منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الأديب والصحفي الفلسطيني القدير حسن سلامة في حوار مفتوح مع الأقلاميين
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-2009, 01:14 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
حسن سلامة
أقلامي
 
الصورة الرمزية حسن سلامة
 

 

 
إحصائية العضو







حسن سلامة غير متصل


افتراضي مشاركة: الأديب والصحفي الفلسطيني القدير حسن سلامة في حوار مفتوح مع الأقلاميين

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل الحديث عن البدايات الأولى في رحلتي مع الأدب والعمل الصحافي، كانت الرحلة الأساس ، التي أطلقتِ عليها (الإرهاصات) والتجارب والأشخاص والمواقف ،التي كوّنت اللبنات الأهم لتبلور شخصيتي الأدبية .. أو لنقل : شخصيتي / أنا الإنسان / الذي يمثل في مراحل مبكرة فرداً في ذلك الكم الهائل من الناس البسطاء الذين ألقى بهم اليهود وبعض العرب ، على قارعة المجهول المستمر .. فلا السيّارة تلتقطنا ، ولا الأنصار يقاسموننا الوجع وبعض الأمان ..!
في البداية ، كانت تخطر في بالي أسئلة صعبة : عن الغياب الذي انتظره آباؤنا ولم يأت حتى اللحظة .. عن الحق الذي اغتالته القوة ولا تزال ..
منذ البداية ، وربما في الطفولة المبكرة جداً ، كنت أنظر ملياً في وجوه الناس عند زوايا بيوت المخيمات ، والأزقة الضيقة .. كان وباء البؤس يخيم على الجميع ، والحاجة ماسة لكل شيء ..!
في ذلك الوقت ، لفتني رجل عجوز تحكي جوانيته جوعاً خجولاً ، فلم يكن يمد يده أبداً ..!
ولفتني أيضاً ، نساء يتكدسن أمام بوابة وكالة الغوث منذ الفجر ، لاستلام ما يقدمه العالم المتآمر من دقيق مخلوط بالشبة ، وقليل من السكر وصابونة، وزيت أصاب الكثيرين بالعشى الليلي ..
كنتُ أشعر أن الناس شبعوا من جوعهم ..!!
في ذلك الوقت ، تعلمت الرسم ..
رسمت ذلك العجوز .. وتلك النسوة بالسواد .. !!
لم أكن أعلم حجم المصيبة ، لأن الكبار كانوا يتحدثون عن الرجوع بعد أيام ..
ولأن الساسة ينامون على لحمنا ، بعد إيهامنا بصناعة المجد والعودة المظفرة ..
تلك اللوحات البدائية ، هي حجر الأساس ، حين تحولت الألوان إلى كلمات .. والكلمات إلى صور حية تمور في داخلي ، فتعصف بي ، ولم يكن ذلك إلا مشهداً عاماً لكل الفلسطينيين .. الجميع سواسية كأسنان المشط .. فالمخيمات الأولى والتالية واللاحقة لها سمة واحدة : تجمع الكل ، من كل المناطق والقبائل ، والذين كانوا وما كانوا ..
أنا تعلمت معنى الإصرار على الحياة من كل أولئك ..
ومن ذلك الكلب / منصور / الذي هاجر مع أسرة فلسطينية إلى ذلك المخيم .. فقد كان قبل ذلك يحمي بستانهم ودوابهم ، ويشاكس أطفالهم ، لكنه انكسر مثلهم في المخيم ، فلا يهش ولا ينش ، وإن دست على ذيله ..!
ذلك الكلب ، وجدوه ميتا بعد سنوات قليلة .. ربما حسرة ، ربما لأنه تسمم بعد أن أكل جلدة وثيقة السفر ..!!
كم نحن صامدون بعده ..!!
..


ملاحظة : أحب الكتابة هنا مباشرة ، دون تخطيط أو ترتيب ، ليعذرني الجميع إن وقعت في خطأ المعنى أو المبنى ..