[طلال بدوان]

ترمومتر المبدع

أن تكتب نصا ملفتاً, أو أن تلتفت للنص من زاويتك الخاصة, أو أن تُلفت الانتباه لما وراء النص, زوايا لا بد لنا أن نجعلها دائرية, كي تذوب كالثلج من حرارة الفكرة التي تحمل هما ورؤية تميز كاتباً عن آخر.
لا يجب أن نبحث عن الاختلاف والتميز فقط دون أن نعرف ما نريد, أو ما لا نرد أو ما ذا نريد مما لا نريد, أشعارك عسل له طعم خاص بعدد ما تنوع أو تنحاز لأزهار معينة تحبها دون غيرها وتستقي منها رموزك وأسلوبك الذي يرسمك بعد أن ترسمه, فيكون مرآة لك أنت صنعتها, المرآة كاميرا تلتقط لك صورة وجهك دون أن تثبتها عند عمر أو خبرة معينة بل تعكس تطورك ونماء إنسانيتك وتجارب مرت عليك أو صنعتها لنفسك, كي تحلبها من غيم روحك.
الكتابة نبض الروح, ونبتته النامية الأبدية, تحمل في سجلاتها وحقائبها شهادة ميلادك الحقيقية, ومذكرات تحمل تاريخك ومحيطك وما يحيط داخل داخلك, يجب على النص أن يكون كائنا حيا, ينمو حتى بعد كتابته ليواجه كل العصور فيما بعد عصرك, ينمو مع كل قراءة وزمن ويأخذ شكل الواقع الذي يكون به كالماء مهما اختلف شكل الإناء.
الكتابة كالرسم, وفن الطبخ, حيث يمكن أن نزاوج بين أشياء كثيرة لينتج معنا شيئا جديدا في كل مرة, له طعم ولوحة مختلفة, أو معنى مختلف, أحيانا نحتاج إلى الابتكار في عمل طبق ما كان نضيف شيئا غير وارد في المكونات أو أن نضع الشيء في كوب ماء تجسيد لما هو غير محسوس أو إحياء لما هو جامد.
نحن نعيش في واقع جامد مركب لم يكن موجودا لمن سبقونا أو تدرج إلى أن وصل إلى هنا, وهذا ما سينعكس على كتاباتنا أياً كانت.
النص كالعجينة, يجب أن تتخمر قبل أن تدخل فرن المتذوقين والقراء كي لا تتعسر في معدتهم وأفواه عقولهم.
على الكاتب أن ينتقد نفسه أولا قبل أن ينتقده غيره أو ينتقد الآخرين, وان يمتلك الجرأة والشجاعة والتواضع لتقبل ذلك, فكثيرا ما كتبت نصوص كانت في نظرنا حينها الأجمل, بل ونتصلب في تقبل النقد وآراء الآخرين مهما كانوا تجاهها لنكتشف بعد ذلك أنهم كانوا على حق بعد أن يتطور حسنا بالنص من بعد القراءة ,
اقرأ قبل أن تكتب, لا تقف عند مرحلة معينة عن قصد أو غير قصد, وتتصلب, حاول القفز بكل ما استطعت من إبداع, ومغامرة, وفضول.

طلال بدوان – كاتب فلسطيني من غزة


8/9/2009م