منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - درويـــشيـّات
الموضوع: درويـــشيـّات
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-11-2011, 04:06 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عُلا الياس
أقلامي
 
إحصائية العضو







عُلا الياس غير متصل


افتراضي رد: درويـــشيـّات

الجدارية كاملة ( 7 )

وأَنا أُريدُ ، أُريد أَن أَحيا ، وأَن
أَنساك …. أَن أَنسى علاقتنا الطويلة

لا لشيءٍ ، بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ
السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ . كُلَّما
أَعددتُ نفسي لا نتظار قدومِكَ
ازددتَ ابتعاداً . كلما قلتُ : ابتعدْ
عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ ، في جَسَدٍ
يفيضُ ، ظهرتَ ما بيني وبيني
ساخراً : ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا … ”
- متى ؟ - في ذِرْوَة النسيان
حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً
خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف ،
حيث تقول : ” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي ” . - أَين موعدُنا ؟
أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند
باب البحر ؟ - لا …. لا تَقْتَرِبْ
يا ابنَ الخطيئةِ ، يا ابن آدمَ من
حدود الله ! لم تُولَدْ لتسأل ، بل
لتعمل …. - كُن صديقاً طَيِّباً يا
موت ! كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك
كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ ! رُبَّما أَسْرَعْتَ
في تعليم قابيلَ الرمايةَ . رُبَّما
أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على
الصبر الطويل . وربما أَسْرَجْتَ لي
فَرَسا ً لتقتُلَني على فَرَسي . كأني
عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري
لُغَتي . كأني حاضرٌ أَبداً . كأني
طائر أَبداً . كأني مُذْ عرفتُكَ
أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك
البيضاءِ ، أَعلى من غيوم النوم ،
أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء
العناصر كُلّها . فأنا وأَنتَ على طريق
الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان /
عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً ،
فأنا طليق ههنا في لا هنا
أو لا هناك . وَعُدْ إلى منفاك
وحدك . عُدْ إلى أدوات صيدك ،
وانتظرني عند باب البحر . هَيِّئ لي
نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ
الأرضِ المريضة . لا تكن فظّا ً غليظ
القلب ! لن آتي لأَسخر منك ، أَو
أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال
الروح . لكنِّي - وقد أَغويتَني - أَهملتُ
خاتمةَ القصيدةِ : لم أَزفَّ إلى أَبي
أُمِّي على فَرَسي . تركتُ الباب مفتوحاً
لأندلُسِ الغنائيِّين ، واخترتُ الوقوفَ
على سياج اللوز والرُمَّان ، أَنفُضُ
عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ
العنكبوت . وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر
الطُرُقَ القديمةَ ذاتها ، ويَقِيسُ أَبعادَ
الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها … /
..
يا موت ، هل هذا هو التاريخُ ،
صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك ، صاعداً ما بين
هاويتين ؟ قد تبني الحمامة عُشَّها
وتبيضُ في خُوَذ الحديد . وربما ينمو
نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ .
فماذا يفعل التاريخُ ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ ،
بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرضَ السماءُ
وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ ؟ /
..
أَيها الموت ، انتظرني عند باب
البحر في مقهى الرومانسيِّين . لم
أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً
إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي ،
وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي
على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي ،
وأُودِّعَ الأرضَ التي تمتصُّني ملحاً ، وتنثرني
حشيشاً للحصان وللغزالة . فانتظرني
ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان ،
ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ
وأَقول : شكراً للحياة !
ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً
ووحدك ، كنتَ وحدك ، يا وحيدُ !
..
تقولُ مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
كثيراً ، وتصرخُ : يا قلبُ !
يا قَلْبُ ! خُذْني
إلى دَوْرَة الماءِ …/
..
ما قيمةُ الروح إن كان جسمي
مريضاً ، ولا يستطيعُ القيامَ
بواجبه الأوليِّ ؟
فيا قلبُ ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ
إليَّ ، لأَمشي إلى دورة الماء
وحدي !
..
نسيتُ ذراعيَّ ، ساقيَّ ، والركبتين
وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ
نسيتُ وظيفةَ قلبي
وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ
نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير
نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ .
نسيتُ الكلام
أَخاف على لغتي
فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ
وأَعيدوا الحياة إلى لُغَتي !..
..
تقول مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
كثيراً ، وتصرخ بي قائلا ً :
لا أُريدُ الرجوعَ إلى أَحَدِ
لا أُريدُ الرجوعَ إلى بلدِ
بعد هذا الغياب ألطويل …
أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ
إلى لغتي في أقاصي الهديل
..
تقولُ مُمَرِّضتي :
كُنْتَ تهذي طويلا ً ، وتسألني :
هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ
أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ ؟
..
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ …
على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ، على
وزن النوارس في كتاب الماءِ . أَكتُبُها
وأُورِثُها لمنْ يتساءلون : لمنْ نُغَنِّي
حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى ؟ …
خضراءُ ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
كتاب الحقلِ ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
فيها وفيَّ . وكُلَّما صادَقْتُ أَو
آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
الفَنَاء وضدَّه : (( أَنا حَبَّةُ القمح
التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً . وفي
موتي حياةٌ ما … ))
..
كأني لا كأنّي
لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني .
فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ
الشُّكْرِ : ” إنَّ الله يرحَمُنا ” …
ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ
البلاغة : ” لم أَلِدْ وَلَدا ً ليحمل مَوْتَ
والِدِهِ ” …
وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات ….
سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ
في جُنُوح الشعر نحو النثر ….
سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ ،
ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأَرضيَّ في
أَحَدِ الكواكب … مَنْ أَنا في الموت
بعدي ؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي
قال طيفٌ هامشيٌّ : (( كان أوزيريسُ
مثْلَكَ ، كان مثلي . وابنُ مَرْيَمَ
كان مثلَكَ ، كان مثلي . بَيْدَ أَنَّ
الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ
العَدَمَ المريضَ ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ
فكرةً … )).
من أَين تأتي الشاعريَّةُ ؟ من
ذكاء القلب ، أَمْ من فِطْرة الإحساس
بالمجهول ؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ
في الصحراء ؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ
ولا الكونيُّ كونيٌّ …






 
رد مع اقتباس