منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2022, 01:13 PM   رقم المشاركة : 144
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 1) المدخل

(ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ
وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ 27)







حول مضمون الآية:

وصف الضالّين بالفسوق ثمّ بيّن من حال فسوقهم نقض العهد الموثّق، وقطع ما يجب أن يوصل، والإفساد في الأرض: وسجّل بذلك عليهم الخسران وحصرهم في مضيقه، بحيث لا يسلم منه إلاّ من رجع عن فسوقه. فعلم بهذا أنّ المراد بإسناد الإضلال إليه - تعالى - في الآية السابقة، بيان سـنّته - تعالى - في أصحاب هذه الأعمال من الفسّاق، وهو أنّهم يضلّون حتّى بما هو سبب من أشدّ أسـباب الهداية تأثيراً، وهو المثل المذكور؛ بسبب رسوخهم في الفسق ونقضهم للعهد. وليس المعنى أنّه - تعالى - خلق الضلال فيهم خلقاً وأجبرهم عليه إجباراً. وقد اختلفوا في تفسير العهد على أقوال:

1) أنه وصية الله إلى خلقه، وأمره لهم بطاعته، ونهيه لهم عن معصيته في كتبه المنزلة وعلى ألسنة أنبيائه المرسلة، ونقضهم له تركهم العمل به.
2) أنه العهد الذي أخذه الله عليهم حين أخرجهم من أصلاب آبائهم في قوله: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ...) الأعراف 172. ونقضهم له كفر، بعضهم بربوبيته، وبعضهم بحقوق نعمته. وآية العهد هذه فيها إشارات عديدة، أولها أن الميثاق أُخذ من بني آدم، أي من الجنس الأول الذي أُهبط من الجنة الدنيوية، وهو يمثل بذرة البشر، وهذا مبحث سنورده عند الحديث عن آيات بدء التكليف من الآية الثلاثين إلى التاسعة والثلاثين من هذه السورة. وهذا العهد الفطري "المُلْزِم" عند أكثر العلماء، ترده طائفة منهم، بالقول أنه لا يمكن أن يكون - وحده - حجة على الكافرين، لأنه لم يدخل في وعي المكلف، ولم يكن في دائرة الاختيار، وهي التي سيحاسب عليها الناس.
3) ما أخذه الله عليهم في الكتب المنزلة من الإقرار بتوحيده والاعتراف بنعمه والتصديق لأنبيائه ورسله، وبما جاؤوا به في قوله: (وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ ...) آل عمران 187، ونقضهم له نبذه وراء ظهورهم، وتبديل ما في كتبهم من وصفه صلى الله عليه وسلم. وكأن هذا العهد هو عهد مخصوص، محصور في أهل الكتاب، وهذا يُخرج مشركي العرب من خطاب الآية، بينما ما نراه في الآية هو العموم لا الخصوص.
4) ما أخذه الله - تعالى - على الأنبياء ومتبعيهم أن لا يكفروا بالله ولا بالنبيين، في قوله تعالى: (وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا 7لِّيَسۡ‍َٔلَ ٱلصَّٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا 8) الأحزاب، وهذا عهد أعم وأشمل مما أُخِذَ على أهل الكتاب؛ إذ أُخذ على النبيين كلهم، وخصص أولي العزم منهم لأنهم يمثلون مراحل فاصلة في تاريخ الإسلام، وبإلزامهم بالتبليغ بشارةً وإنذاراً لأقوامهم، دخل المؤمنون برسالاتهم ضمناً داخل الميثاق، لذلك بَيَّنَ بعدها أنه - تعالى - سيحاسب تلك الأمم على مدى الاستجابة لدعوة الرسل.
5) وما أخذه على النبيين في قوله: (وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ 81) آل عمران، ورأى المفسرون أنه عهد أخذه الله على النبيين أن ينصروا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ويعظموه، وأن جحد أقوامهم لنبوته ولصفته، يعد خروجاً على هذا الميثاق القديم. ونحن نرى أن: (ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ) بتنكير (رَسُولٞ) يفيد أي رسول، على غير تحديد، مما يعني أخذ الميثاق على كل نبي، إذا أرسل الله بعد نبوته رسولاً أن يتبعه النبي وينصره.
6) ما جعله في عقولهم من الحجة على توحيده وتصديق رسوله، بالنظر في الآيات الدالة على إعجاز القرآن وصدقه ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونقضهم هو تركهم النظر في ذلك وتقليدهم لآبائهم.
7) الأمانة المعروضة على السماوات والأرض التي حملها الإنسان، ونقضهم تركهم القيام بحقوقها، كما في قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا ٱلْأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَٰنُ) الأحزاب 72.
8) ما أخذه عليهم من أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، ونقضهم عودهم إلى ما نهوا عنه، وهذا القول يشـير إلى أن المخاطب بذلك بنو إسرائيل.
9) هو الإيمان والتزام الشـرائع، ونقضه كفره بعد الإيمان.






 
رد مع اقتباس