|
|
|
|
منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول هنا نتحاور في مجالات الأدب ونستضيف مقالاتكم الأدبية، كما نعاود معكم غرس أزاهير الأدباء على اختلاف نتاجهم و عصورهم و أعراقهم . |
![]() |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع |
التقييم: ![]() |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 49 | |||
|
![]() - 22 - التقيـنا إذن ... الـذين قـالوا " الجبـال وحـدها لا تلـتقي " ... أخطـأوا و الـذين بنـوا جسـوراً لنتـصافح دون أن تنـحني أو تتـنازل عن شمـوخها .. لا يفـهمون شيئـا ً في قـوانين الطبيـعة .. الجبـال لا تلتـقي إلا في الـزلازل و الـهزات الأرضـية الكـبرى و عنـدما لا تتـصافح و إنـما تتـحول الى تـراب واحـد.. التقينـا إذن ... و حدثـت الهـزة الأرضيـة التي لم تـكن متـوقعة فقـد كان أحدنـا بركانـا ً و كنـت أنا الضحـية .. يا امـرأة تحـترف الحـرائق ... و يـا جـبلا يركانـيا ً جـرف كل شيء في طريـقه و أحـرق آخـر ما تمسـكت به مـن أين أتـيت بـكل تلك الأمـواج المـحرقة مـن النـار ؟ .... و كـيف لم أحـذر تربتـك المـحمومة ... كشَـفتيْ عاشـقة غـجرية . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 50 | |||
|
![]() - 23 - التـقت الجبـال إذن ... و التقيـنا ربـع قرن من الصفحـات الفـارغة البيضـاء التي لـن تمـتلىء بك ربـع قـرن من الأيـام المتـشابهة التي أنفقتـها في انتظـارك ربـع قرن على أول لقـاء بيـن رجـل كان أنـا و طفـلة على ركبـتي كانت أنـت .. ربـع قرن على قبـلة وضعتـها على خـدك الطفولي .. نـيابة عن والـد لم يـرك .. أنا الـرجل المعـطوب الذي تـرك في المعـارك المنسـية ذراعـه ... و في المـدن المغـلقة قلبـه لم أكـن أتـوقع أن تـكوني المعـركة التي سأتـرك عليـها جثـتي و المـدينة التي سأنفــق فيها ذاكـرتي و اللـوحة البيـضاء التي ستسـتقيل أمـامها فرشـاتي .. لتبـقى عـذراء ... و جبـارة مـثلك تـحمل في لونـها كل الأضـداد كـيف حـدث كل هـذا ؟ لم أعـد أدري كان الـزمن يركـض بنـا من مـوعد إلى آخر و الحـب ينقـلنا من شهـقة إلى أخرى و كـنت أستـسلم لحـبك دون جـدل .. كان حبـك قـدري ... و ربـما كان حـتفي ... فـهل من قـوة تقـف في وجـه القـدر ؟ |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 51 | |||
|
![]() - 24 - كم كنـت ُ أحمـق ... كـنت دون أن أدري أوقـظ داخـلي مـارداً كان نـائماً مـنذ سنـين .. و كنـت أحـولك في حـمى جنـوني من فتـاة الى مديـنة .. و كنـت تستمـعين لي بانبـهار تلـميذة و تـتلقين كلـماتي كما يتـلقى شخـص في جلـسة تنـويم مغناطيـسي .. تعالـيمه و أوامـره .. من منـوِّم يفـعل به ما يشـاء .. اكتـشفت يومـها قدرتـي على ترويضـك و على السـيطرة على نـارك المـحرقة .. و قـررت في سـري أن أحـولك الى مديـنة شاهـقة .. شامـخة .. عريقـة .. عمـيقة .. لن يـطالها الأقـزام و لا القراصـنة .. حكمـت علـيك أن تـكوني قسـنطينة ما .. و كنـت أحـكم على نفـسي بالجــنون .. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 52 | |||
|
![]() - 25 - وضـعتُ السـماعة .. و رحـتُ أحلـم .. أسـبق السـاعات و أسـبق الـزمن . أنـت ِ في بيـتي .. أحـقا ً سـيحدث هـذا ؟ أحـقاً ستدقيـن جـرس هذا الـباب ستجـلسين على هذه الأريـكة ستمـشين هنا أمـامي . أنـتِ .. أخـيرا ً أنـت َ ..؟ أخيـراً سأجلـس إلى جـوارك و ليـس مـقابلاً لك .. أخـيراً لن تلاحقـنا عـيون رواد المـقهى و لا عـيون الغربـاء من المـارة .. أخـيرا ً يمكـننا أن نتحـدث .. أن نحـزن و نفـرح دون أن يـكون من شـاهد على تقلبـاتنا النفسـية .. رحـت من فرحـي أشـرع الـباب لك مسـبقاً و أنا أجـهل أنني أشـرع قلـبي للعـواطف و الزوابـع .. أي جنـون كـان ... أن آتـي بـك الى هـنا .. أن أفـتح لك عالـمي السـري الآخـر .. أن أحـولك الى جـزء من هـذا البـيت .. هـذا الـبيت الذي أصبـح جنـتي في انتظـارك .. و الـذي قد يـصبح جحـيمي بعـدك .. أكـنت ُ عنـدئذ أعـي كل هـذا ؟ أم كنـت سـعيداً و أحـمق كأي عاشـق لا يـرى أبعـد من مـوعده القـادم ؟ تسـاءلت بعدهـا .. إن كـنت حـقاً لا أريـد غير اطـلاعك عـلى لوحتـي الأخيـرة .. و عـلى حديقـتي السـرية للجــــنون .. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 53 | |||
|
![]() - 26 - كنـت أتـدحرج يومـاً بعد آخـر نـحو هـاوية حـبك .. أصـطدم بالحـجارة و الصخـور و كل ما فـي طريـقي من مستحـيلات و لكنـني كنت أحـبك .. و لا أنتـبه إلى آثـار الجراح على قدمـي و لا الى آثـار الخـدوش على ضـميري .. الذي كان قـبلك إنـاء بـلُّور لا يقبل الخـدش و كنـت أواصـل نـزولي معـك... بسـرعة مـذهلة نـحو أبـعد نقـطة في العـشق الجنـوني . و كنـت أشعر أنني غـير مذنـب في حـبك .. على الأقـل حـتى تلك الفتـرة التي كنـت مكتـفياً فـيها بحبك ... بعـدما أقنـعت نفـسي أنني لا أسـيء الى أحـد بهذا الحـب .. وقتـها لم أكن أجـرؤ على أن أحـلم بأكثـر من هذا .. كانت تكفيـني تلك العاطـفة الجـارفة التي تعـبرني لأول مـرة .. بسعادتهـا المـتطرفة أحـياناً و حزنهـا المتـطرف أحيـاناً أخـرى .. كان يكفـيني الحـب . مـتى بـدأ جـنوني بـك ؟ يحـدث أن أبحـث عن ذلـك التاريـخ و أتـساءل .. تـرى أفـي ذلك اليـوم الذي رأيـتك فيه لأول مـرة ؟ أم في ذلـك اليـوم الذي انـفردت بك فيـه لأول مـرة ؟ أم فـي ذلك الـيوم الذي قـرأتك فيـه لأول مـرة ؟ أم تـرى يوم وقـفت فيه بـعد عمـر من الغـربة .. لأرسـم فيه قسنـطينة .. كـأول مرة ! تـرى يوم ضـحكت ِ أم يـوم بكـيت ِ أعـندما تحـدثتِ ... أم عنـدما صـمت ِ أعـندما أصبـحت ِ ابنـتي .. أم لحـظة توهـمت أنـك أمي ؟! أي امـرأة فـيك هي الـتي أوقـعتني ؟ كنـت مـعك في دهشـة دائـمة ... فقد كنـت شبيـهة بتلك الدمـية الروسـية الخشـبية التي تختفي داخـلها دمـية أخرى .. و هذه تخـفي أصـغر و هـكذا تـكون سبـع دمتى داخـل وحـدة ! كنـت كل مـرة أفاجـأ بامـرأة أخـرى داخـلك .. و إذا بـك ِ تأخـذين في بضـعة أيـام ملامـح كل النسـاء و إذا بي محـاط بأكـثر ... من امـرأة يتـناوبن علي في حضـورك و في غـيابك فأقـع في حبـهن جمـيعا ً .. أكـان يمكن لي إذن أن أحبـك بطريقـة واحـدة ؟ لم تكـوني امــرأة ... كنـت ِ مدينـــة . مدينة بنساء متناقضات ... مختلفات في أعمارهن و في ملامحهن .. في ثيبابهن و في عطرهن .. في خجلـهن و في جرأتـهن .. نسـاء من قـبل جـيل أمـي ألى أيـامك أنت ِ .. نـساء كلـهن أنت ِ ... عرفـت ذلك بـعد فـوات الأوان .. بعدما ابتلـعتني كما تـبتلع المـدن المغـلقة أولادهـا .. كنـت أشـهد تـحولك التدريـجي الى مـدينة تسكنـني منـذ الأزل ... كنت أشـهد تغيـرك المـفاجىء .. و أنت تأخـذين يـوماً بعد يـوم ملامـح قسـنطينة .. تلبسـين تضاريـسها .. تسكـنين كهوفـها و ذاكرتـها و مغاراتـها السـرية تـزورين أولـياءها .. تتعـطرين ببـخورها .. ترتـدين قنـدورة عنـابي من القطـيفة .. في لـون ثيـاب " أمّـا" تمشـين و تـعودين على جسـورها فأكـاد أسـمع وقع خلخـالك الذهـبي يـرن في كـهوف الـذاكرة .. أكـاد ألمـح آثـار الحنَّــاء على كـعب قدمـيك المهيـأتين للأعـياد .. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 54 | |||
|
![]() -27- كنـت على حـافة البـكاء كطـفل أخبرتـه أمـه أنها ستسـافر دونـه .. و كنـت أنت تـزفين لي ذلك الخـبر بشـيء من السـادية التي أدهـشتني .. و كأن عـذابي يـغريك بـشيء ما هل أمسـك بأطـراف ثـوبك كطـفل و أجهـش بالبـكاء ؟ هل أتـحدث إليك ساعـات .. لأقـنعك أننـي لن أقـدر بعد اليـوم على العيـش بـدونك .. و أن الـزمن بعـدك لا يـقاس بالسـاعات و لا بـالأيام و أنـني أدمـنتك ؟ كيف أقنـعك أنني أصـبحت عـبدا ً لـصوتك عنـدما يـأتي على الهـاتف ؟ عبـداً لضحـكتك .. لطـلتك .. لحضـورك الأنثـوي الشـهي .. لتنـاقضك التلـقائي في كل شيء و فـي كل لحـظة .. عـبدٌ لمديـنة أصبـحت أنت .. لـذاكرة أصبـحت أنت .. لكل شيء لمـسته أو عبـرته يومـاً .. كان الحـزن يهـجم علي فجـأة و أنـا واقـف هكذا في ذلك المـمر أتـأملك بـذهول لا يـصدق .. و كنـت قريـبة مني حـد الالتصـاق .. كما لم يـحدث أن كنـته يـوماً .. بـحثت في ملامـحك عن شـيء يفـضح لي في تـلك اللـحظة عواطـفك .. لكنـني لم أفـهم شـيئا .. أتـراه عـطرك الذي كان يخـترق حـواسي و يشـل عقـلي .. هـو الـذي جـعلني عنـدئذ ٍ لا أتعـمق في البـحث ؟ كنت أعـي فقـط أنك بعـد لحظـات ستـكونين بعـيدة .. بـقدر ما كنـت ساعتـها قريبــة .. ....... ....... كان شعـرك الطـويل الحـالك .. ينـفرط فجـأة على كتفـيك شـالاً غجـرياً أسـود .. و يـوقظ رغبة قـديمة لإمسـاكك منه .. بـشراسة العشـق الممنـوع ... بينـما راحـت شفتـاي تبحـثان عن طريقـة تتـركان بها توقيـعي على شفتيـك المرسـومتين مسبـقاً للحـب .. .... .... على شـفتيك رحـت ألمـلم شــتات عمـري .. على شفتــيك ولـدتُّ و مـت في وقـت واحـد .. قتـلت رجـلاً و أحييـت آخر .. هل تـوقف الـزمن لحظــتها ؟ هل سـَّوى أخــيراً بين عمرينــا .. هل ألــغى ذاكرتــنا بعـض الوقـــت ..؟ لا أدري .... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 55 | |||||
|
![]() هل تـوقف الـزمن لحظــتها ؟
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 56 | |||
|
![]() هذا الألق ، هذا العزف الذي يحرك المناطق السحيقة في ذواتنا ، هذه الكتابة الإبداعية في أجمل تجلياتها . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 57 | |||
|
![]() - 28 - كان لا بـد ّ أن يحـدث هـذا ... أنـت التي تضـعين الظـلال على عيـنيك .. و الحـّمى على شفتـيك بـدل أحمـر الشـفاه .. أكان يمـكن أن أصـمد طويـلاً في وجـه أنوثـتك ؟ هـا هي سنواتي الخمـسون تلتـهم شفتـيك .. و هـا هي الحـمّى تنتـقل إلي .. و هـا أنــا أذوب أخـيراً في قـبلة قسنطـينية المـذاق .. جزائـرية الارتبـاك . لا أجـمل من حرائـقك .. بـاردة قُبـل الغـربة لو تـدرين .. بـاردة تـلك الشـفاه الكثـيرة الحـمرة و القـليلة الـدفء .. بـارٌد ذلك السـرير الـذي لا ذاكـرة لــه . دعيـني أتـزود مـنك لسـنوات الصـقيع .. دعـيني أخبـىء رأسـي في عنـقك .. أختـبىء طفـلاً حزيـناً في حضـنك دعيـني أسـرق من العـمر الهـارب لحـظة واحدة .. و أحـلم أن كل هـذه المـساحات المـحرقة .. لـي . فـاحرقـيني عشــقاً ... قسنطـــينة ! شهيتـين شفـتاك كانـتا ... كحـبات تـوت نضـجت على مـهل ... عبـقاً جسـدك كان .. كشـجرة ياسـمين تفتّـحت على عـجل . جـائع أنا إليـك ... عمـر من الظـمأ و الانتـظار .. عمـر من العقـد و الحـواجز و التنــاقضات ... عمـر من الرغبـة و الخـجل .. من القـيم الموروثـة ... و من الرغبـات المـكبوتة .. عـمر من الارتبــاك و النفـــاق . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 58 | |||
|
![]() - 29 - . . . . على شفـتيك رحـت ألـملم شتـات عمـري .. في قـبلة منـك اجتمـعت كل أضـدادي و تنـاقضاتي ... و استيـقظ الـرجل الذي قتـلته طـويلاً مـراعاة لـرجل آخـر .. كان يـوماً رفـيق أبيــك رجـل كـاد يـكون أبــاك ... هل تـوقف الـزمن لحظــتها ؟ هل سـَّوى أخــيراً بين عمرينــا .. هل ألــغى ذاكرتــنا بعـض الوقـــت ..؟ لا أدري .... كل الـذي كنـت أدريـه .. أنـك كــنت لـي ... و أنـني كنـت أريـد أن أصـرخ لحظتـها ... كـما في إحـدى صـرخات " غــوته " على لسـان فاوسـت : " قـف أيهــا الـزمن .... ما أجمـــلك ! " . ...... ...... أيمـكن أن تلـغي خمـس دقـائق .. خمـسين سـنة من عــمري ؟ ..... لا .... لـم يـكن في قلـبي سـوى الحــبّ كنـت ممتـلئاً بالعشـق .. بـ... .. بالجـنون .. كنـت أخـيراً سـعيداً . فلمـاذا أفـسد سـعادتي بالنـدم .. بالتـساؤلات التي ستوصـلني الى التعـاسة ؟ لا أذكــر من قـال : " النـدم هو الخـطأ الثــاني الذي نقــترفه ..." و لم يـكن في القـلب مسـاحة أخـرى و لو صـغيرة .. يـمكن أن يتـسلل مـنها شيء آخـر غـير ... ؟ الحـب ّ . ألـم يـكن كل ذلـك جنــوناً ... كيـف سمـحت لنفـسي أن أكـون سـعيداً الى ذلك الحـد ّ ... و أنـا أدري أننـي لم أمتـلك منك شيـئاً في النهــاية .. سـوى بضـع دقــائق للفـرح المسـروق .. و أنَّ أمـامي متسـعاً من العـــمر ..... للــــعذاب ؟ . . . ... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 59 | ||||
|
![]() اقتباس:
عبـــــير ... جزيل شكري لحضورك العابق ... بالياسمين نعم ... كلما نعود لقراءة روايتها .. كأننا نقرأها لأول مرة تداعب أحاسيسنا ... خلجاتنا برقي ٍ و سمو .. مُـترَفين . . محـبتي و تـــقديري |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 60 | ||||
|
![]() اقتباس:
الأستاذ الكريم .. خليف محفوظ نزداد ألـقا ً ... كلما لامس العزف أدقَّ تـفاصيلنا العزيزة ... ونزداد متعة ً ... كلما أتـقَّـنا فن َّ إصغائنا لـــِ مفاصِل قراءاتنا .... .. . محبتي و تـقديري .. لحضورك المتـميز |
||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
|
|