الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى أدب الطفل

منتدى أدب الطفل هنا يسطر الأدب حروف البراءة والطهر والنقاء..طفلنا له نصيب من حرفنا..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-2025, 05:54 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد فؤاد صوفي
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







أحمد فؤاد صوفي غير متصل


افتراضي قصة *عَبْدُ الرَّحْمَن والسَّعَادَةُ الدَّائِمَة*


*عَبْدُ الرَّحْمَن والسَّعَادَةُ الدَّائِمَة*
كانَ هناكَ رجلٌ مشهودٌ لهُ بالحِكْمَة، كانَ اسمهُ عَبْدُ الرَّحْمَن ، يَعيشُ في مدينةٍ صغيرةٍ مُحَاطَةٍ بسِلسِلَةٍ من الجِبالِ الشَّاهِقَة، وكانَ عَبْدُ الرَّحْمَن مَعْرُوفاً بِكَرَمِهِ وحُسْنِ خُلُقِه، وعلى مَرِّ السِّنين، فقد جَمَعَ ثَرْوَةً كَبيرةً من تِجارتِهِ النَّاجِحَةِ في الأقْمِشَةِ والعُطُور، فهُوَ كانَ منَ الأَوَائِلِ الَّذِينَ عَمِلُوا بِهَذِهِ التِّجَارَة.
في عَصْرِ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّام، كانَ عَبْدُ الرَّحْمَن يَجْلِسُ في حَديقةِ مَنْزِلِه، عندما تَذَكَّرَ كَلماتِ جَدِّهِ، التي كانتْ مَحْفُورَةً فِي ذِهْنِهِ "الثَرْوَةُ الحَقيقيَّةُ لَيْسَتْ مَا تَمْلِكُهُ، بَلْ مَا تُقَدِّمُه"، وقد عَاشَتْ معه تِلكَ المَقُولَة طيلةَ حياته، ولمْ يَنْسَهَا أبداً، وهو اليَومُ يَشْعُرُ بالحَماس، وبأنهُ صارَ بِمَقْدُورِهِ أن يُقَدِّمَ أشياءَ مفيدةً لأَهْلِ مدينته، وأنْ يجعلَ حياتَهُ تَتَمَاشَى معْ هَذا المَبْدَأ، كَيْ يَتْرُكَ أثراً إيجابياً مُسْتَدَامَاً في مُجْتَمَعِهِ الصَّغِير.
حملَ عَبْدُ الرَّحْمَن كوبَ الشَّاي في يَدِهِ، وتَرَكَّزَ تَفكيرُهُ في كَيْفِيَّةِ تَحقيقِ حُلمِه، ونَادَى على زَوْجَتِهِ وأَوْلَادِهِ لينضَمُّوا إليه، ويُبَاشِرُوا مَعَهُ هذا الحَدَثَ الهَّام، ولِيُقَدِّمُوا آرَاءَهُمْ للتَدَاوُلِ حَوْلَ أَفضَلِ الحُلُول، واسْتَمَرَّ النِقَاشُ بين أفرادِ العائلةِ لوقتٍ طَويل، وفي النِّهَايَة، تَوَافَقَ الجَمِيعُ أنْ يُنْشِئَ الوَالِدُ وَقْفِيَّةً عَامَّة، يبدأُ فيها بِأَحدِ المشاريعِ الحَيَويَّةِ التِي تَخدِمُ مدينَتَه، ويَوْماً بعدَ يَوْم، يُقَدِّمُ مَزيداً من المَشَاريع، لِتُصْبِحَ كَمُجَمَّعٍ مُتَكَامِلٍ للخَدَمَاتِ المَجَّانيةِ المُخْتَلِفة. وأولُ مَا قَامَ به، هُوَ اِقْتِطَاعُ مَساحَةٍ كَبيرةٍ من أَفْضَلِ أجزاءِ أراضِيهِ الشَاسِعَة، ثمَّ قامَ بفرزِهَا وتَسْجِيلِها بشكلٍ رسميٍّ كوَقْفٍ خيريّ، يُمْنَعُ بَيْعُهُ أو تَوارُثُهُ، وخِلَالَ أيَامٍ قليلةٍ بدأ بأعمالِ البناءِ لأوَّلِ مَدْرَسَةٍ كانتْ مدينتهُ تفتقدُ لوُجُودِهَا بِشِدَّة، وخلالَ ستَّةِ أَشْهُرٍ لَا تَزِيد، أصبحَتِ المَدْرسةُ جاهزةً لاستقبالِ الفَوجِ الأوَّل من الطُّلابِ والطالبات، لأن عَبْدُ الرَّحْمَن، عمد خِلالَ فَتْرةِ البِنَاء، إلى تَأمينِ مُتَطَلَّبَاتِ الفَرْشِ والتَجهيزاتِ المختلفة، والأدواتِ والكتبِ اللازمة، كما قامَ بتوظيفِ المعلمينَ والمعلمَّات، الذينَ اختارَهُم جَمِيعاً من سكَّانِ مَدينتِهِ أو مِمَّنْ يُجَاوِرُونَهَا، وبالطبع، فقد كانتْ المدرسةُ مجانيةً بالكامل.
وبينَ ليلةٍ وضُحَاهَا، أصبحتْ المدرسةُ نقطةَ تَحَوُّلٍ في حياةِ المدينة، وحياةِ العديدِ من الأطفال، أو الأولادِ الأكبرَ سِنَّاً، الذينَ كانُوا يحلمونَ بمستقبلٍ أفضل.
وبعدَ اِكْتِمالِ المَشروعِ الأول، تَعَوَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَن أنْ يَجْلِسُ يومياً في ظِلِّ شَجَرَةٍ تَطُلُّ على المَدْرَسَةِ ويُفَكِّر؛ مَاذَا عليَّ أنْ أقَدِّمَ أيْضَاً.
كانتْ أَرْضُ الوَقْفِ كبيرةً، وهِي تَطُلُّ على الشَارِعِ الرَئيسيّ في وسطِ المدينة، فَوَجَدَ عَبْدُ الرَّحْمَن ، أنَّ أفضلَ مَا يقدِّمُهُ، هو مستشفى صغير، يقدِّمُ الرِّعَايَةَ الطُبِّيَّةَ المَجَّانِيَّة، وبجَانِبِه مَسْجِدٌ يَحْوي سَكَنَاً دائماً للإمامِ والمؤذنِ وعائِلتيهِمَا.
وشرَع َبُسُرعةٍ في تنفيذِ مُخَطَّطِهِ، وجعلَ بينَ أبنيةِ المدرسةِ والمسجدِ والمستشفى، ساحةَ تجمُّعٍ واحتفالْ، قامَ برصفها ووَزَّعَ فيها شُجَيْرَاتٍ ونَبَاتَاتٍ ومَقَاعِدَ للاسْتِراحَةِ، وصَنَابِيرَ للمَاءِ العَذْب، كمَا وزَّعَ فيها أكْشَاكاً مظللَة ًمفتوحةً، يعرضُ فيها المُزارِعُونَ والتُّجارُ منتجاتهم وبضائعهمْ، كما جعلَ في السَّاحَةِ كذلكَ رُكْناً لألعابِ الأطفال، وصَارتْ المنطقةُ مَقْصِدَاً للجميع، لا تَهدأُ ليلاً أو نَهَاراً.
وفي نفسِ الوقت، تَعَاونَ عَبْدُ الرَّحْمَن معَ مجموعةٍ من الأطباءِ والممرضينَ المتطوعينَ الذينَ شَارَكُوا معه في هذا العملِ الخيريّ، فَبَدَأَ المُسْتَشْفَى أَعمالهُ دونَ تأخير، بتقديمِ الخَدَماتِ الطبيةِ الأساسيةِ، والعلاجِ المجانيّ للمرضَى المُحْتَاجين، وبذلكَ سَاهمَ المُسْتَشْفَى في تَحْسِينِ صِحَّةِ السُكَّانْ، والتقليلِ من مُعَانَاتِهِم.
لم ينسَ عَبْدُ الرَّحْمَن الجانبَ الثقافيّ والدينيّ، فأَلْحَقَ ببناءِ المَسجِد، من جهةِ السَّاحَةِ، مكتبةً عامةً، تضمُّ مجموعةً كبيرةً من الكتبِ في مختلفِ المجالات، بالإضَافَةِ إلى مَرْكَزٍ ثقافيٍّ مُصَغَّر، يقيمُ فعالياتٍ وندواتٍ تعليميةٍ ودينيّة، بهدفِ تعزيزِ القيمِ الإسلاميةِ والثقافةِ العامة، بينَ جموعِ أهلِ المدينة.
ومعَ مُرُورِ الوقت، أثْمَرَ الوَقفُ الخَيْرِيّ لعبد الرحمن ثِمارًاً عظيمة، فقدْ ازدَهَرتْ المدينةُ بفَضْلِ هذه المَشاريعِ المُتتَالِيةِ والمترابطة، فتحسَّنتْ أحْوَالُ النَّاس، وأصبحَ الأطفالُ مُتَعلمين، وتَحَسَّنَتِ الصِّحَةُ العَامَّة، وأصبحَ الجميعُ يشعرونَ بالفخرِ والانتماء، ويشعرونَ بالامتنانِ الكبير، تجاهَ عَبْدُ الرَّحْمَن ووَقْفِهِ الخَيْرِيّ.
وفي أحَدِ الأيَّام، حينمَا كانَ عَبْدُ الرَّحْمَن يتجوَّلُ في المدينة، توَقَّفَ عند المدرسةِ، ورأى الأطفالَ يلعبونَ بفرحٍ ويتعلمون، فشعرَ بسَعادَةٍ غامرةٍ ورضا داخلِيّ، وأدركَ أنَّ كلماتِ جدِّهِ كانتْ حقاً صَائِبَة، فالثروةُ الحقيقيةُ ليستْ فيما تَمْلِكُهُ منْ عِقَارَاتٍ وثَرْوَة، بَلْ هيَ في الخَيْرِ الذي تقدِّمُه للآخَرِينْ.
مرَّتِ السَنَوَاتُ، ورحلَ عَبْدُ الرَّحْمَن عن الدنيَا، لكنَّ أثَرَهُ بقيَ حيَّاً، من خلالِ وقْفِهِ الخَيْرِيّ، واستمَرَّتْ مشاريعُهُ الوَقْفِيَّة، في خِدمةِ المُجْتمَع، وتحوَّلتِ المدينةُ إلى مثالٍ يُحْتَذَى في الكرَمِ والعَطَاء، وأصبحَ اسمُ عَبْدُ الرَّحْمَن يُذكَرُ بكلِّ احترَامٍ وإِجْلَال، فقدْ تَرَكَ وَرَاءَهُ إِرْثاً خالداً منَ الخَيْرِ والمَحَبَّة.
وبمَا فَعَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن، فقد اقتدَى به كَثيرٌ من أَغنيَاءِ البَلَدِ ووُجَهَائِهَا، وصَارتْ البَلْدَةُ أجْمَلَ وأَكْثَرَ قُرْبَاً في نُفُوسِ سَاكِنِيهَا.
وهَكَذَا، تَبْقَى قِصَّةُ عَبْدُ الرَّحْمَن والوَقْفِ الخَيْرِيّ، دَرْساً لنَا جَميعاً في أَهَمِيَّةِ العَطَاء، وأَثَرِهِ العَمِيقِ في تَحْسينِ حَيَاةِ النَّاس، وبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ أكثرَ تَمَاسُكاً وأكثرَ إنْسَانِيَّة.







 
رد مع اقتباس
قديم 18-01-2025, 09:14 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: قصة *عَبْدُ الرَّحْمَن والسَّعَادَةُ الدَّائِمَة*



جميل يا أخي وأستاذي المكرم / أحمد فؤاد صوفي

قصص الكرم والعطاء التي كتبت عنها هنا وفي قسم القصة القصيرة ، حروفنا هي هواجس أرواحنا ، وخطرات قلوبنا ، هي نافذة إلى أعماقنا من حيث شعرنا أو لم نشعر

مفرداتك دائما
السعادة ، العطاء ، الكرم ، الحب ..
فلتنعم عيشا في ظل هذه المعاني الراقية أخي المكرم ..


القصة رائعة وقد يقول قائل أن هناك بعض المصطلحات أكبر من وعي وثقافة طفل ..
كـ ( مشاريع وقفية ،
كَمُجَمَّعٍ مُتَكَامِلٍ للخَدَمَاتِ المَجَّانيةِ المُخْتَلِفة
وَقْفِيَّةً عَامَّة..
مَرْكَزٍ ثقافيٍّ مُصَغَّر ..)


لكن هذه ميزة تضاف إلى نصك
فطفل اليوم مع برامج التواصل ، صار يعي ويستوعب الكثير ..

قصة تستحق الإشادة والتثبيت

مع الشكر والاحترام ..








التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 27-01-2025, 02:32 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أحمد فؤاد صوفي
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







أحمد فؤاد صوفي غير متصل


افتراضي رد: قصة *عَبْدُ الرَّحْمَن والسَّعَادَةُ الدَّائِمَة*

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راحيل الأيسر مشاهدة المشاركة


جميل يا أخي وأستاذي المكرم / أحمد فؤاد صوفي

قصص الكرم والعطاء التي كتبت عنها هنا وفي قسم القصة القصيرة ، حروفنا هي هواجس أرواحنا ، وخطرات قلوبنا ، هي نافذة إلى أعماقنا من حيث شعرنا أو لم نشعر

مفرداتك دائما
السعادة ، العطاء ، الكرم ، الحب ..
فلتنعم عيشا في ظل هذه المعاني الراقية أخي المكرم ..


القصة رائعة وقد يقول قائل أن هناك بعض المصطلحات أكبر من وعي وثقافة طفل ..
كـ ( مشاريع وقفية ،
كَمُجَمَّعٍ مُتَكَامِلٍ للخَدَمَاتِ المَجَّانيةِ المُخْتَلِفة
وَقْفِيَّةً عَامَّة..
مَرْكَزٍ ثقافيٍّ مُصَغَّر ..)


لكن هذه ميزة تضاف إلى نصك
فطفل اليوم مع برامج التواصل ، صار يعي ويستوعب الكثير ..

قصة تستحق الإشادة والتثبيت

مع الشكر والاحترام ..


----------------------------------------------------------
راحيل الخير ،،
أجد تعليقاتك كلها متقنة وعميقة وترى ما قد لا يراه الآخرون، وهذا دليل على “حرفنة” وخبرة أدبية لا يستهان بها.
الكتابة للأطفال هي مهمة صعبة، وعندما نتكلم عن أطفال وأولاد الجيل الحالي، فهذا موضوع آخر، يوجب علينا الحذر، لأن الجيل الجديد قد لا يكون "عالي الثقافة" كجيلنا أو كالأجيال السابقة مثلاً، ولكنه جيل "عالي المعرفة"، والطفل يفاجئك باستفسارات وأسئلة لا تخطر على البال، ونجد أنفسنا في حيرة أن كيف نصيغ لأسئلتهم جواباً يقنعهم.
هذه القصة هي للأولاد (صبيان وبنات)، هدفها واضح، سيقرؤها الأهل لأولادهم، ثم ومع التطور العمري، سيقرؤها الأولاد بأنفسهم، وقد تصعب عليهم بعض الكلمات، فيسألون عنها وتزداد معرفتهم، وتؤثر فيهم القصة برمتها، وبالطبع فهذا هو الهدف، وهذا هو الأمل أن تصل القصة لمفهومية الأولاد، وتُبقي في عقولهم أثرا يتداولونه في كل مناسبة، مع أصدقائهم، ثم مع أولادهم بقية العمر.
تقبلي مني الود والاحترام.
تحياتي ،،،








 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط