لأنك لا تستحقين البداية سأكتب القصة من النهاية ،النهاية التي سأستجدي قلمي ليرأف بقلبك المعطوب كي لا يزيده عطبا ، قلمي الذي تمرد ألان على عبودية الحب لينقلب إلى متمرد عاف العواطف واستنشق أريج حرية الانعتاق من براثن أغلالك الغليلة، وغدا سيدا على نفسه بعدما توجك مليكة أمره ودرة عشقه ،ربما أقسو عليك ولكن قسوتي لا تقارن بخداع المشاعر لأنها حقيقة وتلك كانت مزيفة ،اتسأءل فعلا أي قدرة على التلون تلك التي جعلت من امرأة تجاري رجلا بمشاعرها وهي تعلم أنها تجربة أسس لها شيطان عقلها لتزهو بذاتها حين تكتشف أنها ما زالت قادرة على جذب الرجال؟ ثم تواصل اللعبة كي ترضي غرورا يمحق ذاتها المريضة بسادية التعذيب ، تتسامين بقهقهات الزيف على بقايا أطلال الضحية وتبررين بعنجهية المتعجرف المتكبر،وأنت تقبعين في محراب النشوة ،النشوة المنبعثة من جوف صدرك الملتهب شوقا لصراخ ضحيته، كم عابد يا سيدة الخداع تلوى في محرابك ؟ وهل كانت الغواية مجرد هواية تمارسين فيها طقوس ساديتك وصخب مزاجك العنيف؟ مزاجك المتقلب ما بين الصدامية أحيانا وما بين الامتثال لمد حبل زيف المشاعر حينا.
عندما نمنح الحب حسب المزاج نكون كالأرض الجدباء التي ارتوت ثم فاضت لتهلك الحرث والنسل، وحين نعشق بثبات تبقى القلوب عامرة بطقوس الهناء . وكأن الهناء يا سيدتي كلمة غريبة على أذنيك اللتان لا تسمعان غير دبيب الشر يهمس بهما كشيطان رجيم. يقولون النساء نوع واحد، صنف متشابه ولم أكن اصدق أن غيرك يشبهك، بل كنت أهمس في ذاتي بخلاف ذلك، لم اقتنع بان النساء كلهن طراز واحد مع اختلاف في الشكل والمظهر ولكن ثمة حقيقة لا تخفيها الشمس هو أن النساء كالرجال أنواع كثيرة وأكثرها غموضا المرأة السراب التي كلما حاولت بلوغها كشفت لك انك مخدوع. فتجلس ينفخ اللهاث صدرك، تنظر خلفك تتفحص المسافات التي هرولت بها وأنت تلاحق الوهم، ثم تلتفت إلى الأمام لتجد السراب يبرق في عينيك من جديد فتعدو تلاحق أملا زائفا وأنت تعلم النهاية، ولكن تبقى ممسكا خيط الأمل وتشده حتى يضعف وينقطع فترتد ساقطا على ظهرك وتشرع بعلاج حطامك لتشفى ببطء شديد.
كنت قد رأيت في منامي ذات ليلة صارعت فيها الأرق فصرعته قبل الفجر بساعة ،كانت تتسلل من قلبي خيوطا تشبه الأوردة نحو ثديك الأيسر الكاعب المتألق بشهوة وكنتِ تمسكين نهدك بيدك اليسرى استعدادا لاستقبالها ويدك اليمنى خلف ظهرك تنتظر وصول الأوردة ليستقبلها مقص مشحوذ بحماقة ساديتك ، وبرمشة عين تقصين الأوردة فتهوي على الأرض بنزفها الغزير وأنت تقهقهين بغباء وتسدين بعينيك نظرات التشفي بشغف .ترى بماذا كانت تريد الأوردة أن تمد صدرك الفاحم حسب حدسك ؟ أنا اعرف بماذا، كانت ستشحن صدرك الخاوي إلا من سموم التسلي والطافح بوهم كبرياء فرعونية اتخذت من خادمها نديما لها بعد أن اغرق البحر كل النبلاء ، كانت ستمنح قلبك من طيبتها شيء من عواطف نقية تمزج في ثناياه من الحنان ما يطرد سموم خافقك وتلفه بوشاح عشق من نور يبدد من دهاليزه ظلمات دامسة، كانت الأحلام تتوالى ولا تنفك تريني طيفك بعد كل خلاف بيننا وكانت تهبني علامات كنت افهمها ولكن لا أريد أن افهمها فذاكرة غضبي تأبى ان تستقر في نفسي بعد كلمة رقيقة من لسانك المحترف بترويج زيفه كحقيقة ثابتة .
كان القدر يعاكسني معك أنت وأنت بالذات فمن بين كل نساء الأرض لم أتعثر إلا بك وكأن القدر أراد لقلبي العذاب، فمذ عرفتك عزمت أن لا يستقر فيه غيرك، فطردت منه كل النساء وحجبت عيناي عن كل النساء، حتى غدوت سلوتي وفرحة فؤادي . كنت اسأل نفسي أي مبرر جعلها تتوج عرش قلبي ؟ وما الشيء المثير فيها قد احتل مساحات نفسي ؟لم أكن أجد جوابا سوا أن قلبي المأفون بسكرة خاطفة قد غرس أنياب العذاب حتى تعاظمت وبات مؤلما نزعها بسهولة .كانت أنياب حادة معكوفة كصنارة صياد تنزع اللحم إذا أُجبرت على التخلص منها . ولكن علاج جرح الجسد أهون ا لف مرة من علاج الروح، فلا بلسم يداوي الغباء فحين تكتشف غباءك وحمقك وأنت تسير في واد من الوهم، تضرب راسك بأول جدار صلب ربما يُسيل بعضا من دماء تحوصلت في دماغك وكادت تنفجر غيظا على ما منحت من وفاء .
اشعر بانقباض الروح كلما هوت يدي على قلمي لأخط ما نزت به نفسي من غيظ يهز سطور صفحات فؤادي، لم اكن ذات يوم بهذه السوداوية ولا تلك المشاعر المقهورة ولم اعرف ذات وقت ان التجهم البغيض التصق بسحنتي واكسب براحة وجهي كل هذا الانقباض ونفض عنه زهو الانشراح الا بعدما تبين لي بوضوح اني حبيس هالات الخديعة