17 )
ويمشي يونسُ المَنسِيُّ بين رصاصتينِ ،
كما يسيرُ عريسُها بَعدَ النزيفِ إلى النَّزيفْ !
ويَرفَعُ رأسَ حَسرتها الخريفْ !
وهُجِّرَ ثم هاجَرَ دون أن يدري ،
فقد قالَ المُذيعْ !!
وقد وعَدَ الرَّئيسُ ، وصرَّحَ الملكُ الخَليعْ !
ويخلَع يونسُ الأحلامَ عن نومٍ .. وما تركَ الفراشَ غريبُنا يومًا !
وقد كَسَرَ الزمانُ قواعدَ النحوِ البديعْ ..
فظَرفُ مكانِنا خَرَفٌ ..
وظَرفُ زماننا خَزَفٌ ..
على التَّوكيدِ نتلو السُّورةَ الأولى ،
وعندَ الحالِ أحوالٌ تضيعْ !
غدا التَّصديقُ مُبتَدَأً ..
ولا خَبَرٌ يُطابِقُهُ برَفعٍ أو بجَرٍّ أو صقيعْ !
وتأنيثٍ وتَذكيرٍ على زمنٍ وَضيعْ !
وقد خرجَت قواعدُنا على نَحوِ الدروبِ الواضِحاتْ !
علامةُ جَرِّنا ظهرَتْ على زمنِ الصُّروفِ الفاضِحاتْ !
وناوَبَ قلبُنا في نبضهِ الحُرِّ السَّريعْ !.
( 18 )
فهل تعودُ فاطمه ؟
قبلَ انتهاء النار تحتَ قِدْ رِها ؟
وهل ترى للمرة الأخرى ثيابَ عُرسِها في خِدْرِها ؟
وتستحمُّ عينُها في عينِ ماءٍ شاهَدَتْ فستانَها الأبيضَ في وحلِ البلَد !
وطفلةً تبكي بصمتٍ يُنطِقُ القلوبْ !
تدري وندري أنها تدري بأن دميةً وخرقةً ومِشجَبًا معتَّقًا ،
ليست تعيدُ وجهَها من رحلةِ الغروبْ !
هل يطلِقُ النارَ على مسرى صلاتها أحَدْ ؟
تعودُ في يومِ الأحَدْ ..
ولا يعي أيَّ " أَحَدْ " إلاَّ الإلهُ الواحدُ الفَردُ الصَّمَدْ !
ولا إلهَ غيرُ حزني في سماءِ قلبِها
ولا صلاةَ تُرتَجى سِوى الزَّبَدْ !.
( 19 )
ويَخلعُ يونسُ الأحلامَ عن نَومِهْ ..
وينزعُ يونس الألغامَ من يومِهْ ..
ويمسحُ يونسُ الأوهامَ عن بدَنِهْ ..
ويرفعُ صخرَ قَهرٍ عن خطى وطنِهْ !.
( 20 )
- متى نعودُ يا أبي إلى البَلَدْ ؟
غدًا نعودُ يا ولَدْ !
- متى نعودُ يا أبي لأَرضِنا ؟
غدًا ، غدًا يا ولدي ،
غدًا نعودُ يا فتى !
- متى ، متى ؟
- غدًا نعودُ أيها العريسْ !
غدًا نعودُ أيها الحفيدْ !
نيسانُ قالَ لي : غدًا !
فاصمُتْ ، ونَمْ على اختصارِ موتِكَ المفيدْ !!.