منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-11-2022, 01:05 PM   رقم المشاركة : 143
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة متصل الآن


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

(ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ
وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ 27)







لمحات من البديع في الآيتين:

(إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ ٢٦
ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٢٧)

أولاً: قد تضمنت هاتان الآيتان نوعاً من البديع يسميه أرباب البيان: بالطباق، وهو أن تأتي بالشيء وضدّه: ووقع هنا في قوله تعالى:
- (بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ): دليلان على الحقير والكبير.
- (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ) مقابله: (وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ).

وكل أول في الثلاثة التالية كائن بعد مقابله:
- (يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ): أي: الضلال بعد الهداية.
- (يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِ)ۦ أي: النقض بعد التوثقة.
- (وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ) أي: القطع بعد الوصل.

وثانياً: في وصل الذين بالمضارع وعطف المضارعين عليه دليل على تجدد النقض والقطع والإفساد، وإشعار أيضاً بالديمومة، وهو أبلغ في الذم، وبناء يوصل للمفعول هو أبلغ من بنائه للفاعل، لأنه يشمل ما أمر الله بأن يصلوه أو يصله غيرهم.

وثالثاً: في ترتيب هذه الصلات غاية من الحسن، لأنه قد بدأ أولاً بنقض العهد، وهو أخص هذه الثلاث، ثم ثنى بقطع ما أمر الله بوصله، وهو أعم من نقض العهد وغيره،
ثم أتى ثالثاً بالإفساد الذي هو أعم من القطع، وكلها ثمرات الفسق.

ورابعاً: أتى باسم الفاعل في: (وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ) صلة للألف واللام ليدل على ثبوتهم في هذه الصفة، فيكون وصف الفسق لهم ثابتاً، وتكون النتائج عنه متجدّدة متكررة، فيكون الذم لهم أبلغ لجمعهم بين ثبوت الأصل بمجيء الاستثناء المفرغ، وتجدّد فروعه ونتائجه.

وخامساً: لما ذكر أوصاف الفاسقين أشار إليهم بقوله: (أُوْلَٰٓئِكَ)، أي: أولئك الجامعون لتلك الأوصاف الذميمة من النقض والقطع والإفساد. وقوله: (أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ) قصر قلب لأنهم ظنوا أنفسهم رابحين وهو استعارة مكنية تمثيلية ذكرنا تفصيلها في قراءة: (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ) البقرة 16. وقد أكد استحقاقهم لما وصفوا به بالحصر بالضمير المنفصل (هُمُ) وجاء باسم الفاعل من الخسران (ٱلۡخَٰسِرُونَ) مثلما جاء باسم الفاعل من الفسق، وفي الحالين تأكيد وحصر.






 
رد مع اقتباس