الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة

منتدى القصة القصيرة أحداث صاخبة ومفاجآت متعددة في كل مادة تفرد جناحيها في فضاء هذا المنتدى..فهيا لنحلق معا..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-2022, 01:23 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي غـــريب في القرية

غريب في القرية

انقضت عشرون عاما، وقد ألف سكان القرية جلوس العجوز مبروك أمام بيته، كبقية من هم بمثل سنه، غير أن الشيخ مبروك يجلس هناك لسبب وجيه، لقد أدرك في ذاك الصبح أن كل شيء سيتغير، عند رؤيته لرجل غريب يصعد الطريق الوعرة نحو الدكان الوحيد بالقرية.

خلفه ألسنة شيطانية تتراقص، وظله يتبعه كشبح مخيف.

همس لنفسه بشيء من الخوف: كان الشيطان محقا، عندما زارني ليلتها.

ثم التفت يحدق أسفل الوادي عند مدخل القرية، حيث كان يجلس الشيطان دوما؛ ليستقبل الغرباء والزوار، لقد كان يتبع الغريب.

عند خروجه من الدكان أخرج سيجارة من علبة غولواز، أشعلها وراح يدخنها، مر على الشيخ مبروك وألقى التحية، وكبقية المسنين، فقد هز رأسه بلا مبالاة، حيلة يستعملها من يفكر بفضول، فكر بقلق في سبب زيارته ومدة بقائه بالقرية، دوما يحظى الغريب بالكثير من الفضول والشك، وقد أثار هذا الشاب فضول العجوز.

توجه الغريب نحو الثانوية بالقرية، بخطوات بطيئة، وظله المخيف خلفه يتبعه، يحمل حقيبة بيده ومحفظة للألبسة الرياضية على ظهره.

لعله شاب بين الثلاثين والأربعين، "لايزال طفلا" هكذا قال في نفسه مبروك.

لاحقه بحيرة تعلو ملامح وجهه وهو يدخل الثانوية، ارتعشت يداه وأحس بمشاعر مخيفة تنتابه، فكر في إخبار إمام الجامع، ولكنه يعلم كيف ينظر إليه الجميع، بسبب أحاديثه الغريبة، سكان القرية يحبون قصص وحكايات الشيخ مبروك، ولكنهم يعزون ذلك لكونه شيخا يحسن الكلام مع خلط تجاربه بالتخاريف والأساطير.

في الثانوية استقبل المدير الغريب، واستلم منه محضر الاستخلاف، قام بتحرير محضر لتنصيبه، واستدعى الحاجب لتنظيف غرفة خاصة له مؤقتا، "غرفة ضيقة ولكنها على كل حال مناسبة" هكذا قال الغريب في نفسه عندما رآها في البداية.

وكعادة سكان القرى، فقد حظي هذا الأستاذ باهتمام بالغ، وفضول على مدار الثلاثة أشهر منذ قدومه، وشاع بين سكان القرية إشاعات كثيرة عنه، لمياء فتاة من بين هؤلاء؛ ممن اهتم به كثيرا، وبما أنها تدرس في فصله، فكثيرا ما كانت تلاحق كافة تحركاته داخل القسم، وتحاول جاهدة لفت انتباهه إليها، وفي الحقيقة فقد كان يوليها بعض العناية، بسبب ذكائها ومشاركتها المستمرة في النقاش.

لم تكن لمياء وحدها، بل حظي أيضا بانتباه التلاميذ كافة، الجميع يتابعه بشغف ومتعة، فطريقة تدريسه كانت تتركهم دوما عالقين في خيال واسع ورحب.

وفي هذا اليوم بالذات فقد صعق التلاميذ بتجربة فيزيائية عجيبة، أمسك ورقة، وطلب من لمياء إبرة تشبك بها خمارها، نزعتها كمن ينزع قلبه وأعطته إياها وكأنها تمنحه شفتيها، انحنى ليمسكها فبدى مثل الذي ينحني احتراما لأميرة.

قام بثقب الورقة في الوسط، ثقب صغير جدا، رفع يده في إشارة للفت عناية الجميع، نظر إليه الجميع بفضول، أخرج ليزرا من جيبه، وقام بتسديد الضوء نحو الحائط.

-ما رأيكم لو قمت بتسليط هذا الليزر على الثقب؛ ما الذي سترونه خلف الورقة؟

كانت أصواتهم مختلطة، متمازجة مصدرة ضوضاء عقولهم الصغيرة.

-حسنا.. حسنا.. تقولون أنكم سترون دائرة ضوء صغيرة، وهذا منطقي جدا.

-بكل تأكيد.

هكذا رد الجميع.

-ماذا لو كنتم مخطئين.. وهذا على سبيل الفرض.





ضحك الجميع بضوضاء وضجيج، فانتبه المدير لتلك الفوضى، فحضر بسرعة نحو قاعتهم وأطل من النافذة متابعا ما يحصل داخل الفصل.

-ستكون تجربة جميلة... صدقوني ستندهشون.

أمسك الورقة ووضعها على طاولة تقابل السبورة، وقام بتحريكها بعيدا عنها.

-ثلاثة أمتار تكفي، تذكروا.. التجربة وحدها هي التي تمنحكم حق إصدار الأحكام.

جملة حلقت كسحابة تفكير فوق رؤوسهم، وهم يتابعون باهتمام متزايد ما يمكن أن تسفر عنه هذه التجربة، فكثيرا ما صدمهم بشروحاته، وطرقه الغريبة في حل المعادلات.

-لمياء... هل بإمكانك القيام بهذا الشرف.

لم يكن شرفا بالنسبة للمياء، بقدر ما كان اقترابا من أنفاسه والتقاطها عن قرب، حين همس في أذنها: عندما تنطفئ الأضواء، قومي بتسديد ضوء الليزر على الورقة، في الثقب تماما.

كانت واقعة تحت أسر عيونه التي تشع تألقا؛ كلما شرع في تقديم دروسه، وحركاته كانت ترقص فوق عينيها، كانت مغمضة العينين، مع أنهما مشرعتان على اتساعهما، واقفة بين الصفوف تحلم به يقيدها بذراعيه وسط الظلام، لم يكن ظلاما؛ بل أشبه ما يكون ظلالا تراقص مع بعض الأنوار المهربة؛ من الشمس نحو القاعة، كانت تنام على شرفة مطلة على الأحلام مستسلمة لخيالاتها.

-لمياء، الليزر يا لمياء.

استيقظت من أوهامها وخيالها على وقع صوته مختلطا بصراخ زملائها.

أمسكت الليزر وكأنها تمسك يده، وراحت تبحث عن الثقب وسط الورقة، اقتربت بقعة الضوء الحمراء من الوسط، وزملاؤها ينادون ويصرخون" ركزي يا لمياء" وعندما نجحت ووضعت حزمة النور داخل الثقب، صمت الجميع وهم يشاهدون مشهدا في غاية الغرابة، بقعة ضوء حمراء مدهشة.

كان التلاميذ موزعين بنظراتهم بين أستاذهم ومنظر الضوء على الحائط، بقعة ضوء تحيط بها حلقات مضيئة أخرى، رسمت على ملامحهم تساؤلات عدة.

-هذه التجربة، تسمى انعراج الضوء، وبفضلها استطاع العلماء دراسة الأمواج، وهذا هو درسكم اليوم، الاهتزازات الميكانيكية والضوئية.

عندها حصل انفجار الأسئلة، انفجار الحيرة أصبح طوفانا يحمل كل الدهشة، وأصبح الغريب تتقاذفه الأسئلة والدهشة البادية على وجوه تلاميذه.

مذهولا وحائرا عند النافذة ، تساءل المدير بداخله :كيف يمكن لهذا الغريب القيام بتجربة دون استعماله لأية وسيلة مخبرية؟ ثم انسحب نحو مكتبه وهو مندهش تماما.

استحوذ هذا الغريب على حب جميع طلبته، ولكنه في ذات الوقت كسب عداء زملائه من الأساتذة، زميلته التي تدرس نفس المادة كانت تفتك بها الغيرة، وتكاد تموت كمدا، وهي ترى انصراف التلاميذ لدروسه التي كان يقدمها في أيام إجازته.

عادت لمياء للبيت؛ وهي تمسك أنفاس الغريب في قلبها، طوال الطريق تتخيل كل الأحاديث التي كان من الممكن أن تحدث بينهما في وسط الظلام.

خلفها خطوات لاهثة؛ ومترددة للحاق بها، يجري بروفة في دماغه الصغير للتحدث معها.

من الخلف يشاهد منظرا خلابا، لوهلة تصورها جملة يمكنه احتضانها بذراعيه، اقترب منها حتى كان بجانبها، هيبة صدرها أدخلته متاهة اللذة، يتخيلها كلمة عارية، "لو كان النقاش معها في الفلسفة ونحن عراة، حتما سيكون حوارا راقيا ومقدسا"، نزع الخوف عنه وتقدم حتى صار باستطاعته تذوق طعم عطرها، لا يتنفس العطر، بل يتذوقه وربما يخاف منه، عطر مفترس تماما مثل نهديها المصوبين صوب قدره كمسدس شهوة:

-نقاشك كان ممتعا.

قالها بتردد واضح وخده محمرا خجلا، وهو لا يكاد يتصورها إلا عارية.

-سالم ! .. أي حوار؟.

-لقد شدني حوارك مع أستاذة الفلسفة، وجدالك واستشهادك دوما بأقوال الأستاذ فارس.

ها قد ألبسها بعض الفلسلفة، حتى يستطيع الحوار بهدوء معها.

-لأنها لا تفرق بين النظرية والفرضية.

-ربما، ولكنها تبقى أستاذة.

يضع لغما أمامها وينتظر متى ينفجر قلبها.

-أحتار منها حقا، كيف لأستاذة فلسفة أن تقع في وهم المعرفة المطلقة.

-ولكن.. أكان هذا رأيك؟ أم مجرد رأي محشو برأسك؟

كلامه أصابها بنوع من القلق، ففكرت في كلام فارس، فكثيرا ما تحدث عن الشخصية، وهو يشرح طريقة صناعة القطيع، فالشخصية حسبه مجرد قناع يجبرنا المحيطون بنا على ارتدائه حتى نضع تسوية مع المجتمع.

-المعرفة لا تكون عبر استبدال وهم بوهم آخر.





نظرت إليه مستغربة كلامه، فأكمل يشرح رأيه.

-هل تكونين أنت أيضا؛ وقعت فريسة لآراء فارس، قد يكون مجرد وهم بالاقتناع بأفكاره، وليس بالضرورة هو رأيك.

-لكلامك وجاهة.

تحدثا معا حتى اقتربت من بيت العجوز، هناك ودعها وانصرف، تاركا إياها غارقة في حديثه.

مرت بجانب الشيخ مبروك، ألقت تحية وابتسامة، وتخلت عن أفكار أثارها حديث سالم، اقتربت منه وقبلت جبينه وخاطبته بهدوء وحنان: هل ستأتي الليلة؟ لقد اشتقنا لأحاديثك.

هزّ رأسه تعبيرا عن عدم تأكده من ذلك وأردف قائلا: أخاف أن يشكل هذا شجارا بين والديك.

-تقصد أبي، لا تلقي له بالا، فأحيانا يكون فقط قلقا ومتوترا بسبب تجارته.

-سأرى ما يمكنني فعله. قالها بتكلف واضح، وهو يتذكر الماضي، ويعرف كيف يشعر نحوه ابن عمه، فقد أصبحت علاقتهما متوترة منذ تلك الحادثة.

-لابد أن تحضر، وهذه المرة لن يكون أبي معنا في المجلس.

وخطرت ببالها فكرة جذابة، فبعدما أجّر الشيخ مبروك غرفة للغريب، فربما يمكنه إحضاره لبيتها، وببراءة طفلة عاشقة قالت:

-عمي مبروك، يمكنك إحضار الأستاذ معك، وبذلك ستكون أنت لنا، ووالدي مع فارس.

مر أسبوع منذ آخر درس وحديث عابر مع سالم، ولم تحضر لمياء للثانوية، كان أمرا عاديا أن تغيب ليوم أو يومان، ولكن عندما طال غيابها، أحس فارس بسوء أصابها، وعزم على زيارتها للاطمئنان على صحتها، خاصة وأنه لم يرها بالخارج، ولكنه صدم بقرار توقيفها عن الدراسة، حاول أن يثني والدها عن قراره ولكن بدون جدوى، وما زاد من صدمته؛ زواج مدبر مع ابن عمها المهاجر خارج البلد، والذي عاد للوطن مؤخرا.

في اليوم الموالي شاهد مقعد سالم الفارغ.

-أين هو سالم؟ !

قالها اندهاشا من غيابه، وهو يحمل كتاب المتمرد لألبير كامو.

أخبره التلاميذ عن سفره للعاصمة، بحثا عن عمل.

هكذا كانت القرية، كل مدينة كانت فيما مضى قرية، وهاته القرية كبيرة للحد الذي يجعلها تستعجل سن البلوغ، جدرانها تجعلك تشعر بالخوف والقلق، لا يمكنك الثقة بشوارعها، فيهرب أبناؤها الأوفياء من الشيطان.

عندها سمع صراخا بالساحة، يقترب من القاعة، فتح الباب والمدير يمسك والد لمياء، يشتم ويسب، كان غاضبا.

-أيها المنحرف !.

-ستخرج فورا أو أستدعي الدرك.. قالها المدير وهو يحتضن والد لمياء بكل قوة خوفا من اندفاعه.

سرت بين الناس قصة حب مزعومة بين لمياء والأستاذ، بعدما عثر والدها على رسائل حب كتبتها في لحظات تأثر بالروايات، وتحولت لحديث مستهلك بين سكان القرية.

وساعد في توتر الوضع ما أشاعته زميلة فارس، أستاذة الفيزياء؛ عن كون فارس يزرع بين أبنائهم أفكار الحادية، وأنه كان يمنح التلاميذ كتبا وروايات ماجنة وفاجرة، وأيدتها صديقتها أستاذة الفلسفة: إنه يزرع بينهم الكفر والمجون، وكثيرا ما كانوا يناقشون في حصتي كل قيم الدين.

بعد تلك الحادثة بأيام غاب فارس بسبب المرض، وعاد لمدينته، وأثناء غيابه كانت هناك شائعات عدة.

أستاذة الفيزياء، أخبرت زوجها أن فارس أغوى لمياء وسرق عفتها ولطخ شرف عائلتها، وانتشرت بين الناس تلك الأخبار، وكانت سببا في هروب لمياء، خوفا مما قد يفعله والدها.

عاد الغريب للقرية، وكان الشيخ مبروك يراقب احتفال الشيطان، يرقص خلف فارس فرحا بعودته.

اقترب منه وقال له: تعال بني، وهو ينظر خلف الغريب للشيطان، بنظرة حزينة خائفة.

لحظات قليلة حتى كان الدرك يطوق المكان، صفارة الإنذار كانت تعوي في الشارع الرئيسي، مثل بوق الفتنة.

أخرج الغريب مكبلا يجره دركيان وخلفه بلحظات؛ كان الشيخ مبروك يبكي مكبلا بأغلال، ثم يخرج قائد الدرك يجر فتاة تبكي وتصرخ، محاولة الفرار من قبضة الدركي بكل قوتها.

انسل من بين الجموع والدها وهو مندهش كبقية سكان القرية المجتمعين هناك؛ الذين كانوا مندهشين وبعضهم كان يبصق بوجه الغريب والشيخ مبروك، وآخرون كانوا يرمونه بالحجارة.

-فعلها الشيخ مبروك مرة أخرى.

قالها أحد العجزة، وهو يعيد سرد حكاية مضى عليها عشرون سنة.

-لقد انتقم منهم، لا لم ينتقم بل أعاد تكرير فسقه، مبروك شيخ فاسق ومجنون.

-صدقت.

قال شيخ آخر مؤيدا صديقه وأضاف: في شبابه يهرب مع أخت والدها، واليوم يساعد الغريب في اختطافها.

ابتلع والدها حزنه، وانهار مغمى عليه، وهو يقول: شيخ فاسق، كلب.

بعد الحادثة تزوجت لمياء، وسافرت مع ابن عمها مجبرة، والغريب حكم عليه بالسجن وربما بتغريبه أكثر. الزمن لا يتوقف والشيطان يرتحل خلفها، كان جالسا معها في مقهى باريسي، وهي تحتسي كأس خيبتها، عندما سمعت صوتا ليس غريبا عنها: لمياء.. هذا أنت !

نظرت إليه واتسعت عيناها، قفز الماضي من كأس الخمر مترنحا، وابتسمت بغرابة شديدة قائلة: سالم !.






 
رد مع اقتباس
قديم 05-11-2022, 01:59 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحلام المصري
أقلامي
 
إحصائية العضو







أحلام المصري غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

القدير أ/ بسباس عبد الرزاق
مرحبا بك..

(غريب في القرية)
قصة ليست بسيطة،
قراءةٌ أولى لا تحتويها..
وتحتاج لأكثر من قراءة لاستكمال المتعة بها والوقوف على روعتها كأنموذج للقصة القصيرة المتكاملة..
،
ومع هذا لا يمكنني الخروج من هذه الجلسة قبل أن أقف على عدة نقاط لافتة في هذا القص الجميل، وهي:

أولا:
اللغة البسيطة المتمكنة في آن التي كتب بها النص، عرجت في الكثير من منحنيات النص على صور بلاغية أراها حصرية لك أ/ بسباس ولم يأتها كاتب قبلك.

ثانيا:
الصراع بين التقليدي والجديد وقد كانت له عدة صور هنا في المشاهد التي أوضحت الثنائيات المتقابلة في هذا الإطار.

ثالثا:
إعلاء قيمة العلم وأهميته، ولكن يظل العلم خائب الخطى طالما اتحدت ضده التقاليد والأنانية مع التخلف.

رابعا:
الشيطان..!
الشيطان ليس يكمن في الجديد، كما أوحت بداية السرد للقارئ،
بل الشيطان يكمن في القرية وفي تلك العقول راكدة الأفكار، المستسلمة لقيود خلقوها والتزموا بها.

خامسا:
هذا النص جادٌ، رومانسي، واقعي ورائع


تقبل احترامي وتقديري







 
رد مع اقتباس
قديم 05-11-2022, 11:00 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
راحيل الأيسر
نائب المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

النص مع طوله كان شيقا بانسياب لغته والفضاءات المتجددة فيه .. ورصد الشخوص والأزمنة بحرفية القاص الذي لم يسمح أن ينفلت منه خيط السرد بمنطقيته واستخدامه الرموز التي نلج من خلالها إلى عوالم أخرى ومعان خفية يتطرق إليها القاص من خلالها ..



شكرا للأستاذ الموقر / بسباس عبد الرزاق..
هذا الدفق السردي الماتع ..


للتثبيت ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 09-11-2022, 11:41 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري مشاهدة المشاركة
القدير أ/ بسباس عبد الرزاق
مرحبا بك..

(غريب في القرية)
قصة ليست بسيطة،
قراءةٌ أولى لا تحتويها..
وتحتاج لأكثر من قراءة لاستكمال المتعة بها والوقوف على روعتها كأنموذج للقصة القصيرة المتكاملة..
،
ومع هذا لا يمكنني الخروج من هذه الجلسة قبل أن أقف على عدة نقاط لافتة في هذا القص الجميل، وهي:

أولا:
اللغة البسيطة المتمكنة في آن التي كتب بها النص، عرجت في الكثير من منحنيات النص على صور بلاغية أراها حصرية لك أ/ بسباس ولم يأتها كاتب قبلك.

ثانيا:
الصراع بين التقليدي والجديد وقد كانت له عدة صور هنا في المشاهد التي أوضحت الثنائيات المتقابلة في هذا الإطار.

ثالثا:
إعلاء قيمة العلم وأهميته، ولكن يظل العلم خائب الخطى طالما اتحدت ضده التقاليد والأنانية مع التخلف.

رابعا:
الشيطان..!
الشيطان ليس يكمن في الجديد، كما أوحت بداية السرد للقارئ،
بل الشيطان يكمن في القرية وفي تلك العقول راكدة الأفكار، المستسلمة لقيود خلقوها والتزموا بها.

خامسا:
هذا النص جادٌ، رومانسي، واقعي ورائع


تقبل احترامي وتقديري
الأستاذة أحلام


قراءاتك دوما تكون عميقة وكذلك ملاحظاتك
حين كتبت النص كنت متخوفا من عدم تقبله في المنتديات كونه طويل نسبيا


وإطرائك يريحني ويجعلني أنظر للنصوص الطويلة بشكل مغاير
فهي نصوص تسمح لنا بضخ الحياة في الشخصيات وكذلك ملئها بالاحداث الكثيرة والغوص في نفسيات الشخوص بشكل أعمق..



سعدت كثيرا بقراءتك ورأيك أستاذة أحلام
شكرا كثيرا لما تمنحيه دوما من نشاط ملحوظ


كامل التقدير والاحترام






 
رد مع اقتباس
قديم 09-11-2022, 11:42 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راحيل الأيسر مشاهدة المشاركة
النص مع طوله كان شيقا بانسياب لغته والفضاءات المتجددة فيه .. ورصد الشخوص والأزمنة بحرفية القاص الذي لم يسمح أن ينفلت منه خيط السرد بمنطقيته واستخدامه الرموز التي نلج من خلالها إلى عوالم أخرى ومعان خفية يتطرق إليها القاص من خلالها ..



شكرا للأستاذ الموقر / بسباس عبد الرزاق..
هذا الدفق السردي الماتع ..


للتثبيت ..
الأستاذة الموقرة راحيل الأيسر
شهادة أعتز بها كثيرا


وممتن جدا للتثبيت والاحتفاء بالنص


كل التقدير والاحترام لشخصك أستاذتي






 
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2022, 03:27 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
محمد داود العونه
عضوية مجمدة
 
إحصائية العضو







محمد داود العونه غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

بعد التحية الطيبة...
مبدعنا العزيز/ بسباس عبد الرزاق
لك موهبة في السرد تجعلني أتأملها دوما...
كنت قرأتها واستمتعت بها وها أنا أعود مرة أخرى...
.
. دام مداد حرفك...
.
. كل الحب والتقدير والاحترام







 
رد مع اقتباس
قديم 18-11-2022, 03:30 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ابراهيم شحدة
عضوية مجمدة
 
إحصائية العضو







ابراهيم شحدة غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
غريب في القرية

انقضت عشرون عاما، وقد ألف سكان القرية جلوس العجوز مبروك أمام بيته، كبقية من هم بمثل سنه، غير أن الشيخ مبروك يجلس هناك لسبب وجيه، لقد أدرك في ذاك الصبح أن كل شيء سيتغير، عند رؤيته لرجل غريب يصعد الطريق الوعرة نحو الدكان الوحيد بالقرية.

خلفه ألسنة شيطانية تتراقص، وظله يتبعه كشبح مخيف.

همس لنفسه بشيء من الخوف: كان الشيطان محقا، عندما زارني ليلتها.

ثم التفت يحدق أسفل الوادي عند مدخل القرية، حيث كان يجلس الشيطان دوما؛ ليستقبل الغرباء والزوار، لقد كان يتبع الغريب.

عند خروجه من الدكان أخرج سيجارة من علبة غولواز، أشعلها وراح يدخنها، مر على الشيخ مبروك وألقى التحية، وكبقية المسنين، فقد هز رأسه بلا مبالاة، حيلة يستعملها من يفكر بفضول، فكر بقلق في سبب زيارته ومدة بقائه بالقرية، دوما يحظى الغريب بالكثير من الفضول والشك، وقد أثار هذا الشاب فضول العجوز.

توجه الغريب نحو الثانوية بالقرية، بخطوات بطيئة، وظله المخيف خلفه يتبعه، يحمل حقيبة بيده ومحفظة للألبسة الرياضية على ظهره.

لعله شاب بين الثلاثين والأربعين، "لايزال طفلا" هكذا قال في نفسه مبروك.

لاحقه بحيرة تعلو ملامح وجهه وهو يدخل الثانوية، ارتعشت يداه وأحس بمشاعر مخيفة تنتابه، فكر في إخبار إمام الجامع، ولكنه يعلم كيف ينظر إليه الجميع، بسبب أحاديثه الغريبة، سكان القرية يحبون قصص وحكايات الشيخ مبروك، ولكنهم يعزون ذلك لكونه شيخا يحسن الكلام مع خلط تجاربه بالتخاريف والأساطير.

في الثانوية استقبل المدير الغريب، واستلم منه محضر الاستخلاف، قام بتحرير محضر لتنصيبه، واستدعى الحاجب لتنظيف غرفة خاصة له مؤقتا، "غرفة ضيقة ولكنها على كل حال مناسبة" هكذا قال الغريب في نفسه عندما رآها في البداية.

وكعادة سكان القرى، فقد حظي هذا الأستاذ باهتمام بالغ، وفضول على مدار الثلاثة أشهر منذ قدومه، وشاع بين سكان القرية إشاعات كثيرة عنه، لمياء فتاة من بين هؤلاء؛ ممن اهتم به كثيرا، وبما أنها تدرس في فصله، فكثيرا ما كانت تلاحق كافة تحركاته داخل القسم، وتحاول جاهدة لفت انتباهه إليها، وفي الحقيقة فقد كان يوليها بعض العناية، بسبب ذكائها ومشاركتها المستمرة في النقاش.

لم تكن لمياء وحدها، بل حظي أيضا بانتباه التلاميذ كافة، الجميع يتابعه بشغف ومتعة، فطريقة تدريسه كانت تتركهم دوما عالقين في خيال واسع ورحب.

وفي هذا اليوم بالذات فقد صعق التلاميذ بتجربة فيزيائية عجيبة، أمسك ورقة، وطلب من لمياء إبرة تشبك بها خمارها، نزعتها كمن ينزع قلبه وأعطته إياها وكأنها تمنحه شفتيها، انحنى ليمسكها فبدى مثل الذي ينحني احتراما لأميرة.

قام بثقب الورقة في الوسط، ثقب صغير جدا، رفع يده في إشارة للفت عناية الجميع، نظر إليه الجميع بفضول، أخرج ليزرا من جيبه، وقام بتسديد الضوء نحو الحائط.

-ما رأيكم لو قمت بتسليط هذا الليزر على الثقب؛ ما الذي سترونه خلف الورقة؟

كانت أصواتهم مختلطة، متمازجة مصدرة ضوضاء عقولهم الصغيرة.

-حسنا.. حسنا.. تقولون أنكم سترون دائرة ضوء صغيرة، وهذا منطقي جدا.

-بكل تأكيد.

هكذا رد الجميع.

-ماذا لو كنتم مخطئين.. وهذا على سبيل الفرض.





ضحك الجميع بضوضاء وضجيج، فانتبه المدير لتلك الفوضى، فحضر بسرعة نحو قاعتهم وأطل من النافذة متابعا ما يحصل داخل الفصل.

-ستكون تجربة جميلة... صدقوني ستندهشون.

أمسك الورقة ووضعها على طاولة تقابل السبورة، وقام بتحريكها بعيدا عنها.

-ثلاثة أمتار تكفي، تذكروا.. التجربة وحدها هي التي تمنحكم حق إصدار الأحكام.

جملة حلقت كسحابة تفكير فوق رؤوسهم، وهم يتابعون باهتمام متزايد ما يمكن أن تسفر عنه هذه التجربة، فكثيرا ما صدمهم بشروحاته، وطرقه الغريبة في حل المعادلات.

-لمياء... هل بإمكانك القيام بهذا الشرف.

لم يكن شرفا بالنسبة للمياء، بقدر ما كان اقترابا من أنفاسه والتقاطها عن قرب، حين همس في أذنها: عندما تنطفئ الأضواء، قومي بتسديد ضوء الليزر على الورقة، في الثقب تماما.

كانت واقعة تحت أسر عيونه التي تشع تألقا؛ كلما شرع في تقديم دروسه، وحركاته كانت ترقص فوق عينيها، كانت مغمضة العينين، مع أنهما مشرعتان على اتساعهما، واقفة بين الصفوف تحلم به يقيدها بذراعيه وسط الظلام، لم يكن ظلاما؛ بل أشبه ما يكون ظلالا تراقص مع بعض الأنوار المهربة؛ من الشمس نحو القاعة، كانت تنام على شرفة مطلة على الأحلام مستسلمة لخيالاتها.

-لمياء، الليزر يا لمياء.

استيقظت من أوهامها وخيالها على وقع صوته مختلطا بصراخ زملائها.

أمسكت الليزر وكأنها تمسك يده، وراحت تبحث عن الثقب وسط الورقة، اقتربت بقعة الضوء الحمراء من الوسط، وزملاؤها ينادون ويصرخون" ركزي يا لمياء" وعندما نجحت ووضعت حزمة النور داخل الثقب، صمت الجميع وهم يشاهدون مشهدا في غاية الغرابة، بقعة ضوء حمراء مدهشة.

كان التلاميذ موزعين بنظراتهم بين أستاذهم ومنظر الضوء على الحائط، بقعة ضوء تحيط بها حلقات مضيئة أخرى، رسمت على ملامحهم تساؤلات عدة.

-هذه التجربة، تسمى انعراج الضوء، وبفضلها استطاع العلماء دراسة الأمواج، وهذا هو درسكم اليوم، الاهتزازات الميكانيكية والضوئية.

عندها حصل انفجار الأسئلة، انفجار الحيرة أصبح طوفانا يحمل كل الدهشة، وأصبح الغريب تتقاذفه الأسئلة والدهشة البادية على وجوه تلاميذه.

مذهولا وحائرا عند النافذة ، تساءل المدير بداخله :كيف يمكن لهذا الغريب القيام بتجربة دون استعماله لأية وسيلة مخبرية؟ ثم انسحب نحو مكتبه وهو مندهش تماما.

استحوذ هذا الغريب على حب جميع طلبته، ولكنه في ذات الوقت كسب عداء زملائه من الأساتذة، زميلته التي تدرس نفس المادة كانت تفتك بها الغيرة، وتكاد تموت كمدا، وهي ترى انصراف التلاميذ لدروسه التي كان يقدمها في أيام إجازته.

عادت لمياء للبيت؛ وهي تمسك أنفاس الغريب في قلبها، طوال الطريق تتخيل كل الأحاديث التي كان من الممكن أن تحدث بينهما في وسط الظلام.

خلفها خطوات لاهثة؛ ومترددة للحاق بها، يجري بروفة في دماغه الصغير للتحدث معها.

من الخلف يشاهد منظرا خلابا، لوهلة تصورها جملة يمكنه احتضانها بذراعيه، اقترب منها حتى كان بجانبها، هيبة صدرها أدخلته متاهة اللذة، يتخيلها كلمة عارية، "لو كان النقاش معها في الفلسفة ونحن عراة، حتما سيكون حوارا راقيا ومقدسا"، نزع الخوف عنه وتقدم حتى صار باستطاعته تذوق طعم عطرها، لا يتنفس العطر، بل يتذوقه وربما يخاف منه، عطر مفترس تماما مثل نهديها المصوبين صوب قدره كمسدس شهوة:

-نقاشك كان ممتعا.

قالها بتردد واضح وخده محمرا خجلا، وهو لا يكاد يتصورها إلا عارية.

-سالم ! .. أي حوار؟.

-لقد شدني حوارك مع أستاذة الفلسفة، وجدالك واستشهادك دوما بأقوال الأستاذ فارس.

ها قد ألبسها بعض الفلسلفة، حتى يستطيع الحوار بهدوء معها.

-لأنها لا تفرق بين النظرية والفرضية.

-ربما، ولكنها تبقى أستاذة.

يضع لغما أمامها وينتظر متى ينفجر قلبها.

-أحتار منها حقا، كيف لأستاذة فلسفة أن تقع في وهم المعرفة المطلقة.

-ولكن.. أكان هذا رأيك؟ أم مجرد رأي محشو برأسك؟

كلامه أصابها بنوع من القلق، ففكرت في كلام فارس، فكثيرا ما تحدث عن الشخصية، وهو يشرح طريقة صناعة القطيع، فالشخصية حسبه مجرد قناع يجبرنا المحيطون بنا على ارتدائه حتى نضع تسوية مع المجتمع.

-المعرفة لا تكون عبر استبدال وهم بوهم آخر.





نظرت إليه مستغربة كلامه، فأكمل يشرح رأيه.

-هل تكونين أنت أيضا؛ وقعت فريسة لآراء فارس، قد يكون مجرد وهم بالاقتناع بأفكاره، وليس بالضرورة هو رأيك.

-لكلامك وجاهة.

تحدثا معا حتى اقتربت من بيت العجوز، هناك ودعها وانصرف، تاركا إياها غارقة في حديثه.

مرت بجانب الشيخ مبروك، ألقت تحية وابتسامة، وتخلت عن أفكار أثارها حديث سالم، اقتربت منه وقبلت جبينه وخاطبته بهدوء وحنان: هل ستأتي الليلة؟ لقد اشتقنا لأحاديثك.

هزّ رأسه تعبيرا عن عدم تأكده من ذلك وأردف قائلا: أخاف أن يشكل هذا شجارا بين والديك.

-تقصد أبي، لا تلقي له بالا، فأحيانا يكون فقط قلقا ومتوترا بسبب تجارته.

-سأرى ما يمكنني فعله. قالها بتكلف واضح، وهو يتذكر الماضي، ويعرف كيف يشعر نحوه ابن عمه، فقد أصبحت علاقتهما متوترة منذ تلك الحادثة.

-لابد أن تحضر، وهذه المرة لن يكون أبي معنا في المجلس.

وخطرت ببالها فكرة جذابة، فبعدما أجّر الشيخ مبروك غرفة للغريب، فربما يمكنه إحضاره لبيتها، وببراءة طفلة عاشقة قالت:

-عمي مبروك، يمكنك إحضار الأستاذ معك، وبذلك ستكون أنت لنا، ووالدي مع فارس.

مر أسبوع منذ آخر درس وحديث عابر مع سالم، ولم تحضر لمياء للثانوية، كان أمرا عاديا أن تغيب ليوم أو يومان، ولكن عندما طال غيابها، أحس فارس بسوء أصابها، وعزم على زيارتها للاطمئنان على صحتها، خاصة وأنه لم يرها بالخارج، ولكنه صدم بقرار توقيفها عن الدراسة، حاول أن يثني والدها عن قراره ولكن بدون جدوى، وما زاد من صدمته؛ زواج مدبر مع ابن عمها المهاجر خارج البلد، والذي عاد للوطن مؤخرا.

في اليوم الموالي شاهد مقعد سالم الفارغ.

-أين هو سالم؟ !

قالها اندهاشا من غيابه، وهو يحمل كتاب المتمرد لألبير كامو.

أخبره التلاميذ عن سفره للعاصمة، بحثا عن عمل.

هكذا كانت القرية، كل مدينة كانت فيما مضى قرية، وهاته القرية كبيرة للحد الذي يجعلها تستعجل سن البلوغ، جدرانها تجعلك تشعر بالخوف والقلق، لا يمكنك الثقة بشوارعها، فيهرب أبناؤها الأوفياء من الشيطان.

عندها سمع صراخا بالساحة، يقترب من القاعة، فتح الباب والمدير يمسك والد لمياء، يشتم ويسب، كان غاضبا.

-أيها المنحرف !.

-ستخرج فورا أو أستدعي الدرك.. قالها المدير وهو يحتضن والد لمياء بكل قوة خوفا من اندفاعه.

سرت بين الناس قصة حب مزعومة بين لمياء والأستاذ، بعدما عثر والدها على رسائل حب كتبتها في لحظات تأثر بالروايات، وتحولت لحديث مستهلك بين سكان القرية.

وساعد في توتر الوضع ما أشاعته زميلة فارس، أستاذة الفيزياء؛ عن كون فارس يزرع بين أبنائهم أفكار الحادية، وأنه كان يمنح التلاميذ كتبا وروايات ماجنة وفاجرة، وأيدتها صديقتها أستاذة الفلسفة: إنه يزرع بينهم الكفر والمجون، وكثيرا ما كانوا يناقشون في حصتي كل قيم الدين.

بعد تلك الحادثة بأيام غاب فارس بسبب المرض، وعاد لمدينته، وأثناء غيابه كانت هناك شائعات عدة.

أستاذة الفيزياء، أخبرت زوجها أن فارس أغوى لمياء وسرق عفتها ولطخ شرف عائلتها، وانتشرت بين الناس تلك الأخبار، وكانت سببا في هروب لمياء، خوفا مما قد يفعله والدها.

عاد الغريب للقرية، وكان الشيخ مبروك يراقب احتفال الشيطان، يرقص خلف فارس فرحا بعودته.

اقترب منه وقال له: تعال بني، وهو ينظر خلف الغريب للشيطان، بنظرة حزينة خائفة.

لحظات قليلة حتى كان الدرك يطوق المكان، صفارة الإنذار كانت تعوي في الشارع الرئيسي، مثل بوق الفتنة.

أخرج الغريب مكبلا يجره دركيان وخلفه بلحظات؛ كان الشيخ مبروك يبكي مكبلا بأغلال، ثم يخرج قائد الدرك يجر فتاة تبكي وتصرخ، محاولة الفرار من قبضة الدركي بكل قوتها.

انسل من بين الجموع والدها وهو مندهش كبقية سكان القرية المجتمعين هناك؛ الذين كانوا مندهشين وبعضهم كان يبصق بوجه الغريب والشيخ مبروك، وآخرون كانوا يرمونه بالحجارة.

-فعلها الشيخ مبروك مرة أخرى.

قالها أحد العجزة، وهو يعيد سرد حكاية مضى عليها عشرون سنة.

-لقد انتقم منهم، لا لم ينتقم بل أعاد تكرير فسقه، مبروك شيخ فاسق ومجنون.

-صدقت.

قال شيخ آخر مؤيدا صديقه وأضاف: في شبابه يهرب مع أخت والدها، واليوم يساعد الغريب في اختطافها.

ابتلع والدها حزنه، وانهار مغمى عليه، وهو يقول: شيخ فاسق، كلب.

بعد الحادثة تزوجت لمياء، وسافرت مع ابن عمها مجبرة، والغريب حكم عليه بالسجن وربما بتغريبه أكثر. الزمن لا يتوقف والشيطان يرتحل خلفها، كان جالسا معها في مقهى باريسي، وهي تحتسي كأس خيبتها، عندما سمعت صوتا ليس غريبا عنها: لمياء.. هذا أنت !

نظرت إليه واتسعت عيناها، قفز الماضي من كأس الخمر مترنحا، وابتسمت بغرابة شديدة قائلة: سالم !.
مرحبا بالبسباس الحبيب..

هل الغريب هو ذاته الاستاذ فارس ؟ ..
ولي عودة مع الحب و التقدير






 
رد مع اقتباس
قديم 18-11-2022, 11:00 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد داود العونه مشاهدة المشاركة
بعد التحية الطيبة...
مبدعنا العزيز/ بسباس عبد الرزاق
لك موهبة في السرد تجعلني أتأملها دوما...
كنت قرأتها واستمتعت بها وها أنا أعود مرة أخرى...
.
. دام مداد حرفك...
.
. كل الحب والتقدير والاحترام
الصديق محمد


حضورك ورأيك أعتز بهما دوما


كثير من المحبة والاحترام






 
رد مع اقتباس
قديم 18-11-2022, 11:01 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم شحدة مشاهدة المشاركة
مرحبا بالبسباس الحبيب..

هل الغريب هو ذاته الاستاذ فارس ؟ ..
ولي عودة مع الحب و التقدير
مرحبا ابراهيم


مؤكد الأستاذ فارس هو الغريب



سعيد بوجودك هنا


تقديري






 
رد مع اقتباس
قديم 24-03-2023, 01:26 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ربيع عبد الرحمن
طاقم الإشراف
 
الصورة الرمزية ربيع عبد الرحمن
 

 

 
إحصائية العضو







ربيع عبد الرحمن غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

حبيبي بسباس
كل عام و أنت بخير
ما قرأت مادة غنية لعمل روائي
ونص كبير
قد يكون نقطة تحول في مسيرتك الأدبية
فخذها و لا تخف
و خض التجربة فقد آن وقتها !

تحياتي ومحبتي







 
رد مع اقتباس
قديم 24-03-2023, 02:28 AM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عبد السلام الكردي
الهيئة الإدارية العليا
 
الصورة الرمزية عبد السلام الكردي
 

 

 
إحصائية العضو







عبد السلام الكردي غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

نعم إنها مادة غنية لعمل روائي ونص إبداعي كبير
أؤيد الاستاذ ربيع وأشجعك على ما يدفعك إليه
تحياتي استاذنا







 
رد مع اقتباس
قديم 27-03-2023, 01:19 AM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
أقلامي
 
إحصائية العضو







بسباس عبدالرزاق غير متصل

Bookmark and Share


افتراضي رد: غـــريب في القرية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
حبيبي بسباس
كل عام و أنت بخير
ما قرأت مادة غنية لعمل روائي
ونص كبير
قد يكون نقطة تحول في مسيرتك الأدبية
فخذها و لا تخف
و خض التجربة فقد آن وقتها !

تحياتي ومحبتي
الأستاذ ربيع
كسلي وانهماكي في أعمال يومية من تدريس ومسؤوليات عائلية
سبب عدم كتابة نصوص روائية
كتبت نصا روائيا -نوفيلا- واعتبره النص الفاشل الذي أتممته


ولكنه كان بالنسبة لي فرصة للوقوف على كيفية البناء الروائي

هناك نص قادم بإذن الله وعندما يجهز سأرسله لك لتقف معي على جودته


هذا النص كان فرصة لي للاستعادة روحي
كتب منذ سنة ومن يومها استيقظت
وكذلك كان كتمرين لي على النصوص الطويلة تحضيرا لدخول عالم الرواية


أستاذي ربيع
كنت من نصحتني بالقص
وها أنت تنصحني بالرواية


سأفعل بإذن محبة فيك وفي الرواية


كل المحبة والتقدير






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

اشترك في مجموعة أقلام البريدية
البريد الإلكتروني:
الساعة الآن 06:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط