سوريا العربية التي تنزف دما ..
سوريا العربية التي تتألم , لن تركع , ولن تسقط , ولن تتقسم .
في المشهد الكوني ..
أمريكا النفط والدولار الورقي (دولار المونوبولي) , والقواعد العسكرية المنتشرة فوق اغلب الجغرافيا , والأساطيل البحرية التي تعبر كل المياه .
أمريكا تذهب بالعالم إلى الحرب الكونية الحتمية , في محاولة انتحارية لإبقاء هيمنتها الاقتصادية الضارية والمدمرة , على كل شعوب الأرض .
في المشهد الإقليمي ..
أو تحديدا الصراع الكوني في آسيا , بين الأمريكان والروس والصينيين , تدور في أفغانستان والباكستان والعراق , حرب حقيقية ومعلنة , وتدور في حوض بحري قزوين والأسود حرب أمنية قذرة للغاية , وصامته .
في المشهد الرسمي العربي الواسع الطيف ..
تدور حرب حقيقية بين الأنظمة الجمهورية التي ذهبت شعوبها باتجاه استعادة هويتها القومية العربية , بتأثير انتصارات المقاومات العربية في العراق ولبنان وفلسطين , موقعة المشروع الأمريكي المسمى بالشرق الأوسط الكبير في أزمة حقيقة حولته على امتداد آسيا والبرزخ العربي في أفريقيا على أبواب أوروبا المترنحة اقتصاديا إلى حالة يسمونها (الفوضى الخلاقة) , ونسميها (الثورة الاستقلالية) , وبين الأنظمة الملكية العربية التابعة مباشرة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية , والتي تمول الحروب والحروب القذرة للبنتاغون ولانغلي على العالم كله , وتحديدا في آسيا وأفريقيا , وبشكل مركز في الجغرافيا العربية وفلسطين .
وكلما دخل الأمريكان الاستعماريون في توصيفهم الاقتصادي العلمي , في دوامة الحالة الانتحارية الكونية , لاستحالة سيطرتهم على عالم جديد ينمو بأسرع مما تستطيع احتواؤه , أدواتهم الأمنية والعسكرية القذرة .
كلما زاد الضغط الاقتصادي الحاد والمميت على الأنظمة الملكية العربية تحديدا لتمويل المعارك الأمريكية الدونكيشوتيه في جوهرها , كلما زاد ضغط تلك الأنظمة التابعة "للانغلي" , على الأنظمة الجمهورية العربية , لمنع تحولها الطبيعي إلى الهوية الديمقراطية القومية العربية الجماعية , المترسخة في حالتي الوعي والذاكرة العربيتين .
لن تستطيع الوهابية الاسلامية الصهيونية المنشأ , أن ترث حركة الأخوان المسلمين , على الأرض , لاستحالة قبول المجتمعات العربية لتلك البروباغاندا التلمودية العنصرية البغيضة .
ولن تستطيع حركة الأخوان المسلمين , والبقايا العسكريتارية والأمنية تحديدا للأنظمة الجمهورية العربية التي سقطت , أن تشكل حالة سلطوية جديدة في جغرافيا عربية استعادت سيطرتها على قرارها الجماعي عبر ثورات واعية استكملت ولادتها الطبيعية في لحظتها التاريخية أو هي في طور الولادة الطبيعية بالرغم من البروباغاندا الإعلامية الملكية العربية المضطربة وغير القادرة على تأخير هذا الوضع الحضاري العظيم .
بمجرد خروج اليمن أو ليبيا من حالة (التأخير المتعمدة) , ستسقط الحالة الاستعمارية , وستكتمل ولادة الثورة , تلك حالة تاريخية علمية لا يمكن إيقاف تدفقها بوسائل إعلام تستطيع تزييف المشهد الثوري للمتلقي خارج الأرض , ولكنها لا تستطيع تغييره على الأرض .
لا يمكن للرئيسين التاريخيين , على عبد الله صالح ومعمر القذافي , أن يكونا مختلفين عن الرئيسين المتنحيين محمد حسني مبارك وزين العابدين بن علي , لأنهم جميعهم تورطوا مباشرة بالعمل لصالح مشروع الشرق الأوسط الكبير , وخسروا , وهم جميعهم ذهبوا إلى لعبة الفوضى الخلاقة وهم لذلك انتهوا أو هم في الطريق , بشكل درامي وفوضي وخلاق ثوريا بالرغم من أنف أمريكا وإسرائيل , منهم من قضى على سلطته الآن , ومنهم من ينتظر ..
الرئيس السوداني ذاهب بالسودان إلى حالة تقسيميه متفق عليها إلى حد ما دوليا , ولكن ذاهب إلى نهاية بشعة كرئيس قبل الذهاب في كل شيء أمريكي إلى النهاية , ولذلك سينتهي بطريقة درامية للغاية كمن سبقه .
الرئيس الجزائري الغائب عن الوعي السياسي , يراهن في استقرار نظامه العسكريتاري , على استقرار المملكة المغاربية , وهو رهان قاصر وغير مضمون النتائج , ولكنه لا يمتلك خيارا آخر , المؤسسة العسكرية الأمنية الجزائرية ستقوم بتصفيته مباشرة .
رئيس الحكومة الديكتاتورية في بغداد , نوري المالكي , ورئيس الحكومة الديكتاتورية في لبنان , سعد الدين رفيق الحريري , الحكومتين التوأمين , والمتصلتين بحبل سرة واحد , ستأخذان العراق ولبنان إلى (عمق الفوضى الخلاقة) .
في المشهد العربي السوري ..
يمتلك الرئيس الأسد الشاب , إرثا قوميا عربيا مقاوما وممانعا , يتميز به نظامه عن بقية الأنظمة الجمهورية العربية كلها .
ويتميز الرئيس الأسد بالشباب في العقل والروح , بأنه أول رئيس عربي مدني من خارج المؤسسة العسكريتارية العربية , غير القابلة ببنيتها القديمة والصلبة على القبول بفكرة التغيير أو التطوير وتحت أي ظرف كان , وتلك سمات طبيعية , وحالة تاريخية انتهت , وصار يجب أن تخرج الجمهوريات العربية كلها منها , ولو بالطريقة الصعبة هذه , بالرغم من المحاولات الاستعمارية الأمريكية الانتحارية الطابع , لإبقاء الجغرافيا العربية تحت الهيمنة والسيطرة .
_ في البدء ..
نحن لا نزال نراهن على الرئيس الأسد الشاب الآن , في الخروج بسوريا العربية , من هذا الفخ الاستعماري الأمريكي الإسرائيلي الخطير والمصيري , الخروج بها قومية عربية إلى الأبد , إلى الإصلاح والتغيير , إلى الجمهورية القومية العربية الديمقراطية الاشتراكية الممانعة والمقاومة .
_ هذا الفخ ..
الذي يعمل اليوم على الأرض من خلال جيش من مرتزقة فتح الإسلام , التنظيم الوهابي الصهيوني الذي تموله السيدة الفاضلة بهية الحريري "أم الجنود" في رمزية مطلوبة لحالة سعار دموي طائفي مذهبي بغيض وانتحاري , في محاولة يائسة لخلق فتنة طائفية في سوريا العربية تقود إلى (التقسيم) , وهذا المشروع السعودي _ اللبناني , المستند على قاعدة استخباراتيه لوجستية هاشمية , سينعكس دمارا في لبنان والعراق , وتقسيما قادما على مملكة الوهابيين الباطلة في جزيرة العرب .
وبأساليب حركة الأخوان الوهابية التي أسس من خلال بطشها ودمويتها , الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود , مملكته التي أقامت المُلك في أرض الإسلام وسمّتها على اسم أسرة يهودية مردخائية غريبة عن العروبة كلها والإسلام كله .
تلك الأساليب التي كرس من خلالها الملك المؤسس , ثقافة الأخذ بالسيف التي قام الإسلام كله على تحريمها أولا .
وتلك الفتاوى التي سمحت له بغزو المدينة المنورة ومكة المكرمة وسرقتهما , وتدنيس بيت الله العتيق , ولا يزال هذا التدنيس قائما ومستمرا .
هذا الفخ , ما كان له أن ينجح في إطلاق الفوضى الخلاقة هذه , لولا عاملين اثنين اشتغلت عليهما الوهابية الصهيونية بقوة وإصرار :
1_ التحول بسوريا العربية من النظام الاشتراكي المنسجم مع الطبيعتين الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجمهورية الزراعية , إلى النظام الليبرالي الفوضوي الذي نقل ملكية الدولة من الشعب إلى حفنة من الفاسدين الأمريكيي الهوى , التدميريين والتقسيميين في نهاية المطاف .
2_ الخرق الصهيوني الكبير في مؤسستي الأجهزة الأمنية , وحزب البعث العربي الاشتراكي , من خلال الفساد المالي الهائل , والغياب التام لأي شكل من أشكال الرقابة على المؤسستين الرافعتين للسلطة والنظام , جماهيريا .
هذا الفساد القادم من الاستثمار الاقتصادي بالاتجاهين لليبراليين السوريين الجدد في المؤسستين القويتين , لضمان الاستيلاء على ممتلكات الدولة والشعب .
لقد نجحت أسر صغيرة إقطاعية التاريخ , كانت فئران سجون , وتحولت إلى جرذان فتاكة , من نخر سدّي النظام المنيعين , الأمن والحزب .
ثم أدخلت تنظيم فتح الإسلام , وسمحت له ببناء الأسس التنظيمية والبنى التحتية , اللوجستية والاجتماعية والدينية , براحة وهدوء شديدين ومريبين , لإقامة إماراة إسلامية وهابية صهيونية , في محافظتي درعا واللاذقية , وفي أرياف دمشق وحمص وطرطوس .
ثم عجزت تماما , عن محاربته , يوم خرج للعلن , وفق خطة منظمة , وبطريقة احترافية , وعبر منهج زمني توسعي متتالي المراحل .
لذلك دخل الجيش العربي السوري إلى المدن ..
وهنا بدأ نجاح الفخ الوهابي الصهيوني الليبرالي السوري يكتمل , وبدأ النزف القومي الكبير .
لن ينجح الليبراليون السوريون , اللصوص الكبار , ولن تنجح الأجهزة الأمنية الفاسدة أو الحزبية المخترقة , ولن ينجح جنود الست بهية , في هزيمة الجيش العربي السوري , وتمزيقه , للانطلاق إلى مشروعهم الاستعماري (تمزيق سوريا العربية) .
نحن في سوريا العربية نعيش اليوم لحظة الحقيقة ..
حقيقة أن جمهوريتنا مستهدفة في وجودها , ودولتنا مستهدفة في ملكيتها , وهويتنا القومية العربية مستهدفة في جوهرها , وقطرنا الصغير والنموذج الحي لوطننا العربي الكبير مستهدف في وحدة جغرافيته , وشعبنا العربي السوري التاريخي الحضاري العظيم والخالد مستهدف في وحدته الاجتماعية وفسيفسائه الجميل والذي يستحيل فك عراه الوثيقة .
هذه البلاد ..
لن تكون بعد اليوم سوقا حرّة يباع ويشترى فيها كل شيء بالدولار الأمريكي الاستعماري المدمر .
وهذه البلاد ..
لن تكون بعد اليوم شركات للخلوي يجب أن تحقق ربحية على حساب نظامنا الاشتراكي الحقيقي الضامن لوحدة الأرض والشعب معا .
وهذه البلاد ..
سيحميها من الداخل , من بعض لصوصها وبقايا الغرباء في بنيها , الجيش العربي السوري , سيحميها من الإقطاعيين القدماء والليبراليين الجدد , الفئران والجرذان والكلاب واللصوص , كما حماها دائما وأبدا من الصهاينة العرب والإسرائيليين .
وهذه البلاد ..
لا يسقط فيها للجيش العربي السوري , شهداء , بل يرتفع من على أرضها الطاهرة دائما وأبدا , سور من حماة وحدة ترابها ووحدة إنسانها ووحدة شعارها :
قومية عربية إلى الأبد .
10/5/2011
..
نهاية عنوان , بداية زمن ..
..