الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-2011, 01:15 PM   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

عمم ابو حسين الامر على المهجع :
- كل من لديه قطعة معدنية مهما كان نوعها او شكلها ليأت بها .
وظهرت المعادن ، مسامير ، قطعة نقدية من فئة الليرة عليها صورة رئيس الدولة ، اربع علب سردين فارغة ! اسلاك معدنية، خاتم ذهبي " خاتم زواج " .
مددت يدي الى جيب سترتي الداخلي ، تحسست الساعة ، أمسكت بها، يجب ان اعطيها لهم ... ولكن لمن؟... هل سيقبلونها ؟ ... أم انهم سيقذفون بها على وجهي باعتبارها نجسة من شخص نجس ؟ ! ساعتي مفيدة جداً لهذا الامر ، فـ " الكستك " المعدني مؤلف من قطع معدنية رقيقة يسهل تحويلها الى أدوات حادة ، وكذلك غطاؤها الخلفي ، وحتى زجاجها اذا لزم الامر، وطال ترددي دقائق طويلة ، عدة اشخاص كانوا قد انتشروا وبيد كل منهم قطعة معدنية ما يبردها حسب توجيهات الطبيب ، تم فرش بطانية امام المغاسل حيث لا يستطيع الحارس على السطح ان يرى شيئاً ، واستلقى المريض وهو يتأوه على هذه البطانية ، الطبيب الجراح يتناقش مع مجموعة من الاطباء وسط المهجع .
حزمت امري ، سأغافلهم واضع الساعة في مكان يستطيعون فيه ان يجدوها بسهولة ، ولكن الن يسألوا عن صاحب هذه الساعة ؟ ، هل أستطيع أن اجيبهم بأنها لي ؟ ... لا أعتقد .
لو ان يوسف " مجنون القائد " يزورني في هذه اللحظة لأعطيتها له .
ليكن ما يكون ، وقفت ومشيت باتجاه الطبيب الجراح ، دون اية كلمة مددت يدي بالساعة اليه .
بوغت الجميع ، سكتوا ، نظر الجراح في عيني مباشرة ، عيناه عسليتان دافئتان دهشتان قليلاً ، وببطء مد يده وتناول الساعة مني ، قال :
- شكراً .
ثم التفت الى الاطباء وهو يقلب الساعة ، قال :
- هلق صار فينا نبدأ ، هـ الساعة راح تساعدنا كثير .
عدت الى مكاني وجلست، قليلٌ من النشوة، قليلٌ من الرضى ، استرجع وقع كلمة " شكراً " بعد كل هذه السنوات " احدهم " يشكرني ، يخاطبني مباشرة وهو ينظر في عيني مباشرة ، لا يشيح بنظره قرفاً واشمئزازاً وحقداً .
وزع الطبيب قطع الساعة و " الكستك " على بعض السجناء الذين انهمكوا في عملية البرد والشحذ ، فجأة قرقع المفتاح في الباب ، أذيعت اسماء تسعة اشخاص من مهجعنا ، ثلاثة اعدام وستة محاكمة ، توقفت التحضيرات لإجراء العملية اكثر من ساعة ، توضأ خلالها المحكمون بالاعدام ، صلوا ، ودعوا الناس ، خلعوا الثياب الجيدة وارتدوا ثياباً بالية ، فتح الباب ... خرجوا .
- اللهم احسن ختامنا ، عليهم رحمة الله ، خلونا نتابع الشغل يا شباب لأنه المريض ما عاد ممكن يتحمل اكثر من هيك .
توجه الطبيب الجراح بهذه الكلمات الى بعض الاطباء والى الشباب الذين كانوا يقومون بالاستعدادات ، انتهى تجهيز المشارط ، توجه الطبيب ومعه بعض الشباب الى حيث يستلقي المريض متألماً امام المغاسل .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:19 PM   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

تملكني الفضول ، اريد ان ارى اجراء العملية الجراحية ، وقلت ان من حقي ان ارى ، تمشيت متمهلاً الى الداخل ، دخلت الى المرحاض ، حوالي عشرة اشخاص منهمكون بالتحضير ، خرجت من المرحاض وانزويت جانباً ، لم ينتبه إليّ احد ، اخذت أراقب .
كيس بلاستيكي مملوء بالدهن ، يبدو أنهم كانوا يجمعون الدهن المتجمد على سطح الطعام ، ينقونه من الشوائب ويضعونه في الكيس ، ملأوا احدى علب السردين بالدهن وغرزوا فيه قطعة قماش بعد ان فتلوها جيداً ، اخرج احدهم علبة كبريت واشعل الفتيل ، " من اين الكبريت ؟!" ، اشتعلت النار مدخنة ، وضعوا فوق النار علبة سردين اخرى مملوءة بالماء وبه " المشارط " ، كانوا ينفخون على الدخان المتصاعد من الدهن ويحاولون توزيعه قدر الامكان كي لا يصعد الى السطح ويشمه الحارس ، بعد قليل غلت المياه فتعقمت ادوات الجراحة .
في هذه الاثناء كان الطبيب قد غسل بطن المريض بالماء والصابون ، ثم احضر ملحاً رطباً فرك به نفس المكان ، غسل يديه جيداً واصر على اراتداء الكمامة قبل اجراء العملية ، تغيرت نبرة صوته وبدأ باصدار الاوامر :
- ما في عنا مخدر ... لذلك بدك تتحمل الالم ولا تتحرك ابداً .
- تعالوا انتو الاربعة ، امسكوه بقوة ، كل واحد من طرف .
اخرج الطبيب المشارط من علبة السردين وبدأ بتجريبها واحداً بعد الاخر ، اختار المشرط المصنوع من غطاء ساعتي ، جربه على اظفر ابهامه ، قال :
- يالله يا اخي ، توكلنا على الله ، يا شباب ثبتوه منيح ولا تخلوه يتحرك ابداً .
وضع المشرط على بطن المريض " بسم الله الرحمن الرحيم "، وحز جرحاً بطول عشرة سنتيمترات تقريباً.
- آخ يا امي .
صاح المريض ولكنه لم يتحرك .
انتهت العملية ، كان الطبيب يعمل بسرعة فائقة ، وبعد خياطة الجرح مسحه ونظفه ، فتح عدة حبات من المضاد الحيوي وافرغ المسحوق فوق الجرح ، ثم قطعة قماش نظيفة وربطه جيداً .
- انشاء الله معافى يا اخي ، يا شباب احملوه على فرشته .
عدت الى فراشي فوجدت بنطال بيجاما وقطعتي قماش فوقهما ابرة عظمية وخيطان ، امسكت بهذه الاشياء نظرت حولي ولكن لم يكن هناك احد يلحظني ، من وضع هذه الاغراض ؟ البنطال عرفته كان لاحد الذين أعدموا اليوم ، لكن من وضعه على فراشي ؟ .
بعد قليل أدركت الامر ، لقد اعطوني هذه الاشياء ، هل هي مكافأة ؟ هل يعني هذا انني لم اعد جاسوساً كافراً ؟! التفت الى ابو حسين ، رفعت الاشياء بيدي أمام وجهه وقبل ان أنطق بحرف قال بحدة شعرت انها مفتعلة :
- الك ... هدول الك ... ماداموا على فرشتك يعني الك .
من يومها احسست ان وضعي قد تحسن قليلاً ، رقعت بنطالي من الخلف ومن الأمام ، أصبحت البس بنطال البيجاما عندما اغسل بنطالي ، اصبح يوسف "مجنون القائد" يزورني مجدداً دون ممانعات .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:22 PM   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

الآن وبعد مرور شهر على اجراء العملية فان الرجل تعافى وأصبح يمشي بشكل طبيعي .
" لكنه سيعدم بعد حوالي السنة شنقاً ".
1 كانون الثاني
البارحة كان عيد رأس السنة ، اغلب الناس خارج هذا المكان يحتفلون بهذه المناسبة حتى الصباح ، أما هنا فأعتقد أني الوحيد الذي يعني له هذا اليوم شيئاً. منذ بداية المساء نام الجميع ، البرد جارح ، لبست بنطال البيجاما وفوقه بنطالي والسترة ، تغطيت بالبطانيات لكن لا جدوى ، قداماي مثلجتان ، انفي ... اذني ... لففت نفسي جيداً وغطيت رأسي، هذا البرد الصحراوي اللعين ... برد كنصل الشفرة .
حاولت الهرب منه الى أحلامي ، رتبت سهرة لرأس سنة ما ، تعبت قليلاً في اختيار المكان والأشخاص ، انا نجم السهرة بلا منازع ، المائدة مليئة بالأطعمة والأشربة ، الموسيقا ، الرقص ... جو المرح والنكات، الثلج يتساقط في الخارج، أقف خلف زجاج النافذة، أرقب اشجار الصنوبروقد تكللت باللون الأبيض، الدفء داخل المنزل يحيطني ... أحس بالترف، وبنفس الوقت بالتعب، سريروثيروأغطية ناعمة اللمس !!.
مستحيل ... غير ممكن في ظل هذا البرد ان تحلم بالدفء!. أزحت الغطاء قليلاً، حككت يدي ببعضهما، نفخت عليهما، فركت قدمي بقوة علّ الدماء تسري فيهما ! .
عند منتصف الليل سمعت اصواتاً في الساحة أمام مهجعنا ، تغطيت بالبطانية ونظرت من الثقب ، الساحة مضاءة كالعادة ، كل ساحات واسطح ومهاجع وسور السجن تبقى مضاءة ليلاً نهاراً ، هناك في الساحة جمهرة كبيرة من الشرطة يصدرون ضجة كبيرة ، ضحك .. صياح .. شتائم .. امعنت النظر جيداً ، المساعد في وسط الساحة تحيط به مجموعة من الرقباء .
احسست بحركة داخل المهجع ، نظرت من تحت البطانية كان الجميع قد استيقظ ، البعض يبسمل ويحوقل ، البعض يردد عبارات مثل : يالطيف .. ياستار .. اللهم مرر هذه الليلة على خير !!.
عدت للنظر الى الساحة، كان المساعد وشلته قد اقتربوا قليلاً من مهجعنا الذي يعتبر من أكبر المهاجع في هذه الساحة ، طلب من الشرطة فتح الباب وإخراج السجناء الى الساحة. وخرجنا .
خرجنا حفاة عراة ، حتى السروال الداخلي أمرونا ان نخلعه ، صفونا أرتالاً وأمروا أن يبتعد الواحد عن الاخر خطوتين .. وأن لا نستغل عرينا لنلوط بعضنا !.
" وردت رسالة قبل بضعة ايام عن طريق المورس من الساحة الثانية تقول إن الرقيب ( يا منيك ) قد اجبر سجيناً ان يلوط أخاه !!".
[ لماذا تركز الشرطة على هذه المسألة كثيراً ؟!] .
الشرطة والرقباء والمساعد جميعاً يرتدون المعاطف العسكرية وقد لفوا رؤوسهم باللفحات الصوفية ، المساعد يتمشى جيئةً وذهاباً أمام الصف ، الشرطة يضبطون الاصطفاف : وقف باستعداد ولا ... نزل راسك ..
الريح شمالية خفيفة ولكنها قارسة ، اعتقد ان درجة الحرارة تحت الصفر ببضع درجات .
بللونا بالمياه من الرأس وحتى اخمص القدمين ، امرونا الا نتحرك ، عناصر الشرطة يمشون حولنا وخلال صفوفنا وبايدهم الكرابيج والعصي .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:24 PM   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

بدأ المساعد خطبة طويلة ، وقفته والكثير من عباراته وجمله وحركاته هي تقليد وتكرار لحركات واقوال مدير السجن ، ثلاثة ارباع الخطبة شتائم مقذعة ، وقد بدأها بتحميل السجناء مسؤولية بقائه بالسجن بينما العالم كله يحتفل ، ولولا اننا موجودون هنا حالياً لكان هو ايضاً يحتفل ، الضباط ذهبوا ليحتفلوا وتركوا كل المسؤولية على عاتقه. " رجل ذو اهمية تاريخية !" .
انهى خطبته وغادر الساحة وقد شد صدره الى الخلف ، دون أن يعطي اية تعليمات بشأننا .
صوت اصطكاك الاسنان مسموع بشكل واضح الجميع يرتجف برداً ، انا بالكاد أتماسك لأبقى واقفاً .
أظن أن هناك سؤالاً طاف بأذهان الجميع .
- ما نهاية كل هذا ؟... ماذا سيفعلون بنا ؟... هل هي مقدمة لمجزرة جديدة ؟... هل سنعود ثانية الى مهجعـ"نا" ؟!.
لا كلمة ، لا صراخ ، لا شتيمة ، صمت مطبق لا يخدشه الا صوت خطوات الشرطة وهي تتمشى حولنا ، حتى ايديهم التي يحملون بها الكرابيج والعصي دسوها في جيوبهم وبرزت العصي وتدلت الكرابيج من هذه الجيوب .
الجسد ... الخدر يزداد وينتشر ، الالم يتعمم ويتعمق ، الاسنان تصطك ، من اللسان وحتى المستقيم ارتجاف واحد ، الانف ، الاذنان ، الكفان ، القدمان ، كل هذا ليس من الجسد. تتساقط الدموع برداً وبكاءً فتتجمد على الخدين وزوايا الفم المرتجف ، والسؤال : متى سأسقط ارضاً ؟.
يسقط أحدهم قبلي ، يوقف جميع عناصر الشرطة عن الحركة لدى سقوطه ، تخرج الايدي من الجيوب ، وينطلق بضعة عناصر ، يجرون السجين الذي سقط الى امام الصف حيث يتجمع الرقباء ، يقول احد الرقباء:
- يالله ... دفّوه .
تنهال الكرابيج على جميع أنحاء جسده المتخشب ، يحاول الوقوف ولكن وقع الكرابيج يمنعه ، يسقط آخر ... يجر الى حيث التدفئة ، وآخر ... وآخر.
أجالد نفسي خوفاً من السقوط ، يحدث انفصال تام بين العقل والجسد ، عقلي صافٍ تماماً وواعٍ كل ما يجري حولي ، أما جسدي فينفصل عني شيئاً فشيئاً خدراً وتجمداً ، تختلط الدموع مع المخاط السائل من الأنف واجد صعوبة بالتنفس ، لا أجرؤ على رفع يدي إلى أنفي ... حتى لو استجابت يدي !.
وسقطت ... سقطت دون ان افقد الوعي وجروني الى امام الصف .
لقد جربت وعاينت الكثير من صنوف الالم الجسدي ... لكن أن تساط في البرد وأنت مبلل ... أمر لا يمكن وصفه .
مع بزوغ ضوء الفجر وسقوط آخر شخص وتدفئته من قبل الشرطة انتهت الحفلة. دخلنا المهجع ركضاً على ايقاع الكرابيج ، ركضنا بخفة ورشاقة وكنت أظن أنني لن استطيع النهوض عن الارض ، لكن ما أن سمعت الأمر بالدخول ورأيت الكرابيج تهوي حتى قفزت ، " لطالما تساءلت بيني وبين نفسي عن منبع هذه القوة !... المقاومة ؟".







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:25 PM   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
نايف ذوابه
أقلامي
 
إحصائية العضو







نايف ذوابه غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نايف ذوابه

افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

اقتباس:
ثم يلتفت إلى رتل السجناء الذي يسير منكس الرؤوس ومغمض العينين، يصيح:
- ولا حقير... أنت أنت... أقصر واحد بالصف ، تعال هون.
يركض أحد البلديات، يجر أقصر واحد بالرتل. شاب صغير لا يتجاوز الخامسة عشر، طوله أكثر قليلا من المتر والنصف، يقف أمام الرقيب الذي يضحك ويقول:
- ولا حقير... يا زْمِكّ ... وقف قدام هالكلب الطويل.
يقف السجين القصير أمام السجين الطويل، يصرخ الرقيب:
- ولا حقير ... يا طويل ... هلق بدك تعوي وتعض هالكلب يللي قدامك وبدك تشيل قطعة من كتفه ، وإذا ما شلت هـ القطعة ... ألف كرباج.
يعوي الطويل ثلاث أو أربع مرات متواصلة، يتقدم من القصير وينحني مطبقا بفكيه على كتف القصير الذي يصرخ ألماً ويتملص من العضة.
- ولا حقير... يا طويل... وين قطعة اللحم ؟ يا شرطة ... ناولوه.
ينهال رجال الشرطة بكرابيجهم ضرباً على الطويل، يسقط على ركبتيه، يتساوى بالطول مع القصير وهو جاثٍ ... يترنح ... يصرخ الرقيب:
- بس ... " تتوقف الشرطة عن الضرب " ... ولا حقير ... طويل ... قوم وقف.
يقف الطويل.
- ولا حقير... قصير... وقف وراءه.
يرجع القصير إلى خلف الطويل.
- وهلق ... انتوا الاثنين اشلحوا تيابكم.
يخلع الاثنان ثيابهما ويبقيان بالسراويل.
- ولا حقير قصير... نزل سرواله.
ينزل القصير سروال الطويل الى حد الركبتين.
- ونزل سروالك كمان.
ينزل القصير سرواله أيضا.
- وهلق ... قرب نيكه ... اعمل فيه متل ما بتعملوا ببعضكم كل ليلة يا منايك ... يا الله قرب نيكه.
يتلكأ القصير، تشتد إليتا الطويل وتتشنج، يشير الرقيب إلى أحد عناصر الشرطة، يقترب هذا ويهوي بالكرباج على ظهر القصير ... يلتصق القصير بالطويل من الخلف، يهتز الطويل، عضو القصير المتدلي بالكاد يصل فوق ركبتي الطويل، يضحك الرقيب وباقي عناصر الشرطة.
الرتل يسير. الرؤوس منكسة، العيون مغمضة، رغم ذلك، الكل يرى، الكل يسمع.... وترتفع بيادر الحقد والذل.
يطلب الرقيب تبديل المواقع، يصبح الطويل خلف القصير، عضوه المرتخي والمنكمش في منصف ظهر القصير... يستمر الضحك ...
الرتل يسير، الرؤوس منكسة، العيون مغمضة.




اقتباس:
امتدت يد غليظة، أمسكتني من ساعدي وجرتني خارج الرتل، أغلقت عينيّ جيداً ونكست رأسي حتى التصق بصدري. بقي ممسكاً بساعدي، اليد الأخرى أمسكت فكي السفلي ورفعت رأسي إلى الأعلى بعنف، فحّ صوته ممزوجاً بحقد رهيب:
- ارفع رأسك.. ولا كلب، افتح تمك..لشوف.

فتحت فمي، طلب مني أن أفتحه أكثر، ففتحته. تنخّم بقوة، تنخم ثلاث مرات، ودون أن أستطيع رؤيته أحسست أن فمه قد امتلاً بالمخاط المستحلب.. شعرت برأسه يقترب مني و..بصق كل مايحتويه فمه إلى.. داخل فمي. برد فعل غريزي حاول فمي التخلص من محتوياته، تملكتني حاجة لاإرادية بالإقياء، لكنه كان أسرع مني وأسرع من فمي، أغلق فمي بيد وامتدت يده الأخرى بسرعة البرق إلى جهازي التناسلي، أمسك خصيتيّ وضغط عليهما بشدة.. مودة الألم الهائلة التي صعدت من خصيتيّ إلى الأعلى كادت أن تفقدني الوعي، انقطع تنفسي لثانيتين أو ثلاث، كانت كافية لأن أبتلع مخاطه وبصاقه كي أتنفس، ظل يضغط خصيتيّ حتى تأكد أنني قد ابتلعت كل شيء.




يبدو أخي عبد الله أن الأمريكان في خبرتهم بسجن أبو غريب قد استمدوها من هالمجرمين في السجون السورية .. كنا بنستغرب ما قارفه الأمريكان في سجن أبو غريب حين يكومون السجناء عراة .. لكن يبدو أن البعثيين المجرمين سبقوا الأمريكان وأمدوهم بهذه الخبرة التي تعكس تدني هذه المخلوقات وانعدام الحس الإنساني لديها ..

أتابع هالمآسى التي يقشعر لها البدن ولكني لا أستغرب .. أنا أعرف أن البعثيين مجرمون وقد استعانوا بأصحاب السوابق في القضايا الجنائية لإدارة السجون .. لأن هؤلاء الناس ليس من مؤشر على أنهم تعلموا في مدارس أو جامعات أو بيتوت محترمة .. هؤلاء تخرجوا في السجون وولدوا قبلها فيها ..

الزمن دوّار.. وقد دار على مبارك وشين العابدين .. وسيدور على آل الأسد ومخلوف .. إن الله مع الصابرين ..

أتابع بأسى ..






التوقيع

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين
وأصلح لي شأني كله
لا إله إلا أنت
 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:27 PM   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

هذه المرة رأيت فرحاً حقيقياً على وجوه الناس بخلاصهم من مجهول كانوا يخشون وقوعه في دواخلهم كثيراً ، وخلف هذا الفرح تراكمت طبقة جديدة من حقد اسود تزداد سماكتها بازدياد الالم والذل .

5 حزيران :

قيل قديماً إن الله خلق للانسان فماًً واحداً وأذنين اثنين حتى يسمع أكثر مما يتكلم ، أما أنا فقد كنت طوال هذه السنوات بلا فم وبعشرات الآذان .
كلام ... كلام ... كلام ... بيادر وأهرامات مكدسة من الكلام ، انقل إذناً الى زاوية المهجع البعيدة لأسمع بم يتحدثون ، الاذن الاخرى انقلها الى حائط المورس ، ماذا يرد رسائل من المهاجع ، لا أحرك عيني ، فقط اذني ، الأذن الثالثة تنتقل الى حيث حلقة حفظ القرآن ، " لقد حفظت الكثير جداً من القرآن !"، والأذن الرابعة ... الخامسة .
فمي مقفل ، أحن الى الكلام ، أشتاق الى ان أسمع صوتي أنا ، حتى عندما يجلس يوسف عندي لا أتكلم ، لأنه ببساطة لا يتيح لي المجال حتى اسأله شيئاً ، ما ان يجلس حتى يبدأ الكلام ، احياناً تكون الجمل مترابطة ، احياناً مجرد تخاريف ، لكن لا فواصل ولا توقفات ، وعلى الاغلب ينهض مغادراً وهو يتابع الحديث .
كلام ... كلام ... كلام ... الجميع يتكلم والجميع يسمع ، ولأن الكلام دائماً يكون همساً اأو بصوت خافت فإن مجموع هذه الهمسات يتحول الى شيئٍ لا هو بالأزيز ولا هو بالطنين ، لا بالفحيح ولا بالهسيس ... هو شيء من كل هذا ، يدخل الاذنين ومنه الى الرأس الذي يتحول آخر اليوم الى ما يشبه الطاسة الفارغة ، شيء ما كالطبل ، أنقر على رأسي بأصابعي فأسمع الرنين ، حتى بعد ان ينام الجميع وتسكت الاصوات كلها تبقى هذه الضجة المكتومة تحوم داخل الاذن وتقرع جدران الرأس.
احلم احد احلامي الصغيرة ، وقد صغرت كل احلامي :
- أحلم ... أن اعيش ولو ليوم واحد فقط في زنزانة انفرادية ، في صمت مطبق ، لا ضجيج ، لا نظرات عداء ، لا نظرات احتقار ، وأنام خلاله نوماً عميقاً .
- احلم ... أن أستحم ولو لمرة واحدة فقط في حمام السوق ، محاطاً بالبخار والمياه الساخنة المتدفقة ، والمكيس والمدلك .
- أحلم ... أن اقف على الرصيف امام محل للفلافل ، آكل سندويشة واشرب العيران .
- احلم ... أن اسير في شارع هادىء ظليل ، سيرَ شخصٍ عاطل متبطل ٍ ، لا يقصد مكاناً محدداً ، وغير محدد بزمن معين .
- احلم ... بأمي وهي توقظني صباحاً ، وأنا ارفض دلالاً أن استيقظ مغطياً رأسي باللحاف .
- احلم ... بشخص ... أي شخص ، يقول لي صباح الخير .
كلام ... كلام... كلام... ، منذ عشرة ايام كل الكلام يدور حول موضوع واحد هو الزيارة !.
منذ عشرة ايام قرب اثنان من السجناء في المهجع رأسيهما من الجدارالذي ترد منه الرسائل عادة ، يسمعان النقرات ويبلغانها لأربعة اشخاص خلفهما :
- فاء – ياء " في " ، ا- ل – م – ه – ج – ع " المهجع " ، وهكذا الى ان اكتملت الرسالة – البرقية - :
" في المهجع الواحد والعشرين أحد الاخوة أتته زيارة ، وقد حضر كل اهله !" .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:27 PM   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
نايف ذوابه
أقلامي
 
إحصائية العضو







نايف ذوابه غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نايف ذوابه

افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

أستأذنك أخي عبد الله في نقل الموضوع إلى منتدى الحوار .. أظن أنه سيأخذ حيزا من الاهتمام هناك أكثر ...


وأستطيع تثبيته هناك







التوقيع

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين
وأصلح لي شأني كله
لا إله إلا أنت
 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:34 PM   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

الأخ نايف الذوابه , صبحك الله بكل خير , وجودك يؤنسني ويخفف عني ألمي

الناس تخاف ثمن التظاهر , وأنت كما تقرأ بأن الثمن هنا أغلى بكثير من التظاهر وطلب الحرية واحترام الإنسان

كإنسان . ( يقول الإمام علي رضي الله عنه : أن الناس من خوف الذل يعيشون في ذل ٍ أكبر )

شكرا ً لمتابعتك أيها الأخ الفاضل .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:35 PM   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

أستاذنا القدير نايف , لك مطلق الحرية , ما تراه مناسبا ً فهو حتما ً المناسب .

لك شكري وتقديري .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:37 PM   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

منذ عشرة ايام قرب اثنان من السجناء في المهجع رأسيهما من الجدارالذي ترد منه الرسائل عادة ، يسمعان النقرات ويبلغانها لأربعة اشخاص خلفهما :
- فاء – ياء " في " ، ا- ل – م – ه – ج – ع " المهجع " ، وهكذا الى ان اكتملت الرسالة – البرقية - :
" في المهجع الواحد والعشرين أحد الاخوة أتته زيارة ، وقد حضر كل اهله !" .
في البداية كان الذهول سيد الموقف ، بعد ان أذيعت الرسالة على الجميع ساد الصمت ، البعض ينظر الى البعض ، اعقبتها نظرات ساهمة ، تذكر الجميع ماكانوا قد نسوه لمعظم الوقت ، او أُجبروا على نسيانه ، قاموس حياتهم اصبح يحتوي على عشرات المفردات فقط ، تبدأ بالمرحاض والحنفية والطهارة والنجاسة ، وتنتهي عند الكرباج والاسماء المحلية للشرطة ، اما الصلاة والقرآن، على ما فيهما من غنىً لغوي ، فيصبح تردادهما آلياً لا يستدعي اشغال الفكر .
تذكر الجميع أن هناك حياةً اخرى خارج هذا المكان ، وخارج هذا القاموس اللغوي الضئيل ، وانها هي الاصل ، وما هم فيه طارىء عابر .
يذهب الخيال الى حيث الأهل والاحبة ، تحضر المرأة بقوة مهيمنة ، المرأة الزوجة ، المرأة الام ... الاخت ... الابنة ، ويسود وجوم رمادي حامض ، تثور التساؤلات الممضة والحارقة عن المصائر ؟!.
الزمن في السجن زمنان ، يستتبعهما احساسان متناقضان ، الزمن الراهن ... ثقيل بطيء ، والزمن الماضي ، ما مضى من ايام وشهور وسنين السجن ... زمن خفيف سريع ، تنتبه فجأة وتسأل نفسك :
- ماذا ؟ ! ... اصبح لي في السجن خمس سنوات ، سبع ، عشر ؟! الحقيقة لم اشعر بهذا الزمن ، ياالهي كيف مضت هذه السنون بسرعة البرق !!.
تفكر ، وتعرف ان هذا الاحساس ناتج عن انه في زحمة التفاصيل اليومية قلما يتاح لك الوقت لتعد الايام والسنوات ، وهذا كالجلد بالكرباج ، اذا بدأت عد الضربات حتماً سوف تضعف ، وكذلك اذا بدأت عد الايام وتسجيلها خطاً وراء خط على الحائط ، حتماً سوف تضعف ، او ... تجن !.
كسر ابو حسين الصمت بعد دقائق قليلة ، نادى احد جماعة المورس وطلب منه الاتصال مع المهجع الواحد والعشرين والاستفسار عن الزيارة ، كيف اتت ، هل فتحت الزيارات للجميع ، ام هي بالواسطة ، ام الرشوة ... كيف تعامل الشرطة مع الامر ، هل احضر الاهل اغراضاً ... الخ؟ .
وجاء الجواب ، لا يعرفون شيئاً عن آلية الزيارة ، هناك الكثير من الاغراض ، البسة واطعمة ونقود ، السجين ذهب الى الزيارة وعاد دون ان يضربه احد .
بعد ثلاثة ايام ألقى مدير السجن خطاباً ، تحدث فيه عن انسانيته ورحمته وان قلبه ينفطر ألماً عندما يرى ابناء وطنه في هذه الحالة !! وقال :
- كل من تأتيه زيارة منكم عليه ان يطلب من أهله إخبار كل من يعرفون من اهالي السجناء الاخرين لكي يسعوا الى زيارته وبنفس الطريقة .
لكن ماهي الطريقة ؟... لم يعرف احد ، ولم يجرؤ على السؤال احد ، وكانت المرة الاولى التي يخاطبنا فيها وعيوننا مفتوحة ورؤوسنا ليست منكسة الى الاسفل .
اليوم اتت زيارة لشخص من مهجعنا ، ابو عبدالله ، نادوه باسمه الثلاثي ، وهنا قلما يعرف الاسم الثلاثي لشخص ما ، فالكل ينادون بعضهم بـ " ابو " ، ابو حسين ، ابو عبدالله ، ابو علي ، ابو احمد ...







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:40 PM   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

طلب الشرطة من ابو عبدالله ان يلبس ثياباً جيدة ، وتبارى الجميع لإلباس ابو عبدالله افضل ثياب في المهجع ، ذهب ابو عبدالله وعاد بعد اكثر من نصف ساعة ، عاد لاهثاً مخضوضاً يتصبب عرقاً ، وقف بمنتصف المهجع يتلفت وينظر الى الجميع ، ولكن يبدو كمن لا يرى احداً ، باب المهجع لايزال مفتوحاً والبلديات يدخلون الاغراض بجاطات بلاستيك ، بعد ان اغلق الشرطة الباب قال شخص لاخر :
- ماشاء الله ... ما شاء الله ، خمسة وثمانون جاطاً !!.
ابو عبدالله يتلقى التهاني من الجميع وهو لازال واقفاً كالمأخوذ :
- مبروك ابو عبدالله ... مبروك الزيارة .
- الله يبارك فيكم ... عقبال عندكم .
- مبروك ابو عبدالله ... كيف الاهل ؟.
- الحمدلله بخير ... يسلمون على الجميع .
قطع ابو عبدالله سلسلة " المبروك " والتفت فجأة الى ابو حسين ، قال :
- كيلو ذهب ... كيلو ذهب ياابو حسين !! ... الله وكيلك كيلو ذهب .
فوجئ ابو حسين ، نظر الى ابو عبدالله بتمعن ، وزن الامور قليلاً ، ثم سأل :
- خير ابو عبدالله ... خير ، شو قصة هـ الكيلو ذهب ؟.
- الزيارة يا ابو حسين الزيارة ... كل زيارة بكيلو ذهب .
فارتفعت عدة اصوات متسائلة الى جانب صوت ابو حسين :
- شو !!... كيلو ذهب كل زيارة ؟
- نعم كيلو ذهب ، سألت اهلي قالوا لي ، لازم امك تروح لعند ام مدير السجن تأخذ معها كيلو ذهب ، وام مدير السجن تعطي ورقة زيارة !!.
اراد ابو حسين ان يهون على ابو عبدالله :
- ولو ابو عبدالله ... كيلو ذهب فداك ... المهم انو شفت اهلك وشافوك وتطمنوا عليك ، ايه هـ الشغلة بتساوي اموال الدنيا كلها ، الله يلعن الذهب وابو الذهب... المال وسخ ايدين بروح وبيجي ، المهم انت وصحتك واهلك ، الذهب مو مهم المهم البني ادم اللي بجيب الذهب .
- ايه والله صحيح ... ايه والله صحيح ياابو حسين !.
يومها انا دخت ... سكرت ... حتى ان عيني قد غامتا ... تشوشتا ...!.
البلديات كانوا ينقلون الجاطات حتى باب المهجع ، يخرج الفدائيون ويأخذون الجاطات منهم ... دون أي ضرب !... يفرغونها داخل المهجع ويسلمونها للبلديات ... الكثير من الالبسة ، خاصة الملابس الداخلية الصيفية والشتوية ، كأن هناك من أسرّ بأذان الاهل عن حاجاتنا ، والكثير ... الكثير من الخضار والفواكه التي يمكن ان تؤكل نيئة .
ما اسكرني ... كان الخيار ... الخيار بلونه الاخضر ، انسابت روائحه وعطوره الى انفي ، ثلاثة جاطات من الخيار أفرغوها وسط المهجع غير بعيد عني مشكلة تلاً صغيراً اخضرَ ، الى جانبه تل صغير احمر من البندورة ، رائحة الخيار ملأت المهجع ، الجميع كان فرحاً ، ابو عبدالله كان مذهولاً من اثر الزيارة ، ودون ان افكر او اعي بما اقوم به مشيت وجلست الى جانب تل الخيار الاخضر ، انحنيت وشممت بعمق ، انها رائحة الطبيعة ... انها رائحة الحياة ، اخضراره هو اخضرار الحياة ذاتها ، امسكت واحدة وادنيتها من انفي وتنشقتها بعمق ، اغمضت عيوني واعتقد ان ملامحي كلها كانت تبتسم .







 
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 01:43 PM   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
عبدالله الحلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالله الحلبي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالله الحلبي غير متصل


افتراضي رد: هذا ما يحدث في سجون سوريا

كان كل هذا اشبه بزلزال ، ارتج كيانه كله ، فتحت عيني واذ بغابة من العيون تحدق بي ... لم اعبأ ، القيت الخيارة على كومة الخيار ، مشيت الى فراشي ، تمددت ، غطيت رأسي ... وبكيت بصمت .
بقيت عدة ساعات تحت البطانية ، لا اريد ان ارى احداً ، لا اريد ان ارى شيئاً ، البكاء اراحني قليلاً ... ولم البث طويلاً حتى نمت ، استيقظت عصراً رفعت البطانية وجلست ، كان امام فراشي مجموعة متنوعة من الاغراض ... " نصف خيارة ، نصف حبة بندورة ، رغيف خبز مدني ، قطعة بقلاوة فاخرة ، بعض انصاف حبات الفاكهة ، ولكن الاهم كان الالبسة ... بيجاما رياضية ، غيار داخلي شتوي من الصوف ، غيار داخلي صيفي ، جوارب صوفية ... ثم شحاطة !".
طوال كل هذه السنوات ومنذ ان اخذوا حذائي بمركز المخابرات لم انتعل بقدمي شيئاً ، وقد تشكلت على كامل قدمي من الاسفل طبقة سميكة من اللحم الميت المتقرن المتشقق ... والان ها هي شحاطة !.
نظرت حولي ، واضح ان حصتي مساوية لحصة أي سجين اخر منهم ، لااكثر ولا اقل .
( هم جميعاً يكرهونني ، هم جميعاً يحتقرونني ، بعضهم يريد قتلي ... كل هذا صحيح ، ولكن في الامور الحياتية ... كانوا عادلين معي ) .
اخذت الاغراض ، رتبتها كوسادة ... اكلت ، ولكن لم اشأ ان اكل نصف الخيارة .
6 حزيران
البارحة كان يوماً حافلاً ، لم استطع النوم الا في ساعة متأخرة واستيقظت كالعادة صباحاً ، فاجأني وجود قطعتين من الخيار " نصفين " الى جانب النصف الخاص بي ، ثلاثة انصاف ... واستنجت ان هناك شخصين قد تنازلا عن حصتهما من الخيار لي !!... ظنا انني احب الخيار !... لم يعرفا ان الخيار برائحته ... لونه ... قد استحضر الحياة بكل ثقلها الى نفس كانت قد نسيت الحياة !.
اثنان منـ "هم" يتعاطفان معي ! ... ولكن لا يجرؤان على اظهار هذا التعاطف !.
داخلي قليل من الراحة والاطمئنان ، نظرت حولي ، هل أستطيع تمييزهما ؟ .
كل الوجوه مغلقة ، كل العيون كابية .
8 اذار
كالعادة أخرجونا اليوم الى الساحة ، أوقفونا أمام مهجعنا ، وهكذا بقية المهاجع ، إذاعة السجن تصدح منذ الصباح بالأغاني التي تمجد رئيس الدولة وتتغنى بحكمته وشجاعته وبطولاته ، اعطوا ورقة مكتوبة الى احد السجناء بها بعض الشعارات والهتافات يصرخ بها ونردد نحن وراءه : سنفدي الرئيس بالروح والدم ، يسقط الاخوان المسلمون عملاء الامبريالية ...
لم يكن السجناء يرون أي غضاضة بالهتاف ضد انفسهم ، او على الاقل لم تبدر منهم اية اشارة او ممانعة تدل على ذلك ، كانوا يهتفون باصوات عالية جداً لا يستشف منها أي شيء من هذا .







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:25 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط