منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأقلاميين
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-12-2007, 12:59 AM   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
إبراهيم سعد الدين
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم سعد الدين
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم سعد الدين غير متصل


افتراضي مشاركة: الأديب والشاعر والناقد المصري القدير ابراهيم سعد الدين في حوار مفتوح مع الأق

نُتابعُ لقاءنا المُمتع الشَّائق مع الأخ الكريم إبراهيم العبّادي الذي نَثَّ في ثنايا هذا الحوار عبقَ روحه الطَّيِّبة ونثَرَ في سمائه نجومه الزَّاهرة. كتب يقول:

** درست الجماعة إبَّان المَدِّ الناصري، فإلى أي مَدَى كان تأثرك به؟ وكيف تنظر إلى تلك المرحلة الآن؟!

ـ لم أكن فقط شاهدَ عَيانٍ على المرحلة النَّاصريَّة ولا دارساً لها فحَسْب، بل كُنتُ وأبناء جيلي والأجيال اللاّحقة جزءاً لا يتجزأ من هذه التجربة، عِشْنا أحلامها العظيمة وإنجازاتها الكبرى وأُدْمِيَتْ قلوبنا وتَصَدَّعَتْ نفوسنا بأخطائها الجسيمة وانكساراتها الفاجعة.

النَّاصريّة كانت مرحلةَ مَدٍّ ثوريٍّ وتحَرُّرٍ وطنيٍّ وتوجُّهٍ قوميّ وتحَوُّلٍ اجتماعيٍّ واقتصاديٍّ جسورْ، وقد أحدثَ هذا كُلُّه آثاره العميقة في المجتمعَيْن المصري والعربي وغَيَّرَ الخارطة السياسية والاجتماعية في المنطقة بل وامتدَّتْ توابعه إلى الكثير من بلدان العالم الثالث.

في ظِلِّ حُكم عبد الناصر تجسَّدت الوحدة العربية حُلماً قريب المنال، وتبلورت طموحات الاستقلال الوطنيّ والعدالة الاجتماعية حقيقةً على أرض الواقع. وكان التَّصنيع ومجّانية التعليم وتمصير المصالح الأجنبية وتأميم المشروعات الكبرى وتقليم أظافر الطبقات المُستغلة من كبار مزارعين ورأسماليين كبار، والتنمية الوطنية المستقلة والتوزيع العادل لثمار التنمية على كل فئات المجتمع دون تمييز مؤشراتٍ أكيدة على فكرٍ ثوريٍّ مُتقَدّمٍ ومُنحازٍ إلى الطبقة الوسطى والشرائح الاجتماعية محدودة الدَّخل التي تضُمُّ بين دِفََّتيها العمال وصغار المزارعين والبورجوازية الصَّغيرة عموماً.
وشهدتْ هذه المرحلة ازدهاراً ثقافيّاً غير مسبوق في شتَّى مجالات الإبداع من أدبٍ وفنون تصويرية وتشكيلية وسينما ومسرح وغيرها من الفنون.

غير أنَّ هذه التجربة كانت تحمل بذورَ انهيارها في داخلها بسبب غياب الديمقراطية وتضييق هامش الحريّة والنقد والتعبير وانعدام المشاركة الجماهيرية في رسم السياسات واتخاذ القرار فتضَخَّمَ نفوذ أجهزة الدولة ـ والأجهزة الأمنية على وجه الخصوص ـ وتراكمت الأخطاء والسَّلبيّات حتى كانت هزيمة الخامس من يونيو/حزيران مُنعطفاً تاريخيّاً كشفَ هشاشة البنيان المؤسَّسي للنظام في غياب المشاركة الشعبية، وكانت نقطة تَحَوُّلٍ في هذه التجربة أدَّتْ إلى انحسار مَدِّها الوطنيّ وتراجعِ خطاها وتصفية مكاسبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانقضاض على منجزاتها بعد رحيل عبد الناصر.

التجربة الناصريّة مرحلةٌ هامة وخصبة في تاريخ الوطن والأمة وهي تحتاجُ إلى دراسة مُوَسَّعة وبحوثٍ مُستفيضة وتقييمٍ أمين لما لها وما عليها من أجل استخلاص الدروس والاستفادة من مؤشراتها ومُعطياتها.


لقاؤنا يتجدّد وحوارنا يتواصل ـ بإذن الله ـ مع الأخ الكريم إبراهيم العَبَّادي.