منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-07-2022, 09:12 PM   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

(ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ
وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ
فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ 22)








(فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ):

أتى العطف لترتيب هذه الجملة على الكلام السابق، وهو مترتب على الأمر بالعبادة.
فالفاء للتسبُّب، تَسَبَّبَ عن إيجادِ هذه الآياتِ الباهرة النهيُ عن اتخاذِكم الأندادَ.
و "لا" ناهية و "تَجْعلوا" مجزومٌ بها، وهي هنا بمعنى تُصَيِّروا، وهو يتعدى لاثنين أولُهما: أنداداً، وثانيهما: الجارُّ والمجرورُ قبلَه، وهو واجبُ التقديمِ.
و (أَندَادٗا) جمع نِدّ. والنِّدُّ: المقاوِمُ المضاهي، سواء كان مثلاً أو ضِدَّاً أو خلافاً وقيل: هو الضدُّ، وقيل: الكُفْء والمِثْل، قال حسان:
أَتَهْجُوه ولستَ له بِنِدٍّ ..... فشرُّكما لخيركما الفِداءُ
أي: لستَ له بكُفْءٍ، وقد رُوِي ذلك، وقال آخر:
نَحْمَدُ الله ولا نِدَّ له ..... عندَه الخيرُ وما شاءَ فَعَلْ
وقيل: "النِّدُ المِثْل، ولا يُقال إلا للنِّدِّ المخالف، قال جرير:
أَتَيْماً تَجْعَلونَ إليَّ نِدَّاً ...... وما تَيْمٌ لذي حَسَبٍ نَدِيدُ
ونادَدْتُ الرجلَ خالَفْتُه ونافَرْتُه مِنْ: نَدَّ يَنِدُّ نُدُوداً أي نَفَر". انتهى، ويقال "نَديدة" على المبالغة، قال لبيد:
لِكيلا يكونَ السَّنْدَرِيُّ نديدتي ..... وأَجْعَلُ أَقْواماً عُموماً عَماعِمَا
وأمَّا النَّدُّ ـ بفتح النون ـ فهو التل المرتفعُ، والنَّدُّ: الطِّيب أيضاً، ليس بعربي. وهذه الجملةُ متعلقةٌ من حيث المعنى، بقوله: (ٱعۡبُدُواْ)، لأنَّ أصلَ العبادةِ التوحيدُ، ويجوز أن يتعلَّقَ بـ (ٱلَّذِي) إذا جعلتَه خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو الذي جعل لكم هذه الآياتِ العظيمةَ والدلائلَ النَّيِّرة الشاهدَةَ بالوَحْدانية فلا تَجْعلوا له أنداداً.
وقريء: {فلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا}.
قوله تعالى: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ في محلِّ نصب على الحال، ومفعولُ العِلْم متروكٌ، لأنَّ المعنى: وأنتم من أهلِ العِلم، أو حُذِف اختصاراً أي: وأنتم تعلمونَ بُطْلانَ ذلك.

من هم الذين عُنُوا بهذه الآية؟:


اختلف حولهم أهل التأويل، فقيل:
- عَنَى بها جميع المشركين من مُشركي العرب وأهل الكتاب، فقيل: نَزَل ذلك في الفريقين جميعًا من الكفار والمنافقين. وإنما عَنى - تعالى ذكره - بقوله: (فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا)، أي لا تشركوا بالله غيرَه من الأنداد التي لا تَنفع ولا تضرّ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه لا ربّ لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه. والداعي إلى هذا التأويل، الظنُّ بالعرب أنها لم تكن تعلم أنّ اللهَ خالقها ورازقها، بجحودها وحدانيةَ ربِّها، وإشراكها معه في العبادة غيره. ولكنّ الله - جلّ ثناؤه - قد أخبرَ في كتابه عنها أنها كانت تُقر بوحدانيته، غير أنها كانت تُشرك في عبادته ما كانت تُشرك فيها، فقال تعالى: (وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ) الزخرف 87، وقال:(قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ) يونس 31.
- عنى بذَلك أهلَ الكتابين، أهلَ التوراة والإنجيل دُون غيرهم.

والذي هو أولى بتأويل قوله: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه عامٌّ للناس كافةً. هو خطاب لكل مكلف، عالم بوحدانية الله، وأنه لا شريكَ له في خلقه، يُشرِك معه في عبادته غيرَه، كائنًا من كان من الناس، عربيًّا كان أو أعجميًّا، كاتبًا أو أميًّا، وإن كان الخطابُ لكفار أهل الكتابِ الذين كانوا حَواليْ دَار هجرة رسول الله - عليه السلام -، وأهل النفاق منهم، وممن بينَ ظَهرانيهم ممّن كان مشركًا فانتقل إلى النفاق بمقدَم رسول الله.

كيف وصفهم بالعِلْمِ، وقد نعتهم بالخَتْمِ، والطَّبْعِ، والصَّمَمِ، والعمى؟:

الجواب من وجهين:
أ) وأنتم تعلمون العلم الخاص أن الله خلق، وأنزل الماء، وأنبت الرزق، وهو المنعم عليهم دون الأَنْدَادِ.
ب) وأنتم تعلمون وحدانيته بالفرد والإمكان لو تدبرتم ونظرتم، وفي هذا دليل على استعمال حجج المعقول، وإبطال التقليد.







 
رد مع اقتباس