منتديات مجلة أقلام - من أجمل أبيات الشعر
منتديات مجلة أقلام

منتديات مجلة أقلام (http://montada.aklaam.net/index.php)
-   منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول (http://montada.aklaam.net/forumdisplay.php?f=2)
-   -   من أجمل أبيات الشعر (http://montada.aklaam.net/showthread.php?t=191)

ملك فايز عفونة 14-10-2007 01:13 AM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 

Alda Merini


من (أرض الحب)

أنا لست في حاجة إلى المال
ولكني أحتاج مشاعرا وأحاسيسا
أحتاج كلمات، كلمات مختارة بعناية
أحتاج زهورا يسمونها أفكارا
وورودا يسمونها حضورا
أحتاج أغنيات ترقص لها التماثيل
ونجوما تهمس في آذان العشاق...
أحتاج شعرا، هذا السحر الذي يحرق ثقل الكلام.
هذا السحر الذي يوقظ المشاعر
ويمنحها حرارة جديدة.

*****
هكذا هي الحقيقة دائما:
شر الناس هو الذي يهوى بك ويحط من قدرك
وهو الذي يبني لك وراء باب موارب
محرابا من الكره.
ولكن حب الناس البسطاء
يلمع أكثر من أي فلسفة.
الفقير فقط يعطيك كل شيء
ولايمن عليك أو يعيرك بجبنك.

****************************


من (خواء الحب)

مازالت بصمات أصابعي
المأخوذة بمستشفى المجانين
تلاحق يداي
وتسري فيها صعودا كحشرجة
في عرق الحياة
تلك البصمات الملعونة سجلت بالسماء
وتهتز جميعها وبكل أسف
لنجوم الدب الأكبر


مدى، مدى، أريد كثيرا من المدى
كي أتحرك جريحة بهدوء
أعطوني مجالا و فضاء كي أغني و أنمو
كي أتيه و أتجاوز وهدة المعرفة الإلهية
مدى، أعطوني مدى
حتى أستطيع إطلاق صرخة وحشية
صرخة صمت السنين
الذي لامسته بيدي.

أنت يا قبلة تتحمل ثقل روحي القصيرة
فيك، عالم حديثي
يصبح صوتا و خوفا.


لم يكن علي أن أنتظر منك
ومن كونك لست بشاعر
حبا فقط
أنت يا من تستمر في القول لي
بأنك ستأتي غدا
و لا تفهم بأن الغد بالنسبة لي
قد مر وولى.


****************************



من (عيادة الهجران)


أنتظرك كل يوم
و انطفئ ببطء في كل مرة
نسيت وجهك
و يسألونني إذا ما كان يأسي يساوي غيابك
ولكن لا، إنه شيء يفوق الغياب
إنه تعبير عن موت محقق
لا أدري كيف أهديك إياه.



أحمد محمد حراز 14-10-2007 01:31 AM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 

سلمى رشيد 18-10-2007 04:49 PM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
وأنّ خرير الماء أنة عاشق
يحن إلى زهر الغصون وللقضب

إذا نظرت عيناي في الكون صامتا
تيقنت أن الصمت من لاعج الحب

صالح السويسي القيرواني

ملك فايز عفونة 24-11-2007 11:01 PM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
من شعر المهجر لإيليّا أبي ماضي

المســــــــــــــاء


أسحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
سلمى ... بماذا تحلمين ؟
* * *
أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها في ناظريك
تنمّ ، يا سلمى ، عليك
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
و لا يطيق الانكسار
* * *
هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
* * *
بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ كالقصر المكين
و الشّوك مثل الياسمين
* * *
لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و رغائبه
و سماؤه و كواكبه ؟
* * *
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و العندليب صداحه
لا ظفره و جناحه
* * *
فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا تبصرين به الغدير
و لا يلذّ لك الخرير
* * *
لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره لا تذبل
و نجومه لا تأفل
* * *
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعى الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاه
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه البشاشة و البهاء
ليكن كذلك في المساء

ملك فايز عفونة 29-11-2007 10:25 PM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
مقطع من مديح الظل العالي لدرويش




نامي قليلا.يا ابنتي .نامي قليلا
الطائرات تعضني.وتعض ما في القلب من عسل
فنامي في طريق النحل.نامي
قبل ان اصحوا قتيلا
الطائرات تطير من غرف مجاورة الى الحمام.فاضطجعي
على درجات هذا السلم الحجري . وانتبهي اذا اقتربت
شظاياها كتيرا منك وارتجفي قليلا.
نامي قليلا

كنا نحبك.يا ابنتي.
كنا نعد على اصابع كفك اليسرى مسيرتنا
وننقصها رحيلا.
نامي قليلا.

الطائرات تطير.والاشجار تهوي.
والمباني تخبز السكان.فاختبئي باغنيتي الاخيرة .اوبطلقتي
الاخيرة.يا ابنتي
وتوسديني كنت فحما ام نخيلا
نامي قليلا

وتفقددي ازهار جسمك.
هل اصيبت؟
واتكي كفي وكاسي شاينا.ودعي الغسيلا
نامي قليلا

لو استطعت اعدت ترتيب الطبيعة:
هاهنا صفصافة..وهنا قلبي
ههنا قمرالتردد
ههنا عصفرورة للانتباه
هناك نافدة تعلمك الهديلا
شارع يرجوك ان تبقي قليلا نامي قليلا

كنا نحبك.يا ابنتي.
والان نعبد صمتك العالي
ونرفع كنائس من بتولا.
هل كنت غاضبة علينا.دون ان ندري..وندري
اه منا..اه لو خمشنا صرة الافق
قد يخمش الغرقى يدا تمتد
كي تحمي من الغرق

د . حقي إسماعيل 06-12-2007 03:37 AM

رد: من أجمل أبيات الشعر
 
لبيك بغداد أنت الحلم والأمل **** وأنت رغم العوادي الشعر والغزل
حين أتاني رسول منك يبلغني *** أن اللقاء قرب فاضت المقــــــــــل

ملك فايز عفونة 06-12-2007 09:26 PM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
http://cools4u.com/songz/


… و صاعدا نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك …
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
و يختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ !
و للفراشات اجتهادي
و الصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
و لا مسّادة وقتي
و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
و من هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
قوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون
و صامدون
و صامدون

د . حقي إسماعيل 22-12-2007 03:03 AM

رد: من أجمل أبيات الشعر
 
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته **** يوما على آلة حدباء محمول

إبراهيم العبّادي 22-12-2007 01:14 PM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
ولقد مررتُ على ديارهمُ
وطلولها بِـيـَـد البـِلى نهْبُ

فوقفتُ حتى ضجّ من لـَـغـَـبٍ
نِضْـوي ولجّ بعذليَ الركْبُ

وتلفـّـتـَـتْ عيني فمُـذْ خـَـفـِـيـَـتْ
عنـّـي الطّـلول تلفـّـتَ القلبُ

الشريف الرضي

د . حقي إسماعيل 24-12-2007 01:25 AM

رد: من أجمل أبيات الشعر
 
هــــم نــــقضوا عهــــد الكتاب وفرضه * ومحكــــمــــه بالــــزور والشبهـــات

ولــــم تــــك إلا محــــنة قــــد كــشفتهم * بدعــــوى ظــــلال مــــن هن وهنات

تــــراث بلا قــــربى ومــــلك بـــلا هدى * وحــــكم بــــلا شــــورى بغـير هدات

إبراهيم العبّادي 24-12-2007 09:57 AM

مشاركة: من أجمل أبيات الشعر
 
رب ضاقت ملاعبي
في الدروب المقيدة
أنا عمر مشتتٌ
وأمانٍ مشردَة
ونشيدٌ خنقت في
كبريائي تنهدَه
رب ما زلت ضارباً
من زماني تمردَه
صغر اليأس لن يرى
بين عينيّ مقصدَه
بسماتي سخيةٌ
وجراحي مضمدَة

عمر أبوريشة

د . حقي إسماعيل 24-12-2007 01:38 PM

رد: من أجمل أبيات الشعر
 
المومس العمياء



الليل يطبق مرة أخرى، فتشربه المدينه

والعابرون، إلى القرارة... مثل أغنية حزينه.

وتفتحت كأزاهر الدفلي، مصابيح الطريق،

كعيون "ميدوزا"، تحجر كل قلب الضغينه،

وكأنها نذر تبشر أهل "بابل" بالحريق

من أي غاب جاء هذا الليل؟ من أي الكهوف

من أي وجر للذئاب؟

من أي عش في المقابر دف أسفع كالغراب؟

"قابيل" أخف دم الجريمة بالأزاهر والشفوف

وبما تشاء من العطور أو ابتسامات النساء

ومن المتاجر والمقاهي وهي تنبض بالضياء

عمياء كالخفاش في وضح النهار، هي المدينة،

والليل زاد لها عماها.

والعابرون:

الأضلع المتقوسات على المخاوف والظنون،

والأعين التعبى تفتش عن خيال في سواها

وتعد آنية تلألأ في حوانيت الخمور:

موتى تخاف من النشور

قالوا سنهرب، ثم لاذوا بالقبور من القبور!

أحفاد "أوديب" الضرير ووارثوه المبصورن.

(جوكست) أرملة كأمس، وباب "طيبة" ما يزال

يلقي "أبو الهول" الرهيب عليه، من رعب ظلال

والموت يلهث في سؤال

باق كما كان السؤال، ومات معناه القديم

من طول ما اهترأ الجواب على الشفاه.

وما الجواب؟

"أنا" قال بعض العابرين...

وانسلت الأضواء من باب تثاءب كالجحيم

يبحثن في النيران عن قطرات ماء... عن رشاش.

لا تنقلن خطاك فالمبغى "علائي" الأديم:

أبناؤك الصرعى تراب تحت نعلك مستباح،

يتضاحكون ويعولون.

أو يهمسون بما جناه أب يبرؤه الصباح

مما جناه، ويتبعون صدى خطاك إلى السكون

الحارس المكدود يعبر متعبات،

النون في أحداقهن يرف كالطير السجين،

وعلى الشفاه أو الجبين

تترنح البسمات والأصباغ ثكلى، باكيات،

متعثرات بالعيون وبالخطى والقهقهات،

أوصال جندي قتيل كللوها بالزهور،

وكأنها درج إلى الشهوات، تزحمه الثغور

حتى تهدم أو يكاد. سوى بقايا من صخور.

جيف تستر بالطلاء، يكاد ينكر من رآها

أن الطفولة فجرتها ذات يوم بالضياء

كالجدول الثرثار - أو أن الصباح رأى خطاها

في غير هذا الغار تضحك للنسائم والسماء،

ويكاد ينكر أن شقا لاح من خلل الطلاء

قد كان - حتى قبل أعوام من الدم والخطيئة -

ثغرا يكركر، أو يثرثر بالأقاصيص البريئه

لأب يعود بما استطاع من الهدايا في المساء:

لأب يقبل وجه طفلته الندي أو الجبين

أو ساعدين كفرختين من الحمائم في النقاء.

ما كان يعلم أن ألف فم كبئر دون ماء

ستمص من ذاك المحيا كل ماء للحياء

حتى يجف على العظام - وأن عارا كالوباء

يصم الجباه فليس تغسل منه إلا بالدماء

سيحل من ذاك الجبين به ويلحق بالبنين -

والساعدين الأبيضين، كما تنور في السهول

تفاحة عذراء، سوف يطوقان مع السنين

كالحيتين، خصور آلاف الرجال المتعبين

الخارجين خروج آدم، من نعيم في الحقول

تفاحة الدم والرغيف وجرعتان من الكحول

والحية الرقطاء ظل من سياط الظالمين

أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح

دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح

ودواء ما تلقاه من سأم وذل واكتداح

المال، شيطان المدينه

إبر تسل بها خيوط من وشائع في الحنايا

وتظل تنسج، بينهن وبين حشد العابرين،

شيئا كبيت العنكبوت يخضه الحقد الدفين:

حقد سيعصف بالرجال

والأخرىات، النائمات هناك في كنف الرجال

والساهرات على المهود وفي بيوت الأقربين

حول الصلاء بلا اطراح للثياب ولا اغتسال

في الزمهرير، ودون عد لليالى والسنين!

ويمر عملاق يبيع الطير، معطفه الطويل

حيران تصطفق الرياح بجانبيه، وقبضتاه

تتراوحان: فللرداء يد وللعبء الثقيل

يد، وأعناق الطيور مرنحات من خطاه

تدمي كأثداء العجائز يوم قطعها الغزاه

خطواته العجلي، وصرخته الطويلة "يا طيور

هذي الطيور، فمن يقول تعال..."

أفزعها صداه

عمياء تطفئ مقلتاها شهوة الدم في الرجال.

وتحسسته كأن باصرة تهم ولا تدور

في الراحتين وفي الأنامل وهي تعثر بالطيور،

وتوسلته: "فدى لعينك - خلني. بيدي أراها".

ويكاد يهتك ما يغلف ناظريها من عماها

قلب تحرق في المحاجر واشرأب يريد نور!

وتمس أجنحة مرقطة فتنشرها يداها،

وتظل تذكر - وهي تمسحهن - أجنحة سواها

كانت تراها وهي تخفق... ملء عينيها تراها:

سرب من البط المهاجر، يستحث إلى الجنوب

أعناقه الجذلى... تكاد تزيد من صمت الغروب

صيحاته المتقطعات، وتضمحل على السهوب

بين الضباب، ويهمس البريد بالرجع الكئيب

ويرج وشوشة السكون

طلق... فيصمت كل شيء... ثم يلغط في جنون.

هي بطة فلم انتفضت؟ وما عساها أن تكون؟

ولعل صائدها أبوك، فإن يكن فستشبعون.

وتخف راكضة حيال النهر كي تلقى أباها:

هو خلف ذاك التل يحصد. سوف يغضب إن رآها.

مر النهار ولم تعنه... وليس من عون سواها

وتظل ترقى التل وهي تكاد تكفر من أساها.

...........

يا ذكريات علام جئت على العمى وعلى السهاد؟

لا تمهليها فالعذاب بأن تمري في اتئاد.

قصي عليها كيف مات وقد تضرج بالدماء

هو والسنابل والمساء -

وعيون فلاحين ترتجف المذلة في كواها

والغمغمات: "رآه يسرق"... "واختلاجات الشفاه

يخزين ميتها، فتصرخ يا إلهي، يا إلهي

لو أن غير "الشيخ"، وانكفأت تشد على القتيل

شفتين تنتقمان منه أسى وحبا والتياعا

وكأن وسوسة السنابل والجداول والنخيل

أصداء موتى يهمسون رآه يسرق في الحقول

حيث البيادر تفصد الموتى فتزداد اتساعا

.......

وتحس بالدم وهو ينزف من مكان في عماها

كالماء من خشب السفينة، والصديد من القبور،

وبأدمع من مقلتيها كالنمال على الصخور

أو مثل حبات الرمال مبعثرات في عماها

يهوين منه إلى قرارة قلبها آها فآها.

ومن الملوم وتلك أقدار كتبن على الجبين؟

حتم عليها أن تعيش بعرضها، وعلى سواها

من هؤلاء البائسات وشاء رب العالمين

ألا يكون سوى أبيها - بين آلاف - أباها

وقضى عليه بأن يجوع

والقمح ينضج في الحقول من الصباح إلى المساء

وبأن يلص فيقتلوه... (وتشرأب إلى السماء

كالمستغيثة وهي تبكي في الظلام بلا دموع)

والله - عز الله - شاء

أن تقذف المدن البعيدة والبحار إلى العراق

آلاف آلاف الجنود ليستبيحوا، في زقاق

دون الأزقة أجمعين

(ذاك اسم جارتها الجديد، فليتها كانت تراها

هل تستحق اسما كهذا: ياسمين وياسمين؟)

يا ليت حمالا تزوجها يعود مع المساء

بالخبز في يده اليسار وبالمحبة في اليمين.

لكن بائسة سواها حدثتها منذ حين

عن بيتها وعن ابنتيها، وهي تشهق بالبكاء

كالغيمة السوداء تنذر بالمجاعة والرزايا،

أزراره المتألقات على مغالق كل باب

مقل الذئاب الجائعات ترود غابا بعد غاب

وخطاه مطرقة تسمر، في الظلام، على البغايا

أبوابهن، إلى الصباح - فلا تجاهر بالخطايا

ويظل يخفرهن من شبع وينثر في الرياح

أغنية تصف السنابل والأزاهر والصبايا،

وتظل تنتظر الصباح وساعديه مع الصباح

تصغى - وتحتضن ابنتيها في الظلام - إلى النباح

وإلى الريح تئن كالموتى وتعول كالسبايا

وتجمع الأشباح من حفر الخرائب والكهوف

ومن المقابر والصحاري بالمئات وبالألوف..

فتقف من فزع وتحجب مقلتيها بالغطاء،

ويعود والغبش الحزين يرش بالطل المضاء

سعف النخيل... يعود من سهر يئن ومن عياء

- كالغيمة اعتصرت قواها في القفار، وترتجيها

عبر التلال قوي تجوع - لكي ينام إلى المساء:

عيش أشق من المنية، وانتصار كالفناء

وطوى يعب من الدماء وسم أفعى في الدماء

وعيون زان يشتهيها، كالجحيم يشع فيها

سخر وشوق واحتقار، لاحقتها كالوباء

والمال يهمس أشتريك وأشتريك فيشتريها

........

........

يا ليتها إذن انتهى أجل بها فطوى أساها!

لو أستطيع قتلت نفسي.. همسة خنقت صداها

أخرى توسوس: والجحيم؟ أتبصرين على لظاها؟

وإذا اكفهر وضاق لحدك، ثم ضاق، إلى القرار

حتى تفجر من أصابعك الحليب رشاش نار

وتساءل المكان فيم قتلت نفسك يا أثيمه؟

وتخطفاك إلى السعير تكفرين عن الجريمه.

أفتصرخين أبي فينفض راحتيه من الغبار

ويخف نحوك وهو يهتف قد أتيتك يا سليمه؟

حتى اسمها فقدته واستترت بآخر مستعار

هي - منذ أن عميت - "صباح"...

فأي سخرية مريره!

أين الصباح من الظلام تعيش فيه بلا نهار

وبلا كواكب أو شموع أو كوى وبدون نار؟

أو بعد ذلك ترهبين لقاء ربك أو سعيره؟

القبر أهون من دجاك دجى وأرفق، يا ضريره

يا مستباحة كالفريسة في عراء يا أسيره

تتلفتين إلى الدروب ولا سبيل إلى الفرار؟

...........

وتحس بالأسف الكظيم لنفسها: لم تستباح؟

ألهر نام على الأريكة قربها... لم تستباح؟

شبعان أغفى، وهي جائعة تلم من الرياح

أصداء قهقهة السكارى في الأزقة، والنباح

وتعد وقع خطى هنا وهناك: ها هو

هو ذا يجيء - وتشرأب، وكاد يلمس ... ثم راح

وتدق في أحد المنازل ساعة... لم تستباح؟

الوقت آذن بانتهاء والزبائن يرحلون.

كالدرب تذرعه القوافل والكلاب إلى الصباح؟

الجوع ينخر في حشاها، والسكارى يرحلون،

مروا عليها في المساء وفي العشية ينسجون

حلما لها هي والمنون:

عصبات مهجتها سداه وكل عوق في العيون،

والآن عادوا ينقضون -

خيطا فخيطا من قرارة قلبها ومن الجراح -

ما ليس بالحلم الذي نسجوا ما لا يدركون ...

شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفون،

هو منه أكثر: كالحفيف من الخمائل والرياح،

والشعر من وزن وقافية ومعنى، والصباح -

من شمسه الوضاء... وانصرفوا يضحكون!

ستعيش للثأر الرهيب

والداء في دمها وفي فمها. ستنفث من رداها

في كل عرق من عروق رجالها شبحا من الدم واللــ

شبحا تخطف مقلتيها أمس، من رجل أتاها

سترده هي للرجال، بأنهم قتلوا أباها

وتلقفوها يعبثون بها وما رحموا صباها،

لم يبتغوها للزواج لأنها امرأة فقيره،

واستدرجوها بالوعود لأنها كانت غريره،

وتهامس المتقولون فثار أبناء العشيره

متعطشين - على المفارق والدروب - إلى دماها.

وكأن موجة حقدها ورؤى أساها.

كانت تقرب من بصيرة لبها صورا علاها

صدأ المدينة وهي ترقد في القرارة من عماها:

كل الرجال؟ وأهل قريتها؟ أليسوا طيبين؟

كانوا جياعا - مثلها هي أو أبيها - بائسين،

هم مثلها - وهم الرجال - ومثل آلاف البغايا

بالخبز والأطمار يؤتجرون، والجسد المهين

هو كل ما يتملكون، هم الخطاة بلا خطايا

ليس الذين تغصبوها من سلالة هؤلاء:

كانوا مقطبة الجباه من الصخور

ثمتص من فزع الضحايا زهوها ومن الدماء

متطلعين إلى البرايا كالصواعق من علاء!

وتحس، في دمها، كآبة كل أمطار الشتاء

من خفق أقدام السكارى، كالأسير وراء سور

يصغي إلى قرع الطبول يموت في الشفق المضاء.

هي والبغايا خلف سور، والسكارى خلف سور،

دميت أصابعهن: تحفر والحجارة لا تلين،

والسور يمضغهن ثم يقيئهن ركام طين:

وطلول مقبرة تضم رفات "هابيل" الجنين!

سور كهذان حدثوها عنه في قصص الطفوله:

"يأجوج" يغرز فيه، من حنق أظافره الطويله

ويعض جندله الأصم، وكف "مأجوج" الثقيله

تهوي، كأعنف ما تكون على جلامده الضخام.

والسور باق لا يثل... وسوف يبقي ألف عام،

... الطفل شاب وسورها هي ما يزال كما رآه

من قبل يأجوج البرايا توأم هو للسعير!

لص الحجارة من منازل في السهول وفي الجبال

يتواثب الأطفال في غرفاتها ويكركرون...

والأمهات يلدن والآباء للغد يبسمون،

لم يبق من حجر عليها فهي ريح أو خيال.

وأدار من خطم البلاد رحى، وساط من البطون

ما ترتعيه رحاه من لحم الأجنة والعظام،

وكشاطئين من النجوم على خليج من ظلام

يتحرقان ولا لقاء ويخمدان سوى ركام -

شق الرجال عن النساء سلالتين من الأنام

تتلاقيان مع الظلام وتفصلان مع الشروق:

لو يقطعون الليل بحثا والنهار - على سواها

في حسنها هي؟ في غضارة ناهديها أو صباها

وبسعرها هي ؟ أي شيء غير هذا يبتغون؟

عمياء أنت وحظك المنكود أعمى يا سليمه.

.... وتلوب أغنية قديمه

في نفسها وصدى يوشوش: يا سليمه، سليمه

نامت عيون الناس. آه... فمن لقلبي كي ينيمه؟

ويل الرجال الأغبياء، وويلها هي، من عماها!

لم أصبحوا يتجنبون لقاءها؟

عيونها، فيخلفوها وحدها إذ يعلمون

بأنها عمياء؟ فيم يكابرون ومقلتاها

أدري وتعرف أي شيء في البغايا يشتهون

بنظرة قمراء تغصبها من الروح الكسيره

لترش أفئدة الرجال بها، وكانوا يلهثون

في وجهها المأجور، أبخرة الخمور، ويصرخون

كالرعد في ليل الشتاء

ولعل غيره "ياسمين" وحقدها سبب البلاء

فهي التي تضع الطلاء لها وتمسح بالذرور

وجها تطفأت النواظر فيه....

كيف هو الطلاء؟

وكيف أبدو؟

- وردة ... قمر... ضياء!

زور.. وكل الخلق زور،

والكون مين وافتراء

لو تبصر المرآة - لمحة مقلتيها - لو تراها

- لمح النيازك - ثم تغرق من جديد في عماها!

برق ويطفأ... ثم تحكم فرقها بيد، وفاها

بيد، وترسم بالطلاء على الشفاه لها شفاها

شفتاك عارية وخدك ليس خدك يا سليمه،

ماذا تخلف منك فيك سوى الجراحات القديمه؟

وتضم زهرة قلبها العطشى على ذكرى أليمه:

تلك المعابثة اللعوب... كأنها امرأة سواها!

كالجدولين تخوض ماءهما الكواكب - مقلتاها،

والشعر يلهث بالرغائب والطراوة والعبير

وبمثل أضواء الطريق نعسن في ليل مطير،

تقتات بالعسل النقي وترتدي كسل الحرير.

ليت النجوم تخر كالفحم المطفأ والسماء

ركام قار أو رماد، والعواصف والسيول

تدك راسية الجبال ولا تخلف في المدينة من بناء!

أن يعجز الإنسان عن أن يستجير من الشقاء

حتى بوهم أو برؤيا، أن عيش بلا رجاء...

أو ليس ذاك هو الجحيم؟ أليس عدلا أن يزول؟

شبع الذباب من القمامة في المدينة، والخيول

سرحن من عرباتهن إلى الحظائر والحقول،

والناس ناموا -

هذا الذي عرضته كالسلع القديمة: كالحذاء،

أو كالجرار الباليات، كأسطوانات الغناء...

هذا الذي يأبي عليها مشتر أن يشتريه

قد كان عرضا - يوم كان - ككل أعراض النساء!

كان الفضاء يضيق عن سعة، وترتخص الدماء

إن رنق النظر الأثيم عليه. كان هو الإباء

والعزة القعساء والشرف الرفيع. فشاهديه

يا أعين الظلماء، وامتلئي بغيظك وارجميه

بشواظ عارك واحتقارك يا عيون الأغبياء!

للموت جوعا، بعد موتي - ميتة الأحياء - عارا.

لا تقلقوا.. فعماي ليس مهابة لي أو وقارا.

مازلت أعرف كيف أرعش ضحكتي خلل الرداء

كالقمح لونك يا ابنة العرب،

كالفجر بين عرائش العنب

أو كالفرات، على ملامحه

دعة الثرى وضراوة الذهب.

عربية أنا: أمتى دمها

خير الدماء... كما يقول أبي.

تجري دماء الفاتحين. فلوثوها، يا رجال

أواه من جنس الرجال... فأمس عاث بها الجنود

الزاحفون من البحار كما يفور قطيع دود

يا ليت للموتى عيونا من هباء في الهواء

ترى شقائي

إلا العفاة المفلسين.

أنا زهرة المستنقعات، أعب من وحل وطين

وأشع لون ضحى...

وذكرا بجعجعة السنين

سعالها. ذهب الشباب!!

ذهب الشباب!! فشيعيه مع السنين الأربعين

ومع الرجال العابرين حيال بابك هازئين.

وأتي المشيب يلف روحك بالكآبة والضباب،

فاستقبليه على الرصيف بلا طعام أو ثياب،

يا ليتك المصباح يخفق ضوءه القلق الحزين

في ليل مخدعك الطويل، وليت أنك تحرقين

دما يجف فتشترين

سواه: كالمصباح والزيت الذي تستأجرين.

عشرون عاما قد مضين، وشبت أنت، وما يزال

يذرذر الأضواء في مقل الرجال.

لو كنت تدخرين أجر سناه ذاك على السنين

أثريت..

ها هو ذا يضيء فأي شيء تملكين؟

ويح العراق! أكان عدلا فيه أنك تدفعين

سهاد مقتلك الضريره

ثمنا لملء يديك زيتا من منابعه الغزيره؟

كي يثمر المصباح بالنور الذي لا تبصرين؟

عشرون عاما قد مضين، وأنت غرثى تأكلين

بنيك من سغب، وظمأى تشربين

حليب ثديك وهو ينزف من خياشيم الجنين!

وكزارع له البذور

وراح يقتلع الجذور

من جوعه، وأتى الربيع فما تفتحت الزهور

ولا تنفست السنابل فيه...

ليس سوى الصخور

سوى الرمال، سوى الفلاه -

خنت الحياة بغير علمك، في اكتداحك للحياه!

كم رد موتك عنك موت بنيك. إنك تقطعين

حبل الحياة لتنقضيه وتضفري حبلا سواه،

حبلا به تتعلقين على الحياة: تضاجعين

ولا ثمار سوى الدموع، وتأكلين،

وتسهرين ولا عيون، وتصرخين ولا شفاه،

وغدا. وأمس ... وألف أمس - كأنما مسح الزمان

حدود ما لك فيه من ماض وآت

ثم دار، فلا حدود

ما بين ليلك والنهار، وليس، ثم، سوى الوجود....

سوى الظلام، ووطء أجساد الزبائن، والنقود،

ولا زمان، سوى الأريكة والسرير، ولا مكان!

لم تسحبين ليالى السأم المسهدة الرتيبه؟

ما العمر؟ ما الأيام؟ عندك، ما الشهور؟ وما

السنين؟

ماتت "رجاء" فلا رجاء ثكلت زهرتك الحبيبه!

بالأمس كنت إذا حسبت فعمرها هي تحسبين.

كانت عزاءك في المصيبه،

وربيع قفرتك الجديبه.

كانت نقاءك في الفجور، ونسمة لك في الهجير،

وخلاصك الموعود، والغبش الكبير!

ما كان حكمه أن تجيء إلى الوجود وأن تموت؟

ألتشرب اللبن المرنق بالخطيئة واللعاب:

أو شال ما تركته في ثدييك أشداق الذئاب؟

.............

مات الضجيج وأنت، بعد، على انتظارك

تتنصتين، فتسمعين

رنين أقفال الحديد يموت، في سأم، صداه:

الباب أوصد

ذاك ليل مر...

فانتظري سواه.


الساعة الآن 03:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط