منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - وما يعلم تأويله إلا الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2022, 02:47 PM   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: وما يعلم تأويله إلا الله




1) تعارض الأدلة الشرعية في نظر المجتهد:

التَّعَارُضُ في اللسان العربي: وأصله من الْعَرْضِ، وهو المنع. يقال: لَا تَعْتَرِضْ لَهُ، أي: لَا تَمْنَعْهُ بِاعْتِرَاضِكَ أَنْ يَبْلُغَ مُرَادَهُ. وهذا تَعَارَضَ مع قناعاتي، يتعارض، فهو مُتعارِض. ومصدره: تَعَارُضٌ، بمعنى: تقاطع، أو تضارب، أو عدم تطابق.
وَالتَّعَارُضُ اصطلاحاً: التَّمَانُعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ مُطْلَقًا، بِحَيْثُ يَقْتَضِي أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَا يَقْتَضِي الْآخَرُ. وقالوا: لا يوجد تعارض حقيقي بين الأدلة الشرعية، فلا تناقض في الأدلة الشرعية، وإنما التعارض هو تعارض ظاهري، يعود إلى فهوم العلماء. وللتعارض الظاهري أسباب:

أولها: الأسباب العائدة إلى السند:
وهذا مستبعد في الأدلة القرآنية، لأن القرآن قطعي الثبوت. فيكون التعارض الظاهري في الحديث، وقد تتعارض الأحاديث وفقاً لاختلاف المحدثين والأصوليين في بعض المسائل، منها:
- اختلافهم في بعض الرواة مما يؤدي إلى التعارض بين الأحاديث.
- اختلافهم في الأخذ بالحديث المرسل.
- مخالفة خبر الآحاد لخبر مشهور.

ثانيها: الأسباب العائدة إلى اللفظ:
وقد حصرت هذه الأسباب في احتمالات وهي:
1. احتمال الاشتراك: واللفظ المشترك هو اللفظ الدال على معنيين مختلفين أو أكثر دلالة على السواء. واحتمال الاشتراك يؤدي إلى التعارض بين الأدلة. ومثاله: دلالة القروء.
2. والنقل: واللفظ المنقول هو لفظ وُضع لمعنى بعد وضعه لمعنى آخر أولاً، مثل: لفظ الصلاة كان يطلق على الدعاء، ثم بمجيء الإسلام أصبح يطلق على الأفعال المخصوصة شرعاً.
3. واحتمال المجاز: والمجاز هو اللفظ المستعمل في معنى غير موضوع له، بعكس الحقيقة. ومثاله: تعارض حديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" وحديث المسيء صلاته حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم اقرأ ما تيسر من القرآن" ولم يأمره بقراءة الفاتحة، فكان التعارض ظاهراً.
4. والإضمار: اللفظ المضمر هو اللفظ المحذوف الذي له أثر في الكلام. ومثاله: حديث: "في كل خمس من الإبل شاة" على تقدير: مقدار، والاختلاف دار حول موقع الإضمار: مقدار خمس من الإبل، أم: مقدار شاة.
5. واحتمال التخصيص: إن احتمال التخصيص وعدمه يجعل المجتهد يتوهم وجود التعارض بين الدليل العام والدليل الخاص. ومثاله: تعارض حديث: "من بدل دينه فاقتلوه" مع حديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان.
6. والإطلاق والتقييد: والدليل المطلق يعارض في الظاهر الدليل المقيد. ومثاله: تعارض قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ النساء 23، مع الأحاديث التي تقيد عدد الرضعات المحرمة.
7. وتعارض دلالات الألفاظ: وقد تتعارض دلالات الألفاظ ويختلف الفقهاء في الترجيح، مثل: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ البقرة 233، وحديث الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بصحبته فأجابه: "أمك، أمك، أمك، ثم أبوك"، فالآية تدل بالإشارة إلى أولوية الأب في حق النفقة من مال الابن إذا كان الأب فقيراً، بينما الحديث يقدم الأم.

ثالثها: الأسباب العائدة إلى الفهم:
إن أفهام المجتهدين تتفاوت وهذا أمر فطري مما يؤدي إلى احتمال التعارض. ومثاله: ما روي من أن النبي تزوج بميمونة وهو محرم وفي رواية أخرى وهو حلال، فتفاوتت الروايات مما دل على أهمية اختلاف الفهم في ظهور التعارض بين الأدلة.

رابعها: الأسباب العائدة إلى المصادر المختلف فيها:
الاستحسان من هذه الأسباب، وهو: ترجيح بين قياسين، ومثاله: القول بطهر سؤر الطير استحساناً يخالف القياس. والمصالح المرسلة، ومثاله: قتل الجماعة بالواحد لمصلحة حفظ النفس. والعرف، ومثاله: تعارض فتوى جواز أخذ الأجرة على الإمامة اعتماداً على العرف، مع فتاوى السلف بعدم أخذ الأجرة على ذلك. وعمل الصحابي، ومثاله: تعارض قضاء عثمان بن عفان بتوريث المطلقة بائناً في مرض موت المُطلِّق، وهذا مخالف للأدلة الدالة على عدم توريث المبتوتة مطلقاً. وعمل أهل المدينة، مثل: تعارض عملهم في منع خيار المجلس مع حديث: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقاً" فكان عمل المدينة سبباً للتعارض.

ولدرء التعارض، قالوا: إذا ظهر التعارض الظاهري، فلا بد من الجمع أو احتمال النسخ أو الترجيح.


يتبع:
طرق دفع التعارض بين الأدلة الشرعية.






 
رد مع اقتباس