الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى المواضيع التفاعلية الحرة

منتدى المواضيع التفاعلية الحرة هنا نمنح أنفسنا استراحة لذيذة مع مواضيع وزوايا تفاعلية متنوعة ولا تخضع لشروط قسم بعينه.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 5 تصويتات, المعدل 4.40. انواع عرض الموضوع
قديم 03-11-2022, 03:01 AM   رقم المشاركة : 289
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

عِنايةُ المستشرقين وأذنابهم بغُلاةِ الصُّوفيَّةِ
(الحَلَّاجُ أنْموذجًا)


بحث قيم قرأته وأحببت نقله ..




الحمدُ لله على نِعمةِ الإسلامِ والعَقلِ الصَّحيحِ الموافِقِ لسَليمِ الفِطرةِ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا مُحمَّدٍ نبيِّ الرَّحمةِ، والدَّاعي إلى ربِّه وهادِي الأُمَّةِ، وعلى آلِه وجميعِ أصحابِه البَررَةِ، المُرتضَينَ لصُحبتِه، والمختارِين لنُصرتِه، والمُبلِّغين بَعدَه لآثارِه وسُنَّتِه.

وبعدُ:

فإنَّ الإسلامَ الذي مَصْدَرُ تلقِّيه الكِتابُ والسُّنةُ الصَّحيحةُ بفَهْمِ سَلفِ الأُمَّةِ؛ هو الإسلامُ الحَقُّ الصحيحُ، الذي لو استَمْسَكتْ به الأمة فسَتنتصِرُ لا مَحالةَ؛ ولأنَّ المستشرقين وأمثالَهم يعلمون ذلك جيدًا فهم لا يَفتؤُونَ يَنشُرون ما يُخالِفُ هذا الدِّينَ الصحيحَ من الضَّلالاتِ، والخُرافاتِ، والخُزَعبِلاتِ، والبِدَعِ، والكُفْريَّاتِ بيْن المسلمينَ، ساعَدَهم على ذلك تَطوُّراتُ العصْرِ الحديثِ، بِدايةً مِن تَطوُّرِ الطِّباعةِ قبْل قَرنينِ من الزَّمانِ تَقريبًا، ثم اختراعِ المِذياعِ، والتِّلفازِ، ثمَّ انتشارِ مَواقِعِ التواصُلِ الاجتماعيِّ عبْرَ الإنترنتِ في الوقت الحاضرِ.

وكانت البدايةُ بعَصرِ الطِّباعةِ؛ حيثُ نشِطَ المُستشْرِقون في البحثِ والتَّنقيبِ عن كُتبِ غُلاةِ الصُّوفيَّةِ، كالحَلَّاجِ، والتِّلمسانيِّ، وابنِ الفارضِ، وابنِ عَربيٍّ، وابنِ سَبعينَ، وغَيرِهم، فقاموا بتَحقيقِها وطِباعتِها طباعةً أنيقةً في ذلك العصْرِ، ونَشرُوها في بِلادِ المسلمينَ بلُغاتٍ عِدَّةٍ، وخاصَّةً اللُّغةَ العربيةَ، وكَتَبوا عنهم وألَّفوا في سِيَرِهم، ومِن هؤلاء([1]):

1- دي ساسي (ت: 1838م) مُستشْرِقٌ فَرنسيٌّ: حقَّق ونشَر شِعرَ ابن الفارِضِ، وتَرجَمَ قَصيدةَ (البُردة) للبُوصِيريِّ.

2- دي تاسي (ت: 1878م) مُستشْرِقٌ فَرنسيٌّ: حقَّق (منطِق الطير) للشاعرِ الصُّوفيِّ الفارسي فَريد الدِّين العطَّار.

3- دي كورتاي (ت: 1889م) مُستشْرِقٌ فَرنسيٌّ: حقَّق كِتابَ (تذكرة الأولياء) لِفَريد الدِّين العطَّار.

4- مورنيو (ت: 1892م) مُستشْرِقٌ إيطاليٌّ: كتَبَ في التَّصوُّف العربيِّ والهِنْدي.

5- دي مينار (ت: 1908م) مُستشْرِقٌ فَرنسيٌّ: تَرجَمَ كِتاب (المنقِذ من الضَّلال) للغزاليِّ.

6- جولد تسيهر (ت: 1921م) مُستشْرِقٌ يَهوديٌّ مَجَريٌّ: كتَبَ عن الحَلَّاج مادحًا له، وشارحًا طريقتَه.

7- هيار (ت: 1927م) مُستشْرِقٌ فَرنسيٌّ: اهتمَّ بالطريقةِ البِكتاشيةِ والمولويةِ، وتَرجَمَ شِعرَ التِّلمسانيِّ.



إيطاليٌّ: حقَّق كتاب (الفلسفة الإشْراقية) لابن سِينا، وحقَّقَ شِعرَ ابنِ الفارض.

9- مرجليوث (ت: 1940م) مُستشْرِقٌ إنجليزيٌّ: ألَّف في سِيرة عبدِ القادِرِ الجِيلانيِّ.

10- ماسينيون (ت: 1962م): مِن أكبَرِ المُستشْرِقين الفَرنسيينَ المهتمِّين بالحَلَّاج ونشْرِ فِكْرِه، وهو أوَّلُ مَن نشَرَ كِتابَ (الدِّيوان) و(الطَّواسين) للحَلَّاج، وسيأتي الحَديثُ عنهما.

11- آرثر أربري (ت: 1969م) مُستشْرِقٌ إنجليزيٌّ: حقَّق كِتابَ (التعرُّف لمذهَبِ أهل التَّصوُّف) لِلْكَلاباذيِّ.

وأكثرُ هؤلاء الذين اهتمَّ المُستشْرِقون بنَشْرِ كُتبِهم هم مِن غُلاةِ الصُّوفيَّةِ أهلِ وَحدةِ الوُجودِ والاتِّحادِ والحُلولِ، الذين حَكَم عُلماءُ المسلمينَ بكُفرِهم وزَندقتِهم كما سيأتي؛ فلماذا كلُّ هذا الاهتمامِ بهم؟!

أمَّا الحَلَّاجُ فهو أكثَرُ مَن اهتَمُّوا به وبتَحقيقِ كُتبِه ونشْرِها في أوساطِ المسلِمين، وللأسفِ اغتَرَّ بهذا كثيرٌ ممَّن يَعُدُّ نفْسَه -ويعُدُّه البعضُ- مِن المثقَّفين والمتنوِّرينَ!



يتبع ...







 
رد مع اقتباس
قديم 04-11-2022, 05:30 AM   رقم المشاركة : 290
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

فمَن هو الحَلَّاج؟ ومتى عاش؟ وما عَقيدتُه؟ وماذا قال عنه عُلماءُ المسلمينَ؟

هذا ما ستَجِدُ الإجابةَ عنه في هذه المقالةِ المختصَرةِ.


مَن هو الحَلَّاج؟

هو الحُسينُ بن مَنصورٍ الحَلَّاجُ، أصْلُه من البَيضاءِ بفارسَ، وكان جَدُّه مَجوسيًّا، نشَأَ بواسطَ، وقيل: بتُسْترَ بخُراسانَ. وتنقَّل بين بغدادَ والبصرةِ، ومكَّةَ وخُراسانَ، خالَطَ الصُّوفيَّةَ، وصحِبَ الشِّبْليَّ، والجُنيدَ، وعَمْرًا المكِّيَّ، وغيرَهم، غَلا في التصوُّفِ وشطَحَ، حتى ادَّعى حُلولَ الإلهِ فيه، تعالَى اللهُ عمَّا يقولُ عُلوًّا كبيرًا، وتَشيَّعَ وغَلا في التَّشيُّعِ، حتى سلَكَ مَسلكَ الإسماعيليَّةِ القَرامطةِ الباطنيةِ، وكان يُظهِرُ مَذهبَ الرَّفْضِ عندَ الرافضةِ، ويُظهِر مَذهبَ الصُّوفيَّةِ للعامَّةِ، وتَعلَّمَ السِّحرَ، ونطَقَ بأعظَمِ أقوالِ الكُفرِ والزَّندقةِ، والحُلوليَّةِ، والاتِّحادِ، ووَحدةِ الوُجودِ، وكلُّ ذلك سيأتي مُوثَّقًا.

وأمَّا عن تَسميتِه بالحَلَّاجِ؛ فقد روَى الخطيبُ البغداديُّ في ((تاريخ بغداد)) (8/ 690) عن ابنِ الحَلَّاج، أنَّه قال عن والِدِه زاعمًا أنَّه يَعلَمُ الغيبَ: (كان يَتكلَّمُ على أسرارِ الناسِ وما في قُلوبِهم، ويُخبِرُ عنها؛ فسُمِّيَ بذلك حَلَّاجَ الأسرارِ، فصارَ الحَلَّاجُ لَقَبَه)! وقيل: كان أبوه حلَّاجًا. وقيل غيرُ ذلك. [يُنظر: ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (7/ 17)].

والحِلاجةُ تخليصُ القُطنِ مِن بِذرِه، وضَربُه بالمِحلَجِ ( وهي آلةُ الحلْج ) ليرِقَّ.

ظَهَر أمْرُه سنةَ (299هـ)، فافتَتَنَ به بعضُ الناسِ وتَبِعوا طَريقتَه التي كان يَتنقَّلُ في البلدانِ لِنَشْرِها سِرًّا، ثم أصبَحَ يُعلِنُ عنها، وهذا ما أدَّى إلى قتْلِه عام (309هـ) [يُنظر: ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (8/ 704)، ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (2/ 142)].


بعضُ أقوالِ الحَلَّاجِ الكُفريَّةِ:

سأقتصِرُ هنا على جُمَلٍ مِن أقوالِ الحَلَّاجِ الكُفريةِ، بعضُها مِن كُتبِه التي حقَّقها ونشَرَها بعضُ المُستشْرِقين وأذنابُهم؛ كالدِّيوان وكِتابِ الطَّواسينِ، وغَيرِهما، وبعضُها نقَلَها بَعضُ العُلماءِ الثِّقاتِ في كُتبِهم عمَّن عاصَرَه؛ فلا مَجالَ للتَّشكيكِ فيها ولا في صِحَّةِ ثُبوتِها عنه؛ بل إنَّ مُحبِّيه والمدافعينَ عنه لم يَنْفُوها، بلْ راحوا يُؤوِّلونها تأويلاتٍ بعيدةً عن الصوابِ، كما هي عادةُ القومِ!



يتبع ..







 
رد مع اقتباس
قديم 06-11-2022, 07:21 AM   رقم المشاركة : 291
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

أولًا: أقوالُه مِن كُتبه المطبوعةِ

للحَلَّاج عَددٌ مِن الكُتبِ والرَّسائلِ التي كان يُرسِلُها لأتْباعِه، نقَّب عنها المُستشْرِقون كتَنقيبِ الضِّباعِ عن الجِيَفِ، حتى أخرَجوها وطَبَعوها ونَشَروها؛ فكانتْ أكبرَ شاهدٍ على كُفْرِه وزَندقَتِه، فانقلَبَ السِّحرُ على الساحرِ! فإنَّه لو لمْ تُطبَعْ هذه الكُتبُ لكان هناك مَجالٌ لطَعنِ البَعضِ فيما نسَبَه العلماءُ الثِّقاتُ إليه، ولَعدُّوه تَحامُلًا عليه، أمَا وهي في كُتبِه، فلا مَجالَ للطعْنِ فيها. ومِن خِلالِ قِراءتي رَسائلَه وكِتابَيْه: الدِّيوانَ والطَّواسين، ومُقارنتِها بما نقَلَه العُلماءُ الثِّقاتِ في كُتبِهم وَجدْتُ أنَّ كَلامَهم مُطابِقٌّ لِكَلامِه في كُتبِه.

هذا، وقد أكثرتُ مِن النُّقولِ حتَّى تَتبيَّنَ للقارئِ حقيقةُ الحَلَّاجِ وما كان يَدْعو إليه، ولا يَغترَّ بما يَعتذِرُ به البعضُ له وما يُصوِّرونه مِن أنَّه قُتِلَ مظلومًا، وأنْ لا ذَنبَ له إلَّا عِشقُه الإلهيُّ وهُيامُه في ذاتِ اللهِ.

ومِن كُتبه المطبوعةِ([2]):

1- الدِّيوان: وهو دِيوانُ شِعرِه الذي يَقطُرُ كُفرًا وزنْدَقةً، وأوَّلُ مَن نشَرَه المُستشْرِقُ الفَرنسيُّ ماسينيون، ثم أعاد طِباعتَه كثيرٌ مِن العرَبِ!

2- الطَّواسين: وأوَّلُ مَن نشَره ماسينيون، ثم أعاد نشْرَه قاسم محمَّد عبَّاس، و(الطواسين) مِثل (الحواميم)؛ فهي جمْعُ (طس) أو (طاسين)، وفيه عشَرةُ طَواسينَ؛ وهي: طس السِّراج، وطس الفَهم، وطس الصَّفاء، وطس الدائرة، وطس النُّقطة، وطس الأزَل والالْتباس، وطس المشيئة، وطس التَّوحيد، وطس الأسرار في التوحيدِ، وطس التَّنزيه! ومَن قرَأَ الطَّواسينَ، واطَّلَعَ عليها وعلى الرُّسوماتِ التي عبَّرَ بها عن كلُّ طاسين؛ لا يشُكُّ أنَّها طلاسِمُ كطَلاسِمِ السَّحرةِ، ورُسوماتِ الإسماعيليَّةِ في كُتبِهم.

3- التفسير: وهو تَفسيرٌ باطنيٌّ، جمَعَ بعْضَه قاسم محمَّد عبَّاس في كِتابِه (الأعمال الكاملة للحَلَّاجِ)، ورتَّب الآياتِ حسَبَ تَرتيبِ المصحَف، ورَغمَ ما فيه مِن خُزَعبِلاتٍ وضَلالاتٍ، إلَّا أنَّ ما فيه أحسَنُ حالًا ممَّا في الدِّيوانِ والطَّواسينِ.

4- بُستان المعرفةِ: وهو عبارةٌ عن وُرَيقاتٍ قليلةٍ مَطبوعة ضِمْن (الأعمال الكاملة للحَلَّاجِ)، وجُلُّها طَلاسِمُ ورُموزٌ.

5- أقوالٌ ومَرْوياتٌ: جَمَعها قاسم محمَّد عبَّاس من كُتُب التصوُّفِ وأودَعَها في كتابِه (الأعمال الكاملة للحَلَّاجِ).

6- أحاديثُ ورِواياتٌ: أورَدَ فيها كَلماتِه على طَريقةِ المحدِّثينِ -حدَّثَنا، حدَّثَنا- لكنْ رُواتُه أوهامٌ لا رِجالٌ .!


يتبع ..وقد أختصرها اختصارا
لأن هذا الموضوع تناوله الكثير غيري ..
وكنت أحب أن أنقل هنا وألخص وأبحث عن الجديد المفيد للعامة والخاصة على حد سواء إن شاء الله..







 
رد مع اقتباس
قديم 07-11-2022, 06:18 AM   رقم المشاركة : 292
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

من أقواله :

أنا أنتَ بلا شَكِّ *** فسُبحانَك سُبحاني

وتَوحيدُك تَوحيدِي *** وعِصيانُك عِصْيانِي

وإسْخاطُكَ إسْخاطي *** وغُفرانُك غُفْرانِي

____________________________


لَسْتُ بِالتَّوحيدِ أَلْهُو *** غَيرَ أنِّي عنْه أسْهُو

كَيفَ أسْهُو كَيفَ ألْهُو ** وصَحِيحٌ أَنَّني هُو


________________________


جُحُودِي فِيكَ تَقْديسُ *** وَعَقْلِي فِيكَ تَهْوِيسُ

وما آدَمُ إلَّاكَ *** وَمَن في الْبَيْنِ إِبْلِيسُ



__________________________

وقال :

(السَّلامُ عليك يا وَلَدي، ستَرَ اللهُ عنك ظاهرَ الشَّريعةِ، وكشَفَ لك حقيقةَ الكُفرِ؛ فإنَّ ظاهرَ الشَّريعةِ كُفْرٌ خَفِيٌّ، وحَقيقةَ الكُفرِ مَعرفةٌ جَلِيَّةٌ). وهذا النقلُ وَحْدَه يَكفي لمعرفةِ حَقيقةِ مَقاصِدِ المعتنِينَ به وبسِيرتِه؛ ففيه بُغيتُهم مِن تَجريءِ الناسِ على عدَمِ التقيُّدِ بحُدودِ الشرعِ، ولا الوقوفِ عِندَ رُسومِ الشريعةِ وأحكامِها الظاهرةِ؛ فإنَّ ظاهرَها -حسَبَ زَعمِه- كُفرٌ خفيٌّ! نعوذُ باللهِ من الضَّلالِ والإضلالِ.


________________________



(يُمكِنُني أتكلَّمُ بمِثلِ هذا القُرآنِ).

(الكُفرُ والإيمانُ يَفترِقانِ مِن حيث الاسمُ، وأمَّا مِن حيث الحقيقةُ فلا فرْقَ بيْنهما)

(لو أُلقِيَ ممَّا في قلْبي ذرَّةٌ على جِبالِ الأرض لَذابَت، وإنِّي لو كنتُ يومَ القيامةِ في النارِ لَأحْرَقْتُ النارَ، ولو دخَلْتُ الجنَّةَ لَانهدَم بُنيانُها).



ثانيًا: أقوالُه ممَّا نقَلَه عنه مُعاصِروه

1- قال أبو بكرٍ الصُّوليُّ -وهو ممَّن عاصَرَ الحَلَّاج وجالَسَه- كما في كتابِ ((تاريخ الإسلام)) للذَّهبيِّ (7/ 18): (كان حِينًا يَنتقِلُ في البلادِ، ويدَّعي الرُّبوبيَّةَ، ويقولُ للواحدِ مِن أصحابِه: أنت آدَمُ؛ ولذا (أي: لهذا): أنت نُوحٌ؛ ولذا: أنت محمَّدٌ. ويَدَّعي التناسُخَ، وأنَّ أرواحَ الأنبياءِ انتقَلَتْ إليه).




لذا كان اهتمام المستشرقين به وبأمثاله وذلك :



الأولى: إفسادُ عَقائدِهم وإبعادُهم عن عَقيدةِ الإسلامِ الصافيةِ النقيَّةِ مِن الشوائبِ والخُزعبِلاتِ والشَّعوذةِ.

الثانية: إخراجُهم مِن نُورِ الإسلامِ إلى ظُلماتِ الكُفرِ والإلحادِ، والحُلولِ والاتِّحادِ.

الثالثة: إثارةُ الفَوضَى وإيجادُ شرْخٍ بين المسلمين، بالتمرُّدِ على دِينِ اللهِ تعالى وشَرْعِه، وإحداثِ دِينٍ جديدٍ لا صِلةَ له بالإسلامِ، ولكنَّه محسوبٌ عليه.

وما زالَ بعضُ المسلِمينَ -بلْهَ عُلماءَهم- منذُ مَقتلِ الحلَّاجِ قبْلَ ما يَزيدُ على ألفِ عامٍ إلى يَومِنا هذا مُختلِفينَ فيه اختِلافًا بيِّنًا؛ يُضلِّلُ بعضُهم بعضًا فيه، رغمَ وُضوحِ فَسادِ عَقيدتِه، ولو لم يكُن مِن ثمرةٍ لأعداءِ الإسلامِ غيرُ هذه لكفَتْهم!



قال شَيخُ الإسلامِ في ((مجموع الفتاوى)) (8/ 316): ((مِن الناسِ مَن يُظهِرُ أنَّ الحَلَّاجَ قُتِل باجتهادٍ فِقهيٍّ يُخالِفُ الحقيقةَ الذَّوقيةَ التي عليها هؤلاء، وهذا ظنُّ كَثيرٍ مِن الناسِ، وليس كذلك؛ بل الذي قُتِل عليه إنَّما هو الكُفرُ، وقُتِل باتِّفاقِ الطائفتَينِ، مِثلُ: دَعواهُ أنَّه يَقدِرُ أنْ يُعارِضَ القرآنَ بخَيرٍ منه، ودَعواهُ أنَّه مَن فاتَهُ الحجُّ أنَّه يَبْني بيتًا يطوفُ به ويَتصدَّقُ بشَيءٍ قَدَّره، وذلك يُسقِطُ الحجَّ عنه. إلى أُمورٍ أُخرى تُوجِبُ الكُفرَ باتِّفاقِ المسلمينَ الذين يَشهَدون أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ: عُلَماؤهم، وعُبَّادُهم، وفُقهاؤُهم، وفُقراؤُهم، وصُوفيَّتُهم...)).


وأخيرا
لا بدَّ أنْ تَعلمَ كذلك أنَّ مسالِكَ المُبطِلينَ في نشْرِ الفَسادِ ألَّا يُباحَ بكلِّ ما يتعلَّقُ به مِن مَفسدةٍ، ولكنْ تُعظَّمُ الجوانبُ الإيجابيَّةُ أو تُختلَقُ، ويُضافُ معها بعضُ المواقِف المُشكِلةِ، ثم يُحبَّبُ صاحبُها إلى الناسِ، وبعدَ ابتلاعِ الطُّعمِ يُمكِن للمُعجَبِ بالشخصيةِ أنْ يَستمرَّ معهم ليَدخُلَ في الضلالِ تدريجيًّا، حتى يَقبَلَ بما لم يكُنْ يَقْبَلُه مِن قبلُ، وحتى يَعقِلَ ما لم يكُن يَعقِلُه، والعاصمُ اللهُ!

وهكذا ترَى -أخي الكريمَ- مِثالًا وصفحةً مِن صَفحاتِ إبرازِ ما يَهدِمُ الدِّينَ باسمِ بعضِ المنتسبِينَ إليه كالحلَّاج، وعِنايةَ أعداءِ الإسلامِ بذلك.

وأنا أهمِسُ في أُذنك، ولعلَّه يصِلُ إلى قلبِك بأنَّ تأثيرَ تَحبيبِ الأشخاصِ إلى القُلوبِ مِن أوسعِ الأبوابِ لترويجِ الباطِلِ وتَحبيبِه للنُّفوسِ؛ ولذا فكما أنَّ الإسلامَ جاء بهَدْمِ معاني الباطِلِ؛ فكم تَضمَّنتْ نُصوصُه هدْمَ رُموزِ الباطِلِ والتحذيرَ منهم.


تلخيص بحث طويل للشيخ الجليل / علوي عبد القادر السقاف ..







 
رد مع اقتباس
قديم 15-11-2022, 05:29 AM   رقم المشاركة : 293
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

“قاعدة الرخص لا تناط بالمعاصي”.


إن القواعد الفقهية ذات أهمية بالغة داخل الفقه الإسلامي، إذ بها تنضبط للفقيه الفروع الكثيرة التي يشق عليه حفظها لكثرتها، واختلاف موضوعاتها، داخل معنى عام يؤلف بينها، ويسهل عليه بإدراكه إدراكها.
ولعل من أهم القواعد الفقهية التي عدها الفقهاء من كليات الشريعة تلك التي تتعلق بكون المشقة جالبة للتيسير. وهذا المعنى مستمد من النصوص الشرعية الدالة على قصد الشارع إلى رفع المشقة عن المكلفين، ومنها تلك التي نصت على رخص بأعيانها، في حالات بأعيانها.
إلا أن الطبيعة البشرية الميالة إلى التساهل والكسل، والتمادي في تهوين شأن العزائم، والتوسع في مسمى المباح، توشك أن تدفع المكلف، إن هو لم يكبح جماح هواه، ولم يلجم شهوة نفسه، إلى أن يرتع خارج حدود الشرع وأحكامه، فيكون أمره فرطا.
وقد تخلق في زماننا كثير من القضايا التي نظر فيها بعين التساهل وقلة التمحيص والدقة بحجة التيسير والتخفيف عن الناس من غير استناد إلى أصل شرعي، ومن غير التقيد بضوابط ومعايير الرخص التي أنعم الله بها على عباده. ذلك أن الأصوليين قد عملوا على ضبط الرخص باعتبارها قسما من أقسام الحكم الشرعي، بضوابط تقصرها على مستحقيها، في أحوال مخصوصة، وبالقدر الذي يخرج المتربص من حال المشقة.
ولئن كان العلماء قد اتفقوا على أن رخص الشرع يستحقها المطيعون من المكلفين، أي الذين استوجبوها بأسباب لا تنافي الطاعة، فقد اختلفوا في العصاة الذين هم في حالة تستوجب الترخص.
وسأتناول في هذه الكتابة قاعدة ” الرخص لا تناط بالمعاصي” بالدراسة بشكل مقتضب.
 أولا: المعنى الإجمالي لقاعدة: «الرخص لا تناط بالمعاصي»: إن رخصة الشرع لا يستحقها إلا المطيعون، أي الذين استوجبوها بأسباب لا تنافي الطاعة، أما العصاة الذين هم في حالة تستوجب الرخص، لكن أسبابها تنافي الطاعة، فإنهم لا حق لهم فيها، لأنهم دخلوا إلى رخص الشرع من باب المعصية لا من باب الطاعة.
 ثانيا: وردت هذه القاعدة بصيغ مختلفة، فمن الفقهاء من أوردها بصيغة الاستفهام كقولهم هل تبطل المعصية الترخص أم لا؟ ؛العصيان هل ينافي الترخيص؟ . ومنهم من أوردها بصيغة الجزم كقولهم الرخصة لا تكون إلا للمطيع أما العاصي فلا. وقولهم إنما جعلت الرخص لمن لم يكن عاصيا ، وهذا إنما يدل على اختلافهم فيها، فمنهم من أقرها واعتبرها قاعدة، ومنهم من لا يعتبرها كذلك، وإنما استقرت هذه القاعدة بصيغتها التي اعتمدتها في هذا المقال عند المتأخرين.
 ثالثا: حكم الترخيص في المعصية:إن قاعدة “الرخص لا تناط بالمعاصي” مستنبطة من قوله عز وجل:﴿ فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ . وهذه الآية فيها إجمال واشتراك جملي ، الشيء الذي جعل العلماء يذهبون في حكم الترخيص في المعصية إلى ثلاثة أقوال:
1- منع الترخص في المعصية: وقد ذهب هذا المذهب الشافعية، والحنابلة، وفئة من المالكية كابن العربي ، وحجتهم في ذلك قول الله تعالى:﴿ فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾فقالوا: «غير باغ ولا عاد، أي غير باغ على المسلمين ولا معتد عليهم، فمن خرج يقطع الرحم أو يقطع السبيل أو يفسد في الأرض أو مفارقا للجماعة والأئمة، أو خرج في معصية الله فاضطر إلى أكل الميتة لم تحل له» لان الرخصة «إنما أباحها الله عونا للمكلف، والعاصي لا يحل له أن يعان، فإن أراد أن يأكل فليتب وليأكل. ولان الرخصة نعمة من الله، والنعمة لا تنال بالمعاصي» .
2- جواز الترخيص في المعصية: وقد ذهب هذا المذهب الحنفية وفئة من المالكية، وحجتهم في ذلك قوله عز وجل:﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾.
وقد حملوا قول الله عز وجل:﴿ فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾، أي غير متجاوز حدود الضرورة ولا معتد الذي أبيح له، ومعنى الآية على هذا الاحتمال: إن المسافر إذا اضطر إلى أكل الميتة فله ذلك في حدود ما يسد به رمقه ويذهب عنه الضرر والهلاك المتوقع.
قال الجصاص : «ومن امتنع عن المباح حتى مات كان قاتلا لنفسه، متلفا لها عند جميع أهل العلم، ولا يختلف في ذلك عندهم حكم العاصي والمطيع، بل يكون امتناعه عند ذلك من الأكل زيادة على عصيانه» .

3- التفصيل في الترخص: وهذا هو المشهور عند المالكية، فقد فصل ابن خويز منداد في الترخص في المعصية فأجاز الرخصة في الأكل للمضطر، والتيمم، وعدم الرخصة في الفطر والقصر، وقال : «فأما الأكل عند الاضطرار فالطائع والعاصي فيه سواء، لأن الميتة يجوز تناولها في السفر والحضر (للضرورة) وليس بخروج الخارج إلى المعاصي يسقط عنه حكم المقيم، بل أسوأ حال من أن يكون مقيما، وليس كذلك الفطر والقصر، لأنهما رخصتان متعلقتان بالسفر، فمتى كان السفر سفر معصية لم يجز أن يقصر فيه، لأن هذه الرخصة تختص بالسفر، ولذلك قلنا : إنه يتيمم إذا عدم الماء في سفر المعصية، لأن التيمم في الحضر والسفر سواء، وكيف يجوز منعه من أكل الميتة والتيمم لأجل معصية ارتكبها، وفي ترك الأكل تلف نفسه، وتلك أكبر المعاصي، وفي تركه التيمم إضاعة الصلاة، أيجوز أن يقال : ارتكبت معصية فارتكب أخرى ؟! أيجوز أن يقال لشارب الخمر: ازن؟! وللزاني اكفر، أو يقال لهما ضيعا الصلاة» . وهذا القول هو الذي قرره القاضي عبد الوهاب وأكده أبو الوليد الباجي .
 رابعا: الاستثناء من قاعدة ” الرخص لا تناط بالمعاصي”: -أكل الميتة للعاصي بسفره-
فأما الحنفية، فلم يروا مسوغا للعمل بالقاعدة بالمرة محتجين بقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ .



وأما المالكية فلهم في ذلك قولان:
أحدهما أنه لا يحل. قال ابن العربي عن رخصة السفر للعاصي: «لا تباح له بحال لأن الله تعالى أباح له ذلك عونا، والعاصي لا يحل أن يعان فإن أراد الأكل فليتب ويأكل» .
والثاني، أنه يجوز، وصححه القرطبي، وعقب على ابن العربي بقوله: «والصحيح خلاف هذا فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾، وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان» ، وهذا ما ذهب إليه أغلب المالكية أمثال والقاضي عبد الوهاب وابن خويز منداد.
وللشافعية أيضا القولان:
الأول: عدم الجواز، حيث قال شافعي: «من خرج عاصيا لم يحل له شيء مما حرم الله عز وجل بحال لأن الله تبارك وتعالى إنما أحل ما حرم بالضرورة على شرط أن يكون المضطر غير باغ ولا عاد ولا متجانف لإثم» .
الثاني: جواز أكل الميتة للعاصي بسفره، وقد صححه الكيا الهراس وعلل ذلك بقوله: «ليس تناول الميتة من رخص السفر أو متعلقا بالسفر بل هو نتاج الضرورة سفرا أو كان حضرا وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضا، وهو الصحيح عندنا» .
وذهب الحنابلة إلى أن: الرخص إنما تجوز ما لم يصحبها بغي وعدوان، فإن صحبها بغي وعدوان سقطت إلا أن يتوب العاصي.
غير أن ظاهر كلام ابن قدامة يخالف إمامه في ذلك، لأنه جعل لفظ الاضطرار عاما في كل حال، وأن حفظ النفس عن الهلاك أعظم من مصلحة اجتناب النجاسات فقال : «وتباح المحرمات عند الاضطرار لها في السفر والحضر جميعا لإن الآية مطلقة غير مقيدة بإحدى الحالتين وقوله : “فمن اضطر” لفظ عام في حق كل مضطر، ولأن الاضطرار يكون في الحضر في سنة المجاعة وفي السفر، وسبب الإباحة الحاجة إلى حفظ النفس عن الهلاك، لكون هذه المصلحة أعظم من مصلحة اجتناب النجاسات، والصيانة عن تناول المستخبثات، وهذا المعنى عام في الحالتين، وظاهر كلام أحمد أن الميتة لا تحل لمن يقدر دفع ضرورته بالمسألة» .
والحاصل أن الفقهاء في كل المذاهب متفقون على أن حالة الاضطرار لا فرق فيها بين العاصي والمطيع، في السفر أو الحضر، لأن المحافظة على النفس مصلحة مقدمة ومقصد عظيم من مقاصد الشرع والمحافظة عليها مأمور بها نصيا:﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾،﴿ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْديكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ ﴾.
وقد حقق الإمام القرافي في المسألة تحقيقا دقيقا خرج فيه بإجماع العلماء على الترخيص للعاصي بسفره في أكل الميتة، دون القصر والفطر. ففرق بين كون المعصية سببا للرخصة وبين كونها مقارنة لأسباب الرخصة، فعمل في الأول بالقاعدة واستثنى الثاني بسبب الإجماع. فقال رحمه الله مفرعا على الفرق بين المقاصد والوسائل : «وتفرع على هذا الفرق فرق آخر وهو الفرق بين كون المعاصي أسبابا للرخص، وبين قاعدة مقارنة المعاصي لأسباب الرخص، فإن الأسباب من جملة الوسائل، وقد التبست ها هنا على كثير من الفقهاء، فأما المعاصي فلا تكون أسبابا للرخص ولذلك العاصي بسفره لا يقصر ولا يفطر، لأن سبب هذين السفر وهو في هذه الصورة معصية فلا يناسب الرخصة، لأن ترتيب الترخص على المعصية سعي في تكثير تلك المعصية بالتوسعة على المكلف بسببها، وأما مقارنة المعاصي لأسباب الرخص فلا تمنع إجماعا، كما يجوز لأفسق الناس وأعصاهم التيمم إذا عدم الماء وهو رخصة، وكذا الفطر إذا أضر به الصوم، والجلوس إذا أضر به القيام في الصلاة، ويقارض ويساقي، ونحو ذلك من الرخص. ولا تمنع المعاصي من ذلك لأن أسباب هذه الأمور غير معصية بل هو عجزه عن الصوم، ونحوه، والعجز ليس معصية.
فالمعصية هاهنا مقارنة للسبب، وبهذا الفرق يبطل قول من قال: إن العاصي بسفره لا يأكل الميتة إذا اضطر إليها، لأن سبب أكله خوف على نفسه لا سفره فالمعصية مقارنة لسبب الرخصة لا أنها هي السبب» .
والخلاصة: أنه على رغم من اختلاف العلماء في هذه القاعدة، بين مجيز ومانع من الانتفاع برخص الشرع للعاصي بسفره، إلا أن القاعدة هنا تعارضت مع أصل عظيم من أصول الشرع وهو المحافظة على النفس لقول عز وجل﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾وهذا أصل مجمع عليه لا يدع مجالا للاختلاف في استثناء هذه المسألة من القاعدة.
والله أعلم.



دراسة مختصرة في ملف محفوظاتي لم أذيل فيها اسم الباحث والموقع .. فمعذرة منكم .







 
رد مع اقتباس
قديم 17-11-2022, 08:38 AM   رقم المشاركة : 294
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

قال تعالى على لسان شعيب لقومه : ( وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ) ..

إن إيفاء الحقوق وإيصالها إلى أصحابها، وتكميلها وإتمامها، من أُسس دعوات الأنبياء،
والبخس هو الإنقاص على سبيل الظلم والتعييب، أو التزهيد، أو المخادعة عن القيمة، أو الاحتيال في التزيُّد في الكيل والنقصان منه.

وله صور كثيرة نذكر منها في مقامنا هنا : بخس العلماء حقهم ..

ومن بخس العلماء أن يظن الشخص العادي أن بإمكانه أن يفتي كما يفتون، ويفهم كما يفهمون، ويستنبط كما يستنبطون، فيقول: هم رجال ونحن رجال، والله جل جلاله قد اصطفى العلماء فجعلهم ورثة الأنبياء، وجعل حيتان البحر وكذلك النمل في جحورها - من أكبر مخلوقاته إلى أصغرها - يثنون على العلماء، وهؤلاء المنافقين يطعنون فيهم، فصارت الدواب واللهِ خير منهم.

ومن بخس العالم الزهد فيه، وفي علمه، وعدم إتيانه، وترك استفتائه، وهم يرحلون ويموتون، وبعض الناس لا يعرفون أن في الأمة فلاناً إلا عند موته، فما أشدَّ تقصير هذه الأمة في حق علمائها، وما أشد ما بخستهم حقهم، ولو سألت مراهقاً عن أسماء عشرة لاعبين للكرة لأعطاك أسماء ثلاثين، ولو سألته عن أسماء عشرة من العلماء ما أعطاك خمسة! قال أبو حنيفة: ربما ذهبت بأمي إلى مجلس عمر بن ذر، وربما أمرتني أن اسأله عن مسألة، فآتيه وأقول له: إن أمي أمرتني أن أسألك عن كذا، فيقول: أنت تسألني عن هذا؟ - يعني أنت أعلم مني - فأقول: هي أمرتني، فيقول لي: كيف الجواب حتى أخبرك؟ فأخبره بالجواب، فيخبرني به، فآتي أمي فأخبرها إياه!!

ومن بخس الدين أن يبخس حقِّ دعاته، وطلاب العلم فيه، فلا ينزلون منازلهم، وهذا هو الواقع اليوم حيث تشن الهجمات عليهم، ثم يعظَّم ويُكبَّر، ويُفخَّم ويُضخَّم الرويبضاتُ التافهون من الممثلين، وكُتَّاب قلة الأدب في الروايات المستبشعة، وقد أخبر النبي ﷺ أن من أشراط الساعة أن ينطق الرويبضة، وعرَّفه بأنه الرجل التافه الفويسق يتكلم في أمر العامة، ولذلك تجد الواحد منهم اليوم تفرد له حلقات في القنوات، وتفسح له المجالات في المقالات للكتابات التافهات.







 
رد مع اقتباس
قديم 20-11-2022, 12:44 AM   رقم المشاركة : 295
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

إن قاعدة علوم الحديث -التي قررها جهابذة المحدثين- في كيفية الوصول إلى معرفة صحة الحديث أو ضعفه: أن تجمع طرق الحديث، وينظر فيها بميزان النقد الصحيح؛ ليخرج بعد ذلك بالنتيجة، فيقول بصحة الحديث أو ضعفه، وإليك بعضه أقولهم في هذا المعنى:

يقول الحافظ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ): “والسبيل إلى معرفة علة الحديث: أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط”.

ويقول إبراهيم الحربي: سمعت أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) يقول: «الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضًا».

ويقول الإمام علي بن المديني (ت 234 هـ): «الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه».

الأمر الثاني: إذا صح الحديث، وكان معارضًا -في الظاهر- لغيره من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة، فإن المجتهد يقوم بإعمال قواعد التعارض والترجيح بين الأدلة، فإن أمكن الجمع قال به، وإلا يصار إلى النسخ، ثم الترجيح.

يقول الإمام ابن قدامة (ت 620 هـ): “فإن لم يمكن الجمع، ولا معرفة النسخ: رجحنا، فأخذنا الأقوى في أنفسنا” .

فلا يصلح بحال -من الناحية العلمية- أن يقف عالم أو شيخ أو دكتور في الجامعة -أيًّا كانت مكانته العلمية- على حديث ما ، ولا يجتهد في جمع طرقه ورواياته ودراستها ( الطرق والروايات ) ، ثم بعد ذلك لا يقوم بمقارنته بالأدلة الشرعية من القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة الدالة على تحريم أمر ما ، أو تحليله .


إذن هما أمران لا بد منهما: جمع طرق الحديث ودراستها، ثم بعد تقرير صحته من عدمه ينظر المجتهد فيما يستنبط منه، أما المسارعة إلى نشر حديث ما وإذاعته قبل ذلك، فهو مما يستنكره أهل العلم .

الأمر الثالث: مما ينبغي أن يعلم: أن شبهة إيراد حديث ما والتشغيب به على القول الثابت بالأدلة الصحيحة على تحريم أمر أوتحليله ليس بجديد لكنه استفحل مؤخرا ووجب وقفة من العلماء ومن دونهم من الحريصين لهذا الأمر ..







 
رد مع اقتباس
قديم 21-11-2022, 06:48 AM   رقم المشاركة : 296
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..






الحديث الغريب والحديث المرسل ومتى يؤخذ بهما ..
الغريب تارة يكون ضعيفًا، وتارة يكون صحيحًا، فالغريب: الذي جاء من طريق واحدة يسمى غريبًا، فإن كان رجاله ثقات فهو صحيح ولو أنه غريب؛ يعمل به، وإن كان في رجاله بعض الضعفاء؛ فهو لا يعمل به يسمى غريبًا وضعيفًا جميعاً.
والمرسل: الذي ما فيه صحابي، يرويه التابعي عن النبي ﷺ، يسمى مرسلاً، وهو ضعيف لا يحتج به، إلا إذا كانت مراسيل اثنين فأكثر؛ يكون من باب الحسن، يعضد بعضها بعضًا، أما مرسل واحد؛ فلا يحتج به ضعيف، كأن يروي الحسن البصري عن النبي ﷺ، أو سعيد بن جبير عن النبي ﷺ، يعني: بعض التابعين عن النبي ﷺ، هذا يسمى مرسل، فإذا كان واحد لا يحتج به، فإن كان مرسلان، كان الوارد مرسلين أو أكثر يحتج بهما ويكون من باب الحسن.



من فتاوى العلامة ابن باز رحمة الله عليه..







 
رد مع اقتباس
قديم 22-11-2022, 06:40 AM   رقم المشاركة : 297
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

يجب ألاَّ ننخدِعَ للخلافات المُغلَّفة بالمباحث العلميَّة، وهي في باطنها تطلُّعات ذاتية لمصالح شخصيَّة؛ فقد تتستَّر حظوظ النفس ورغباتها وراء السعي في البحث عن الحق والانتصار له، وتجد الرجل يُشهر الحقَّ ونفسُه تصبو إلى تحصيل جاه أو مالٍ ، أو نيل رضا قريب أو حبيبٍ، ومن محاسن الاستنباط في هذا السياق ما علَّقه الإمام محمد بن عبدالوهَّاب في فوائد قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 108]؛ حيث قال رحمه الله: "التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيرين وإن دَعَوا إلى الحقِّ، فإنما يدْعون إلى أنفسهم".



ومما يدلُّ على أنَّ المرء أبرز النُّطق بالحق استجابةً لشهوة خفيَّة، أنه لا يَطمئنُّ إلى ظهور الحق من غيره، ويجد في نفسه فاقة ونزوعًا إلى التسبُّب مباشرة بقوله ونَشْره، ولو أخلَص النيَّة، وحَسُنَت منه الطويَّة في طلب رضا الله، لقطَع نفسه عن شهوتها، مكتفيًا ومطمئنًّا بما ظهَر وانبلَج من الحق الذي يحبُّه الله - سبحانه - ولو على لسان أو قلم غيره، فإنه ليس للمخلص وراء ذلك من مقصدٍ.



فعلى من وَلَج في غمار البحث: أن يُعمِّرَ قلبه بمراقبة الله، ويُديم ملاحظة اطِّلاع ربِّه عليه، ويؤم بالسعي في علمه وبحثه تحصيلَ مراد الله، وينيط همَّه وشُغله بالنُّصرة والانتصار للحق، متحرِّيًا رضا ربِّ الخَلق، فإن فعَل ذلك، أحجَمتْ نفسه عن ملاحقة شهواتها والميل إلى رغباتها، وصَفَتْ سريرته في استنباط الحكم، وجاءَه التأييد من الربِّ - جل وعلا - كما قال سالم بن عبدالله لعمر بن عبدالعزيز: "اعْلَم أنَّ عون الله تعالى للعبد على قدر النيَّة؛ فمَن تَمَّت نيَّته، تَمَّ عون الله له، وإن نقَصَت، نقَص بقدره".



ولأن "الإخلاص يُورث الفَهم عن الله والعلم والحكمة"؛ قال ابن معاذ الرازي: "مَن أشخَص بقلبه إلى الله، انفتَحَت ينابيع الحكمة من قلبه، وجرَت على لسانه"



ومن ثمار الإخلاص لله - عز وجل - ومظاهر بركته في أهله أنَّك تجد الرجل قد لا يُحيط في بحثه للمسألة بكلِّ ما فيها من أدلة ومذاهب إلاَّ قليلاً، لكن يوفِّقه الله في ذلك القليل إلى معدن الحق، وعين الصواب، وتجد الرجل قد صرَف جهدًا في استقصاء أطراف المسألة واستجماع المذاهب فيها، لكن يُحرم من التوفيق إلى القول الراجح، بقدر ما فوَّت على نفسه من تحقيق النيَّة، وتصحيح المقاصد، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، نسأل الله العظيم أن يُزيِّن قلوبنا بزينة الإخلاص .


تلخيص من بحث طويل للشيخ / حمد بن ناصر بن عثمان ابن معمر







 
رد مع اقتباس
قديم 25-11-2022, 09:04 AM   رقم المشاركة : 298
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

التدين العاطفي، لا يوزن بميزان الشرع و الفرق بينه وبين التدين الحقيقي: الورع.

الورع في حقوق الخلق، الورع في سائر ما يتناوله المسلم في حياته، فيتورع في مأكله، ويتورع في مشربه، ويتورع في دخله، ويتورع في حقوق الخلق، ويتورع عن الدماء والأعراض والأموال وسائر الحقوق، وكثير من الناس يفقد حقيقة الورع وإن تدين ظاهراً ..


ومن أمثلة مسالك الذين سلكوا التدين بغير ورع : تدين الخوارج الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يخرجون في أكثر من زمان، أخبر عن الخوارج

الأولين، وأخبر عن خوارج يخرجون في آخر الزمان، جاء في حديث البخاري: (سيخرج في آخر الزمان أناس حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية)، يعني: ظاهرهم قول الدين، والغيرة على الدين.

ولكنهم لا يتورعون عما حرم الله، بل لا يتورعون عن أعظم المحرمات في حقوق الخلق وهي الدماء، فأعظم المحرمات في حقوق الخلق هي الدماء، ومع ذلك هم متدينون، بل وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنا نحقر صلاتنا عند صلاتهم وصيامنا عند صيامهم، وقد وصفهم بعض الصحابة الذين جاءوهم في معسكراتهم بأن لهم دوياً كدوي النحل، مصفرة وجوههم، ناحلة أجسامهم من القيام بالليل، أُسوْد في القتال، لكن تدينهم غير حقيقي، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية؛ لأن تدينهم عواطف جياشة، تفجر الطاقات، والواحد منهم لو لم يضبط هذه العاطفة لربما فجر نفسه، كما يحصل من بعض المتأخرين.

فعندهم عواطف جياشة، لكنها على غير هدى، وليس هذا هو التدين الذي أمر الله به، ومن هنا أحب أن أنبه على ظاهرة ظهرت في الآونة الأخيرة عند بعض الشباب، وإن كانوا قليلاً ..والحمد لله .
لكن معظم النار من مستصغر الشرر، وهي تتعلق بحقيقة التدين، وهي أنهم تدينوا تديناً عاطفياً غير منضبط بالضوابط الشرعية، ولا بمنهج الرشد وأهل الرشد العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وغير منضبط بمناهج العقلاء، فأدى بهم هذا التدين غير المنضبط إلى سلوك مسالك الغلو، فوقعوا في مصيدة المخالفين، ثم اتهام المخالفين لهم من العلماء وأهل الخير والصلاح والاستقامة -فضلاً عن غيرهم- بتهم تصل إلى حد التكفير، ثم أدى ذلك نتيجة التدين العاطفي غير الراشد إلى سلوك مسالك استحلت فيها الدماء، والفساد في الأرض بدعوى الغيرة على الدين وبدعوى الجهاد ، وهذا يتنافى مع الورع؛ فالدين جاء بحفظ الضرورات الخمس: حفظ الدين، وحقيقة التدين: أن يحرص المسلم على حفظ الدين في نفسه وفي الأمة وفي البشرية جميعاً.

ثم حفظ النفس، فاحفظ نفسك ونفس غيرك.

وحفظ العقل.

وحفظ العرض.

وحفظ المال.

هذه تسمى ضرورات عند جميع العقلاء، وحفظها حقيقة التدين، فحقيقة التدين تتجلى في هذا الأمر، ولا مانع أن نطيل في هذه الظاهرة؛ لأنها ظاهرة ظهرت آثارها فينا وسببت شق الصفوف والتغرير ببعض شبابنا المتدين، وظهرت لها آثار في أمننا وفي جميع أمورنا، فلابد من الوقوف عندها قليلاً.

وحقيقة التدين تتجلى أولاً بالاستقامة على العقيدة، ثم بسلوك سبيل المؤمنين الذين توعد الله من خالفهم، كما قال عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:١١٥]، وسبيل المؤمنين هو سبيل السلف الصالح، ومن سار على نهجهم إلى قيام الساعة، وسبيل المؤمنين إنما يمثله العلماء أهل الحل والعقد إلى يوم القيامة، وإذا لم نقل بهذه الحقيقة ضاعت الأمور، وإلا لماذا أرشدنا الله عز وجل إلى أهل الذكر، ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .

ولماذا أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ عن العلماء وقال: (العلماء هم ورثة الأنبياء).

إذاً : فحقيقة التدين تتمثل بسلوك سبيل المؤمنين الذي يمثله العلماء، والعلماء قد يشك فيهم بعض من عنده شبهات، لكن مع ذلك يبقى من الثوابت الشرعية والعقلية أن العلماء هم رأس الأمة دائماً، وهم الذين حفظ الله بهم الدين، وهم رأس الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم)، فإذا لم يكونوا ظاهرين بالعلم ( حديثا وفقها ) فهم بالجهادالحق والأمر المعروف والنهي عن المنكر ..






ملخص من بحث طويل للشيخ / ناصر العقل ..



يتبع ..







 
رد مع اقتباس
قديم 28-11-2022, 06:57 AM   رقم المشاركة : 299
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

الإخلاص والمراقبة والإحسان ..

من حقيقة التدين: وجود الإخلاص في القلب، والمراقبة لله عز وجل، والإحسان، وكما يكون الإحسان في العبادة لابد أن يكون الإحسان مع الخلق، ولعل أظهر محك للناس في ظهور حقيقة التدين هو التعامل مع الآخرين، فمن التدين أن يكون المسلم رفيقاً شفيقاً رحيماً بالمسلمين، أن يرفق بالمسلمين في كل شيء، في نصحه، في بيانه، في رده، في بيعه، في شرائه، في جميع أنواع التعامل ..

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه)، ولو استعرضنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن الأصل في تعامله مع الآخرين -حتى الذين يخطئون والذين يقعون في فواحش الذنوب، والذين يقعون في الأمور المستشنعة- أنه يعاملهم برفق، فعامل الأعرابي الذي بال في المسجد بالرفق، وعامل حاطب بن أبي بلتعة الذي وقع في عمل ظاهره الكفر بالرفق، وكثير من ذلك، إلا إذا انتهكت حدود الله فهذا أمر آخر، وله ضوابطه، ويكون لأهل الحل والعقد أيضاً، وليس لكل إنسان أن يدعي دعوى الغيرة على الحدود فيفتات على العلماء.

فالمهم الإحسان إلى الخلق عموماً، وكل له درجة من الإحسان، وحسن التعامل مع الآخرين هو المحك، ولذلك لما أخل كثير من المسلمين بهذه الحقيقة، حقيقة التعامل مع الآخرين، ولم يسلك كثير منهم مسلك الرفق والرحمة والحلم والنصح والإشفاق والتدرج في الدعوة ونحو ذلك، لما تخلف هذا الأصل عند المسلمين قل وضعف جانب
القدوة فيهم، فالقدوة الآن في المسلمين قليلة ونادرة جداً في التعامل، وكثيرون نجدهم في عقائدهم على الاستقامة، وتجد هناك نماذجاً من الناس عقيدة أحدهم سليمة، وعلمه وفقهه في الشرع سليم، وقد يكون أيضاً باذلاً جهده في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، لكن لا يحسن التعامل مع الخلق، فهذا غالباً لا تنفع دعوته، ولا يقتدي به أحد، والمسلمون الآن بحاجة إلى الأنموذج الأمثل في التعامل أكثر من حاجتهم إلى الخطب والكتابات والوسائل الأخرى، وأنا أجزم أنا لو استغنينا عن أكثر ما نقوله وما نكتبه واتجهنا إلى غرس القدوة في الناس لتحقق الخير الكثير، فكثيرون ممن حرموا الاستقامة كان الحاجب بينهم وبين الاستقامة سلوك بعض المتدينين؛ لأنهم ما حققوا التدين.

ثم كثير من الكفار وغير المسلمين حرموا نعمة الإسلام بسبب كثير من المسلمين، وهذا أمر معلوم مشهور، يعلمه كل من خالط أو عايش أو سافر إلى بلاد الكفار للدعوة إلى الله عز وجل، أو حتى دعا أحداً من الكفار في أي مكان، فسيجد أن من أعظم عوائق إسلام هؤلاء القوم أفراداً
وجماعات وأمماً وقبائل هو سلوك المسلمين، وهذا صرحوا به وقالوه، فأكبر عائق لدخولهم في الإسلام هو عدم تحقيق التدين بين المسلمين في تعاملاتهم، فتجد كثيراً من المسلمين فظا غليظاً عنده جفاء، وقد يتعامل مع الناس بشيء من المراوغة والكذب أو حتى التعالي ، وأيضا عدم الإتقان للأعمال إلى آخره.

وكما تتحقق حقيقة التدين بالتمييز بين الحق والباطل لابد لكل من يدعي التدين أن يميز بين الحق والباطل، ويتجلى ذلك بأن يميز المسلم بين المعروف وبين المنكر، ويميز بين الكفر وبين الإسلام، ويميز بين المسلم وبين الكافر، ويميز بين المؤمنين وبين الكافرين، والله عز وجل يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:٣٥ - ٣٦]، ويقول عز وجل: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} [السجدة:١٨]، وبعض الناس يقول: الكل سواء، وهذا غير صحيح، لكن التمييز ينبغي أن يكون له ضوابطه وحدوده، فلا يصل إلى حد الخشونة في التعامل، أو الإساءة إلى الدين الحق أو إلى الفظاظة والغلظة في التعامل مع الآخرين.

فمن حقيقة التدين أن يكون المسلم مميزاً، وكما يميز بين الضار والنافع في مأكله ومشربه ومعاملاته مع الناس يجب أن يميز قبل ذلك بين الحق والباطل، لكن بالضوابط الشرعية، لا يتخطى الحواجز الشرعية والطبيعية كما يفعل بعض الناس، فالأمر يحتاج إلى اعتدال؛ فلابد من التمييز بين الحق والباطل في حقيقة التدين.
ولا بد أن يظهر في المسلم نموذج المؤمن عالي التهذيب صاحب الخلق القويم الذي يزن الأمور بميزان الشرع الذي لم يغفل جانبا ، وقنن تعاملاتنا وأعلى من شأنها على العبادات .. لأن التعاملات أثرها أكبر ووقعها في النفس أعمق ..



بتصرف وإضافة من المصدر السابق ..







 
رد مع اقتباس
قديم 01-12-2022, 04:50 AM   رقم المشاركة : 300
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: من جمان الفكر وحسان القول ..

إفشاء أسرار المسلمين كبيرة من الكبائر، وهو جريمة يعاقب مرتكبها عقوبة رادعة تتناسب وخطورة تلك الجريمة، غير أن الإمام له أن ينظر في عذر مرتكب تلك الجريمة ودوافع ما فعل، ثم يحكم عليه بعد ذلك بالعفو أو العقوبة.
و كلنا يعرف قصة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، أرسل إلى قريش يخبرهم بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، ولم يكن يقصد خيانة المسلمين، وإنما خوفه على أهله الذين كانوا يعيشون بين المشركين، ولم يكن له قرابة يحمونهم كغيره من المهاجرين، فأراد أن يقدم للمشركين قربانًا ليضمنوا له حماية أهله، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه؛ لأنه شهد غزوة بدر.
وقد كان لأهل بدر خصوصية دون غيرهم من الصحابة، ولذلك عندما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم دعني أضرب عنق هذا المنافق قال: (إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) رواه البخاري.

يقول الإمام الخطابي رحمه الله: "في هذا الحديث من الفقه أن حكم المتأول في استباحة المحظور عليه خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل" انتهى من "معالم السنن" (2/ 274).
وجاء في "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (5/ 162): "قال الطبري: في حديث حاطب بن أبي بلتعة من الفقه أن الإمام إذا ظهر من رجل من أهل الستر على أنه قد كاتب عدوًا من المشركين ينذرهم ببعض ما أسره المسلمون فيهم من عزم، ولم يكن الكاتب معروفًا بالسفه والغش للإسلام وأهله، وكان ذلك من فعله هفوة وزلة من غير أن يكون لها أخوات؛ فجائز العفو عنه، كما فعله الرسول بحاطب من عفوه عن جرمه بعد ما اطلع عليه من فعله. وهذا نظير الخبر المروي عن عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ) رواه أحمد وأبو داود.

فإن ظن ظانٌّ أن صفحه صلى الله عليه وسلم إنما كان لما أعلمه الله من صدقه، ولا يجوز لمن بعد الرسول أن يعلم ذلك، فقد ظن خطأ؛ لأن أحكام الله في عباده إنما تجرى على ما ظهر منهم. وقد أخبر الله نبيه عن المنافقين الذين كانوا بين ظهراني أصحابه مقيمين معتقدين الكفر، وعرَّفه إياهم بأعيانهم، ثم لم يُبح له قتلهم وسبيهم؛ إذ كانوا يُظهرون الإسلام بألسنتهم، فكذلك الحكم في كل أحد من خلق الله أن يؤخذ بما ظهر لا بما بطن.
وقد رُوي مثل ذلك عن الأئمة؛ روى الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى منصور قال: بلغ عمر بن الخطاب أن عامله على البحرين أُتي برجلٍ قامت عليه بينة أنه كاتب عدوًّا للمسلمين بعورتهم -وكان اسمه: أضرباس- فضرب عنقه وهو يقول: يا عمر، يا عمراه. فكتب عمر إلى عامله فقدم عليه فجلس له عمر وبيده حربة، فلما دخل عليه علا لجبينه بالحربة وجعل يقول: أضرباس لبيك، أضرباس لبيك. فقال له عامله: يا أمير المؤمنين، إنه كاتبهم بعورة المسلمين وهمّ أن يلحق بهم. فقال له عمر: قتلته على هذه، وأينا لم يهم، لولا أن تكون سيئة لقتلتك به" انتهى. والله أعلم.


موضوع ( بحثي ) قام به عدد من العلماء في لجنة الإفتاء ..







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:23 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط