الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 18-05-2011, 09:55 PM   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

أخذت السماعة وتكلمت ، ذكرني بنفسه ، تذكرته جيدا . أحد الأطباء اللذين كانوا معي في السجن الصحراوي ، وهو من أوائل الذين اتخذوا موقفاً جيدا مني ، كان من الأصدقاء المقربين لنسيم .
فوجئت ، سألته من أين يتكلم ، أعلمني أنه ونسيم قد خرجا من السجن ، وأن نسيم أعطاه رقم الهاتف هذا طالبا منه الاتصال بي ، قال :
- نسيم يحييك .. يرجو منك الحضور إلى هنا .
أجبت أنني سأكون عندهم غدا ، أعلمني بلباقة أنه لا يجب أن أذهب لعند نسيم في البيت ، رتبنا موعدا في عصر اليوم الثاني في مقهى بحري قريب من بيت أهل نسيم .
المقهى شبه فارغ ، اخترنا طاولة على الحافة تتكسر تحتها الأمواج الصغيرة ، جلسنا نسترق النظر إلى بعضنا ، شعرهما لا زال قصيرا ، مضى أكثر من نصف ساعة على لقائنا ولم تلتق نظراتي بنظرات نسيم !..لماذا لا ينظر إليّ مباشرة ؟ عندما التقينا حضنا بعضنا بعنف ، نحن الثلاثة حضّنا بعضنا وبدأنا نبكي ، بكينا أكثر من خمس دقائق " لا أعرف سبب البكاء ،الفرح باللقاء .. أم أن كلاً منا يبكي على نفسه ؟ " .
بعدها بدأت البسمات المتبادلة ، نسيم لم يبتسم أبدا ، زائغ النظرات ، لا يتكلم .
شربنا أنا ونسيم البيرة ، شرب هشام عصيرا ، هشام هو الذي يتكلم ، شرح لنا مخططاته للمستقبل ، هدفه واحد وبسيط ، قال :
- أخرجوني من هذا البلد .. وأنا على استعداد للعمل "زبالاً" في أي مكان آخر على ظهر الكرة الأرضية.
" هشام طبيب جراح تجميل ، ويعتبر متميزا في اختصاصه !".
نسيم صامت يحدق بنظره إلى نقطة في عمق البحر .
سألت هشام كيف تم خروجهما من السجن .
فجأة ودون سابق انذار ، فتح عناصر الشرطة الباب ليلا وأخذوا يقرؤون الأسماء , خرج جميع من تليت أسماؤهم , عندما تفحصوا بعضهم تبين أنه يمكن تصنيفهم في ثلاث فئات : المشلولون , المصابون بأمراض عضال ويتوقع موتهم قريباً , الرهائن ..
فيما بعد انضم إليهم قسم من نزلاء مهجع البراءة , الذين غدوا شباباً في العشرينات من عمرهم بعد أن قضوا أكثر من عشر سنوات في السجن . نقلوا الجميع بالحافلات إلى العاصمة .
قبل ذلك كانت السلطة قد سربت أخباراً شتى عن نية الرئيس باصدار عفو عام عن السجناء , لم يصدق أحد سواءً داخل السجون أو في خارجها هذه الإشاعات , لكنهم تعلقوا بالأمل .
بضعة أيام في العاصمة , أي في سجون العاصمة , حاولوا تحسين مظهر السجناء قليلاً , اشتروا لهم ألبسة جديدة , أعطوا كل سجين مبلغ مئتي ليرة كمصروف جيب وثمن بطاقة السفر لكل واحد إلى بلدته أو مدينته .
في اليوم المقرر لخروجهم من السجن وضعوهم في حافلات أخذتهم إلى أكبر و أهم ساحة في المدينة , أوكلوا الأمر إلى أحد كبار ضباط الأمن الذي فهم الأمر حرفياً :







 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 09:59 PM   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

- تأخذهم إلى الساحة , تضع الباصات حول الساحة , تنزل الجميع إلى الساحة , المطلوب مظاهرة تأييد للسيد الرئيس .
عند التنفيذ أشار عليه البعض أن هناك عشرات المشلولين وهولاء لا يستطيعون السير في مظاهرة !.
لكن الضابط أصر , لقد قال له رؤساؤه كلمة : الجميع .
في الوقت المحدد لانطلاقة مسيرة تأييد السيد رئيس الجمهورية , كان لا يزال ما يقارب الأربعمئة سجين يحاولون إنزال ما يقارب المئتي مشلول !.. أنزلوهم , أجلسوهم في صفوف نظامية على الاسفلت الدائري العريض , وقف أمامهم المصابون بالأمراض العضال , مرضى السرطان , مرضى القلب و الشرايين , مرضى السل ..... وكذلك الشيوخ وكبار السن , في مقدمة الجميع أفراد مهجع البراءة , وهم الأكثر شباباً و معهم البعض من تنظيم الرهائن , أمام الجميع لافتة ضخمة مكتوبة باللون الأحمر الدموي وبخط جميل , معنونة :

" مبايعة مكتوبة بالدم "
يبايع فيها المتظاهرون السيد رئيس الجمهورية ويعاهدونه أن يفدوه بدمائهم وأرواحهم , وأنهم كلهم جنود لديه !.
************

الأمواج لا زالت تتكسر تحتنا تماماً , يصل إلينا بعض الرذاذ أحياناً , نسيم ساكت يدخن بشراهة , الدكتور هشام يمسك بدفة الحديث , بدأ يتحدث عن مخططاته للمستقبل :
- أهم شيء هو أن أخرج من هذا البلد اللعين , يومان أو ثلاثة وتكون أموري قد ترتبت .
لديه أخٌ يعمل بحاراً على إحدى السفن التجارية السويدية , هذا الأخ كان موجود صدفة عند خروج هشام من السجن , ابلغه هشام برغبته الحارقة لمغادرة البلد فرتب له عملاً على السفينة التي يعمل بها , العمل هو مساعد طباخ السفينة , مساعد الــ " شيف كوك " .
الدكتور هشام يكاد يطير فرحاً بهذه الوظيفة , هذه الفرصة للهرب .
نسيم ساكت , أنا قلق .
قلق رغم أنني لم أحس بالفرحة المتوقعة لدى رؤيتي نسيم مرة أخرى , أحسست أنه إنسان عادي , لا بل إنسان مريض , واغتنمت فرصة انشغاله بالتحديق الدائم إلى نقطة محددة في البحر لاسأل هشام خفية وبالإشارة فيما إذا كان نسيم يتناول دواءه بانتظام ؟
هشام قلب لي شفته السفلى دون اكتراث , لا يعرف !
أحسست أن مجيئي إلى هنا بلا معنى , ماذا أفعل هنا ؟.. بدأ الملل ينتابني , تخيلت نفسي مستقلياً على سريري في البيت أدخن , مجرد التخيل أراحني , فأنا بالعام لم أعد أحب التفكير , إن مجرد إشغال فكري و ذهني بأي قضية مهما كانت صغيرة تتعبني , أحس عندها أن رأسي قد انتفخ والصداع يطرق الصدغين .






 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 10:02 PM   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

قررت أن أعود إلى بيتي , ولكن كيف لي أن أنسحب , لحد الآن - ورغم أن نسيم قد بكى كما بكيت عندما تعانقنا- لم يتفوه بجملة واحدة مفيدة , فكرت أن أشده للمشاركة بهذا الحديث , قلت :
- شو يا نسيم .. هذا الدكتور هشام يخطط للهرب من هذا البلد , ماذا تخطط أنت للمستقبل ؟.
صمت قليلاً , التفت إليّ , لأول مرة تلتقي عينانا , عيناه حمراوان , بحدة وتشنج واضحين قال :

- بدي أشكل عصابة .. عصابة مجرمين .
ضحك هشام , وبعفوية سأله مازحاً :
- ليش العصابة ؟.. بدك تسرق البنوك ؟.
- لا .. ما بدي أسرق , أنا ما بسرق .... نسيم ما نه حرامي !.. بس في واحد كمركجي سرق مني بيتي واختي .. اغتصب بيت أهلي , وكل يوم يغتصب أختي سميرة !.. وهلق يريد طردي من البيت !.. راح أقتل هذا الكمركجي .. وكل كمركجي بهــ البلد .... راح أقتل كل الكلاب المجرمين .... راح اقتل يللي عم يغتصبوا كل يوم أمي وأمك .... أختي و أختك ... بيتي وبيتك .
جمد هشام وسكت .
التفت نسيم بعدها إلى نقطته التي يحدق فيها .. في عمق البحر , وران صمت عميق على جلستنا .
أرى من خلال سلوك نسيم نذر عاصفة قوية , عاصفة هوجاء تنذر بالإنفجار , ويبدوا أن هشام أيضاً أحس بالخطر , تبادلت وإياه النظرات خفية , علائم الحيرة .. الارتباك علينا نحن الاثنين .
أحسست بتعب شديد , بانتفاخ في الرأس وصداع , حزمت أمري وقررت الانسحاب و السفر , السفر إلى البيت حيث السلام و الهدوء و اللاتفكير .
المقهى البحري الذي نجلس فيه قريب من بيت أهل نسيم , وفيما أنا غارق في أفكاري احاول اغتنام أول فرصة مناسبة لكي أعتذر وأنسحب , هب نسيم واقفاً , التفت إلينا وطلب منا أن ننتظره هنا , وأنه لن يغيب أكثر من خمس دقائق , فوجدتها فرصة مناسبة لأقول إننا كلنا يجب أن نذهب , وأنه يتعين عليّ السفر بعد قليل لارتباطي باشياء هامة في العاصمة .
وقفت ووقف هشام , سكت نسيم قليلاً .. نظر إليّ بعمق مصوباً نظرة من عينيه الحمراوين لم استطع تفسيرها , بعدها طلب منا أن نمشي معه قليلاً صوب البيت لأن هناك شيئاً يجب أن يعطيني إياه , استفسرت منه عن هذا الشيء , قال إنه هدية منه لي .
دقيقة أو أكثر وصلنا أمام البناء المؤلف من ستة طوبق و الذي خرجت منه ذليلاً مطروداً قبل بضعة أشهر .
وقفت مع هشام على الرصيف المقابل للبناء ننتظر عودة نسيم , قلت لهشام إنه يجب أن يتابع وضع نسيم الصحي لأنه – على ما أعتقد – على أبواب نوبة جديدة , وأن عليه أن يتحادث مع أخته وصهره ويضعهم في صورة الوضع الصحي , لوح هشام بيده وقال :
- صهر نسيم واحد كر !.. الحكي معه خسارة , بعدين ... يوم أو يومين راح قول لهذا الوطن العزيز باي .. باي .
لم يتم هشام كلامه , سمعنا صرخة من سطح البناية , رأينا نسيم يلوح بيده وينادي اسمي ... وبأعلى صوته فهمنا منه ما معناه أنه سيقدم موته هدية لي !!! .
وقفز .
على الرصيف .. أمام مدخل البناية , تحول نسيم إلى كتلة من الدماء و اللحم المهروس و العظام المحطمة .
أمام جمع كبير من المارة , وأمام أعيننا .. قفز نسيم من سطح الطابق السادس .. إلى الرصيف أمام البناية .
و ..... مات نسيم .







 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 10:55 PM   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

سحبني هشام من يدي , سرنا .. لم أكن أفكر بشيء !. لم أكن حزيناً ... لا أحس بأية مشاعر .. سلبية كانت أم إيجابية !! .
وضعني هشام في أول بولمان ذاهب إلى العاصمة , أوصاني ألا أخبر أحداً أننا كنا مع نسيم قيل انتحاره , لأن هذا سيعرضنا للتحقيق والسؤال و الجواب .
وصلت البيت في الواحدة بعد منتصف الليل , لم أخلع ثيابي كعادتي حين أدخل , أحضرت لترعرق من المطبخ وجلست في غرفتي أشرب وأدخن .
استيقظت لينا , وقفت بثياب النوم قبالتي تتفرس في وجهي , قالت :
- شو القصة .. عمو ؟ .. وين كنت ؟ وليش هلق عم تشرب عرق ؟ ...
لم تكمل لينا سيل أسئلتها , حضر أنور زوجها , استيقظ هو أيضاً ... قال :
- يا سلام !.. العم يشرب العرق مثل العادة , لكنه اليوم متأخر عن موعده هاتي كاس لــ نشاركه .
شرب معي كأساً من العرق , شربت لينا كأساً صغيراً , استأذن أنور وذهب لينام , بقيت لينا جالسة قبالتي تنظر إليّ بقلق , صببت الكأس الثالثة عندما لاحظت أن لينا تهم بالكلام , رفعت يدي .. أسكتها وطلبت منها أن تذهب للنوم , رفضت و أفهمتني أنها لن تذهب قبل أن تعرف ماذا أريد , .. لماذا أدفن نفسي في الحياة هكذا ؟.. لماذا أشرب هذه الكميات الهائلة من العرق و التبغ يومياً وكأنني أسعى للإنتحار ؟ ... لماذا .... ولماذا ؟.
أفرغت الكأس الثالثة دفعة واحدة , بدأ العرق يطفو في رأسي , نظرت إلى لينا وتساءلت : ماذا تريد هذه الصبية الجميلة التي تدعوني بــ " عمو الحبيب " ؟ . أعرف أنها تحترمني وتحبني كثيراً .. رغم هذا لم يكن لدي أية رغبة بالكلام !.. سكت طويلاً بينما هي تنتظر كلامي ... لا أدري كيف بدات الكلام , ولا ماذا قلت , لقد تكلمت كثيراً ... اسمعي يا لينا , كنت أتمنى لو كانت أمي على قيد الحياة لكنت أرحت نفسي في حضنها ووضعت رأسي على صدرها وبكيت ... بكيت فقط , البكاء لدي حاجة ... وحاجة قوية .
اليوم يا لينا انتحر صديقي وتوأم روحي !!..أنتحر أمامي و اهداني موته "هل يمكن أن يكون الموت هدية ؟ " .
لم أبكِ ... لم أحزن .
يا لينا : أنا أؤمن بقول يقول إن الإنسان لا يموت دفعة واحدة , كلما مات له قريب أو صديق أو واحد من معارفه ... فإن الجزء الذي كان يحتله هذا الصديق أو القريب ... يموت في نفس هذا الإنسان !.. ومع الايام وتتابع سلسلة الموت ... تكثر الأجزاء التي تموت داخلنا ... تكبر المساحة التي يحتلها الموت ...







 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 10:58 PM   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

و أنا يا لينا ... أحمل مقبرة كبيرة داخلي , تفتح هذه القبور أبوابها ليلاً ... ينظر إليّ نزلاؤها .. يحادثونني ويعاتبونني .
أشرب العرق يومياً يا لينا ... لكي أنام !.
أمسكت لينا يدي وطفقت تبكي , آخر ما سمعته منها هو رجاؤها أن تحل محل أمي , وأن أضع رأسي على صدرها وأبكي !..
وقفت على قدمي و أنا أكاد أفقد التوازن , أمسكت يدها وسحبتها إلى غرفتها , دفعتها إلى الداخل وأغلقت الباب .
عدت إلى غرفتي واقفلت الباب بالمفتاح .. لا أذكر متى نمت ! .
3 تموز
ها قد مضى عام كامل على لحظة خروجي من السجن !.
ينام الإنسان فلا يعود يشعر بشيء مما يدور حوله , تدخل حواسه جميعاً في حالة سبات .
يستيقظ الإنسان فتسيقظ حواسه جميعاً ويصبح مدركاً لما حوله .
لكن بين النوم و اليقظة هناك لحظة , ثانية أو أقل أو أكثر , هذه اللحظة لا هي نوم ولا هي يقظة , لحظة التحول بين الحالتين أو الإنتقال من حالة إلى أخرى .
هذه اللحظة التي تمثل نصف وعي .. أو نصف احساس .. نصف إدراك .
ضمن هذه اللحظة , ضمن المسافة الزمنية التي تستغرقها " لحظة " .. لازلت أرى نفسي " نصف رؤية " , أحس " نصف احساس " .. أنني في السجن الصحراوي !!.
مضى عام كامل ولازلت أرى نفسي عند استيقاظي في السجن الصحراوي .
هل يمكن القول أنني خرجت من السجن قولاً وفعلاً ؟.
لا أعتقد ذلك !.
يومياً .. أمارس نفس الأفعال الآلية و الضرورية لاستمرار الحياة , أكل وأشرب وأنام .. و..
هل سأحمل سجني معي إلى القبر ؟.
في السجن الصحراوي .. شكل خوفي المزدوج قوقعتي التي لبدت فيها محتمياً الخطر !... هنا – ويسميه السجناء عالم الحرية – خوفٌ من نوع أخر , وقرف .. ضجر , اشمئزاز , كلها شكلت قوقعة اضافية أكثر سماكة ومتانة وقتامة !! ... لان الأمل بشيء أفضل كان موجوداً في القوقعة الأولى !.
في القوقعة الثانية لا شيء غير .... اللاشيء !.
يشرب الإنسان الخمر , الكأس الأولى قد لا تفعل شيئاً , يستمر بالشرب إلى أن يصل إلى حالة السكر , وهي الحالة التي ينفصم فيها عقل الإنسان .. للسكران عقلان ,عقل سكران : ليكن اسمه اللاعقل , لكنه ليس نفياً للعقل , ليس عدماً , هو نقيض العقل , اللاعقل شيء مادي موجود !... كوجود العقل ذاته .
اللاعقل هو الذي يتحكم بأفعال السكران وحركته ويدفعه لارتكاب الأخطاء .







 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 11:00 PM   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

و العقل الثاني للسكران هو عقل صاح , واعٍ , لكن ليست لديه سلطة في تلك اللحظة على هذا الشخص , هو يرى ويراقب ويسجل ... دون أن يستطيع التدخل .
منذ عام وأنا أعيش الحالة هذه !.. أعرف ان انزوائي وانكفائي ... عزوفي وكرهي للتعامل مع الناس حالة غير صحية , لكن ... لا الرغبة و لا الإرادة موجودتان للتغيير ... بل على العكس , أحس رعباً قاصماً للظهر عندما يومض في ذهني خاطر أن أعود للعيش كبقية الناس !... " يا إلهي كم العيش مثلهم , متعب وسخيف ! " .

************

بعد وفاة نسيم بأكثر من شهر اتصل بي صهره " الكمركجي " هاتفياً , اعتذر ... أخبرني بحادث انتحار نسيم "إنهم لا يعلمون أنني كنت حاضراً " ودعاني إلى حضور الأربعين , لا أعلم الحيثيات التي دفعتهم لدعوتي , ذهبت في الموعد المحدد , ذهبنا جميعاً إلى المقبرة , رأيت بعض الوجوه التي أعرفها من السجن , عدت في النهاية إلى أحد الفنادق المطلة على البحر مقرراً قضاء الليلة فيه .
مساءً ذهبت إلى أحد المطاعم , تناولت العشاء وشربت , شربت كثيراً , بالكاد استطعت الوصول إلى غرفتي بحدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .
استلقيت على السرير بكامل ثيابي , احدق خلال الظلام إلى نقطة ضوء آتية من الخارج ومطبوعة على سقف الغرفة , و ... حضر نسيم !!...
انتصب قبالتي عند طرف السرير , لم يتكلم , لم يتحرك ... فقط ينظر إليّ نفس النظرة التي رأيتها في أعماق عينيه قبيل انتحاره بدقائق , عندها فهمت النظرة , عتاب قاتل ... وعبارة :
لم تركتني .... لم تركتني !.
وكأني كنت اسمع المسيح لحظة موته يصرخ ... بعتب ... احتجاج .... حيرة .... وبالكثير من الحب :
إيلي .. إيلي ... لم شبقتني ؟.
انفجر الحزن داخلي كبركان حبيس , اعتدلت , ذهب نسيم وهو لا يزال ينظر نفس النظرة .
سيطرت عليّ فكرة واحدة إلى حد الهوس، أن أحمل باقة ورد وأذهب إلى المقبرة، أحتضن حجارة نسيم و أبكي ... أبكي حتى الثمالة .
الورد لنسيم ... و البكاء لي .
خرجت إلى الشارع أبحث عن محل للورود في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ؟... لا أحد في جميع الشوارع التي لبتها بحثاً عن الورود!.

ها قد مضى عام كامل على لحظة خروجي من السجن .

كانت لحظة بحثي عن الورود الفورة العاطفية الوحيدة التي أشعرتني أنني كبقية البشر !... لكنها همدت عندما ظللت أبحث عن الورد حتى الصباح






 
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 11:02 PM   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

ورأيت أنه من الأنانية بمكان أن أذهب دون ورود... لأبكي فقط. من الأنانية أن ألبي حاجتي دون حاجة نسيم. نسيم يريدني أنا فقط... وأمامي فقط... يريد أن يرد اعتباره. وأنا أريد أن أبكي لأفرغ بعض السواد الممتلئ في القلب.

وعاد السواد ليطمس كل شيء.

************
قضيت هناك داخل قوقعتي في السجن الصحراوي آلاف الليالي استحضر وأستحلب المئات من أحلام اليقظة، كنت أمني النفس أنه إذا قيض لي أن أخرج من جهنم هذه، سوف أعيش حياتي طولاً وعرضاً وسأحقق كل هذه الأحلام التي راودتني هناك.
الآن... ها قد مضى عام كامل... لا رغبة لدي في عمل شيء مطلقاً.
أرى أن كل ما يحيط بي هو فقط: الوضاعة و الخسة .... والغثاثة !!.
وتزداد سماكة وقتامة قوقعتي الثانية التي أجلس فيها الآن ... لا يتملكني أي فضول للتلصص على أي كان !.
أحاول أن أغلق أصغر ثقب فيها، لا أريد أن أنظر إلى الخارج، أغلق ثقوبها لاحول نظري بالكامل إلى الداخل.
إليّ أنا.. إلى ذاتي!..
وأتلصص.






 
رد مع اقتباس
قديم 29-05-2011, 01:27 AM   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
خليف محفوظ
أقلامي
 
الصورة الرمزية خليف محفوظ
 

 

 
إحصائية العضو







خليف محفوظ غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

فرغت من هذه الرواية و أنا في حال من الذهول و الصدمة لما قرأت فيها من قسوة ، أقصى حالات القسوة ، أفظع حالات التوحش البشري ، من أين للجلاد العربي هذه القدرة على التنكيل بضحيته؟؟؟

الرواية " القوقعة " عمل أدبي رفيع ، إنها رائعة أخرى تضاف إلى روائع أدب السجون في الأدب العربي ، سجناء الحاكم العربي أبدعوا أدبا يخلد تجربتهم القاسية النبيلة ضد الاستبداد و القهر من جهة ، وتفضح الحاكم العربي و ما يبدعه جلاوزته من أساليب بربرية في مسخ الإنسان العربي و مسح كرامته بالأرض من جهة أخرى.

عند التأمل في حبكة الرواية و نسجها لا يراودك الشك لحظة أنك تقرأ عملا متخيلا ، فالسارد أوتي قدرة على نسج الأحداث بأسلوب واقعي فيه التفصيل الدقيق ، والتصوير البارع ، ربط الحوادث ببعضها في حبكة متينة لا تترك ثغرة يتسرب منها الشك بأن مايرويه غير معقول، مما يحدث تأثيرا عميقا في المتلقي فينشد إلى الرواية على ما فيها من فظاعة .

كل هذا يجعلني أميل إلى أن الكاتب مصطفى خليفة يصدر في هذه الرواية عن تجربة حقيقية في سجون النظام السوري ، فلا يكتب هذا - كما قيل - غير مجرب ، فقد اكتوى بنار السجن ، و على هذه النار نضجت رائعته " القوقعة" لتضاف إلى رائعة عبد الرحمن منيف " شرق المتوسط" ، و إلى رائعة " مديح الكراهية " لخالد خليفة ، وهي روايات تفضح سادية الحاكم العربي في التعامل مع كل صوت لا يسبح بمجده.

وهنا يطرح السؤال نفسه : " ما دلالة ازدهار أدب السجون في أمة ما ؟"
سؤال لا يحتاج إلى إجابة لأن إجابته كامنة في هذه الروايات .

.......

أريد أن أعبر عن شكري الجزيل للأستاذ عبد الله الحلبي الذي أتاح لنا الاطلاع على هذه الرواية.







 
رد مع اقتباس
قديم 29-09-2011, 01:00 AM   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
نايف ذوابه
أقلامي
 
إحصائية العضو







نايف ذوابه غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نايف ذوابه

افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

يحدث في سجون النظام السوري ويحدث في سوريا

يحدث اغتصاب للحرائر بغير جريرة غير أنهن شقيقات الرجال الأحرار

يحدث قتل للأطفال .. الطفولة البريئة تغتال .. يا ويحهم في أي براري عاشوا وأي غابات في أي بيئات ومستنقعات حتى يفعلوا ما يفعلوا من أين استمدوا هذا الحقد وشربوه .. لعنهم الله أنى يؤفكون ..







التوقيع

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين
وأصلح لي شأني كله
لا إله إلا أنت
 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط