري موسي "ثورة كاسترو". وعرفت أن جاجارين طلع الفضاء. وشخصيات وحكايات أخري. ضمنتها سيرتي الذاتية بعنوان "كراكيب السندرة". ثم تعددت -بعد ذلك- أسفاري إلي مدن العالم: موسكو. وبيروت. وبرلين. وباريس. وطرابلس. كل مدينة سجلت فيها تجربتي الإنسانية.
* وسأل الشاعر مجدي عبدالرحيم: ألا تري أن السيرة التي رويتها كان صوت الشاعر فيها خافتاً؟
** قال سمير عبدالباقي: منذ البداية. لم أكن طموحاً لأن أكون شاعراً. لا قدرة للشعر في الحكي عن التفصيلات. إنه يطمح إلي التعبير عن العام والمكثف. وكما قلت. وأرددها كثيراً. فقد كان همي الأول أن أكون إنساناً وطنيا يمتلك الوعي. لم يكن هدفي من البداية أن أكتب الشعر لمجرد أن أكتبه. لقد ارتبط الشعر بحياتي ومواقفي السياسية.
* وسأل الأديب عبدالناصر العطيفي: متي بدأ اتجاهك لكتابة أدب الأطفال؟
** قال عبدالباقي: بدأت الكتابة للأطفال في مجلة "كروان" التي أصدرتها دار التحرير. نشر لي رئيس التحرير نعمان عاشور ثلاث قصائد. وأذكر أن تلك القصائد رسمها الفنان الكبير عبدالحليم البرجيني بأسلوبه الفني المتميز. ثم امتدت كتاباتي إلي سمير وأسامة وأحمد وماجد وسعد والعربي الصغير.
* وسألت القاصة مني زكي محمد: ما شروط الكتابة للطفل؟
**الشرط الوحيد عندي أن يظل الطفل في داخلي. لكن هذا الطفل -للأسف- مات منذ فترة طويلة. لذا فأنا لم أكتب سيناريوهات للأفلام.
* سأل الناقد حسين عبدالعظيم: ألا تري أن مقولتك بأن الشعر لم يكن من أولوياتك تحتاج إلي مراجعة؟
** قال: هذه حقيقة. فلم يكن الشعر عندي هدفاً في ذاته. كان همي الأول أن أصبح مواطناً جيداً. أؤدي دوراً في خدمة بلدي. وأذكر أني كنت في السجن حين زار مصر ناظم حكمت وبابلو نيرودا. ولفتني حالة من الحزن والجنون لأني لم أقابلهما. لكنني عرفت الشعر بالمعني الذي أحببته عن طريق صلاح جاهين وفؤاد حداد.
مبلغ مرتفع
* سأل الأديب السادات طه: هل تري أن ديوانك الأول قدمك كشاعر؟
** قال: للأسف. ديواني الأول ظلم. لأن ثمنه آنذاك 22 قرشاً. وهو مبلغ مرتفع للغاية. مقابل الكتب ذات القروش الخمسة والأقل. أنا نفسي لم أستطع شراء ديواني الأول. ثم صدر أغنيات الثورة. وفي حب مصر. بالإضافة إلي الأغنيات التي لحنها وأداها صديقي الجميل عدلي فخري. ثم دخلت هيئة قصور الثقافة. وقدمت "مقالب عطيات" علي المسرح القومي. وأخرجتها سميحة أيوب. وأنشأت الفرقة المركزية لمسرح العرائس. وكتبت مسرحية "شهاب الدين" التي قدمها راجي عنايت وصلاح جاهين. وقدمت في مسرح العرائس العديد من الأعمال.
* سأل الشاعر عاطف الجندي: ما رأيك في القول ان ما تكتبه يندرج تحت فن الزجل؟
** قال: أنا لا أنكر انني أكتب الزجل. ولعلي أضيف ان أعظم انجاز في فن الزجل بعد بيرم هو ما كتبته. أقول هذا لأني لابد أن أقوله.
* سأل الأديب مختار حسنين: ألا تري أن الكتابة في أكثر من مجال إبداعي كان لها آثار سلبية؟
** قال: أعترف أن ما كتبته غزير. وقد اكتشفت أن الناس لا قدرة لها علي قراءة 700 صفحة من الزجل. لذلك فإني أعد لجمع كل كتاباتي. لإصدارها في كتب قبل أن أموت.
* سأل الأديب السوداني أشرف سمير: بالمناسبة. العمل في قصور الثقافة.. هل أضاف إلي الفنان. أو أخذ منه؟
** قال: أفادني من الناحية الإنسانية. فالسفر إلي القري والمدن. والتعرف الإنساني للفنانين والشعراء والكتاب. كان له جانبه الإيجابي في إثراء تجربتي الإنسانية. والغريب أنه بعد أن قدمت مقالب عطيات علي المسرح القومي. فإن الأمر أغلق تماماً في وجه أعمالي. وكل ما كتبته من مسرحيات قدم علي مسارح هيئة قصور الثقافة. الجانب السلبي أني أنتسب إلي القاهرة. وأنا لست في القاهرة. ولعل الجانب الإيجابي في هذا الأمر أني لم أنغمس في المعترك القاهري. ويبقي أنه علي أن أتحمل اختياري. فالمؤسسة لا تتبني إلا الإنسان الطيب المسالم. هو ابن المؤسسة. تعطيه ما يريده لأنه معهم. أما من يختلف مع فكرم أو له رأي هو خارج دائرة الرضا. ولست نادماً علي هذا الوقف. فأنا مقتنع به.
* سأل الأديب أسعد رمسيس : هل أنت مع قصيدة العامية؟
** قال: أنا لست معها. أو ضدها. لكنني أتفهم الأسباب التي أفرزتها. وإن كنت علي الشعراء الجدد المتبنيين لقصيدة النثر أنهم لا يعرفون تراث شعبهم. أين الشعراء فيما يحصل في بلادهم؟ لقد خرج علينا النقاد فترة السبعينيات -للأسف- بنظريات غريبة انتهت في بلادها. والكلام عن الحداثة جعل الشعراء يخرجون من جلدهم. وكما أري فإن الكثيرين يكتبون الزجل. لكنهم يرفضون الاعتراف بذلك. لقد كنا في شبابنا نجري وراء شاعر الربابة. نستمع إلي حكايات الهلالي والجازية. وكنا مرتبطين بالناس. ونحرص علي الارتباط بالمجتمع وبالقضايا العامة. هذا ما يفتقده الجيل الحالي.
...............................................
*المساء ـ في 7/3/2009م.







 
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2009, 04:10 AM   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

ونحن علي أبواب معرض الإسكندرية الدولي
معارض الكتاب الإقليمية هل أثبتت جدواها ؟

أبو المعاطي أبو النجا: الجانب الاقتصادي لا يُمكن إغفاله.
د. حسين علي محمد: الإعداد الجيد .. واختيار الأكثر ملاءمة.

حوار: د. زينب العسال
..........................

معرض الاسكندرية الدولي للكتاب. يفتتح أبواه للجمهور هذا الأسبوع. ولأن المعارض الاقليمية للكتاب. سواء عن طريق هيئة الكتاب. أو بواسطة هيئة قصور الثقافة. شكلت في الأعوام الأخيرة ما يشبه الظاهرة. فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل تحقق هذه المعارض ما يريده لها منظموها. وجمهور القراء بالتالي. من اقبال ونجاح. أو أنها تظل مجرد مناسبة احتفالية بلا عائد حقيقي؟
المسألة بسيطة جدا والكلام للروائي أبوالمعاطي أبو النجا فالمفروض ان تجري دراسات عن الكميات المباعة من الكتب. وهذا مؤشر إلي ان الناس في الأقاليم تقبل علي الكتاب أم لا. كذلك الندوات التي تناقش الكتب التي تحدث حالة من الرواج. وهذا أمر يتم في معرض القاهرة الدولي للكتاب. ثمة المقهي الثقافي الذي يناقش أهم الكتب. والندوات التي تناقش الابداع الجديد.. كل ذلك يظهر لنا اذا كانت هذه المعارض ذات جدوي أم لا. لا يمكن اغفال النشاط المصاحب ذلك كله مطلوب حتي نتعرف بدقة إلي أهمية هذه المعارض. أو عدم أهميتها بالنسبة للاقبال علي القاهرة. ومن ثم رواج الكتاب أم ان المسألة مولد حتي في الموالد هناك الجانب الاقتصادي وهو البيع والشراء وبصراحة أنا لم أذهب الي هذه المعارض. فمن الصعب ان أحكم عليها بالنجاح أو بالفشل. وان كانت لدينا وسائل لمعرفة جدواها ونسب البيع وما الذي يباع وهو أسلوب مهم حتي نتمكن من معرفة جدوي هذه المعارض.
ظاهرة ثقافية
ويذهب د. صلاح الراوي إلي ان هذه المعارض مجرد تظاهرات حتي ان معرض الكتاب الرئيسي بالقاهرة لم يعد الكتاب مهمته الأولي كما بدأ ان تقام معارض في الأقاليم فهذه فرصة طيبة ان يتعرف الناس الي الكتاب حيث يقيمون فلا يتجشمون عناء الانتقال من مدنهم وقراهم الي العاصمة لكن السؤال هو: أي كتاب يقدم للناس؟ أعتقد ان ثمة شعوراً متبادلا. فالغالبية من القراء لا يتنبهون إلي مثل هذه المعارض لعوامل كثيرة أهمها انه ليس لدينا استراتيجية ثقافية مترابطة. تضع كل عنصر من عناسر الثقافة والتثقيف في سياق مترابط وأعتقد ان الانترنت قد حل الكثير من هذه المشكلات فالكتاب بالنسبة لي أصبح علي مرمي من اصبعي وغلاء الكتاب غير المبرر لم يعد واردا وثمة من يقوم بمهمة تيسير حصول الناس علي الكتب بالمجان. صحيح ان هذا الأمر يضر الناشرين. لكنه الصراع الدائم بين المستهلك والمنتج.
المفروض ان يكون معرض الكتاب ظاهرة ثقافية تحرص الناس عليها. منذ زمن كنا نمضي كل الوقت داخل المعرض وكنا نحصل علي كم من الكتب والعناوين لم تكن موجودة في دور النشر المحلية. الأمر الذي لم يعد كذلك. وبالمناسبة فان الاسكندرية ليست اقليما يبقي ان الناس لا يشترون الكتب. ودائما ما توجد مبررات لعدم شراء الكتب. فما المانع ان تقام معارض تقدم فعاليات ثقافية يهتم بها أبناء الاقليم. مثلا لو كنا في الصعيد. تقدم السيرة الشعبية مثلا وتعد الندوات واللقاءات التي تناقش مشكلات تهم رواد المعرض.
وفي تقدير د. حسين علي محمد ان أقاليم مصر ظلت تعاني التجاهل الثقافي ردحاً طويلا من الزمن. حتي جاءت الستينيات ووجدنا الثقافة تنزل إلي القري والمدن. حتي لا تحتكر القاهرة والاسكندرية الثقافة وأنشطتها. فشاهدنا المسرحيات تعرض في طنطا والزقازيق وبورسعيد والمنصورة والمنيا. واقيم المؤتمر الأول للأدباء في الزقازيق عام 1969 برئاسة الراحل نجيب محفوظ. أنا أرحب بمعارض الكتب التي تعقد في الأقاليم دمياط والمنصورة وأسيوط والفيوم و الزقازيق. شريطة ان تحمل هذه المعارض من الكتب ما تحمله معارض القاهرة والاسكندرية وان تقام فيها الندوات الفكرية والثقافية والأدبية التي يختلط فيها أدباء الأقاليم بالأدباء الكبار المصريين والعرب ان أمكن ويحضرها كبار المثقفين والنقاد المفكرين وان تكون فيها حلقات نقاش تثري الثقافية العربية المعاصرة برؤاها إنني أريد لهذه المعارض ان تكون أعراساً للثقافة. وليست معارض للدعاية والزينة لمسئولي وزارة الثقافة. حتي يقولوا ويكتبوا في أوراقهم تقارير ميتة عن معارض للكتب. أقاموها بفروسية ونبل وتجرد وتضحية. خارج حدود القاهرة أو مصر المحروسة.
ويؤكد د. حسن طلب فائدة انتشار المعارض بعيدا عن العاصمة وان تكون موزعة علي الأقاليم لكسر الاحتكار الذي يجل كل شيء في العاصمة وللعاصمة قديما كانت الاسكندرية تختص بهذا الشرف. جميل ان تعم الظاهرة في المحافظات الأخري. فهدا مكسب لأن معرض الكتاب يعد آلية من آليات انتشار الكتاب بشرط الاعداد الجيد فيراعي تنوع الأقاليم. وبقصور الثقافة وان يتم اختيار الجيد بدءا من النشر الذي يحتاج في تصوري إلي مراجعة. علينا ان نختار الكتب الأكثر ملاءمة للشباب والتي ترفع درجة الوعي والتفكير وبداية فلابد من خطة للنشر تغذي هذه المعارض. وتلبي احتياجاتها وهنا سيكون لانتشار المعارض معناه وفوائده.
نشاط مهم
وفي رأي د. حسين حمودة ان هذا النشاط مهم لأن منافذ البيع لدور النشر الحكومية وغير الحكومية ليست كافية وبخاصة خارج العاصمة. هذه المعارض تقدم فرصة لوصول الكتب الي قطاع كبير من الجمهور لا تصل اليه هذه الكتب عادة. واذا كانت هناك أنشطة ثقافية مصاحبة لهذه المعارض. فهذا أفضل لأن هذه الأنشطة تجتذب جمهورا أكثر اهتماما بالثقافة واذا كانت بعض هذه الأنشطة تعني بمناقشة كتب بعينها. وكتاب وكاتبات. فهذا النشاط يصل بين الجمهور وما تقدمه هذه المعارض من اصدارات. ولعلي أتصور ان هذه المعارض تسهم في تنشيط الاقبال علي القراءة. حتي لو ظل السؤال قائما: إلي أي حد؟ ان القاريء واحد في القاهرة وخارجها. لكن ربما كانت هناك بعض الكتب التي تلبي الاحتياج الي معرفة بعينها ويمكن ان تراعي هذه الخصوصية هذه المعرفة المتخصصة وتبعا لتغير الأقاليم التي تقام فيها هذه المعارض. وبوجه عام فان الاهتمامات الثقافية تظل واحدة عند القراء في كل مكان.
ويري الروائي جار النبي الحلو ان فكرة اقامة معرض للكتاب وتنقله من القاهرة الي اقاليم مصر فكرة تليق بحضارتنا وثقافتنا ورغبتنا الأكيدة في مقاومة الظلام والخزعبلات بالثقافة والفكر لكن أرجو الا يقتصر معرض الكتاب علي ارسال نماذج من المعرض أو بعدد محدود من دور النشر وكما تطرح الفكرة نفسها بقوة وهي اقامة معرض حقيقي في أقاليمنا الثقافية الخمسة بكامل هيئته ودور نشره وهذا يسهم بشكل جيد في اللامركزية الثقافية وتخفف الحمل عن كاهل القاهرة. علي ان تخصص لهذه المعارض في الأقاليم الخمسة مواعيد محددة لأننا في مرحلتنا التاريخية القادمة في حاجة ماسة لكل كتاب نبني به السد في وجه التخلف.
.................................
*المساء ـ في 1/8/2009م.







 
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2009, 04:11 AM   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(32) د.. عاطف العراقي .. في حوار لا تنقصه الصراحة:

الوظيفة ظلمتني..ويجب إعادة النظر في قواعد جوائز الدولة
وقفت أمام محكمة الجنايات بتهمة تدريس الفلسفة
تبسيط المذاهب أهم مبيعات كتب الأطفال

حوار: د. زينب العسال
..........................

يعد أستاذ الفلسفة د. عاطف العراقي في مقدمة المؤمنين بامتزاج الأدب والفلسفة. وأن الإنسان قضيتهما المشتركة. ذلك ما يبين في مؤلفاته الفلسفية الكثيرة التي تسري فيها روح الأديب. حتي اللغة تبعد عن جفاف الفلسفة وتسري فيها شاعرية الأدب.
قلنا: ماذا تقرأ في شهر رمضان؟
قال: أقرأ كتاباً لم ينتبه اليه أحد. وهو كتاب ابن رشد "بداية المجتهد ونهاية المقتصد في علم الفقه" وقد دخل السعودية علي أنه كتاب للقرطبي. وهو يتضمن مجموعة كبيرة من تأويل النصوص الدينية
القرآنية. ولا يقف موقف الجمود من النص الديني. بحيث أراه صالحاً لكل المشكلات التي تثار حول فهم طبيعة الاسلام. والحق أن العيب ليس في الدين. لكن في الفهم الخاطيء للدين. وليت المثقفين يرجعون إلي هذا الكتاب. بل لعلي أتمني أن تنشره هيئة الكتاب مبسطاً علي أوسع صوره. لأن أكثر المشتغلين بالعلوم الدينية. في أكثر البلدان العربية. لا يعرفون هذا الكتاب الذي يثبت ان ابن رشد لم يكن طبيبا ولا فيلسوفا فقط. بل كان فقيها.
قلنا: ألا تري ان الفلسفة بعيدة عن نبض الناس. حتي عن المثقفين؟
قال: للأسف الشديد ينظر معظم الناس حتي بين المثقفين نظرة سيئة إلي الفلسفة. وهذا لا يوجد الا في الوطن العربي. في أوروبا والولايات المتحدة ينظرون إلي الفلسفة نظرة ترحيب. لأنها كما توصف أم أو أساس العلوم. وأذكر أثناء وجودي في المعرض الدولي للكتاب في تورينو بايطاليا. أن الأطفال كانوا يقبلون علي كتب الفلاسفة الغربيين كديكارت وجون لوك إقبالا منقطع النظير. لأنها توجد في طبعات مبسطة. مع شرح المصطلحات ولعلي أقترح علي هيئة الكتاب ان تضع في بؤرة اهتمامها إصدار طبعات ميسرة ومترجمة ترجمة واضحة لأمهات الكتب الفلسفية الغربية لأننا لا نتصور مثقفا في القرن الحادي والعشرين يجعل المذاهب الكبري التي صاغت وجدان وعقلية شعوب العالم. هل من المعقول ان يجهل أكثر مثقفينا كتابات فرانسيس بيكون الانجليزي وديكارت الفرنسي. وهيجل الألماني. ووليم جيمس الأمريكي. انها مهزلة ولو أرادت هيئة الكتاب وبدأت من الآن فستكون الكتب الفلسفية الكبري بين أيدي الفقراء تماما كما حاول زكي نجيب محمود تبسيط الكثير من المذاهب الفلسفية. وأحب أن أقول ان العيب ليس في النص. ولكن تجاهل النصوص الفلسفية. وغياب محاولات تبسيطها هو الذي يجعل الفلسفة بعيدة عن جمهور الشعوب العربية. لدرجة انه توجد الآن بلدان عربية ممنوع فيها تدريس الفلسفة. أو توصف بأنها تفسير. وأذكر ان أول بند من بنود اتهامي أمام محكمة الجنايات بالمنصورة. هو اشتغالي بتدريس الفلسفة.
نقطة انطلاق
قلنا: صلتك بالأدب والفلسفة تجعلك نموذجا يمثل هذه العلاقة.. أيهما أحب اليك؟
قال: المشكلة ان الوظيفة قد ظلمتني. يقال أستاذ فلسفة. في حين ان ما كتبته في الأدب كماأكثر من الفلسفة. والأسباب عديدة منها الاعتقاد بأن الفلسفة بدون الأدب ستظل جافة صارمة. بعيدة عن جمهور المثقفين. لذلك نجد قبولا من المثقفين لكتابات توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود للفلسفة أكثر من أساتذة الفلسفة بل ان الأديب الحق في رأيي هو من يمزج بين الأدب والفلسفة بحيث يكتب في الأدب بروح فلسفية. ويكتب في الفلسفة بروح أدبية ونقطة الانطلاق هي أن يميز كما قال الحكيم بين ما يسمي أدب التعبير وأدب التفسير. أدب التعبير يحدث لذة في النفس فقط. كأشعار البحتري. وبعض روايات شكسبير كروميو وجولييت وبعض سيمفونيات بتهوفن. أما أدب التفسير فهو الذي يمكن اعتباره ممثلا للمزج بين الأدب والفلسفة. كما قال الحكيم بحق. حيث التقيته بجريدة الأهرام. ومن أمثلته أيضا ابن الرومي والمتنبي والمعري وشكسبير في مسرحية "هاملت" هذا يمثل أدب التفسير. أي يتضمن رؤية للكون والوجود وعمقا في التحليل. وهو ما نلحظه في النزعة التشاؤمية عند ابن الرومي. وأيضا عند أبي العلاء المعري. وهذا ما أكده توفيق الحكيم حين قال ان أدب التعبير كاللؤلوة لأن جمالها في حد ذاتها فقط أما أدب التفسير فهو كالماسة لأن الماسة يتخطي تأثيرها المكان الذي توجد فيه فأقرب أنواع الأدب للفلسفة هو أدب التفسير نجد هذا عند الكثير من الفلاسفة الغربية مثل نيتشة الفيلسوف الألماني كما نجده عند أبي حيان التوحيدي. ومسكويه فيلسوف الأخلاق. واهتمامي بالأدب يرجع الي الكتب التي كان يستعيرها والدي. ويطلب مني قراءتها. لذلك فإن كل ما أكتبه الآن في الفلسفة كتبته بروح أدبية.
قلنا: هل لدينا أدباء لهم فلسفة؟
قال: قد نجد أكثرهم في مصر. لكنهم رحلوا عنا. ومنهم طه حسين في العديد من رواياته وبخاصة "دعاء الكروان" و"المعذبون في الأرض" وتوفيق الحكيم وبخاصة في يوميات نائب في الأرياف ومسرح المجتمع والمسرح الممنوع. حيث يتعرض للعديد من العادات والتقاليد. والثالث هو نجيب محفوظ الذي عبر عن بعد اجتماعي نقدي واضح. منطلقا من حبه إلي حد كبير لرجال الوفد. وبخاصة سعد زغلول. ظهر ذلك في الثلاثية التي انتهت في مشارف حركة الجيش في 1952. بالاضافة الي نقد أوضاع المجتمع بروح فلسفية. كما في بداية ونهاية وزقاق المدق والحرافيش. ومن الممكن ان نطلق علي فلسفته الفلسفة الاجتماعية.
لزوم الشيء
قلنا: أثيرت في الفترة الأخيرة قضية منح جوائز الدولة.. وما رأيك في هذه القضية؟
قال: لي رأي في الجوائز: لماذا لا تقتصر علي الجانب المعنوي دون الجانب المادي؟ ليس من المعقول ان تنفق مصر حوالي 10 ملايين جنيه كل عام علي جوائز تعطي في الأعم لأشباه المثقفين. من العار علي مصر ان تعطي جوائز اليوم في الأدب. كما أعطيت لزكي نجيب محمود ونجيب محفوظ والحكيم وغيرهم ومن العار ان تعطي جوائز في العلوم الاجتماعية لأناس مثلما أعطيت لأحمد لطفي السيد. ولكي نصلح أمر الجوائز. بحيث تكون في المستقبل أفضل من الحاضر فإنه يجب إلغاء الحافز المادي. فالصراع علي الجوائز ينطلق أساسا من كبر حجمها المالي إلي جانب ما قاله الريحاني ان الشيء لزوم الشيء فالقنوات الفضائية تفتح أبوابها وأيضا أبواب الصحف والسفريات. بحيث نفاجأ بأن الذي لم يقدم شيئا حقيقيا صار رمزا من الرموز وللتاريخ أذكر ان علي عبدالواحد وافي العالم الكبير ومنشيء أقسام الاجتماع في أكثر البلدان العربية كان مرشحا للجائزة ولم يحصل علي حقه الا بعد معركة خضتها شخصيا وما يحدث الآن بالنسبة لفؤاد زكريا هو وصمة عار في تاريخ جوائز الدولة و قد أبدي المثقفون خارج مصر استياءهم بعد حصول الرجل علي الجائزة. وهو الذي ألف وترجم آلاف الصفحات وخاض العديد من المعارك الفكرية وترأس تحرير مجلات فكرية مهمة يجب اعادة النظر في موضوع الجوائز. بحيث تصبح اسما علي مسمي. وأذكر انه حين انشئت جائزة التفوق قبل ان من سيحصل علي التقديرية سيراعي ان يكون حاصلا علي التشجيعية والتفوق. لكن ذلك للأسف لم يحدث فمن الحاصلين علي التقديرية هذا العام من لم يحصلوا علي التشجيعية رحم الله زكي نجيب محمود الذي تحدث عن ظاهرة عملقة الأقزام. أي كيف تجعل من القزم الذي لا شأن له عملاقا ومفكرا كبيرا وارجع هذا الي شيئين: الإعلام والسياسة. وأشهد ان هذا القول من جانب زكي نجيب محمود صادق تماما وقد جربته بنفسي. تم ترشيحي ذات عام من جامعة المنوفية. لكنهم فضلوا علي اسم شقيق أحد الوزراء.
........................................
*المساء ـ في 5/9/2009م.







 
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2009, 04:12 AM   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(33) مبدعو الدقهلية..ومشكلات تطلب الحل !
اختفي عصر الكتب زهيدة السعر

حوار: د. زينب العسال
...........................

لا يختلف أثنان في الدور المهم الذي أسهمت به الدقهلية في تشكيل الوجدان الثقافي المصري. من خلال عشرات المبدعين الذين تحولوا بإسهاماتهم المفكرة والخلاقة إلي رموز في تاريخنا المعاصر والحديث بداية من لطفي السيد وعبدالعزيز فهمي وانتهاء بأعضاء أندية الأدب من الشباب. مرورا بالدكتور هيكل وأم كلثوم والسنباطي وعلي محمود طه وابراهيم ناجي ومحمد يوسف وزكي عمر وفؤاد حجازي وعبدالمنعم السلاب ونبيل خالد وعماد الدين عيسي وعشرات غيرهم.
يشير الشاعر والباحث نبيل خالد إلي ظاهرة قديمة طواها الزمن. وهي عربة الكارو التي كانت تحمل كتباً زهيدة السعر. وكان الجميع يقرءون ثم قلت القراءة إلي حد ملحوظ ومثير للاستياء وهو ما يستدعي دراسة جادة وموضوعية فلا قيمة لأدب يغيب عنه القراء. والمسئولية في تقديري تقع علي هيئاتنا الثقافية. بل ان ترويج الأدب من صميم عمل تلك الهيئات. بالاضافة إلي ما ينبغي علي الأدباء الكبار من تشجيع للأجيال التالية من الأدباء.
وتقترح الشاعرة فاطمة الزهراء ان يعتني بالندوات المفتوحة التي تنشأ فيها مداخلات. والتعرف علي رأي الجمهور من خلال استمارة استبيان لموضوع كل ندوة. والاقتراحات التي ينبغي درساتها. وبالنسبة لمكتبة الدقهلية التي تحيا عهدا متألقا علي يد مديرتها زينب راشد. فإني أرجو ان تصدر كتاباً دورياً لمبدعي الدقهلية. تصل أصواتهم من خلاله إلي كل الدنيا.
أسماء واعدة
ورغم عضوية القاص والناقد فرج مجاهد في مجلس ادارة فرع اتحاد الكتاب بالدقهلية. فإنه يشير الي المشكلة التي يعانيها الفرع منذ بداية نشاطه. فالدعم لا يغطي هذه التكلفة الباهظة. وقد انتقل الي شقة أخري ايجارها 500 جنيه. لكن الكثير من أدباء يقاطعون المكان. ونأمل ان يخصص لنا السيد المحافظ مكانا آخر لائقا. ومعفيا من المصاريف. أو بمصاريف معقولة. ليتاح للفرع ممارسة أنشطته علي مستوي المحافظة بالشكل المطلوب.
نحن نتحدث عن الأسماء المهمة التي قدمتها الدقهلية للثقافة المصرية وللابداع المصري. ويبقي ان نتحدث عن الأسماء المبشرة الواعدة في المدن والقري والكفور. والتي تحتاج الي العين التي تحسن التقييم والمتابعة. وتتولي التقديم. ليس علي مستوي المحافظة وحدها. وإنما علي مستوي البلاد جميعا. هو ما لن يتحقق بغير المكان الذي يتحول إلي ما بشبه معمل التفريخ. الذي يحتضن ويرعي ويدفع بالمواهب الحقيقية. لتضيف إلي حياتنا الثقافية. وتثريها.
وحددت الشاعرة دنا حمدي أهم المشكلات التي تواجه أدباء الدقهلية في النشر. ثمة ابداعات ودراسات نقدية. بل وهناك عمليات نشر. لكنها محدودة التأثير فهي توزع علي الأصدقاء. ولا تصل إلي القراء خارج المحافظة. لدينا كتاب بلا قراء. ولأن المشكلة أساسا هي مشكلة توزيع. فلعلي أقترح أن ينشط مشروع النشر الاقليمي التابع لهيئة قصور الثقافة. فضلا عما يجب ان تتخذه الهيئات الثقافية الأخري في المحافظة من خطوات. تمضي في الاتجاه القومي. بمعني ان تنشد القاريء في كل مكان. وليس في رقعة محددة ومحدودة.
ويعدد الشاعر مصباح المهدي تكوينات المشهد بأنها شديدة التعقيد. نحن جيل حمل أعماله ولف المدن والقري بحثا عن القاريء. الأمر سهل بالنسبة للشاعر. فماذا عن القاص؟ كيف يحمل إبداعه ويقدمه في أمسيات قصصية مشابه للأمسيات الشعرية؟ مسألة تنطوي علي صعوبة. بحيث يقفز السؤال في حيرة: من يرتب الأوراق في الهيئات الثقافية ومن يملك الحق في منح الجوائز الثقافية؟ وما مؤهلات حصوله علي هذا الحق؟ الصورة كما قلت محبطة. وتحتاج إلي قيادات تعطي الأولوية لتنشيط الحياة الثقافية. واكتشاف المواهب. واتاحة الفرص لها. وان كان رأيي ان المؤسسة لن تساعد الأديب الا بقدر ما يريد ان يساعد نفسه.
مشكلة قومية
والمشكلة في تقدير القاص محمد خيرت حماد ليست في الدقهلية وحدها. فاتحاد الكتاب لم يقم بالدور الذي نأمله منه بتقديم الحقيقي والصحيح. وأتصور انه من و اجب الاتحاد ان يكون له رأي وموقف في أنشطة هيئات وزارة الثقافة. حتي مشروع مكتبة الأسرة من واجب الاتحاد ان يبدي الرأي في غياب الكثير من الأسماء الموهوبة والجادة.
ويلاحظ الشاعر جمعة سنجاب أن الأنشطة الاعلامية رغم أهميتها غائبة عن أندية الأدب. بل ان ندوة نادي الأدب مغلقة. ولابد ان تنشأ اطلالة لنشر ابداعات الأدباء نحن نتولي نشر ابداعاتنا علي نفقتنا الخاصة. وأبسط الأمور أن يتولي التعريف النقدي بتلك الابداعات اعلام مسئول. يطمئن معه الأديب إلي ان انفاقه المادي لم يذهب بدداً. وأن إبداعه يستحق التقديم. ويستحق القاعدة العريضة من القراء.
وتعيب الأديبة آلاء فرج علي الندوات التي تشهدها التجمعات الثقافية في المنصورة. أنها تطرح المشكلات. ولا تقدم الحلول لابد ان يلي عرض المشكلة تقديم الحل. واذا كان اقتصار عضوية مجالس ادارات الأندية الأدبية عيبا في نظر البعض. فإن مجاوزة هذا العيب تأتي بأن يحاول الآخرون أن يسهموا بأنشطة خلاقة في المجالات الادارية بالقدر نفسه الذي يسهمون به في مجالات الابداع.
أما الأديب مجدي شلبي فإنه يجد في مواقع الانترنت مجالا مهما يطل منه كل المبدعين علي مستوي مصر كلها علي القرار في امتداد الوطن العربي. وقد سعدت بتكليف نادي الأدب بالمنصورة لي بإنشاء موقع يضم كتابات أعضائه. وبالمناسبة فأنا أكتب أدبا ساخرا. وحين تقدمت إلي عضوية اتحاد الكتاب رفض طلبي بدعوي ان ما أكتبه لا يدخل في مجال الأدب. فهل هذا هو رأيهم في كتابات محمد مستجاب ومحمود السعدني ومحمد عفيفي وغيرهم؟
وعلي الرغم من وجود العديد من المؤسسات الثقافية في الدقهلية في المنصورة تحديدا فإن الفعاليات في تقدير الشاعر علي عبدالعزيز غائبة. والسبب ببساطة هو تكرار الأسماء التي تتولي العمل الاداري. هي الأسماء نفسها في كل الأنشطة. بما يضع سدا أمام سواهم من الأدباء لتقديم اضافات جديدة وجادة لصالح الحركة الثقافية.
ويقصر القاص السعيد نجم ما يعانيه أدباء الدقهلية. وربما كل الأدباء البعيدين عن العاصمة. علي مشكلة النشر. نادي الأدب في قصر الثقافة نشاطه شاحب. الأمر نفسه في مكتبة مبارك. وفرع اتحاد الكتاب يرحمه الله. مات في الشقة التي يصعب الوصول اليها محافظ الشرقية يرعي اصدار عشرة كتب سنويا بعنوان "خيول". أما نحن فنطبع علي نفقتنا الخاصة بما يستدعي تنبيه رجال الأعمال في المحافظة إلي دورهم في هذا المجال. وبالطبع فانه من الصعب ان أوزع الي جانب مكتبة الأسرة التي تنشر لكبار الأدباء والكتاب بمبالغ رمزية؟ أزمتنا الحقيقية هي كيفية توزيع الكتب التي نصدرها؟
ويلخص القاص علي عوض رأيه في أن غالبية أدباء الدقهلية لا يعرفون بعضهم البعض. فكيف يتاح لهم معرفة رأي الناس؟ هنا أدباء لكننا ننشر في دائرة مغلقة. لا يوجد نقد. ولا توجد حركة إعلامية.
ويستعيد الشاعر أبو بكر ابراهيم مجلة "المنصورة" التي اختفت منذ سنين طويلة: لماذا لا يكون لنادي الأدب جريدة أو مجلة تنشر أعمال الأدباء. كي تعرف الدقهلية في الأقل مبدعيها. فضلا عن امكانية ارسال نسخ منها إلي الصحف ووسائل الإعلام لتسليط الضوء عليها. واختيار الجيد منها لنشره في مساحات أوسع.
........................................
*المساء ـ في 29/8/2009م.







 
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2009, 04:15 AM   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: حوارات في الأدب والثقافة

(34) حضارة الإسلام في عيون مفكري الغرب

د.الكومي : كتابات كثيرة تناولت الدعوة إلي مساواة البشر
د.طلب : ليس كل المستشرقين.. مغرضين!
د.عتمان : للعرب دورهم في صيانة تراث الإغريق

حوار: د. زينب العسال
...........................

طبيعي أن تضم المكتبة العربية آلاف الكتب التي وضعها علماء ومفكرون وأدباء مسلمون وعرب عن الإسلام منذ فجر الدعوة إلي زماننا الحديث. تعاليمه. وفقهه. وكيف تحقق للدعوة المحمدية هذا الانتشار الهائل في كل أرجاء الدنيا. من خلال الكلمة الصادقة والإقناع والمثل الأسمي. لكن ما يستلفت النظر. ويحتاج إلي وقفة تقدير. تلك الكتابات التي وضعها كتاب من الغرب. تعرض بموضوعية لتاريخ الإسلام. منذ بزغ نوره في جزيرة العرب. وتناقش أبعاده الحضارية والإنسانية. والإسهامات الحقيقية التي أضاف بها إلي تقدم المجتمع البشري.
يري د.شبل الكومي أن الألمان كانوا من أوائل من تحدث عن الإسلام والحضارة العربية الإسلامية. وأذكر أن سفيراً لألمانيا في المغرب درس الإسلام. وكتب عنه. ثم اعتنقه. وقدم عنه في كتابات متعددة صورة عصرية متقدمة. وفي فرنسا لابد أن نشيد بالجهد الذي بذله جارودي الذي اعتنق الإسلام. ودافع عن قضايا الإسلام والعرب. حتي أنه واجه السجن لقاء إنكاره للمحرقة اليهودية. ومن المهم أيضا أن نشير إلي كتاب الرئيس البوسني الأسبق علي عزت بيجوفيتش عن دور الإسلام في حياة البشر. والإضافات المهمة التي قدمها إلي حياة الإنسان. وثمة كتابات وكتب أخري كثيرة. ألفها كتاب غربيون. أكدت دور الإسلام في المسار الإنساني. وما أسداه لتطور الحضارة الإنسانية
البطل نبياً
وربما كان أهم من أنصف الإسلام من كتاب الغرب في القرن التاسع عشر. والكلام للدكتور ماهر شفيق فريد المؤرخ الاسكتلندي توماس كارلايل صاحب كتاب "البطولة وعبادة الأبطال". فقد خصص فصلاً للرسول عليه الصلاة والسلام تحت عنوان "البطل نبياً" حيث أبرز النقلة الحضارية الكبري التي جاءت بها الحضارة الإسلامية. وكيف كانت مرحلة متقدمة علي غيرها من حضارات الشرق القديم. وفي القرن العشرين. كان الكاتب المسرحي الأيرلندي برناردشو من أوائل من قدروا الإسلام. باعتباره ديناً وثقافة وحضارة. كما كانت له مواقف أخري عادلة. كحملته علي ما صنعه الاستعمار الإنجليزي في قرية دنشواي. وفي عصرنا ربما كانت الكاتبة الإنجليزية كارمن آرمسترونج من مؤرخي الأديان الذين يتوخون الموضوعية والإنصاف. نري هذا في كتبها عن الرسول عليه الصلاة والسلام. وعن مدينة القدس عبر العصور. وعن اليهودية والمسيحية والإسلام. وكلها مترجمة إلي العربية بأقلام د.محمد عناني ود.فاطمة نصر.
ولعل أشهر ما كتب في هذا المجال كما يقول د.حسن طلب كتاب المستشرقة الألمانية زجرد هنكة "شمس الله علي الغرب". فقد أنصفت الحضارة العربية. وكيف أشرقت بشمسها. وأسهمت في بزوغ عصر النهضة في أوروبا. والمستشرقون الذين كتبوا عن ابن رشد. وأوضحوا دور المدرسة الرشدية في أوروبا التي ظلت فاعلة من أواخر القرون الوسطي إلي بداعية عصر النهضة. وكانت معرفتهم بأرسطو من خلال شروح وتعليقات ابن رشد علي ما كتبه أرسطو. وهناك المستشرق أوليري الذي تتبع علوم العرب. وكيف انتقلت إلي الغرب من باب انتقال العلوم أساساً. ثم الفلسفة والفكر الإسلامي العربي. وهناك بعض المستشرقين الذين ترجموا معاني القرآن الكريم. ومن هؤلاء بلاشير. ومن المستشرقين الذين ظلموا هنا. وتعرض للهجوم. جاك بيرك الذي كان من أوائل من قربوا القرآن الكريم للدوائر الغربية. وقد لاقي شكراً علي ما بذله من جهد في الغرب. وقد جمعت خلال تسعينيات القرن الفائت مقالات المدح والتقريظ.. مثل هذه الجهود تحتاج لإعادة طبعها إلي اللغة العربية. مثل كتاب "شمس الله علي الغرب". وكتاب آدم ميتز الذي قال إن الحضارة العربية الإسلامية في القرن الرابع الهجري هي التي كانت تقود العالم. كذلك كتاب "الأبطال" "لكارلايل" فقد اختار المؤلف "محمد" صلي الله عليه وسلم. وقدمه علي الأنبياء الآخرين. وكان من الذين ساهموا في رسم صورة مشرقة لرسول الإسلام. في الوقت الذي كانت أوروبا تتحدث عن الإسلام وكأنه هو الأتراك. فكانوا يطلقون علي الإسلام "تركش". لكن توماس كارلايل أرجع الإسلام إلي أصوله. وترجم الكتاب في الخمسينيات من القرن الماضي. ونقد. بحيث ينبغي إعادة طباعته. والدرس الذي نخرج به هو أنه ليس كل المستشرقين متآمرين علي الإسلام. فبعضهم من يوظف معلوماته مثل برنارد لويس الذي درس العرب والإسلام. كي يعين المخابرات في مخططاتها. علينا إذن ألا نضع المتشرقين في سلة واحدة .
الإسلام حضارة
ويذهب د.أحمد عتمان إلي أن هناك كتباً كثيرة. حرص مؤلفوها علي الموضوعية في التعامل مع دور الإسلام الحضاري. وهذه الكتب بلغات مختلفة. مثل الإسبانية والإنجليزية والفرنسية والألمانية. ثمة جبرييل فرانشيسكو وكتابه "العرب في إيطاليا" الذي بلغ 800 صفحة. وكتب مقدمته الأستاذ بوليزي كراتيلي. وأنا أعرفه معرفة جيدة. وقد دعوته إلي مصر أكثر من مرة. وهو الذي أهداني هذا الكتاب. عندما أقرأه أجد تقديراً كبيراً للحضارة العربية. وما أسهمت به. ليس في صقلية ومدن أخري إيطالية أخري فحسب. ولكن في سائر شبه الجزيرة الإيطالية. وهذا الإسهام يشمل فن العمارة والطب وسائر العلوم. والحق أنه توجد عشرات الكتب المماثلة لهذا الكتاب. تتحدث عن أن العرب المسلمين في دمشق وبغداد. وصولاً إلي الأندلس. أسهموا في صيانة التراث الإغريقي. وأضافوا إليه. فضلاً عن الكتب التي تتحدث عن الحضارة العربية والإسلام. أما الكتب التي لا تنصف وتهاجم. فهي أيضا كثيرة. لكنها مكشوفة. ويستطيع أي قاريء حصيف أن يكتشف ما يكمن وراءه. فقد جاءت في الأغلب بدوافع سياسية مغرضة. وأنا أقرأ هذا وذاك. وعلي ألا أميل إلي كل ما يمتدحني. بل يجب أن أناقش وأعرف ما ينقذني كذلك. وهذا ليس خطراً علي الإسلام. أو الحضارة العربية الإسلامية. الخطر هو الفكر الاستعماري الذي مازال مستمراً لدي البعض. وبالتالي لا يستطيعون التخلص من نعرتهم التي تتميز بالعنصرية. علينا أن نوضح ذلك. وعلينا أن نسلط الضوء بالبحث العلمي الرصين والجاد.
............................................
*المساء ـ في 22/8/2009م.







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عجائب "بسم الله الرحمن الرحيم" هشام اللاحم منتدى الحوار الفكري العام 4 09-01-2011 01:04 AM
( عليُّ بنُ أبي طالب ) عبدالرزاق الياسري المنتدى الإسلامي 84 04-11-2007 10:52 AM
هل الاكتشافات العلميةُ من القرآن ممكنةٌ؟ عطية زاهدة المنتدى الإسلامي 5 24-11-2006 05:52 PM
حوار مع الناقد والأديب أ. د حلمي القاعود.... نايف ذوابه منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 1 20-11-2006 02:28 PM
الأفكار الفردية وضررها على الجماعة والمجتمع أحمد الحلواني المنتدى الإسلامي 35 21-05-2006 11:23 PM

الساعة الآن 11:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط