اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامر سكيك
ما رأيك بالقول بأن فن القصة القصيرة يمر بأزمة كما هو الحال مع الشعر العربي؟
|
أخي الكريم ..
الأستاذ سامر سكيك ..
تحية تقدير وإعزاز ..
وشكر على مجهودكم الكبير لإتمام هذا اللقاء ..
وبعد..
* أود في بداية هذا اللقاء أن أتوجه بالتحية لزملائي من الكتاب في موقع ( أقلام ثقافية ) متمنيا لهم كتابة أدبية جادة ، مستشرفة ، ناصعة.
لا أظن القصة القصيرة تمر بأزمة ما ، ولكن يمكن تعديل المقولة بأن أمهر كتابها قد تتبعوا خطى الرواية دون ان يفارقوا القصة القصيرة تماما . لقد أغوتهم وجذبتهم لجمالياتها الباذخة .
القصة القصيرة والرواية كلاهما سرد ، ينبني على أحداث ومواقف وتحرك شخصيات داخل أزمنة وأمكنة محددة ، وبهذا التصور فالرواية تفتح مجالات متعددة للحكي ، كما تقدم كشوفات جمالية للقصة القصيرة ، فهناك أواصر قربى وصلة دم بينهما ؛ رغم وجود خطط مستقلة للكتابة نفسها .
أحيانا يبدأ الكاتب في التعامل مع نصه باعتباره قصة قصيرة ثم يجد ان ما تحتشد به الفضاءات السردية من حراك اجتماعي ومواقف سياسية متباينة ، وتنويعات على الفعل الإنساني تليق برواية فتحدث الإزاحة.
القصة القصيرة ليست في أزمة ، لكنها الصوت المنفرد الذي يهتم بعوالم المهمشين كما قال " فرانك أوكونور" ، وطالما هناك طبقات رثة ، ومهمشون ، ومعوزون ، بل طالما هناك نجباء وقد انكسروا ، وعظماء قد لاقوا المحن وارتكبوا الآثام فالقصة حية ، متحركة ، متأججة بالحس الإنساني الشفيف.
قد أطرح السؤال بصيغة أخرى فأقول: هل نجد ندرة في نماذج القصة القصيرة الباهرة؟
يمكن أن يكون جوابي : نعم . جزئيا ، يمكننا أن ندعي أن القصة القصيرة صارت بالنسبة للكتاب الجدد هي البوابة الأكثر أمنا للولوج لساحة الكتابة ، وحتى يتمكن الكاتب من الإجادة فسوف نجد أعمالا كثيرة تحت خط الفقر الإبداعي ، وهذا طبيعي وشائع في كل العصور ، ولا يسبب قلقا لي على الأقل .
ثم تعالوا نحتكم إلى تاريخ القصة القصيرة ، هناك أسماء كثيرة ومتعددة كتبت وشاع صوتها ، لكننا حين نهتم بالحديث عن الأدباء الذين تركوا بصمة يمكننا ان نعدد أسماء يمكن حصرها على اصابع اليد الواحدة . سنذكر مثلا جي دي موبسان ، وجوجول ثم نتوقف طويلا امام تشيخوف ، ونتامل تجارب آلان روب جرييه ، ونتالي ساروت ، ونتمهل ونحن نقرا لفرانتس كافكا ذلك اليهودي التشيكي المترع بالألم الإنساني العظيم ، ويمكننا عربيا أن نثمن كتابات يوسف أدريس وزكريا تامر ، وكتابات قصيرة للطيب صالح كنت قد قراتها كمسودات في " الهلال " . لكن الموجات التالية الهادرة تخلصت تماما من وصاية الأب وقدمت نماذج في غاية التفرد . هكذا تسير الأمور.