منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قراءات في الكتاب: ســـورة الفاتحــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2021, 12:19 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة الفاتحــة

الاســـتعاذة




لم ترد الاستعاذة في سورة الفاتحة، ولا في صدر أية سورة من سور التنزيل الحكيم، ولكنها مندوب لها في سائر أعمالنا، خاصة قبيل تلاوة آيات الله. ونحن نحب أن نذكر جانباً من معانيها وفضلها وأهدافها ومشروعيتها قبل البدء في تأمل الكتاب وقراءة مدلولاته.

أولًا: معنى الاستعاذة في العربية:

الاستعاذة: مصدر استعاذ، وأعوذ فعل مضارع يصلح للحال والاستقبال، وهو مشتق من العوذ؛ وهو الالتجاء إلى الشيء، ثم يحمل عليه كل شيء لصق بشيء أو لازمه.
والعَوَذ الملجأ، ومثله: العوذة، وهو ما يعاذ به من الشر، وقيل: للرقية والتميمة. والْعَائِذُ مِنَ الْإِبِلِ: الحديثة النتاج إلى خمس عشرة أو نحوها، من ذلك أيضاً: وعاذت بولدها: أقامت معه وحدبت عليه ما دام صغيراً، أو أن ولدها عاذ بها، وانقلب المعنى.
وعلى هذا فإن العوذ له معنيان:
1) الالتجاء إلى الشيء، والانحياز له، والاستجارة به. يقول الراجز:
أعَوْذ بربي منكمُ وحَجْرُ
وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلشَّيْءِ يُنْكِرُونَهُ وَالْأَمْرِ يَهَابُونَهُ: حُجْرًا أَيْ: دَفْعًا.
ويقال: عذت بالشيء أعوذ عوذًا وعياذًا ومعاذًا إذا لذت به ولجأت إليه واعتصمت به ، وهو عياذي، أي: ملجئي. يقول أبو الطيب:
يَا مَــنْ أَلُـــوذُ بِــهِ فِيمَــا أُؤمِّلُـــهُ ..... وَمَـنْ أَعُـــوذُ بِهِ مَمَا أُحَــــاذِرُه
لا يجْبرُ النَّاسُ عظمًا أنت كاسِرُهُ ..... ولا يهيضُونَ عظمًا أنْتَ جابرُهُ
ونسـتأنس بالمعنى في البيتين، وإن لم يكن المتنبي ممن يستشهد به في اللغة.
2) الالتصاق: يقال: أطيب اللحم عوذه، وهو ما التصق منه بالعظم.
و "أعوذ بالله" تفسر على الوجهين، فمدلول المعنى الأول: ألتجئ إلى رحمة الله وعصمته، ومن المعنى الثاني: التصق نفسي بفضل الله ورحمته.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لا يختلف معنى الاستعاذة الاصطلاحي كثيرًا عن المعنى اللساني، فهي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل شر. والعياذة تكون لدفع الشر، و اللياذة تكون لطلب الخير. والاستعاذة من الشيطان الرجيم تعني أن يتوجه المرء لله سبحانه وتعالى ليجنبه شر وساوس الشيطان وهمزه ولمزه.

الاستعاذة إذاً في معناها اللساني هو اللجوء ممن تخافه إلى من يعصمك منه. ومعناها الشرعي هو أن تستجير بالله دون سائر خلقه من الشيطان أن يضرك في دينك أو يصدك عن حق يلزمك لربك. ولها وجهان: الاستجارة بذي منعة، والاستعانة عن خضوع.
وشرعاً هي: الالتجاء إلى الله، والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ النحل 98. ولعل بركة الاستعاذة حين قالت امرأة عمران: ﴿وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ﴾ آل عمران 36 إذ قُبلت فكانت سبباً في جعل ابنتها مريم سيدة نساء العالمين.

ورود الاستعاذة في القرآن الكريم:

1) في صيغة المصدر، في نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ يوسف 23.
2) في صيغة الفعل الماضي: في نحو: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ غافر 27.
3) في صيغة الفعل المضارع: في نحو: ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ البقرة 67.
4) في صيغة فعل الأمر: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ الأعراف 200.

أنواع الاستعاذة:

الاستعاذة لأنها طلب الحماية من مكروه، فالمستعيذ معتصم بمن استعاذ به، والاستعاذة أنواع:
1) الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل، صغير أو كبير، من البشر أو من غيرهم، ودليلها سورتا الفلق والناس.
2) الاستعاذة بصفة من صفات الله وأسمائه، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"1 وقوله : "وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي"2.
1 مَن قال إذا أمْسى ثلاثَ مَرَّاتٍ: "أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لم تَضُرَّه حُمَةٌ تلك اللَّيلةَ". قال: فكان أهلُنا قد تَعَلَّموها، فكانوا يقولونَها كلَّ لَيلةٍ، فلُدِغتْ جاريةٌ منهم، فلم تَجِدْ لها ألَمًا. الراوي: أبو هريرة.
أخرجه مسلم (2709)، وأبو داود (3899)، والنسائي في السنن الكبرى (10421)، وابن ماجه (3518) بنحوه، والترمذي (3604) ، وأحمد (7898) باختلاف يسير.
2 لَمْ يَكُنْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمسي، وحينَ يُصبِحُ: "اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرْ عورتي وآمنْ روعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي."
الراوي: عبدالله بن عمر. خلاصة حكم المحدث: صحيح، صحيح أبي داود (5074).

3) الاستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ، فهذا شرك، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ الجن 6.
4) الاستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن: "سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، ومَن يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا فَلْيَعُذْ بهِ".
الراوي : أبو هريرة. متفق عليه: صحيح البخاري (3601)، وصحيح مسلم (2886).

منزلة الاستعاذة وآثارها:

أولًا: الاستعاذة مظهر من مظاهر التوحيد:
الاستعاذة عبادة قولية، تصرف لله وحده، ولا ينبغي الاستعاذة إلا به، ولا يستعاذ بأحد من خلقه؛ بل هو يعيذ المستعيذين، ويعصمهم، ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره. وقد أمر الله نبيه بالاستعاذة به في سورتي الفلق والناس، بصيغة الرب والملك والإله، فجمع الربوبية والإلاهية معاً في لفظ متتابع ليؤكد أن الأمر كله إليه. وإذا كان ذلك كذلك، فلا مجال للخوف مما عدا الله.

ثانيًا: الاستعاذة من هدي الأنبياء والصالحين:
وقد أمرنا الله بالاقتداء بهم. قال تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ﴾ الأنعام 90. ومن استعاذات الأنبياء:
1) نوح عليه السلام، قال: ﴿رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ هود 47.
وكانت نتيجة استعاذة نوح (ع) أن وهبه الله السلام والبركات، فقال تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ ﴾ هود 48.
2) يوسف عليه السلام حين راودته التي هو في بيتها عن نفسه، قال: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ يوسف 23.
فصرف الله عنه السوء والفحشاء، فقال: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ يوسف 79، ثم إنه تبارك وتعالى أظهر براءته، ورفع مكانته.
3) موسى عليه السلام يتقوى بربه من أن يتعرض لأذى فرعون وقومه، قال: ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ 20 الدخان.
فأُعْطِيَ إنجاء قومه، وإهلاك عدوه، وتوريثه وقومه أموال وديار آل فرعون.
4) وقد استن بسنتهم الصالحون، فامرأة عمران لجأت إلى الله بالاستعاذة ليحفظ عقبها، فقالت: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ آل عمران 36.
فتقبل المولى جل وعلا مريم بأفضل مما تحلم أمها. يقول تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ﴾ آل عمران 37، ثم إنه برأها من الزنى بآية إنطاق الوليد، الذي وهبها إياه من غير أب، وجعله رابع أولي العزم من الرسل.

الصيغ المأثورة للاستعاذة:

هي كثيرة، والاستعاذة تتحقق بأي لفظ، لكن الأفضل هو المأثور. وأشهر الاستعاذات المأثورة:
1) أعوذ برب الفلق،
2) أعوذ برب الناس،
3) رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون،
4) ومن السنة النبوية استعاذات كثيرة، منها:
..... - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
..... - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم،
..... - أعوذ بكلمات الله التامات،
..... - أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم،
..... - اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه.

ما الفرق بين: الاستعاذة والاستعانة والاستغاثة؟:

الثابت هو خصوصية الاستعاذة، وهي عبادة لدفع الشر، بينما الغرض من الدعاء في معناه الاصطلاحي:
هو عبادة تقوم على جلب الخير. لكن ما قد يحتاج إلى مزيد توضيح هو الفرق بين الاستعاذة وكل من الاستعانة والاستغاثة.

1) الاستعانة: الاستعانة: مصدر استعان، وهو من العون بمعنى المعاونة.
والعون: الظهير على الأمر، يقال: فلان عوني، أي: معيني. وقد أعنته، والمعونة: الإعانة، ورجل معوان حسن المعونة، وكثير المعونة للناس. وكل شيء أعانك فهو عون لك، كالصوم عون على العبادة.
والاستعانة: استفعال من العون، أي: طلب العون، فيقال: استعنته واستعنت به فأعانني.
والمعنى الشـرعي للاستعانة لا يختلف عن معناه اللسـاني، يقول تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ ﴾ البقرة 45. فالاستعانة هي طلب العون؛ لإزالة العجز، سواء أكانت الاستعانة بالله في كل أمر، أم كانت بغيره فيما يقدر عليه. أما الاستعانة بالله، المتضمنة كمال الطاعة والخضوع، كما في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ الفاتحة، فصرفها لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة. وأما الاستعانة بغير الله، فمباحة، ومنها قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ﴾ المائدة 2. وشرط الاستعانة بالمخلوق أن يكون حياً حاضراً، أما الاستعانة بالأموات فيعد شركاً، كما أن الاستعانة بالأحياء على أمر الغائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون.

الاستعانة إذاً أعم من الاستعاذة مع اجتماعهما في طلب كف الشر، وتزيد الاستعانة بأنها تكون في تحصيل الخير.

2) الاستغاثة: أما الاستغاثة، فهي مصدر استغاث، وهو طلب الغَوْث، والغوث هو التخليص من الشِّدة والنِّقمة، والعون على الفَكاك من الشدائد. واستغاثني فلان فأغثتُه إغاثةً ومغوثةً، ويقال: استغثت فلانًا فما كان لي عنده مَغُوثة؛ أي: إغاثة. وأما لفظ :الغَوث والغياث، فلا يستحق إلا لله؛ فهو غِياثُ المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثةُ بغيره، لا بملَكٍ مقرَّب، ولا نبيٍّ مرسَل.
ولم يتعدَّ لفظ الاستغاثة في القرآن إلا بنفسِه؛ كقوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ الأنفال 9، وقد يتعدى بالحرف؛ كقول الشاعر:
حتى استغاث بماءٍ لا رِشاء له ..... مِن الأباطحِ في حَافَاتِه البُرَكُ
ولا تصح الاستغاثة المطلقة إلا بالله وحده، سواء أكان ذلك في هداية القلب أو طلب الرزق أو شفاء المرضى أو قتال العدو أو اتقاء مكروه أو كشف ضر. ويجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله، وأن كل غوث فمن عنده، وإن كان جعل ذلك على يد غيره؛ فالحقيقة له سبحانه، وبغيره مجازاً. والغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال غياث المستغيثين، ومعناه المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه، ومريحهم ومخلصهم. وحقيقة الاستغاثة في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ يونس 22.
والاستغاثة على أقسام:
1) الاستغاثة بالله عز وجل: وهذا من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل وأتباعهم، ودليله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ الأنفال 9.
2) الثاني: الاستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك؛ لأنه يجعل لمخلوق حظاً من الربوبية. قال الله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ 62النمل.
3) الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة: وهذا جائز. قال تعالى في قصة موسى (ع): ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ القصص 15.
4) الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية: وهذا سخف وقلة عقل، أو استهزاء المستغاث به.

وبين الاستعاذة والاستغاثة عموم وخصوص:
- ففي كل منهما طلب العون والمدد،
- إلا أن طلب العون في الاستغاثة قيد بحالة الشدة والنقمة والكرب ونحوها، ولم يقيد ذلك في الاستعاذة، فالاستغاثة أخص لأنها تكون عند الشدة،
- والاستغاثة تكون بالقلب والقول والعمل.
- والأصل في الاستعاذة أن تكون بدفع الأمر قبل وقوعه، أما الاستغاثة فتكون برفع الأمر بعد وقوعه.







 
رد مع اقتباس