|
|
منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر للخاطرة سحر و للنثر اقتدار لا ينافسه فيه الشعر، فهنا ساح الانتثار.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-09-2006, 05:39 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
وجع
وجع بقلم : حسين أحمد سليم آل الحاج يونس مدينة الشمس بعلبك أحمل في البعد رؤيا خاصة , تسبب لي الوجع الدائم , ليس فيها مجاملة أو " بروتوكول " ولا تطيق المحاججة ولا تحمل المماحكة .... وكثيرا ما تفرض علي قهرا ذاتيا , الانفجار غضبا عاصفا , أو بكاء مريرا , محزنا وموجعا , تهرق معه الدموع مدرارا ... حين أحس أن الآخر لا يرى ما أراه , ولا يتحسس ما أحس , ولا يتفكر بما يتناهى إلى تفكيري , حول قضية ما ذات طابع عام ... الوجع اليومي قرين دائم لي , وصديق مخلص في تعامله معي , لا يفارقني أبدا ولو لهنيهة , ولا يترك لي مجالا للارتياح ... أقام سكنه الأبدي في عروقي وجوارحي وأعماقي , التي كانت لا تفارق الذكر أبدا ... وانساب في ثنايا حروفي وكلماتي وخواطري وأفكاري وكتاباتي ... والتي كانت تتظاهر أن لا هم لها إلا الغوص في تجربة الحب , من أبواب مختلفة الطهارة ومتعددة القداسة ... إلا أن وجدانياتي ونصوصي النثرية والشعرية فرضت علي سلوكا صارما لا يقبل الجدل , ونظاما قاسيا لا نقاش حوله ... وغدوت أسير ما أكتب , وسجين ما أفكر , لا أستطيع التحرر مما أنا فيه من وجع متجدد ... أتوجع كثيرا أمام الاتساخ الأخلاقي الممتد في كل حدب وناحية , الذي يملأ الحياة من حولي صخبا وضوضاء ... وأتألم أكثر أمام الانحطاط المريع , الذي شمل كل العناصر وأصاب كل شيء , والذي نجم عنه تلوث , لا دواء له , في عناصر اللقاح وتكوين النطفة , وحتى في الأرحام ؟! حيث يولد الجنين موبوءا ... أمام هذه الظواهر العصرية الغريبة , الموسومة باسم الحضارة والعولمة , فإنني أصر على نظافة من نوع آخر وغير مألوفة , تحت شعار " خالف تعرف " , رفض ثوري تاريخي وجغرافي في كل مكان وزمان ... تأثيراتي الكثيرة في الحياة , نتاج شفافية ولدت معي قدرا , وعززت إحساسي بقيمتي الإنسانية المخلوقة , المواكبة لي من مرحلة إلى أخرى , والمرافقة لي من دور إلى دور ... قيمتي الزمنية كبيرة , لأني أملك في كينونتي المتجسدة في صيرورتي الحياتية , أن أرى ما هو غريب وعجيب , وبعيد عن تفكير الناس العاديين , وأملك المقدرة أن أؤمن به , لا بل أن أعلنه على الملأ إذا أحببت ... أنا أملك أن أرفض كل الرفض , ما يتراكض من أجله الناس ويتكالبون عليه , لأنه لا يساوي عندي جناح بعوضة أو ما دون ... لا ... أقولها بقوة الأمس وجرأة اليوم لتعريف الغد , في عصر الخنوع والمذلة والانحطاط والانبطاح والانسطاح والنفاق والدجل والاحتيال وتقمص الوجوه الثعلبية ... فأنا لا أطالب الحياة بأكثر من ابتسامة طاهرة , ترتسم ببراءة على ثغر حبيبتي القدرية ... خذوا المال والجاه والنفوذ والمسؤوليات التشريفية والقيادات الظاهرية ... الكل زائل لا محال ... واتركوا لي كفاف عشقي الزمني , وهيامي القدري , ووجعي الآخر وحبيبتي القدرية ... أتيت هذه الحياة بلا وعي , دخلت الغيبوبة القدرية بفعل إرادتي , وولجت عالم الإنسان من أبوين قدر لهما أن يتحملا مسؤولية تكليفية للإتيان بي إلى هذا المعترك , لأخوض العيش المرير وصلف الحياة , تنزيها لنفسي وتطهيرا لذاتي ... أنا لا أكون بكامل وعيي حين أكتب كلماتي الجميلة , ولا أحدد مسبقا ماذ أكتب , بل أقع تحت سطوة وجع لذيذ ما , أتأثر به من خارج جسدي , أتفاعل مع الهالة اللونية المحيطة بي , أمتزج مع اللون الطيفي الغالب فيها , فأغدو ملهما وممسوسا , وأتحسس شيئا خفيفا ومجنحا ومقدسا ... أخرج من صوابي الاعتيادي , وأتحرر من عقلي الظاهري , لأدخل الوعي الباطني فأتوجع بلذة , وأعيش الاستنارة وأبتكر وأكتب , وحين لا أكون في هذه الحالة من الوجع اللذيذ , أكون عاجزا وغير قادر على البوح بإلهاماتي القادمة من عالمي الآخر , عالم نجمة الصبح التي أعمل جاهدا للرجوع إليه مصطحبا قدريتي المسماة تيمما بها... |
|||
|
|